رواية غوى بعصيانه قلبي الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع
خُلق القلب عصيًا: الثاني من كانون الأول لعام 2018.
-عندما يدق صوت فيروز أبواب قلبي.
لا أتذكرك فقط.
بل أعود بكل قلبي إلى حكايتي معك التي كانت تشبه يومًا ما حكايات ديزني، وإلى أكذوبة عهدك التي طوقت قلبي برائحة الياسمين، يمر الوقت سريعًا في ذكراك وصبا قلبي الذي تحول لعجوز عاقر لن يجني إلا سنوات من القحط والفقر.
لم يحمل إلا قُفة الخيبة بعد ما كان بستانًا من الورد المتنقل الذي تفوح منه رائحة الحُب أينما ذهب.
تحولت أحلامي الوردية التي كانت ترسم خريطة فارس أحلامها من رجل ذي هيبة وجاه، رجل مُفرط في رومانسيته، كثير المال والحب، جميعها أحلام تحولت لكوابيس وتفاهة عندما أدركت المعنى الحقيقي للرجولة! بالأخص عندما عرفتك!
رسيل المصري.
#نهال مصطفى.
#غوى بعصيانه قلبي. ج 2.
بركان خامدٌ تفجر منها بدون إنذار مُسبق، نحيب ثم بكاء هستيري ثم صراخ رج كيانه وانتفض لأجلها قلبه المندس بين ضلوعه عندما وصل صوتها إليه ردد بعدم تصديق: -حياة؟
هرول إليها وتحول خوفه لذهول لما وجدها في تلك الحالة، جلس على ركبتيه بجوارها وهو يمسح على رأسها بلهفة ويتساءل: -حياة، حياة فتحي عينيكي وبصي لي.
ثم صرخ بجنون مبطن بالعجز: -حياة! حياة مالك؟
دفعته بقوة كي يبتعد عنها وقالت بحُرقة: -متقربش مني، أبعد. أبعد، كلكم كذابين كلكم.
حاولت أن تنهض من مجلسها ولكن خدعتها أقدامها فأختل اتزانها فتلقاها بيده القوية وهو يتمتم: -طيب على مهلك. فهميني حصل أيه!
بعدما استعانت به لمساعدتها أن تنهض، وقفت على ساقيها المُرتجفة وأخذت تلملم شمل شعرها المتدلي على وجهها وهي تطلب منه بجفاء: -قولت لك أبعد عني. متقربش.
ثم انخفضت أنظارها أرضًا، نحو الصورة ذات الملامح الوحشية فأحس بذعرها وهي تهذي: -هو ده. هو، هو الشبح اللي كان بيطاردني في كل أحلامي، أنا. أنا مهما نسيت مش قادرة أنسى الخنجر اللي ضربه في قلبي.
دنا منها وحاول أن يهدئ من روعها، مجرد أنه لمس أكتافها صرخت كمن لدغه ثعبانًا وقالت برجفة فزعٍ: -قولتلك متقربليش، مش عايزة أشوفك، مش عايزة أشوف راجل قدامي كُلكم كذابين كلكم.
توقف حائرًا بين تلبية مطلبها ومطلب قلبه، فحسمت مشاعره الموقف واقترب منها قسرًا وهو يحملها بين راحتي يديه مُتجاهلًا خوفها وتمردها. اتجه إلى أقرب أريكة ووضعها برفق، كادت أن تُعارضه فحدجها بحسمٍ: -مدام مش حابة تتكلمي براحتك، لكن انسي إني اسيبك وأمشي وأنتِ في الحالة دي.
سكب الأقراص المُهدئة ببطن كفه، وأرجع الباقي بالعُلبة، مد لها القرص مع كوب المياه وقال برفق: -اشربي.
تململت على جمر الوجع وأبت أن تطاوعه بصمت، ولت أنظارها الجهة الأخرى، فاض صبره من تمنعها فأحتدت نبرته:
-متعانديش على حساب صحتك، اتفضلي اشربي ولا هضطر أحجزك في المستشفى بالحالة دي.
انسكبت سيول الحزن من مُقلتيها ثم نهضت مرغمة وأخذت بكفها المرتعش الكوب وما أن ابتلعت القرص عادت مُستلقية على الأريكة مرة أخرى وهي تضم ساقيها إلى صدرها وهي تتأوه بصوت مكتوم.
جلس على ركبته بجوارها وسألها بحيرة: -حصل لك أيه فجأة.؟
أغمضت جفونها وتجاهلت الرد عليه، زفر بضيق ثم عاود التساؤل: -حاسة بأيه طيب؟ تحبي اطلب لك دكتور؟
أجابته بدمعة منبثقة من طرف جفونها المنغلقة وهي تنشج بخفوت، مسح على رأسها بحالة من العجز لم يعشها من قبل وقال: -هعمل لك حاجة سخنة تشربيها.
ما الذي يمكن أن يفعله المرء عندما تتحول غرفة قلبه الزجاجية إلى فتات؟
يجد نفسه أمام باب العُزلة الجبرية عن جميع البشر، لأنه حتما سيجرح كل من يقترب من عتبة مشاعره. إما لا يقبله أحدًا بحُطام قلبه المتراكم!
مر طيف كابوسها كمشهد من فيلم رعب أمام عينها، جرح واحد ارتكبه عاصي فتح كل الجروح بروحها، جميع الجروح التي ضمدتها بالورقة والقلم، اشتد حبل الذكرى حول رقبتها وهي تئن وتئن بعجزٍ حتى ارتفع صوتها تدريجيًا فوصل لقلبه المنقبض قبل أذنه، ترك ما بيده بسرعة وعاد إليها فوثبت من مرقدها صارخة بذعر وهي تنفي لذاكرتها كل ما حدث: -لا. لااااا!
تلقى نوبتها العصبية بين ذراعيه وهو يطوقها برفق، أخذت تتملص من حضنه حتى استسلمت في النهاية إليه، أول ما فعلته سندت رأسها على قلبه وأرخت سدول تشنجها الرافض له، لم يتوقف لسانها عن التمتمة بالرفض: -لا. لا، في حاجة غلط، لا.
أحس باستسلامها ورضوخها وهدوئها التدريجي، ظل يربت على ظهرها كالطفلة الصغيرة التي احتمت بحضن أبيها، انخفضت أنفاسها حد السكون بعد مرور دقائق طويلة، همس بأذنها بقلق: -اكلم الدكتور.
هزت رأسها بالنفي وقالت بنبرة مبحوحة مبطنة بالخوف: -هنام.
رد بلينٍ: -تمام. أهدي خالص، وأنا جمبك. اطمني.
رمقته بعيني طائر ذبيح يلوم الجاني عما فعله حتى انقفلت عيناها تدريجيًا على لحن قلبه المضطرب والخائف أن يخسرها بعد ما وجد قلبه وحياته معها. تناول المفرش بجانبه وبسطه فوقها كغطاء لتدفأ ثم ضمها إليه أكثر وملأ فراغات أصابعها المرتجفة بأصابعه وأخذت يساره تبث ميض الأمان بجسدها بتربيته عليها.
-هي عامله أيه يا دكتور.؟
أردفت عبلة سؤالها في غرفة الكشف للطبيب لتطمئن على حالة هدير، أجابها الأخر برسمية: -هي أحسن دلوقتي بس للأسف معرفناش نحافظ على الجنين لان الوقعة كانت جامدة والحمل مش مستقر.
ردت بجمود وهي تكتم صوت الهاتف الذي يعلن باتصال فريد: -يلا حصل خير، المهم هي كويسة. عن أذنك يا دكتور.
قبل مغادرتها من باب المكتب ردت عليه قائلة: -ألو؟ كُل دي مكالمات. كدة هتخليني اندم عشان أديتك رقمي.
ضحك فريد بخبثٍ: -ده من حسن حظي بقي معايا رقمك.
-بكاش موت.
-طيب بالمناسبة، ينفع أشوفك؟
عقدت حاجبيها بغرابة: -دلوقتِ؟
-يا ريت.
ردت بتردد: -مش عارفة، أنا مع هدير وو
قفل طريق الأعذار قائلًا: -مسافة السكة بقى. نتقابل فين؟
في أحد الغُرف بالمشفى
-وديني لأعرفك مين هي هدير المحلاوي يا عاصي. ورحمة أبويا لأحرق قلبك على بناتك زي ما حرقت قلبي على ابني.
تحت سطو المخدر الذي لم تفق منه هدير كليًا قالت جملتها الأخيرة التي استقبلتها جيهان معترضة: -قومي بس بالسلامة وعاصي دويدار هنخليه يكتب شهادة موته بنفسه.
ثم صمتت للحظات وسألتها: -قوليلي ايه اخبار البنت اللي كانت معاه؟
ردت بتأوه: -اختفت من القصر وحسب كلام أختك إنه طلقها. بس ليه؟
رمقتها جيهان بشك: -أمم وأنتِ هبلة وصدقتي الكلام ده؟
كادت أن تعتدل من نومتها ولكنها تراجعت متأوهة بتعب: -أنتِ قصدك أيه؟
-قصدي أن في ملعوب من ورانا وأنا اللي هعرفه، وعاصي له قصة كبيرة مع البنت دي وهتشوفي.
شردت هدير في حديث أمها: -تقصدي أنها لسه على ذمته؟
مطت شفتها السفلية بتحير: -أنا مايفرقش معايا يتجوز مين يطلق مين، أنا عايزة أعرف البنت دي مين!
تجاهلت هدير شرار المكر المندلع برأس أمها وقالت بتوعد: -والله لخلي حياتك كلها جحيم يا عاصي، عشان تعرف تمد أيدك عليا.
غَروبت الشمس ولم تغرب أحزانهم، عاد مراد إلى شقته بكلل وهو يرفس الباب بقدمه، لقد عاد وحيدًا كما كان، عادت الحيطان ببرودتها تلفح في عظامه، أصبحت شقته خالية من أنفاس الونس.
خلع نعله بملل وفك رابطة عُنقه مرتميًا على أقرب مقعد، امتدت أنظاره للمطبخ الذي يطل على صالة شقته فتذكرها وتذكر الشخص الآثم الذي كان عليه، تذكر تلك العلاقة المبنية على قبلتين وحضنٍ عن طريق الصدفة.
سبحت ذاكرته في بحيرة لقاءاتهم الفقيرة بأول موقف أسكنها بقلبه على سهوة…
#فلاش باك
دنى منها خطوة سُلحفية وهو يطالعها بنظرات خبيثة: -مستنيكي! أيه أنتِ كمان مستنياني!
رمقته باستحقار متجنبة الحديث معه وهي تبحث عن الخبز، اقترب منها حتى أصبحت تحت سيطرته وحصاره وقال: -اظن مش ممانعة!
لم يملأها قُربه إلا رُعبًا، ظل يتأمل ملامحها المنتفضة والمكدسة بالرعب والضعف في آنٍ واحد، سقطت ثمرة الخُضار من يدها من شدة الخوف وهي تبلل حلقها الذي جف إثر أنفاسه الحارقة.
اتسعت ابتسامة مُراد بمكرٍ وهو يعلن اشتهائه لتلك الملامح البريئة تحت غيمة انتقامه التي تبرر له سبب فعله هذا، ظل يقترب ويقترب منها حتى لامست أنفاسه جدار عنقها الأشبه بعود من الريحان وما أن أحست بشوك ذقنه و شفته يخربش على جدار عنقها الرقيق، انفجر بركان الذعر منها على هيئة بكاءً غزيرا شلالات منهمرة من جسدها المُتصلب تحت خيمته منتظرًا مصيره الهالك.
صوت بكائها كان ك سن خنجر انغرز في قلبه لا يعلم من أين تحول انتقامه فجأة إلى عطف، أحس برعشة جسدها المنكمش من قُربه كأنها في قلبه الذي أخذ يضخ دماء اللوم بشراينه، غير مسار نيته وارتفع شدقه إلى مسامعها هامسًا بصوتٍ يخفي رقة قلبه وشهيته في آن واحد، وقال بنبرة مبحوحة: -جعان! عندك أيه ممكن يتاكل!
قفلت جفونها بشدة وهي تحاول استيعاب تلك العاصفة التي اجتاحت جسدها وسرعان ما سُكب فوقها دلو من الثلج بجملة باردة وغير متوقعة، ابتعد عنها قليلًا رافعًا حاجبه وكرر سؤاله بنفس ذات النبرة: -بقولك جعان، هناكل أيه؟
#باك
مسح على وجهه المُحمر ثم ركل المنضدة الصغيرة بقدمه وهي يوبخ نفسه: -أنت ازاي كُنت تعاملها بالحقارة دي! أزاي، ولا انتقامك من عيلة دويدار عماك للدرجة دي.
وثب قائمًا يجر ذيول حسرته على غيابها حتى توقف مُغيرًا لاتجاه إثر رن الجرس، تردد في فتح الباب ولكن في النهاية أخذ قراره ليعرف من الطارق، فتح باب شقته بفتور فظهرت أمه التي دخلت قبل أن يأذن لها وهي تصيح:
-قلت اسال على ابني البكري بدل ما بعرف أخباره من بره.
ندم على لحظة فتح للباب الذي هبت منه عواصف صاخبة، قفل الباب بضيق ويسير نحوها، رمت جيهان حقيبتها وولت وجهها إليه مكملة جولة عتابها:.
-وقال أنا اللي قلت هتجيب لي رقبة عاصي تحت رجليا.
ثم اقتربت منه خطوتين وخفضت نبرة صوتها ولكن أشد حدة: -لكن بت زي عالية دي جابت رقبتك أنت تحت رجلين العيلة كلها، سبق وحذرتك وقولت لك صنف نمرود لازم تمسكلها الكرباج من أول ليلة.
ثم أطلقت ضحكة ساخرة: -أهي هي اللي جلدتك بالكرباج، وطلعتك من ملاك الرحمة ل لامؤاخذة…
أغمض عيونه باختناق: -خلصتي؟
-لا يا حبيبي مخلصتش، تعالى أعرفك اللي أنت فضلت تطبطب على أخته عمل أي في أختك، عاصي سحل هدير ضرب وقتل ابنه في بطنها وأهي مرمية ف المستشفى.
خرج مراد عن صمته: -عاصي عمره ما فرض نفسه على هدير، وكل اللي شافته ده جزاء عملها، دي واحدة خاضت في عرض عالية ودمرت حياتها عشان لعبة رخيصة من بتوعكم، مستنين أيه يعني؟ مستين تجنو ورد من أرض مزرعتوش فيها غير شوك!
انفجرت جيهان بوجهه: -وكمان لسه بتدافع عنها! أنتَ أيه معندكش كرامة ولا نخوة! دي واحدة اتهمتك في رجولتك وأنت واقف قدامي تسقف لها؟
ثم رمته برصاصة المكر: -ولا هي ماسكة عليك ذلة فعلًا، وادعاءها مش كيدي وو
فاض صبره من سخرية أمامه وحقدها وقال منهيًا للحوار بينهم: -لولا أنك أمي كنت هتصرف معاكي تصرف هيزعلك.
ثم أطلق زفير غضبه في وجهها وجهر بالقول مُعلنًا: -وعشان ترتاحي خالص، حربي مع دويدار وولاده انتهت، ومابقتش عايز أعرفهم تاني وهصفي كل شغلي هنا ومسافر بره، وهسيب النار اللي ولعتيها أنتِ وعبلة المحلاوي تحرق الكُل.
ثم خفض نبرته قائلًا: -كلامي خلص اتفضلي عشان تعبان وهنام…
-أشششش!
أشار بسبابته محذرًا للفتاتين ألا يحدثا صوتًا مزعجًا، مكتفيًا بكلمته الأخيرة، يتبادلون النظرات بهمس ثم وشوشت تاليا بحذرٍ بنبرتها المبحوحة:
-عندنا school بكرة لازم نروح، ميس ندى هتزعل مننا.
عض على شفته السفلية وسب في نفسه ثم أردف بوجس خافتٍ: -ما تزعل ميس ندى ولا تخبط دماغها في الحيط، روحوا ناموا مفيش زفت مدرسة بكرة.
تململت حياة في حضنه بعد مرور ساعتين من النوم العميق بين يديه حتى فتحت جفونه الذابلة واكتشفت المكان حولها ثم قالت بوهن: -حصل أيه!
تمسكت داليا ب مساعدة حياة: -أهي أنطي صحيت، تعالى اسمعي بابي بيقول ألفاظ نوتي ومش عايزنا نروح المدرسة تاني.
اعتدلت حياة من نومتها ولكن بقي شعرها نائمًا على فخذيه، كادت أن تتحدث ولكن أحست بغصة قوية بقلبها، تأوهت للحظة خطفت انتباهه ولهفته: -فيكي أيه؟
ابتعدت عنه بهدوء وقالت: -أنا كويسة.
-حياة!
تدخلت تاليا بثرثرتها الطفولية: -يابابي بتقول لك كويسة، هنروح أمتى بقا أحنا عندنا Homework كتير.
سب في نفسه سرًا ثم قال علنًا: -طيب أجهزوا هكلم السواق يجي ياخدكم.
تدخلت حياة التي أوشكت رأسها أن تنفجر: -لو سمحت اتفضل وصلهم، أنا كويسة وكمان محتاجة أقعد مع نفسي شوية.
رفض بشدة: -أنتِ مش شايفة حالتك؟
بللت حلقها ثم قالت بخفوت: -أنا كويسة، هاخد شاور وأبقى أحسن.
ثم أصرت بضيق وبصوت لم يسمعه غيره: -لو سمحت أمشي. عايزة أقعد لوحدي.
-لازم نتكلم.
أقفلت جفونها بمرارة سال من بينها الدمع: -معنديش حاجة أقولها.
خرج عن هدوئه منفعلًا: -يعني أيه مفيش حاجة تقوليها! وأنا قاعد هنا هتجنن وهموت وأعرف مالك؟ أيه جرى شقلب حالك فجأة.
تعلق ببريق عيونها المعاتبة والراجية ألا تحملني همًا إضافيًا، تراجع عن غضبه وفجره بناحية أخرى وهو يأمر الفتاتين: -روحوا أجهزوا يلا عشان ننزل.
ما أن اختفوا من أمامه عاد إليها بعد محاولة صعبة من تمالك أعصابه التي تعبت منها: -لأخر مرة بسألك حصل أيه؟
بلعت مرارة ما تحمله بقلبها وقالت بخزى: -اسفة عشان قلقتك عليا، بس لازم تعرف إنك مش ملزم بكل التعب ده. أنت اللي تاعب نفسك.
كان يطالعها بمثابة المنزل لقلبه اللاجئ ولكن كلّ ما فعلته به منعه من الدخول فيه والتغلل بأعماقها! هل تلك قسوة قلبها أم قسوة ما مرت به؟
لم يستطع أن يتفوه ببنت شفا، اكتفى أن يفض غضبه بعينيها، ف الروح للروح كالخنجر الذي تعجز الكلمات عن توصيله. تناول سيجارة ورماها بفمه وهو يهز ساقه بتوتر وغضبه توهجت ناره بملامحه المحمرة، ثم صرخ بأطفاله: -أيه كل ده بتلبسوا؟
مرت أمّر ليلة بعد الفراق عليها، ليلة سيظلها علقمها متعلقًا بحلقها مهما حاولت أن تتناساه، سدت أذنيها عن الجميع واختلت بقلبها تحت الشجرة التي دومًا ما كانت تشاركها همومها طيلة السنوات الماضية، ألقت على هاتفها نظرة تساؤل مغلفة بالحنين حتى نطقت أم كلثوم بلسان قلبها: -مخطرتش على بالك يوم تسأل عني؟
ملأت صدرها بأوكسجين الوجع وقفلت الصوت بجزع ثم قالت لنفسها: -ياريتني ما عرفتك يا مُراد. أنا كنت لوحدي مرتاحة.
ثم عادت لتفتح هاتفها مرة أخيرة وبالأخص تطبيق تويتر ودونت ما يتجول بقلبها: - كنت إنسانة متصالحة مع الأقدار. مؤمنًة بها وبلطفها وبرحمة خالقها. كنتُ – دائمًا – أخبر قلبي وأخبرك أن الحياة قدر. الحبّ قدر. والغياب قدر. أنا وأنت مقيدان بالقدر قبل أن نولد.
كنت اذكرك واذكرني ب هذه الأسباب حتى لا تحزن عندما أرحل. لكن أنت من اختار أن يرحل أولًا! رحلت وتركت لي الخيبة والحزن.
عندما حررت قيود قلبها ضغطت على نشر وقفلت هاتفها ولجأت للكتاب الذي تقرأه وتذوب بين سطوره حزنها ووقتها.
عادت شمس إلى غرفتها ثم نزعت حجابها بكلل ورمته على أقرب مقعد، قفل تميم شاشة الحاسوب وسألها:
-حصل أيه؟
زفرت بحزن وهي تجلس بجواره: -عالية حالتها صعبة أوي، حتى أنت أقرب حد ليها رفضت تكلمك. أخدت بنصيحتك وقلت يمكن محتاجة ترغي كبنات مع بعض، بردو مفيش فايدة، ساكتة وسرحانة. قلبي وجعني عليها بجد.
وضع الحاسوب على المنضدة وقال بيأس: -عالية طول عمرها كده. ساكته، فرحانة بتسكت، حزينة بردو بتسكت.
-بس ده مش صح، لازم نفتح قلوبنا ونحكي. الهم والحزن عامل زي الدبابير في القلب، لازم نحررها ونفتح لها الباب عشان تبطل تاكل فينا.
أيد حديثها برأسه ثم تنهدت مغيرة مجرى الحديث: -كنت بتشتغل وعطلتك؟
-لا أبدًا كنت بفكر نسافر يومين كلنا أي مكان، وناخد عالية ونوران. يغيروا جو، أي رأيك.
فكرت للحظات ثم قالت: -فكرة حلوة وكمان عالية محتاجة لمتنا حوليها. بس تفتكر الوقت مناسب؟
-شوفي رأيهم بس، وهظبط لكم سفرية حلوة، هتفرق معانا كُلنا.
تبسمت شمس بحماس ثم انكمش وجهها مقتطبًا: -مامت عالية، قصدي اللي اسمها عبلة دي، معاملتها جافة أوي، جات علينا وأحنا بنتكلم، وكانت لابسة ومتشيكة تحس أنها في عالم تاني. مش شايلة هم بنتها ولا حفيدها اللي سِقط ولا كُل المشاكل دي. الست دي غريبة بجد يا تميم.
حرك مقعده ليقترب منها قليلًا وهو يقول بشرود: -الست دي مريضة، اللي فيها اسمه مرض، عبلة المحلاوي مش بتحب حد غير نفسها وبس، واحدة مستعدة تهد الدنيا عشان تحقق مرادها.
ثم التوى ثغره بضحكة ساخرة: -القتل عندها زي شربة المية، لما حست بالخطر من ناحيتي قررت تتخلص مني للمرة التالتة، واخرهم محاولة البسين.
ثم ضحك باستهزاء: -بس على مين، هفضل الشوكة اللي في زورها لآخر يوم في عمرها.
انكمشت ملامح شمس بذهول: -حادثة البسين كانت بسببها؟
ثم شردت لربط الأحداث ببعضها: -والله كُنت حاسة؟
وثبت قائمةً بصدمة وذهول: -أنت ازاي مش تقول لي حاجة زي كده.
لاحظ تميم جدية النبرة التي تتحدث بها شمس، فرمقها متعجبًا: -شمس اهدي، أنا كنت بدردش معاكِ!
بغُرفة المكتب
تجلس عبلة على الأريكة الجلدية تفحص بعض المستندات حتى دخل عليها عاصي المكتب مُتسائلًا: -بتعملي أيه هنا؟
نزعت نظارتها الطبية وقالت بعتب: -بلم من وراك يا عاصي بيه!
ثم وثبت قائمة بلوم: -أنا مش عارفة يسري اتأخر كل ده ليه؟ هو هيرجع أمتى.
ركل الباب بقدمه ثم نزع سترته بمللٍ: -هيخلص مصلحة ويرجع.
جلس على كرسي مكتبه بفظاظة: -أيه بقا اللي مش عاجبك يا عبلة هانم؟
رمت الملف من يدها وقالت بتوبيخ: -أنت أيه مشقلب حالك كده؟ يعني ما صدقنا خلصنا من اللي ما تتسمى دي، وكمان هدير وحوارها خلاص بح؟ مالك تايه ليه؟ مهمل في شغلك وحياتك متشقلبة.
-متشقلبة ازاي؟
هزت كتفيها بتحير: -شوف أنت بقا؟ بتظهر، وتختفي. لا بتروح مواقع ولا شركات، كل اجتماعاتك بتتلغي، كل ده طبيعي! أنت بترجع لورا بدل ما تتقدم كمان وكمان!
لكت الكلمات في ثغرها ثم قالت: -حتى بطلت تسهر وتنبسط وتسافر، حياتك بقيت معقدة وروتينية! بصراحة مش مقتنعة بالتغير ده؟ فين عاصي بتاع الفرفشة والدلع؟ فين!
زفر بضيق: -يعني أنتِ مشكلتك دلوقتي الشغل ولا السهر والخروج وكل الكلام ده؟
ردت بحدة: -الاتنين يا عاصي. أنت متغير ومتغير للأسوأ.
ضحك بسخرية: -طيب الشغل وقلنا ماشي! لكن السهر والستات اللي كنتوا مسمية البيت عشانهم بكبارية. ده مزعلك في أيه المفروض تفرحي؟
-طبيعي لازم يزعلني، أي حاجة تتقطع من جذورها وفجأة بتقلق، لأن اللي جاي ميطمنش؟
أغمض جفونه ليتحكم في غضبه ثم سألها: -عايزة أيه؟
غادرت مقعدها وفتحت حقيبتها وأخرجت منها عُلبة قطيفة بداخلها لؤلؤة قيمة، ووضعتها أمامه قائلة: -بما أنك مش مهتم بالشغل. شوف دي العينة لو مش هتشيل البضاعة كلها، فريد هيتصرف فيها!
ألقى نظرة سريعة عليها ثم قفل العُلبة ووضعها في جيب سترته المُعلقة وقال بفضول: -ويطلع مين سي فريد ده كمان؟
-ما أنت لو مركز في شغلك كنت هتعرفه.؟ على العموم هستنى ردك بكرة.؟
كرر سؤاله بنبرة أحد: -مجاوبتيش يطلع مين حمادة؟
دخلت تاليا في تلك اللحظة مردفة: -بابي، أحنا نسينا حاجة مهمة لما كُنا عند…
ثم ابتلعت بقية كلماتها عندما وجدت عبلة، فغيرت مجرى الحديث قائلة ببراءة: -هاي ناناه!
حدجتها بنظرات فاحصة ثم قالت بخبث: -هاي حبيبتي، كنتوا فين إمبارح؟
اقتربت تاليا من أبيها وهي تغمز له بإشارة الحرز: -كُنا عند خالتو مروة، بتسلم عليكي أوي يا ناناه.
رمقتها عبلة بشكٍ: -مروة؟ سبحان من مألف القلوب.
ثم طالعت عاصي بمكر: -أهي مروة دي عمري لا بلعتها ولا بلعتني.
ثم وثبت قائمة: -أنا هقوم، بس مش هصبر عليك أكتر من كده…
غادرت عبلة ثم وشوشت تاليا أبيها بفرحة: -عجبتك يابابي؟
قبل رأس صغيرته ثم قال بتنبيه: -محدش يعرف موضوع أنطي حياة ده خالص، ده سر ما بينا أحنا التلاتة وبس.
بالأعلى
وصلت عبلة إلى غُرفتها وما كادت أن تقفل الباب، فدفعته شمس بكل قوتها ثم قفلته بعنف وهي تقول: -سمعتي عن الدبور اللي بيزن عشان خراب عشه؟
-أيه الجنان ده؟ أنتِ نسيتي نفسك يا بتاعة أنت؟
قاطعتها شمس بحدة: -اهدي كده واسمعي الكلمتين دول، أنا جدتي ماتت بسببك، يعني في بينا تار قديم لسه متحاسبتيش عليه، لكن لو فكرتي تأذي حد تاني سواء تميم أو نوران. والله ما هرحمك.
جحظت عيني عبلة من قسوة وجبروت شمس أمامها، صرخت بوجهها: -أنتِ اتخبلتي؟ ما تفوقي يا بت أنتِ وتعرفي أنت واقفة قدام مين؟
-للاسف عارفة وعارفة كويس أوي أنتِ مين؟
ثم دنت منها وهمست بنبرة مخيفة: -قتالة قُتلى، بير أسود في القصر ده ومحدش هيكشفه غيري.
ثم أشارت لها بسبابتها: -اتقي شري، عشان بنات شُبرا زعلهم وحش أوي.
دخلت عبلة في نوبة ضحك هستيري حتى تحولت لوحشٍ فجأة انقضت حوافره على عنق شمس بقوة وقالت بنبرة مفعمة بالشر:
-كويس أنك عارفة، يعني أنا ممكن اتغدى بيكي قبل ما تفكري تتعشي بيا، وزي ما قولتي، أنا واحدة اسهل ما عندها القتل. خافي على نفسك.
تملصت شمس من قبضتها على قصبتها الهوائية حتى حررتها عبلة بصعوبة وأكملت: -وباللي أنت عملتيه ده، دخلتي القائمة السودة بتاعت عبلة المحلاوي، القائمة دي بتسفر على مكان واحد وبس، وهو جمب جدتك يا أمورة.
استعادت شمس قوتها ثم قالت بنبرة مفعمة بالانتقام: -زمنك انتهى يا عبلة هانم، من الساعة دي استمتعي بأيامك يوم يوم لانهم بقيوا يتعدوا.
ما كادت أن تُغادر ثم تراجعت لتردف جملتها الأخيرة: -والشويتين دول مش عليا، لإنك وقعتي مع واحدة بايعة الحياة كلها، واللي يخاف بجد هو اللي زيك.
قُفل بابان في لحظة واحدة، لحظة خروج شمس من جحيم عبلة المحلاوي، والباب الآخر أعلن بصوته عن هروب عاصي من مملكة دويدار…
بعيدًا
في أحدى الخيم المنصوبة بالصحاري والتي يفوح منها رائحة المشاوي والنيران، ودق الدف والموسيقى العربية الأصيلة بأحد التجمعات البدوية، جلس رشيد الذي نزع عمته وألقاها بجواره بكلل ثم قال معبرًا لأخيه: -أنا تعبت من العيشة دي يا يونس؟
رد عليه يونس المنهمك في تركيب السلاح: -بس مش ده اتفاقنا، طول بالك.
انفعل رشيد: -يعني احنا نفضل مرميين الرمية دي، وفريد ال شغال ينهب في فلوسنا؟ أنا مش قادر استحمل يا يونس، طالع معايا اخد السلاح اللي معاك وافجره في نفوخه…
ترك يونس ما بيده وفارق مجلسه ليجلس بجوار أخيه: -أهدا يا رشيد، لو كانت بالدراع كان فريد عمل كل ده في عهد أبوك، لكن ده لعبها صح. ودي فرصتنا الأخيرة نرجع حقنا منه بعد ما حاول يقتلنا.
تقلبت أحداث الحادثة التي حاول فريد فيها التخلص من أبناء عمه، والاتفاق الذي دار بينهم وبين رجاله مقابل صندوق صغير يحوي سبائك من الذهب، وفي لحظتها أرسل الرجل الخبر ل فريد بانتهاء مهمته ورمي أقاربه كوجبة دسمة لسمك القرش.
تفجر بركان الغضب من حنجرته متوعدًا: -ورحمة أبويا وأختي لاشرب من دمك يا فريد!
-مش قُلت لك عايزة أقعد لوحدي! رجعت تاني ليه.؟
قالت حياة جملتها وهي ترفع وجهها الشاحب من كثرة البكاء بعدما دخل عليها الغُرفة فوجدها تجلس في ظلام دامس، ألقى مفاتيحه على الكومود ثم نزع حذائه ومدد بجوارها وأخذ يتنفس بصوت مسموع.
لمحت الهموم على وجهه ف طوت مشاعرها المحترقة ومددت بجواره وتفصل بينهم مسافة الحزن المدفون بصدورهم، وضعت يمينها على قلبها وتأوهت بوجع في جوف الظُلمة: -لعنة التفكير أصعب من أي لعنة تانية.
-قصدك أن الإنسان هو اللي بيدمر نفسه بنفسه؟
يبدو أن كلاهما يستريحان في نفس المكان ربما تشابهت همومهم أيضًا ظل كل منها يحملق بالسقف لفترة طويلة لم يصدر منه إي فعل سوى قبضته على يدها المُرتجفة حتى دفئت ف هدأت، يعلم أن كل الكلام يعجزها عن فهمه ويبعدها عنه أكثر لذا لجأ للصمت متأملًا أن يُعانق سره سرها ويشبه صمته صمتها. كانت تعاقبه وتعاتبه بطريقة قاسية للغاية تتأمل جميع الأركان وتتمرجح نظراتها في كل الاتجاهات إلا الجهة المُطلة عليه.
تنهدت بأنين ثم سألته: -رجعت ليه؟
-عايز أبقى معاكِ.
يعلم جيدًا أنه يمضي إلى حيث لا يعلم ولكن الطريق المجهول الذي يسير فوقه يحمل رائحة الياسمين، ربما هذا هو السبب الذي يعجزه عن الرجوع. رفع ساعده فوق رأسه ثم تنهد: -قلبي كان مجرد حديدة مصدية، وعيونك مغناطيس، ومن وقتها مش قادر أقاوم.
ذرفت دموعها بحسرة ثم قالت: -ليه؟
-أنا معنديش اجابة. أنتِ عندك؟
تنهدت براحة وبهدوء كأنها خالية تمامًا من كل العواصف: -الحياة كُلها لُغز، لحد ما نموت هنفضل ندور على أجابته.
-وأنا معنديش مانع أضيع عمري كله وأنا بدور على أجابته عندك.
حرك ساقه الممدودة ليضعها فوق الأخرى ثم قال بشرود: -وبداية اللغز. ليه أنتِ؟
سحبت كفها من تحت رحمة كفه الذي احتواه حتى امتلكه وقالت: -وأنا لغزي بيبتدي ب ليه أنا، وليه حصل معاها كل ده. أنا وقعت ليه في البحر؟ وليه أنت اللي تنقذني؟ وليه اللخبطة اللي أنا فيها دي.؟
ثم تنهدت بصوت عالٍ أشعل نار ملتهبة بصدره لا يعلم مصدرها وأكملت: -أيوة ليه أنت؟
ليه حاسة معاك بكل حاجة وعكسها،؟
بقول لك أمشي وقلبي مش عايز!
أبعد وحاجة بتنادي عليك تقرب!
متلمسنيش. وأنا بكون عايزة اترمي في حضنك وأعيط؟
سالت دموعها بغزارة ثم أجهشت بالبكاء فقفلت جفونها بقوة وقالت بتيه متذكرة تلك الليلة الغامضة التي عاشها الاثنان بأرواحهم: -ليه كُنت معاك طايرة زي واحدة لمست رجليها السحاب لأول مرة، وكُنت أول واحد عاقبته على اللي حصل بينا؟
فزع من مكانه عندما قالت جملتها الأخيرة التي ثقبت قلبه واكدت له أن ما مر به لم يكن مجرد حُلم عاشه بمفرده. لم تفتح عينيها بعد وأكملت: -أنا أيه اللي بيجرالي دا؟ أنا عايزة أيه؟
قرب منها كثيرًا وتلقى بقية عبراتها على يده وهو يهمس لها راجيًا: -ممكن تهدي،؟
غاصت في الظلام ففتحت مقبرة أسرارها وهي خارجة عن الوعي، حتى وجوده ظنته شبحًا من كثرة تفكيرها به، رسى أبهامه على شفتها المرتعشة وطلب منها بهمس: -كفاية عياط.
لم تهدأ بل تضاعف بُكائها وأنينها، تعلق كفها بكفه الراسي على ملامحها وضمته بقوة، حتى في اسمى لحظات ضعفها مذهلة ومسكرة لجوارحه، ومغرية لقلبه، لم يتحمل انتفاضة وذعر جسدها أكثر، حيث أراد أن يحمل عنها قلقها وجراحها وعقدها النفسية وصراعاتها الداخلية وخيباتها بقُبلة، قُبلة جذبته من صميمه إليها، كان يسلب صراعها بتئن وبرفق، كيف أصبحت شفتيها سماءً و بحرًا في آنٍ واحد، كيف له أن يُحلق وهو غارقٌ بها.
كانت يده اليمنى تقف على باب قلبها حتى أحس انتظام ضربات قلبها وهدوئها، وتردى في قلبه صدى صخب وضجيج روحها الذي انتقل له منها من ممر روحهم السري، فارقها بحرب طاحنة مع نفسه ثم استلقى مجددًا بجوارها بعدما انفرد بعواصف روحها لتفعل به ما تشاء.
باتت تحت سطواه، هادئة تمامًا، حتى دموعها جفت، لحظة سكون جعلتها تنفجر بما تبقى بقلبها. أكملت سرد حيرتها:.
-كُنت وقتها فرحانة فرحة الطفلة يوم العيد، لبست فستان جديد وخرجت أجري وأطير كمان، كنت ماشية على قلبي مش رجليا والله، مش مصدقة وهو بيقول لي خلاص مش هيسافر ومش هيسيبني، نسيت زعلي وقسوته وروحت له عشان نبدأ صفحة جديدة!
ثم بللت حلقها الذي اشتغل بجمر الذكرى: -طلع ناوي يحرق كتابنا كله.
ثم رمقته بحزنٍ: -هو أنا استاهل ده كله؟
انقلب لينام على جنبه الجهة المُطلة عليها وسألها باهتمام: -أنا مش فاهم حاجة، مين ده وأيه حكايته؟ أنتِ افتكرتي حاجة؟
هزت رأسها بالموافقة، تلهف لسماع ما تذكرته: -احكي، افتكرتي أيه؟
-هحكيلك…
التعليقات