رواية شياطين الانس الفصل الأول 1 بقلم سلمى سمير
رواية شياطين الانس الجزء الأول
رواية شياطين الانس البارت الأول
رواية شياطين الانس الحلقة الأولى
حين يتجسد الشيطان في ثوب الناصح، من يكون المذنب الحقيقي؟
أهو الشيطان الذي يقود البشر إلى المعاصي؟ أم هي النفس البشرية التي تنجرف بفطرتها غير السوية؟
في أحد الأيام، قرر إبليس أن يواجه صحفية تُعرف بدعواتها المستمرة للفضيلة والعودة إلى الله، وهي نهال، التي كرّست حياتها للكشف عن الشرور وتحذير الناس من غواية الشيطان. عرض عليها إبليس رحلة إلى عالمه، ليكشف لها عن الوجه القبيح للبشر الذي – كما ادّعى – لا يحتاج إلى غوايته بقدر ما يكفيه استسلامهم لشرورهم.
وافقت نهال على خوض هذه الرحلة، ليس بدافع الفضول فقط، بل لإثبات فكرتها: أن الشيطان هو المصدر الأول لكل خطيئة. وهكذا، دخلت معه إلى عالمه المقيت، عالم لم ترَ مثله من قبل، حيث تُكشف الأسرار وتتجلى النوايا.
كانت أولى محطات رحلتها بيت فتاة تُدعى نجوان. فتاة جميلة، ناعمة القسمات، أُعطيت من النِّعم ما يفيض عن حاجتها، لكنها أهدرت كل ذلك في طريق الضلال. استوقفت نهال نفسها لتفهم: كيف وصلت هذه الفتاة إلى هذا المستوى من الانحطاط الأخلاقي؟
رأت نهال يومًا من حياة نجوان، وكأنها صفحة مظلمة في كتاب البشر. فتاة لا تعرف سوى التلاعب بالرجال، تقودهم إلى بيتها لتُحكم شِراكها حولهم بلا وازع أو خجل. كان يومًا مريرًا، مليئًا بالمشاهد التي تكشف عن غضب الله على من تسير في طريق الشيطان. رأت نهال كيف أن من تُرخص أعراض الناس، تُرخص حياتها وتفقد كل قيمة لها.
عندما انتهت رحلتها، شعرت نهال بثقلٍ يعتصر قلبها، وانهارت نفسيًا من هول ما رأت. أدركت أن البشر أنفسهم يفتحون أبواب بيوتهم للشياطين، ويسلمون زمام حياتهم لشرورهم.
عادت نهال إلى غرفتها الصغيرة، ملجأها الوحيد بعد تلك الرحلة المشؤومة. جلست على الأرض، تلتقط أنفاسها وهي تسترجع كل ما رأته، وتحاول فهم ما يدفع الإنسان إلى هذا الدمار الذاتي. رفعت يديها بالدعاء قائلة:
“اللهم لا تكتب علينا ما كتبت على من رأيت، واهدِ قلوبنا قبل أن تضل!”
*******
نهضت فجأة وامسكت أوراقها وبدأت تكتب ما رأت في رحلتها وكانت البداية ببيت نجوان:
وصلنا إلى بيتها في غمضة عين، وكأننا نطير في سراب مظلم. كانت نجوان فتاة في مقتبل العمر، بالكاد تجاوزت الثامنة والعشرون، لكن خبرتها في التعامل مع الرجال فاقت امرأة في الأربعين. فتاة حباها الله جمالًا آسرًا، جسدًا متناسقًا، وصحةً تُغبط عليها. وجهها صبوح باسم، يُشعرك بالبراءة لأول وهلة، لكنها لم تُكرم تلك النعم ولم تشكر الله عليها. بدلاً من ذلك، سخّرتها لإيقاع الرجال في شباكها.
رجال متزوجون، ومراهقون، ومدمنون؛ كلٌ وجد طريقه إليها، كلٌ سقط تحت تأثير فتنتها. كانت تتلاعب بهم كأنهم دمى، تحركهم بأصابعها الناعمة وفقًا لهواها. وما رأيته تلك الليلة تجاوز كل تصوري.
دخلنا إلى غرفتها، حيث جلست على أريكتها الوثيرة بملابس تكاد لا تستر شيئًا. أمامها رجل يبدو عليه الإرهاق والضعف، عيناه زائغتان، وجسده يتصبب عرقًا من نار الشهوة التي أضرمتها فيه. كانت تتمايل أمامه بحركات منفرة، كأنها تلهب أعصابه عمدًا. لم يحتمل الرجل صمودًا، فانقض على شفتيها في محاولةٍ يائسة لإشباع جوعه إليها. لكنها، بدلاً من أن ترضيه، دفعته بعيدًا بخبث، وقالت بصوت مفعم بالسخرية:
“عايزني أرضيك؟ موافقة، بس الأول أوصف لي جسم مراتك… ولو معاك صورة ليها يبقى تمام.”
رفع الرجل حاجبيه بدهشة ممزوجة بالغضب، ورد بصوت متعجب:
مراتي؟! مالها مراتي ومال اللي عايزة منك؟ ارحميني، وتعالي خلصيني… جسمي مولع نار.
نهضت فجأة من مقعدها، ودفعته بعيدًا عنها كأنها تمقت قربه، ثم صاحت فيه بغضب:
خايف عليها؟ طيب روح لها وخليها ترضيك! جاي لي ليه يا ننوس عين أمك؟
يلا، مع السلامة، مش ناقصة قرف.
تلعثم الرجل، ووقف مرتبكًا كطفل يعاقَب. جسده يتصبب عرقًا من الحمى التي أثارتها فيه، لكنه لم يستطع الرحيل. عاد ليسألها بخنوع:
طيب، اهدئي يا روح قلبي. إنتِ عايزة إيه من مراتي؟ مالها ومال اللي بينا؟
أنا جيت لك أرتاح معاكي من نكدها وهمها.
ضحكت نجوان بخبث وعادت إلى جلستها المعتادة، تدفع الرجل ليجلس عند قدميها وكأنه عبدٌ أمام ملكة. أخذت تهز ساقيها باستفزاز وتسلّط، ثم مالت برأسها نحوه وقالت بصوت مفعم بالتحكم:
بص يا ننوس، أنا بحب أدرس منافستي كويس. لازم أعرف كل حتة فيها، كل ميزة وكل عيب، علشان ما أبقاش نسخة منها. كده بس أقدر أخليك تنسى وجودها وأتمتع معاك على مزاجي. فهمت؟ يلا، قولي لي كل حاجة عن جسمها، وأوعى تكذب! لو كذبت، إنت اللي هتحرم نفسك مني. اتفقنا؟
أومأ لها الرجل برأسه، وقد بدا عليه التردد والخضوع. عيناه تجولان على استحياء، بينما كانت هي تُزيد من إثارة الموقف بغمزاتها وحركاتها المدروسة. حرصت أن تظهر له ما يكفي من مفاتنها ليزداد جوعه إليها، حتى بات يتصبب عرقًا. تنحنح بخجل وقال بصوت متقطع:
مراتي… وزنها زايد عنك شوية… يعني تقريبًا 80 كيلو، وطولها حوالي 170. شعرها بني وطويل، وعيونها عسلية. هي جميلة، ما أقدرش أنكر، لكن…
توقف قليلاً، وكأن ما سيقوله يُثقل على لسانه. ثم تابع وهو يمسح وجهه بيده المرتعشة:
بس بعد ولادة بنتي، وقبلها ابني، تغيّرت… بقت نكدية، دايمًا تتهرب مني، ولما أطلب حقي الشرعي تقول لي إني رايق ودماغي فاضية! لكن إنتِ… إنتِ غير! إنتِ تعرفي تريحيني أكتر منها. زمان كانت… كانت أول ما تلاقيني راغب فيها تبقى سعيدة، تتجاوب معايا… كنت بغيظها لما أعدّ الحسنات اللي في جسمها وأبوسهم واحدة واحدة…
توقف فجأة، وكأنه يدرك أنه كشف عن أسرار كثيرة. خفض عينيه إلى الأرض، بينما كانت نجوان تتابع حديثه بوجه خالٍ من التعاطف، فقط ابتسامة متسلطة تشق طريقها إلى شفتيها.
اقتربت نجوان منه بإغراء، وابتسامة ماكرة ارتسمت على شفتيها، ثم رفعت يدها لتلمس وجهه بخفة، كأنها تثيره وتحفزه ليكمل حديثه. قالت بدهاء:
“شاطر يا أسد، قولي بقى عدد حسناتها وفين أهم حاجة فيها… علشان لو عندي أقدر أخفيهم وما تبقاش تفكر في غيري. يلا، قربت تكسب ليلتك معايا. بس، لو عندك صورة ليها… جايزتك هتبقى أكبر وأحلى.”
بعد كلماتها، تركته في دوامة من الإثارة، وتوجهت نحو فراشها بخطوات واثقة. ألقت بجسدها عليه كأنها ملكة تعطي الأوامر، واستلقت على ظهرها. رفعت إحدى قدميها بإغراء، كاشفة عن ساقيها التي زادت من اشتعال رغبته.
نظراته أصبحت مشوشة، يلتهمها بعينيه كأنها فريسة، وبدأ لعابه يسيل من شدة شهوته. لم يحتمل المشهد طويلًا، فانطلق يكشف لها أسرار زوجته واحدة تلو الأخرى، وكأن كل كلمة منه تقربه خطوة نحو إرضائها. عدد حسنات زوجته بلا خجل، كأنه يُهديها مفاتنها على طبق من فضة.
وما أن استرسل في حديثه وكشف ستر زوجته أمامها، حتى أخرج من جيبه صورة لزوجته المسكينة المبتلاه فيه. أعطاه لها دون تردد كأنه يقدمها قربانًا اليها ليرضي رغبتها الشيطانية.
ضحكت نجوان ضحكة شيطانية، وكأنها حصلت على ما تريده وأكثر. اقتربت منه، وألقت الصورة بجانبها دون اكتراث. ثم منحته جسدها الفاني، مستغلة ضعف روحه واحتراقه بنار الشهوة التي أشعلتها فيه.
هكذا، تحول الرجل إلى أداة في يدها، يُذل نفسه ليحصل على لذة عابرة، بينما هي تحتفل بانتصارها عليه، وتمضي في طريقها المظلم الذي لا نهاية له إلا الخراب.
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
بعد أن أنهى الرجل علاقته الآثمة مع نجوان، تودد إليها بعواطف زائفة وقبلات متلاحقة، كأنما يريد أن يربط نفسه بها أكثر. أخرج حزمة من المال وأعطاها لها بسخاء، متوسلًا أن تمنحه فرصة أخرى للغرق في مستنقع الخطيئة. كان يلح عليها بلهفة قائلاً:
ارجوكي يا حبيبتي، عايز ليلة كمان معلكي. خلينا نعيش لحظات أحلى وأشد إثارة.
ضحكت نجوان بغنج ودلال، وكأنها تستمتع برؤيته متذللًا أمامها، وقالت:
وماله يا ننوس، كله بحسابه، بس المرة الجاية الحساب هيبقى أتقل… جهز نفسك للدفع.
ضحكت بسخرية مثيرة، مما جعله يحتضنها بشغف ويغرقها بقبلاته الشهوانية. لكن نجوان، بإحكامها السيطرة، دفعته بعيدًا عنها بغضب مفتعل قائلة:
ما خلصنا بقى؟! اسمع، الأسبوع الجاي تعالَ وأنا هبسطك.
لم يصدق الرجل وعدها، وشعر وكأنه فاز بجائزة لن تتكرر. غادر منزلها محملًا بأوهام لقاء قريب آخر معها، وابتسامة خبيثة تعلو شفتيه، بينما كان يتصور نفسه المنتصر في هذه العلاقة المشوهة.
ما إن أغلق الباب وراءه، حتى أمسكت نجوان بهاتفها واتصلت بأحد شركائها في الشر، قائلة بخبث شيطاني:
تعالَ خد الصورة وجهز الشغل، خلينا نشتغل. وبقولك… اتوصّى المدام، طلعت مزة، والطلب عليها هيبقى نار.
أغلقت المكالمة وضحكت بشيطانية، ثم اتصلت بصديقة لها، لتبدأ حديثًا مليئًا بالحقارة والتشفي، قائلة:
الراجل المدهول اللي كان عندي متجوز فرسة، وعليها شوية حسنات حلوين… بصراحة فيها وفيها وفيها. وكمان بتعمل معاه كذا وكذا. الموكوس مش عارف يتمتع بجمالها، بس سيبك منه. أنا هجيب ليها اللي يرضّي أنوثتها، ويرضّي نفسه بيها هو كمان… بس أظبطها الأول.واخليها تجي ليا ركعه،
استمرت في الحديث بخبث عن مفاتن الزوجة المسكينة التي لم تكن تعلم أن زوجها قد خانها وكشف سترها.
كانت نجوان تستمتع بتلويث سمعتها والتحدث عن تفاصيلها كأنها دمية في يدها.
لم تتوقف هنا؛ بل كانت تخطط لجعل الزوجة فريسة أخرى في شبكتها القذرة، مُحولة حياتها إلى كابوس تحت ستار الخيانة والفضيحة.
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شياطين الانس)
التعليقات