رواية أوهام الوفاء الفصل الأول 1 بقلم أمل عبدالرازق
رواية أوهام الوفاء الجزء الأول
رواية أوهام الوفاء البارت الأول
رواية أوهام الوفاء الحلقة الأولى
النهارده كتب كتاب جوزك، لو مش مصدقاني تعالي للوكيشن دا وانتِ تشوفي بنفسك”.
في إحدى الليالي الهادئة، جلست هاجر على الأريكة تتصفح هاتفها، عندما جاءت رسالة غريبة:.
“النهارده كتب كتاب جوزك، لو مش مصدقاني تعالي للوكيشن دا وانتِ تشوفي بنفسك.”
ارتجفت أصابعها وهي تقرأ الكلمات، وارتعش قلبها بشعور مختلط من الخوف والصدمة، لم تتمكن من الجلوس أو التفكير للحظة إضافية، أخذت مفاتيح سيارتها وانطلقت سريعًا نحو العنوان الموجود في الرسالة
__________
شاهي: أنا عارفه ان الموضوع صعب بس فعلا المشكلة عندك وأنتِ مبتخلفيش يا هاجر
هاجر: أكيد في حاجه غلط، أنا عامله فوحصات قبل الفرح مافيش عندي مشكلة، وكنت متابعة معاكِ من بعد ما اتجوزت، وداخله على أربع سنين مافيش فايده، سمعت ان في دكتور كويس في القاهرة هروح ليه
شاهي وهي تضع يدها على كتف هاجر: انتِ صاحبة عمري يا هاجر، وهفضل جنبك لحد ما نلاقي حل للمشكلة دِ، أهم حاجه تفضلي تاخدي الأدوية بانتظام
ردت هاجر بحزن شديد: نفسي أكون ام يا شاهي ، نديم من يكون أب، أنا مش عايزه اظلمه معايا، هو كان بيعاملني كويس وبيحبني بس علاقتنا بدأت تتوتر وحساه مش سعيد، وأكيد بسبب الموضوع دا، بس مش عايز يضايقني
شاهي بإصرار: خير متقلقيش لسه معاكِ وقت، ولو مش مرتاحة معايا خدي الفحوصات وروحي للدكتور اللي بتقولي عليه لو دا هيريحك
هاجر: مش كدا، بس الغريق بيتعلق بقشايه، وأنا نفسي افرح نديم، كل ما يبصلي أحس إنه مستني مني حاجة، ومستني الفرح اللي لسه موصلناش ليه
شاهي هزت رأسها وبدأت تلعب بخصلات شعرها بتوتر خفيف، وكأن كلمات هاجر تضعف من خططها.
شاهي: فاهمة، بس إنتي لازم تفكري في نفسك برضو، أنا خايفة عليكي أكتر من أي حد.
هاجر بصوت مليء بالألم: نفسي مايبقاش في ضغط بينا، نفسي كل حاجة تبقى زي ما كانت في الأول… قبل ما الموضوع ده يسيطر على حياتنا.
_______
خيرية: يا دكتور أنس نفسي افرح بيك واشوف احفادي، حاول تتخطى اللي حصل زمان
أنس: حاضر بإذن الله، أول ما ألاقي بنت الحلال
خيرية: يا حبيبي انت بتريحني وخلاص، وئام كان دا نصيبها ومر على وفاتها خمس سنين، حاول تتخطى يا حبيبي انت من حقك تكون أب
أنس: ارجوكي يا أمي متضغطيش عليا ومتفتحيش الموضوع دا تاني، وئام دِ حياتي وروحي ومستحيل اتجوز بعدها
خيريه: يا أنس يا حبيب أمك صعبان عليا حالك، وئام كانت بنتي، بس دا قدرها وكلنا لينا ساعة
أنس: مش قادر أنسى حبها ووفائها وتحملها، كانت جميلة وروحها حلوة، وبجد الحياة من غيرها ملهاش معنى، حبي ليها كان أجمل حاجه حصلت في حياتي
خيريه: ربنا يصبر قلبك يا حبيبي
________
كان نديم يملك مطعمًا فاخرًا في قلب المدينة، وكان ذلك المطعم بمثابة حلمه الذي عمل عليه لسنوات. كل شيء فيه كان يعكس ذوقه الرفيع. كان يقدم طعامًا مميزًا ويحرص على أن تكون الخدمة في أرفع مستوى
وقفت شاهي أمام مدخل مطعم نديم، شعرها المتألق وملابسها الجذابة كانت كلها جزءًا من خطة محكمة، تصرفت كما لو كانت مالكة المكان، عندما دخلت المطعم، توقفت أمام المدخل بإحساس عالٍ من الثقة.
وتقدمت بخطوات واثقة وهي ترتدي أجمل ما عندها، ثم طلبت ما تريد ، وقفت أمام النادل بابتسامة مصطنعة، وبدأت في إيقاع الأغراض التي كان يحملها عن عمد
النادل باندفاع: أنا آسف يا فندم، هاجيب لحضرتك حاجة تانية حالًا
شاهي وهي تبالغ في غضبها: إنت إزاي تسيب الحاجات تقع كده؟ فين صاحب المطعم؟ عايزة أتكلم معاه دلوقتي!
اندفع النادل بسرعة لنديم.
النادل بقلق: أستاذ نديم، في سيدة برا متضايقه جدا والله انا ما عملت حاجه هي اللي وقفت فجأة ووقعت الحاجه، وهي طالبه حضرتك
خرج نديم مسرعًا ليجد شاهي واقفة بملامح الغضب المصطنع ، حاول تلطيف الجو.
نديم: ايه دا دكتورة شاهي بنفسها نورت المكان آسف جدًا حصل سوء تفاهم، دا انتِ صاحبة المكان، ممكن تديني فرصة أصلح الموقف؟
شاهي بابتسامة ملغمة بالخداع: مفيش مشكلة، بس بجد كان يوم صعب، وكنت مضغوطه معلش اندفعت زيادة، وعشان يكون الكل متراضي هعزمك على العشاء النهاردة؟
نديم تردد للحظة، لكنه انبهر بثقتها وتحدث بلطف.
نديم: لو حضرتك بتحبي ده، مفيش مانع، ممكن يبقى وقت مميز نتعرف فيه اكتر، ولازم اجيبلك فستان غير دا
شاهي: لو هتكون مبسوط موافقة، واكيد هلبسه دايما في أيامي السعيدة
________
في منزل هاجر
هاجر: اطمني عليا يا ماما، أنا كويسة ونديم كويس معايا
كوثر: صوتك مش عاجبني يا حبيبتي، قوليلي مالك بس
هاجر: كله تمام يا ماما، اطمني بقى،قوليلي عاملين غدا إيه النهارده
كوثر: عامله سمك تعالي اتغدي معانا، مش كنتي بتقولي انك هتيجي بقالي ٣ شهور نفسي اشوفك
هاجر: حاضر هاجي بإذن الله
كوثر: كلمتي نديم في موضوع الشغل زي ما قولتلك
هاجر: بصراحة خايفة يرفض أو يتضايق
كوثر: ما هو انتِ لازم تشغلي نفسك يا حبيبتي، انزلي مستشفى واشتغلي، انتِ دكتوره شاطره وربنا هيكرمك، الشغل هيشغلك شويه بدل قعدتك لوحدك، زمان سمعتي كلام نديم وخدتي الشهادة وركنتيها ومشتغلتيش؛ لأنه عايزك تكوني فاضيه لبيتك، انتِ لو اشتغلتي الموضوع دا هيفرق معاكِ، ومتتأخريش عشان نروح للدكتور اللي قولتلك عليه
هاجر: حاضر بإذن الله هتكلم معاه، هقفل دلوقتي لأن نديم وصل
نديم: إزيك يا حبيبتي، إيه كنتي بتكلمي مين
هاجر: الحمد لله على سلامتك يا حبيبي، كنت بكلم ماما وبتسلم عليك، يلا ادخل خد شاور على ما أجهز العشاء
نديم: لا أنا أكلت برا، هاخد شاور وأنام لأني مرهق أوي النهارده
هاجر: بس انت عمرك ما أكلت وسيبتني، أنا مش بتغدى عشان ناكل سوا لما ترجع
نديم: معلش يا حبيبتي متعوضة بقى
ردت هاجر بحزن: لا عادي ولا يهمك، أنا كنت عايزه اخد رأيك في حاجه
نديم: اتفضلي سامعك
هاجر: انت مش شايف ان حياتنا بقت روتينية، تيجي ناخد اجازة أسبوع ونسافر ونرجع ذكريات زمان ونستمتع بوقتنا، دا أنا مبقتش عارفه اقعد معاك حتى، طول الوقت مشغول ومش بشوفك إلا بالليل كام دقيقة
نديم: يا هاجر أنا مضغوط في الشغل انتِ عارفه دا كويس والمطعم الصغير بقى سلسلة مطاعم، وعشان احافظ على دا لازم اجتهد واخلي بالي، خلينا نأجل فكرة السفر دلوقتي
هاجر: نديم هو انت مبقتش مبسوط معايا
نديم: ليه يا حبيبتي بتقولي كدا، انتِ حب حياتي ، انا بس مضغوط شويه
هاجر: أنا عارفه انك نفسك تكون أب، وأنا عملت كل حاجه ومتابعة مع هاجر زي ما انت عارف وهي قالتلي في أمل
نديم: أنا قولتلك مش عايز اتكلم في الموضوع دا تاني، ومن فضلك عايز ارتاح
هاجر: أنا قولتلك قبل كدا طلقني واتجوز انت من حقك تكون أب، أنا مش عايزه أظلمك معايا وفي نفس الوقت مستحيل أقدر اعيش معاك وانت متجوز واحده تانيه
نديم: هاجر المستحيل فعلا إني اتجوز غيرك، انتِ بنتي يا حبيبتي ومش هتخلى عنك
هاجر: طب ممكن اقولك آخر حاجه
نديم بتأفف: قولي يا هاجر
هاجر: أنا عايزه انزل الشغل، طول اليوم قاعده لوحدي والوحده بقت بتاكلني والتفكير تعبني
نديم: ماشي يا هاجر لو دا هيريحك
هاجر: بجد انت موافق، انت كنت رافض الموضوع دا
نديم: اعملي اللي تحبيه يا هاجر، انتِ دكتورة تخدير وواثق انك هتكوني شاطره
_______
شاهي جلست أمام المرآة في غرفتها، تضع لمسات أخيرة من المكياج، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة خبيثة.
شاهي (لنفسها): “نديم مش بعيد عني دلوقتي… خطوة صغيرة وكل حاجة هتكون لصالحي. لازم ألعبها صح.”
نظرت إلى الشاشة ورأت رسالة من نديم ” اتمنى اليوم دا يتكرر تاني انا كنت سعيدأوي بالكلام معاكِ” ضحكت بصوت عالي وقالت: وقع ومن أول مقابلة، حلو اوي الموضوع ماشي زي ما أنا عايزة، قريب جدًا، هاخد كل حاجه منك يا هاجر، ثم ارسلت رسالة لنديم قائلة ” وأنا مشبعتش من القاعدة معاك، انت مختلف تماما عن الصورة اللي هاجر كانت رسماها ليك في خيالي، أنا فاضية بكرا لو مناسب معاك”
وقفت أمام المرآة مجددًا، تتأمل نفسها: “هاجر فاكرة إن صداقتنا حقيقية… بس هي للأسف مغفلة.”
______
هاجر (وهي تتنفس بعمق): شكرًا يا نديم… بجد شكراً ليك. أنا بس عايزة أرجع لحياتي الطبيعية وأحس إني بعمل حاجة
نديم (يبتسم بخفوت): مش لازم تفضلي شايلة هم طول الوقت، الحياة مش بس إننا نبقى مستنيين حاجة تحصل، خلينا نعيش اللحظة
هاجر (تنظر لنديم وتهمس): أنا بس خايفة عليك… خايفة إنك تكون تعبان من حياتنا
نديم (بنبرة هادئة): لا، مفيش حاجة زي دي، بس خليني أرتاح شوية ونشوف هنعمل إيه بعدين
نديم دخل الغرفة ليأخذ شاور وهاجر ظلت واقفة في المطبخ، تتأمل الفراغ، شعرت بغصة في حلقها، وكأن هناك شيئًا ثقيلًا جاثمًا على قلبها. “هل نديم فعلاً لسه بيحبني؟”
______
في منزل هاجر
في الصباح التالي، قررت هاجر البدء في إجراءات التقديم للعمل في المستشفى، جلست مع أخيها حسام ليتناقشا في الموضوع.
هاجر: حسام، أنا خلاص قررت… عايزة أرجع المستشفى وأبدأ شغل
حسام (بنظرة داعمة): ده خبر جميل يا هاجر. إنتِ فعلاً محتاجة تخرجي من حالة الركود دي. وأنا واثق إنك هتكوني إضافة لأي مكان
هاجر: متشكرة يا حسام الدعم اللي بشوفه منك مش بلاقيه من غيرك
حسام : هاجر، إنتِ تستحقي كل الدعم… وكل السعادة، ونفسي تكوني مرتاحة في حياتك .
_______
في مطعم نديم
كان نديم يلتقي بشاهي يوميا وفي إحدى اللقاءات
وصلت شاهي إلى المطعم وكانت تبدو أنيقة بشكل مبالغ فيه
نديم: أنا بقول بردو المكان نور ليه
شاهي بابتسامة تحمل الكثير من المعاني: أتمنى أكون متأخرتش عليك
نديم: انتِ تتأخري براحتك وأنا هستناكي
شاهي (وهي تميل على الطاولة): بصراحة يا نديم، أنا بحب الشغل بتاعك، والطريقة اللي بتهتم بيها بالمطاعم… بس أنت مش بتدي نفسك حقك
نديم (بتعجب): إزاي؟
شاهي (بجرأة): “إنت شاب ناجح، ووسيم، وتستحق حياة مليئة بالحب والاهتمام، وبصراحة، أنا بشوف إنك بتضيع وقتك في مشاكل مابتنتهيش
نديم (بتوتر): مش فاهم قصدك، تقصدي إيه بمشاكل
شاهي (بصوت هادئ ولكنه حاد): هاجر هي مصدر التوتر اللي بتعيشه، هي لسه مش مدركة إنك تستحق أكتر
نديم ظل صامتًا، كلمات شاهي أثارت بداخله مشاعر متناقضة، هل فعلاً هي عندها حق؟ هل حياتي مع هاجر وصلت لطريق مسدود
شاهي تابعت بذكاء: أنا بس شايفه إنك تستحق شخص يكون متواجد معاك، يفهمك ويدعمك في كل خطوة، وغير كدا انت من حقك تكون أب، مين هيشيل إسمك من بعدك
نديم: كوني واضحة معايا بما إنك انتِ اللي متابعة حالة مراتي، هل مافيش أمل انها تنجب خالص، انا ممكن اسفرها برا مصر تتعالج لو في فرصة ولو بسيطه
شاهي ( تتظاهر بالتعاطف): لو كان في فرصة كنت أكيد هقولك، بس دا الواقع اللي لازم تواجهه
نديم بحزن: مش هداري عليكِ أنا نفسي أكون أب، وتكون ام ابني هاجر، أنا فعلا بحبها لكن حياتنا الفترة الأخيرة بقت صعبه ومش مبسوط معاها
قامت شاهي بمسك يده وقالت بمكر وصوتها يشبه فحيح الأفعى: لأ مش عايزه اشوفك كدا خالص طول ما انا موجوده، سيبني انسيك نفسك والهموم دي كلها
نديم تفاجئ بما فعلته، لكنه تركها ممسكة بيده وقال: هو اللي احنا بنعمله دا مش هيضايق صاحبتك منك
قالت شاهي بتوتر بعد أن سحبت يدها بسرعة: نديم أنا مش قصدي حاجه بجد، انت صعبت عليا مش أكتر عشان كدا نصحتك، لكن هاجر دي صاحبتي وبحبها وبتمنى تعيش حياة أفضل، أنا بس مش عارفه إيه بيحصلي لما بشوفك وبكون معاك، أنا بحس بإحساس غريب ومش بعرف اسيطر على نفسي، نديم أنا بيحصلي إيه معاك، أنا بفضل أفكر فيك طول الوقت، أنا كنت براقبك من بعيد وجيت المطعم عشان اشوفك، نديم أنا مش عايزه اضايق هاجر ولا اضايقك بس انا حبيتك ودا خارج عن ارادتي، أنا حبيتك أوي يا نديم، بحبك لدرجة الجنون، اوعدك هختفي من حياتك ومش هظهر فيها تاني، أنا مش وحشه أنا بس مش عارفه أبطل أحبك، بعد اذنك
نديم ظل صامتا تحت تأثير الصدمة ولم يتحرك من مكانه حتى اختفت شاهي من أمامه.
________
رأفت بابتسامة: مبسوط أوي إنك قررتي ترجعي للشغل، واثق إنك هتنجي
هاجر: شكرًا يا دكتور رأفت، على تشجيعك دا، أنا هتدرب معاك واتمنى اكون عند حسن ظنك
رأفت: ان شاء الله، طمنيني نديم عامل ايه
هاجر: كويس الحمد لله
رأفت: نديم ساب كلية الطب وقرر يكمل الشغل مكان والده بعد وفاته وما شاء الله نجح وكسر الدنيا، انتِ ليه مشتغلتيش بقى
هاجر: عادي إحنا اتفقنا على كدا، هو كان داخل الكلية ارضاءً لوالده اصلا وعمره ما حبها
رأفت: يلا ربنا يوفقكم، كنت دكتورك في الجامعة ودلوقتي هتدربي معايا
هاجر: حضرتك من أفضل الدكاترة ومبسوطه إني هتعلم من حضرتك
_______
بعد مرور شهر
في منزل شاهي
كان نديم يتصل بها مرارً وتكرارً قالت بتحدي: لو رنيت عليا ألف مرة مش هرد عليك، أنا كدا وصلت للي أنا عايزاه، بس النهارده محضرالك مفاجأة ولا أروع، عايزين الشغل الجد يبدأ بقى
_____
في منزل هاجر
هاجر: نديم هل في حاجه شاغله بالك، شكلك مش عاجبني اليومين دول
نديم: شوية مشاكل في الشغل بس
هاجر: طب ما تحكيلي اللي مضايقك يمكن اعرف اساعدك
نديم: لا مش عايز اشغل بالِك معايا، قوليلي عامله الأكل دا كله ليه، جايلنا ضيوف النهارده ولا إيه
هاجر: أيوه شاهي جايه النهارده جيبالي نتيجة فوحصات كانت عملاهالي، وبتقول عندها خبر حلو ليا
قال نديم بتوتر ظاهر: وإيه اللي يجيبها بيتنا دلوقتي، وإزاي متعرفنيش بحاجة زي دي
هاجر: في إيه يا نديم ليه اتوترت كدا! وبعدين أنا رنيت عليك عشان اقولك وانت مردتش عليا
نديم: لا أنا مش متوتر، وعايز اقولك شاهي دي أنا مش برتاح ليها
هاجر: وانت كنت عاملتها عشان تقول كدا، اظن معرفتك بيها سطحية جدا
قال نديم باندفاع مبالغ: كانت جت من فترة عندي المطعم وعملت مشكلة مع الجرسون لأن الاكل وقع عليها، حتى أنا حاولت اراضيها وعزمت عليا بالعشاء وكمان
قاطعته هاجر وقالت: وكمان إيه، ومقولتليش حاجه زي دي ليه، ولا هي جابت ليا سيرة يعني
نديم: أقولك إيه، زبونه عادي وجت تاكل زي اي حد، هو أنا هقدملك تقرير مين بيجي ومين لا
هاجر: لا بس دي صاحبتي وكان لازم تقولي، جرس الباب بيرن هروح افتح وهنكمل كلامنا بعدين
فتحت هاجر الباب وقالت مرحبة بشاهي: أهلا وسهلا يا شوشو، نورتي بيتي
ردت شاهي بابتسامة مصطنعة قائلة: تسلميلي يا حبيبتي
قال نديم مُرحبا: إزيك يا شاهي نورتي
شاهي: ميرسي يا نديم
_______
كوثر: طمني يا حسام اختك عامله ايه
حسام: بخير يا ماما اطمني
كوثر: أنا قلبي مش مرتاح، أنا بشوف ليها أحلام مش كويسة وبتتكرر، تعالى خدني ليها، أنا مش هقدر استحمل بعدها عني، حاسه ان بنتي محتجاني
حسام: ماما اطمني هي كويسة ونزلت الشغل وبدأت تستقر، ادعيلها ربنا يوفقها ويسعدها مع جوزها، وأنا جنبها ودايمًا بروح ازورها، خليكي انتِ عشان مش هتستحملي تقعدي في العربية ٣ ساعات عشان رجلك بتوجعك، يومين وهجيبها واجيلك
كوثر: ماشي يا ابني اللي تشوفه
_______
في منزل هاجر بعد تناول العشاء
هاجر: يا رب الأكل يكون عجبِك
شاهي: كان كويس بس ناقص ملح ، مش كدا يا نديم
نديم: لأ أنا شايفه مظبوط وهاجر دايما بتعمل صينية الفراخ جميلة والمكرونه البشاميل تحفة، دا هي كانت الشيف في المطعم أول ما بدأت شغل وكانت سبب نجاحي وبعد كدا علمت الشيف الحالي
استفزت كلمات نديم شاهي ولكن لم تعلق عليها ثم قالت: للأسف يا هاجر مافيش حاجه اتغيرت ولا العلاج جاب نتيجة، ودي نتايج الفحوصات
ردت هاجر بحزن شديد والدموع تملأ مقلتيها: بس انتِ قولتيلي ان في خبر حلو هتقوليه ليا ولازم تيجي عشان تشوفي رد فعلي، يعني معنى كلامك إني مش هكون أم، اكيد في حاجه غلط، لازم في حاجه غلط
ضم نديم هاجر إليه وقال بحزن: منزعليش يا حبيبتي قولتلك الموضوع دا مش فارق معايا، المهم تكوني بخير
قالت شاهي وهي تنظر الى نديم: أنا جنبك ولسه معانا وقت، اطمني خالص، والخبر اللي كنت عايزه اقوله هو إني خلاص لاقيت شريك حياتي وهتجوز خلاص
تغير وجه نديم وقال منفعلا: دا اللي هو إزاي يعني
هاجر: في إيه يا نديم مالك
استوعب نديم ما فعله وقال بتلعثم: ممم معلش اندفعت زيادة أنا كنت بفكر في موضوع الإنجاب ومش مركز معاكم، ألف مبروك يا شاهي، أنا هطلع البلكونه اشرب سيجا،رة
هاجر: ألف مليون مبارك يا شاهي فرحتلك من قلبي، وأخيرًا اتفكت عقدتك من الرجالة، مين بقى سعيد الحظ
شاهي: ابن عمي اسمه وحيد وشغال قبطان بحري
هاجر: ربنا يتمم فرحتكم على خير ، اه صحيح مقولتليش إنك اتقابلتي مع نديم في مطعمه وأكلته مع بعض
صُدمت شاهي وخشيت أن يكون نديم أخبر هاجر بأخر لقاء بينهم وتقربها منه، واعترافها بحبه، لكنه نظر إليها ليطمئنها بأنه لم يخبرها بشيء
قالت بتوتر: مجتش فرصة ان أنا أقولك كان يوم عادي، وبعدين هو اللي صمم يجبلي فستان بدل اللي وقع عليه الحاجه
صُعق نديم من كلام شاهي، وظل واقفًا مترقبًا لرد فعل هاجر على ما سمعته، لكنه صُدم من ردها
هاجر: انا اول ما شوفت الفستان عليكي النهارده عرفت انه ذوق جوزي، هو فعلا اختياراته مميزه، هو قالي إنه جابلك فستان وحكالي اللي حصل، واكيد لبسك كان متبهدل، وحبيبي كله كرم ورجوله، هقوم اعمل شاي، البيت بيتك
انتظر نديم حتى غابت هاجر عن ناظريه ثم قال هامسًا لشاهي: انتِ عايزه ايه مني يا شاهي
شاهي: انت فاضي صح، هكون عايزه منك إيه، انت اللي بترن عليا وبتطاردتي عايز مني إيه..
نديم: انتِ بجد هتتجوزي
شاهي: والأمر دا يخصك بحاجة
نديم: مش قولتي إنك بتحبيني
______
كان المطبخ مظلمًا، الضوء الخافت المتسرب من النافذة الوحيدة بالكاد كان يكشف تفاصيل المكان. هاجر وقفت أمام الحوض، يديها غارقتان في الماء البارد، تشعر بلسعاته على جلدها، لكن الألم الذي يعصف بقلبها كان أقوى.
عينيها مليئة بالدموع التي رفضت الانسحاب، وكأنها تحاول الصمود، لكن الصمود صار صعبًا جدًا بعد تلك اللحظة. صوت شاهي لا يزال يتردد في عقلها: “فرصتك ضعيفة جدًا يا هاجر… الإنجاب يمكن يكون شبه مستحيل.”
نظرت إلى يديها المرتعشتين، وكأنها تحاول فهم ما جرى. كانت قد حلمت لسنوات طويلة بالأمومة، ولكن الآن… كل شيء بدا وكأنه يتلاشى. قلبها ينبض ببطء مؤلم، وكأن الحياة تسحب منها شيئًا عزيزًا. دمعة واحدة تسللت إلى خدها، ثم تبعتها أخرى، وأخرى، حتى أصبح البكاء لا إراديًا
شاهي: انت راجل متجوز، ومراتك صاحبتي من أيام الكلية، مش كل اللي حبت واحد اتجوزته، عادي أنا اتجوز من غير حب، المهم إنه يكون إنسان كويس، وابن عمي شاريني، إنك تكون ليا كان حلم من أيام الجامعة بس انت مشوفتنيش واتجوزت هاجر، مالوش لازمه الكلام دلوقتي
قال نديم بابتسامة: بجد كنتي بتحبيني من أيام الجامعة ، بس انتِ كنتي اختفيتي فترة ورجعتي تاني فجأة
شاهي: كنت في فرنسا بعمل ابحاث وبطور من نفسي ، لكن انا من أول ما عيني لمحتك وأنا بحبك، بس صدمتني وخطبت هاجر ، مقدرتش استحمل وقررت ابعد
نديم: عشان كدا قربتي من هاجر
شاهي: مش هنكر، أنا عايزه أفضل أشوفك قدامي، كنت كل ما أسمع هاجر وهي بتتكلم عنك بإسلوب مش كويس وإنها مش سعيدة معاك، كنت ببقى عايزه اقولها يا بختك دا انتِ معاكي قلبي ياريت تاخدي عيني وتشوفيه بيها
نديم: خلاص هاجر جايه، ابقي ردي عليا لما ارن عليكي لأني عايزك في موضوع مهم
هاجر: إيه دا انتِ هتمشي دلوقتي
شاهي: أيوه الوقت اتأخر مش هلاقي مواصلات
هاجر: هو انتِ مجبتيش عربيتك معاكِ
شاهي: لا في الصيانه
نديم: أنا هاجي اوصلك بدل ما تنزلي لوحدك في الوقت دا
هاجر: استنى هلبس حجابي واوصلها بعربيتي
نديم: لا ارتاحي انتِ يا هاجر شكلك تعبانه
شاهي: أيوه يا هاجر بلاش تيجي الجو برد
هاجر: خلاص هلبس واجي معاك عشان اطمن عليها، مش صح تروح لوحدك ، ودا اخر كلام عندي، ولا انتِ عندك كلام تاني يا شاهي
شاهي بانفعال: وأنا مالي يا هاجر ، أنا مطلبتش من حد منكم يوصلني اصلا، وبعدين انتِ بتتكلمي معايا كدا ليه
هاجر: بتكلم إزاي مش فاهمه
نديم: صوتكم عالي وإحنا جنبنا جيران
هاجر: ماشي لسه للكلام بقيه
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الوفاء)
التعليقات