التخطي إلى المحتوى

الفصل السادس والأربعون

نجوان

ادمن / سنا الفردوس

❈-❈-❈

مرت عليها الليلة بهدوء كما أخبرته الدادة نبوية، فلم تصرخ ولم تبكي، بل طغى عليها الحزن فقط، ونامت باكرًا عن كل ليلة في سكون تام لم يعجبه، لكنه لم يكن يملك من الأمر شيئًا. كان هذا همه وهمها، ميراثهم من حكيم الزوج المحب والمستهتر في آن واحد، الذي ارتكب الأخطاء ليتحملها غيره، ومع ذلك يظل محبوبًا، ولا أحد يستطيع اقتلاعه من قلب امرأة متيمة بعشقه.

دخل إلى غرفتها يبحث عنها، فوجدها في الشرفة، مستندة بمرفقيها على الحاجز الإسمنتي للسور. قبل أن يحييها، باغتته قائلة، إذ انتبهت لقدومه حتى قبل أن يلقي إليها التحية:

شكلها كانت بتحب أبوك أوي، بدليل إنها خلفت شبهه.

تبسم ساخراً من خلفها:

وليه متقوليش إن جينات حكيم هي اللي بتغلب رغماً عن أي شيء، ياااه، الراجل ده مازال بيبهرني حتى بعد موته بسنين.

التفت إليه بوجه خالٍ من العبث، تسأله مباشرة:

وانت ناوي تعمل إيه بعد ما تتجوز؟ هتخليه معاك برضو؟

مط شفتيه يجيبها بمكر:

يعني هعمل إيه يعني؟ مينفعش أتخلى عنه، دا أنا بحمد ربنا إنه خد على إخوات بهجة عشان أسيبه معاهم لما نسافر شهر العسل، رغم إنها مسؤولية عليهم، لكن مفيش في إيدي حل غير كدة.

عضت على نواجذها بغيظ شديد:

وخالته بقى راحت فين؟ ما تسيبه معاها ولا هي فالحة تتنطط وبس؟

إن جيتي للحق يا ماما، والله ما أقدر أئتمنه عليها.

قالها بنبرة صادقة زادت من تشتتها وحيرتها، لتحيد ببصرها عنه، وبصمت أظهر عمق تفكيرها.

توقفت بسيارتها، تصفها أمام البناية التي يتواجد بها مكتب المحاماة الخاص بها، بعد أن استيقظت باكرًا وأكملت روتينها اليومي استعدادًا للذهاب إلى عملها. تجاهلت كل النصائح التي ألقتها والدتها على مسامعها، مصحوبة بالتوبيخ المستمر لأنها لا تسمع لأحد سوى نفسها. حاولت والدتها منعها من الذهاب إلى العمل في اليوم التالي لعقد قرانها، لكنها رفضت اتباع تقاليد تعتبرها بالية وعفا عليها الزمن.

تحركت سريعًا، متجهة إلى داخل البناية، ثم صعدت إلى مكتبها، لتكمل العمل المتأخر عليها من الأمس. طلبت من مساعدتها عدم إزعاجها حتى يحين موعد مقابلة موكليها. اندمجت في التركيز على مستندات القضايا دون أن تشعر بالوقت، إلى أن أفزعها صوت فتح باب الغرفة عليها دون استئذان. رفعت رأسها لترى خطيبها، أو بالأحرى زوجها،المدعو هشام، كما تذكر من عقد قران الأمس. يقف عند المدخل، متجهمًا.

في حاجة يا هشام؟

سألته ببراءة، لكنه قابلها بتجهم أكبر وهو يدخل الغرفة، مغلقًا الباب خلفه، ثم يتقدم نحوها بصمت مطبق يزيد من توجسها.

طب انت ليه بتقفل الباب؟ وليه ما اتصلتش قبل ما تيجي؟

ده على أساس إنك كنتِ هتردي؟

هتف مقاطعًا، وضرب بكف يده على سطح المكتب أمامها، فتراجعت بجسدها إلى الخلف بذعر. تضاعف خوفها عندما اقترب بجسده منها، مستندًا بكفيه على ذراعي الكرسي ليحاصرها:

مردتيش ليه على أي اتصال مني امبارح؟

ارتبكت لقربه المفاجئ، بمشاعر مختلطة بين الذعر والإعجاب بعينيه البنيتين الضيقتين، اللتين جذبتا انتباهها لأول مرة رغم حدة نظراته. حاولت الثبات وأجابت بجدية:

نمت بدري وكنت عاملة التليفون صامت. يعني عادي.

صاح بها، ضاربًا مرة أخرى على ذراع الكرسي، بحزم أكبر:

امبارح كان كتب كتابنا.قلتلك نخرج، قلتِلي إنك مصدعة، وسبتِك، يبقى تستني اتصالي بيكي، مش تعملي التليفون صامت وتخليني أضرب أخماس في أسداس. شغل الخطوبة المؤقت ده انتهى، إنتي دلوقتي مراتي شرعًا يا صفية، ولا لسه مخدتيش بالك منها دي؟

حاولت نهيه بجديتها:

بلاش أسلوبك ده يا هشام. أنا عارفة حقوقك كويس، رغم إن جوازنا لسه ما دخلش حيز التنفيذ، وقربك ده عيب على فكرة.

خلاص، ندخله حيز التنفيذ عشان ما يبقاش عيب.

صاحت به، ليبتعد قليلاً ويرفع يديه عن ذراعي الكرسي، مراعيًا خوفها بعض الشيء، قبل أن يردف بلهجة آمرة:

مش هزود عليكِ، بس بعد كده تعملي حسابك وما تكرريهاش.

حاولت التقاط أنفاسها بعدما ابتعد عنها قليلاً ليرتاح قلبها من هذا القرب المرهق، لكنه عاد سريعًا بعبثه ليباغتها.

حد قالك إنك بتبقي زي القمر وإنتِ مرعوبة؟

صاحت، وهي تدفعه بقبضتيها على صدره:

أوعي يا أخي! دا انت مجنون أكتر من الناس اللي بتعالجهم.

أمسك كفيها محذرًا:

عيب، من غير غلط. أرجع أفكرك إن أنا جوزك يا أستاذة؟

همّت أن تنفجر به، لكنّ فتح الباب فجأة قطع كلامها. ظهرت مساعدتها عند الباب، متجمدة أمام هذا المشهد ، قبل أن يجفلها هشام بصيحته:

حد يفتح الباب كده من غير استئذان؟

ردّت سندس، متلعثمة:

أنا متعودة أفتح على الأستاذة كده بعد خبطتين على الباب… هو انتوا ما سمعتوش؟

لا ما سمعناش، اتفضلي اخرجي بقى، يلا!

هرولت الفتاة مغادرة عقب صيحته. فاستفاقت صفية من صدمتها، لتنفجر به غاضبة:

عاجبك كده؟ هتقول علينا إيه دلوقتي؟ هتقول علينا أي…..

قطعت بشهقة عالية، بعدما أوقفتها شفاهه، حينما حطت على خاصتيها، خاطفًا قبلته الأولى منها، لتشخص أبصارها في النظر إليه فاغرة فاهها بصدمة، قابلها هو ببساطة معلقًا:

“دي كان حقها تبقى امبارح، هدية كتب كتابنا، واقفلي بقك بقى عشان مكررهاش.”

لم يتبقَّ على موعد حفل زفافها سوى القليل، لذلك كانت تستغل هذا الوقت القصير في العمل بجد متواصل، حتى تخفف عن حبيبتها نجوان عبء العمل أثناء غيابها عن الجمعية لقضاء إجازة الزواج، كما أخبرها زوجها الحبيب رياض.

كانت نجوان قد خرجت منذ ساعة لتتفقد إحدى دور الرعاية القريبة منها، وظلت بهجة منهمكة في العمل حتى أطَلَّ بوجهه الحسن أمامها. كيف لم تشعر به حين دخل حتى وصل ليميل وجهه نحوها مبتسماً:

بهجة هانم، تسمحيلي آخد دقيقتين من وقتك؟

وكان ردها ابتسامة ساحرة أشرقت في قلبه لتحيي بساتين حب وشوق لا ينتهي:

عشرة كمان لو عايز، بس ممكن أعرف إيه سبب مجيك؟

استقام بجسده، ليفرد كف يده أمامها، يدعوها:

كده يبقى تقومي بقى وتيجي معايا.

نهضت، متقبلة دعوته، تُسلمه يدها بثقة كاملة، وسألته باستفهام:

معاك أكيد، بس هروح معاك فين؟

قبَّل ظاهر كفها وهو يخبرها:

مش هنبعد أكيد عن القصر، تعالي معايا.

استيقظ متأخرًا اليوم بسبب عطلته الأسبوعية في العمل، ليجدهم مجتمعين على طاولة السفرة لتناول وجبة الغداء. انضم إليهم سمير، الذي جاء اليوم بصحبة زوجته، بينما كانت هي تُطعم طفلها داخل غرفة زوجها.

ألقى عليهم تحية الصباح بصوت ناعس، ثم انضم إليهم على نفس الطاولة.

صباح الخير، ودا فطار ده ولا غدا؟ أنا الأوقات متلخبطة معايا أصلاً.

تكفّل سمير بالرد ضاحكًا:

طبعًا يا سيدي، الله يكون في عونك، وإنت بقى فيك عقل أساسًا؟ دا أنا لو منك أبقى مجنون رسمي.

فهمت درية على مقصده، لتُدلي بدلوها هي الأخرى:

بلاش يا سمير، لا يتشنك ويتعصب علينا، حكم دا أي كلمة في الموضوع ده بياخدها شتيمة اليومين دول.

جاء رده بضيق ملحوظ:

أنا برضو اللي أي كلمة باخدها شتيمة؟ ولا أنتو اللي قاصدين تحرقوا دمي في حاجة ما بقبلش الكلام فيها؟ على العموم أنا مش هرد، ولو عايزني كمان ما أحضرش الفطار، كمان أقوم.

قال الأخيرة، مزيحًا الكرسي الذي يجلس عليه بجذعه ليهمّ بالمغادرة، ما أجبر شقيقه على مهادنته.

إيه يا عم شغل العيال ده؟ إحنا يدوب بنهزر معاك يا سيدي، ومدام واخدها بحساسية كده بلاها خالص.

استجابةً لقوله، عاد سامر للجلوس مرة أخرى، فتابع الآخر مُوجهًا أمره إلى والدته التي انكمشت ملامحها بحنق:

سامعة ياما، ما تجيبيش سيرة الموضوع ده نهائي، وسيرة لورا كمان ما تجيبيهاش…

قطع ضاحكًا بعدما استطاع استفزاز سامر بذكر اسمها صراحة، ليسارع بالتلطيف والمزاح:

آخر مرة والله، مش ههزر تاني… خلاص بقى يا أبو سمرة، بنكشك يا أخي عشان تصحصح.

زفر سامر محاولًا السيطرة على غضبه من شقيقه، الذي جعل والدته وشقيقته يضحكان عليه، ثم تجاوز الأمر مفاجئًا إياهم.

ماشي يا عم الظريف، هعدّيها. أنا أصلاً قايم أديكم دي.

وأشار بالأخيرة، يضع الكارت الفاخر المطوي على الطاولة أمامهم، ليتناوله سمير متسائلًا بفضول:

يا ما شاء الله، ودي دعوة فرح مين بقى؟

اقرأ وشوف بنفسك.

قالها سامر بخبث، يراقب رد فعل شقيقه الذي ظهرت عليه الصدمة وهو يقرأ صيغة الدعوة، ويتمتم دون وعي منه.

بهجة!… فرح بهجة!

سمعت سامية ما قاله، فنهضت فورًا لالتقاط الكارت لتتفحصه، ثم صاحت بعدها.

نعم نعم؟ وهيعمل لها فرح في قصر ليه إن شاء الله؟ هو مش قال إنه اتجوزها في السر، لزومه إيه بقى الفرح؟

لزومه إنه عايز يقدمها للناس كلها والمجتمع بتاعهم. لا همه المنظر ولا الفرق الاجتماعي الرهيب ما بينهم. شفتي بقى الواحد لما يحب بيعمل إيه؟

قال الأخيرة بنظرة واضحة نحو شقيقه، الذي سكت عن المتابعة، والحسرة بادية في عينيه. فتدخلت درية تُعنّفه وتصب اللعنات عليها.

اسم الله يا أخويا، إنت هتعملها قصة وتهلل بيها؟ دي الحكاية واضحة زي عين الشمس. البت القادرة هي اللي علقت الباشا ونسته اسمه، اتمسكنت لحد ما اتمكنت، عشان تعرفوا بس إن كان ليّ نظرة. أخوك الغلبان كان هيروح فين بس معاها؟

بلا أخوه بلا زفت بقى!

صرخ بها سمير، ينهض تاركًا لهم الطاولة بأكملها، لتردد في أثره درية باللعنات:

روح يا سامر، يعكنن عليك زي ما عكّنت على أخوك.

صرخت سامية هي الأخرى:

أخوه بس؟ وأنا ياما، دا أنا هموت بقهرتي! يعني هي تاخد الباشا، وأنا يبقى نصيبي شيكاغو؟ ليه؟ كنت قليلة ولا هي أحلى مني؟ أنا كمان نفسي انسدت.

ونهضت عن الطاولة هي الأخرى، ليضرب سامر كفًا بالأخر محوقلًا أمام غضب درية:

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. طب حد جاب سيرتها دي كمان؟ أنا قايم ياما بدل ما تحرقيني بنظراتك دي، دا ولا كإني عملت عملة سودة من غير ما أقصد.

من غير ما تقصد برضو؟!

رددت بها درية من خلفه بسخرية وتهكم. ليأتي التساؤل من زوجة سمير، التي خرجت للتو من غرفتها بعد انتهائها من إطعام طفلها:

إيه اللي حصل؟ وسمير مشي ليه من غير ما يبلّغني؟

ابتسم سامر وهو يأخذ الطفل منها ليداعبه، قائلًا لها ليطمئنها:

راجع تاني يا إسراء. هو بس اتخنق شوية من كلامي، لكنه هيلف يلف وبرضو هيرجعلك. هو ليه مين غيركم أصلًا؟ إنتِ والكتكوت الحليوة ده؟ حبيب عمو ياللا.

داخل النادي الاجتماعي، حيث موعد التمرين الخاص بآدم، ابن شقيقتها.

أصبحت تتكفل بهذه المهمة لتضيف مزيدًا من التواصل بينها وبين هذا الوسيم المتعجرف، شقيقه، الذي أصبح كالطيف لها.

منذ الحادثة الأخيرة، وحين أخبرته بما فعلته بهجة معها، ثم صدمتها حين علمت بموعد حفل زفافه والدعوات التي يرسلها للجميع ليعلن أمام الملأ عن زواجه بهذه الفتاة، حاولت جاهدة لقاءه والاستفسار عما حدث ليقلب الوضع لصالح هذه الفتاة، ولكنها لم تصل إلى شيء سوى التجاهل.

حتى حينما كانت تذهب متعمدة في أوقات متفرقة من اليوم إلى آدم، كان دائمًا يجد الحجة للخروج وتركها، مما زاد غليل صدرها نحو تلك “الملعونة” التي استطاعت السيطرة على عقل رجل مثله ليتعلق بها هكذا.

بدأت تبحث عن خطة مناسبة للإيقاع به حتى يخرَّ صريع فتنتها التي تغري جميع الرجال إلا هو.

هي، المرأة ذات الأنوثة المكتملة من كل شيء، ترى أنها تستحق رجلًا مثله يعوضها بشبابه وماله وقوته عن زواجها السابق بالعجوز الراحل، الذي ورثت منه المال. لكنها الآن متعطشة للشباب وبقوة.

خرج آدم من حوض السباحة بعد أن أكمل تدريبه تحت إشراف مدربه الخاص، الذي ربت على كتفه بحفز وتشجيع قبل أن يتركه. تقدم الصغير نحو خالته متفاخرًا.

شوفي يا نودي، المدرب فرحان بيا إزاي؟ ده قالي لو استمريت كده ممكن أوصل لبطولة النادي وبعدها الجمهورية.

ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيها المطلية بالأحمر القاني، لتجاري الصغير:

جميل أوي يا آدم، لو ماما عايشة دلوقتي كانت فرحت أوي بيك… لكن أخوك بقى يعرف بشطارتك دي، ولا هو فرحان إنه بالنسبالك جيب فلوس وخلاص؟

ظهر استهجان واضح على ملامح الصغير إثر كلماتها التي لم يتقبلها.

ليه بتقولي كده يا خالتو؟ رياض جميل وبيعمل كل حاجة حلوة عشاني. هو قالي إنه بيحبني وفرحان إن ظهر له أخ، ومبقاش في الدنيا لوحده.

تمتمت بها بغيظ مكتوم، محاولة كبح نفسها بصعوبة حتى لا تنفجر في وجهه. حاولت إبعاد عينيها عنه، مراجعًة نفسها حتى لا تظهر ما بداخلها أمام هذا الصغير. لكنها لم تتمالك نفسها، حيث اصطدمت أبصارها بذلك الوسيم الراقي، الذي كان يبادلها الإعجاب بنظرة صريحة، وهو يسير مرافقًا لهذا… كارم.

نطقت بالاسم لتفاجأ بالمذكور يتقدم نحوها، يصافحها:

نادين هانم، ده إيه الصدف السعيدة دي؟

نهضت تبادله الترحاب بدلال تُجيده:

أنا اللي أسعد يا كارم باشا. حضرتك جاي مع المدام بقى عشان أسلم عليها؟

نفى بدماثة وذوق:

لا، للأسف رباب مجتش معايا. أنا جاي في مقابلة مع صديقي. نسيت أعرّفكم على بعض، ده صلاح، صديقي. معلش، هو كان في الخليج وراجع من شهور قليلة، ودي أول مرة أقابله النهارده بعد رجوعه… صلاح، دي تبقى نادين هانم، مرات المرحوم عيسى الصوان. أكيد سمعت عنه.

التمعت عينا الآخر فور سماع الاسم، فأجاب بحماس:

طبعًا عارفه. مش ده برضه صاحب مصانع الصابون الشهيرة؟ بس ده كان عجوز، والهانم صغيرة أوي، دي تقريبًا في عمر أحفاده.

تبسمت بإنتشاء، تدّعي الخجل:

مش لدرجة أحفاده يا صلاح باشا. بس هو فعلًا كان عجوز عليا، لكنه كان نصيبي على كل حال، هعمل إيه يعني؟

قالت الأخيرة بمسكنة لتثير التعاطف نحوها، فرد الآخر بحزن مصطنع، يشتكي من حظه البائس في الزواج من امرأة صعيدية بعد عودته من الغربة، والتي استولت على نصف أمواله.

انتي كمان، وانا اللي كنت فاكر ان انا بس المتعوس في الدنيا دي، هو كدة الحظ مبيمشيش غير مع الوحشين، اما احنا، فلنا الله .

ونعم بالله عندك حق يا صلاح باشا

علم كارم بنجاح المهمة بعد أن ألقى الطُّعم، فالتقطته هي بترحاب شديد. التزم الصمت، متابعًا الحديث بين الاثنين، اللذين يتشابهان في الصفات ويتقنان دور الضحية للحصول على مبتغاهما. يبدو أنه سيحظى بتوفيق كبير في الجمع بين رأسين في الحلال.

في مدخل منزلهم، كانت تقطع الأرض ذهابًا وإيابًا دون توقف، تنتظر قدومه بعد أن أرسلت في طلبه منذ لحظات. خرجت من المنزل هائمة على وجهها، لا تطيقه ولا تطيق أي شيء يذكرها بخيبتها. منذ أن رأت دعوة عرس بهجة، اشتعلت نيران صدرها، ولن تهدأ إلا عندما يبرد قلبها بما هو أفخم وأعلى.

خير يا سامية، بعتِ لي في إيه؟

هتف طلال بهذه الكلمات فور أن وطأت قدماه داخل البناية، وقد تسرب إليه القلق من وقفتها تلك، وكأن شيئًا ما قد حدث.

أمك حصل لها حاجة ولا حد من إخواتك؟

تحمحت تُجلي حلقها، متظاهرة بالمزاح في ردها:

جرى إيه يا طلال؟ هو أنا معوّزاكش غير في المصايب؟ ما ينفعش يعني أبقى عايزاك في طلب يخصني؟

لمس في نبرتها الأخيرة لمحة من دلال استغربها منها، فحثها على المواصلة قائلًا بجدية:

يا ستي، إنتِ تؤمريني. قولي اللي عايزاه يا سامية.

تشجعت لتزيد من جرعة الدلال:

في الحقيقة، هو مش طلب واحد، هما كذا طلب، وأنا عشمانة في كرمك يا طُلولتي، ما تكسفنيش.

ضحك ساخرًا، ثم تحرك من أمامها ليجلس على أول درجات السلم المؤدي إلى منزلهم. أخرج علبة سجائره من جيب بنطاله، وسحب واحدة منها، مرددًا خلفها.

طُلولتك كمان! لا، ده شكل الموضوع كبير فعلًا. قولي يا غالية على الكام طلب دول، إحنا أكيد قدها.

سحبت شهيقًا عميقًا لتجمع شجاعتها، ثم بدأت في طرح مطلبها، أو بالأحرى مطالبها.

نفث دخان سيجارته في الهواء، وبهدوئه المريب تابع يستدرجها:

آه، وإيه تاني كمان غير الفستان اللي عايزاه من أغلى محل فيكي يا جمهورية؟

لو كانت في حالتها الطبيعية لكانت علمت أن هذا الصمت لا يعني الخير، ولكن ذهنها المضطرب صور لها رضوخه وموافقته، فاندفعت أحلامها إلى أبعد مدى، لتصل إلى ما لا يقل عن بهجه، فبدأت تعدّ على أصابعها كل ما يتبادر إلى ذهنها.

“الشبكة يا طلال، هنغير الدهب كله. إيه داعي للغوايش والشغل البلدي ده؟ والألماس برقبته. يبقى هنغير الشبكة لألماس، والفرح هنأجر قصر من بتوع الباشوات ونعمل ليلتنا فيه. سكّ على حجز القاعة والكلام الفاضي. وأنت…”

توقفت، تتأمله من رأسه إلى قدميه بتفحص وتمعن، مما أشعل في نفسه غضبًا شديدًا، فهو يعلم تمامًا ما يدور في رأسها من مقارنات مجحفه في حقه.

“أنت هغيرك خالص يا طلال. تغيّر أولًا استايل لبسك وقصة شعرك من حلاق الغبرة تنساها خالص. هتروح لأحسن كوافير رجالي. لازم يبقى التغيير شامل من كله. أبوك غني يا طلال، وأنت كسيب، يعني تقدر تبقى أحلى واحد في المنطقة وفي المحافظة كمان. أنا عايزة يوم الفرح كل البنات يحسدوني عليك.”

نثر السيجارة من إصبعه، ليقف أمامها مباشرة، ثم يفاجئها بتعقيبه.

“طب وإيه لزوم التعب ده كله؟ تاخدي واحد تعمليله عمرة من أول وجديد ليه؟ ما تغيري العريس نفسه يا غالية.”

“إيه؟ إزاي يعني؟”

تمتمت بها بعدم فهم، وذهنها الغائب لم يستوعب بعد، ليجفلها بصيحته:

“إيه يا روح أمك؟ مش هو ده اللي بيدور في راسك دلوقتي؟ عايزة عريس زي اللي هتاخده بنت عمك، ويا ريت لو أحسن منه أو هو نفسه.”

ترددها والاضطراب الذي ارتسم على ملامحها كانا خير دليل على صدق ظنه، ليأتي رده المفاجئ بسرعة، متناولًا ذراعها ويلويه خلف ظهرها، ثم يعدّل وضعها في لمح البصر ليصبح خلفها. يضغط عليه بشدة لدرجة أنها شعرت وكأن ذراعها على وشك الانكسار، فصرخت به.

“آآآه، دراعي يا طلال حرام عليك، أنا عملت لك إيه بس؟”

زمجر يذكرها بشيكاغو المنطقة:

“وماله لما يتكسر يا غالية؟ ما أنا برضو راجل مقتدر وأقدر أعالجك، بس المهم أربيكِ على فراغة عينك دي.”

“آآآه…”

صوتها على بالأخيرة لتواصل في تحذيره:

“وديني لو ما سيبتني يا طلال، لأكون راقعة بعلو حسي ولامة كل أهل الحارة.”

زاد ضغطه بعدم اكتراث:

“وماله يا بت؟ لمي وجيبي المحافظة كلها، ولو في راجل واحد قدر ينجدك مني، يبقى شنبي ده على مرة. ولا أنتِ نسيتي مين شيكاغو؟”

دفعها في النهاية، فشاهدت الخطر يتجسد فيه بأبشع صوره. خطوط وجهه المتوترة وعروقه البارزة في رقبته جعلت قلبها يسقط بين قدميها خوفًا من تكرار هجومه. فتغيرت نبرتها محاولة استعطافه.

“طب ليه ده كله يعني؟ ده أنا كنت بكلمك عن اللي في نفسي. العشم غلبني يا سيدي…”

اختتمت ببكاءً حارق، مستعينة بوجع ذراعها الذي كانت تدلكه بحرص شديد، ما جعل الشفقة تتسلل إلى قلبه. ومع ذلك، ظل محتفظًا بجموده.

“محدش اتكلم عن العشم، بس أنا أكره ما عليا الست اللي تبص على حاجة غيرها ولا تغيّر. أدفع من جنيه لمية ألف عشانك، مش عشان تقلدي فلان ولا علّان.”

عجزت عن العثور على كلمات تقنعه أو تخفف من بطشه، فاستمرت في بكائها حتى بدأ عنفه يخف قليلًا ويستمع إليها. وصلها صوت زفرته القوية، قبل أن يسحبها إليه ويضمها من كتفيها ليهدئها.

“خلاص يا سامية، متقطعيش قلبي. عارف إن إيدي تقيلة ودي أول مرة تجربيها، بس بكرة تتعودي.”

قطعت خلف الأخيرة رافعة رأسها إليه بزعر، فقابل نظرتها باستخفاف ضاحكًا:

“بهزر معاكي يا سامية. وأنا إيه اللي يخليني أكررها تاني بس طول ما أنتِ ماشية كويس.”

هل يسعي لتهدئتها؟أم انه يزيد من بث الرعب في قلبها؟

هي التي كانت تظن أن رغبته الكبيرة نحوها ستمنحها القدرة على ترويضه وفرض سيطرتها عليه لتحصل علي ما تريد.

لكن هاهو يذكرها من جديد بطبيعته المتوحشة. كاد أن يكسر ذراعها منذ لحظات، والآن يضمها بجرأة وكفه يتجول علي ظهرها بحرية تحت ستار تهدئتها.ومع ذلك، هي لاتستطيع الإعتراض؛حتي إرضائها، يفعله بطريقته.

“ليكي عليا يا ستي أعملك فرح تشهد عليه المنطقة كلها، والفستان اللي عايزاه من أي حتة تختاريه، وكل اللي تحتاجيه أجيبه. لكن تقوليلي أغير قاعة ولا شبكة؟ انسي يا غالية. كل واحد يلبس توبه يا حبيبتي، فاهماني؟”

متكئًا بجذعه على الفراش، يراقبها وهي تبدل ملابسها في محاولًة لاختيار الأفضل من بين المجموعة التي جلبتها حديثًا للمناسبات الخاصة.

“ها، إيه رأيك بقى في ده؟ حاسة لونه لايق عليا، ده غير إنه مناسب، لا هو ضيق ولا شفاف، حلو صح؟”

قالتها تشير إلى الفستان الذي ترتديه بلونه الأخضر، بلمعة محببة، وتصميم بسيط على الجسد الملفوف بعض الشيء. فقد اكتسبت بعض الجرامات القليلة بعد زواجها، لتضاعف من فتنتها، وتزيد الصعوبة على هذا العاشق المسكين:

“هو فعلًا حلو يا صبا، حلو بزيادة كمان، لكن أنا من رأيي تنقي غيره، ياريت لو حاجة عادية.”

ضحكت تقابل قوله بمزاح:

“عادية إزاي يعني؟ ألبس عباية بيتي مثلًا؟ إيه يا باشا؟ ده الفستان التالت اللي ألبسه.”

مط شفتيه بعدم اكتراث:

“والله حظك، أعملك إيه؟ بهدلي نفسك شوية عن كده وانتِ تلاقي الدنيا تسلك معاكي.”

قهقهت ضاحكة بشقاوة، فقد كان دائمًا ما يغلبها بغزله ومزاحه. ثم خطت نحوه وجلست بجانبه على الفراش، لتعلق على قوله.

“خلاص يبقى ادعيلي أخلف، وأنا ساعتها هلخبط وأبقى كلابيظو كمان.”

لمست كلماتها شغاف قلبه المتيم، المتلهف لرؤية ثمرة حبه في الأطفال منها. تنهد بجدية، ثم رد على قولها.

“أنا بدعي ليل نهار يا صبا، عشان أشوف أولادي منك، وربنا العالم أعمل إيه تاني؟”

تأثرت بشجن لكلماتها وشعرت بالحزن في نبرته، فسرعان ما حاولت تلطيف الموقف.

“شادي، أنا بهزر على فكرة، ثم متنساش كلام الدكتور لما أكد إن إحنا الاتنين تمام وعال العال، هي بس مسألة وقت.”

تأوه بلوعة ردًا على كلماتها:

“آه يا صبا عَ الوقت. هو أنا اللي تعبني غير الوقت؟ رغم إني اتعودت على الصبر في كل مراحل حياتي، واتحملت وعديت، إلا دي، حاسسها صعبة أوي. نفسي أشيل أولادي منك، النهاردة.”

“حبيبي، بكرة تشيلهم وتفرح بيهم كمان.

قالت ذلك وهي تتناول كفه، تحاوطه بين يديها، فرفع هو يديها ليقبلهما. حينها تذكرت هي:

“صحيح نسيت أقولك، أصلي عايزة أستأذنك في مشوار كده. أمنية بنت عم المرحوم ناصر الدكش خلفت، وعايزة أروح مع أمي نباركلها ونعمل الواجب.”

قرص وجنتها يبلغها قراره:

“روحي يا ست صبا، يا أم الواجب، عقبال ما تيجي تباركلك أنتِ كمان.”

هللت بصخب تضحك:

“اللهي يسمع منك يا شادي يا ابن أم شادي، يا رب يا رب.”

بجوار النافورة العتيقة التي تتوسط الحديقة، وقفا يلتقطان الصور كما فعلا في عدة أماكن داخل القصر وخارجه، بواسطة المصور المحترف الذي فاجأها، ليقوم بنشر الصور على عدة مواقع إعلانًا للعامة عن قرب موعد زفافهما.

“بصي عليا أنا يا عروسة، سبيه هو مقرب وشه منك.” أومأت عيناها بطاعة، بينما يلتقط الصورة كما فعل في عدة أوضاع أخرى تعكس العشق في عينيهما.

“واحد، اتنين، تلاتة… هايل.”

انتهى أخيرًا ليقترب منهما، ويريهما النتائج الرائعة لصور تخطف القلب والعقل. كان قلبها يدوي في صدرها كالطبول دون توقف، تتأمل هذه الصورة وهو يضمها من خصرها وتعانق عينيه عينيها، أو تلك الثانية وهي تميل عليه وهو يأسرها بابتسامة، وتلك وتلك… لقد رضيت عن معظمهم إن لم يكن جميعهم. حتى إذا انصرف الرجل، توجهت إلى حبيبها تعاتبه:

كده برضو يا رياض؟ مش كنت تديني فكرة أولًا قبل ما تجيب الراجل وتطبوا عليا كده زي القضا المستعجل؟

القضا المستعجل!

تمتم بها ضاحكًا، لتردف هي بتوضيح:

أيوة يعني أنا قصدي كنت غيرت هدومي ولا أتمكيجت.

إنتِ كده زي القمر مش محتاجة. أوقفها بعبارات الغزل التي لامست قلبها، ولكنها حاولت الثبات تجادله:

يا سيدي ربنا يخليك، أنا قصدي يعني يبقى شكلي حلو أكتر من كده…

قطعت بشهقة مكتومة حينما وضع كفه على خصرها يقربها إليه، ليغمرها الخجل، تحاول تنبيهه:

رياض الجنينة مكشوفة والناس رايحة جاية ع الجمعية خلي بالك.

ضحك بصوت مكتوم وهمس بجوار أذنها:

طب وإحنا مالنا بالناس، ولا هما مالهم بينا؟ أنا راجل بقاله فترة في الجفاف العاطفي، يعني محدش يلومني عشان تبقي عارفة.

يا سيدي والجفاف ناقح عليك دلوقتي، ما خلاص الفرح قرب أهو إحنا على وشك.

طب أعمل إيه في قلبي المشتاق؟ تساءل بها بأعين تصرخ بصدقها، رغم ادعائه المزاح، ليضيف إلى قلبها المزيد من الرجفات اللذيذة. لطالما سمعت منه كلمات العشق والغزل ولم تشعر بطعمها سوى الآن. ما أجمل ذلك الشعور، وما فائدة الحب في الخفاء؟ إن لم يكن كضوء الشمس، لا يسمى عشقًا من الأساس.

ما شاء الله، ساحة القصر بقت مكان مخصص للفوتوسشن. جاء الصوت الحاد منبّهًا للأثنين، ليختطفهما من حالة الوله التي كانت تحيط بهما. التفّا نحو المرأة العجوز القاسية بتلك النظرات التي توشك على قتلهما، وقد كانت قريبة منهم ترافقها تلك المرأة المساعدة لها مدام إيفون. فجاء الرد من رياض وهو يقربها إليه بتحدٍّ قائلاً:

عندك حق يا بهيرة هانم، أنا اللي اخترت القصر عشان أنشر منه صور ارتباطي ببهجة، عايز الدنيا كلها تعرف بقرب فرحي عليها.

امتقعت ملامح بهيرة بالغضب الشديد، بعد أن أفحمها بقوله، ولم يتبقَّ لها سوى النظرات الحارقة التي توجهها نحوهما، فتدخلت إيفون لتبدي فرحتها على حرج:

طبعًا حقك يا بني، دا قصرك وقصر أجدادك قبل ما يكون مقر للجمعية، ألف مبروك يا رياض باشا، ألف مبروك يا بهجة.

ردت بهجة على المرأة باضطراب وتوتر وهي تقف بالقرب منهم، رغم دعم حبيبها:

الله يبارك فيكِ يا مدام إيفون، تسلميلي.

رد رياض هو الآخر على تهنئة المرأة ومباركتها، قبل أن يجفل ويجفل من معه بحضور مفاجئ لآخر شخصية يتوقع رؤيتها الآن.

“عدي!” هتف بالاسم كنداء واستفهام، وهو يرى قدومه نحوهما بأناقته المعروفة، ليخطف انتباه بهيرة التي استقبلت مجيئه بفرحة كطفلة صغيرة سعيدة بعودة والديها، وفتحت له ذراعيها.

“عدي حبيبي!” اقترب عدي منها، يرتمي في حضنها، يقبلها ويعبر لها عن اشتياقه. فقد كان المفضل لديها دائمًا ورغم قسوتها مع الجميع وعيوبها، لكن قلبها ينبض ويتأثر بأقل لمسة حانية.

حبيبي يا ابني، وحشتني أوي، إمتى رجعت من السفر؟ وليه مقولتش إنك جاي؟

قبل ظاهر كفها يجيب عن أسئلتها، وأبصاره نحو صديق طفولته وعروسه:

أنا جاي في زيارة سريعة يا ماما، بدعوة فرح وصلتني على تركيا مخصوص، صاحبي وحبيبي الغالي، رياض.

حبيبي. هتف بها الأخير، وفتح ذراعيه له ليتبادلا العناق الرجولي، أمام أبصار بهيرة التي عاد إليها الغضب ظاهرًا بقوة. حتى إذا انتهيا، تكفل رياض بتقديم عروسته إليه:

دي بهجة يا عدي، عروستي.

صافحها عدي بترحاب شديد، قبل أن ينهي بسؤاله:

طب أنا كده بقى جيت في الميعاد المناسب، للفرح؟ هو إمتى بالظبط؟ فكروني.

عدي! كانت هذه صيحة نجوان التي أتت من الخارج، ليتوقف لرؤيتها المذكور مهرولاً بلهفة:

معقول خالتو نجوان؟ أنا مش مصدق عيني! وانطلق إليها غير منتبه لغضب والدته التي ارتسمت تعابير الغيظ الشديد على وجهها.

اليوم الموعود

اقترب ولا تتردد في اقتناص فرصتك، كن مغامرًا ولا تخشى الغرق، كن جسورًا في الدفاع عن عشقك، لا تؤجل فرحتك أو تنتظر حتى لا تضيع من يدك فرصتك في الحياة، فتظل حبيس الحسرة المتبقي من عمرك.

دا كأني في حلم وبقول يا سلام،

معقول يا قلبي بقينا ليه،

وهادينا يا دنيتنا بأحلى أيام،

الفرح دا إحنا أولى بيه.

أنا هفضل جنبك

وهعيش سنيني معاك،

يا حبيبي كلها،

وهطمن قلبك وهملي عيني

بأحلى دنيا أنا شوفتها.

أنا في عنيك الحلوين سرحت،

من إمتى ونفسي تكون ليا،

أول ما شوفتك أنا اتصالحت

مع نفسي وأيامي الجاية.

تصدح كلمات الأغنية في قلب القصر الذي تحولت ساحته الداخلية إلى قاعة كبيرة، تضم جميع المدعوين من أقارب ومعارف العروسين. وقد تحول الحلم أخيرًا إلى واقع، أصبحت حبيبته في النور وأمام الجميع، بعد أن تخلى عن عقده، تاركًا كل هموم الماضي، لا يلتفت إلا لسواها. يكفيه النصف الضائع من عمره، ليستقبل الآتي معها وبرفقتها، حتى لا تصيبه التعاسة في ابتعادها عنه. وقد تأكد له الآن أنه إذا خسرها، خسر حياته معها.

أنا هفضل جنبك

وهعيش سنيني معاك،

يا حبيبي كلها،

وهطمن قلبك وهملي عيني

بأحلى دنيا أنا شوفتها.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *