التخطي إلى المحتوى

 رواية غنوة يونس الفصل الثالث عشر 13 – بقلم سلوى عوض 

ممدوح: “أيوه يا رقيه، الدنيا ضاقت بيا، ملجيتش مطرح أروح، قلت أجيكي. هتدخليني ولا أمشي من على الباب؟”
رقيه: “وه وه  يا سي ممدوح! بيتك ومطرحك، ولو أن بيتنا مش كده، المجام عندنا.”
ممدوح: “البيت بناسه، يا جمر إنتي
 أم رقيه :، مين يارجيه اللي من الصباح الفتاح ديتي؟”
رقيه: “ده سي ممدوح الهلالي، يا أما!”
أم رقيه: “قوليله ياجِي، يخش! أهلا وسهلا بالكبير، واد الناس الأكابر، خش يا باشا، نورتنا وكترتنا وعليت مجامنا بين أهل البلد كلهم!”
ممدوح: “متقوليش كده يا خالة، مجامك عالي. “خدي يا رقيه الحاجة دي، واعملي لنا فطار مع بعض.”
رقيه: “يا فرحة جلبي! معجول سي ممدوح سيد البلد كلها هيفطر معايا، أنا هاين على… أرجص وأزغرت!”
ممدوح: “ليه ده كله؟ يعني شيفاش نفسك؟ إنتي جمر، كيف ده أجمل واحدة في البلد!”
رقيه: “شكرًا، تعيش وتخليك لي.”
أم رقيه: “همي يا رجيه، حضري الفطور!”
وبالفعل، تدخل رقيه لتحضر الفطور، وأم رقيه تقول: “شجّه عزيزة وغالية، يا باشتنا
 ممدوح: الله يكرم أصلك يا خالة.”
أم رقية جمبر يا باشتنا، واقف ليه؟ تعالي جمبر جاري ليجلس ممدوح بجانبها. أما رقية فتعد الفطور ثم تدخل لترتدي جلابية نظيفة وتمشط شعرها وتقرص خديها ليحمرا ثم تضع الطعام.
“اتفضل الفطور بآلف هنا وشفا.”
أم رقية بلؤم: “مسرع غيرتي خلجاتك يا بت، كل ما تجضي مصلحة تجري تغيري، ده لو مش إنت جاعِد يا ممدوح بيه كانت اتسبحت، أصل بتِّي نِظيفة جوي، وتلجأها على طول تشف وترف.”
مد يدك وافطر يا سيد الناس.
تمد رقية يدها على رغيف العيش لتقطعه وتغمس الفول ثم تعطي اللقمة إلى ممدوح.
“اتفضل مطرح ميسري يمري.”
ممدوح: “هتوكليني بيدك ياك 
رقية بتمثيل الكسوف: والله لو عليا أكلك واشربك بيدي.”
أم رقية بتمثيل أيضًا: “بت اتحشمي البيه يجول عليكي ايه
ممدوح: “الجمر تعمل اللي عايزاه.”
ليمِد يده.
رقية: “مقولنا، أنا اللي هوكلك.”
أم رقية: “وبعدين فيكي يعني؟”
ممدوح: “سيبيها يا خالة، مهي بكراه هتبجي مراتي.”
أم رقية: “مرتك؟ مرتك كيف؟” وتمثل أيضًا: “لمؤاخذة يا سي مندوح، بتِّي مخطوبة، وحتى لو مش مخطوبة إحنا منخطفوش راجل من مراته.”
ممدوح: “بس أنا معنديش مرا.”
رقية: “كيف يعني؟”
ممدوح: “خلاص طلجتها بالتلاتة.”
رقية: “طلجتها ميته، وكيف؟”
ممدوح: “هقولك بس، اعمليلي كوبايه شاي، تجيله حبر.”
رقية بدلع : “له شاي تجيل إيه، إنت تكمل وكلك وأنا هعملك شوية أعشاب جايباهم يروجو بالك.”
ممدوح: “خلاص شبعت.”
رقية: “كيف ديه؟ جومي يا أما علجي على البكرج بتاع الشاي.”
أم رقية: “حاضر يا بتّي.”
تتركهم أم رقية وحدهم.
ممدوح: “يا أبوي حمار خدودك ديتي رباني ولا حاطه الأحمر بتاع البنت؟”
لتمسح رقية خديها له: “رباني، مش بيجولو حمار وحلاوة.”
ممدوح: “وأي حلاوة؟ ده حلاوة حلوة جوي.”
رقية: “كل اللقمة دي من يدي؟”
ليفَتح ممدوح فمه لتضع رقية اللقمة في فمه.
ممدوح: “شهد الوكل من يدك، شهد مكرر يا جمر إنتِ.”
رقية: “احكيلي بجى إيه اللي حصل.”
يبدأ ممدوح في الحكي لرقية.
__________________________________________
 أما عند صدفه فهي قد وصلت إلى القاهرة وفي طريقها إلى العنوان الذي أعطته لها أم سامية. وبعد ساعة وصلت إلى الفيلا حيث تعمل سامية وزوجها وهي أيضًا فيلا خالها. لتبلغ إحدى الحراس أنها تريد سامية زوجة الجنايني، وبالفعل يتصل الحارس بالإنتركم لتأتي سامية لتسلم عليها وترحب بها.
سامية: “أمي فهمتني على كل حاجة، تعالي يا ست صدفه، خشي جوه الست هالة مرت خالك جاعدة جوه.”
صدفه: “إنتِ جولتليها حاجة؟”
سامية: “له، بس لما تدخلي هي هتعرفك وحديها.”
صدفه: “كيف ديه يعني؟”
سامية: “تعالي خشي، وإنتِ تعرفي.”
تدخل صدفه الفيلا لتجدها فيلا جميلة مرتبة مفروشة فرش على أحدث طراز. لتبلغ سامية مدام هالة بقدوم ضيفة تريد أن تراها.
هالة: “متعرفيش مين؟”
سامية: “سامحيني يا ست الناس، حضرتك لما تشوفيها هتعرفيها.”
هالة فزورة دي.
سامية: “تعالي حضرتك بس.”
تخرج هالة من غرفة المكتب وتكون صدفه واقفة ووجهها موجه عكس اتجاه المكتب.
هالة: “أهلا وسهلا بحضرتك. خير، كنتي عاوزاني في حاجة، ومين حضرتك؟”
لتلتفت صدفه إليها.
هالة باندهاش: “مش معقول، فاطمة، فاطمة إزاي؟ إزاي؟ فاطمة اتوفت، بس الشبه ده مش معقول، إنتِ نسخة منها! إنتِ مين؟”
صدفه: “أنا صدفه، بت فاطنة اللي عمتي وجوزها جالولكم إني متت في الحادثة معاهم.”
هالة: “يارب إزاي، أنا في حلم مش معقول.”
صدفة والله، أنا اللي مش عارفة، أنا في حلم ولا علم؟
هالة: “تعالي كده معايا على فوق.”
صدفة: “فوج ليه؟”
هالة: “هوريكي حاجة، تعالي، متخافيش.”
تصعد صدفة معها إلى الدور الأعلى، لتفتح هالة غرفة مقفولة وتضيء الكهرباء، ثم تزيح الستار عن برواز كبير، وتمسح التراب من عليه.
صدفة: “مش معقول ديه! أنا؟”
هالة: “أنا برضه هتجنن، إنتِ فعلاً بنت فاطمة اللي قالولنا إنها ماتت ولا إنتِ بنت نصابة بتستغلي الشبه اللي بينك وبين المرحومة فاطمة؟”بس لا، قلبي بيقول لي إنك فعلاً بنت فاطمة.
صدفة: “بصي، أنا ممعيش أي ورق ولا أي حاجة تقول أنا مين، كل اللي أقدر أقولهولك كلمي الخالة أم سامية وهي هتقولك كل حاجة. بس حني عليكي، نفسي أريح هبابه في مكان إن شاء الله حتى خشم الباب برا مجدراش أجف على حالي ومفهماش حاجة.”
هالة: “لا يا بنتي، إنتِ هتنامي في أوضتي عشان قلبي عمره ما كذب عليا.” ،سامية لو سمحتي، اتصلي بوالدتك، وإنتِ يا صدفة خشي الأوضة اللي جنب ديه، ريحي ويحلها ربنا.”
وفعلاً، صدفة بتدخل الأوضة وبمجرد ما تقعد على السرير كأنها مغمى عليها من التعب، لكنها راحت في نوم عميق.
سامية: “أمي على التلفون مع حضرتك.”
هالة: “إزايك يا أم سامية؟”
أم سامية: “الحمد لله، خليكي حضرتك معايا.” دجيجة:
 “لتخرج الي الملحق الخاص بالخدم لتقول اسمعي ياست الكل الست صدفه صح تبجى بت الست فاطمه والله العظيم بتها لكن عجوب منه لله هو ودهبيه جالولكم أنها ماتت ف الحادثه واني لوجت جريب جوي مكنتش فاهمه حاجه كل اللي  دهبيه كانت بتجوله أن الست صدفه بت اخوها لكن اخوها مين معرفش عشان لما جولتها أن بتي ساميه شغاله حداكم جالتلي آنها بتجول علي الست صدفه كده لكن هي بت واحده صحبتها وماتت وهي خدتها تربيها وسمتها علي اسم بت اخوها اللي اتوفت لكن من سبوع سمعتهم بيتكلمو هي وعجوب وبتجوله خلي ولدك مندوح يتعامل مع صدفه زين متنساش أنها بت اخوي صح وانا وافجتك علي اللعبه عشان ناخدو كل حاجه وان خال الست صدفه كره البلد بعد موت خيته وبتها وهمل كل حاجه لينا لكن يا ست هانم انا خوفت اتكلم لحسن يعملو حاجه ف ولدي لكن لما حصل اللي حصل مع الست صدفه جولتلها علي اللي سمعته واديتها العلوان وجولتلها تندلا مصر ليكم خلي بالك منيها ديه طيبه جوي وياما عملو فيها وكفايه أنهم حرموها من عيالها 
هالة: “فهميني براحة.”
أم سامية: “حاضر، لتقص أم سامية كل ما حدث.”
هالة: “معقول في كده؟ على العموم، إنتِ تصرفتي كويس ومتقلقيش. صدفة خلاص بقت في أمان، ولما ترتاح هنشوف هنعمل إيه. بس إنتِ خلي بالك من ولادها،
 أم سامية: دول في عيني.”
هالة: “ياااااه ، معقول كل ده يحصل؟ أنا حاسة إننا في فيلم عربي قديم. أنا هتصل بفاطمة بنتي عشان تيجي وتفهم معايا إيه اللي حصل ده.”
وبالفعل، تتصل هالة بفاطمة.
فاطمه: “لولو حبيبتي
 هالة :خلصتي شغلك ولا لسه؟”
فاطمة: “أخوكي ساحلني معاه، تقوليلي جاريه جايبها من سوق عكاظ.”
هالة: “وهو خالك فين؟”
فاطمة: “في مكتبه، قولي له يخف عليا شويه. ده أنا بنت ناس يا ناس.”
هالة: “طب، ادخلي له وقولي له يجي معاكي حالاً على البيت.”
فاطمة: “بجد؟ أخيرًا هتعتق!
هالة: “يابنتي، انتي بتجيبي الألفاظ السوقية دي منين؟ ده انتي خريجة مدارس إنترناشيونال ومديرة لأكبر شركة عقارات وتداولات مالية في الشرق الأوسط كله.”
فاطمة: “يووه، هو إحنا منعرفش نهزر معاكِ أبداً يا شابة؟”
هالة: “بطلي هبل وادخلي لخالك، خليه يجيي. أنا عاوزاه.”
فاطمة: “انتي بجد عاوزاني أدخل على وجيه بيه الأيوبي وأقول له ‘أختك عاوزاك’؟ ده ممكن يعمل مني شاورما فراخ على لحمة على بني آدمين! اتصلي بيه أنتي يا اختي وقوليله.”
هالة: “روحي، طول عمرك فاشلة. أنا هكلمه، قفلي. بس انتي عيلة غلسة.”
فاطمة: “انتي ناسيه إني أم أحفادك؟”
هالة: “فاطمة، اقفلي بقا خليني أكلم خالك.”
فاطمة: “حاضر.”
وتغلق فاطمة التليفون مع هالة لتتصل هالة بأخيها.
هالة: “أيوه يا وجيه.”
وجيه: “عاملة إيه يا هالة؟”
هالة: “تمام الحمد لله.”
وجيه: “ثواني بس يا هالة، أمضي الورق ده.”
هالة: “أنا عايزاك ضروري.”
وجيه: “روح أنت دلوقتي، وسيب الورق، همضيه بعدين.”،خير يا هالة، قلقتيني في إيه؟”
هالة: “لما تيجي هتعرف، بس تيجي حالاً وتجيب فاطمة معاك. أنا كده كده هبعت أجيب ولادها وهتصل بجوزها كمان في شغله عشان عايزاكم كلكم.”
وجيه: “طب، أفهم طيب.”
هالة: “مش وقت فهم دلوقت، بقولك تعالي.”
وجيه: “حاضر، حاضر، جاي.”
هالة: “سلام.”
ثم تنادي هالة على سامية.
هالة: “سامية.”
سامية: “نعم ياست هانم.”
هالة: “خلي عادل السواق يروح يجيب يارا وتيم من فيلا فاطمة هانم ويجيهم على هنا.”
سامية: “حاضر ياست هانم، أي خدمة تانية؟”
هالة: “أه، ادخلي المطبخ وأدي خبر لعثمان الطباخ، إحنا عندنا ضيوف على الغدا، خليه يعمل كميات تكفي.”
سامية: “أقول له كام نفر؟”
هالة: “قوليله 10 أفراد ويعمل حسابكم أنتو كمان.”
سامية: “حاضر.”
هالة: “وأنا هتصل بهاني ابني يجيب ولاده ومراته.”
ثم تتصل هالة بابنها.
هاني: ست الحبايب بنفسها بتتصل بيا.” “إيه يا ماما؟ فيه حاجة؟”
هالة: “ماتسألش كتير، هات مشيرة وأسر وسما وتعالوا، مش عايزة أي سؤال. لما تيجوا هتعرفوا.”
هاني: “حاضر، هعدي عليهم وأجيبهم من النادي وأجيلك.”
هالة: “متتاخروش.”
هاني: “حاضر.”
ثم تغلق هالة التليفون مع ابنها وتقول لنفسها: “لما ييجوا، كل حاجة هتتعرف.”
______________________________________
( في الصعيد منزل رقيه )
ممدوح: “يا خالة أم رقية، أنا عايز أكتب على رقية السبوع اللي جاي، وهجيب لها اللي محدش جابه. تندلي معايا لجصر، تنجي الشبكة اللي على عجب عينها، شوارها كله هجيبه، الشجة بتاعتي هفرشها وأوضبها عشان تليق بست العرايس.”
رقيه: “طب، ودياب هنعمل فيه إيه؟”
ممدوح: “لو مجاش بالذوق ياجي بالعافية، هو يعني كان كتب عليكِ؟ ده حياله حتت دبلة معفنة.”
أم رقية: الناس هيقولوا علينا إيه؟”
ممدوح: “حد يجدر يفتح خشمه؟ دي هتبقى مرت ممدوح الهلالي، عارفه يعني إيه؟”
رقيه: “آه، طبعًا عارفين سيدي وتاج راسي وسيد البلد كلها. بس يا أما ناس إيه؟”
ممدوح: “تمام، همشي أنا بشوف اللي ورايا.”
رقيه: “مش جولت هتتغدى معانا ده أنا هعملك الوكل بيدي.”
ممدوح : “تسلم يدك، هبقى أفوت عليكم في الليل، نسهر ونتهرجو شويه.”
رقيه: “طب، خلي بالك على نفسك يا نور عيني.”
ممدوح: “يا غلبك يا مندوح، الجمر خايفة عليك.” “حاضر يا بت، يا جمر انتي.”
رقيه: “مع السلامة يا سيد الناس.”
يغادر ممدوح منزل رقية، فتغلق الباب خلفه، ثم تجد أمها تضحك بشدة وتقول لها:
أم رقيه: “عافية عليكِ يا يا روجة، ده هتروجينا يا بتي والله، وباضت لكِ في الجفص، يا بت عبدالسلام!”
رقيه: “أنا خايفه من دياب يا أما، يعمل معانا عركة؟”
أمها: “دياب مين، ديتي؟ أبو مركوب قديم وجلابية مجرحة! ده مندوح بيه الهلالي، يا واكلاني!”
رقيه: “على رأيك يا أما.”
_______________________________________
(في منزل الحج عياد)
غنوه: “أما أنا خلصت كل حاجة وزهقت بجى!”
أمها: “وأعملك إيه أنا طيب؟”
غنوه: “أجولك تيجي نروح نجعد مع رقية وأمها فايزة؟”
أمها: “أجولك نفوت على أبوكِ وخييكِ في الأرض، كده كده هما مش هيجوا غير على نص الليل، على ما ييجي دورهم في الزجية.”
غنوه: “طب، ليه من صباح ربنا؟”
أمها: “ما أنتي عارفة، أبوكِ بيحب يساعد الناس.”
غنوه: “صح والله، أبوي طيب جوي، ربنا يكرمه ويعينه زي ما بيساعد الناس.”
أمها: “أجولك ناخدلهم إيه وإحنا رايحين؟”
غنوه: “هما مين؟”
فايزه: “مخك تخين جوي! هناخدوا وكل لأبوكِ وخييكِ، ورجيه بجى ناخدلها إيه؟”
غنوه: “طب، ما تجولي كده من الأول، خديلهم أي حاجة.”
فايزه: “أجولك، أدبحلهم فروجة ونشتري كيلين بطاطس على كيلين طماطم وجذاذة زيت. مساكين يا بتي، غلابة والله. يا رب، انت عالم، لو معاي أكتر من كده كُت وديت الدنيا بحالها. أم رجيه عشرة عمري، ورجيه عروسة الغالي.”
غنوه: ربنا يكرمنا ونجيبولها الخير كله يارب
___________________________________
 في منزل خال صدفه، كان الجميع قد حضر
وجيه: “إيه يا هاله؟ مجمعانا كلنا ليه؟ وجايبانا على ملّى وشنا كده؟ في إيه؟”
نظرت هاله للجميع بجدية، ثم تنهدت وقالت بصوت واضح: “اسمعوا كلامي كويس… صدفه بنت فاطمه طلعت عايشة!”

 •تابع الفصل التالي “رواية غنوة يونس” اضغط على اسم الرواية 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *