التخطي إلى المحتوى

   

 رواية عشق الأقدار الفصل الثامن 8 –  بقلم شروق حسام 

{ الحق لا يحتاج إلى شاهد، يكفي أنه لا يموت حتى لو دفنوه بألف كذبة }
⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑
في مكتب العميد
ساد الصمت في المكان قبل أن يخترقه صوت ريان الحاد كحدة أشواك الزهور
_: إيه المسخرة اللي حصلت بره ممكن أفهم مشكلتك إيه أنتِ وهي
تقدمت حياة من مكتبه بخطوات ثابتة وأردفت سريعًا بصوت يحمل براءة مزيفة وخبثًا دفينًا : هي اللي إتعدت عليا حضرتك أنا كنت قاعدة في حالي لا بيا ولا عليا بشرب كوفي وفجأة لقيتها إتهجمت عليا ونازلة فيا شتيمة وضرب وسط زمايلي وحتى ممكن تسأل أي حد من اللي كانوا موجودين وهما هيأكدوا على كلامي
وجه ريان نظره لتلك السيدرا التي تفتعل مشكلة للمرة الأولى طالعها بصرامة عاقدًا حاجبيه : الكلام ده صح
إبتسمت إبتسامة خافتة علي شفتيها إبتسامة ممزوجة بخبث ثم قالت بثبات تُحسد عليه : اه صح يا حضرتك بس أكيد أنا مش مجنونة عشان أعمل كده من غير سبب
تعملها بنظرة باردة قبل أن يأمرها بجمود : طب إتفضلي قولي عملتي كده ليه
رفعت الآخرى رأسها بشموخ ثم أجابت بنبرة هادئة ولكن كلماتها كانت كالسيف القاطع : عشان لقيتها واقفة مع واحد في منطقة بعيد في الكلية…
صمتت للحظات ثم أكملت بخجل مصطنع : ومش قادرة أكمل اللي حصل
إنتفضت حياة بصدمة وهي لا تصدق ما سمعت ثم صاحت بإنفعال : يا كدابة
لكن قبل أن تُكمل دوي صوت ريان الغاضب : أخرسي مش عايز أسمع صوتك
أخذت سيدرا نفسًا عميقًا ثم تابعت ببراءة شديدة لكنها بالتأكيد مصطنعة : فعشان كده كان لازم أعلمها الأدب
تأملها للحظات قبل أن يرد ببرود قاسٍ : اه بأمارة اللي أنتِ عملتيه المهم ياريت اللي حصل دلوقتي مايتكررش تاني لأنِ ساعتها هتخذ إجراءات صارمة ناحيتكم وهطردكم
أكمل بتحذير : وأنتِ يا حياة دي آخر مرة أسمع عنك الكلام ده ولو سمعته تاني عقابك هيبقي وخيم
إبتسمت سيدرا إبتسامة خافتة ثم قالت بخبث خفي : بوعدك مش هكررها تاني
رفع حاجبه ساخرًا ثم نبس بنبرة متحفظة : هنشوف يلا كل واحدة علي محاضراتها
غادرتا الفتاتان وكل واحدة تتمتم بعدة أشياء
حياة تتمتم بغيظ وتوعد لسيدرا
وسيدرا كانت في عالم آخر فهي لا تعلم ماذا ستفعل في هذه الكلية هي بالأساس لاتعلم ماذا تدرس هل تعلم بالأساس كيف تقرأ وتكتُب والإجابة هي لا بالتأكيد
⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑
في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة
مكان مُتشح به الظلام كوشاح ثقيل
في غرفة تملؤها رائحة التبغ ، وكر الثعالب ، جلس ذلك الشاب فوق كرسيه الوثير ، يلف سيجارته بين أصابعه بعنفٍ يراقب الدخان وهو يتقاعد كأنما يُجسظ نيران غضبه المستعرة
ضرب الكرسي بقبضته قبل أن ينطق بصوت متهدج يحمل بين طياتها وعيدًا : هتكونِ ليا يا هيا أنتِ بتاعتي أنا وبس مش على آخر الزمن يجي جربوع زي كريم وياخدك مني بالبساطة دي
جاءه صوت هادئ مشوب بسخرية وخبث : ناوي على إيه يا صاحبي
ضيق عيناه بضيق قبل أن تبتسم علي شفتيه نصف إبتسامة : كل خير يا خلود كل خير
_: وكيف هذا يا حبيب أخوك
أسند بظهر علي الكرسي بكل أريحية ونبس بعدة كلمات مبهمة جعلت أعين الآخر تتسع بصدمة : إيييييييه
⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑
في شركة العطار
جلس خلف مكتبه الجديد ، يداه متشابكتان أمامه ، يُفكر في تلك التي أصبحت زوجته في الأمس
تردد في ذهنه كلماته القاسية ، كأنها خناجر تنهال عليه بلا رحمة
إنتفض فجأة ، ليضرب سطح المكتب بقبضته غاضبًا ، قبل أن يهمس بصوت يُقطر ندمًا
_: أنا إزاي طاوعني قلبي أقول لها الكلام ده
قاطعه صوت عقله الصارم الذي لا يعرف اللين : هي اللي إبتدت وهانتك وهانت رجولتك وإطاولت في الكلام علي مامتك هي تستاهل أكتر من كده بكتير
لم يستطع قلبه التحمل أكثر إذ إنتفض مُدافعًا عنها : بس هي قالت الكلام ده وهي مش في وعيها دي مش سيدرا دي ليالي أفهم بقى دي مش سيدرا الطيبة اللي الكل عارفها وكمان هي ماعرفتش رجولتك للدرجة دي عشان تتعصب أوي كده
قهقه العقل بسخرية لاذعة علي ساذجة صاحبه العاطفي : غبي وغبائك ده هيوديك وهيودينا فداهية حتي لو هي مش في وعيها لازم تحترمه ده في الأول وفي الآخر بقى جوزها وشريك حياتها
لم يهتم بكلماتها بل صرخ بحدة : أخرس بقى أخرس أنا بحبها أيوه لسه بحبها ومهما عملت هفضل أحبها
إزداد صوت العقل سخرية : أبقى خلي الحب ده يفيدك وهو بيقتلك بالبطئ
ضرب زين رأسه بكفيه ثم ضرب قلبه وصاح بإنفعال : إخرسوا بقى إخرسوا
لكن لا العقل صمت….ولا القلب هدأ
⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑
في فيلا العطار
وقفت أمامها بعد أن هاتفها أن تأتي عينيها خليط من الحزن والجمود تنهدت وتسألت : حصل إيه يا عمر ؟
_: قولت لك تيجي عشات عايز أتكلم معاكِ شوية بس أقعدي الأول
جلست على الأريكة المواجهة له منتظرة أن يُكمل ما يُريد
_: سيبتي الفيلا ليه زمان
تنهدت ثم قالت بنبرة مشحونة بمرارة تحملتها لسنوات : وتتوقع أعمل إيه بعد ما أخوك مات وسابني مع أهلك عشان يعاملوني زي الخدامة عندهم كنت غريبة وسط عيلة بتعاملي زي الدخيلة مااحترموش إن كنت مرات إبنها وعاملوني زي الخدامة اللي ملهاش حقوق ولازم نحمد ربنا وتلم نفسها وتسكت
إحتد صوت عمر وقال : بس ده مش سبب مافكرت في زين هو إيه ذنبه ليه يكبر من غير أب
تلاقي الحزن من عينيها وحل محله بريق مختلف بريقًا ممزوج بقسوة وجمود : زين كبر وهو مايعرفش غير أب واحد اللي هو خيري العطار
شهق عمر بصدمة وأردف قائلًا : خيري !!!
أومأت الآخرى برأسها وأردفت قائلة ببرود : أيوه إبن عمك اللي أبوك أكل حقه من الورث وإشتغل سواق عندكم وبعد ما أنا سيبت الفيلا إتجوزني وربّي زين كإنه إبنه الحقيقي اللي من صلبه
إرتسمت الصدمة علي ملامح عمر وأردف بذهول : صدقيني أنا وهدى كنا مسافرين وماعرفناش حاجة لا عن خيري واللي حصل معاه ولا عن مراد أخويا
إبتسمت ساخرة ثم قالت بحدة : بس أبوك كان عارف وبعد موت أخوك بأسبوع كان هياخد زين مني ويبعته لأمريكا عند مامتك عشان بنت خالتك تربيه ويطردني أنا بره الفيلا وربنا شاهد على اللي حصل واللي هقوله دلوقتي أنا مايهمنيش لا الفلوس ولا الفيلا ولا الشركة ولا غيرها كل اللي كان في بالي مصلحة إبنِ وبس وأنت بقى قولي متوقع أعمل إيه بعد ما الخدامة قالت لي بخطة أبوك
إتسعت عينيه بصدمة ونبس قائلًا : الخدامة قالت لك !
ردت ببرود : أيوه
_: مش ممكن تكون بتكدب
إبتسمت ساخرة وأردفت : كنت بفكر زيك كده بس للأسف اللي حصل بعد كده أكد لي إن كل كلمة قالتها كانت صح
_: إزاي
_: بعدها بكام يوم لقيت والدك مستنيني في الصالة قاعد بكل برود وقالها لي صريحة جه الوقت تلمي شنطتك وتمشي منها والواد زين مش هيفضل معاكِ
إبتلع عمر لعابه بعدم تصديق وأردف بصوت منخفض : هو قال كده
هزت رأسها ببطء وأكملت : اه قالي كده بالحرف الواحد أنا لحد دلوقتي مش ناسية كلامه ساعتها حسيت إن الدنيا قفلت في وشي وإنِ ماليش حد وإنه لو خدت زين وهربت هيعرف يوصل لي وأي حد هيحاول يساعدني هيتأذي بس هو كان غيرهم هو كان مُختلف هو الوحيد اللي ساعدني رغم إنه عارف وعواقب ده
_: وبعد ما إتجوزنا قالي كلمتين عمري ما أقدر أنساها قالي زين إبنك ومش من حق حد يحرم الإبن من أمه وزي ما هو إبنك فهو إبنِ وحتة مني
_: وخيري فين دلوقتي
إلتمعت عينيها بحزن وتنهدت : مات من 7 سنين في موقع البناء وقع من فوق وتوفاه الله الله يرحمه
إرتجف فكه بصدمة وإلتمعت عينيه بالدموع : الله يرحمه
_: وبس كده دي كل حاجة حصلت
تنفس بعمق وكان علي وشك البكاء فنبس في محاولة لتهدئة نفسه : أحكي لي كل حاجة وبالتفصيل كن أول ما إتعرفتِ علي مراد لحد دلوقتي
_: حاضر
بدأت في سرد كل لحظات حياتها والدموع كانت تلمع في عينيه وأصبح يتذكر جميع لحظاته مع شقيقه وإبن عمه
⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑
أمام شركة العطار
وقفت تلك الشابة أمام البوابة الضخمة، عيناها تتأملان اللافتة التي تحمل إسم شركة العطار بخط بارز
تسللت إبتسامة إلى شفتيها وهي تهمس لنفسها بصوت بالكاد يُسمع : أخيرًا وصلت
لم تمضِ سوى لحظات حتى لاحظها أحد حراس الأمن، فتقدم نحوها بخطوات ثابتة ، وقف أمامها مباشرة قبل أن يسألها بجدية : عايزة حاجة يا آنسة أقدر أساعدك بإيه
_: مش دي شركة العطار مش كده صح
_: صح
_: تمام أنا….
⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑⭑
 
  • يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية عشق الأقدار) اسم الرواية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *