التخطي إلى المحتوى

 

رواية قلب اخضر الفصل التاسع والعاشر بقلم رباب عبدالصمد  (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)


رواية قلب اخضر الفصل التاسع والعاشر بقلم رباب عبدالصمد  (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)

القلب اخضر بقلم رباب عبدالصمد 

البارت التاسع 

 استاذن طارق للرحيل وقال لها سابيت ليلى اعد الدقائق لغدا 

 ودعته ليلى باجمل ابتسامة راتها عيناه 

 جاء على لتوديعه فقال له مازحا / لا انت ستاتى معى لبيتنا فمطلوب القبض عليك من الفهد الثائر 

 على بقلق / ايوب يريدنى انا ؟

 طارق بضحك وبسخرية / وما كل هذا القلق اتعتقد انه سيرجع فى زواجك من جوهرتنا المصون فريدة اعتقد لا والا ساكون انا اول المعترضين لاجل الا يتعطل زواجى من ليلتك 

 علي ابتسم هو الاخر مازحا معه وقد استشعر انه اعجب حقا بليلى 

 ذهب علي لمقابلة ايوب وانتظره قليل فى حجرة الضيوف فقد جاء الدور عليه هو ليستمع نصائح ولى امر حبيبته 

 ايوب دخل على علي بهيبته التى لا تختلف عن هيبه ابيه الحاج صالح والتى لا نكذب ان قلنا انه تفوق عن هيبة ابيه اذ دوما ما يشوب ايوب السكينه مع الغموض مما يجعل من امامه لا يتوقع ما قد يتفوه به او يصدر منه وعلي كان يعلم ان فريده لم تخفى قصة عشقهم عليه ولكن لم يستطيع ان يستشف ما يريده ايوب من تلك الملامح الساكنة 

 ايوب دخل وسلم على علي وقال بهدوء / انا اسف لانى دعوتك وكان من المفترض ان اتى اليكم مع ابى ولكنى فضلت ان يذهب طارق معه فلا داعى من وجودى 

 علي بوقار / اصغركم يكفينا فانتم اهل عزة ووقار يا ايوب فليست الهيبة بالعدد ولكنها باصالة صاحبها 

 اعجب ايوب باثراء على وراى ان الرجوله تنضح فى كلماته فابتسم له وقال / انت ايضا يا علي اراك اهلا للفوز باختى ولكنى لن اخفى عليك سرا ان قلت انك ستسلب منى مهجتى ووجب على ان احذرك ان تحافظ عليها والا وجدتنى انا اول مدافعا 

 علي بابتسامة عذبة / ان كنت تخشى على فريدتى منى  فانت اذن لم تعرفنى بعد فاختك تلك التى تعترف بكل فخر انها مهجتك فانا ازيد على الفخر افتخارا بانها كيانى وانا منها وليست هى منى فان شققت قلبى الان لا تجد الا قطرات دمها اما دمى فذاب فيه 

 ايوب / اعلم ان اقسى ما يؤلمنى هو رؤية الدموع فى مقلتيها واياك واياك من ثورتى فانا لا اثور الا على الحق ومادمت على الحق فلا يلومنى لائم 

 استشعر افراحها واحزانها قبل ان تجبر على البوح بها فهذا اقرب لقلبها واعلم ان قوة المراة فى ضعفها فلا تقسو عليها فتفنى حتى ضعفها واعلم ان كانت النساء مثل الرجال ما تربى الابناء وما وجد الرجال من يتحمل عيوبهم واختى اضعف تلك النساء فلا تطلب منها ما فوق طاقتها 

 اعلم ان الزواج رق واردت ان اتاكد من صلاح المكان الذى اضع فيه مهجتى فان صلح المكان صلح الزوج وانا على يقين ان كنت زوجا صالحا فانا قد كسبت ابن واخ وصديق ولكن ان لم تكن كذلك فقد خسرت انا مهجتى 

 تنهد تنهيدة حزينه تدل على حزنه على فراق اخته واستطرد قائلا / انا اعطيك اختى وابنتى ولا اطلب منك سوى مطلبا وحيدا فحققه لى راغبا والا ستحققه راغما فلا اريد ان تعرف الدموع لاحداقها طريق ولا تهان فان اهانتها من اهانتى واعلم ان الاسد لم يكن ملكا لانه يزئر ولكنه لان يترفع عن صيد غيره حتى وان مات هلكا من الجوع فكن فى بيتك اسدا ولا تتجرا عليها حتى وان حزنت منها واعلم انك انت القواد عليها وتذكر ان ورائها فهدها وهو لا يقل عن الاسد شىء الا انه فهو قرينه فى كل الطباع سوى انه هو الملك وانت ملكها ولكنك لن ترحم منى ان لم ترحمها 

 واخرج ورقة من جيبه وقال له وقع  هنا على قائمة منقولاتها 

 لم يتردد علي فى التوقيع ولكنه تفاجا مما هو مكتوب فلم يرى فى الورقة اى شىء للمنقولات ولا اى شىء مما هو معتاد وانما وجد ورقة مكتوب فيها 

 العقد شريعة المتعاقدين وقد اتفق الفهد الثائر مع من يريد ان يملك مهجة قلبه على الاتى 

 الا يهينها والا يجبرها على ما لا تطيقه وان يطيب عشرتها ويحسن مسكنها وان يكون هو القوام لها لا عليها وان يكون لها خير سندا وخير اب وخير مالك لها ويجب ان يعلم ان خلفها ثائرها لن يتردد يوما فى محو من يتجبر عليها او يكسرها او يشعرها باى قهر ويعلم ان البادىء هو الظالم ويالا حظ من يظلم مهجة الفهد 

 وله عليها الطاعة وحسن العشرة وحفظه فى غيابه وان تكون له خير معين والا يرى منها الا ما يسره وان تربى ابناءها خير تربية 

 ابتسم على لما هو مكتوب فقد استشعر قلقه على اخته كما هو قلق على اخته فكتب له الرد على نفس الورقه 

فريدتى تمطر سمائى فهى الماء 

وهى مثل النجوم فى السماء 

وهى حب سرى فى الدماء 

فكيف الفرار وحبها موت

ايجدى الفارااذا الموت جاء 

فريدتى  نهر يصب مشاعرى فى الاخرين

فاذا طلبت الشىء كان واذا طلبت العمر هان

فريدتى لكى دوما ما تطلبين 

فريدتى قلبى معذب بالحنين فترفقى بمن تتملكين 

 ثم وقع وكتب اوافق على ما دونه الفهد الثائر فما لى اى اختيار فانا اسير مهجة قلبه وهل للاسير اى اختيار 

 ثم طوى الورقة واعطاها لايوب الذى قد اتسعت ابتسامته وهو يراه يرد عما دونه 

 ثم احتضنه حضن اخوى ثم قال على بجدية / انت وصتنى عل اختك وانا اوصيك على اختاى فان كان لك مهجة واحدة فانا لى مهجتان وساراعى الله فى فريدة فراعوا انتم الله فى اختاى 

 اوما ايوب وقال / لا تخف فهما ايضا اختاى 

 ………….

 رحل علي وهدات روعه ايوب على اخته واذا به يراى طارق يدخل عليه بوجه بشوش فاشار له بالدخول وهو يقول / ارى ان عروستك قد سرت عيناك والا مارايت تلك البشاشة على وجهك

 طارق بابتسامة / لا انكر عليك انى كنت وجل من رؤياها وكنت دوما ارسم لها صورة لا استوضح معالمها ودوما ما كنت اقارن بينها وبين من عرفتهم سواء فى القاهرة او فى اى بلد اخر ولكنى بعد رؤيتها رايت فيها شىء غريب لم اعتاده بعد 

 ايوب بقلق من فرحة اخيه من ان تكون فرحة بشىء جديد وغريب سرعان ما يندثر ان اعتاد عليه او اذ انطفات لمعته قال مستشفا ما بين السطور / وما الذى رايته فيها مختلفا عن تلك الباقيات 

 طارق /  وجدت فيها الخجل والبراءة ولمست فيها القلب العذرى الذى لم يمسسه غير حبى 

 ثم تجهم قليلا وقال / ولكن على قدر ما وجدت فيها البراءة والجمال الهادىء والثقافة التى لم اتوقع ان اراى انها على دراية بها ولكنى ايضا ارى انها تحتاج الى الكثير من ثقافة الذوق والشياكة وفنون التعامل فهى لا تعى لهم شىء

 ارتفعت ظنون ايوب فقد اصبح على وشك اليقين ان اخيه تعلق بشىء جديد لانبهاره بقوة لمعانه الغير معتادة ولكن سينطفىء لهيب شوقه لها بمجرد لمسه اياها فقال على وجل / اياك ان يكون اعجابك بها لمجرد اختلافها عمن عرفتهن او انك تعتبرها نزوة من نزواتك 

 طارق متاسفا وليس نافيا / اتمنى ذلك ولا تنسى يا اخى اننى اولا واخيرا مجبر عليها 

 ايوب / ولكنى لا انسى ايضا ان اخاها تزوج اختك فلابد ان تراعى الله فيها حتى يراعى اخيها الله فى اختك 

 طارق بتعجب / وما لك تتحامل على هكذا انا لم اقل هذا ولكن على العكس تماما فقد اعجبت حقا بها  

 ايوب / اتمنى ذلك ولكن نصيحتى لك انه عليك ان تصبر عليها فان كانت كما تصف اذن فهى جوهرة ثمينه واياك ان تجعل الشك يتسلل اليها باى طريقة كانت فالمراة ان ساورها الشك فلا يكون للحب مكان واعلم ان المراة مراة مهما كانت لها قلب مرهف الحس ولكن نوع الحب هو ما يختلف فقد يخرج الرجلان الاب وابنه من بيتهم لعملهم ويتركان فى البيت امراة واحدة بقلب واحد وان غابوا فما يجىء على قلب الام ان ابنها اصابه مكروه ونفس القلب يرى ان زوجها يخونها مع اخرى فقلبها واحد ولكنها توقعت المكروه لابنها لانها لا تخشى الا سواه عليه ونفس القلب توقع الخيانه لزوجها لانها لا تخشى منه الا الخيانة 

 اهتز طارق للحظة لانه اعلم الناس بنفسه وانه لا يستطيع ان يدوم على حب انثى واحدة والا ما لقب بطاووس النساء ولكن هل سيبقى هكذا حتى بعد ان تدخل ليلى فى حياته ام سيبعد عن كل هذا بل رحابة صدر لان ليلى وحدها ستكفيه . هو نفسه لا يعرف الاجابة  

 حاول ان يهلى اخيه عن اطالة الحديث فى هذا الموضوع فمد يده  وفتح علبة صغيرة وقال / اريد رايك فى تلك الهدية 

 ايوب لم ينظر الى الهدية وانما نظر الى وجه اخيه ليستشعر اكثر مشاعره الحقيقية ثم نظر الى الهدية فابتسم فقد كانت خاتم جميل فقال له / انا لا اتعدى ابدا ذوقك فانت على دراية كاملة بما يسلب لب النساء وتعرف كيف تدخل قلبهن من اقصر الطرق فهلا تاخذ رايى فى هديتك لعروسك ؟

 طارق / لاول مرة اتردد ولا اثق فى اختيارى فكما قلت لك هى صنف جديد لم اعتاده ولا اعرف ما يروق لها من عدمه واخشى الا تعرف قيمة تلك الهدية فهى ريفيه لا تفهم فى مثل تلك الاشياء

 ايوب / اذهب واعطها اياها فما دمت كنت صادق وانت تشتريها سيصل شعورك هذا لها واعلم ان ما يسعدها لن يكون قيمة الهدية قدر تقديرك لها فهى ايضا من عائلة كبيرة ولا يهمها المال ولكن زواج الاجبار هذا لا يطيبه الا الاهتمام فراعى هذا 

 ذهب طارق لبيت ليلى وما ان وجده على الا وتعجب فقد كان هنا منذ وقت قصير فلما عاد ولكن ما اراح باله تلك الابتسامة التى راها على وجهه 

 على مرحبا / اهلا عريسنا الجليل تفضل فابى هنا ويود ان يعتذر لك عن نسيانه موعدكم فى الصباح 

 طارق / لا عليك فانا لم اتى معاتبا ولكنى جئت لزوجتى لاعطيها هدية قبولها لى زوج واخرج من جيبه العلبة 

 ابتسم علي له وقال / ادخل اولا لابى وسانادى على ليلى 

 دخل طارق عند الحاج نعما بينما صعد علي لليلى ووجد صفاء عندها فقال وهو فى قمة سعادته / الم اقل لى انكى سلبتى عقل عريسك فقد اتى مرة اخرى ليراكى ولم يشعر انه تركك منذ قليل 

 اقبلت ليلى نحوة بفرحة وسالته عن سبب الزيارة فشرح لها 

 صفاء بغل / اممم اتعجب كيف عشقك وقد رآك اول ما راى بملابس مهلهلة وعجبت لاخيه معتز كيف لم يتذكرنى بهدية وقد كان مسلوب العقل والنطق وانا امامه من جمالى الذى ابهره

 على وقد استشعر غيره اخته  / لا تسخطى على معتز فمعتز رجل يهتم بعمله ومن المؤكد انه مغموس فيه الان لاجل ان يتفرغ لكى فى اول الزواج بينما طارق الان هو فى اجازة من عمله فعقله هادىء ويستطيع ان يفكر فى اشياء اخرى 

 تمتمت صفاء بكلمات غير مفهومة وخرجت وقد نالت الغيرة منها منتهاها 

 ليلى باسف لاختها قالت / ليتك ما قلت هذا امامها فلها حق ان تغار فهى ايضا عروسة وتود ان تاتى اليها هدية 

 علي / ما علينا من صفاء الان هيا استعدى لتزلين لخطيبك 

 ………………..

 تركهم الحاج نعمان قليلا ليقدم لها الهدية 

 ليلى بخجل / لما كلفت نفسك فانا يكفينى شرف ارتباط  اسمى بك فهذا اعظم واجل 

 كم اعجب بردها وازداد فخرا بها فابتسم لها قائلا / لكن زوجتى احب دوما ان اراها افضل الناس واعظمهم 

 خجلت ليلى من كلمة زوجتى فكم راقت لها وكم تمنت ان تسمعها يوما وها هى الان وقد اصبحت الامنية حقيقة 

 …………..

البارت العاشر

 فى صباح اليوم التالى وقد استعدت القرية كلها لذلك الفرح الكبير والاندماج بين العائلتين وشاع الخبر ان ابن الحاج صالح البكر سيتزوج من ابنه الحاج نعمان الكبرى اى ان الناس وصل اليهم ان ايوب هو من ستزوج ليلى 

 ذبح كلا البيتين كثير من الذبائح واندمجت افراد العائلتين مساعدين كلاهما 

 بينما كانت فريدة فى حجرتها تبكى لان ايوب اخيها لن يحضر عرسها وسيسافر لعمله فقد استدعوه لمهمة مستعجلة 

 الام ايضا كانت تبكى فكيف لابنها كبير العائلة من بعد ابيه لا يحضر زواج اشقاءه 

 قبل ايوب راس امه وقال بحنان / سامحينى ولكنها امور مستعجلة 

 قبلته هى ايضا وقبلته وقالت اذهب لاختك فكم هى منهارة وودت ان اجلت زفافها لحين عودتك فابتسم قائلا لا عليكى ساطيب خاطرها 

 وقف امام باب غرفتها وقبل ان يطرقه وقف قليلا وتنهد بعمق فهو حقا بين نارين فكم يود ان يحضر زفافها ويكون اول من يسلمها لزوجها وبين حزنه على ابنته فهو من اليوم لن يستمتع بمشاغبتها له حين وصوله للبيت وسيفقد طلتها التى كانت تملا الدار حيوية فهى الوحيدة التى كانت قادرة ان تقطع عليه عزلته ومن اليوم سينظر الى غرفتها فيجدها ساكنه لا روح فيها 

 لا يختلف شعور الاب عن شعور الاخ الكبير فكلاهما يحمل قلب رجل يغار على صغيرته وهذا ما شعر به ايوب ولن نكون متغالين فى الوصف ان قلنا انه اكثر غيرة وحزنا عليها من ابيه حيث انها كانت اقرب اليه من ابيه وكانت تحكى له كل ما يخصها حتى عندما دق قلبها الصغير ولكن من اليوم سيفقد كل هذا 

 اخيرا استجمع قواه وطرق باب غرفتها ودخل وما ان دخل الا وخرجت صديقاتها وتركوهم سويا 

 وقفت امامه تنظر اليه حزنا وخجلا وقد اغرورقت عيناها دون ان تتكلم 

 انقبض قلبه لاجلها ووقف هو ايضا امامها لا يستطيع الخروج من حيث دخل ولا يجروء على الخطى خطوة واحدة منها فقد اقشعر بدنه فور رؤيتها بفستان زفاقها فاخذ يجز على اسنانه وقد اختنقت انفاسه فهو غير مصدق انه من الان هو فاقدها 

 اخذ ينظر لها واخذت تنظر له 

 اغرورقت عيناه واغرورقت عيناها 

 تكلم صمته وتكلم صمتها وفجاة ركضت نحوه وركض نحوها فاحتضنها بشدة وشد عليها وقد غاصت بين احضانه من شده ضمه اياها فانهارت فى بكاءها فكتم هو بكاءه ومسح دموعه قبل ان ترى هى انهمارها ثم ابتسم باعجوبة ورفع راسها من صدره وامسك وجهها بين كفيه وقال / الان وقد كبرت ابنتى المشاكسة وستتركنى بعد ساعات قليلة وساجبر ان انظر على غرفتها اشتياقا لرؤياها وسينعم بابتساماتها غيرى 

 دفنت راسها مرة اخرى فى صدرة وقالت / لا اريد ان اتركك وكم كنت اتمنى ان تتزوج قبلى ليطمان قلبى عليك 

 ضحك بحزن ومد يده وسحبها من يدها واجلسها على طرف سريرها وجلس قبالتها واطال النظر اليها وصمت للحظات ثم بدا الكلام بصعوبة وقال لها بحنان / اليوم ستغادرين بيتى الذى ترعرعتى فيه وضمك هو بحنان جدرانه الى بيت جديد لم تالفيه ولم تعتاد جدرانه على انفاسك وستتعاملين مع رجل كان امس غريب واليوم اصبح اقرب الاقربين اليكى فاجعليه قرة عينك واجعلى من نفسك مرآتى هناك فاخلاقك وطباعك معه هى مرآة لى فاحسنى من مظهرى فى مراة بيتك ولا تجعلين زوجك واهله يرونى بمظهر لا يليق بى واحفظى هيبتى امام زوجك حتى يحفظ هو مجبرا هيبتك فقد ربيتك على العفة والشموخ فاريهم انى احسنت التربية  وكونى له ام واخت وزوجه وكونى له دوما الصدر الحنون حتى يصبح لا ملجا له الا اليكى واجعلى قلبك مخزن اسراره واحفظى غيبته وراعيه فى ماله واعتنى باولادك فهم مرآتك ومرآة زوجك 

 واجعلى والديه هم والديكى وراعيه فيهم حتى تكسبين قلبه ورضا الله من قبله 

 ولا تهابى ان تجبر عليكى واعلمى انى خلفك حائط سد منيع

 قالت بدموع / كم وددت ان تسلمنى بيدك له فانت موضع هيبتى امامه

 مد يده ومسح دموعها وابتسم لها قائلا / لا تخافى فقد حفظت هيبتك نحوه واعطينى عذرى فقد اجد ان ظروف عملى جاءت نجاه لى فانا لا استطيع رؤيا خروجك من بيتى ولا اطيقها فيضيق صدرى 

 …………

 اخيرا خرج من غرفتها باعجوبة فكم ود الا يتركها والا يزوجها من الاساس لولا انها سنة الكون اجمع وخرج بسرعه متوجها لاستلام عمله دون ان ينظر خلفه حتى لا يضعف ويبدر منه ما لا يحمد عقباه 

 …..

 تم الزفاف وكانت العرائس وجميع النساء فى مكان والعرسان مع الرجال فى مكان اخر والشائع بين الناس ان ليلى قد عقد قرانها ايوب الابن الاكبر للحاج صالح ولا يعلم الحقيقة الا اقرب الاقربين جدا 

 انتهى الزفاف واخذ على فريدة على منزله بينما رحلت اختاه مع ازواجهن الى بيت الحاج صالح وسكنت نار الغل بين العائلتين

 …….

 فى منزل الحاج نعمان وبالاخص فى حجرة الزوجين الحديثين على وفريدته 

 فريدة جلست على طرف السرير وهى خجلة على الرغم ان علي ليس بغريب عنها فعشقهما كان قد سبق زواجهما   

 اقترب منها علي وجلس قبالتها واخذ ينظر لها مليا وهو مبتسما وكانه يراها لاول مرة مما وترها واخجلها فقالت بتلعثم / مالك تحدق فى هكذا كانك ترانى لاول مرة فهل صدقت ان زواجنا اجباريا فنحن الوحيدين الفائزين بهذا الصلح

 علي بهدؤ/ وكيف لا اطيل النظر اليكى وانتى جنتى ونارى 

 تنهد تنهيدة حنونة واستطرد قائلا لها / اريد ان تزداد رجولتى هيبة بزواجى منكى فان رايتى منى مكروه فتحملى منى ما كرهتى وتاكدى انك فوق اى مكروه ولكنها طوراق تطرا على حياتنا فساعدينى ان تمرريها بسلام واطلبى منى ما شئتى وقت ما شئتى وتدللى على بما يطيب لك بشرط الا تكسرى هيبتى بل اجعلى دلالك فى الاعتزاز بزواجك منى وستجدينى دوما سد منيع خلفك واياكى ان تحاولى كسرى فان كسرت منكى ساكسر عليكى فتنكسرى انتى قبلى ولكن ان وجدتك تجاهدين فى اعلائى فستجدينى خير ظلا لكى 

 فريدة ابتسامة عذبة / لا تقلق منى فى شىء فما دمت انا جنتك ونارك فاعلم انك انتى جنتى فقط دون نارى فانا لا ارى فيك الا كل جميل وانا جاريتك فاحسن العطف على 

 ……..

 بينما فى بيت الحاج صالح 

 فى غرفة طارق وليلى كان الوضع مختلفا فقد امطر طارق ليلى بكلمات معسوله مما اخجلها اكثر ولكنه لم يعطى لها فرصة فاخذها على حين غرة جراء شهوانيته المشتعلة والمعتاد هو عليها 

 …..

 اما عند معتز فموقفه قريبا من موقف على الا ان الخجل كان سيد الموقف بينهما اذ انهما مختلفين عن علي وفريدة فهم لازالوا غرباء كما انهم كانوا مختلفين ايضا عن طارق وليلى اذ ان معتز لم يكن له تجارب مثل طارق 

 ……..

 بينما عاد ايوب الى سفينته وظل فى غرفة القيادة شارد وهو يتذكر تلك الايام وما حدث فيها وظل عقله منشغلا باخته تارة وبطارق تارة اخرى فهو الى الان قلقا منه ومن تصرفاته الهوجائية الغير محسوبة وخائف ان يزول رونق اعجابه بامراته الجديدة الطباع ويتسبب فى حدوث مشاكل جديدة بين العائلتين لا تحمد عقباها ولكنه لم ينشغل كثيرا بمعتز فهو عاقل ورزين وعلى الرغم منة انه الاضغر سنا من طارق الا انه ليس بشهوانى للنساء وقال فى نفسه / ليتك يا طارق تمتلك قلب مثل عقلك فانت تمتلك عقل رجل حاذق فى عمله ودبلوماسى محنك وحقا انت افضل فى العمل من معتز ولكنك تملك قلب شاب مراهق طائش وكانك تحمل شخصين مختلفين داخل جسد واحد 

 ظل عدة ايام لا يستطيع الاتصال بهم حيث الشبكات يلتقطها البحارة عن طريق الاقمار الصناعية وعلى حسب بعد السفينة وقربها من مجال تلك الاقمار 

 ………

 بينما كان العرسان جميعهم يتنعمون بالسعادة الزوجيه 

 اما عن على وفريدة فلم يكن فى سعادتهم احد فهم من البادية عاشقان واعتادت ليلى على البيت واصبحت هى المساعدة الوحيدة لوالدة على 

 اما عن صفاء ومعتز فقد كانوا ايضا يتنعمون بزواجهم السعيد ولم تتوانى صفاء فى اظهار انوثتها وجمالها الذى انبهر بهم زوجها حد الهيام ولكنها تركت كل اعمال البيت على اكتاف ليلى ولم تساعد الا فى القليل النادر 

 اما عن ليلى فقد كانت فى قمة سعادتها فقد تحقق اخيرا حلمها الذى اعتقدته يوما من المستحيلات والحق يقال ان طارق خبير فى معاملة النساء فقد اشعرها بالحب والرومانسية كما اشعرها بانوثتها التى لم تشعر بها الا معه وقد اكتسبت ود كلا من والده ووالدته وكم احبوها وكم كسبت دعواتهم على العكس من صفاء التى لم يروق لهم غرورها ولا عدم مساعدة ليلى فى الاعمال المنزلية 

 اما طارق فكان سعيدا بليلى ولكن سعادته لم تقارن ابدا بسعادة ليلى لان قلبها كان اخضر لم يسبق له الحب اما طارق فقد كان شغوفا بها لانها نوعا جديدا عليه فهو اول مرة يتعامل مع امراة خام ليس لها تجارب وكم اعجب هو برجولته التى كانت ليلى ترفع منها فكانت تهتم به جدا وبكل تفاصيله لارضاءه 

 اما هو بين الحين والاخر تراوده تلك العطور النفاذة التى اعتاد عليها مع الخبيرات فى التعامل مع الرجال وكم اخت عيناه تشتاق لرؤية تلك الفاتنات ذوات الشعور الغجرية التى تخطفن لب اى رجل اشتاق لذواتى الخبرة فى التمايل والدلع ولكنه لم يستطع حتى الان نفور ليلى فاصبح بين حجرى الرحا نصفه يريد تلك صاحبة القلب الاخر ونصفه الاخر يتمنى رؤية الفاتنات التى لقبوه بطاووسهم فليس اصعب على النفس من تغيير ما اعتادت عليه فالموت نفسه لا صعوبة فيه لولا انه يغير ما تعودناه كما ان فراق الموتى لا يحزننا سوى اننا اعتدانا على رؤياهم فكان فقدانهم من الصعب لتبدد تلك العادة

 مر شهر السعادة وحان موعد سفر طارق الى سويسرا اولا لمتابعة بعض الاعمال ثم العودة الى القاهرة لمتابعة شركه اخيه والتى لم تعلم ليلى حتى الان انها شركة اخيه واعتقدتها شركة الحاج صالح 

 ولا نبالغ ان كان هو نفسه متوترا بين راغب للمكوث مع ليلى وبين راهب عنها 

 اما ليلى فنامت اخر ليلة بجواره وهى حزينه لفراقه وكم اخذت تمسح على راسة وهو غافى جوارها وكانها تحفظ ملامحة التى ستشتاق اليها من اول دقيقة 

 بينما هو كان شاعرا بها ولكنه كان يتصنع النعاس وكانه استلذ حزنها وتمسحها فيه اذ انه شعر بغروره وكونه طاووس النساء وان كان من داخله يحاول ان يرتب شعوره هل سيشتاق اليها ام ذهب بريقها مع اول لمسة منه لها ؟

 مرت ساعات ثقيلة ورحل طارق بينما ظلت ليلى حزينه مشتاقة اليه وكانت قلما دخلت حجرتها حتى لا يضيق صدرها من عدم وجوده ومع ذلك كانت تقضى الساعات القليلة لنومها وحيدة وهى تحتضن اخر ملابس قد ارتداها لبقاء عطره فيها 

 اما هو ظل يفكر فيها فى الايام الاولى من سفره خاصة وهو يتذكر كم كانت تهتم بكل تفاصيله الشخصية وكم كانت تلبى كل ما يريده قبل ان يطلبه 

 ولكن ايضا يجب ان ننوه انه اشتاق لعادات ليلى وبراءتها ولم يشتاق اليها لذاتها اشتاق للشىء الجديد والغريب فيها ولم يشتاق لقلبها 

 وما ان اتصل بها الا وردت عليه بلهفة وشوق استشعرها هو فى صوتها فبادلها الكلمات العذبة وعبارات الرومانسية التى هدات من لوعتها عليه واغلق معها وهو يبتسم لتلك التى تعشقه من زمن فى صمت فكم ارضى هذا غروره كثيرا ولهذا لم يبخل هو عليها بعبارته 

 اما هى فكم اعطتها كلماته طاقة تكفى العالم كله سعادة واصبحت ملامحها مشرقة وبالطبع كانت صفاء تلاحظ هذا وكانت تغير منها فقد كانت تستشعر تبدل ملامحها اثر مكالمته التى كانت لا تاتى الا بين الحين والخر على فترات متباعدة بحجة انشغاله 

 اما معتز فان لم يكن خبير بالعبارات الجياشة الا انه كان يملك من الحنان ما يغدق بها صفاء ويجعلها تنسى غيرتها من ليلى 

 مرت الايام على نفس الوتيرة لا جديد فيها 

 اما ايوب فظل على نفس حاله يعمل بكل جد وجهد ولا يسبقه فى مجاله اى ربان ولم يرتقى اى احد لكفاءته حتى ذاع صيته بين كبرى شركات الملاحة وشركات السياحة العربية والعالمية حتى اصبحت شركات السياحة تتهافت على التعاقد معه 

 اما هو فرغم صرامته ولكن لا يزال قلبه خالى ويتمنى ان يجد من تجعل قلبه ينبض ليستقر فى بلده فقد سام حياة الرحالة التى كلها قلق وعدم استقرار 

 مر على هذا الوضع مدة ثلاثة اشهر والكل بين سعيد وبين منتظر السعادة وبين حزين وبين من ينظر لامثاله بعين المراقبه حتى افقد نفسه الشعور بالسعادة التى بين يديه وبالطبع نقصد هنا صفاء 

 ………….

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *