رواية رحماء بينهم الفصل الاربعون 40 – بقلم علياء شعبان
لمحها تعبُر من بوابة المزرعة مُضيًا إلى حجرة إعداد الطعام بخطوات متسارعة تشي بمشاعر الغضب التي تشعر بها الآن، التقط آخر قطعة من ملابسه المغسولة ونشرها على الحبل وشبكها باستعجال بمشبك الغسيل ثم هرول مسرعًا يهبط الدرج حتى نزل إلى حديقة المزرعة وبدأ يمشي بخطوات مترقبة إلى أن وصل بالقرب من حجرة إعداد الطعام وهو يسترق السمع محاولًا التقاط صوتها من بين كل هذه الأصوات ولكنه في النهاية لم يسمع سوى اختلاط في النبرات وما هي إلا ثوانٍ حتى وجدها تندفع بقوة من الداخل على نفس انفعالها الذي لم يقل بقدر عُقلة إصبع حتى، لم تلحظ وجوده وهي تعبر بجواره إلا عندما سعل عاليًا لجذب انتباهها، التفتت إليه ترمقهُ بملامحٍ مُتجهمة بينما تابع “نوح” بابتسامة عريضة:
-جُمعة مُباركة يا عسل!!
هدأت انفعالات وجهها قليلًا ولانت خطوطه المنكمشة وهي تقول بصوت خافتٍ:
-علينا وعليك يا دكتوغ.. صليت الجمعة ولا الشيطان غلبك؟!
تصنع “نوح” تكشيرة مُضحكة وصاح بتحدٍ:
-شيطان مين دا اللي يضحك عليا؟ دا أنا أضحك على أمه.. صليت الحمد لله وغسلت كمان.. تعالي أما أوريكِ غسيلي.. فُلة منورة والريحة لافندر وأُترچ.
لم يمنحها فرصة الرد على كلامه فسحبها بقوة من ذراعها حتى سارت خلفهُ مرغمًا، أطبقت على أسنانها وهي تقول بصوت حانقٍ:
-جيبت اللافندغ والأتغچ منين ها؟؟؟
توقف “نوح” لثوانٍ وهو يلتفت إليها مُضيفًا بلهجة ثابتة واثقة:
-قطفتهم من الجنينة وغليتهم في ماية سخنة واستخدمتها في الغسيل.
قطبت حاجبيها وهي ترميه شزرًا ثم تصيح:
-قطفتهم من الجنينة، دا أنا هخلي الشيخ سليمان يقطف زهغة شبابك ويعمل منها مصل لعض الكلاب.
رفع أحد حاجبيه قبل أن يتساءل في حيرة:
-اشمعنى مصل لعض الكلاب يعني؟
مُهرة وهي ترمقه بنظرة مُتحدية ثم تردف:
-علشان لمَّا يسيب عليك الكلاب ويقغموك من كل حتة في جسمك نلاقي حاجة مفيدة نعالجك بيها.
ابتلع ريقه على مضضٍ فهو يعاني فوبيا حالما يرى تجمعات للجراء أو الكلاب، تنحنح مستشعرًا الخضة قبل أن يقول بلهجة ثابتة تنافي ما يشعر به داخله:
-يقرموني أنا؟ من كل حتة كل حتة!!!
مُهرة بابتسامة عبثية تومىء برأسها في تشفٍ:
-كل مكان يتخيله عقلك.
سرح كفه يلمس جسده بانقباضٍ وقلقٍ حتى استقر كفه على مكانٍ ما فصاح فورًا بلهجة حادة:
-اخرسي إنتِ يا شُعلة متنقلة وبعدين أنا ما بخافش من الكلاب.. انبطي يا حُقنة عضل.
انتشلت ذراعها بقوة من بين كفه وصاحت بغيظٍ مكظومٍ:
-أنا حُقنة عضل؟!
أومأ بسرعة يتحداها ويضرم نيران الغيظ داخلها في استمتاعٍ:
-خمسة سنتي كمان من اللي بيخافوا منها الناس دي.
لم يمهلها الكلام مرة أخرى فقبض على ذراعها مرة ثانية وتحرك بها في طريقه إلى المبنى الذي تستقر فيه غرفته بالطابق الثاني داخل المزرعة، كانت تمشي على مضضٍ وبأقدام مُتثاقلة جعلته يبذل جهدًا كبيرًا وهو يسحبها خلفهُ وما أن وصل حتى توقف يلتقط أنفاسه وهو يقول ساخطًا:
-منك لله يا شيخة.. قطعتي نفسي.
اثنى جسده قليلًا واضعًا كفيه على ركبتيها كوضعٍ الركوع، أخذ صدره يعلو ويهبط وما أن هدأ حتى شرع يرفع جسده مرة أخرى ولكن عيناه أبصرت قطع ملابسه التي نشرها للتو ملقاةً على الأرض مُلطخةً بالطين، اتسعت حدقتا عينيه قبل يصيح متوجسًا:
-أكيد دا مش الغسيل اللي أنا لسه غاسله!!
رفع بصرهُ فورًا للأعلى فوجد حبل الغسيل فارغًا تمامًا فتأكدت ظنونه ليصيح مُنفعلًا في غضب:
-دا حِزن مغلي.. العزوبية دي حِزن مغلي.
كانت تنظر إليه والابتسامة الشامتة تُزين محياها ثم قالت بضحكة ماكرة مكتومة:
-الحغام مش بيدوم.
أطبق أسنانه وهو يقترب منها محاولًا القبض على ذراعها بينما تراجعت هي بسرعة بديهة ليقول بغيظٍ:
-عضل!! أنا مش عايزة اسمع صوتك ولا نسيتي الواد اللي كان عايزك تديه حُقنة العضل وأنا أنقذتك منه؟! اعملي بقى بالجِميلة دي وخدي اللبس دا اغسليه.. يلا!
عقدت ذراعيها أمام صدرها قبل أن تضحك بتهكم لإثارة حنقه:
-ما تشتغي لك غسالة، إنتَ فقير!!
اندفع نحوها ثم خبط كتفها بكتفه وهو يباغتها بغمزة من عينيه قائلًا:
-مستني غسالتك يا عضل.
خرجت منها ابتسامة خجولة فكتمتها داخلها فورًا فيما انصاع هو للكارثة التي حدثت باستسلام وبدأ يجمع قطع ملابسه التي صارت والأرض واحدًا، التقطهم جميعًا إلا قطعة واحدة لم يجدها، زوى حاجبيه في دهشة ورفع عينيه عاليًا مرة أخرى يتفقده ربما لم يسقط فلم يجده على الحبل وليس بالأرض أيضًا، حك ذقنه بأطراف أنامله في حيرة قبل أن ينهض باحثًا بعينيه في الأرجاء وهو يقول بغيظٍ:
-البتاع.. دا أنا لسه كُنت ناشره معاهم؟
حدقت فيه بعينين يكسوهما التساؤل وانبعج فمها ببلاهة وهي تسأل:
-بتاع أيه؟!
أجابها في تشتت وتناسي وهو يجوب بعينيه المكان:
-البوكـ…..
أغلق فمه فورًا حالما أدر ما ينطق به ثم توقفت نظراته عن البحث وتوجه بعينيه إليها قائلًا بلهجة حازمة:
-بلاش أسئلتك الفضولية دي.. وامسكِ يلا هدوم جوزك المستقبلية اغسليها!.
كانت لا تزال على نفس حالتها الذاهلة خاصةً بعد أن وضع الملابس على ذراعيها في حسمٍ وابتسامة ماكرة أكمل:
-اغسليهم بحُب ها؟!
التوى شدقها وهي تسأله بغيظٍ:
-اغسلهم بحُب إزاي يعني، الطغيقة فضلًا أخي في الله!!
نوح بابتسامة ماكرة يصف لها:
-وإنتِ بتغسلي مع كُل حَكة تقولي “جوزي المستقبلي اللي هيأويني ويسترني وينتشلني من الضياع طول عمره وانصره على مين يعاديه.. يعيش.. يعيش.. يعيش”.. وكل ما زاد عدد ذكرك لكلمة يعيش كُل ما طلع الغسيل مشتعل بحبنا.
فغر فمها متسمرة في مكانها فبادر بلكمة لكمة خفيفة على كتفها ثم صاح بلهجة يتصنع فيها الحزم متقمصًا دور زوجها المستقبلي المسيطر بالفعل:
-يلا على الغسيل إنتِ لسه هتنحي!
صرت على أسنانها غيظًا واستدارت تفر من أمامه قبل أن ترتكب جريمةً هو ضحيتها من فرط غيظها منه، كانت تدب الأرض بقدميها وكأنهما في عراكٍ دامي وأخذت تدمدم بكلمات خافتة محتجة فصاح يرفع صوته حتى يصل إليها:
-صوتك بدأ يعلى عليا والشتيمة واصلة هنا؟ دا أنا هشويكِ على الجنبين لما ترجعي لي.
حانت منها التفاتة سريعة تزجره فيها بعينين ناريتين قبل أن تواصل سيرها مُبتعدة عنه فيما زم “نوح” شفتيه وراح يمسح على غُرة رأسه وهو يقول ساخطًا في تذكر:
-يووووه.. نسيت اسألها هي كانت متضايقة ليه؟!!
تحرك مُسرعًا خلفها وهو ينادي بصوت مُرتفعٍ:
-يا عضل!!.. استني بس كُنتِ زعلانة ليه؟!!
ازادت من سرعة خطواتها ترفض الانصات له حتى تحركت نحو الممر المؤدي إلى الغرف داخل هذا المبنى القديم فأسرع خلفها ربما يلحق بها ليجدها تتحرك بسرعة رهيبة نحو غرفة إعداد الطعام وما أن أبصرتها والدتها التي تقف خلف الموقد تُتابع نضوج الطعام بعينيها حتى أردفت بتوجسٍ وهي تنظر إلى الملابس القابعة على ذراعيها:
-أيه الهدوم دي؟!
مُهرة بفمٍ ملتوي تقول:
-هدوم نوح، عايزة تتغسل، حاطة المسحوق فين؟؟
قطع جوابها دخوله إلى المطبخ وصوته المُنتشٍ من رائحة الطعام الرائعة التي تعبق بحرارة في الأرجاء، ابتسمت “رابعة” وهي تتوجه بكلماتها إليه:
-أيه رأيك في ريحة أكلي يا نوح؟!
نوح وهو يدللها بكلمات مادحة:
-هو في زيّ أكلك ولا ريحة أكلك ولا حلاوة أكلك؟؟؟
تهللت أسارير وجهها في سعادة كبيرة فأشد ما يغمر قلبها سرورًا أن يمدح الجميع في موهبتها داخل المطبخ والإشادة والإنشاد بمذاق طعامها البلدي الأصيل، التوى شدق “مُهرة” وهي تصيح مُمتعضة من ذوبانه تجاه هذه الرائحة:
-إنتَ دايب من أيه؟ دا قُلقاس؟ ومليون مغة يا أمي أقول لك مش باكل القُلقاس!!!
أومأ مُدركًا سبب غضبها فتعمد إشعاله وهو يندفع نحو والدتها ثم يقول باستمتاع هادئ:
-بنتك دي مبتفهمش حاجة غير علاج البقع والحيوانات.. حد يقول للقُلقاس لأ.. هاتي كدا يا خالة خليني أدوق وأستمتع.
تراجعت “رابعة” للوراء قليلًا توسع له الطريق كي يَمُر ثم ناولته الخِرقة المُستخدمة في مسك الأواني الساخنة، التقطها منها ووضعها على مقبض الحل وقبل أن يرفع الغطاء دقق النظر في الخِرقة بعينين جاحظتين قبل أن يصيح مُعترضًا في صدمة:
-البتاع!!!!
زوت كلتاهما عينيها في استغراب ونطقت “رابعة” تسأله:
-بتاع أيه يابني؟!!
نوح وهو يصر على أسنانه بغيظٍ:
-البوكـ…. البتاع يا خالة عملاه قماشة تمسكي بيها الحِلل!!
وضعت “مُهرة” يدها على فمها تمنع انفجار ضحكتها فيما تابعت “رابعة” بنبرة مُتلعثمة:
-هو البتاع دا بتاعك؟ دا أنا لقيته مرمي على الأرض قولت أهي حاجة تنفعني في المطبخ!!
نوح وهو يجعده بين قبضته ثم يدسه في جيب بنطاله مضيفًا بغيظٍ مكظومٍ:
-دي حاجات خادشة للحياء يا خالة.. ربنا يغفر لك.
•~•~•~•~•~•~•
-أنا أخوك الكبير يا عثمان وإنتَ مُجبر تسمعني لمَّا أكون محتاج أتكلم معاك.. دا غير إني في بيتك!.
أردف الشيخ “سليمان” بكلماته المُستنكرة تصرف أخيه الذي يخلو من الذوق واحترام الإطار العائلي الذي يجمعه بشقيقه الأكبر؛ فلا يُبالي بكبيرٍ أو صغيرٍ، حاول “سليمان” استهجان أسلوبه بطريقة راقية جعلته يجلس أمامه مُنصاعًا مُنصتًا للحديث:
-وأنا عندي حفلة ومُضطر أستعد لها وبصراحة معنديش وقت لنقاش مش هنوصل من خلاله لأي حاجة!
سليمان بابتسامة هادئة ونبرة مُتريثة:
-ما يمكن نوصل يا عثمان لو وسعت خُلقك واشتريت خاطر أحبائك، ابنك من حقه يقنن مشاعره ناحية البنت وحقهم الشرعي إننا نشجعهم على خطوة زيّ دي طول ما هي حلال ربنا.
اكفهر وجهه تمامًا وأضاف بحزمٍ وهو يشيح بنظراته عن أخيه:
-خلاص يشتغل ويروح يخطبها بماله الخاص لأنها ما تناسبش عيلة السروجي لا من قريب ولا من بعيدٍ.. مش الدين بيقول بردو نختارها صاحبة حسب ونسب؟؟؟
أومأ “سليمان” نافيًا معتقده ثم أردف بلهجة صارمة:
-فاظفر بذات الدين تربت يداك.. الحديث مش بيحثك على الزواج من صاحبة الحاسب والنسب والجمال وإن كان مفيش مشكلة في الأمر تمامًا ولكن الحديث بيوضح اتجاه الناس عند اختيار العروس أما الدين بيأمرنا بأيه؟ “فاظفر بذات الدين تربت يداك”.. فعليك بالمرأة المُتدينة أولًا لو هتختار زوجة.
التفت “عثمان” إليه ثم رمقه بنظرات ثاقبة قبل أن يردف بسخطٍ:
-إنتَ مش قولت إن مفيش مشكلة في اختيارها صاحبة حسب ونسب؟!
أومأ “سليمان” صامتًا؛ فأكمل الأخير بحدة:
-يبقى أنا حُرة ارتكز في اختياري على أنهي صفة فيهم!
سليمان وهو يغضب بانفعال هاديء ثم يقول بلهجة حادة:
-الدين مش على هواك تختار منه اللي يعجبك ويليق مع أفكارك الشخصية.. إمَّا أن تأخذه كُله أو تتركه كُله وتبقى الخاسر.. أما إنك تمشي على سطر وتتغاضى عن سطر فلا يجوز.
استبد الغضب بعثمان فهب واقفًا في مكانه وهو يقول ساخطًا:
-إنتَ شايفني كفرت بالله يعني؟!
سليمان برفض قاطعٍ تلفيقه له بتهمة لم يفعلها:
-لم أقل هذا والعياذ بالله.. اوعى تنسى يا عثمان إن بديهيات دينك لا تقوم بها!
كشر بوجهه في استهجانٍ وصاح:
-وأيه بقى بديهيات ديني اللي مش بعملها؟!
سليمان وهو يبتلع غِصَّة مريرة في حلقه مُذكرًا إياه بتصرفه مع ابنه تلك الليلة ووصمه بالعاجز وتطاوله عليه بالضرب وكذلك ابنته التي لم تسلم منه وكل من يعيش في محيطه، فتابع بصوت مخنوقٍ يتخلله الهدوء والحُزن:
-“المُسلم من سلم المُسلمون من لسانه ويده”.
أشاح بوجهه من جديد يتجاهل النظر إلى عيني شقيقه الذي يحاول انتشاله من ضياعه وخسارته لكُل من حوله فيما يتعامل “عثمان” مع هذه النصائح على أنها جمر من نارٍ يسير عليه فلا يحب أن يخاطب “سليمان” الضمير الكامن فيه.
انصرف من أمامه مُسرعًا؛ فضرب “سليمان” كفًا بالآخر حُزنًا على شقيقه المُغيب في لهو الدنيا في غفلة، تنهد “سليمان” تنهيدة ممدودة بعُمقٍ قبل أن يرى اندفع “عُمر” نحو بمساعدة “كاسب” الذي يساعده على دفع الكرسي ما أم انصرف “عثمان” وغادر.
كاد الفضول يقتل “عُمر” الذي خفق قلبه بعُنف ما أن وقف أمامه عمه، تولى “سليمان” أمر حُزنه فطواه خلف ابتسامة هادئة بينما أردف “عُمر” بابتسامة عريضة:
-وافق مش كدا؟!
لم يغفل “كاسب” عن نظرات “سليمان” الفاترة التي انطفأ بريقها ووعى تمامًا حول ما دار بينهما وأن المُناقشة لم تُجدي نفعًا ولم تحصد خيرًا فكان يعلم ما سوف يتفوه به الشيخ الذي التقط كفي “عُمر” بين كفيه ثم قال بحنو بالغٍ:
-بأعتذر يا عُمر.
خفتت ابتسامته العريضة وضوى بريق منكسر في عينيه وهو يتساءل متوجسًا:
-موافقش!!
أومأ “سليمان” بأسف ولكنه تابع فورًا قبل أن يتأزم الأمر ويتمكن الحُزن من قلب صغيره الذي لا يطلب إلا الحلال:
-بس أنا قررت إني أكون معاك بدلًا عن عثمان ونروح نخطب المحبوبة.. قولت أيه؟
رأرأ بعينيه في تيه كما أنه حاول استيعاب الأمر وتابع بصوت مخنوقٍ بغِصَّة:
-بجد؟ إنتَ بجد يا عمي هتيجي معايا نخطبها!!!
ربت “سليمان” على كفيه وقال باحتواءٍ:
-معاك يا حبيب عمك وفي ضهرك، ربنا يجمع بينكم على خير.
انفرجت خطوط وجهه العابسة والتفت برأسه ينظر إلى “كاسب” الذي يدعمه بقوة ويتخذه أخًا وصديقًا؛ بادله “كاسب” ابتسامة عريضة ثم قال بحماسٍ:
-يعني يا شيخ نلحق نجهز العريس؟؟
أومأ “سليمان” بحزمٍ:
-اسرع يا عُمر.. ألبس أحسن حِلة عندك وأنا هكون بانتظاركم في المزرعة.. عايز أشوف الأمور ماشية إزاي هناك.. أنا غايب عنهم من يومين.
أومأ “عُمر” بتفهمٍ، سحب “كاسب” الكرسي للوراء قليلًا ثم أداره وهو يهرول به في سعادة متوجهًا إلى غرفته المُلحقة بالحديقة قائلًا باستمتاعٍ:
-سيب لي نفسك بقى.. أنا هخليك عريس النهاردة.
“على الجانب الآخر”
اندفع بخطوات مختالة نحو غرفته؛ فعليه أن يستعد للحفلة التي دُعي إليها مِن قِبل شريكه احتفالًا بسنوية زواجه، وقبل أن يقصد غرفته قرر أن يمر إليها لتفقد صحتها أولًا ثم يستعد لرحيله، بدأ يسحب الهواء إلى صدره مستدعيًا قليلًا من الهدوء والاسترخاء قبل أن يطرد زفيرًا قويًا مُحملًا بالغضب من صدره، تنحنح بثبات وهو يفتح باب الغرفة ليأتيه صوت ابنتيه يتمازحان فيما بينهما وما أن سمعا نحنحته حتى ترقبا دخوله فتابعت “سكون” بصوت خافتٍ:
-اتفضل!
توجه إلى سريرها ثم وضع كفه على رأسها يمسحه بهدوءٍ فأسرعت هي بإمالة رأسها قليلًا ترفض لمسته فقطب ما بين عينيه باستغراب وما أن رأت “شروق” هذا التشاحن الغير مُبرر حتى نهضت في مكانها وهي تقول بحسمٍ هادئ:
-أنا همشي أنا بقى يا عُمري علشان عندي سفر بكرا وعايزة أجهز شنطة عِمران، خلي بالك من نفسك وأنا هرجع لك بسرعة.
مالت “شروق” تُقبل وِجنتها فابتسمت “سكون” بودٍ وقالت:
-متغيبش كتير علشان بتوحشيني ولو طاطا زعلتك عرفيني وأنا أجي أروق لك عليها.
ضحكت “شروق” ملء شدقها ثم مسحت على شعر شقيقتها وهي تومىء باتفاقٍ:
-عيوني.. هرن لك في حالات الطوارئ.. استأذنك يا بابا!!
أومأ في صمتٍ فغادرت “شروق” الغرفة على عجلة، رفعت “سكون” وجهها صوبه ورمقته بنظرات ثاقبة فيما أردف “عثمان” بلهجة ثابتة:
-إنتِ لسه زعلانة؟
لم تحفل بسؤاله المطروح؛ فأغمضت عينيها تتنفس رويدًا قبل أن تفتحهما مرة أخرى وهي تقول بوجومٍ:
-إحنا لازم نتكلم بخصوص نجلا!
نفخ باستهجانٍ لشغلها بال كل من حوله وقال بلهجة حادة:
-يادي نجلا اللي قرفانا في حياتنا.. سكون.. مش عايزك تهتمي للست دي.. شكلها مريضة وبتستقطبنا علشان نكون مادة لمُمارسة مرضها.. ريحي بالك تمامًا لأنها أضعف من تهديداته.
همَّت أن تتكلم ولكنه حسم أمره قائلًا بحزمٍ:
-أنا حاليًا لازم أستعد علشان حفلة حميد.. متحاوليش تجهدي نفسك.
تركها تنازع الفضول المُميت الذي يستقر في عقلها فعضت شفتيها بتوترٍ وحنقٍ تنوي في النهاية مواجهته عند عودته من الحفل، ضمت حاجبيها لوهلة في حيرة من تصرف والدها الذي دومًا ما يتحدث عن “نجلا” باعتبارها عدوه التجاري والاستثماري فقط وكأنما لا ماضي يجمعهما، هل يا تُرى يفعل والدها ذلك للتشويش على حقيقة علاقتهما القديمة ببعض؟ أم أنه لا يعرف أن نجلا زوجة حمدي زهران هي نفسها ضحيته من الماضي؟! أو أن نجلا كاذبة تمامّا ولا يوجد هذه القصة من الأساس وما فعلته ليس إلا محاولة للإيقاع بينها وبين أبيها وتفريق صفوفهم المتينة وقوة ترابطها به ومحاولة استقطابها إلى صفها بأساليب رخيصة مُنحطة!!
مطت شفتيها بامتعاضٍ وحيرة ولكنها قررت أن تكون الليلة هي ليلة المواجهة وإدراك الخيوط الصادقة حول تلك الواقعة التي رُويت لها!.
•~•~•~•~•~•~•~•~•
وقفت أمام النافذة تتابع حركات الناس في الشارع أو بالأخص تتقفى أثره ومتى سيعود؟ فتنظر باهتمامٍ بالغٍ للطريق؛ فقد استيقظت من نومها ولم تجد أثرًا له هذا على عكس عادته فإن قرر الذهاب ووجدها نائمةً يوقظها ويُخبرها بوجهته كي لا تقلق لأمره إلا هذه المرة وحينما سألت “مُهرة” أجابتها برؤيتها له ينطلق مكفهر الوجه وكأنه غاضبًا من شيءٍ وهذا ما أثار قلقها عليه، كانت تطقطق بقدميها على الأرض وقد استبد بها التوترٍ وحاوطتها هالة من الهواجس فنفخت بقوة ما أن تداركت ما تفعله في نفسها حتى أنها وصمت نفسها بالازدواجية؛ فكيف ترفضه كزوجٍ وتُبددها الهواجس قلقًا عليه؟ لم تلبث تنهر نفسها على هذا التناقض حتى وجدت سيارته تستقر أمام بوابة المزرعة ثم يترجل منها وباب السيارة الخلفي يُفتح فجأة وتخرج منه!!!!.. نجلا!
هتفت في حنقٍ أوغر أعماق قلبها وتأكدت ظنونها الآن بأنها في بدايات عرقلة قوية تطرحها أرضًا مُنكبةً على وجهها عاشقةً؟ انكمشت صفحة وجهها في استهجانٍ لِمَ تشعر به داخلها وكأنما لها السُلطة على ذلك!!.. خفق قلبها باضطراب وغيظٍ فحدقت في الفراغ وهي تستشعر قوة الخفق الذي ينبض بين ضلعيها ثم أسرعت تضع كفها موضع قلبها وكأنما تخبئ نبضاته التي قد يلاحظها إن اقتحم عليها الغرفة الآن، لحظات ووجدت الباب يُفتح وصوته يقول:
-صحيتي إمتى؟!
ابتلعت ريقها على مضض ثم استدارت تواجهه وهي تقول بنبرة مُتلعثمة:
-من شوية.. إنتَ كُنت فين؟؟
زوى حاجبيه ورد موجزًا:
-في الشغل.
تطاير الشرر من عينيها فأسرعت تصيح بانفعال هائجٍ:
-إنتَ بتكذب.. احلف إنك كُنت في الشغل؟!
ارتسمت ابتسامة هادئة على مُحياه يطالعها بعينين حائرتين من تصرفها ولكنه انصاع لرغبتها فهمَّ بالاقتراب نحوها وهو يقول بصوت حاني:
-وحياتك عندي.
ازداد انفعالها وهي تقول بغيظٍ وغير اقتناع:
-مَنْ حلف بغير الله فقد كذب!!!
انبعج فمه لوهلة قبل أن يباغتها بابتسامة عريضة ويضيف:
-واللي بيخترع أحاديث مش كذب بردو.. هتتعلقي من صرصور ودنك.
توترت وهي تفرك كفيها ثم صاحت بامتعاضٍ:
-اتلغبطت على فكرة!!
نبشت مقدمة شعرها في فضول كاد أن يُنهيها قبل أن تزيغ ببصرها لثوانٍ ثم تثبته نحوه مرة أخرى وهي تقول بصوت يتخلله الغيظ:
-نجلا دي كانت بتعمل أيه في عربيتك؟ شوفتها حالًا نازلة منها!!
رفع أحد حاجبيه ثم سار متبخترًا في استمتاع من استفزازها إلى أن جلس على الأريكة ووضع كفًا فوق الآخر ثم تابع بهدوء يتنافى مع البركان الثائر في نفسها:
-إنتِ غيرانة من واحدة أد أمك؟
كان يسألها بابتسامة مستنكرةً بصورة مرحة وهو يضع أنامله يحك بها شعر ذقنه بينما انكبتت رغبتها على الصراخ والانفجار من بروده ولبست وشاحَ البرود مثله وتابعت تلوي شدقها:
-هغير منها ليه؟! واقعين في دباديب بعض مثلًا! أنا لو متضايقة فدا علشان أنا على ذمتك وإنتَ لازم تحترم وجودي في حياتي وبلاش تسكع.
جلجل بضحكة ملأت شدقيه ثم كرر كلمتها بانبهارٍ:
-تسكع!!.. الصلاة على النبي.. عليه أفضل الصلاة والسلام.
تنحنح قبل أن يكرر بخفوت وضحكة أعلى من سابقتها:
-تسكع؟ أما الواحد بيسمع وبيشوف العجب والله ومن مين؟ حبة برتقان مُلتهبة.
انفتح فمها على وِسعه وهي تقول في دهشة يشوبها الاستنكار:
-حبة بُرتقان مُلتهبة؟؟؟؟
هز رأسه ببرودٍ جليدي جعلها تشتعل وتموج على الجانبين وهي تصر على أسنانها أمامه بينما أكمل بصوت خافتٍ يغلفه اللا مبالاة:
-مدام نجلا طلبت تشوف أبويا فقررت أخدها في طريق رجوعي، ها بقى هناكل أيه النهاردة؟
قالت بامتعاضٍ وهي تشيح بوجهها:
-طنط رابعة عاملة قُلقاس وحقيقي مش عارفة هي بتكدرنا مثلًا!
انتبه لكلماتها باهتمام ثم سأل بخُبث:
-ماله القُلقاس.. بيكدر ليه؟!
رفعت كتفيها وأنزلتهما تقول في حنقٍ:
-عمو سليمان قال لي مقولش إني مش بحب والمفروض أقول إني مش بستسيغ مذاقه أو هو مش بيحبني.
ابتسم لها ابتسامة هادئة ثم طلب:
-طيب لحد الأكل ما يخلص.. ممكن كوباية الشاي بتاعتي؟!
زوت ما بين عينيها بعدم فهم، هل يتم إعداد الشاي له بطريقة معينة غير المعتاد؟ أدرك لتوه جهله بأبسط تفاصيله فهب من مكانه مستسلمًا وهو يقول بهدوءٍ:
-خلاص.. أنا هعمله.
تحرك على الفور صوب المطبخ وسارت خلفهُ كذلك بعد أن أخذها الفضول لمعرفة الطريقة المفضلة له في تناول الشاي، فشعر هو بذلك فابتسم خفية وهو يتجه إلى قطع الأترج المجففة في الثلاجة ويلتقط شريحة كبيرة ثم ينتظر غليان الماء أولًا قبل أن يسكبه على حبيبات السكر والشاي المخلوطين معًا وفي النهاية يُسقط الشريحة داخل الكوب ويغطيه لدقيقة تقريبًا ثم يبدأ في شربه.
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
تأكدت من وضع الوشاح على كتفيها قبل أن تطلب رؤية الشيخ “سليمان”، أصبحت روحها هشَّة ومشاعرها قاب قوسين أو أدنى من الاستسلام لفكرة الانتحار حتى أنها خشيت تدهور حالتها والعودة إلى العهد القديمٍ، أرادت أن تجد حلًا يسيطر على أفكارها الجنونية وروحها الضعيفة فطلبت منه أن يبقى ما أخبرته به سرًا بينهما حتى تتواجه هي وعثمان وجهًا لوجهٍ، شعر بصدق كلامها وكذلك ضعف عزيمتها على الاستمرار في الحياة فخشى أن تؤذي نفسها وطلب منها أن تأتي مع إلى والده ربما تفضفض إليه بما تحب قوله علها تجد الراحة بين أحرفه ففعلت ذلك فضلًا عن جلوسها مع نفسها التي ترودها على أخطار قد تودي بحياتها.
تلمست الوشاح تأدبًا لقيمة كالشيخ سليمان الذي لا يقبل الجلوس أمام امرأة مُتبرجة خليعة، جلس القرفصاء مندمجًا في مصحفه وما أن انتبه لها حتى وجه جميع حواسه إليها وطلب منها أن تجلس ففعلت، ازداد اسوداد هالة عينيها من سيلان الكحل وفرط البكاء واحمرت وِجنتاها وخديها وكانت هيئتها مبعثرة قليلًا، تحكمت في انفعالاتها المفرطة وسألته بانكسارٍ:
-أنا ليه دعواتي مش بتتحقق؟!
أومأ يستجيب لنقاشها بترحاب وودٍ:
-يمكن علشان بتدعي بشكل منقطع، بتدعي الدعوة وتطلعي تجري.
ابتلعت غِصَّة مريرة في حلقها ورددت بخفوتٍ وآلام مكبوتة:
-لا مش فهماها دي!
استأنف يفسر أكثر بسعة صبرٍ كبيرة:
-أصعب فجوة ممكن تصيب الإنسان في علاقته مع ربنا إنهُ يكون بيتعرض لثِقل في لسانهُ عن الدعوات، تكون الدعوة صعبة عليه وبيحتاج مجهود علشان يدعي ربنا.
أومأت بآلام تجرف أمنياتها وتنزع جذور حلمها في الالتقاء بابنتها؛ فتساءلت بلهفة كحلٍ أخير لتحقيق أمنيتها:
-وإزاي أمحي الفجوة دي في علاقتي مع ربنا علشان ييسر على لساني التقرب له بالدعوات.
ابتسم في هدوء وأكمل بلهجة ثابتة ينصحها بقلب سليمٍ:
-جاهدي.. جاهدي نفسك واتحديها.. واوعي تنسي تكوني لحوحة.. تعرفي تكوني لحوحة علشان توصلي لأمنياتك!.
أومأت إيماءة فاترة، ودت لو تخبره بما فعله شقيقه فيها؟ أن ترجوه إعادة حقها المسلوب وابنتها منه ولكنها تعلم تمام العلم عداوة عثمان الشديدة لأخيه فلا تود أن تتسع العداوة بينهما وتعطي فرصة لذلك الأحمق أن ينال من طيبة الشيخ بوضاعة أساليبه.
أسرعت بمحو عبراتها ثم قالت بصوت مُتهدجٍ وهي تنهض من مكانها:
-أنا مش عارفة أشكرك إزاي، إنتَ خففت عني كتير أوي يا شيخ سليمان.. مش هنسى لك دا.
أشفق على حالها كثيرًا وتمنى لها حالًا أفضل وبالًا أهدأ ثم غادرت على الفور تستعد هي الأخرى للحفل أو بالأحرى تستعد للمواجهة.
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
اندفع “ماكسيم” بثبات نحو باب السيارة ثم فتحه على الفور بعد أن وقف أمام القصر المنشود، تدلت بقدميها أولًا فأحدث كعب حذاءها صدوح مرتفع يتماشى مع الغرور والثقة التي تنعم بهما، خرجت من السيارة بحركات راسخة وسارت تمشي بخيلاء وسط الضيوف ما أن اجتازت بوابة القصر، كان لطلتها تأثير خاص ووقع مُضطرب على من يرها أو يتعرف إليها، كانت تسير برباطة جأش لا يتمتع بها أعتى الرجال كما أن نظراتهم لا تزحزح الثقة التي تمتلكها قد أُنملة كما أن اللون الأحمر الذي ارتدته أطار عقل كل الناظرين إليها فينزل الفستان ضيقًا على جسدها بينما شعرها المجعد عمدًا منثور على كتفيها بدلالٍ لاق بها ورغم البرودة التي هجمت على الأجواء إلا أنها لم تتأثر بها؛ فالبرودة التي تقرص جسدها لا شيء مقابل الجروح التي أدمت قلبها بفعله.
-أهلًا بست الحُسن والدلال كله!!
رحب بها “حميد” بنظرات جريئة واضحة مُتغزلًا بإطلالتها البهية، فاكتفت بأن سلمت عليه وبادلته ابتسامة صامتة، كان “ماكسيم” كظلها في الحفل فلم يتزحزح عن مكانها ولا تغيب عن عينيه، قدح الشرر من عينيه حينما شم رائحة الشهوة تنبعث من فم ذلك الأحمق الذي يتغزل بها مجترئ على ذلك ولكنه حاول كظم نيران غضبه لئلا يقيم الدنيا بغضبه الهائل ولا يقعدها..
الجميع يراقبها بإعجاب كبيرٍ ولا تتزحزح نظراتهم عنها أما هي فتراقب قدوم شخص محدد فقط ولا تلقى بالًا للبقية، اضطربت خفقات قلبها بقوة ما أن وجدته يعبر من البوابة ولا تعلم لماذا يتسلل الخوف إلى نفسها وهي من تريد المواجهة والانتقام؟!، أسرعت بوضع غطاء عينيها الذهبي المستخدم للتنكر في الحفل وظلت تراقبه طوال الوقت في انتظار أن تحين الفرصة وتنقض بأنيابها عليه وما هي إلا لحظات حتى بدأت فقرة الرقص وطلب “حميد” وزوجته من الجميع أن يشاركوهم ساحة الرقص ففعل الجميع حتى “نجلا” قررت أن ترافق “ماكسيم” للرقص في انتظار الأخير أن ينضم إليهم.. لم يكن يرغب في البداية وتحت إصرار “حميد” قام باختيار رفيقة للرقص وبدأت الأغنية تصدح بقوة ووسط اندماج الجميع كان لا بد من تبادل رفيقات الرقص كنوعٍ من التواصل مع بعضهم فأسرع “ماكسيم” بغمزة من عينيها في انتشال الفتاة من بين يديه وقام “عثمان” تلقائيًا بجذب “نجلا” إليها وإحاطة خصرها بذراعيه ثم أكمل رقصه معها وحاولت هي تجنب النظر في عينيه حتى تستجمع نفسها وما أن نجحت في ذلك حتى رفعت عينيها صوب عينيه وراحت تمعن النظر داخلهما؛ فتكلم “عثمان” منبهرًا في هذه اللحظة:
-عينيكِ حلوة جدًا وجذابة.
تصنعت ابتسامة خجولة وهي تقول بصوت ناعمٍ:
-ميرسي.
اكتفت بهذه الكلمة وما تزال عينيها تحدق فيه بتمعنٍ لفت انتباهه وطمعه في المزيد من المعلومات التي تُقربه منها فقال بابتسامة خفيفة:
-أنا عثمان السروجي.. وإنتِ!
ضحكت ضحكة ناعمة قبل أن تومىء برأسها وتقول:
-غني عن التعريف طبعًا… أنا؟!.. عايز تعرف اسمي؟!.
أومأ بحماسٍ واهتمام كبير وازدادت النشوة داخله حينما التصقت بصدره في غنج ثم بدأت تنزع غطاء عينيها وهي تقول بضحكة ماكرة بعد أن كشفت وجهها كُليًا:
-أنا نجلا يا عيوني!!!!!
•تابع الفصل التالي “رواية رحماء بينهم” اضغط على اسم الرواية
التعليقات