رواية قلب اخضر الفصل الثالث عشر والرابع عشر بقلم رباب عبدالصمد (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)
رواية قلب اخضر الفصل الثالث عشر والرابع عشر بقلم رباب عبدالصمد (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)
القلب اخضر بقلم رباب عبدالصمد
البارت الثالث عشر
……..
الحاج صالح لمعتز ابنه بحدة / هل يعجبك ما حدث بسبب اهمال زوجتك لك ؟ لقد اهملتك وهى لا تزال عروسة فما الحل اذن ان انشغلت باطفال ؟
تلعثم معتز فى الرد وقد خجل من والده ولم يعرف بما يرد ولكنه قال / كنت لتوى اتناقش معها فى هذا الموضوع و…
قاطعه والده بعصبية / ماذا قولت ؟ تناقشت معها ؟ احقا ما سمعته اذناى ؟
توقفت الكلمات فى حلق معتز فهو لاول مرة يرى والده بهذه العصبيه فهو دوما ما يعاملهم كصديق ولم يتذكر مرة ان تعصب عليهم هكذا
الحاج صالح مكمل بنفس عصبيته / وهل للرجل ان يتناقش مع زوجته فى كيفيه الاعتناء باقل واجباتها . فاقل واجبات المراة هو تحضير طعام زوجها وغسل ملابسه ثم صمت لبرهه وقال اذهب الحياء منك لدرجة انك لم تستحى ان ليلى هى من تقوم بغسل ملابسك . وان لم تستحى انت فهل زوجتك المدلله لم تغار من مدحك فى طعام ليلى ؟ ثم ارتفع صوته اكثر وازداد حدة وهو يقول ما ذنبها تلك المسكينه فيما تعرضت له من احراج بسبب افعالك انت وزوجتك المصون
اخذ نفس عميق وزفره بسرعة وقال / يبدوا اننى لم انجب رجال سوى ايوب انه الوحيد القادر على ان يدير بيته بما يليق برجل شرقى ريفى وان كان هنا لثار عليكما وانت تعرف انه ما يثور الا للحق
معتز حاول انت يتاسف ولكن والده لم يمهله واكمل قائلا / لا تتاسف فالغلط ليس عليك وحدك بل كلنا اشتركنا فى قهر تلك المسكينه وانا اولكم وانا متاكد ان كان الفهد هنا لنهرنى مثلما ينهركم وقد ينسى انى والده فى الحق
دخل طارق فى تلك اللحظة فتعجب من عصبية والده فسال ما باله
سخر منه ابيه وقال / اتسال ما بالى يا طاووس النساء ؟ انا اعترف اننى لم انجب رجلا سوى الفهد الثائر
طارق بضيق / ولما كل تلك العصبية ؟ وماذا حدث ؟ ولماذا تخصه وحده بذلك الثناء ؟
الحاج صالح / كنتى لتوى اعترف اننا جميعا اخطانا فى حق تلك المسكينه وجميعنا اشترك فى احراجها بتلك الطريقة
فهم طارق الموضوع فقال بكل هدوء / لا عليك يا ابى فهى لم تشعر باى شىء من هذا بل على العكس فقد اعتذرت
الحاج صالح بضيق / كل دقيقة تثبت لى انها بنت اصول وانها ما تستحق منك تلك المعاملة ابدا
طارق بلا مبالاه / انا لم افعل معها شىء ليضيك صدرك هكذا
الحاج صالح وكاد ان ينفجر من غيظه ولكنه وجد ان عصبيته لن تفيد بشىء ولكن جاء وقت الكلام بالعقل والاقناع فقال وهو يحاول ان يتمالك غضبه واشار لمعتز / اسمع يا بنى لا يشعر الرجل برجولته فى الدنيا الا اذا شعر بها فى بيته وان فقد هيبته فى بيته فقدها فى اى مكان اخر فالبيت هو الاساس وعلى الرغم انك رجل ناجح وذى عقل رزين الا انك تترك كل هذا عند باب البيت وانت تدخل لزوجتك ولا اعرف لماذا واين شعورك بالنخوة وانت ترى زوجتك تتزين فى كل دقيقة الم يخطر ببالك انه قد ياتى اى زائر على حين غرة ويرى زوجتك هكذا فينجذب اليها ؟ ام لم تشتاق انت لطعم الرجوله وانت ترى زوجتك تهتم بخصوصياتك وتكون لك الصدر الحنون
ام حسبت ان الرجوله تكمن فى الفراش فقط ؟
اخذ نفس ليهدا مرة اخرى من نفسه اذ وجد ان ابنه قد نكس راسه خجل منه فاراد ان يعود ليشد من عزيمته فقال / يا بنى الحق اعمدة بيتك قبل ان ينهار وضع اساسه من جديد واشرح لها اساسيات عش الزوجيه حتى لا تتحجج يوما انها لا تعرف ما تريده بالضبط حتى يكون لك الحق فى معاقبتها ان خالفت ما امرتها به ولا تجعل عشقك لها ولجمالها سببا فى هدم بيتك فكن رجلا لها تكن لك افضل النساء واعلم ان قمة جمال الانثى ليس فى التزين بل فى اكتساب قلب زوجها حتى يكتفى بها عن العالمين وفى حالتك تلك اكتفيت انت بزوجه اخيك عنها
اثارت تلك الكلمة غيرة طارق فنظر الى اخيه بحدة فعلم ابيه ان كلمته اصابت موضعها كيفما اراد ولكنه لم يشعره انه انتبه له واكمل كلامه مع معتز لينهيه ثم يبدا الكلام معه
الحاج صالح مكملا لمعتز / يا بنى الم اكن انا اولاكم بان تهتم ليلى بشئونى فانا مثل والدها وكهل ووالدتك ايضا لم لم تعد قادرة على كل شىء ومع ذلك لم تتركنى كلية لليلى ولازالت تهتم بخصوصياتى بنفسها على الرغم انها تعرف اننى لم يعد فى رمق لانظر لغيرها ولن اهيم بليلى بالطبع فهى زوجة ابنى ومثل فريدة فايانا اولى بالرعاية من ليلى انا ام انت ؟
اعتذر معتز نادما وقد شعر بصغر حجمه اذ انه لم قد فشل فى ادارة بيته
الحاج صالح بود لانه لم يحب ان يرى انكسار ابنه / يا بنى لا تعتذر فجميعنا قد اخطا فى بداية حياته حتى تعلم من كل اخطاءه وصار مستقيم العادات والواجبات ومن الان ستقسم اعمال البيت بين ليلى وصفاء وفى هذا سنريح والدتك ولكن كلا منهن تختص بخصوصيات زوجها ولا تركن فى شىء يخص زوجها على الاخرى
معتز برجاء / سافعل كل ما تامرنى به واؤكد لك انى ساكون كما تود ان ترانى ولكن لى رجاء واحد
لم يرد الحاج صالح وظل صامتا ليكمل معتز كلامه
معتز / رجائى الوحيد الا تخبر فهدنا الثائر بما حدث وهذا لست لانى خائف من ثورته ولكنى لا احب ان يرانى صغيرا فهو قد اشترك معك فى تربيتى ولا اود ان يرى ان تربيته لى كانت هباءً
الحاج صالح بلطف / ومن قال ان تربيته لك صارت هباءً بل على العكس فان لم يكن رباك على الرجوله لما ندمت الان على تقصيرك فسبب ندمك هو ضغط رجولتك عليك
اوما معتز براسه واستاذن وخرج وهم طارق ان يخرج خلفه الا ان ابيه استوقفه
وقف طارق وهو يعلم ان ابيه سنال منه مثل اخيه ومع ذلك ظل صامتا
الحاج صالح لانه يعلم ابنه جيدا فقال / لقد من الله عليك بنعمة كبيرة واخشى ان تزول منك فتندم فالنعم لا تاتى الا مرة واحدة
تذكر طارق على الفور كلمة علي وهو يوصيه على ليلى فقال فى نفسه / لما كلهم يقولون انها نعمة وانا اشعر بانها شىء عادى وليس نادر
الحاج على مكملا / لما نهرتها واحرجتها هكذا امامنا ؟
طارق بسرعة وبعصبية / لانى وددت ان اعود اراها فى انتظارى واخذ عقلى يتخيلها ولكنى صدمت من مظهرها
الحاج صالح وهو ينظر له بنصف عين ليدرك ابنه انه يقرا ما بداخله ويعرف انه يوهم نفسه باجابة غير تلك التى فى صدره / ان كنتى تحاول ان توهم نفسك بتلك الاجابة الواهية الحجة ومع ذلك انا لن انكرها عليك وساناقشها معك
هل كنت ستطير فرحا ان رايتها فى كامل زينتها ام ان وساوس الشيطان كانت ستتملك منك وتقول لما تتزين فى عدم وجودى ؟ فهل عيناها رات غيرى ؟ ام انها لا تحزن من بعدى عنها وانا لا افرق معها ؟
ثم ابتسم ساخرا وقال / لا تضحك على نفسك بحجج واهية انت جئت دون ميعاد
لا تعرف لماذا فانت قد اشتقت لتلك المختلفة عما عرفتهم ولكن غرورك يابى الاعتراف ومع ذلك ورغم شوقك لها قابلتها بكل عجرفة وغرور وبحثت عن اى شىء تخفى به اضطرابك امامها فلم تجد الا مظهرها وعلى الرغم من شوقك اليها والذى رايته فى عينيك وجدتك ما هى الا ساعات قضيتها معها منفردا ثم من وقتها حتى الان تهرب منها نافرا لها وتتعامل معها بكل فتور وبالطبع انا اعرف السبب كما انى متاكد انك ستنكره لانك انت شخصيا لا تعرف سبب فتورك منها محددا
طارق بتوتر فقد قرا ابيه ما بداخله من حرب ولما لا فهو دوما ما يتعامل معهم ليس بصفته اب وبالتالى هم ايضا تعاملوا على سجيتهم معه فدرسهم جيدا ومع ذلك قال منكرا / لا يا ابى انا حقا نفرت من مظهرها وشعرت انها ريفيةولا تميل للرقى باى شىء وانها حقا لا تناسبنى وهذا كان رايى منذ البداية فلما تنكره علي الان
الحاج صالح / ابدا انا لا انكره بل اعترف به بكل صراحة فانا قلت انك اشتقت لذلك الشىء الجديد الذى لم تعتاد عليه ومع قربك منه ولمسك لبريقه وجدت انها لا ترتقى لمن عرفتهم فنفرت منها ولم تكتفى بها لانها لم تثير غرائزك مثلما تعودت ولكن كان عليك الا تقارن بينها وبين ممن عرفتهم فتكون ظالما لها
صمت قليلا ثم استطرد قائلا / ولكنها هى على العكس منك تماما اكتفت منك باقل القليل ولم تشتكى ولكن يا بنى الافضل لك ان تاخذ الكر فى كل شىء فتصير دوما الاول فى كل شىء فكان لك ان تفرح لحياءها وعدم خبرتها لتتاكد انك الاول فى حياتها وكان عليك ان تبدا انت معها من جديد وتعلمها حتى تمتزجان معا فتصيران شخص واحد ولكن فتورك السريع سيجنى عليك فتقع فى التهلكة فتحلى بالصبر معها فقلبها لازال اخضر برىء وما يخيفنى هو انت تفيق انت على وجع وما اشد الوجع الذى ياتى بعد الفرح او زوال نعمه كنا نظن انها لن تزول فبتنا مطمانين واذا بنا نفجع بزوالها فنشعر اننا لم ننعم بها يوما
طارق استساغ الانصات الى تحليل ابيه المخضرم ولذلك لم يقاطعه
الحاج صالح مكملا / يا بنى ارى ان البعد بينكم يزيد الفجوة بين قلبيكما وانت لم تعتاد بعد على امثال تلم المراة ولازال قلبك متعلق بمن يشبعون غرائزك الشهوانية ولكن عليك ان تعلم انهن زائفات حتى فى اشباعهم لك ولا تنسى ان لكل جنة حية ولكن فى يدك كنز ارجو ان تحافظ عليه ولديك حل من اثنين لا ثالث لهما اما ان تاخذها معك للقاهرة وتدير شركة اخاك وهى معك حتى يزيد الترابط بينكما وتستطيع ان تتخلص من شهوانياتك الحيوانيه فالزواج لم يكن ابدا لهذا فقط ولكن للاستقرار وتعمير الكون ونشوء الود بين الزوجين فيصبح كلا منهم حقا مكملا للاخر والا صار نصف اعوج لا يستقيم ابدا مع نصفه الاخر وانا ارى انك انت الاعوج ولابد ان تعدل من حالك حتى تستقيم معها
اما الحل الثانى هو ان تترك شركة اخيك نهائيا وتاتى لتستقر هنا مع زوجتك وتدير مع معتز اعمالنا
طارق وقد خاف ان يجبره والده على العودة للريف فقال لا يا ابى ان عدت ستضيع شركة فهدنا وليس ذنبه انه اعتمد علي ولكن كونى اخذ ليلى للقاهرة امر سافكر فيه
الحاج صالح وقد علم ان ابنه يراوغه فلا هو يريد ليلى معه ولا هو يطيق على العيش فى الريف فقال / لا تحمل هم اخيك فانت تعلم انه قادر على يدير عشر شركات وهو فى مكانه فهذا امر مفروغ منه ولكنك تحب المراوغة
طارق بتوتر فقد قرا والده للمرة الثانية افكاره فقال / اعدك ان ارتب لاخذها معى للقاهرة مع انى ارى ان ذلك كله تحصيل حاصل فهى لن تتغير
الحاج صالح / خذها اولا وبعدها قرر ما تشاء
……….
اتصل الحاج صالح بابنه الاكبر فهو دوما ما ياخذ رايه فى كل صغيرة وكبيرة ودوما ما يرتاح لرايه فان كان راي ابنه موافقا لرايه تاكد ان رايه صائب اما اذا خالف راى ابنه رايه تراجع فورا لانه يعلم انه سديد الراى اذ انه لف العالم وتعرف على كثير من الاجناس ولديه خبره كبيرة فى نفوس البشر بالاضافة انه لم يبدى ابدا اى راى الا بعد ان يفكر مليا
ولكن وجد ان هاتفه غير متاح فعلم انه فى مكان لا تغطيه الاقمار الصناعية التى تبث شبكات النت للسفن البحرية
ظل على ذلك يومين يحاول ان يصل اليه
بينما اعتدلت الامور الى حد كبير فى البيت فاصبحت صفاء تعتنى برزوجها وبالطبع لم تكن بنفس كفاءة ليلى وهذا ما شعره معتز وشعر حقا بالفارق فيما كانت تفعله ليلى وبين ما تفعله زوجته فتحدث مع نفسه وقال / كنت اظننى انى سانعم باهتمام اكبر ان اهتمت بى زوجتى ولكننى اعترف الان بفشلها ولكن على الصبر حتى تتعلم ولا يجي ان اسخر منها حتى لا اهبط من عزيمتها
اما طارق فلم يقل فتوره ولم يزد ولم يكن يجلس مع ليلى الا سويعات قليلة لا يشبع منها ولا تشبع منه وزاد البعد بينهم وقد مل وقته فى الريف فاذا بها تستيقظ فى الصباح فتجده قد جهز حالة للعودة للقاهرة فتعجبت منه فهو لم يخبرها ان عائد فقالت / بحزن انويت العودة لعملك ؟
طارق وهو يحكم اغلاق حقيبته / نعم
ليلى / ولكن لما لم تخبرنى حتى اجهز لك حاجياتك
طارق بفتوره المعتاد / لا عليك فلم ارد ازعاجك وانا قد اعتدت على ذلك
ليلى وقد اقتربت منه وبهدوء قالت / ولكن الان انت لك زوجة وحقك على ان اهتم بكل ما يخصك
طارق وقد ضاق من نفسه ومن معاملته لها فهو بين مشفق عليها وبين فاترا منها / لا عليكى من كل هذا فانا غير غاضب من شىء
ليلى سالته وقلبها ينبض ان يجيبها بغير ما تريد / هل ستغيب كثير؟
طارق / لا اعرف ولكن حسب ضغط العمل
ليلى وقد استشعرت بعدم لهفته للرجوع لها فقالت بياس / ولكنى اود الا تغيب عنى كثيرا فانا اشتاق اليك
نظر لها فوجدها منكسة راسها فهى اول مرة تقول له ذلك فمد يده ووضعها تحت ذقنها ورفع وجهها لينظر فى عينيها فوجد ان وجهه قد كسته حمرة الخجل وان عيناها قد اغرورقت بالدموع فقال فى نفسه / يا الهى احمر وجهها واغرورقت عيناها من تلك الكلمة البسيطة وماذا ان قالت لى بحبك صريحة
ثم عاد وقال لنفسه وكانه يعاند نفسه / ولما لا تقولها صريحة وهل ساظل امطرها انا وحدى بكلمات العشق وهى حجر اصم
وعاد مرة اخرى وحادث نفسه بالنقيض وكانه انقسم داخليا الى شخصين متناقضين ووجد نفسه يميل عليها ويقبلها قبلة عميقة لم يتركها سوى بعد فترة وابتسم لها وقال لقد اصبحت مغرم حياءك
ابتسمت له خجلا ولم ترد
خرج من امامها بسرعة وهو مشتت الافكار فلا يعرف ما ينتابه منها بين الحين والاخر لحظات تمر وهو شغوف بها ولحظات وهو لا يريدها
البارت الرابع عشر
اخيرا وصل الى القاهرة وما وصل الا ووجد نفسه يتلقى مكالمة من فتاه عش ظلها كثيرا فحقا كانت تشع منها الانوثة الطاغية وقالت له مرضية غروره / اين انت يا طاووس النساء لقد اشتقت لاحضانك وللمساتك التى تجعلنى اتململ على جمر
طارق وقد اتسعت ابتسامته وقال مرضيا لنفسه / اين تلك التى تسمى زوجتى من تلك الكلمات العاشقة التى تذيبنى
بينما عادت ليلى لحزنها ولما قل عليها عبء العمل فى البيت والذى كان يشغلها كثيرا عن تذكر طارق فاصبحت تتذكره دوما ويتلهف قلبها للقاءه
اخيرا استطاع الحاج صالح ان يتواصل مع ابنه ايوب وبعد ان تحدث معه عن حاله واطمان عليه ساله فى لهفة / الم يحن الوقت لتعود يا بنى لوطنك وتستقر فيه
ايوب / ولانه لا يقل عن ابيه ذكاءاً فقد علم ان هناك شىء عجز والده عن علاجه فساله بتركيز / ماذا حدث يا حاج صالح ؟
الحاج صالح مبتسما على حال ابنه فقد استشعر ما به رغم انه لم يراه امامه فقال / لم اخطىء يوما ان رايت فيك نفسى ورايت انك تفوقنى ذكاءً وكثيرا ما اشعر انى اتكلم مع مرآتى او انك توامى وليس ابنى
ضحك ايوب مناغشا له وقال / اتود ان تتصابى ايها العجوز لتتصور نفسك توام لى ام انت ترانى صرت كهلا أي الوصفين يروق لك
ابتسم الحاج صالح وقال / بل انا من صرت شابا يا ايها الكهل
ثم اخذ نفس عميق قبل ان يسرد له ما حدث وما هى الا دقائق وقد انتهى من قص كل شىء على ابنه ولكنه لم يرى منه اى رد سريع فصمت هو الاخر ولم يطالبه بالرد لانه يعرف انه الان يقلب الامور براسه ليخرج براى موافق او مخالف لراى ابيه ولكنه سرعان ما ارتاح صدره اذ سمع من ابنه ما اراح صدره فقد وافقه على كلامه
ايوب مكملا كلامه / اما من حيث ان ياتى طارق لعندك فلا فهو لن يستسيغ ابدا العيش هناك ثم انه متمردا ولا يحب ان يجبر على شىء وان استجاب لك فسرعان ما يهرب منك مرة اخرى فما نتيجة الاجبارالا الفرار وان هرب لن نستطيع اجباره على قبوله اياها ولا تنسى انه من البداية مكره على تللك الزيجة والاكراه دوما ما كان مكروه
صمت لبرهه وقال بضيق / وجب علينا ايضا ان نؤكد لانفسنا ان طارق رجل خبير بالنساء يشبع منهن فيزهد فيهن ولا يتهالك عليهن هذا كله فى حالة انه مخير فما بالك ان اجبر وبالنسبة لزوجته تلك فقد اخذ منها رونقها لانها كانت بمثابة شىء جديد غريب وما ان لمسه الا وانطفا بين يديه ولكن يسظل لامع بين الحين والاخر ولهذا هو مذبذب الراى فى قبوله اياها فى حيرة لا تدع للذهن ان يتجه خطوة الى اليمين حتى يرجع فيتجه خطوة الى اليسار ثم يتبلد حائرا فى موقفه لا الى هنا ولا الى هناك
اخذ نفس عميق اتبعه بتنهيدة حارة واستطرد قائلا / وكما فهمت منك فى انها تحاول ان تسترضيه ولكن بصمت وعدم مغالاه فهذا لانها على علم وثقه بخبرته فى امثالها ولهذا هى لم تبذل اى حيل مصطنعه لاسترضاءه لانها على علم ان مثل هذه الحيل لا يخيل عليه فقد راى مثل تلك الحيل ممن قبلها ولان المراة عموما ان شعرت بفتور من رجلها خاصه ذلك الذى مثل طارق لامت نفسها فى جمالها ولن تلومه ابدا فى ذوقه هو وانا على يقين الان انها حزينه من نفسها وقد قلت ثقتها بنفسها
وقد ولد هذا الفتور منه فتور ايضا منها فاصبح كلاهما متوتران فلا هما هانئان بوئام ولا هما قادران على خصام ولكن كلاهما يصرخ من حيرته
هو حائر لانه لا يعرف هل يرضى بها ام يرفضها وهى حائرة هل العيب فيها فتسترضيه ام ان العيب فيه فيجب عليها صون كرامتها
رد الحاج صالح بقلق من تحليل ايوب فقد وجد فعلا انها معضلة ليست بالحل السهل فقال / وما الحل اذاً ؟
ايوب / الحل الامثل لطارق ترويضه عن طريق محاربته بنفس السلاح
الحاج صالح / كيف يا بنى
ايوب سافكر فى ذلك ولكن الاهم الان ان تراعى تلك المسكينه لانك انت الان المسئول عنها ولا تترك لتلك المغرورة اختها ان تنال منها اكثر من ذلك وانا من رايى ان تتركها تذهب لبيت اهلها لتراهم لعلها تغير من جو الحزن التى تعيش فيه وتعود لبيتك باشراقة جديدة ففريدة كما نعلم صديقتها وقد يتسليان معا فتنسى جفاء طارق معها
اما عن معتز فلا تخف عليه فهو رجل جسور وسيستطيع ان يروض تلك المتعجرفه
الحاج صالح / اعلم ذلك ولكنى وددت ان اشد عليه حتى اشعل فيه رجولته التى قد ينساها وسط عشقه لها فهى حقا ذكية وتعلم كيف تسلب لبه ونحن اولاد ادم نصير اطفال مهما كبرنا وبالاخص امام زوجاتنا وشهواتنا
…….
ما ان انهى الحاج صالح كلامه مع ابنه الا ودعى ليلى وطرح عليها فكرة ان تزور عائلتها وتمكث عندهم فترة بسيطة لعلها تجدد نشاطها وتشتغل فرصة عدم وجود زوجها لتاخذ راحتها
استساغت ليلى الفكرة فقد كانت فى اشد الحاجة للحديث مع اخاها فهو الوحيد الذى ينصت لها كثيرا ويشعر بما تشعر به حتى وان لم تتكلم
باتت ليلتها حزينه تفكر فى زوجها الذى لم يتصل بها حتى الان وان اتصلت هى لا يجيبها
غبت عنى وغاب كل شىء
اين همسك واين قلبك واين انا
ضائعة بين ذكرى وحلم وقلمى من بعدك يائن
ايها الكثير بعضك يكفينى
ايها الحنون غيابك يضنينى
ما ان انهى ايوب مكالمته مع والده الا وشرد فيما دار حوله الحوار وتنفس بضيق وتحاور مع نفسه وادرك انه قد ان الاوان ليعود ويساند والده فقد كبر والده ولم يعد يتحمل مسئولية ابنائه فهو بالكاد يتحامل على نفسه ليتولى شئون عائلته الكبيرة بما انه كبيرها ولكن ثقل المسئوليات وتشعبها يزيده هم على هم وبما انه قد ربى اخوته معه فهو الان الاولى ان يتحمل مسؤلياتهم
وقد شعر ايضا ان اخوته لم يعدوا اطفالا كما كانوا ولكنهم اصبحوا رجالا ولكنهم مع ذلك يحتاجون الى اعادة تاهيل وترويض وفى ذلك فهم يحتاجون يد من حديد تحكم السيطرة عليهم
ومع شروده فى حال اخوته تحول شروده على حال نفسه فالان قد قرر ان يعود ويستقر وهو من تمرد على ذلك من قبل وكان قد قرر انه لا استقرار له الا عندما يحين له الوقت ليكون اسرة ولن يكون اسرة الا عندما ينبض قلبه من جديد وها هوالان يتنازل عن كل مبادئه لاجل اخوته
ثم حادث نفسه مرة اخرى بمرار وقال / الجميع استقر وانا لا زلت ابحث عنه ثم ابتسم بحزن عندما تذكر حبيبته الاولى وقال ان كنت تزوجتها لكان عمر اول اطفالى الان ستة عشر عاما ومن ثم عاود يسال نفسه هل يا ترى اكبر ابناءها الان فى مثل هذ السن ويا ترى كم من الابناء انجبت ؟
عاد الا واقعه وقد رهبه شروده وانب نفسه فهذا ليس وقت شرود فهو ربان سفينه ومسئول عن ارواح بشرية فقام وذهب لغرفة المراقبة وراقب فريق عملها ثم تقدمهم نحو التليسكوب واخذ يراقب هو البحر للحظات ثم نظر لاتجاة البوصله فوجد فيها انحراف قليلا
ضابط المراقبة / اراك تهلك نفسك كثيرا ايها القبطان فانت تقوم بعمل كل واحد منا وانت فى غنى عن كل هذا فالاجهزة الحديثة حلت مشاكل كثيرة واراحت الربان نت ثقل عمله
رد عليه ايوب وهو يحسب معدل الانحراف للبوصلة ليعرف الانحراف الحقيقى ودون ان ينظر اليه / اتريد ان اترك حياة ارواح بشرية لاجهزة اليكترونية التى من المتوقع ان تعطل فى اى لحظة فماذا يحدث ان لم اراقب بنفسى لاتحسس ان كان هناك شعاب مرجانية قد تصطدم بنا وتتسبب فى غرق السفينه وتوكلت على اطلاق صافرة الانذار الاليكترونية وتشاء الاقدار ات تكون معطله فى هذا الوقت فماذا يحدث للسفينه ؟
لم يجيبه الضابط فهو يعلم انه محق وان الاجهزة وارد ان تعطل رغم كفائتها العالية ضد تلك المخاطر ومع ذلك فهو يرى ان ايوب يعطى الامور اكثبر من حجمها وانه يقدر وقوع البلاء دون وجود اى سبب للتوقع
……
ذهبت ليلى لبيت ابيها وما ان دخلت الا استقبلتها والدتها بالترحاب اما عن فريدة فقد صرخت من شدة فرحتها وسلمت عليها بحرارة
ابتسمت ليلى رغم حزنها وقالت مناغشة صديقتها / لقد انعكست الادوار واصبحت انا الزائرة وانتى المرحبة
فريدة بفرحة / نعم كم انا سعيدة وانا سيدة بيت علي اكرم الناس واحبهم لقلبى
ليلى ولا زالت تناغش صديقتها / ولكنى اشاركك حبه فلا تغترى انك استحوذتى على قلبه ايها الحمقاء
ضحكت فريده وقالت / اولا انتى لستى فى حاجة لان تعترفى بهذا فاخيك كل يوم يؤكد لى نفس الكلام وانا ارد عليه نفس الرد لن احزن ابدا مدامت من تشاركنى فى حبك هى صديقتى الوحيدة ليلى
ابتسمت ليلى وقالت / اننا متشاركتان فى كل شىء حتى فى عشق قلب رجل واحد
فريدة غمزت لها بطرف عيناها وقالت / ولكن لا تنسى اننى انا الاخرى اشاركك فى قلب اخى
هنا دمعت عين ليلى قالت / ليتكى وحدك من تشاركينى فيه ام نسيتى ان اخيك طاووس النساء فقلبه دوما ما يخلوا من الجنس الناعم
شعرت فريدة بحزن ليلى فهمت ان تسالها لولا ان رات علي يدلف الى الحجرة فقطعت كلامها
دخل علي وما ان راى اخته الا وفتح ذراعيه وهو يهلل بفرحة واحتضنها / اهلا ايتها العروس الجميلة اخيرا انار بيتنا من جديد فقد اظلم من يوم ان تركتيه
تمسحت ليلى فى حضنه وكانها اشتاقت للحنان ومع ذلك غالبت حزنها حتى لا تقلقه عليها وابتسمت رغما عنها وقالت / يكفى ان فريدة فيه فقد زادته نور
علي مناغشا اياها / اممم لا تجاملينى فقد ضحكتم جميعكم على وزوجتونى منها رغما عنى
فريدة وهى تضربه بخفة على صدره / اعترف ايها المراوغ انك كنت تهيم بى وانا التى كنت اتدلل عليك والادلة عندى كثيرة فاشعارك ملات كتبى
ضحك على ومد ذراعه الاخرى واحتضن زوجته وقبل راسها وقال / اعترف بذلك فانتى سر حياتى وضياء دنيتى
ابتسمت ليلى بحزن وهى لازالت بحضن اخيها وحزنت على حالها فقد رات بعينها دفء اخيها على زوجته وعليها وهى الان محرومه من اى حنان فقبل الزواج لم تذق اى حنان سوى حنان اخيها وبعد الزواج ظنت انها ستجد كل حنان الدنيا مع زوجها ولكن وجدت نفسها على العكس لم تجد حنان من زوجها وفقدت حنان اخيها لبعده
لم يخفى على علي ما كانت عليه اخته من حزن ولم تخفى لمعه دموعها التى راها اول دخوله ولكنه تجاهل كل هذا حتى تستريح وتهدا وبعدها يتكلم معها على هدوء
علي / اين زوجك
ليلى / لقد عاد منذ ايام للقاهرة فقد تكاثر عليه العمل
علي / كنت اود ان اراه . وما اخبار اختنا المدللة صفاء ؟
ليلى / فى احسن حال ولا زالت تتدلل ثم صمتت لبرهه وقالت وكيف لا تتدلل ان كان زوجها هو من يدللها
فهم على ما ترنوا اليه اخته ولكنه ايضا تجاهل لحين اتاحة الفرصة للانفراد بها حتى تتكلم هى ويتكلم هو دون تكلف او خجل من وجود فريدة
دخل الحاج نعمان عليهم فابتسم فرحا لها واول ما سال سال على صفاء فقال / لما لم تاتى اختك معها
ليلى بلا مبالاه فهى تعرف ان اباها يفضل اختها ولن تكون مبالغة ان قالت انه كان يتمنى ان يرى صفاء هى الزائرة وليست هى / ان زوجها يغار ان تخرج بمفردها ففضل ان ياتى معها
الحاج نعمان بافتخار / له كل الحق فى ان يغار فمثل صفاء جوهرة غاليه يجب ان يخاف عليها
والدة ليلى وهى تدخل بالشاى فتقوم ليلى بسرعه لتحمل عنها الصينية / وهل هناك فى مثل جمال صفاء فله كل الحق ان يغار
اشمئزت فرية من مغالاتهم فى مدح جمال صفاء ولكنها لم تنطق ولكن كان المتكلم هو علي فقال بضيق منهم / ان معتز يغار عليها ليس لحسنها وجمالها الفتان ولكنه يغار غيرة الرجل الشرقى الذى لا يترك امراته تسير وحدها فى الطرقات فلابد ان كون حمايتها فى كل مكان تخطو اليه ولا تنسون ان معتز نفسه تتهافت عليه النساء ايضا فهو شاب جذاب حقا
فريدة بافتخار وبقصد كسرة غرور والدى ليلى / كل اخوتى يحملون من الجمال ما يجعلهم جذابين وامل كل فتاة فطارق اخى طاووس النساء ومعتز سلب عقول كل فتيات قريتنا اما ايوب فهو اكثرهم جاذبية حتى ان كثير من النساء من جنسيات مختلفة هن من يعرضن عليه الارتباط ولكنه ينأى عنهم جميعا وكما اشتركوا فى جاذبيتهم فقد اشتركوا فى انهم لن يرتبطوا الا بمن تصلح لان تكون زوجة تبنى معهم البيت وتناهضهم على الحياة
الحاج نعمان ولم يفهم ما قصدته فريدة / فى هذا عندك كل الحق فهم جميعا يشبهون اباكى فى شبابه فقد كان جذابا حتى كنا نحن نغار منه لان كل الفتيات كن يتكمنينه هو ولا ايا منهن تنظر الينا هههه
على بغيظ / ارى انكم دوما ما تحملون ان الجمال هو اساس السعادة الزوجية ونجاح الحياة وان كان الحب بجمال المظهر لبارت نصف نساء العالم ولما خلق الله اى امراة قليلة الجمال فقد خلقنا الله لنعمر الكون وان كان تعمير الكون باختيار الاجمل لخلقهن جميعا جميلات ولكن اساس بناء البيت هو عقل المراة وكيف ترضى زوجها بدليل اننا نجد ان هناك كثير لسن بجميلات ومع ذلك هاموا فيهن ازواجهن حتى ان اعينهم لم ترى منهم الا كل جميل ولا تنسوا ان الله عادل ولم يميز فرد عن فرد فان وجدنا امراة رائعة الجمال نجدها ناقصة العقل مثلا والعكس ولكن فى النهاية كلنا متساويين
ولايوجد امراة جميلة وامراة دميمة فكل النساء جميلات وعلينا نحن معشر الرجال ان نبحث عن الجمال فيمن ملكت ايدينا لنرى ان كل شىء جميل
كل هذا وليلى تنصت لهم فقط ولا تتكلم ولكن بداخلها كلام اخر فكانت تحاور نفسها وتقول / انا زوجى لا يبحث الا على الجمال الخارجى ولم يكلف نفسه ان يبحث عن الجميل فى وكانى لا املك اى شىء يجذبه الى
…………
تكملة الرواية من هناااااا
التعليقات