رواية عاصفة الهوي الفصل الرابع والستون 64 بقلم الشيماء محمد
سيف بحرج: “أنا عارف إن الجو هنا متوتر بسبب قضية كريم وناريمان، وعارف كل الظروف الصعبة…”
مؤمن قاطعه باستغراب: “إنت مش محتاج لمقدمات، ولا إنت حد غريب علشان تقول مقدمات. هات من الآخر.”
سيف ابتسم بحرج: “سبيدو، زي ما إنت عارف، طلب إيد آية.”
مؤمن ابتسم: “عارف، أيوه.”
سيف كمل: “وطبعًا مش هيغيب عنك جنانه وتهوره. فأول ما رجعنا من بره، وهو بيزن، عايز يكتب كتابه عليها. بيقول: إحنا في هدنة من المصايب، ألحق أكتب قبل مصيبة جديدة ما تحصل.”
مؤمن ضحك: “بجد قال كده؟”
سيف بضحك زيه: “والله يا إبني، قال: إنتو عيلة مش بتفوق من المصايب. أكتب وبعدها نشوف مصايبكم اللي مش بتخلص.”
ضحكوا شوية واتريقوا عليه، وبعدها سيف: “بكرة هنكتب الكتاب.”
مؤمن بفرحة: “طيب والله كويس، مبارك يا رب، وربنا يتمم لهم على خير، وإن شاء الله مفيش أي مصايب. نخلص بقى.”
قطع كلامهم صوت ضحكات صغيرة وجرى إيان أول ما شاف أبوه: “بابااااا.”
مؤمن شاله، وبعدها إياد حصله، شاله هو كمان. الاتنين بصوا لسيف اللي قرب يسلم عليهم وهزر معاهم شوية: “تصدق؟ هما فيهم شبه من بعض. يعني أي حد ممكن بسهولة يفتكر إنهم توأم.”
مؤمن ابتسم: “هما فعلًا توأم، مولودين فوق روس بعض.”
سيف بفضول: “مين أكبر؟”
مؤمن ابتسم: “إياد اتولد الأول.”
الاتنين سمعوا صوت حمحمة خفيفة، بعدها سما دخلت: “السلام عليكم.”
الاتنين ردوا السلام، وهي بصت لمؤمن: “الاتنين جريوا مني، وسيبتهم لما لقيتهم معاك. تحب أخدهم؟”
مؤمن بحرج: “لا لا، يا دكتورة، سيبيهم معايا. أصلًا وحشوني الاتنين. متشكر جدًا لحضرتك، ومعلش تعبناكِ معانا.”
سما بحرج: “يا خبر، تعب إيه بس؟ على العموم لو ضايقوكم ابعتهم عندي.”
خرجت بعدها.
سيف علق: “إيه؟”
مؤمن بعدم فهم: “إيه إيه بالظبط؟ حدد.”
ابتسم: “إيه العبارة؟ مين الدكتورة دي؟”
مؤمن شرح صلة القرابة وسكت، فسيف منتظر الباقي: “وبعدين؟”
مؤمن بحيرة: “مفيش بعدين، بس كده. قريبة من البلد وبس. إيه هو اللي وبعدين وبعدين دي؟”
سيف باستغراب: “أنا مالي ومال قريبة وكده؟ بتكلم عنك إنت.”
مؤمن بحيرة: “أنا؟ أنا مالي؟”
سيف أضاف: “ما تفتح عينك. البنت، زي ما قولت، دكتورة وكويسة، واللي لاحظته إنها حابة العيال، فليه لأ؟”
مؤمن استوعب قصده فعلق بذهول: “إنت قصدك أنا وهي؟”
سيف أكد بسرعة: “أيوه، قصدي إنت وهي. هيكون قصدي إيه؟”
مؤمن عينيه وسعت: “أنا لسه مطلق. عايزني أبص لواحدة تانية وبالسرعة دي؟ ليه؟ زرار هدوس عليه أعمل delete (حذف) وبعدها أعمل replace (استبدال). إيه يا سيف؟”
سيف بعقلانية: “مش حكاية زرار. بس خلينا نتكلم بالمنطق. هسألك أسئلة، رد عليها. إنت بتحب نور لسه؟”
“لأ طبعًا.
“طيب، هل ممكن ترجعلها في يوم من الأيام؟”
“برضه لأ، مستحيل بعد كل اللي عشناه.”
سيف شاور بدماغه: “طيب تمام، فصفحتها مقفولة تمامًا. إيه المانع تفتح صفحة غيرها؟”
مؤمن استنكر كلامه: “مفيش مانع، بس مش هقدر يا سيف أرتبط بحد دلوقتي. اللي عيشته الفترة الأخيرة مع نور كان صعب.”
سيف بتفهم: “عارف إنه كان صعب، بس يا مؤمن الحب ما بينتهيش بين يوم وليلة. أعتقد والله أعلم إن بقالكم فترة مش كويسين مع بعض، والموقف اللي حصل كان زي القشة اللي قصمت ظهر البعير، مش أكتر. مفيش واحدة بتصحى من النوم واخدة قرار طلاق. في مواقف بتتراكم فوق بعض لحد ما تعمل فاصل أو حد صعب نتخطاه. فاعتراضها على قعدتك هنا وعلاقتك بالعيلة لا يمكن يكون وليد اللحظة.”
مؤمن بتذكر وشرود: “اعترضت من أول ما عرفنا بعض، وكانت سبب في أول خلاف أو خناقة بيني وبين كريم. ساعتها كريم كان في مصيبة ومراته منهارة، وأنا بسبب كلامها زي المتخلف شُت فيه وزعلته، ولما عرفت اللي حصل ندمت وقررت ما اسمحش لأي حد يدخل بينا تاني.”
سيف بتأكيد: “يعني بالفعل المشاكل دي مش وليدة اللحظة، ده عمر بحاله. يبقى مشوار وانتهى يا مؤمن، بس حياتك ما انتهتش. أنا طبعًا ما أعرفش سما علشان أقدر أحكم عليها، بس كل اللي بقوله افتح قلبك… أو بلاش قلبك، سيب قلبك للأيام. افتح عقلك وفكر بمنطقية. طالما البنت كويسة وبتحب التوأم دول، مش واحد فيهم، وبتحب بيت العيلة، يبقى مفيش مانع. المهم بس في البداية تكون إنت متقبل وجودها. الحب بيجي لوحده مع الاهتمام والعشرة. واللي سمعته إنه بيدوم أكتر لأنه بيجي مع المواقف الصعبة، مش بيكون متزوق ولا عليه أضواء. ده اتخلق بصعوبة وفي ظروف صعبة، فبيكون قوي جدًا.”
مؤمن بدأ يفكر في كل مرة شاف فيها سما، واستغرب إنه شايفها بوضوح. ملامحها ظاهرة قدام عينه، مش مشوشة ولا باهتة. ابتسم لما افتكر وهي بتشده في الترعة ووقوعها بعدها. سيف لاحظ شروده وابتسامته فعلق: “ابتسامة أقفش! إيه اللي خلاك تبتسم؟ في حاجة حلوة أهو، لو فكرت شويتين هتلاقي حاجات حلوة بس مش واخد بالك منها.”
مؤمن وقفه: “يا إبني، اهدى. مفيش حاجات حلوة، ومخك ما يروحش لبعيد. هو موقف واحد كان بداية تعرفنا، ولا أكتر ولا أقل.”
حكى له الموقف، وضحكوا جامد، وصوتهم كان عالي. لكن سكتوا تمامًا مع دخول حسن المرشدي. وقفوا احترامًا له، حسن قرب وسلم على سيف، بعدها مؤمن وضح: “سيف كان جاي يقولنا علشان كتب كتاب أخته بكرة على سبيدو، يعني بيستأذن بسبب ظروف كريم و…”
قاطعه حسن: “ومالها ظروف كريم؟” (بص لسيف) “مبارك لأختك وربنا يتمم لها على خير يا إبني. وبإذن الله، هنيجي أنا ومؤمن نحضر كتب الكتاب. عرفنا فين بس؟”
سيف بحرج: “في البيت، مش هنعمل حاجة كبيرة.”
حسن باستنكار: “وليه مش هتعملوا حاجة كبيرة؟ فرّح أختك يا سيف. الفرح عزيز.”
سيف: “عمي، إحنا المشاكل حرفيًا محاوطانا من كل جانب، فنفوق منها شوية وهنعملها فرح كبير بإذن الله. بعدين ده كتب كتاب، يدوب على قد العيلة والمقربين.”
انسحب سيف، ومؤمن طلع أوضته. لقى نفسه بيفكر في سما بشكل جديد، وسأل نفسه: “هل ممكن؟”
الصبح، همس صحيت من نومها، وكانت لوحدها. قامت بسرعة، لبست تيشرت وبنطلون ونزلت تشوف سيف خرج ولا لسه. الدنيا كانت هادية ومحدش على السفرة، استغربت هما فين. يدوب كانت هتنادي عواطف، بس حد ناداها.
بصت ناحية الصوت، لقت واحدة أرستقراطية شبه سلوى، قاعدة وحاطة رجل على رجل، وبتتكلم: “تعالي شيلي الصينية دي، واعمليلي قهوة مظبوطة، هاتيها في الجنينة بره.”
همس مركزتش في كلامها، لكن انتبهت إنها بتشاور على الصينية: “أفندم؟”
الست بصتلها بحدة ووقفت: “إيه؟ ما بتفهميش؟ إيه أفندم دي؟ بقولك تعالي شيلي الحاجات دي وهاتي قهوتي. سلوى بتشغل عندها ناس غريبة بجد.”
همس اتصدمت لحظات، بعدها نادت: “عواطف؟ عواطف!”
عواطف طلعت بسرعة، وهمس كملت: “شيلي الصينية دي وشوفي قهوتها إيه؟ بس الأول، سيف فين؟”
عواطف استغربت حدة همس: “مع عز بيه في المكتب.”
الباب اتفتح وطلع عز وراه سيف. همس راحت لعندهم، وعز رحب بيها، أما سيف فحط دراعه حواليها بتملك محبب: “صباح الخير يا روحي، محبتش أقلقك بدري.”
همس رسمت ابتسامة مصطنعة، وما ردتش. سيف لاحظ الشرارات اللي طالعة منها.
عز راح ناحية الست دي وقعد قصادها، فهي سألته بتهكم وهي عارفة إجابة سؤالها كويس: “هي مين دي؟ وأوعي تقولي إن دي مرات إبنك؟”
سيف قرب منهم ومعاه همس، وعز عرفهم على بعض: “همس، تعالي. دي ميرڤت، خالة سيف.”
همس اتصدمت، وبصت لسيف وبعدها لعز: “خالته؟ أخت سلوى؟”
ميرڤت وضحت: “مش أختها. بنات عم، في مقام خالته يعني.”
همس هزت دماغها وما علقتش. انتبهت لعز اللي كمل: “ودي الباشمهندسة همس، مرات إبني. أيوه.”
عز أضاف آخر كلمتين بتأكيد شديد. ميرڤت لاحظت، لكنها تجاهلته وبصت ناحية همس: “هاي، وسوري على اللي حصل.”
سيف استفسر: “إيه اللي حصل؟”
ميرڤت كانت هترد، لكن همس سبقتها بابتسامة مصطنعة: “ولا حاجة حبيبي، سوء تفاهم أتفه من إنه يتذكر تاني.”
الجو كان متوتر شوية. خرجت سلوى من المطبخ وهي بتتكلم، وعواطف وراها. انضمت لهم، وبصت لعواطف: “روحي جهزي كل اللي طلبته منك.”
عواطف انسحبت بسرعة. سلوى بصت لهمس: “اتعرفتوا على بعض؟”
همس: “أه، اتعرفنا. المهم أنا هطلع أغير هدومي. كنت عايزة ألحق سيف قبل ما يخرج، لو هيخرج أصلًا.”
سيف بص لها: “وراي كذا حاجة فعلًا.”
قاطعهم دخول واحدة من التراس، كانت جميلة جدًا، لابسة فستان راقي، ومكياجها كامل ومتكامل. أناقتها لا يختلف عليها اتنين. أول ما شافت سيف، جريت عليه: “سيييف، هاي!”
كانت هتتعلق في رقبته، لكن سيف مسك إيديها وفكهم وعلق: “إزيك يا دارين؟”
دارين علقت باستغراب: “إيه، هو اللي بيتجوز بيبقى بارد كده ولا إيه؟”
همس بصتلها كتير، تدرسها. جسمها متناسق، شعرها معمول بعناية، مكياجها مثالي، هي كلها على بعضها مفيهاش غلطة. فجأة خطر على بالها حنان اللي شافتها امبارح في مكتب سيف بتعاكس بدر. إحساس الغيرة بدا يظهر جواها. البنات اللي حوالين جوزها جميلات جدًا، وهي لبست بنطلون وتيشرت، وحتى ما بصتش للمراية. الظاهر إنها غلطت لما رفضت إيد سلوى الممدودة.
انتبهت على جوزها وهو بيعرفهم على بعض، ولاحظت نظرات دارين المتهكمة، وخصوصًا لما بصتلها كلها من فوق لتحت باستهتار. بعدها بصت لسيف وكأنها بتسأله: “هي دي اللي بتحبها؟ طيب بتحب فيها إيه؟”
همس سلمت عليها، بعدها اعتذرت منهم علشان تطلع أوضتها. في اللحظة دي، دخلت هوليا من الجنينة. أول ما شافت همس طالعة، سألتها: “رايحة فين يا قلبي؟”
همس بحرج: “هغير هدومي وأنزل. أنا بس كنت عايزة ألحق سيف مش أكتر.”
هوليا علقت: “نيشاني (حبيبي)، ليه تغيري؟ إنتِ قمر بكل حالتك. في ناس، بعيد عنك، مستحيل يطلعوا بدون ميكب، وشكلهم مو حلو كمان، وما عندهم ثقة بنفسهم. بس إنتِ لا يا روحي، أبداً ما تهتمي بهالتفاهات اللي البنات الفاضيين يهتموا فيها. إنتِ باشمهندسة همس، مرات سيف الصياد، ما تحتاجي ميكب ولا لبس. إنتِ وحدك كفاية، جانم (روحي). سيف بحبك مثل ما إنتِ، وما في شيء ممكن يغير هالشي. سنين (أنتِ) أجمل واحدة بعينه، وما حد يشبهك.”
همس ابتسمت لأنها لاحظت الكل اتضايق من كلام هوليا. علقت بمرح: “حبيبتي يا لولي، أنا بس علشان النهارده يوم مميز وفي ضيوف كتير جايين. غير كده، إنتِ عارفاني.”
هوليا بعتتلها بوسة في الهوا، وهمس ردتها وطلعت أوضتها.
لحظات وسيف حصلها. الباب كان مفتوح، دخل وقفل الباب وراه: “سايبة الباب مفتوح؟ ولا كنتِ منتظراني؟”
بصتله بحدة: “أصلًا لو مكنتش طلعت ورايا، مش عارفة كنت هعمل فيك إيه.”
ابتسم وقرب منها: “حبيبي الغيران، إيه الموقف اللي حصل مع خالتي ضايقك كده؟”
همس التفتت له بحدة وبعصبية: “سيادتها مفكراني شغالة، وتقولي: إنتِ تعالي شيلي الصينية وهاتي قهوتي. إيه البني آدمة دي؟ إنتِ كل عيلتك كده؟”
كان سؤال تهكمي مش منتظرة إجابة له. بعدها كملت: “بعدين ليه معرفش حاجة عنها؟ ليه بتخبي عيلتك عني؟”
سيف بدفاع: “مش بخبي حاجة، بس سلوى كانت عايزة تعرفك على العيلة، وإنتِ رفضتي ولا نسيتي؟ قولنا بعد ما تخلصي دراستك. بعدين خالتي أصلًا كانت واخدة جنب. استغربت أصلًا إنها هتحضر وموجودة. كانت مسافرة ببنتها ولسه راجعة. جوزها مستقر بره.”
سيف قال نص الحقيقة وما قالش إنها كانت متعشمة إنه يرتبط ببنتها، خصوصًا إنه قعد عندهم فترة أيام دراسته بره. كان بيروح عندهم من وقت للتاني. دارين اتصدمت لما عرفت بخبر خطوبته من شذى، وقاطعتهم من وقتها. بالرغم من إنه عمره ما لمح بأي حاجة، ولا كان فيه اهتمام بدارين لأن في فرق في السن بينهم. حتى الصداقة ما كانتش موجودة، مجرد قريبته وبس.
همس انتبهت وعلقت: “ودارين دي مالها بتسلم عليك بعشم قوي؟ دي كانت عايزة تتعلق في رقبتك.”
سيف كان بيتمنى إنها ما تاخدش بالها من الحركة: “عايشة دور إنها نغة وكده، وبعدين دي طريقة سلام عادية.” (كانت هتعترض لكنه ما اداهاش فرصة) “هي غلط طبعًا، مش صح، بس ده كان شيء عادي وبطلته تمامًا، وأكيد لاحظتي ده؟
افتكرت شاكيناز وصداقته معاها. هو فعلًا بعد عن الكل وحاجات كتير اتغيرت فيه، وده محدش يقدر ينكره. غيرت الموضوع تمامًا: “كنت فاكرة إن سلوى منشية، طلع في ألعن منها.”
سيف ضحك وقرب، شدها لحضنه: “هي أسوأ من سلوى بمراحل، دي حقيقة. بس ما تنكريش إن سلوى بتحبك أصلًا. المهم، غيري هدومك وانزلي استقبلي الضيوف، لأن هتلاقي كتير من نوعيتهم جايين يجاملوا ويشوفوكي من قريب . وريهم إنك بأقل لمسة أجمل ألف مرة. بعدين خلي بالك من نقطة مهمة يا همس.”
بصتله بانتباه، فكمل: “إنتِ قدامي أهو، وشك طبيعي مفيهوش أي مساحيق للجمال، وشايفك حاليًا ملكة جمال. مش ببالغ ولا بجاملك، لكن الناس اللي نوعية ميرڤت أو دارين دول ألوان مش أكتر. ناس فاضية من جوه. لو غسلت وشها، ما تقدريش تبصي فيه. فدي بهرجة وإضاءة كذابة، لكن جوه فاضيين. لكن إنتِ؟ إنتِ حاجة تانية يا روحي. إنتِ حاجات كتير أوي. ذكية وجميلة ومنعشة ومهندسة قلبي ومتفوقة وعندك ألف ميزة. لكن هما، ورى الأضواء دي، إيه؟ لا شيء. فمش واحدة زي دي تهزك أو تضايقك. أنا ورايا كام مشوار هنزلهم، تمام؟ لو في أي حاجة، كلميني يا روحي.”
ضمها قبل ما ينزل، لكنه حس إنها محبطة في حضنه. بصلها، ومش عايز يسيبها كده، شدها للدريسنج وفتح دولابها. قلب في فساتينها، واختار فستان رقيق، وبصلها: “إيه رأيك تلبسي ده؟ عملي وسيمبل وشيك في نفس الوقت. أوك يا روحي؟”
ابتسمت وأخذته من إيده: “ألبس إكسسوري إيه؟”
اقترح: “البسي العقد اللي جنن الكل.”
اعترضت: “بس ده كنت هلبسه بالليل؟”
نفى بهدوء: “لا، لبستيه في مناسبة عامة، مش هينفع تلبسيه تاني في مناسبة تانية.”
علقت بتهكم: “هتكلم المصمم يجيبلي غيره يعني؟”
عجبه اقتراحها: “ليه لأ؟ المهم هنشوف. دلوقتي البسي العقد ده، وبالليل ابقي البسي شبكتك مثلًا.”
سابها وخرج، وهي شوية ونزلت. لما سلوى شافتها، ابتسمت برضى تام، وميرڤت بصتلها بغيظ وقررت تضايقها بدون سبب.
همس قعدت جنب سلوى وبصت حواليها تشوف دارين فين، فميرڤت علقت: “بتدوري على دارين؟ خرجت مع سيف. هي متعلقة بيه من أيام ما كان قاعد عندنا في دراسته في أمريكا.”
سلوى استغربت وصححت بسرعة: “قصدك شبطت فيه علشان يوصلها.” (بصت لهمس) “طلبت منه يوصلها في طريقه.” (وجّهت نظراتها لميرڤت) “بعدين سيف مكنش قاعد عندك في أيام دراسته. سيف كان عنده سكنه الخاص. ده رفض أصلًا أبوه يساعده، واشتغل علشان يوفر لنفسه سكن واستقل بحياته تمامًا. تقولي قاعد عندك؟”
ميرڤت حاولت تجمل: “أقصد عندنا في أمريكا، مش في البيت.”
سلوى بتهكم: “آه، على اعتبار أمريكا بتاعتك يعني؟”
ضحكوا الثلاثة ببرود، وبعد شوية انضم لهم أصحاب سلوى اللي ما يفرقوش عن ميرڤت في حاجة.
ميرڤت عينها كانت على العقد، وسلوى لاحظت ده، فعلقت: “حلو، صح؟ سيف بعد ما جابه لهمس، عمله عقد احتكار علشان محدش يجيب زيه.”
ميرڤت بصتلها كتير: “ليه يعني؟ والمصمم وافق؟”
سلوى: “طبعًا، هو اسم الصياد شوية ولا إيه؟”
همس انسحبت وطلعت عند آية، وبعد شوية وصل أبوها وأمها، وهند انضمت ليهم، ومعاهم أصحاب آية. هالة كمان حضرت، ورجعت لبست دبلتها من تاني، وقعدت تحكي لهمس تفاصيل زيارة مامت مروان لها هي ومروان، وبعدها اتصالهم بشاهين والدها لاستئذانه في إنها ترجع تلبس دبلتها.
اليوم كان ظريف، الميكب أرتيست مع البنات، والكل بيهزر ويضحك.
سيف وصل وطالع على أوضة أخته، خبط عليها، فطلعت له بره. بلغها إن قدامها ساعة بالكتير ولازم تجهز، وسألها إذا كانت محتاجة حاجة. بعدها استفسر عن همس لأنه مش عارف يوصلها وسط الزحمة.
آية دخلت عند همس، وبلغتها إن سيف عايزها، وسبقها على أوضتهم. همس قفلت الروب عليها وطلعت تجري على أوضتها. أول ما شافها علق: “هو كلكم بالروب ليه؟ آية بالروب، وإنتِ أهو؟ أوعي تكوني قاعدة وسطهم من غيره.”
ابتسمت وقربت منه: “لا طبعًا.”
شدها عليه: “بس إيه الجمال ده كله؟”
حاول يقرب أكتر، لكنها بعدته: “من بعيد لبعيد لو سمحت. ممنوع اللمس.”
سيف باستنكار: “إيه ممنوع اللمس دي؟ يعني تبقي قمر كده وتقولي ممنوع اللمس؟”
رجعت خطوة لورى: “آه، لسه مخلصة الميكب يدوب ألبس.”
سيف شدها عليه: “بطلي رخامة وقربي. تلبسي إيه؟ لسه بدري.” (بعدت تاني عنه، فاقترح) “طيب حددي المس إيه واسيب إيه؟”
همس بتكبر: “ولا أي حاجة، الميكب هيتبهدل.”
بصلها لوهلة، بعدها مرة واحدة شالها: “أنا غلطان أصلًا إني باخد رأيك، قال الميكب يتبهدل؟”
صرخت وهي بتحاول تخليه ينزلها: “سيف! سيف! حبيبي وحياتي عندك. ما تبهدل شعري والميكب علشان خاطري.”
نزلها براحة: “ماهو طيب ما تبقيش رخمة.” (اقترح) “طيب بصي، مش هبهدل غير الروج بس.”
نفت بسرعة: “لا، ممنوع. مكياجي كله يتبهدل.”
شدها ومسك إيديها الاتنين، قربها منه، وعنيه في عينيها: “ده بجد ممنوع اللمس ده؟ هتقدري طيب؟”
أكدت: “آه، هقدر.”
باس رقبتها وفك الروب بتاعها: “مش هلمس وشك ولا شعرك، خلي الميكب بتاعك احتفظي بيه، باقي جسمك ملكي.”
حاولت تفضل جامدة، بس فجأة شدته، رفعت وشه لعندها، ودعوتها الصريحة هو لباها بسرعة، وانتقم من شفايفها.
بعد شوية موبيله رن، فاتعدل: “يا ترى موبايلي فين؟ صوته مكتوم ليه؟”
همس بصت حواليها: “تقريبًا في هدومك.”
بص ناحية هدومه: “هدومي بعيدة ليه كده؟ ما نقلع جنبنا!”
ضحكت وراقبته وهو بيقوم يجيب موبيله: “ناولني حاجة ألبسها.”
شاف الروب بتاعها ويدوب مسكه، فهي اعترضت: “لا، قميصك.”
ابتسم وشد قميصه. أخدته منه ولبسته، وقامت تقفل زرارة في النص. لف إيديه حوالين وسطها: “سوري، يا أجمل همسة في الدنيا، بس مكياجك كله اتبهدل. وشك بقى خريطة ألوان.”
حطت ايديها حوالين رقبته: “شكلي بقى بشع يعني؟”
تأمل وجهها وهو يبتسم ويقبل كل جزء فيه مع كل كلمة يقولها: “شكلك بيجنني، وعايزني أفضل معاكِ في الأوضة دي وما أخرجش منها لشهر قدام مثلًا.”
ابتسمت وغمضت عينيها بحب، ثم تنهدت: “عارف إحساسي دلوقتي إيه؟”
ايده على رقبتها ساندها: “إيه يا روحي؟”
فتحت عينيها وبصتله بوله: “الإحساس بالاكتفاء. سعيدة ومبسوطة.” دفنت وشهها في حضنه وكملت: “وعايزة أفضل في حضنك وبس.”
رن موبيله مرة تانية، فبصتله بتساؤل: “مين؟ صح اللي رن؟”
رد بثقة: “سبيدو. هيكون مين الفصيل غيره؟”
ضحكت: “رد عليه طيب، ده مهما كان عريس.”
رد على المكالمة: “أيوه يا عم الفصيل.”
سبيدو بغيظ: “فصيل؟ ده اللي هو أنا؟ طيب والله إنك بارد.”
ضحك سيف، وهمس حاولت ما تضحكش وهي بتخبي وشها في كتفه: “إنت عايز إيه؟ مش ميعادنا لسه بعد نص ساعة. عايز إيه بقى؟”
سبيدو بصوت عالي: “المأذون البارد اتصل بيقول هيتأخر نص ساعة. عنده فرح قبلنا.”
سيف ابتسم: “بجد؟ طيب كويس. بتتصل ليه لما لسه قدامك ساعة؟”
سبيدو بانفعال: “طيب أقول إيه؟”
رد بهدوء: “بتتصل ليه طيب؟ عايز مني إيه؟ المأذون هيتأخر، تمام. أعمل إيه أنا؟ أنا في البيت وقت ما تشرف هستقبلك. إيه بقى؟”
علق سبيدو: “أشوف مأذون غيره؟”
تنهد سيف: “علشان تشوف واحد غيره، صدقني هتاخد وقت أكتر من النص ساعة اللي هو هيتأخرها.”
سبيدو زعق: “طيب أعمل إيه أنا دلوقتي؟”
سيف بلهجة متعاطفة: “تعال يا إبني، هات عيلتك وتعال، والمأذون يجي براحته.”
بتردد سبيدو قال: “بس دايمًا المأذون بيجي الأول، ويفضل مستعجل مستعجل، والعروسة أو العريس هما اللي بيتأخروا. الأفلام أكدتلي المعلومة دي.”
ضحك سيف: “يا إبني الله لا يسيئك. تعال في ميعادك وبطل رغي كتير. سلام.”
حاول سبيدو يرد، لكن سيف قاطعه بحزم: “سسسلللللاااام.”
انهى المكالمة، وبص لهمس: “بما إنه هيتأخر شوية، كنا بنقول إيه بقى عن الاكتفاء؟”
ابتسمت: “ادخل علشان تلحق تجهز، وأنا الحق أخلي البنت تعدل اللي إنت بوظته. النهاردة لآية.”
قبل ما يدخل، علّق: “حلو الفستان بتاعك.”
ابتسمت: “إنت شوفته؟”
شاور ناحية الدريسنج: “مش هو اللي متعلق جوه ده؟”
همس بابتسامة: “مكنتش عايزاك تشوفه.”
دخلت معه للدريسنج، وافتكر حاجة، فراح بسرعة لبره ورجع بعلبة: “نسيت أديكِ دي.”
بصت له باستغراب: “إيه؟”
فتح العلبة، شافت طقم جميل جدًا. الكوليه كذا دور فوق بعض ويخطف الأنظار. بصتله بعدم تصديق: “جبته إمتى وإزاي؟ ومنين؟”
ابتسم وقرب، ووقف وراها وهي باصة للمراية: “لما اتكلمتي عن المصمم الصبح، كلمته وسألته عنده إيه جديد. بعتلي كذا صورة لكذا موديل لسه هيعرضهم، فاخترت أجملهم أو ده أكتر واحد شدني فيهم.”
سألته بتلقائية وهي تمسح بايدها على العقد بإعجاب: “ثمنه قد إيه؟”
رد وهو ينظر لعينيها في المراية: “الهدية بتفقد معناها لما يتقال تمنها. أهم حاجة تعجبك.”
التفتت تواجهه: “تعجبني؟ إنت متخيل إنك تجيب حاجة وما تعجبنيش؟ بس…”
استغرب: “بس إيه يا روحي؟”
بتردد، قالت: “آية ما تزعلش؟ النهاردة ليلتها المفروض تبقى مميزة. بعدين كان المفروض جبتلها هي كمان.”
رد بثقة وهو بيلبسها العقد حوالين رقبتها وشكله فوق الرائع : “النهاردة ليلتها، ده محدش يقدر ينكره. غير كده أنا بجيب لها على طول. لكن النهاردة عندها جوزها هيجيبلها، فما تقلقيش. آية مش هتهتم بالحاجات دي، ما تشغليش بالك.”
أخذ الحلق ولبسهولها، وأكمل بالأسورة. أما الخاتم رفضت: “كفايا خاتم جوازي.”
قفل العلبة: “تمام، كفاية. هدخل أخد شاور سريع، وإنتِ البسي براحتك.”
همس كانت واقفة قدام المراية بتتأمل الكوليه في رقبتها ومبتسمة، بس فجأة استوعبت شكلها بعدما لمسته وافتكرت كل حركة بهدلت الميكب وهي مبتسمة .
بصت للفستان المتعلق، وخبطت على سيف: “حبيبي، هروح أوضة آية أظبط الميكب بتاعي وألبس.”
رد عليها: “تمام يا روحي، وأنا هلبس وأنزل تحت على طول. بس همس، حطي موبايلي على الشحن لو سمحتي، والبسي حاجة غير قميصي.”
ضحكت، أخدت موبيله حطته على الشحن، ولبست الروب. فتحت الباب ولقت الطرقة فاضية، فجرت بسرعة لأوضة آية.
دخلت أوضة آية والكل كان جاهز، وأول ما شافوها، حالة صدمة سيطرت عليهم.
الميكب أرتيست بدهشة: “إنتِ دخلتي خناقة؟ إيه اللي حصلك؟”
آية بتهكم: “أخويا اللي حصلها. حرام عليكِ يا همس، كنتِ قوليله لأ!”
ردت باستنكار: “إنتِ تعرفي إن أخوكِ بيقبل كلمة لأ؟ إيه؟ هتعيدوا تظبيطي ولا هتطردوني شر طردة؟”
هالة قربت منها: “بصراحة، المفروض يطردوكِ. البنت قعدت ساعة تعمل شعرك والميكب، وإنتِ في نص ساعة بهدلتِ الدنيا كلها. وبعدين الميكب ده مش المفروض ثابت؟ إزاي اتبهدل كده؟ مضروب ولا إيه؟”
همس وهند بصوا لبعض وافتكروا نفس الموقف تقريبًا. هند علّقت: “شكله مضروب مش أصلي.”
همس ضحكت بحرج: “طيب، أنا كنت أعرف منين؟ زي ما الهبلة دي قالت، مضروب.”
بصت لهالة وكملت : “هقولك زي ما أمي قالتلي، من هنا لحد ما تتجوزي اخرسي وما تدخليش أوض على حد.”
بصت للميكب أرتيست: “هتظبطي الليلة دي ولا إيه؟”
الميكب أرتيست بتكشيرة : “كل فرح نعيد المكياج مرتين؟”
آية باستفسار: “إنتِ عديتيهولها فين قبل كده؟”
الميكب أرتيست ابتسمت وبصت لهمس بتذكر: “كان فرح أخوكِ صح؟ بعد كده فكريني تروحي لجوزك الأول، بعدها نعمل الميكب.”
هند بهزار: “ما هو يا ذكية الميكب اللي بيعمل كده.”
همس باعتراض: “قصدك إيه بقى؟ إني مش حلوة من غيره؟”
الميكب أرتيست شدت همس قعدتها وبدأت تظبط الميكب من تاني هي ومساعدتها.
آية سألتها: “هو سبيدو مكلمش سيف يا همس؟”
همس بتذكر: “آه كلمه، وقال إن المأذون هيتأخر نص ساعة وكان عايز يشوف غيره، بس سيف قاله ييجي والمأذون ييجي على مهله. ليه؟ في حاجة؟”
آية بتذمر: “سيادته بيدور على مأذون غيره.”
همس علّقت: “سيف قاله مش هيلاقي، والصح إنه ينتظر النص ساعة دي.”
الباب خبط ودخلت سلوى ومعاها ملك. الكل سلّم على ملك بفرحة، وسلوى بصت لهمس: “إنتِ لسه يا همس؟ مش كنتِ مخلصة من بدري؟ المفروض تبقي معايا تحت تستقبلي الضيوف. ليه اتأخرتي؟”
آية بغيظ: “إبنك بهدلها الميكب وبيعيدولها الميكب تاني.”
سلوى بصت لهمس بعتاب بدون ما تعلق، وقالت: “خلصي بسرعة وتعاليلي تحت، تمام؟ بعدين سيف نزل وكتير حواليه، ها؟”
ربتت على كتفها، وهمس حست إنها بتلمح لشيء. معقول تكون دارين تحت جنب سيف؟
قبل ما تخرج، همس سألتها: “دارين فين؟ مش هنا مع آية ليه؟”
سلوى ابتسمت لما فهمت قصدها: “علشان هي تحت مع…” غيرت كلامها بسرعة، “معانا.”
همس كشرت، بس طلبت من البنت تخلص بسرعة علشان تنزل.
أخيرًا خلصت، وخرجت من أوضة آية. لمحت حد آخر الطرقة بيجري. شافت طرف فستان، لكن ملحقتش تشوف أي تفاصيل. قبل ما تتحرك، خرجت ملك وسألتها: “همس، إنتِ لسه هنا؟”
همس باستغراب: “حسيت إني لمحت حد بيجري. المهم، إنتِ نازلة ولا إيه؟”
ملك: “نازلة لنادر تحت.”
همس مسكت إيد ملك بتردد: “ملك، هو فستاني حلو بجد؟”
ملك استغربت من نبرة همس وحست بتوترها: “طبعًا، ليه بتسألي؟”
همس بغيظ: “في بنات كتير حوالين سيف، يصحوا من النوم يبقوا عارضات أزياء. مش عارفة إيه ده؟”
ملك ابتسمت بتفهم وتعاطف، ومسكت إيديها الاتنين: “وجوزك طول عمره قدامه النوعية دي من البنات، لكن عمرهم ما لفتوا انتباهه. ولما حب، حبك إنتِ. البنات دي فارغة من جواها ومفيش وجه مقارنة أصلًا بينك وبينهم. إنتِ لوحدك كتير أوي يا همس، لكن هم مجرد صور حلوة، تافهة، وفارغة وملهاش معنى.”
تنهدت وأكملت: “فستانك من أجمل ما يكون، وبعدين مش الفستان اللي بيحلي البنت، العكس يا روحي. إنتِ اللي بتحلي الفستان، مش هو اللي بيحليكِ. بدليل إن ممكن اتنين يلبسوا نفس الفستان واحدة بتشع جمال والثانية تكون بشعة. السر مش في الفستان. هنزل أنا بقى لجوزي، وانتِ البسي بسرعة ويلا لجوزك.”
همس ابتسمت وسابتها ودخلت أوضتها.
ملك نزلت السلم، لكنها تفاجأت بفاتن قدامها. وقفوا قصاد بعض، وملك بحرج بادرتها: “إزيك يا ست الكل؟”
فاتن ردت باقتضاب: “أهلًا يا ملك.”
وسعتلها الطريق علشان تكمل طريقها لفوق.
همس دخلت أوضتها وراحت للدريسنج واتصدمت لما شافت الفستان المتعلق متقطع تمامًا، وكأن حد بمقص بهدله. فعلًا، المقص كان متساب على التسريحة.
حاولت تفتكر مين اللي شافته بيجري آخر الطرقة، بس سؤالها الأكبر كان: مين ممكن يعمل كده؟ وليه؟
في نفس الوقت سيف كان مع نادر، مؤمن، ومروان، وانضمت ليهم دارين اللي فرضت نفسها بطريقة ملفتة. وقفت قريبة جدًا من سيف وسألته بجرأة: “مراتك سيباك لوحدك ليه؟ مش تطمن عليها؟”
سيف استغرب طريقتها، وبعد خطوة صغيرة عنها: “زمانها نازلة، ما تشغليش بالك إنتِ بيها.”
برغم إجابته، بدأ يحس بقلق، وبص ناحية السلم وهو يفكر: يطلع يشوف همس؟ ولا يفضل مع ضيوفه؟
فاتن نزلت مع هند وبدر قرب يستقبلهم، مسك إيد هند، باسها، وهمسلها: “أجمل هند في الكون، عمرك شفتي واحدة حامل بالجمال ده؟”
هند ابتسمت وهمستله: “حبك اللي محليني يا بدر، حبك إنت وبس يا حبيبي.”
سيف قرب منهم، سلم على هند وفاتن، بعدها سأل عن همس. هند علقت بابتسامة: “بتلبس فستانها ونازلة ورانا على طول.”
اتحرك يطلع لعندها، لكن عز ناداه: “سيف، تعال لحظة.”
راح لعند أبوه، اللي أخده على جنب وسأله: “إنت عزمت باسم؟”
رد بهدوء: “أيوه، عزمته، روحتله اليخت وعزمته، مكنش ينفع اتجاهله. ليه؟”
عز شاور ناحية الجنينة: “علشان هو بره مع مروان ومؤمن.”
سيف بصلهم واستأذن: “هروح أسلم عليه.”
راح سلم على باسم، ورحب بيهم، وباسم علق بابتسامة خفيفة: “تلاقيك مستغرب إني موجود؟”
سيف رد بسرعة: “ليه يعني؟ إحنا أصحاب يا باسم، ومجيك على عيني وراسي.”
باسم ابتسم: “إحنا أصحاب فعلًا، والجواز والارتباط زي ما إنت قلت، قسمة ونصيب. ربنا يسعدهم، قولت أبارك وأمشي.”
مروان ربت على كتفه بابتسامة: “تمشي فين؟ سيادتك هتفضل معانا هنا.”
كذا حد دخل وسيف اضطر يروح يستقبلهم. راح ناحية أبوه بضيوفه، وبعدها لمح همس نازلة السلم. ابتسم بتلقائية واستأذن من الناس اللي كان معاهم.
وقف على آخر سلمة واستغرب إنها مش لابسة الفستان اللي شافه قبل كده، لكن الفستان ده أجمل بمراحل، مخليها أميرة من عالم الخيال. الأنظار كلها اتجهت لهمس، وهي نازلة. توترت، لكنها ركزت نظرها على سيف اللي كان منتظرها وابتسمتله.
وصلت لعنده، مد إيده مسك إيدها، باسها ونزلها السلم. وقف قصادها مبتسم: “أجمل مما كنت متخيل.”
ابتسمت بحرج: “بجد؟ مش الثاني أحلى؟”
نفى بهدوء: “ده أجمل بكتير. إنتِ كنتي مخبياه مني، صح؟ والثاني كان مجرد تمويه علشان ما أسألكيش فين الفستان وأصر أشوفه. قريتك صح يا همستي؟”
ابتسامتها وسعت: “قريتني صح يا روح قلب همستك.”
باس إيدها تاني، وأخدها يندمج وسط الناس.
ميرڤت بصت لبنتها بضيق: “مش قولتي مش هتنزل بفستان حلو؟ أمال إيه ده؟ الفستان خطف كل الموجودين مش بس جوزها.”
دارين بغيظ: “معرفش. أنا قطعت الفستان اللي كانت معلقاه، معرفش ده كان فين.”
سلوى انضمتلهم بابتسامة مصطنعة: “إيه واخدين جنب ليه؟ تعالوا بره في الجنينة يلا. المأذون على وصول.”
سبيدو وصل ومعاه كاميليا والدته وجوزها عبد الرحمن، وكان كالعادة لابس برنيطة. سيف استقبله، وبعدها شاور على البرنيطة: “وهو ده وقتها دلوقتي؟”
سبيدو بتهكم: “أنا اتدخلت في لبسك أي يوم من الأيام؟”
سيف قرب منه وهمسله: “بلاش تدي سلوى أسباب كتير تكرهك علشانهم. هي ممكن تقتلك حاليًا لو دخلت بالبرنيطة دي.”
سبيدو ابتسم في وشه: “هتقتلني قدام المعازيم ولا من وراهم علشان آخد ساتر بس؟”
سيف ابتسم بغيظ: “والله إنك بارد. ادخل.”
رحب بوالدته وجوزها، والكل استقبلهم. سلوى بصت لبرنيطة سبيدو بغيظ، وهو لاحظ نظرتها فقرب منها مبتسم: “حماتي الجميلة، إزيك؟”
سلوى بغيظ: “لسه ما كتبتش، فلسه مش حماتك. وبعدين إيه البرنيطة دي؟”
سبيدو ببساطة: “بحبها. عادي يعني.”
عز طلع أوضة آية علشان يجيبها، وأول ما شافها استغرب هي إمتى كبرت وإزاي بتتجوز؟ لسه امبارح كانت رايحة المدرسة.
آية وقفت قدامه: “إيه يا بابا؟”
ابتسم بفرحة: “كبرتي يا روح قلب بابا.”
ضمها بحب وربت على دماغها: “ربنا يسعدك يا روحي.”
دخول سيف قطع اللحظة: “مش يلا ولا إيه؟” بص لآية بابتسامة: “خسارة والله الجمال ده في سبيدو البارد.”
آية ضحكت: “ما تقولش عليه بارد بس.”
سيف بهزار: “هو من دلوقتي هندافع ولا إيه؟ ده لسه المأذون مجاش حتى.”
آية بتوتر: “مش هيجي ولا إيه؟”
سيف طمنها: “لا يا روحي هيجي، يلا ننزل؟”
آية نزلت وهي في النص بين سيف وأبوها، متعلقة في دراعاتهم الاتنين، آية في الجمال وهي آية بفستانها الرائع.
سبيدو أول ما شافها اتصدم من جمالها، كان عارف إنها جميلة ومستعد، لكن مش للدرجة دي، مش بالجمال ده، ولا بالرقة دي. كاميليا جنبه همست: “جميلة يا سعد، ربنا يسعدكم يارب يا حبيبي.”
قرب وقف قدامهم، والاتنين سابوها. سبيدو يدوب هيقرب عليها لكن سيف حذره: “سلام عادي لحد ما المأذون يوصل بالسلامة.”
بصله بغيظ، سلم عليها ووقف مش عارف يعمل إيه.
سيف شاور لهمس اللي قربت وقفت معاهم، وشوية الكل اتلم حواليهم في انتظار المأذون اللي أخيرًا وصل وقعد علشان يكتب الكتاب.
عز كان وكيل بنته، وسبيدو وكيل نفسه، والشهود كانوا سيف وعبد الرحمن جوز والدة سبيدو.
أول ما المأذون خلص، الكل بارك وهنى، بعدها سبيدو بص لسيف: “المأذون كتب وخلص هاه؟”
سيف ببراءة: “أيوه، قصدك إيه يعني؟ ما أنا عارف.”
سبيدو بغيظ: “قصدي إنها بقت مراتي.” قرب من سيف وهمسله: “ما أسمعش صوتك تاني تقولي أي حاجة تخصها، بقت مراتي.”
سيف ابتسم، قرب منه ورد بهدوء: “ما تسوقش فيها علشان ممكن أقولك لما تبقى في بيتك، كل عيش وإنت ساكت، هي لسه في بيت أبوها.”
همس قربت شدت سيف: “تعال، عايزاك لحظة.”
اتحرك معاها وسبيدو شد آية من كل اللي حواليها: “أنا أباركلها الأول لو سمحتوا.”
شدها لحضنه وضمها بقوة وأخد نفس طويل: “ياااه، أخيرًا بقيتي مراتي وفي حضني وقدام الكل.”
آية ابتسمت: “أخيرًا بقيت مراتك.”
إيديه كانت على ظهرها، لكنه اتفاجئ إنها على جسمها مباشرة، فاستغرب لأن الفستان من قدام متغطي تمامًا، فإزاي ظهرها عريان؟
بعدت عنه وراحت تسلم على الناس حواليها، وهو وراها حرك شعرها ولاحظ إن نص ظهرها عريان، وفي كذا سلسلة يدوب. ده خلاه يتجنن.
رد شعرها وقرب منها: “ينفع نتكلم لوحدنا لحظة؟”
آية استغربت: “طيب الناس اللي بتسلم دي؟”
بصلها بإصرار: “معرفش، تعالي لحظة جوه.”
أخدته وداخلة وهو وراها لحد ما دخلوا جوه البيت، فبصتله: “في إيه يا سعد؟”
رد بدون مقدمات: “مش عاجبني الفستان.”
بصتله بذهول وصدمة، وبعد ما تخطتها: “إنت مختاره معايا؟”
علق بغيظ: “ما شفتش ظهره العريان، شوفته من قدام، لكن ظهرك عريان كله؟ إزاي تخيلتي إني ممكن أقبل حاجة زي دي؟”
(شكل الفستان: https://pin.it/7pImqrPbc)
اتنرفزت وعلقت: “مش ذنبي سيادتك إنك ما شفتوش كويس، بعدين خلاص نزلت بيه وخلاص.”
قاطعها بغيظ: “هو إيه اللي خلاص؟ ما تطلعي تغيريه.”
آية بذهول: “إنت بتقول إيه؟ إنت فاكر الموضوع بسيط؟ خروجة هغير الطقم اللي لبساه؟ مستحيل.”
سبيدو بإصرار: “مفيش حاجة اسمها مستحيل، وبعدين أنا من أول لحظة اتكلمنا فيها وقلتلك طبعي، وإنتِ قبلتيني، فما تجيش دلوقتي تقوليلي مستحيل. المستحيل إنك تخرجي وظهرك عريان بالشكل ده، ده المستحيل.”
آية حطت إيديها في وسطها: “بص لبره هتلاقي البنات كلها.”
قاطعها: “البنات كلها مش مراتي، يخصني في البنات كلها مراتي وبس. بعدين مش شايف همس عريانة؟ مش مرات أخوكِ؟ مش شايف أختها عريانة؟ مش شايف خطيبة مروان عريانة؟ دول الناس اللي أعرفهم. كل واحدة معاها راجل مش بيقبل مراته جسمها عريان، فلو سمحتي اتفضلي غيري الفستان.”
آية بإصرار: “مش هيحصل، ومش هتمشي كلامك عليا و…”
قاطعهم صوت سيف: “في إيه؟ وبتتخانقوا ليه؟”
الاتنين بصوا له ومحدش فيهم رد، فهو بص لسبيدو: “مالكم؟” (سبيدو مردش، فبص لأخته): “آية، في إيه؟”
آية بصت لأخوها: “سيادته عايز يتحكم فيا من أول لحظة، طيب استنى لما أبقى في بيتك.”
سبيدو بص لبعيد وسيف نقل نظراته بينهم: “يتحكم فيكِ إزاي؟”
سبيدو علق: “أيوه، قولي له بتحكم فيكِ إزاي؟”
آية بتهكم: “مش عاجبه فستاني وبيقولي اطلعي غيريه.”
سيف بص لها كلها، الفستان حلو عليها، فحوّل نظره لصاحبه: “هو مش إنت اللي مختار الفستان ده ولا بيتهيألي؟ بعدين ما هو حلو، معترض عليه ليه سيادتك؟”
سبيدو: “أنا مختاره، بس اخترته لما شوفته كده من قدام.”
سيف مش فاهم أي حاجة، فنظراته كلها حيرة. سبيدو وضح أكتر: “إنت شفت الفستان من ظهره شكله إيه؟”
سيف بص لأخته اللي كشرت وعلقت بسخرية: “هو كل واحد من الضيوف هيقولي لفي وريني ظهرك وشَيلي شعرك؟”
سيف بصرامة: “وريني ظهر الفستان يا آية.”
آية لفت بتردد، بس شعرها مغطي ظهرها، فسبيدو لم شعرها وبص لسيف: “لما اشتريناه ما شفتش ظهره. أنا مستعد أنزل دلوقتي أشتري غيره، بس ما تخرجش كده، اللي تشاور عليه هعملهولها.”
آية كانت واثقة تمامًا إن سيف هياخد صف سبيدو، فرجعت خطوتين لورا: “إحنا كتبنا الكتاب خلاص، مش هطلع بره تاني. هطلع أغير هدومي وأرتاح، اليوم كان طويل بعد إذنكم.”
الاتنين وقفوها وسبيدو بتوتر: “علشان خاطري، ما تضيعيش علينا الليلة دي.”
آية بصت له بحزن: “إنت اللي ضيعتها مش أنا.”
سيف مسك دراعها: “سبيدو، سيبنا لوحدنا لحظة لو سمحت.”
سبيدو بص له بصدمة وردد: “أسيبكم؟ سيف، آية بقت مراتي مسؤولة مني أنا، فلو سمحت…”
قاطعه سيف: “لو سمحت إنت يا سبيدو، لسه قايلك حالًا إنها لسه في بيت أبوها. بعدين أنا طلبت منك لحظة وعارف يا سيدي إنها مراتك.”
سبيدو سابهم وخرج، قابلته في وشه سلوى اللي لاحظت انسحابهم واحد ورا التاني: “في إيه مالكم؟”
سبيدو بغيظ: “اسألي إبنك وبنتك جوه.”
جوه، سيف لسه ماسك دراع آية، قعدها على الكنبة وقعد قصادها: “وبعدين؟”
آية بزعل: “وبعدين إيه؟ ما بشوفكش تزعل همس وبتقلب الدنيا علشان زعلها، ولا لما حد يدوسلها على طرف، بيبقى ناقص تقتله.”
سيف بهدوء: “سبيدو غلط فيكِ؟”
آية ردت بغيظ: “إنت عايزه يغلط فيا؟”
“ردي على قد السؤال، غلط فيكِ؟”
ردت بغيظ: “لأ.”
“قال كلمة كده ولا كده؟ ضايقك؟ عمل حاجة تزعلك؟”
كل مرة بترد بحركة من دماغها تنفي بيها، فسيف هنا اتكلم: “لأ، معملش حاجة من كل ده، بمعنى ماداسلكيش على طرف. همس عارفة كويس أنا بحب إيه وبقبل إيه وبرفض إيه، وبناءً عليه بتتعامل، وأنا مع همس مش هقبل فستان زي ده. مش هقبل مراتي تخرج وواحد مالوش تلاتين لازمة يبصلها بطريقة متعجبنيش بحجة إنها هي عريانة. وبعدين أنا لو شوفت ظهر الفستان من الأول كنت رفضته، لكن إحنا الرجالة بنهتم بالشكل الخارجي، التفاصيل دي بتاعتكم، فكان المفروض شوفتي ظهره يبقى تلفتي انتباهه بأي طريقة وتشوفي هيقبله ولا لأ.”
آية باستغراب: “وهو حقه يقبل؟”
قاطعها بتأكيد: “حقه طبعًا. آية، إنتِ كلك على بعضك بقيتي ملكه هو. أنا أو أبوكِ ملناش حقوق زي زوجك يا روحي. إنتِ أختي لكن مش ملكي. همس ملكي. ملك فاهمة؟ الزوجة مملوكة تمامًا لزوجها، ولو إنتِ مش عارفة لسه حقوق زوجك وفاكرة إنك هتتجوزي وتتدلعي وتلبسي فستان أبيض، فيبقى اتسرعنا تاني واخدنا خطوة كبيرة جدًا غلط.”
آية بصدمة: “إنت بتقول إيه؟”
سيف بتأكيد: “بقول إنك ملكه، يعني كلامه يمشي فوق كلامي وفوق كلام أبوكِ. يعني بقيتي بتاعته هو. أي جزء من كلمة ملكه إنتِ مش مستوعباه؟ ولو هو دخل دلوقتي واخدك من إيدك وطلع لأبوكِ قاله هاخدها بيتي، فده حقه.”
آية كشرت: “يعني إيه؟”
سيف: “يعني يا تقومي تغيري هدومك بكل بساطة وتنزلي تعيشي ليلة من ليالي العمر اللي ما بتتكررش كتير، يا المأذون اللي لسه بره هيعكس اللي عمله من شوية.”
آية بصت لأخوها مصدومة: “هو إنت إزاي بتتكلم بالبرود ده؟ ولو مكنتش بتحب مراتك ومجرب الحب؟”
سيف وقف بغيظ: “ماهو علشان أنا مجرب الحب، مستغرب اللي إنتِ بتعمليه ده إيه؟ إنتِ بجد مستعدة تضيعي ليلة جميلة زي دي علشان فستان؟”
آية دورت وشها بعيد، وهو رجع قعد جنبها تاني: “فاكرة يوم ما روحنا لهمس وأنا سيبت البيت ونزلت؟ عارفة اتخانقنا ليه؟” (هزت دماغها بلأ، فهو كمل): “علشان الفستان اللي لبسته كان سبق ولبسته في مناسبة تانية وكانت بتعمل مقلب فيا، بس ساعتها لما اتعصبت ونزلت، هي نزلت ورايا تصالحني. مفضلتش تجادل فيا، وللأسف أنا مكنتش ذوق زي سبيدو واخدتها على جنب، أنا سيبت المكان ونزلت قدام الكل.”
آية: “إنت عايز تقولي إيه؟”
سيف بزعيق: “عايز أقولك إن رد فعلي كان أغبى من سبيدو بمراحل، ومع ذلك همس رد فعلها كان أفضل منك ألف مرة. كان كل همها هو رضاي أنا. تعرفي إنها بسبب الفستان ده نزلت من بلدها لعندي الشركة علشان نتصالح؟ همس رقم واحد عندها هو رضاي وسعادتي، فعلشان كده زي ما إنتِ بتقولي ما بزعلهاش وبقلب الدنيا على أي حد يضايقها أو يدوسلها على طرف. لكل فعل رد فعل يا آية.”
سلوى دخلت عندهم: “الاجتماع المغلق ده مش هيخلص؟ كل ده ليه؟”
سيف راح ناحية أمه وبصوت آية تسمعه: “عقلي بنتك، يا تغير الفستان وتطلع، يا تبعتيلي رسالة أمشي الناس اللي بره دي ونفضها ليلة، شوفي هتوصلي معاها لإيه وعرفيني.”
خرج لبره، كان سبيدو واقف فقرب منه، نظراته كلها تساؤل، وسيف رد عليه: “هنستنى ونشوف، معنديش رد ليك.”
انضم لهم مروان وبدر ومؤمن ونادر علشان محدش ينتبه إن في حاجة مش طبيعية.
همس مع أختها اللي سألتها: “تفتكري في إيه؟”
همس عنيها طايرة: “مش عارفة صراحة.”
هند لاحظت عنيها: “إنتِ بتدوري على حد؟”
همس بتتلفت حواليها: “لا، مش حد، بس بتفرج على البنات واللي عاملينه في نفسهم. شوفتي اللي اسمها دارين دي؟ طلعت بنت خالت جوزي. اللي معرفلوش أهل، كل يوم أكتشف حد في حياته. بت رخمة ومايصة، عاملة زي البت بتاعت بدر.”
هند عنيها وسعت: “مين البت بتاعت بدر؟”
همس بصتلها: “مين البت بتاعت بدر؟”
هند بغيظ: “مش إنتِ اللي بتقولي؟”
همس حاولت تتوه: “أنا قولت كده؟ أنا أقصد البنات عامة المايصات، اللي على رأي سلمى، بوقهم واخد وضع البوس.”
هند بحيرة: “سلمى مين؟”
همس بتأكيد: “مي عز الدين في فيلم عمر وسلمى لما جوزها كان بتاع بنات، مش كانت بتقول على البت بوقها واخد وضع البوس.”
هند بغيظ: “بت، بطلي لف ودوران وقولي حالًا تقصدي إيه؟”
همس باعتراف: “بت هناك في الشركة رخمة وفاكرة نفسها حلوة، وللأسف حلوة، بتتمرقع على جوزك.”
هند بتفكير: “اللي اسمها حنان دي؟”
همس بصدمة: “إنتِ عارفاها؟ مين قالك عليها؟”
هند باهتمام: “هي حلوة أوي يا همس؟ شكلها إيه؟ بتلبس إزاي؟”
همس وصفت شكلها لأختها، وقعدوا يتكلموا مع بعض.
سلوى أخذت بنتها لأوضتها فوق ودخلت جابت فستان وحطته قدام آية، ( شكل الفستان https://pin.it/5wwz5t0pJ )
آية رفعت عنيها لأمها باستفسار، فسلوى وضحت: “كنت طلبت فستان ليكِ من بره، عجبني تصميمه، بس لما عاندتيني وخرجتي مع سبيدو لوحدكم، حطيته في الدولاب وقلت أهاديكِ بيه في أي وقت.”
آية فتحت شنطة الفستان، وعنيها لمعت بالدموع، حضنت أمها لأن سلوى معروف ذوقها عالي جدًا، والفستان كان واضح إنه غالي ومميز. مسحت دمعتها: “ينفع تساعديني ألبسه؟”
سلوى مسحت دمعتها هي كمان: “ينفع يا روح قلبي.”
ساعدتها تقلع الفستان وتلبس التاني، وغيرت لون الروج اللي حطاه، ونزلوا الاتنين مع بعض. قبل ما يخرجوا، سلوى بعتت رسالة لإبنها: “خلي سبيدو يدخل ياخد آية بإطلالتها الجديدة.”
سيف قرأ الرسالة وابتسم: “ادخل هات مراتك من جوه بإطلالتها الجديدة.”
سبيدو ابتسم بارتياح، واتحرك بسرعة يجيبها. داخل من الباب، قابل سلوى في وشه: “هاتها، وإياك تزعلها تاني.”
سبيدو باستغراب: “هو أنا زعلتها أولاني؟”
سلوى بإصرار: “عدم تركيزك إنت مسؤول عنه، مش هي. المرادي مشيت الأمور، بعد كده مش همشيها.”
سبيدو مسك إيدها: “ربنا ما يحرمني منك، وحاضر من عيني. هركز في كل التفاصيل ومش هزعلها تاني، بس والله بحبها، ومحبتش حد يشوفها بالشكل ده.”
سلوى شبح ابتسامة ظهرت: “وعلشان كده خليتها تغير الفستان، لأني عارفة ومقدرة الغيرة.”
سبيدو رفع إيدها وباسها: “ربنا ما يحرمني منك يا ست الكل.”
ابتسمت وسحبت إيدها: “ادخل هات مراتك، وأنا هطلع أقول إن دي إطلالة تانية. مش لازم حد يعرف باللي حصل ولا ليه غيرت الفستان. هنقول بس إطلالة تانية، وإنت صالحها وخليها تطلع بأحلى ابتسامة.”
سبيدو شاور على عينيه الاتنين ودخل لعندها.
وقف مصدوم قدامها لوهلة، بعدها قرب: “بقى بذمتك، مش عايزة تغيري وتلبسي الفستان ده؟ أنا عاجز عن الكلام.”
آية دارت وشها بعيد علشان تبتسم: “ماما أنقذت الليلة، كنت هطلع أوضتي ومش هخرج منها أبدًا.”
سبيدو قرب، مسك أكتافها وهو وراها: “واهون عليكِ تسيبيني لوحدي بجد في يوم زي ده؟”
آية رفعت كتفها بدلال: “زي ما هونت عليك تزعلني.”
لفها تواجهه: “طيب أعمل إيه بس؟ اتجننت يا آية، مش هقبل راجل تاني يشوف حتة من جسمك. أنا لو أطول أخبيكِ في قمقم، هخبيكِ.”
علقت بتهكم: “لبسني نقاب بقى.”
رد بسرعة: “يارب يهديني ويهديكِ، ليه لأ؟”
اعترضت: “مش هلبس.”
قاطعها بسرعة: “نقول ربنا يهدينا وبس. مش هجبرك تعملي حاجة مش عايزاها، بس نقول ربنا يهدينا وبس. المهم، أنا قلتلك إنك صاروخ رشق في قلبي؟”
آية استغربت: “زي ما قلت لسيف في الحفلة، مين الصاروخ دي؟”
ضحك: “ماهو إنتِ. جيتي وبكل نعومة، البوفيه جاهز. رشقتي في قلبي من يومها. مش عارف أشوف غيرك، ولا أسمع غير صوتك. أعمل إيه؟”
علقت بتريقة: “تقوم تقولي صاروخ رشق في قلبي؟”
قرب أكتر، مسك دقنها، ورفعها: “لو منتظرة مني أقول كلام رومانسي، فسبق وقلتلك مبعرفش أقول. اللي بحسه بقوله. قلبي هينفجر جوايا. احاسيس كتير جوايا، أول مرة أعيشها، ومش عارف ولا فاهم إيه اللي بيحصلي وأنا معاكِ. بس دنيتي كلها اتشقلبت. بقيت عايزك قدامي طول الوقت، ومستعد لأي إشارة منك. عايز أقرب بأي شكل، وحاسس إني هموت لو مقربتش أكتر.”
بصت لعينيه وهو بيقرب منها: “تقرب أكتر إزاي؟”
بتلقائية، عنيه نزلت لشفايفها اللي بتتحرك، وهمس بحب: “ألمسهم بس.”
لمس شفايفها بكل رقة متنافية مع شخصيته العنيفة. غمضت عنيها، وحست بلمسة شفايفه برقة استغربتها. لحظات، قلبهم توقف تمامًا عن النبض.
بعد عنها وعينيهم متعلقين ببعض. لسان حالهم بيطلب زيادة: ما لحقتش أشبع منك. عنيها بتطلب أكتر، كأنها بتقوله: مفهمتش، قرب تاني يمكن أفهم؟
فتح شفايفه، وهجم عليها بعنف. بس، بمجرد ما لمس شفايفها، سمعوا صوت سيف وهو داخل: “يا إبني انجز.”
الاتنين بعدوا عن بعض تمامًا وسيف دخل، كانوا قصاد بعض، أنفاسهم مضطربة وعالية، كأنهم كانوا في سباق ماراثون.
سيف كرر بهدوء: “يلا نطلع؟”
سبيدو مسك إيدها اللي كانت بتترعش: “يلا.”
عدوا من جنبه، لكن سيف وقفهم ومسك إيد أخته: “كده أجمل بكتير على فكرة.”
إيدها كانت ساقعة وبتترعش، حاولت تبتسم في وش أخوها لكنها ما قدرتش، ما حطتش عينيها في عينيه. تلقائيًا، عينيه واجهت سبيدو اللي هو كمان هرب من نظرته.
سيف باس راس أخته: “يلا، وربنا يسعدكم.”
طلعوا الثلاثة، والكل هيص بخروج آية، مستغربين الفستان اللي لبسته لأنه كان أجمل بمراحل من الأولاني.
همس قربت من سيف ولاحظت شروده: “حبيبي، مالك؟”
بصلها: “لو دخلتي على اتنين لقيتيهم قصاد بعض، وأنفاسهم عالية، وإيديهم بتترعش ومتلجة… دا معناه إيه؟”
همس ابتسمت وهمستله: “فاكر أول مرة بوستني فيها؟”
سيف ابتسم وافتكر يخت باسم: “بس إيديكِ مكنتش بتترعش.”
همس باستنكار: “أنا جسمي كله كان بيترعش مش إيديا بس، وبعدين أنا فضلت في حضنك لحد ما استرديت أنفاسي. بس أعتقد لو نادر دخل علينا كان هيغمى عليا مش بس إيديا هتترعش، بس أخويا عنده دم.”
سيف بصلها باستنكار: “قصدك إيه؟”
همس: “قصدي بطل رخامة بقى جوزها خلاص. سيبه يضمها ويقولها بحبك، بلاش تضيع عليهم ليلة من ليالي العمر اللي ما بتتنسيش.”
سيف بغيظ: “دي أختي الصغيرة، وبعدين هم مش بينهم قصة الحب الـ…”
قاطعته: “مين قالك مش بينهم؟ هو مش بالوقت ولا بالمزاج ولا بالقرار. وبعدين هي مراته، هتقول أي كلمة هقولك: مراته، حلاله، ربنا حلله ياخدها في حضنه ويبوسها. إنت مين علشان تمنعه من ده؟”
كشر أكتر وبصلهم وسط الكل والاغاني شغالة. همس قربت منه تغيظه: “بكرة هياخدها بيته وتنام في حضنه وهيعمل زي ما إنت…”
قاطعها وهو بيحط إيده على بوقها: “يا باردة، يا رخمة، هتخليني أروح أفركش أم الجوازة دي.”
ضحكت جامد عليه، وحطت إيديها حوالين رقبته: “سيبك من آية، هي مع حبيبها. ركز مع حبيبتك، عنيك طايرة عنها ومش مهتم بيها وهتبدأ تزعل.”
سيف بابتسامة: “ولو زعلت، هتعمل إيه؟”
همس بتفكير: “نادر هياخد بابا وماما معاه، هشبط فيهم وأروح أبات معاهم يومين.”
سيف ضيق عينيه: “ده تهديد يعني؟”
همس رفعت نفسها قصاد وشه: “أيوه تهديد. خلي عنيك في عنيا وبس، مش عايزاك تبص لغيري ولو مجرد نظرة.”
سيف بتوهان: “لو عنيا فضلت في عنيكِ أكتر من لحظتين، هبوسك يا همس.”
ابتسمت بتحدي: “وإنت خايف تعملها علشان مين؟”
نظراتهم كلها تحدي، قطعها سيف بشفايفه، بدون ما يهتم بحد من اللي حواليهم.
همس عمرها ما تخيلت إنه ممكن يعملها قدام الكل، فخبت وشها في كتفه.
ميرڤت بصت لسلوى: “عيب أوي اللي إبنك بيعمله ده.”
سلوى كانت متضايقة بس ابتسمت: “عريس وفرحان بعروسته. ما تنسيش هم لسه عرسان، غير إنهم بيعشقوا بعض.”
ميرڤت بغيظ: “يعشقوا بعض براحتهم في أوضتهم مش قدامنا.”
سلوى بتكبر: “إنتِ عارفة سيف إبني، لا بيهمه حد ولا بيعمل حساب لحد. همس عشقه.”
آية جنب سبيدو، ماسكين إيدين بعض وفي صمت مسيطر عليهم، يمكن بيحاولوا يلملوا مشاعرهم المتبعثرة والمضطربة.
كانت ضاغطة جامد على إيده وكأنه هو حصن الأمان بتاعها. قرب منها وفك إيده من إيدها علشان يلفها حواليها، ومسك إيدها تاني بإيده التانية: “حبيبتي، اهدي.”
بصت لعينيه بعتاب مفهمش معناه، فاعتذر: “أنا آسف لو…”
ما كملش الجملة لأنه ما عرفش يعتذر على إيه؟ يعتذر لأنه قرب ولا لأنه بعد؟
همست بصوت يدوب سمعه: “لو إيه؟”
بص لعينيها واستجمع شجاعته: “لو عملت حاجة إنتِ لسه مش مستعدة لها.”
عينيه منتظرة إجابتها، وهي مش عارفة تتكلم أو تفكر: “لو منتظر مني إجابة، فمعنديش إجابة. أنا مش عارفة إيه اللي حصل، مش عارفة أحلله ولا أستوعبه.”
أخد نفس طويل قبل ما يسألها: “طيب بلاش إجابة، قوليلي حسيتِ بإيه؟”
بصت لعينيه: “إن قلبي وقف، وحياتي كلها وقفت، والكون كله اختفى. مفيش غيرك، زي ما يكون حد عمل pause لكل حاجة حواليا، وبعدها مرة واحدة كل حاجة اشتغلت.”
ضغطت على إيده أكتر، وعينيهم اتعلقت ببعض.
قاطعهم والدته اللي قربت: “سعد، حبيبي.”
شال دراعه من حواليها ومسك إيدها وعرفهم على بعض بشكل أوضح. شوية وانضم ليهم عبدالرحمن، هزروا وضحكوا، بس آية حسّت إنه وحيد. سيطر عليها الإحساس ده تمامًا. هو مش بطبيعته قدامهم.
هو بيضحك وبيهزر كتير وطول الوقت بيتريق على كل حد حواليه، بس ده مجرد قناع بيحمي نفسه بيه. بيتجمل قدام الكل وبيظهر إنه متقبل إن أمه تسيبه وتتجوز وتسافر، بس الحقيقة مختلفة. سبيدو أو سعد له شخصية خفية محدش يعرف عنها حاجة نهائي.
بصت حواليها، لقت وشوش كتير بتضحك، وشوش عارفاها: أمها، أخوها، أبوها، أصحابها. عيلة كبيرة متكاملة حواليها طول عمرهم بيدعموها وبيقفوا جنبها. لكن هو عنده أم سبق واتخلت عن دورها، ومهما يقول إنه متقبل جوازها، بس دي مش الحقيقة. الحقيقة المجردة إنه بوفاة والده خسر والدته.
مرة واحدة سألته: “ليه الدارك ويب؟”
اتهيأله إنه سمع حاجة: “إيه؟”
كررت سؤالها: “بقولك ليه الدارك ويب؟ ليه السباقات الغير مشروعة؟ إزاي بدأت؟”
بصلها بذهول شوية، بعدها ابتسم وبص حواليه هربًا من نظراتها: “إنتِ شايفة ده وقته لأسئلة زي دي؟”
علقت: “مش يمكن أكون اتأخرت في إني أسٱلها؟ وكان المفروض أسألها قبل ما أربط نفسي بيك؟”
قلبه غُصّ بوجع ولقى نفسه بيسيب إيدها: “للدرجادي إجابة السؤال هتفرق معاكِ؟ مش كفاية إني سيبته علشانك؟”
استغربت إنه ساب إيدها: “إجابته مش هتفرق دلوقتي، بس عايزة أعرف ليه دخلت السكة دي؟”
بص للأرض: “ولو قلتلك معنديش إجابة هتعملي إيه؟”
بص لعينيها منتظر إجابتها، فردت: “أنا مراتك خلاص، ومفيش أي حاجة في الكون ممكن تغير الحقيقة دي. بس معرفش ليه جوايا إحساس إني معرفش عنك أي حاجة؟ كتير متخيلة إني عرفاك، بس حاسة إني غلطانة. أنا محتاجة أدخل جوا أفكارك وعقلك.” قربت منه وشاورت على عقله وقلبه بصباعها: “محتاجة تدخلني جواهم.”
بص لعينيها كتير قبل ما يعلق: “أنا قربت خطوة وفتحتلك الباب، بس للأسف مش هعرف أدخلك. الخطوة دي لازم تعمليها لوحدك وبنفسك.”
اتنهدت وحضنت دراعه بتملك: “هعملها بإذن الله.”
انتبهوا الاتنين على باسم بيقرب منهم. اتوترت، وفضلت حاضنة دراعه بتوتر. باسم قرب: “مبروك يا سبيدو، مبروك يا آية، بتمنالكم حياة سعيدة.”
ردوا عليه الاتنين، وهو انسحب بسرعة، ما حبش يفضل موجود لأن الوضع كان محرج بالنسبة للكل.
روان وأيمن قربوا باركوا ليهم، بعدها نهلة وهاني اللي سبيدو كان يعرفه بعد موضوع العربية اللي اشتروها منه.
البوفيه اتفتح والكل بيتعشى، وسيف لاحظ أن همس عنيها مش مركزة معاه: “بتدوري على مين كده يا هموستي؟”
بصتله بنظرة عابرة: “بحاول أدور على فستان أحمر.”
سيف بص بعينه نظرة شاملة للكل، بعدها علق: “مفيش حد لابس أحمر غير دارين وروان صاحبة آية.”
همس بصت للاتنين واستبعدت روان، لكن دارين اتقابلت نظراتهم ولاحظت كره وغضب في عنيها.
سيف شدها عليه: “هتولعي في البنية، إيه النظرات دي؟”
همس بصتله: “إنت لما خرجت من أوضتنا شوفت حد في الطرقة؟”
استغرب سؤالها ونفى: “لأ ليه؟”
ردت بتفكير: “بعد ما خرجت من أوضة آية، لمحت طرف فستان أحمر آخر الطرقة، صاحبته كانت بتجري، فيدوب لمحت طرف الفستان.”
سيف باهتمام: “وبعدين؟ ما أي حد ممكن يكون مستعجل، كمان أوضة خالتو وبنتها آخر الطرقة فعلًا، إيه المشكلة؟”
همس بصتله: “المشكلة إني دخلت لقيت الفستان اللي إنت شوفته في الدريسنج متقطع بالمقص.”
سيف جتله حالة ذهول وردد: “متقطع؟” (بص زيها بحدة ناحية دارين) “إنتِ متأكدة إنها هي دخلت أوضتنا وقطعت فستانك؟”
همس بتردد: “لا طبعًا مش متأكدة، بقولك ما شوفتش غير طرف فستان يدوب، بس مين ممكن يعملها غيرها؟ أمها الصبح تعتبرني خدامة، وبعد ما مشيت قالتلي إنك أخدت بنتها وخرجت، وقالت إنك كنت قاعد عندها في بيتها وإنت بره، وكنتم متعلقين ببعض.”
سيف بصدمة: “لا طبعًا محصلش و…”
همس قاطعته: “حبيبي، إنت مش محتاج تبرر أي حاجة، غير إن مامتك ردت عليها ونفت كل ده. أنا أقصد بس إنها أعلنت العداء من لحظة دخولها البيت.”
سيف بص ناحيتهم، لكن همس مسكت وشه: “الليلة لآية، مش هنسمح لحد يعكر صفوها، تمام؟”
ابتسم بموافقة، لكنه من جواه كان في ضيق بيكبر، لأنه عنده مشاكل كفاية مش متحمل كيد نسا وصراعات داخلية بالشكل ده.
راح قعد بيها جنب خاطر وفاتن، ولحظات وانضم ليهم بدر وهند وأنس، وشوية وانضم ليهم كمان نادر وملك، والكل كان بيضحك ويهزر، وفاتن بتدرس أو بتعد كل أنفاس ملك، وملك ملاحظة ده فمتوترة من نظراتها.
بعد العشا اتفاجؤوا بموسيقى تركية اشتغلت، فعز وسيف ابتسموا لأن هوليا قامت وقفت في النص، وعز قام وراها وسيف كمان، وانضمت ليهم آية، ورقصوا رقصة تركية. وشوية، الكل دخل معاهم، وكان الجو مجنون تمامًا.
الوقت اتأخر والكل بدأ يروح، وسبيدو والدته مشيت هي كمان، لكنه فضل شوية معاهم لحد ما الكل خرج والموجودين دخلوا البيت. دارين كانت هتطلع أوضتها لكن سيف وقفها: “استني يا دارين.”
كلهم بصوا له باستغراب من نبرة كلامه، وهو بص لعواطف: “هاتيه.”
سلوى اتدخلت: “في إيه يا حبيبي؟ الكل تعبان ومرهق وعايز يرتاح.”
سيف رد عليها: “لحظة يا أمي بس.”
دارين اتوترت وبصت لمامتها اللي وقفت وقالت: “وبعدين يا سلوى؟”
عواطف خرجت بفستان همس اللي الكل شهق أول ما شافوه متقطع، وآية وقفت: “إيه اللي قطعه كده؟ ومين قصه؟ ده مقصوص بمقص، صح؟”
سلوى بصت لدارين لأن مفيش غيرها ممكن يعمل حركة زي دي.
سيف قرب خطوة منها: “قصيتي فستان همس ليه يا دارين؟”
دارين بتوتر ردت: “وأنا أقصه ليه؟ أنا مالي؟ هي كذابة و…”
سيف زعق وقطع كلامها: “اخرسي، وأوعي تنسي للحظة إنتِ بتتكلمي عن مين.”
ميرڤت وقفت: “وبعدين يا سيف؟ إحنا جايين نبارك لأختك، مش جايين نتهزق هنا. فستان إيه وبتاع إيه اللي يفرق مع دارين؟”
سيف بهدوء لكن بحزم: “بالظبط ده اللي عايز أعرفه. فستان إيه اللي يخليها تتصرف بالتخلف ده؟ هل متخيلة… متخيلة إيه مش فاهم؟ إني مقدرش بتليفون واحد أجيب لها أتيليه كامل وألف فستان غيره؟ ولا متخيلة إنها كده هتضايقها؟ ولا متخيلة إنها عندها فستان واحد هتقعد تعيط جنبه؟ متخيلة إيه بالظبط لتصرف طفولي بالشكل ده؟”
سلوى قربت من إبنها: “خلاص يا سيف، خلي الليلة تعدي على خير، والفستان نجيب لها زي ما إنت قلت ألف غيره. اليوم كان طويل وكلنا محتاجين نرتاح.”
سبيدو وقف بحرج: “أقولكم تصبحوا على خير.” (بص لآية) “وأشوفك بكرة.” (بص لعز وسيف) “بكرة لو سمحتوا هاخد آية نتغدى مع بعض؟”
عز ابتسم: “ما بكرة تعال أنت وعيلتك تتغدوا معانا، وبعدها ابقى خدها أو اتعشوا بره براحتكم. خلوا الغدا هنا.”
قبل ما سبيدو يرد، سلوى علقت: “أنا بالفعل عزمت كاميليا والدتك وجوزها تتغدوا معانا بكرة وده العرف. بكرة تتغدوا معانا، وبالليل ابقوا اتعشوا مع بعض.”
اتفقوا، وبعدها سبيدو كان هيخرج وسيف معاه، لكن همس مسكت إيده: “إياك ترخم عليهم، سيبهم.”
بصلها: “يا بنتي هطلع معاه بره، عيب أسيبه كده.”
همست: “بس هو عايز يقولها تصبحي على خير. فاكر كان صعب ازاي تسيبني اليوم ده وتمشي؟ فاكر إحساسك ساعتها؟”
سيف بتريقة: “ماهو علشان فاكر أنا هرحمه من الإحساس ده لأن في حاجات ما بيتشبعش منها.”
سابها وهي رددت: “رخم.”
ابتسم وبصلها وخرج مع سبيدو وآية وصله لبره وسلم عليه: “بكرة ما تتأخرش إنت ووالدتك وعبدالرحمن.”
سبيدو رد: “إن شاء الله.”
سيف ختم: “هقولكم تصبحوا على خير.” (بص لأخته) “ما تتأخريش.”
سابهم ودخل، والاتنين فضلوا ساكتين لحد ما اختفى.
أخذ نفس طويل وزفره: “أوف، أخيرًا بقينا لوحدنا. مش كان أحلى لو عملنا فرح بالمرة؟ لازمته إيه كتب كتاب بس؟”
آية ابتسمت: “إنت أصريت على كتب كتاب بس.”
رد بهزار: “غبي ومتخلف وما بفهمش، لو أعرف إن ده هيكون إحساسي كنت عملت فرح بالمرة.”
آية همست: “إيه هو إحساسك؟”
قرب منها، مسك وشها: “إني بخلع قلبي من جوايا وهسيبه وامشي.”
آية هربت من عنيه، لكنه رجّعها لعنيه تاني. لمس شفايفها بإيده، بص لهم، وبعدها نقل نظره لعنيها: “ينفع نفهم إحساسنا اللي كان متلخبط؟”
اتعلقت بعنيه، وراقبته وهو بيقرب منها، فغمضت عنيها باستسلام لذيذ. لمس شفايفها برقة تحولت لاحتياج، نهم، شوق، ولهفة، وحب.
بعد عنها يديها فرصة تسترد أنفاسها. سندت على صدره بتهالك، وهو حط إيديه الاتنين حواليها، فضل ضاممها من غير ما حد فيهم ينطق حرف، لحد ما همس: “إزاي خليتيني أحبك بالشكل ده؟ اللي أنا حاسه دلوقتي عمري ما حسيته قبل كده، ولا عمري تخيلت إني أعيش حالة الحب دي يا آية. أنا النهاردة أول يوم في عمري عشته، أو تحديدًا الليلادي في حضنك.”
ضمها أكتر، لأنه بيعيش مشاعر عمره ما تخيل في يوم إنه يحسها. الحب جديد عليه، القرب جديد عليه، وإن حد يشاركه حياته جديد عليه.
التعليقات