رواية عاصفة الهوي الفصل الخامس والستون 65 بقلم الشيماء محمد
سيف مع همس منتظر أخته تدخل وعينه على الباب، وهمس مسكت وشه: “هي هتطير؟ هو إنت هتفضل كده على طول ولا ده علشان إحساس جديد؟”
بصلها بغيظ: “مش عارف بس اتأخرت أوي صح؟ دي مكنتش تصبح على خير وأشوفك بكرة، ماهو هيجي الظهر يتغدى معاها مش هتلحق توحشه ولا يوحشها، هو مش مسافر.”
همس بصتله بذهول وبعد ما كانت إيديها حواليه بعدت عنه، فاستغرب: “مالك بتبصيلي كده ليه؟”
ردت بحنق: “علشان بسمع كلام غريب جدًا منك، ماهو حاجة من الاتنين، يا إنت مش حقاني ومش بتقدر مشاعر حد غير نفسك، يا إنت أشطر ممثل في الكون كله.”
بصلها بذهول وحاول يفتكر هو قال إيه بالظبط، فسألها باستغراب: “ليه كل ده؟ وإيه قصة التمثيل دي؟”
همس مسكت فستانها وعلقت بسخرية: “أنا طالعة أوضتي تصبح على خير. اطلع هات أختك من قفاها، ولا أقولك جرجرها من شعرها، ارميها في أوضتها واقفل عليها بالمفتاح.”
مسك دراعها بشدة: “اقفي كلميني، هنا في إيه لكل ده؟ كل ده علشان قلت اتأخرت؟ هي بقالها نص…”
قاطعته: “إياك يكون ساعتين حتى، الموضوع مش بيتقاس بالوقت، تصبح على…”
قاطعها: “اتكلمي معايا عدل يا همس.”
زقت دراعه بعيد عنها: “إنت أخدتني شقتك يوم كتب كتابنا، قعدنا فيها قد ما قعدنا ووصلتني بيت أبويا وشلتني لحد باب البيت، ولا إنت جتلك غيبوبة؟ إنت كل مرة، ولحد من شوية بس قبل ما ننزل، كنت في حضني، ولما سبيدو قال هيتأخر قلت الحمد لله. إنت إزاي بتكيل بمكيالين؟”
حرك راسه بحيرة: “كل ده برضه ليه؟ مش فاهم عايزة تقولي إيه؟”
أخذت نفس طويل وطولت بالها عليه: “إنت بتستنكر عليها وقفتها معاه وبتقول ماهو جاي بكرة مش مسافر، إحنا لحد الآن بنبعد عن بعض بالعافية، إيه هنسافر؟ لما بتصحى وتنزل شغلك بتاخدني في حضنك وتخرج بالعافية؟ هطير ولا هسافر؟ وأديني مراتك ومعاك. فإنت إزاي بتقول كده؟ يا إما لو ده إحساسك وقناعتك يبقى كنت بتمثل عليا، معيشني في وهم، بتعمل حبتين عليا قبل ما تسيبني وتمشي علشان أفضل هيمانه في حبيبي لحد ما يرجع. ماهو كتير تقولي مشوار ساعتين ولا رايح شوية وجاي وتغيب اليوم كله، فاكيد ده مجرد كلام صح؟ طالما بتستنكر إن يوم كتب كتابهم وأول مرة يكونوا مع بعض مستكتر عليهم نص ساعة يبقى إنت كل حاجة وهم؟”
سيف أخيرًا فهم قصدها: “انتِ إمتى هتفصلي بين مشاعري ناحيتك كحبيبة ومشاعري ناحية أختي الصغيرة؟”
همس بتأكيد: “مش هفصل. أختك مع حبيبها اللي راعى لآخر لحظة صحوبيته معاك واحترمك فوق ما تتخيل، وعمل حساب كل حاجة بينكم وما اتكلمش حرف غير بعد ما كلمك إنت بشكل صريح، وحتى السلام منعه لحد ما يكتب كتابه. فإزاي إنت قلقان عليها معاه؟”
علق باستنكار: “أنا سلمتها له، فمش قلقان عليها معاه، بس…”
قاطعته: “ما بسش. مراته وعايزة تشبع من حضنه قبل ما يمشي لأن الليلادي هتكون أطول ليلة في حياتها، وإنت عارف كويس إحساسها أو إحساسه هيكون إيه بعد ما يمشي.”
علق بإصرار: “هقولك تاني، دي أختي الصغيرة.”
علقت برفض: “يعني إيه؟ ما تحبش جوزها؟”
سيف بغيظ: “يا بنتي بطلي تقارنينا بحد غيرنا، أبوس إيدك. ظروفنا كانت مختلفة، اتحرمنا من بعض كتير فغصب عننا لما بقينا مع بعض كانت مشاعرنا مختلفة. إنتِ متخيلة قد إيه كان صعب إني أشوفك ومش مسموح لي أنطق حرف واحد معاكِ؟ ولا قد إيه كان إحساس مدمر يوم ما عملتي حادثة ومعرفتش حتى أطمن عليكِ؟ همس، مشاعرنا كانت نتيجة عذاب وحرمان كتير عشناه. فاكرة إحساسك كان إيه ساعة السباق اللي عصام كان عايز يقتلني فيه؟”
دورت وشها بعيد مش عايزة حتى تفتكر الأيام دي، فهو كمل: “دورتي وشك بعيد ليه؟ أحاسيسنا وحرمانا كان أصعب من إن حد يتحمله، فطبيعي لما تبقي مراتي وفي حضني مش عايزك تبعدي تاني لحظة عني. لكن هما؟ حبوا بعض إمتى للدرجة بتاعتنا دي؟ من كام شهر؟ إيه اللي حصل بينهم؟ اتقابلوا كام مرة؟ وإعجاب اتطور لحب؟ أنا مش بنكر عليها حبها، ولا بنكر عليه، ولا أنا ضد إنه يقرب منها أو يتعامل معاها كزوج. وأنا كمان مش شخص مثالي، فهرجع تاني وأقولك دي أختي الصغيرة، وطبيعي أخاف عليها، وطبيعي أفضل فوق راسها لحد ما تروح بيته. لكن ده مش معناه إني مش مقدر حبها، ولا معناه إني بمثل عليكِ مشاعري.”
سبيدو ركب عربيته وعينيه على آية، شغل العربية المفروض يتحرك بس عينيه ثابتة عليها. آية واقفة عينيها عليه ومن جواها بتصرخ: (انزل خدني في حضنك تاني ولو مرة واحدة قبل ما تمشي. لو بتحبني انزل تاني. سبيدو، علشان خاطري انزل تاني).
مجرد نظرات من غير ما تنطق حرف وهو عينه عليها، عايز يمشي ومش عارف، زي ما يكون في حاجة بتشده ناحيتها. عينيها بتناديه، أو يمكن بيتهيأله. ولو نزل تاني، ممكن تحس إنه متطلب وهيخنقها بحبه. معقول ما صدق إنها حبته، فيتدلق عليها لحد ما يخنقها؟ “امشي وسيبها، وبكرة النهار هيطلع وهتيجي لعندها. الأيام كتير، بلاش تظهر مشاعرك واحتياجك مرة واحدة، بلاش تخليها تخاف منك من أولها. اعقل واتحرك بعربيتك وامشي.”
قلبه اترجاه: (حضن أخير وامشي، بس حضن واحد، وقولها تصبحي على خير وبس. هي لو عايزاك تمشي كانت دخلت، لكن عينيها بتناديك. بلاش تحسسها إنك بتتجاهل إحساسها.)
أخيرًا قرر يسمع لقلبه ونزل من عربيته، وبمجرد ما عملها، زي ما تكون منتظراه، جريت عليه. شالها في حضنه، غمض عينيه بابتسامة ودفن وشه في شعرها. حمد ربنا إنه نزل، لأنها كانت فعلًا منتظراه. همسلها بحب: “مقدرتش أمشي.”
ابتسمت: “مكنتش عايزاك تمشي. قلت لو بتحبني مش هتمشي، وتنزل تاخدني في حضنك. خوفت تمشي وعقلي يقولي ما بيحبكيش كفاية. لو بيحبك كان فهم نظراتك.”
بعد وشه عنها وبص لعينيها: “إنتِ بجد هتفكري كده؟ تعاقبيني على أفكارك اللي جواكِ؟ بدون ما توضحيها ليّا؟”
ابتسمت لذهوله: “آه، المفروض تفهم عينيّ.”
سبيدو بذهول: “وده مين فرضه إن شاء الله؟” (مسك دقنها ورفعها): “أنا بحبك، وكتير، وفوق ما تتخيلي، بس ده مش معناه إني هفهم نظرة عينيكِ وهقرأ أفكارك والحاجات الغريبة دي. آية، أنا هحتاج توجيهك للي إنتِ عايزاه. ما تنتظريش مني أفهم نظراتك دي.”
آية: “إنت فهمت عينيّ ونزلت أخدتني في حضنك؟”
سبيدو: “حبيبتي، دي رغبة جوايا عملتها، مش فهم نظرات أبدًا.”
آية كشرت: “طيب سيبني فاهمة إنك حسيت بيا وسمعت صمتي.”
سبيدو بذهول: “سمعت صمتك إزاي لا مؤاخذة؟ لا يا روحي، مش هينفع أسيبك علشان بعدها ما تتصدميش وتقوليلي إنت مش بتفهمني وحوار الاهتمام ما بيطلبش والموال ده. الاهتمام بيطلب عندي. حوار إننا نتجوز وأرجع البيت ألاقي بوز مترين، والمفروض أفهم بقى إيه اللي مزعلك وأقعد أضرب أخماس بأسداس؟ انسي يا روحي القصة دي. تعاملي معايا معاملة طالب كيجي. عارفاهم دول؟ أول ما بيدخلوا المدرسة بيعلموهم يمسكوا القلم، مش بيدوله كتاب يقوله اتفضل اقرأ لأنه مش هيعرف. أنا معايا شهادة معاملة أطفال، عامليني على هذا الأساس.”
آية بتسمعه بذهول: “إنت بتهرج صح؟”
سبيدو بجدية: “وحياتك أبدًا، ده بجد وحق وحقيق. علميني وهتعلم وحياتك.”
آية بصتله مش عارفة تتكلم: “سيف أول ما بيدخل من بره، نظرة واحدة لهمسته – زي ما بيسميها – بيفهم إن كانت زعلانة، مبسوطة، متضايقة. ده مش بس كده، ده ممكن يكون فاهمها أكتر من نفسها.”
سبيدو بهدوء: “معلومة صغيرة: مفيش راجل في الكون كله بيحب أو بيقبل يتقارن براجل تاني، واعتقد برضه الستات ما بيحبوش يتقارنوا بحد. بعدين، سيف عرف همس سنة كاملة قبل ما يتجوزها، ومروا بألف موقف وتجربة قربتهم من بعض وفهمتهم بعض. مع العِشرة بتفهمي الإنسان اللي قدامك. بعدين، سيف اللي بتقولي بيفهم همس من نظرة، راح خطب واحدة تانية غير همسته علشان نظرة، ولا نسيتي؟ فين فهمه لها؟ مفهمش ليه إنها بتحبه هو، ومفهمش ليه إن التاني ده جار وصديق. مفهمش ليه ساعتها مش بيفهمها أكتر من نفسها؟ ولا فهمه ده كان نتيجة تجارب كتير؟”
آية كشرت لأنها نسيت كل ده. هو برضه عنده حق. سبيدو رفع وشها تواجهه: “مش هوعدك إني أفهمك من نظرة زي سيف، ولا إني مثلًا أبوسك قدام الكل زي ما سيف عمل النهارده. كل راجل له شخصيته وله طريقته. بس أوعدك إني هحبك بكل ما فيا. هتقربي مني خطوة، هخطي عشرة قصادها. هحاول على قد ما أقدر أسعدك. هل وعدي ده يكفيكِ؟”
ابتسمت بحب: “يكفيني. يكفيني يا سعد.”
سألها باستغراب: “إمتى بتقولي سعد وإمتى بتقولي سبيدو؟ مش قادر أحدد.”
ضحكت بخفة: “هغششك حاضر. سعد بقولها لما أبقى بحبك أوي أو متضايقة منك أوي. لكن في العادي هقولك سبيدو.”
ضيق عينيه: “طيب، إنتِ كنتي مبسوطة وبعدها بقيتي متضايقة، فإنتِ قولتي سعد. إنتِ مبسوطة ولا لسه متضايقة؟ أعرف منين أنا دلوقتي؟ ماهو ما تتنقليش من الانبساط للضيق للغلاسة في وقت واحد.”
ضحكت جامد وربتت على كتفه: “دي بقى وظيفتك تعرف تحدد أنا حالتي إيه.”
مط شفايفه بغيظ وبصلها: “تعرفي إنك تشبهي سيف كتير؟ عندك نفس الرخامة بتاعته.”
ضحكت أكتر ورجعت خطوة لورا: “دي حقيقة مش هنكرها. بس الرخامة دي رد فعل طبيعي لغباءك يا حبيبي.”
رفع حاجبه بذهول: “غبائي؟ غباء إيه معلش؟”
اتنهدت: “كنت عايزاك تنزل تاخدني في حضنك وتمشي قبل ما سيف يجي يسحبني من قفايا. بس إنت اخترت الوقت ده تفهمني طبيعتك، وتتكلم كتير أوي أوي. فاتفضل هقولك تصبح على خير، وبكرة نكمل نقاشنا ومحاولتنا في فهم أسرار النفس البشرية لسبيدو وآية.”
وقف قصادها بيحاول يفكر يعمل إيه أو يعقل نفسه. بس هي مراته، يعقل ليه؟ قرب خطوة منها فهي رجعت خطوة لورا وحذرته: “إحنا طولنا أوي وسيف ممكن يطلع.”
عينيه في عنيها: “على فكرة أنا ما بتهددش بسيف. بحترمه وبقدره، بس ما بتهددش بيه. غير إنك ناسية حاجة مهمة أوي.”
سألته بعبث: “اللي هي إيه؟”
ابتسم وهو بيمسك إيدها يشدها عليه: “إنك مراتي. مراااتي. فاهمة ولا أفهمك؟”
ابتسمت: “فهمني.”
ابتسم وباسها، وإيديه سابوا إيدها ومسكوا وشها، يمكن يكتفي منها قبل ما يمشي.
بعدت عن شفايفه وسندت راسها على راسه بتسترد أنفاسها وهمست: “المفروض تمشي.”
همس زيها: “المفروض حاجات كتير مش عارف أفكر فيها.” (بص لعينيها): “هتفق مع سيف بحيث في أقرب وقت نعمل فرحنا، أوك؟ موافقة؟ ولا لسه محتاجة لوقت تعرفيني وتخليني أفهمك أكتر؟”
همست وإيديها حوالين رقبته: “هفهمك أكتر وأنا في حضنك وبين إيديك وفي بيتك.”
ابتسم وضمها أوي لقلبه: “يبقى اتفقنا.”
همس بتسمع سيف وكل كلمة بيقولها بتخليها تفهمه أكتر. استغربت من نفسها، ليه كانت محتاجة منه يشرح وجهة نظره في حب أخته؟ هل خافت يكون بيحب أخته أكتر ما بيحبها؟ زي ما قال قبل كده: “الزوجة تتعوض، لكن الأخت لأ”. هل خافت يكون سمح لنفسه يتمادى معاها طالما هي موافقة، لكنه خاف على أخته من التمادي حتى مع جوزها طالما لسه مش في بيته؟ ليه بتهاجمه بالشكل ده في ليلة زي دي بدل ما تكون في حضنه؟ ليه الخوف المبهم اللي جواها من حاجة لسه هتحصل؟ كل ما يحصل أي حاجة تلاقي نفسها بتهاجمه. في حاجة جواها مش مفهومة، دايمًا خايفة ومش عارفة مصدر الخوف ده إيه؟
انتبهت على صوته ولمسة إيده على خدها: “حبي ليكِ مميز يا همس، أو أنا شايفه مميز. حابب أشوف إن محدش في الكون ده كله بيحب زيي. مش بحب تقارني حبنا بأي حد. أنا وإنتِ مميزين، فخلينا مميزين. إحنا مش زي حد، حبنا مش زي حد، ينفع؟”
شاورت بدمغها بابتسامة فابتسم هو كمان وباسها برقة.
سمعت صوت عربية سبيدو، همست بهدوء: “جوز أختك مشي. انزلها وخدها في حضنك، لأنها حاليًا مفتقدة حضنه وحاسة إنها لوحدها والدنيا كلها فاضية. انزل فكّرها إنها مش لوحدها.”
مرة واحدة أضافت بتهكم: “وما تقولهاش الكلمتين الغبيين اللي قولتهم لي من شوية، بالعكس، فهمها إنك حاسس بيها ومقدر مشاعرها، وعارف مدى احتياجها دلوقتي لحضن جوزها. اقعد معاها شوية.”
بصلها مش عارف إحساسه الحقيقي في اللحظة دي. همس الوحيدة اللي عندها القدرة تخليه في حالة “error”، ما يبقاش فاهم هو مبسوط ولا متضايق. يحضنها ولا يضربها؟ محدش بيقدر يوصله للاحاسيس دي غير همسته بس. يفرح باهتمامها بمشاعر أخته وإحساسها، ولا يديها قلمين على طريقتها وغتاتتها؟
ما نطقش. بعد عنها وخرج لاخته. يدوب مسك أوكرة الباب، وقفته بتحذير: “اقعد شوية صغيرين، هي عايزة تتكلم. ما تفضلش ترغي كتير.”
ما بصلهاش، بس رفع راسه للسما: “يا الله ارحمني وصبرني، مش هقول غير كده، صبرني عليها.”
ضحكت وعلقت تغيظه أكتر: “أنت حر. لو اتأخرت، هنام. ابقى كمل سهرتك لوحدك.”
بصلها وقرر يتحرك ناحيتها، لكنها جريت لجوه الدريسنج وهي بتضحك على نرفزته.
خرج ونزل لأخته، كانت ساندة على الباب. أول ما شافته، مد إيديه ليها فجرت عليه حضنته وهي علقت: “هو أنا ليه اتعلقت بيه كده؟ وإزاي؟ وإمتى؟ امبارح كان عادي. آه، مقربة ومرتاحة معاه، بس مش كده. النهاردة وهو ماشي، قلبي اتخلع معاه. إيه اللي اختلف من امبارح للنهاردة؟”
ابتسم بتفهم لمشاعرها: “اللي اختلف إنك بقيتي مراته، فربنا خلقنا، أو خلق الزوجين، برابطة غريبة بينهم. مجرد ما الواحد بيتجوز، تحسي إن روحه اتقسمت في جسمين. مش عارف يعيش بدون نصه التاني وبيستغرب، ماهو كان عايش عادي. فدي حكمة ربنا:
قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
تحليلي الخاص، أو اللي وصلتله، إن الواحدة ربنا بيخلقها من جوزها، وعلشان كده لما بيلاقوا بعض بيكملوا بعض. كل واحد بيلاقي الحتة الناقصة منه، ولما بتلاقيها، بتستغربي أزاي كنتِ عايشة من غيرها. فهو كمل روحك، ولما بيبعد ما بتعرفيش ترجعي تعيشي تاني بنص روح محتاجة لباقيها.”
بصتله فجأة: “إنت إزاي عشت لما انفصلت عن همس؟”
ابتسم بحزن: “إنتِ كنتِ شايفاني عايش ساعتها يا آية؟”
هزت راسها بالنفي، بعدها علقت: “بس وجع الاحتياج ده هيقل مع الوقت، صح؟ لما اتعود عليه هيبقى عادي يروح ويجي ويبعد عني، صح؟”
ابتسم ونفى: “مين ضحك عليكِ وقالك ده؟ لو الحب صادق وحقيقي، أحب أقولك إنه هيزيد وهيتضاعف وكل يوم هيزيد أكتر. مفهوم إن الحب بيقل وينتهي بالجواز دي فكرة غلط جدًا يا آية. الحب شكله بيختلف، بس بيزيد ويعمق ويتوغل في كل حتة جواكِ، بيسيطر عليكِ. فلو إنتي حاسة إنه وحشك دلوقتي، صدقيني ده ولا حاجة بعد جوازكم بجد. كل مرحلة مشاعرك بتسيطر أكتر وأكتر وتتغلغل جوا روحك لحد ما تبقوا إنتوا الاتنين روح واحدة. والروح الواحدة دي عايزة تفضل في مكان واحد، مش عايزة تكون مقسومة نصين. فكل مرة بتبقوا مع بعض، روحكم واحدة. وكل ما بتبعدوا، روحكم بتتقسم نصين، فبتتوجعوا.”
همس طلعت وراه تشوفه هيتعامل مع آية بغباء ولا بحب زي ما طلبت منه، وسمعت كلامه معاها، كانت مبتسمة بعشق بيزيد له.
آية سألته: “إنت إزاي قولتلي قبل كده إن الواحد ممكن يتجوز عشرة لكن الأخت واحدة؟ إنت مستعد تتجوز غير همس؟”
رد بابتسامة فيها حرج: “أنا قولتلك اللي كنتِ محتاجة تسمعيه وقتها، علشان تحسي إنك مهمة في حياتي. لكن اللي مقولتوش إن فعلًا في ناس ممكن تتجوز أكتر من مرة، وده مش غلط. لكن لما بنتكلم عن العشق، الحب اللي بيوصل لدرجة العشق ده بيحصل مرة واحدة في العمر. لو القلب عشق خلاص موضوعه منتهي، ما ينفعش يحب تاني، وبيكتفي بحبيبه. بدليل إن في ناس بتعيش على ذكرى حبيب العمر كله. ساعتها كنتِ محتاجة تحسي بحب أخوكِ اللي هيفضل موجود العمر كله. لكن العشق ده موضوع تاني، مكنش ينفع أكلمك فيه وقت ما كنتِ بتتخبطي. بس دلوقتي، طالما قلبك موجوع، فانتي وقفتي على أول خطواته. لسه قدامك شوية كتير.”
همس سابتهم يتكلموا براحتهم طالما فاهمين بعض، ودخلت أوضتها تنتظره بشوق.
آية اتنهدت بحب وشوق لحبيب غاب عن عينها لحظات، لكنها حستهم ساعات. سألت سيف: “تعرف إنه طلب مني أعلمه إزاي يحبني؟ قالي إنه مش رومانسي ومش هيعرف يكون رومانسي، فما انتظرش منه حاجة. واللي عايزاه أطلبه منه. إزاي أطلب منه يحبني؟ أو أقوله حاجة محتاجاها منه؟”
سيف رد بهدوء: “مبدئيًا يا روح قلبي، اللي بينك وبينه يفضل بينك وبينه. مفيش راجل بيتقبل إن مراته تحكي اللي بينهم لأي حد.”
جت تعترض، لكنه كمل: “لا أخ ولا أخت ولا أم. في مواضيع خاصة ما ينفعش نتكلم فيها، دي نصيحة خليها في دماغك. غير كده، سبيدو فعلًا مش شخصية رومانسية.”
آية علقت: “إنت رومانسي؟ صح؟”
ابتسم: “إنتِ بتسأليني ولا بتقري حقيقة؟”
ردت بثقة: “بقول إنك رومانسي.”
اعترض: “أعرف أكون رومانسي، آه، لكن هو غيري. وما ينفعش أبدًا تقارنيه بيا، وإلا هتخسريه. مش بس كده، هتخلينا إحنا الاتنين نخسر بعض، وهتعملي حزازية بينا. سبيدو يا آية غيرنا. إحنا اتربينا في بيت فيه حب، بين أب وأم حبوا بعض وشوفنا حبهم ده وكبرنا عليه، فبالتالي كبرنا شبعانين حب. لكن سبيدو أبوه اتوفى بدري، وأمه سابته واتجوزت وسافرت. عاش لوحده. مهما يقولك إنه متقبل ده وعادي ، هتتفاجئي إنه أبعد ما يكون عن العادي. هو هيفتح قلبه ليكِ، هيدخلك حياته، هيكلمك في أدق تفاصيل حياته. هيكشف نفسه قدامك، هيكون معاكِ مجرد من كل شيء. فلو هتسمعيه وبعدها تتكلمي عنه وتعريه ، حتى لو قدامي أنا صاحبه وانتيمه، ساعتها هتخسريه تمامًا. وهتبقى دي قمة خيانتك له.”
آية سألت باستغراب: “ليه؟ إنت صاحبه وعارف عنه كل حاجة؟”
وضحلها: “ده خصوصًا أنا صاحبه. في حاجات كل إنسان فينا بيخبيها جواه، ممكن يكشفها لشخص واحد بس. الشخص ده هو روحه. ومراتي هي روحي. زي ما بكون عريان في حضنها، أنا مش عريان جسديًا فقط قدام مراتي. أنا روحي وعقلي وكياني كله مكشوف قدامها، بس ده قدامها هي وبس. مش مستعد أكشفه لأي حد تاني، مهما يكون الحد ده مين. لا أبويا، لا أمي، لا أختي. هي وبس. فهمتي عايز أقولك إيه؟ جوزك لما تقربي منه، هتكتشفي كتير عنه. زي ما قولتلك، إنتِ لسه على أول سلمة. احفظيه وحبيه وصونيه. لو عنده عيب، استريه. مش بيقولوا ده ستر وغطا؟ خليكِ الستر والغطا له.”
سرحت في كلامه، لكنه نبهها: “لكن مش معنى كلامي برضه إنه يأذيكِ أو يضايقك أو يغلط في حقك وتخبي عني تحت نفس المسمى. لازم تميزي إيه اللي تقوليه، وإيه اللي تحتفظي بيه لنفسك تمام يا روحي ؟
وافقته بهزة من دماغها وهي بتوزن كلامه بعدها هو علق : أقولك تصبحى على خير علشان أطلع للي هددتني هتنام، ولا إنتِ تلحقيه قبل ما ينام؟ ولا نسيبهم الاتنين يناموا ونكمل سهرتنا أنا وإنتِ؟”
ابتسمت بحرج: “لا، روحلها. نسهر أنا وإنت وقت تاني بدري عن كده.”
ابتسم: “تمام يا روحي، يلا.”
طلعوا لفوق، وقبل ما يدخل، وقف قصادها.فهي باست خده، وقالت بحب: “أنا بحبك أوي يا سيف. وعايزاك تسامحني على كل لحظة غبية خليتك تعيشها أو قلت فيها كلمة غبية ليك. ما تزعلش مني.”
ابتسم واخدها في حضنه: “أنا مش فاكر أصلًا أي حاجة غبية عملتيها. مبروك عليكِ جوازك، ويارب يسعدك دايمًا. إنتِ أقرب حد ليا، ما تنسيش ده.”
آية بهزار: “بعد همس طبعًا؟”
علق بضحك: “ما قولنا نفصل بقى.”
حركت شفايفها بتريقة، فهو مسك إيدها: “هسألك سؤال بنفس مبدئك. بتحبيني أنا أكتر ولا سبيدو؟ لو خيرتك ما بينا، تختاري مين؟”
عينيها وسعت، وبصلته بصدمة. مستحيل تختار بينهم. ضحك: “شوفتي إنه ما ينفعش أصلًا.”
رفع إيدها لشفايفه باسها: “مسكة إيدي أنا دلوقتي ولا هو؟”
سحبت إيدها بحرج، فضحك: “شوفتي إن في حاجات ما ينفعش فيها المقارنة أصلًا. الكلمة، النظرة، الهمسة، اللمسة منه غير. هل ده معناه إنك ما بتحبينيش أنا؟”
سايبها ورايح لأوضته: “تصبحي على خير يا يوكا. ادخلي نامي، ولا سهريه للصبح وبعدها هدديه إياك يتأخر. طيري النوم من عينه.”
بصلها وهو بيفتح الباب: “سلللام.”
دخلت أوضتها ورمت نفسها على السرير بتهالك، مشاعر كتيرة جدًا كانت بتغلي جواها بتحاول تحللهم. فجأة افتكرت موبيلها، فين كان آخر مرة؟ قامت بسرعة نزلت تدور عليه، لقته تحت، جبته وطلعت أوضتها، ولقت كذا مكالمة فائتة منه. اتصلت بيه ورد بسرعة: “انتِ نمتي ولا إيه؟”
ضحكت: “لا، كنت ناسية الموبايل تحت ويدوب افتكرته.”
سألها بلوم: “ما فكرتيش إن ممكن أكلمك فتفتكريه بدري شوية؟”
وضحتله: “كنت بتكلم أنا وسيف ويدوب داخلة أوضتي.”
سألها باهتمام: “اتضايق من حاجة أو علق على أي حاجة؟”
طمنته: “لا يا حبيبي، مفيش حاجة، بس كان بيوصيني عليك.”
استغرب: “يوصيكِ عليا إزاي؟ كنت متخيل إنه هيحذرك ويديك الوصايا الألف.”
آية نفت: “بالعكس. قالي إن جوزك انتِ وهو روح واحدة مقسومة في جسدين، بتنتظر اللحظة اللي تتجمع فيها. فإنتِ هو وهو إنتِ. احفظيه وصونيه واحترمي خصوصياته، لأنه مع الوقت هيكشف نفسه قدامك. صوني اللي كشفه، لأنه اتكشف ليكِ إنتِ وبس، ومش مستعد يشاركه مع حد غيرك.”
سبيدو ابتسم بإعجاب واحترام لسيف: “كلامه صح جدًا، خصوصًا حتة انتظار الأرواح تتلاقى دي. أنا عايز أشوفك دلوقتي، عايز أخدك في حضني تاني، عايزك تفضلي في حضني.”
ردت بحب: “عايز روحك تكمل روحي؟”
أكد: “بالظبط كده.”
غيرت الموضوع: “إنت وصلت البيت؟”
رد: “آه، وصلت، غيرت وفي السرير، كنت بحاول أنام لما ما رديتيش عليا.”
ضحكت وهي بتحاول تقلع فستانها بصعوبة: “وما نمتش ليه؟”
سألها بضحكة وهو سامع صوت معافرتها مع الفستان : “إنتِ غيرتي فستانك ولا لسه؟”
ردت بتذمر: “لسه بغير أهو، ما تخيلتش إن قلعه غبي كده. إيه ده؟ أروح أصحي ماما ولا أسحب همس من سيف؟”
ضحك: “مش كنتِ غيرتي وأنا لسه معاكِ؟ كنت ساعدتك دلوقتي.”
شهقت: “نعم؟ ده بعينك.”
بابتسامة: “بعيني ليه؟ بكرة أجيبك بيتي، ولا بعيني ولا أي حاجة. روحي هاتي همس، خلي سيف يعلقك على باب أوضته.”
ضحكت: “ايوه، اتكلمنا شوية. بعدها لقيته بيقولي اقولك تصبحي على خير واطلع للبونية اللي هددتني تنام، ولا هنسهر مع بعض ونسيبهم يناموا؟”
بغيظ: “روحتي قولتيله نسهر مع بعض طبعًا وسيباني؟”
ردت: “أمال بكلمك إزاي؟”
استغرب: “وهو انتِ كده سيبتيه وجيتي؟ أمال لو هتسهري معاه كنتِ هتفضلي لحد امتى؟”
أخيرًا خلصت تغيير الفستان، وراحت سريرها تستريح، واستمر كلامهم وهزارهم لفترة طويلة.
سيف دخل أوضته النور هادي، وهي نايمة في السرير. قرب منها بصدمة: “وحياة أبوكِ ما يحصل، قومي يا بت.”
كانت مغمضة عينيها، بس هو حاسس إنها صاحية وبتشتغله: “يعني نمتي، هاه؟ ماشي يا همستي، براحتك خالص.”
بصلها شوية وهي مغمضة عينيها، غير هدومه ورجع جنبها، وبرضه نايمة. حط إيده على خدها بحب: “نمتي يعني بجد؟ ماشي، بس على العموم أحسن، أنا برضه تعبان ومهدود وعايز أنام. كويس إنها جت منك يا روحي.”
باس خدها ونام.
همس انتظرته يقرب منها أو يتكلم، لكن صمت تام. معقول نام بجد؟ مش هيصحيها؟ إيه الرخم ده؟ أكيد بيشتغلها وهيقوم يرخم عليها. بس ده راجع متأخر وصاحي بدري، واليوم كله بره. ممكن فعلًا يكون نام.
طيب هي مش حاسة بيه ليه؟ هو بعد عنها ولا إيه؟ طبيعي بياخدها في حضنه قبل ما ينام، حتى لو نايمة. هو فين بقى دلوقتي؟ فتحت نص عين بس مش شايفاه. فتحت عينيها الاتنين واتعدلت بسرعة تشوفه فين؟ كان في طرف السرير، مديها ضهره. معقولة بجد نام؟ همست باسمه: “سيف.”
مردش عليها. قربت منه: “إنت نمت بجد؟”
تمتم بصوت نايم: “عايزة حاجة؟”
شهقت: “إنت نمت ده بجد؟” صوتها عالي وخبطته في كتفه: “سييييف.”
زقها مرة واحدة وقلبها تحته واتعدل بسرعة: “إنتِ مش عاملة نفسك نايمة؟ عايزة إيه مني؟”
اتغاظت إنها اتسرعت وكشفت نفسها بسرعة: “هو مين بيعمل مقلب في مين بالظبط؟”
ضحك: “أنا عارفك؟ المهم معلش، اتأخرت مع آية. لو بجد عايزة تنامي، براحتك.”
حطت إيدها على خده بحب وهمست: “النهاردة كتب كتابنا، أنا وإنت، وإحنا لسه داخلين شقتنا هناك. غمض عينيك وارجع للحظة دي ولليوم ده.”
ابتسم وغمض عنيه وافتكر الليلة دي ودخولهم أوضة النوم علشان يطلعوا البلكونة، بس هي همست: “ما تطلعنيش البلكونة، افتح بس الباب خلي ضي القمر يدخل، وخلينا أنا وإنت جوه الأوضة.” بص ناحية السرير وشيلني ونزلني عليه.
كان بيبتسم، فابتسمت وقربت من شفايفه: “افتح عنيك في اللحظة دي، أنا أهو قدامك.”
فتح عنيه، أنفاسهم حارة في وش بعض، عنيهم متعلقين ببعض. كلامهم كان بالهمس: “يعني إحنا لسه كاتبين الكتاب ولسه داخلين هنا. عايز أقولك معلومة صغيرة جدًا يا همس.”
سألته بعنيها، وهو جاوبها: “أنا لسه لحد النهاردة نظرة عينيكِ بتجنني وبتثيرني. ولسه لحد اللحظة دي قلبي بيدق بنفس الطريقة لما بنقرب من بعض. أنا مش محتاج أفتكر أول مرة بوستك فيها أو ضميتك فيها، لأني إحساسي لحد الآن مختلفش. نفس اللهفة ونفس الاشتياق ونفس الرغبة بتزيد مش بتقل. ومعلومة تانية صغيرة، أول جوازنا كنا لسه بنتخبط، لسه بنتعرف على بعض، لسه بنتحرج من بعض. دلوقتي كل واحد فينا عارف بالظبط إزاي يسعد شريكه ويرفعه لسابع سما، وإزاي يعيشه ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة. فأنا لو هختار، هختار نفس اللحظة دي ونفس الوقت ده، وهقولك افتحي عينيكِ وعيشي معايا اللحظة دي، لأنها أجمل بكتير. وكل لحظة جاية أجمل من اللي قبلها. كل يوم حبي ليكِ بيتضاعف. فمن الليلة اياها لحد الليلة دي كل يوم بيعدي، حبي ليكِ بيزيد. فمتخيلة دلوقتي بقى إيه ووصل لفين؟”
لمست شفايفه برقة مرة بعد مرة، وتحولت بعدها لشلال جارف من المشاعر والأحاسيس اللي سيطرت عليهم الاتنين.
أخيرًا ارتاحت في حضنه ونامت على صدره، وإيده بتلعب في شعرها باسترخاء تام، والنهار بيبدأ ينور بره. رفعت راسها، فبصلها منتظر هتقول ايه: “تفتكر آية نايمه ولا لسا صاحية و بتكلم جوزها؟”
ابتسم: “مش عارف ومش عايز أعرف صراحة.”
ضحكت ورجعت مكانها على صدره. شوية ورفعت وشها تاني، فسألها: “لو اتكلمتي عن آية هسيبك وأنام.”
ضحكت وربعت إيديها فوق صدره وسندت عليه: “لا، مش هتكلم عنها. عايزة أقولك حاجة وما تتعصبش ولا تزعقلي ولا تزعل مني، ينفع؟”
هو انتبه تمامًا: “عملتي إيه يا همس؟”
أكدت: “طيب، قولي مش هتتعصب عليا؟”
بص لعنيها: “همس، أسلوبك بيعصبني، فقولي إيه على طول؟ عملتي إيه؟”
فكت إيديها وحطتهم حوالين رقبته: “في رحلة طالعة السبت والأحد في الكلية، وأنا حجزت فيها.”
استنته شوية يستوعب اللي قالته، فهو علق باستغراب: “طيب، فيها إيه؟ عايزة تطلعي مع أصحابك؟ عادي براحتك.”
كشرت لأنها حسيت إنه مفهمهاش، أو يمكن عمل نفسه مش فاهم قصدها، فوضحت: “أقصد حجزتلنا أنا وانت. نطلع أنا وانت يا حبيبي مع بعض.”
فضل شوية ساكت، وبمنتهى الهدوء رد: “انتِ شايفة إنه ينفع؟ محاكمة شذى و…”
قاطعته بسرعة: “محاكمة شذى قولت الاثنين، وأنا بقولك السبت والأحد. خلينا نروح يا سيف، علشان خاطري، خلينا نروح.”
اتنهد وزفر بضيق: “مش عارف يا همس، بس ده اللي انتِ خايفة إني أتعصب وأتنرفز وأزعل منه؟”
همس أضافت: “ماهو ما حجزتش لنفسنا بس.”
سألها بترقب: “حجزتي لمين تاني يا روحي؟”
همس ببراءة: “هوليا…” (ما اعترضش عليها، فهي كملت) “…آية وسبيدو.” (هنا بصلها) “…وهند وبدر وملك ونادر وطبعًا هالة ومروان.”
انتظرت انفجاره، لكنه فضل ساكت شوية وبعدها علق: “طيب، هل انتِ متخيلة إنه ينفع أنا ومروان وسبيدو وبدر كلنا مرة واحدة نسيب الشركة؟”
همس بترجي: “خليه ينفع لو سمحت. عارفة إنه صعب، بس أرجوك، خليه ينفع يا سيف.”
اتنهد باستسلام: “مش عارف يا همس. خليني أفكر وأشوف دنيتي إيه. حاولي تنامي دلوقتي. بعد شوية سبيدو وعيلته جايين يتغدوا، فهيكون يوم طويل.”
ملك صحيت بدري علشان نادر في الشغل وهي حابة تجهز الفطار لحماها وحماتها، ومبسوطة إنهم أخيرًا في بيتها. جهزت الفطار وانتظرتهم يصحوا.
فاتن صحيت واتفاجئت إنها صاحية. سلموا على بعض وملك بتوتر: “الفطار جاهز، نادي عمي نفطر مع بعض؟”
فاتن كانت لسه مش مستعدة تفتح لها قلبها: “هاخدله الفطار جوه لو مش يضايقك. ده غير إنه مش بيحب ياكل من إيد أي حد.”
ملك اتصدمت لكن ابتسمت: “طبعًا، اعتبري البيت بيتك.”
فاتن دخلت المطبخ وبتدور على صينية كبيرة. ملك حطت لها الصينية وسابت لها المساحة براحتها. فاتن حطت الأكل ودخلت عند جوزها. خاطر استغرب: “إيه ده؟ مش هنطلع نفطر مع نادر وملك؟”
فاتن بتوتر: “نادر في شغله، ومش هروح أصحي ملك ولا أقولها تعالي افطري. عايز تقوم تخبط عليها في أوضتها، قوم. أنت حر.”
خاطر رجع: “لأ، أصحيها إيه؟ عيب. خليها براحتها تصحى وقت ما تحب. النهارده تلاقيه يوم أجازتها الوحيد وما بتصدق ترتاح فيه.”
ملك حاولت تفطر لكن مقدرتش. شالت الأكل وعملت قهوة لنفسها، أخدتها لأوضتها وقالت تجهز الغدا شوية علشان نادر.
سيف صحي بالعافية على الصلاة، نزل وساب همس نايمة. البيت كله كان صاحي، حتى آية كانت في قمة نشاطها. صبح على الكل وتجاهل تمامًا ميرڤت وبنتها.
ميرڤت علقت: “هي مراتك بتنام لحد إمتى؟ ولا هي مالهاش دور أصلًا في البيت؟”
سيف بص لها بذهول: “أفندم؟ وحضرتك يخصك إيه في مراتي؟ بعدين هي حرة، تنام تصحى براحتها، محدش له فيه.”
حاولت تعترض لكنه قطعها: “خالتو، لو سمحتي، أنا مرضيتش أتصرف مع بنتك امبارح وعديت الموضوع بمزاجي، فبلاش تضغطي عليا. همس بالذات ما بسامحش حد يضايقها، فما بالك بواحدة اتجرأت تدخل أوضتي بدون إذن زي الحرامية وتقطع فستانها؟ تحمد ربنا إني سمحت لها تفضل للصبح هنا وما طردتهاش في نص الليل.”
ميرڤت بغيظ: “دارين حبت تهزر وتعمل مقلب، مش حتة فستان هنعمل عليه القصة دي. بعدين هعوض مراتك عن الفستان طالما زعلان أوي كده.”
سيف قرب منها بعصبية: “فستان إيه اللي بتتكلمي عنه؟ ومقلب إيه وسخافة إيه؟ لا هي صحبتها ولا تعرفها علشان تهزر. اللي عملته ده حقد وغيرة لواحدة شايفاها أجمل وأذكى منها ألف مرة. همس شمس، اللي يقرب منها يتحرق. بعدين الفستان ده هاتيه لبنتك، يمكن تملي عينها شوية وتبطل تبص لحاجة غيرها.”
ميرڤت وقفت: “على فكرة، أنا خالتك. إزاي بتكلمني كده؟”
رد ببساطة: “ما هو حضرتك ما تغلطيش وتتكلمي عن مراتي بأسلوب مش كويس، وتغطي على غلط بنتك. ربي بنتك قبل ما تقفي تتكلمي وتبرري تصرفاتها.”
حاولت تتكلم لكن قاطعها خروج سلوى على صوتهم: “سيف، خلاص لو سمحت. روح الجامع، عز منتظرك في الجنينة.”
سابهم ونزل مع والده لصلاة الجمعة. ميرڤت بصت لسلوى بعتاب: “سمعتي إبنك؟ هي سحراله ولا إيه؟”
سلوى ردت بحسم: “إيه سحراله والكلام البيئة ده؟ مراته وحبيبته. بعدين دارين غلطت باللي عملته، كان المفروض تخلي بنتك تعتذر لهمس مش تبرري غلطها.”
ميرڤت بتكبر: “إنتِ عايزة بنتي تعتذر لدي؟ تطلع مين هي ولا…”
قاطعتها سلوى بصرامة: “تطلع مرات سيف الصياد، واللي يبصلها بنظرة متعجبهاش لا يلومن إلا نفسه. ميرڤت، شيلي همس من دماغك وعقلي بنتك، واحمدي ربنا إن سيف عدّى ليلة امبارح على خير. لمي الدور.”
همس صحيت على صوت حد بيخبط، قامت بالعافية ولبست الروب وسمحت بالدخول، طلعت آية اللي طلبت منها تصحى لأن الضيوف على وصول. همس استعدت بسرعة، ولبست فستان من أجمل ما يكون، واهتمت بمكياجها جدًا قبل ما تنزل تنضم لباقي العيلة.
كلهم بصولها وهي نازلة مبتسمة، وآية علقت: “واو هموس، هتخطفي مني الأنظار.”
همس وقفت باهتمام: “خلاص، هطلع أغير وألبس حاجة…”
آية قاطعتها بحب وضحك: “لا يا روحي، بهزر معاكِ. اخطفي الأنظار براحتك، أنا يهمني نظر واحد بس وواثقة إني هخطفه من غير مجهود.”
ضحكوا الاتنين وهمس قربت سلمت على الكل وابتسامتها ما فارقتش وشها، حتى ميرفت اللي سلمت باقتضاب عليها.
عواطف قربت لهمس: “تحبي أعملك أي حاجة يا بنتي؟ فطار أو تشربي حاجة؟”
همس ردت بأدب: “لا، شكرًا يا عواطف، سيف هيرجع والغدا أعتقد هيكون بدري، متشكرة يا قلبي.”
انسحبت عواطف، وهمس قربت من آية: “بقولك إيه؟ تطلعي رحلة الساحل يومين؟”
آية بحماس: “مع سبيدو؟ أطلع!”
همس ابتسمت: “معاه أكيد. بصي، أنا وانتِ وسيف وسبيدو، وهنأخد معانا كمان هند وبدر وملك ونادر، وهوليا وهالة المسكينة ومروان. إيه رأيك؟ تبع الكلية عندنا زي المرة اللي فاتت.”
آية افتكرت حازم، فاتضايقت، وهمس فهمت بس مسكت إيدها: “اعملي ذكريات جديدة مع جوزك. قولتي إيه؟ ساعديني أقنع سبيدو وأنا بحاول مع سيف.”
آية بفضول: “امتى طيب؟”
همس بتردد: “بكرة وبعده.”
آية عينيها وسعت: “إيه؟ بتهزري صح؟ لا يمكن يوافقوا.”
همس بغيظ: “يا بنتي بقولك ساعديني، تقفليها انتِ في وشي؟ بعدين أحلى حاجة اللي بتيجي من غير ترتيب دي.”
آية اتنهدت: “ربنا يسهل، هشوف سبيدو. بس قوليلي تفاصيل الرحلة دي فين؟”
همس شرحتلها كل التفاصيل بدقة وآية بتسمع باهتمام لحد ما سمعوا جرس الباب واتفاجؤا بكاميليا داخلة لوحدها.
رحبوا بيها كلهم، وآية نظراتها كانت كلها استفسار. كاميليا وضحت: “نزلوني وراحوا يصلوا، وهيرجعوا مع بعض بعد الصلاة.”
ملك كانت في المطبخ بتجهز الغداء، وخاطر كان نازل للصلاة شافها فابتسم: “صباح الخير يا بنتي.”
ردت بابتسامة خفيفة: “صباح النور يا عمي.”
خاطر علق: “معلش فطرنا من غيرك، ما حبناش نقلق نومك بما إن جوزك بره وقلت أجازتك ترتاحي فيها.”
ملك استغربت وبصت ناحية فاتن اللي كشرت بغيظ من كلام جوزها، فدورت وشها بعيد.
ملك بابتسامة هادية: “ولا يهمك يا عمي، بالهنا والشفا.”
خاطر نزل للجامع، وفاتن دخلت على ملك: “أساعدك في إيه؟”
ملك بابتسامة هادية: “ارتاحي حضرتك، أنا هعمل كل حاجة. أصلًا قربت أخلص.”
فاتن قعدت على كرسي قدام الترابيزة وبدأت تراقبها، لقتها بتغسل الرز فقامت: “أنا هعمل الرز، ينفع؟”
ملك بصتلها وهي مبتسمة: “اتفضلي، براحتك، هغسله بس.”
اشتغلوا مع بعض في صمت مزعج، وكانت كل واحدة بتتكلم على قد الحاجة.
شوية وسمعوا صوت الباب، نادر دخل وابتسم لما شافهم في المطبخ مع بعض، قرب وباس فاتن في خدها: “إزيك يا ست الكل؟”
ابتسمت: “كويسة يا حبيبي.”
بص لملك بحرج: “إزيك يا ملك؟”
ابتسمت وهي بتحاول تخفي حرجها: “بخير يا حبيبي، ادخل غير هدومك يكون عمي رجع ونتغدى يلا.”
انسحب نادر، وفاتن بصت لملك: “ادخلي لجوزك شوفيه.”
ملك استغربت وقالت بحيرة: “هو هيغير و…”
قاطعتها فاتن بحدة: “جوزك يجي من بره تدخليله، تشوفيه محتاج حاجة؟ محرج من حاجة؟ عايز حاجة؟ اتعودي على كده. يدخل تسيبي كل اللي في إيدك وتستقبليه، دي همس العيلة اللي كنت بقول ما بتفهمش حاجة، بتجري على جوزها تتعلق في رقبته.”
ملك كانت مصدومة من كلام فاتن، وحاولت ترد: “أنا بهتم بجوزي، بس حضرتك…”
فاتن قاطعتها تاني: “ما تتحججيش بحضرتي. بتهتمي بيه يبقى تهتمي بيه في كل وقت، ما تقوليش بقى حضرتي ولا أبوكِ ولا أمك ولا أبوه ولا أي حد.”
ملك ما نطقتش، سابت فاتن وخرجت من المطبخ وهي متضايقة. دخلت أوضتها، نادر شافها وحاول يضمها بس لاحظ تكشيرتها: “مالك يا قلبي؟”
شدها عليه وهو بيفرد تكشيرتها: “أمي عملت فيكِ إيه؟”
انفجرت فيه: “تخيل بتتهمني إني مهملة في جوزي علشان ما استقبلتكش بطريقة عجبتها وما اتعلقتش في رقبتك زي همس!”
نادر حاول يكتم ضحكته: “سوري يا روحي، بس ما اتخيلتش أمي تتخانق معاكِ بسبب حاجة زي دي.”
ملك كانت متغاظة: “ابعد عني وكمل ضحكك في مكان تاني، قال اهتمي بجوزك قال.”
نادر ضمها وهو بيضحك: “بس يا حبيبتي ده تقدم، إنها تتخانق معاكِ على حاجة زي دي. دي حاجة حلوة، مش وحشة.”
ملك بغيظ: “لا يا حبيبي، هي عايزة تقول إني زوجة فاشلة أو مش قايمة بواجبي.”
نادر حاول يهديها: “روح قلبي، هي بتناغشك حاليًا. دي أول مراحل التقبل عندها. التجاهل اللي تقلقي منه، لكن طالما بدأت تتخانق معاكِ فهي كده بدأت تتقبلك. دي خطوة كويسة على فكرة.”
جرس الباب رن، فنادر علق: “أكيد أبويا، أطلع أفتحله ولا نسيب أمي تفتح؟”
ملك بغيظ: “اطلع بدل ما تقول سايبني وقاعدين جوه حتى الباب مش عايزين يفتحوه.”
نادر ضحك وطلع يفتح، بس فاتن كانت فتحته بالفعل. خاطر دخل وبص لملك: “الغدا لسه بدري ولا إيه؟”
ملك وقفت بابتسامة: “لا، كل حاجة جاهزة.”
راحت على المطبخ وهو علق: “هساعدها بعد إذنكم.”
خاطر كان بيراقب ابنه، بعدها بص لفاتن: “مش هتساعديها ولا إيه؟”
فاتن ردت بغيظ: “ما تخليك في حالك يا راجل أنت! الله. بعدين ما أنا كنت بساعدها ولسه خارجة، هي هتغرف يدوب الأكل وجوزها معاها، لازم أروح ألزق فيهم يعني؟”
خاطر اتنهد: “قومي يا ولية ساعدي البت. تلاقيها أول مرة حد يكون عندها. شوفيها واعتبريها زي بناتك اللي ما بتخرجيش من المطبخ طول ما هما فيه.”
فاتن بتهكم: “أديك قولت بناتك.”
خاطر بذهول: “وهي بقت بنتك طالما اتجوزت إبنك. وغلاوتها تبقى من غلاوة إبنك.”
فاتن قامت بغيظ: “لا، أقوم أحسن الضغط يعلى عليا، وأنا مش ناقصة. أقوم أرحملي.”
نادر دخل المطبخ وشاف ملك واقفة بتجهز، ضمها من ظهرها: “أساعدك إزاي يا روحي؟ قولي.”
ردت بتوتر: “إنت عايز أمك تدخل تقولي بتشغلي ابني؟ اطلع اقعد جنب أبوك وإنت ساكت.”
ضحك عليها: “أمي مش من النوعية دي، بالعكس هي من أنصار المساواة.”
بصتله بتهكم: “ولحد عندي وهتبقى من أنصار وأد البنات، اطلع بره يا نادر.”
ضحك أكتر: “لا لا، انتِ كده ظالماها بجد.”
شافها متعصبة، لفها علشان تواجهه وأخذ المعلقة من إيدها ورفع وشها: “روح قلبي، بجد هي بس عايزة تتكلم معاكِ أو تاخد خطوة ناحيتك، وده اللي طلع معاها. خدي خطوة انتِ كمان، الكلام في حد ذاته بيكون أول الخطوات.”
سمعوا صوت فاتن بتتحمحم، فنادر ساب ملك: “تعالي يا ست الكل، ادخلي.”
فاتن دخلت بابتسامة خفيفة: “أساعدكم في إيه؟”
نادر بابتسامة: “إنتِ كفاية بس تنورينا يا فتون.”
ردت عليه بضحكة خفيفة: “بطل بكش يا واد، وقولي أساعد إزاي؟ ملك، هتحطي الصواني دي زي ما هي ولا هتوزعيها في أطباق؟”
ملك بحيرة: “معرفش صراحة، براحتكم.”
فاتن شمرت أكمامها: “هاتي طبقين توزيع كبار.”
نادر قعد يراقبهم مبتسم وهما بيشتغلوا مع بعض.
الرجالة رجعوا من الصلاة، والكل وقف يستقبلهم. سيف أول ما شاف همس ابتسم وبعتلها بوسة في الهوا بدون ما حد يلاحظ، أو على الأقل هو تخيل كده.
سبيدو سلم على الكل، خاصة هوليا اللي ضمته بنفس طريقة سيف ورحبت بيه. سلوى سلمت عليه بتحفظ، لكن كان واضح إن فيه تقبل أكتر من الأول. لما وصل عند آية، احتار يسلم عليها إزاي.
مدت إيدها، وهو سلم عليها ولفها: “إنتِ على طول حلوة كده؟”
ردت بحرج: “سلم على باقي الناس.”
بص حواليه ولقى ميرفت، فآية عرفته عليها وعلى دارين بنتها بشكل رسمي. بعدها بص ناحية همس، اللي كان سيف جنبها حاطط دراعه حواليها وبيكلمها. علّى صوته: “باشمهندسة، إزيك؟”
ردت بابتسامة: “إزيك يا سبيدو؟ أخبارك إيه؟”
“فضل ونعمة، الحمد لله.”
عواطف أعلنت إن السفرة جاهزة، فالكل اتلم حواليها في جو مليان ضحك وصخب.
دارين سألت بفضول: “هو إيه سبيدو دي؟ أكيد ده مش اسمك؟”
رد بابتسامة مجاملة: “لا، أكيد مش اسمي.”
آية كملت: “اسمه سعد، سبيدو مجرد لقب.”
دارين بفضول أكتر: “اللقب ده إيه؟ بيدل على حاجة يعني؟”
سبيدو حس إن فضولها زايد واستغرب، خصوصًا إنها كانت بتضايق في همس امبارح، والنهاردة دورها على آية؟ رد ببرود: “سبيدو جاية من كلمة speed، بس كده.”
استغربت أكتر: “وإيه علاقة الكلمة دي باسمك؟ إيه علاقتك بالسرعة؟”
بحرج واضح: “ده موضوع قديم ولقب عادي، ما تشغليش بالك بيه.”
دارين أصرت: “كده بقى عندي فضول أكتر وأكتر.”
آية وضحت: “سبيدو كان بينظم سباقات عربيات أيام الجامعة، فعشان كده اللقب جه من هنا.”
دارين بحماس: “واو! طيب ما ينظم دلوقتي سباق لينا؟”
سلوى ردت بحزم: “قالك موضوع قديم، وآية قالتلك أيام الجامعة، فإيه بقى؟”
خلصوا الأكل، لكن فضلوا قاعدين بيتكلموا ويهزروا.
همس كانت بتعاكس سيف، حطت إيدها على رجله، وهو كمل كلامه عادي. لما طلعت بإيدها لفوق تحت التيشرت بتاعه، مسك إيدها وبصلها، شبك إيده في إيدها وضمها.
سلوى بصت لهمس بابتسامة: “همس، لو سمحتي بلّغي عواطف تحضر القهوة والحلو ويجيبوه .”
حاولت تفك إيدها من بين إيدين سيف، لكن هو ما سابش إيدها. وقفت بتشد إيدها بحرج، والكل لاحظ حركتهم.
سلوى وقفت: “خليكِ طيب جنبه، هروح أنا.”
همس حاولت تقنعها: “ماما، خليكِ.”
سلوى ابتسمت واتحركت، وهو ساب إيد همس بعدها. راحت ورا سلوى بحرج، ولما دخلوا، حاولت تعتذر: “سوري يا ماما، بس…”
قاطعتها بابتسامة دافئة: “ما تعتذريش يا حبيبتي، وروحي خليكِ جنب جوزك.”
طلعت همس ولقت الكل سايب السفرة، وقبل ما تدخل، سيف شدها لحضنه: “إنتِ قد الحركة اللي عملتيها دي؟”
ضحكت: “أنا عملت إيه؟ أنا بريئة.”
شدها أكتر: “مالك حلوة بقى كده أوي النهاردة؟ وكل يوم بتزيدي حلاوة.”
استغربت: “أنا يا إبني؟ إن شاء الله يجبر بخاطرك يا روحي.”
ضحك: “إنتِ هتشحتي ولا إيه يا روحي؟”
لفت إيديها حوالي رقبته: “أيوه، هشحت يومين، يومين يا سيف علشان خاطري وحياتي عندك.”
نفخ بحيرة: “بلاش حياتك دي، بجد معنديش أغلى منها. صدقيني، هحاول، بس إنتِ عايزة كلنا نطلع. يعني أنا، مروان، سبيدو، وبدر، مين يفضل في الشركة؟”
بحيرة: “يعني الدنيا هتتهد في يوم؟ طيب قول لعمي يروح هو.”
غير الموضوع: “ربنا يسهل. المهم، أنا طالع هنا أخطف بوسة.”
صدرت خدها: “اخطف.”
ابتسم، باس خدها، وبعدها لفها تواجهه وباس شفايفها: “ليلة امبارح كانت مميزة، من الليالي اللي ما تتنسيش.”
اتحرجت وعلقت وهي بتهرب من نظرته: “كانت حلوة أوي فعلًا، ربنا ما يحرمني منك ولا من حضنك.”
ردد باستنكار: “حضني ولا…”
ضربته في كتفه: “بطل بقى يا رخم.”
ضحك وضمها، بس قاطعتهم هوليا: “بطل ترخم على مراتك يا سيف.”
استغرب: “هو ليه الكل بيفترض دايمًا إني أنا اللي برخم؟”
هوليا: “بذمتك البراءة دي ترخم؟”
بص لهمس اللي رسمت البراءة على وشها: “دي نصابة، إنتِ بتصدقيها؟”
خرج سبيدو وآية، فسيف سألهم: “على فين كده؟ خير؟”
رد سبيدو بهزار: “سمعت إن عندكم حمام سباحة بره، هطلع أتفرج عليه.”
ضحكوا كلهم، وسيف استنكر: “إحنا عندنا حمام سباحة؟ ده مين ضحك عليك وقالك كده؟ حصلش.”
بص لهمس: “إحنا عندنا حمام سباحة قال؟”
أكدت همس: “عمري ما شوفته.”
زاد الضحك، وسبيدو علق: “أمال اللي كنا بننزل فيه خمناشر مرة في اليوم ده إيه؟”
سيف ضحك: “ياه، الذاكرة رجعت أهي ما شاء الله.”
سبيدو بتأكيد: “أمال رجعت، ما هو هتبوظ الطلعة لبره لازم ترجع. المهم نطلع ولا إيه حكايتك؟”
سيف بص لآية اللي ساكتة جنب سبيدو: “إنت عملت إيه في البونية؟ ساكتة كده ليه؟”
همس خبطته في كتفه: “اسكت دي عاملة مؤدبة قدام خطيبها، الحركات دي أنا عارفاها كويس.”
ضحك: “أمال إنتِ مكنتيش بتعملي مؤدبة قدامي ليه؟”
بصتله باستغراب: “إنت كنت هتصدق؟”
نفى بسرعة: “لا طبعًا.”
ضحكت: “يبقى لازمته إيه التمثيل؟ لكن هم لسه ما احتكوش ببعض أوي، فممكن يصدق. أما إنت كنت قافشني من قفايا دايمًا.”
ردد باستنكار: “أنا قافشك من قفاكِ؟ لا تعليق. اطلع يا إبني، اتفرج على حمام السباحة.”
سبيدو مسك إيد آية: “يلا يا بنتي، قبل ما يمسكوا في بعض، لأحسن دول موالهم طويل.”
قعدوا جنب حمام السباحة شوية، وآية علقت: “تصدق الجو حر دلوقتي؟ كنت متخيلاه هيبقى حلو.”
ابتسم: “صيف شتا، الجو في الظهرية بيبقى حر طبيعي. تحبي ندخل؟”
نفت بسرعة: “لا لا، عايزة أتكلم معاك. همس طلبت نروح يومين الساحل.”
قالتله كل التفاصيل بحماس، لكنه كان بيسمعها بهدوء غريب.
طلعت همس بصينية عصير ونادت عليهم وهي بتقرب: “الجو حر فقولت أرطب عليكم، بهدلة الحب وحشة بعيد عنكم.”
ضحكوا، وسبيدو شكرها. همس بصت لآية: “قولتيله؟”
آية بغيظ: “قولتله، بس متنح أهو.”
سبيدو بص لآية: “إيه متنح دي؟ إنتو بتتكلموا في يوم؟ يوم إيه؟ لا مش يوم ده نص يوم، متخيلين إنكم بتتكلموا عن بكرة؟ مش بس كده، إنتو عايزينا كلنا نروح. علشان كلنا نطلع، محتاجة ترتيب ووقت، لكن تقوليلي بكرة كن فيكون، صعب، إن مكنش مستحيل.”
همس بغيظ: “بقولك إيه، سيف بيعتمد عليك في حاجات كتير. هتعرف تظبطلنا السفرية دي ولا إيه؟ ولا هو عم الخِطر ده كلام وفرقعة دارك ويب على الفاضي؟”
بصلها متنح: “نعم؟ هو نطلب طلبات مستحيلة وبعدها نقول عم الخِطر؟ خِطر إيه وبتاع إيه؟ ده بكرة! مستوعبة يعني إيه بكرة؟”
همس بغيظ: “من الآخر، هتعرف ولا مش هتعرف؟ هاتلي من الآخر ولا أتعامل أنا واستعمل اسم الصياد وأحرك الدنيا؟”
سبيدو بصلها بشك: “آه، تعاملي، هتعرفي بقى؟”
آية تدخلت: “ما تبطل رخامة بقى وتقول هتصرف. يعني لو مش هنعرف نعتمد عليك في حتة رحلة، إيه بقى؟”
بص لها بصدمة: “حتة رحلة؟ وتعتمدي؟ طيب خليهم يطلعوا هما الاتنين بس، وممكن تاخد إخواتها معاها. لكن أنا ومروان، خليها مرة تانية نرتبلها و…”
قاطعته آية بغيظ: “سعد؟ كلنا، كلنا نطلع.”
سبيدو اتنهد باستسلام: “ما أوعدكوش، هحاول، بس ما أوعدكوش.”
همس ابتسمت وبصت لآية: “أيوه كده، خليكِ مسيطرة.”
سبيدو بصلها: “مش هرد عليكِ، ليكِ راجل يترد عليه.”
ضحكت: “ماشي، رد عليه، موافقة. هسيبكم تستمتعوا بالحر اللي قاعدين فيه. الحمدلله، ربنا تاب علينا من قعدة الجنينة في الحر ده. عقبالكم.”
سابتهم ودخلت، والاتنين راقبوها لحد ما بعدت. سبيدو علق: “موضوع بكرة ده صعب جدًا على فكرة، وبنسبة كبيرة مش هيتم، فاعملوا حسابكم على الاحتمال ده.”
آية اتنهدت: “ربنا يسهل، خلي بكرة لبكرة.”
التعليقات