التخطي إلى المحتوى

 رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل العشرون والواحد وعشرون  بقلم شروق مصطفى حصريه 



رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل العشرون والواحد وعشرون  بقلم شروق مصطفى حصريه 

وانصهر الجليد 20_21

بقلم شروق مصطفى

بينما كانت تمسك بهاتفها محاولة معرفة مكان أخيها، لم تجده بالخارج كما توقعت. لكنها لمحته وهو يشير لها من بعيد بجوار سيارة، داعيا إياها للاقتراب. أغلقت الهاتف بخفة، ثم تقدمت نحوه بخطوات متسارعة، وعيناها تتفحصان السيارة بريبة قبل أن تسأله باستفسار مباشر:

— عربية مين دي؟

لم يجبها فورًا، بل اكتفى بالإشارة نحو باب السيارة المفتوح وهو يحثها على الركوب:

— “اركبي بس الأول بدل الوقفة دي…”

ترددت للحظة قبل أن تتقدم وتجلس في المقعد الأمامي، تغلق الباب خلفها بحذر. وما إن استقرت في مكانها حتى التفت إليها معتز بابتسامة متسلية قائلًا:

— “أهلاً… وأخيرًا اتقابلنا.”

ارتبكت أنفاسها للحظات، لكنها حاولت التماسك، فارتسمت على شفتيها ابتسامة بلهاء وهي ترد عليه بمرح مصطنع:

— “إيه ده معتز، عامل إيه؟ مش باين يعني…”

لكن لم يدم تبادلهما الحديث طويلًا، إذ ظهر هيثم فجأة، مال بجزعه مستندًا بمرفقيه على حافة نافذة السيارة، وعيناه تحملان نظرة ماكرة وهو يوجه حديثه نحو مي:

— “معتز هيوصلك عشان عربيتي عطلت، هستنى شوية كده بس وأجي وراكم.”

مي تحاول الهروب من تلك المآزق:

اا طيب، أستناك عادي و…

وكادت أن تفتح الباب لتخرج، سبقها وأغلق “لوك” السيارة ووجه نظره لأخيها متجاهلًا إياها:

متقلقش يا هيثم، مش آخرها.

وانطلق بها…

ساد فترة من الصمت قطعته مي:

مش كنا وقفنا معاه لحد ما العربية تتصلح؟

لا يوجد رد، فقط يقود السيارة بصمت، يفكر كيف يفعل مع مجنونته التي طيرت عقله. قطعت تخيله:

هاااي، انت فين؟ ساكت ليه؟ بقولك مش كن…

نظر لها نظرة جانبية متنهداً، ثم رجع نظره للأمام:

لسه برده يا مي زي ما انتي… إيه آخر هروبك مني؟ وبعدين لا انتي مرتاحة ولا أنا كمان.

ليه بتعملي كده؟ أنا عاوزك تكلمني وتواجهيني مباشرة يا مي، أنا ضيعت وقت كتير متضيعش انتي الباقي في الهروب. واجهيني، نفسي تفهمني بجد، لكن للأسف…

توقف بمكان ما وأمرها بالنزول.

بقلم شروق مصطفى_وانصهر الجليد

بدأت مي تراجع كلمات همسة وسيلا في ذهنها، تربط بينها وبين حالة معتز التي تراها الآن. شعرت بما مر به من معاناة، وبما يعانيه بسببها الآن، لتتخذ قرارًا حاسمًا: ستوقف هذه الحرب.

بينما كانت غارقة في أفكارها، انتبهت إلى صوت الباب يُفتح، لترى من يدعوها للخروج. ترددت للحظة قبل أن تسأله:

— “إحنا فين؟”

تنهد معتز بحرارة، وكأن الحديث يحمل في طياته الكثير:

— “عاوزين نتكلم، ده لو معندكيش مانع. وماتقلقيش، مبلغ هيثم إننا مش هنتأخر. اتفضلي.”

تسللت نبرة حزينة إلى صوته، جعلت قلبها يضطرب بندم غير معلن. شعرت بأنها بالغت، وربما جرحت قلبه دون أن تقصد. تقدمت بجانبه، وسارا سويًا نحو إحدى الكافيهات.

اختارا ركنًا هادئًا وجلسا، ليكسر معتز الصمت بابتسامة حملت شيئًا من العتاب والمودة:

— “عاملة إيه؟ وحشتيني.”

جاء ردها سريعًا، عفويًا:

— “الحمد لله، وأنت كم…”

توقفت فجأة، تدرك ما كادت أن تقوله، فابتلعت بقية الجملة وأكملت بتلعثم خفيف:

— “كويسة.”

ضحك معتز بقوة، ضحكة عميقة زادت من جاذبيته، جعلتها تشرد للحظات، قبل أن تنتبه إليه مجددًا:

— “إيه؟ إيه؟ قوليها يا شيخة، انتي ناشفة ريقي، لا كنتِ هتقولي حاجة تانية!”

حاولت مي التهرب بسرعة، تلون صوتها بالمراوغة وهي ترد:

— “لا لا، سمعك تقيل شكلك.”

رفع حاجبه بدهشة خفيفة، قائلًا بمكر:

— “ماشي يا مي، الصبر مفتاح الفرج، وأنا مستني الفرج، بس هدي اللعب شوية.”

تمتمت في سرها بخفوت، وهي تنظر بعيدًا:

— “إنت شوفت حاجة؟ لسه، ههدي اللعب، بس بطريقتي.”

ثم أردفت ببراءة مصطنعة:

— “ليه بس؟ أنا عملت حاجة؟”

أجابها بإندهاش ساخر:

— “والله؟ كل ده ومعملتيش؟ بريئة انتي!”

ثم اعتدل في جلسته، مستعيدًا جديته:

— “طيب، نتكلم جد شوية… ليه عاوزة تأجيل الفرح خمس شهور كمان؟ لو قلتي إنك بتعاقبيني بجد هزعل منك أوي.”

ارتبكت مي للحظة، حاولت أن تجد كلمات مناسبة، همست داخليًا:

— “سامحني يا رب…”

ثم ابتسمت، وأردفت بنبرة أكثر هدوءًا:

— “أكيد كنت بفكر في كده في الأول، بس لا، بجد إحنا ملحقناش نعرف بعض فعلاً، محتاجين نتكلم، يعني حصل اللي حصل بعد فترة بسيطة وكده…”

أمال رأسه إليها قليلًا، عيناه تحملان اهتماما حقيقيا:

— “عاوزة تعرفي إيه؟ وأنا أقولهولك، أنا قدامك كتاب مفتوح. وعموماً، لو ده فعلا سبب التأجيل، أنا هعملهولك يا ستي، وبلاش تهربي مني تاني، اتفقنا؟”

هزّت رأسها موافقة، ثم قالت بهدوء:

— “اتفقنا.”

ابتسم معتز لها بمحبة، ثم مال إلى الخلف مسترخيا:

— “أنا جعان أوي، تطلبي إيه؟”

ردت مي بتفكير، محاولة استغلال الفرصة:

— “امممم، وريني كده المنيو…”

لكنه رفع حاجبه بمراوغة، وهو يبعد الورقة عنها:

— “لا.”

حاولت مد يدها لخطف قائمة الطعام منه، وهي تردد بإلحاح:

— “بايخ بقى! هات، أتفرج!”

ضحك معتز وهو يضع القائمة بعيدا:

— “هختار لك على ذوقي، ثقي فيا.”

نظرت إليه بريبة، قبل أن ترد بمكر:

— “يا خوفي تطلب لي شوربة ضفادع!”

وضع إصبعه على شفتيه ممازحا:

— “هشش، دوشة! قال ضفدع قال، لا، أطلب لك الأجمل منه، اتقلي…”

ثم أشار للجارسون ببعض الأطباق، وغادر الأخير بعد تسجيل طلبهم.

 قضى معتز ومي وقتًا رائعا معا، لم يخل من الضحك والمزاح الخفيف الذي زاد الأجواء دفئًا. تبادلا الحديث بحرية، وكأن الحواجز التي كانت تفصل بينهما بدأت في التلاشي شيئا فشيئا. شعرت مي براحة غير متوقعة، بينما لاحظ معتز ذلك وازداد يقينه بأنها بدأت تمنحه فرصة حقيقية.

بعدما انتهى لقاؤهما، قام معتز بتوصيلها إلى المنزل، وحين تأكد من دخولها بأمان، استند إلى مقعده للحظات قبل أن يخرج هاتفه، ويتصل بشقيقها هيثم ليطلعه على ما اتفقا عليه.

استمع هيثم إليه بانتباه، حاجبُه ينعقد في البداية قبل أن ترتسم على ملامحه ابتسامة تجمع بين التعجب والرضا، ليجيبه بنبرة حملت مزيجا من الدهشة والتقدير:

— إيه؟! بجد؟!

ثم صمت للحظات، وكأنه يستوعب الأمر، قبل أن يضيف بضحكة خفيفة:

— ماشي يا سيدي، بس شكلي كده لازم أرفع لك القبعة، واضح إنك قدرت تتفاهم معاها أخيرًا!

ابتسم معتز من الطرف الآخر، يرد بهدوء:

— “ماكانش سهل، بس أهم حاجة إنها اقتنعت.”

هز هيثم رأسه وهو يجيب بموافقة:

— “تمام، المهم تكونوا مرتاحين، ولو ده اللي أنتم شايفينه مناسب، فأنا معاكم.”

بعد إنهاء المكالمة، عاد معتز إلى منزله، بينما دخلت مي إلى بيتها، لتجد والدتها في انتظارها بنظرة فضولية، سرعان ما تحولت إلى نظرة رضا وهي ترى السعادة واضحة على وجه ابنتها.

ابتسمت نبيلة وسألتها برقة:

— “شكلك مبسوطة.”

أجابت مي بحماس وهي تضع حقيبتها جانبًا:

— “أوي أوي يا ماما.”

تنهدت الأم براحة، ودعت لها بخير:

— “يا رب دايمًا، ويكتب لك الخير، يا رب.”

لم يمر وقت طويل حتى عاد هيثم، ليجد شقيقته مسترخية على الأريكة، وعيناه تلمعان بمكر وهو يقترب قائلاً:

— “أنا مش فاهم، إنتِ إزاي أقنعت معتز بتأجيل الفرح؟ ده أول ما كلمني قال “أزاي؟”، وبعدين فجأة وافق! شكلك ليكي تأثير مش طبيعي.”

ابتسمت مي بفخر، وأجابت ممازحة:

— “طبعًا! أنا قليلة ولا إيه؟”

ضحك هيثم، ثم أضاف بجديّة:

— “بصراحة، فترة كويسة إنكم تفهموا طباع بعض أكتر، وربنا يقدّم لك اللي فيه الخير يا حبيبتي.”

ثم تابع وهو ينهض:

— “أنا ماشي بقى، عندي شغل، قفلت العيادة وجيت لما كلمني معتز وبلغني بقراركم.”

نظرت إليه نبيلة بحنان وسألته:

— “طيب، كنت اتغديت الأول؟ استنى أحضر لك الأكل بسرعة.”

لوّح هيثم بيده معتذرًا:

— “لا، مش عاوز أتعبك، وكمان متأخر، وأمل بتستناني. لما أرجع، نتغدى سوا. مرة تانية نيجي كلنا، ومعتز يكون معانا.”

تنهدت نبيلة برضا، وأجابت:

— “زي ما تحب، خلاص، شوفوا إمتى، وأنا جاهزة.”

ثم نظرت إلى ابنتها وابتسمت، تدعو لها بالسعادة في سرها، بينما مي شعرت لأول مرة منذ فترة طويلة بالراحة، وكأنها على الطريق الصحيح. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في صباح يوم جديد، فتحت سيلا عينيها بتثاقل، تحسست جانبها لتكتشف غيابه، ألقت نظرة على الساعة، فوجدتها قد تجاوزت الظهيرة. وتوجهت لأخذ حمام بارد ينعشها قليل. 

بعد انتهائها، وقفت أمام المرآة تتأمل ملامحها. أغمضت عينيها للحظات، ثم فتحتهما وهمست لنفسها بلهجة مطمئنة:

“عادي، بكرة يطول زي الأول.”

تنهدت بعمق، ثم زفرت الهواء ببطء، وكأنها تطرد معها هواجسها. ابتسمت بخفة عندما عادت إليها ذكرى رقته معها، فشعرت بطمأنينة خففت من وطأة وحدتها الصباحية. انتبهت إلى حالها وسرحانها، ثم بدأت تبحث عن شيء ترتديه على رأسها. راحت تقلب في أغراضها حتى وقعت عيناها على “التربونه”، فتمتمت بحماس:

“أيوة، انتي اللي بدور عليكي.”

كان لونها نبيذي داكن، يتناسب تماما مع فستانها البيتي الكحلي، المزين بورود وردية صغيرة، والذي يصل إلى ما تحت الركبة، منسدلًا بخفة على جسدها. ارتدتها، ثم نزلت إلى الطابق السفلي حيث استقبلتها دادة فاطمة بابتسامة دافئة.

“صباح النور يا داده.”

رفعت فاطمة حاجبيها بمرح وقالت مازحة:

“صباح إيه يا حبيبتي؟ إحنا بقينا الساعة اتنين الظهر، مساء الورد!”

ضحكت سيلا بخفة، ثم سألت:

“طيب، مصحتنيش ليه؟ وعاصم فين؟ مش شايفاه.”

أجابت فاطمة برقة:

“هو نزل وقال لي أسيبكِ ترتاحي براحتك. تحبي أحضر لكِ الفطار؟”

هزت سيلا رأسها نافية وهي تقول:

“لا، يا داده، ممكن فنجان قهوة الأول؟ لأني مصدعة شوية.”

لكن فاطمة عقدت حاجبيها بجدية وأجابت بحزم:

“عاصم موصيني تفطري الأول، وبعدها أعمل لك القهوة. القهوة على الريق ومعدتك فاضية مضرة يا بنتي.”

تنهدت سيلا باستسلام قائلة:

“حاضر، هفطر الأول.”

كادت فاطمة تذهب لإعداد الإفطار، لكن سيلا استوقفتها فجأة وسألتها:

“دادة، انتي ما جهزتيش الغدا لسه، صح؟”

ابتسمت فاطمة وأجابتها بهدوء:

“لسه، تحبي حاجة معينة أعملهالك؟”

لكن سيلا هزت رأسها بإصرار وقالت بحماس:

“لا، أحب أنا اللي أعمل الغداء النهاردة بإيدي.”

اتسعت عينا فاطمة بدهشة، وسألتها باستغراب:

“ودي تيجي برضه؟ ما ينفعش، وأنا رحت فين؟ خليكب إنتي مرتاحة، وقوليلي نفسك في إيه وأنا أعملهولك. ولا أكلي مش عاجبكِ دلوقتي؟”

هتفت سيلا بسرعة:

“لا طبعًا، أكلك جميل جدًا والله! بس أنا عاوزة أعمله بنفسي وأذوقه لعاصم. هكون مبسوطة وأنا بعمله وأشوف رأيه، حتى لو بسيط أكيد هيفرح.”

ثم أضافت مازحة وهي ترفع حاجبيها بمكر:

“أنا سمعت إن أقرب طريق لقلب الرجل معدته، صح؟”

ضحكت فاطمة، لكنها ما زالت مترددة، فترددت في الرد قبل أن تقول:

“صح، بس…”

توقفت عن الكلام، فهي تعرف أن عاصم لا يحب أن ترهق سيلا نفسها.

رفعت سيلا حاجبها مستفسرة:

“بس إيه يا دادة؟ يعني انتي لو عندك بنت على وش جواز، مش هتعلميها تطبخ لزوجها؟ ولا لما يرزقها بأطفال مش هتعملهم أكل؟ وبعدين، أنا من وقت ما جيت وأنا يا نايمة يا قاعدة، مش بعمل حاجة، وأنا مش متعودة على القعدة كده.”

تنهدت فاطمة باستسلام، ثم ابتسمت بحب قائلة:

“موافقة، بس على شرط، هساعدك، مش هتوقفي لوحدك. ده لو عاصم عرف، هيطربق الدنيا!”

ضحكت سيلا، ثم طمأنتها:

“ما تقلقيش من عاصم، أنا هفهمه. 

غادرت فاطمة لتحضير الإفطار، وبعد وقت قصير دخلت سيلا المطبخ، وبدأت بالتجهيز بمساعدتها. مضت الساعة سريعا وهما تعملان معا بتناغم، حتى انتهيتا من تحضير الطعام. مسحت سيلا العرق المتناثر على جبينها بكفها، ثم زفرت بارتياح وهي تهتف:

“خلاص يا دادة، سيبيهم في الفرن وخدي بالكِ منهم، هطلع أخد شاور وأغير هدومي وأنزل أعمل السلطة.”

لكن فاطمة نظرت إليها بحزم قائلة:

“خلاص، هعملها أنا، دي مفيهاش حاجة. اطلعي إنتِ ريحي.”

لكن سيلا هزت رأسها بإصرار:

“لا يا دادة، أنا هعملها، بس أغير وأنزل على طول.”

تنهدت فاطمة برضا وهي تراقبها تصعد للأعلى، ثم تمتمت بدعاء صادق من قلبها:

“ربنا يبارك لكِ يا بنتي، ويسعدكِ، ويرزقكِ بالذرية الصالحة، يا رب.”

هبطت سيلا مجددًا إلى الطابق السفلي، وقد استبدلت ملابسها بفستان بيتي طويل بلون السماء، ينسدل برقة حتى آخر قدميها، ويزينه شريط من الستان بدرجة أغمق قليلًا أسفل الصدر، مما أضفى عليه لمسة أنثوية ناعمة. زينت رأسها بتربون يحمل نفس لون الشريط، مما أكمل إطلالتها البسيطة والأنيقة.

ما إن وصلت إلى المطبخ، حتى جذبت هاتفها وفتحت على إحدى أغنيات نانسي عجرم، وبدأت تدندن بانسجام مع الموسيقى، تتمايل بخفة مع اللحن، مستمتعة بلحظتها الهادئة. راحت تقطع الخضروات بإيقاع متناغم مع الأغنية، حتى قطع صوت الأغنية برنين، فوجدت اسم صديقتها يضيء عليها، فالتقطت الهاتف بيد، وأمالت رأسها قليلًا إلى اليمين بينما واصلت تقطيع السلطة بيدها الأخرى.

هتفت بمرح، مازحة معها:

“مكلمتنيش ليه يا جزمة؟ طمنيني، عملتي إيه في موضوعك؟”

استمعت إلى ردها، ثم أطلقت ضحكة عالية، بينما تردف بمكر:

“شكلك م… ولا بلاش! حد قالك تهربي؟ اهو اقفشك، وأخوكِ سلمك تسليم أهالي!”

توقفت عن الضحك عندما سمعت توبيخ صديقتها على الطرف الآخر، فحاولت كتم ضحكاتها، قبل أن تقول بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة مرحة:

“خلاص، مش هضحك! سكت، وبعدين رحتي فين؟ عمل معاكي إيه؟”

فجأة، اتسعت عيناها باندهاش عندما جاءها الرد، فهتفت متفاجئة:

“إعااااااا بجد؟!! وافق؟! آه يا سوس، والله جدعة يا بنتي، عملتي اللي في دماغك برضه! بس كده أحسن، زي ما همسة قالت لكِ، بقا اتعرفوا بجد، يعني فرصة تصفوا لبعض وتبدأوا صفحة جديدة، وتختبريه برده!”

ثم باغتتها صديقتها بسؤال أربكها، فتلعثمت وهي تجيب:

“أنا وعاصم؟! مش عارفة… بس أكيد معاكوا طبعًا.”

لكنها سرعان ما استردت ثقتها بنفسها، فردت بتفاخر ونبرة مفعمة بالاعتداد:

“يا بنتي، انتي مش عارفاني ولا إيه؟! لسه! دا أنا سيطرة وجامدة أوي، يعجبكِ قال مش هيوافق قال! امشي بس خليني أكمل تقطيع السلطة.”

أغلقت سيلا المكالمة وهي تبتسم بسعادة، تشعر بنشوة الانتصار بعد أن نجحت في إقناع معتز بيوم الفرح. همست لنفسها بمكر، وهي تمط شفتيها للأمام بسخرية:

“قال مش هيوافق…!”

عادت تدندن وتتمايل مع الموسيقى، منسجمة تمامًا مع اللحظة، دون أن تنتبه لمن يقترب منها بخطوات خفيفة من الخلف، عيناه تتأملانها بلمعة مكر، وابتسامة شيطانية ترتسم على شفتيه.

وفجأة، باغتها بصوته القريب من أذنها:

“آية ياسيطرة…ااا!”

شهقت بحدة، جسدها انتفض من المفاجأة، وسقطت السكين من يدها على الطاولة. استدارت بسرعة لتجد عاصم يحاوطها بذراعيه من الخلف، يثبتها بينه وبين الطاولة، نظراته تملؤها الإثارة والعبث.

حاولت التملص، لكنه شدد من حصاره، ثم همس بصوت أجش، وكأنه يلتهمها بعينيه:

“هششش… آسف خضيتكِ، بس مقدرتش أقاوم إغراءكِ وأنت تتمايلي كده…”

انحنى قليلًا، مستنشقًا عبير عطرها الفواح، وكأنه يحاول طباعة أثره على أنفاسه، ثم همس بخبث قرب عنقها:

“بحبكِ يا سيطرة…”

ثم فك حصاره عنها، لكنه لم يبتعد تمامًا، ظل قريبًا منها، وعيناه تتأملانها بمكر واضح، بينما دسّ يده داخل أحد جيوب بنطاله، منتظرًا رد فعلها.

“إيه يا سيطرة؟ سكتي يعني؟!”

ابتسمت سيلا بخجل ممزوج بالعناد، لكنها لم تمنحه إجابة مباشرة، مما زاد من تحدي الموقف بينهما، في انتظار الجولة القادمة من لعبتهما الماكرة.

سيلا، بصوت أقرب للبكاء، وضعت يدها على قلبها، وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:

“كده خضتني يا عاصم! انت جيت من إمتى؟!”

عاصم، وهو يحدق بها بنظرة محبة لم تغادرها للحظة:

“سلامة قلبك، مش قصدي والله.”

لم يمنحها فرصة للابتعاد، بل ضمها إليه مرة أخرى وربّت على ظهرها بحنان، يحاول تهدئتها، وهمس بقرب أذنها:

“آسف، حقك علي، مش هتتكرر تاني…”

لكن سرعان ما ارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة، ثم ضحك بصوت خافت عندما تذكر حديثها أثناء المكالمة، فغمز لها قائلًا:

“الصراحة… مقدرتش أمسك نفسي وانتي بتقولي (سيطرة) وكده.”

ثم مال قليلًا للأمام وهمس بمكر:

“إلا قوليلي… مي قالت لكِ على الجديد؟”

تملصت سيلا من بين ذراعيه، وابتعدت قليلًا وهي تتحدث بعفوية:

“أيوه طبعًا! ومعتز وافق، قعدت تقول مش هيوافق، وفي الآخر وافق، وهيعملوا الفرح آخر السنة.”

عاصم، وهو يغمز لها بعينيه بمكر:

“ملناش دعوة بيهم، براحتهم… ولا إيه، يا سيطرة؟”

سيلا، وقد فهمت تلميحه، نظرت إليه بحذر قبل أن ترد سريعًا:

“قصدك إيه ها؟! إحنا مش متفقين إن أنا ومي نفس اليوم؟! ها، إيه بقى؟! إيه؟! إيه؟!”

بدأت تتراجع للخلف تدريجيًا، بينما كان عاصم يقترب منها بخطوات ثابتة، وعيناه تزدادان دهاء مع كل خطوة يخطوها نحوها.

عاصم، مستدرجا إياها بذكاء:

“أه طبعًا… اتفاق، بس اثبتي كده، بترجعي ليه؟!”

تظاهرت بالتماسك، لكنه استرسل في حديثه بجدية مصطنعة:

“بصراحة، هما مخطوبين، بيتعرفوا على بعض، براحتهم، عندهم سنتين كاملين! لكن إحنا؟! إحنا إيه بقى؟! ها؟!”

ظل يتقدم بخطواته بينما كانت هي تهرب منه، حتى خرجت من المطبخ وهو يتبعها، فتحدث بصوت يحمل نبرة مسيطرة:

“إحنا قولنا لما نرجع من السفر، وسبناهم أكتر من ست شهور! قلت ماشي، آخر الأسبوع، أكيد معتز هيظبط الدنيا! ماشي، آخر الشهر… فاضل أسبوعين! أروح النهارده، يقول لي خمس شهور كمان؟! يبقى ليه؟!”

ثم أردف بصوت هادئ لكنه يحمل وعيدا ماكرًا:

“تعالي… بتبعدي ليه؟! تعالي يا بت!”

ابتسم عندما رآها تهرب إلى الطابق العلوي، فأخذ يصعد خلفها بخطوات واثقة.

سيلا، وهي تركض بصوت مرتبك بين الضحك والخوف:

“لا، لا، لا، لااااا!”

عاصم، بصوت رخيم، يقترب من باب الغرفة الذي أغلقته على عجل:

“افتحي يا سيلا، عيب! متوقفنيش بره كده، يقولوا عليا إيه؟! مش انتي اللي اتفقتي معاها وبتشجعيها؟! اشربي بقى!”

سيلا، ببراءة مصطنعة، وقد تناست تمامًا تحريضها السابق:

“لااا! مش أنا، دي… دي همسة!”

عاصم، مبتسمًا خلف الباب، صوته يفيض بمكر:

“طيب، افتحي… هكلمكِ بس.”

سيلا، بتحذير وهي تتأمل الباب بريبة:

“بلاش غدر ها؟! هفتح، بس خليك مؤدب!”

لكنها لم تقتنع بسهولة، فتمتمت لنفسها بحذر:

“مش مرتاحالك…”

فتحت الباب بحذر، وما إن خطا عاصم خطوة واحدة داخل الغرفة حتى ركضت سريعًا إلى الداخل، لكنه كان أسرع منها، وأغلق الباب خلفه بإحكام، ودس المفتاح في جيبه تحت نظراتها المتوترة.

سيلا، بتوتر، وهي ترى اقترابه:

“قفلت الباب ليه؟! ها؟!”

ثم قفزت على الفراش، رافعة إصبعها نحوه بإنذار:

“عيب يا عاصم! إحنا كبار على كده! هنادي على دادة على فكرة!”

عاصم، وهو يرفع حاجبه باستهزاء:

“وهي دادة اللي هتنقذك مني ؟!”

صمت قليلًا، ثم أضاف بصوت ينضح بالخبث:

“يعني تتفقوا انتي وصاحبتك، ها؟! طيب لو مسكتك…”

لم يمهلها فرصة للهرب، فحينما همت بالخروج، باغتها سريعًا، وحملها بين ذراعيه وسط قهقهته الخافتة:

“الليلة ليلتنا، يا سيطرة!”

وضعها برفق على الفراش، ثم همس لها بحنو، وهو يربت على ظهرها ليطمئنها:

“هششش… سولي، اهدي، متخافيش… أنا بحبكِ، مش هآذيكِ.”

اختبأت داخل صدره من شدة الخجل، تشبثت به أكثر، فأنزل رأسه على شفتيها ينهل عليها بقبلاته الحارة، ذابت له، واستسلمت تمامًا بين ذراعيه، والتفت يداها حول عنقه، لتغوص معه في عالم آخر، حتى أصبحت له زوجة قولًا وفعلًا.

بعد ساعات…تململت سيلا من نومها، عندما أحست بأنفاس دافئة تلامس بشرتها، قبلات ناعمة تطوف كل شبر في وجهها، فتحت عينيها ببطء، لتجده يحدق بها بعشق، يبتسم برقة وهمس لها بصوت دافئ:

“صباحية مباركة يا عروستي.”

تلونت وجنتاها بحمرة الخجل، فاندست سريعًا أسفل الغطاء، لكنه لم يترك لها فرصة، بل تسلل هو الآخر إلى أسفل الغطاء بجانبها، وقال بمكر:

“مرضتشِ تستخبي لوحدكِ؟! قولت أجي أونسك تحت الغطا كمان…”

شهقت من فعلته، ثم شدت الغطاء أكثر حول جسدها، وركضت سريعًا مبتعدة عنه، تهمس بحرج شديد:

قليل الأدب!

عاصم، بمرح، وهو يناديها ضاحكًا:

“سمعتكِ على فكرة! لما تطلعي، مااااشي!”

جلست سيلا داخل الحمام تلتقط أنفاسها، بينما تنهد هو براحة، ثم شرد قليلًا في حديث الطبيب قبل سفرهما، حينما زاره ليبلغه بعودتهما وإتمام زواجهما.

“مبارك لك الزواج، ابني. هي الآن تستطيع أن تمارس حياتها بحرية، وإتمام زواجكِ بالتأكيد، لكن… ستتأخر فقط في الإنجاب لفترة، على الأقل نظرًا لحالتها، لكن غير ذلك، فهي بصحة جيدة. التزم بهذا العلاج، مع متابعة دورية كل ثلاثة أشهر، فقط للاطمئنان.”

أغمض عينيه، زفر ببطء، ثم نظر ناحية الحمام، حيث كانت هي بالداخل، وابتسم بحب وهو يهمس لنفسه:

“مهمنيش غير إنها تكون بخير… والباقي على الله.”

 

انتبه لحركتها عند سماع صوت فتح باب الحمام، فابتسم بمكر ثم تحرك بخفة، ليختبئ بجانب الباب منتظرًا خروجها.

ما هي إلا لحظات حتى أطلت برأسها من فتحة صغيرة، تتأكد من خلو الغرفة. عندما اطمأنت أنها بمفردها، خرجت بخطوات حذرة، والمنشفة تُغطي جسدها، بينما قطرات الماء تتدلى من شعرها وتتساقط ببطء على عنقها وكتفيها، فابتلع ريقه بصعوبة وهو يراقبها، لقد أضفت عليها المياه جمالًا ساحرًا زاد من جاذبيتها.

تحركت نحو الدولاب لانتقاء ملابسها، فتبعها هو بصمت، يتقدم نحوها بخفة حتى كاد يلاصقها، وقبل أن تلتقط قطعة الملابس، شعرت بوجوده، فتجمدت في مكانها والتفتت ببطء لتجده يقف خلفها تمامًا، ينظر إليها بتسلية واضحة.

أردفت بارتباك وتوتر، وهي تحاول التظاهر بالثبات:

“أنت… لسه هنا؟!”

عاصم، وهو يشير لجسده العاري وشورت قصير، بابتسامة جانبية:

“هروح فين بذمتك بالمنظر ده؟! كنت مستنيكي تطلعي… إيه مالك يا بنتي؟! مغمضة عنيكي ليه؟!”

شهقت بخجل، وأدارت وجهها إلى الجهة الأخرى، محاولة تجنب نظراته المتفحصة.

تمتمت بصوت خافت:

“إنت… عادي كده؟!”

ضحك بصوت منخفض، مستمتعًا بارتباكها، بينما كانت تحاول دفعه بعيدًا، تدفعه للأمام بخجل واضح، وهو يستجيب لحركتها لكن دون أن تتوقف عيناه عن مراقبة تعبيراتها المحرجة.

قالت وهي تحثه على الدخول للحمام:

“طيب يلا، يلا، أنا خلصت حمام!”

عاصم، وهو يغمز لها بمرح:

“طيب، استني بس! هروح لوحدي كده؟! طب جيبي بوسة الأول، وأنا أدخل.”

سيلا، وهي تدفعه بحزم حتى وصلت به إلى باب الحمام:

“لااا! ويلا بقى!”

تظاهر بأنه استسلم ودلف للداخل، ثم أوشك على إغلاق الباب، فتنهدت براحة معتقدة أنه رحل أخيرا، لكن فجأة، فتح الباب بسرعة، فباغتها بقبلة خاطفة على وجنتها، وهمس لها بصوت دافئ:

“بحبك أوي… يا دنيتي كلها.”

ثم أغلق الباب وراءه، تاركا إياها متجمدة في مكانها.

رفعت يدها تلامس وجنتها التي احمرت من أثر لمسته، ثم شقت ابتسامة صغيرة شفتيها، وهمست لنفسها بحب:

“وأنت حياتي كلها.”

ثم تحركت ببطء نحو الدولاب، اختارت ملابسها، وارتدتها في هدوء، قبل أن تتجه لتجهيز مائدة الطعام، وابتسامة ناعمة لا تزال تعلو وجهها.

ـــــــــــــــــــــــــ

خلال الخمسة أشهر الماضية، كانت همسة تعيش فترة مليئة بالتغيرات، فقد تقدمت أشهر حملها، وازداد شعورها بالإرهاق، وأصبحت حركتها أكثر ثِقلاً، لكنها رغم ذلك كانت تنعم بحياة هادئة، فقد باتت تعرف طباع زوجها جيدًا وتتكيف معها. انشغلت بتجهيز كل ما يلزم لمولودها القادم، تلك الطفلة الصغيرة التي ستصبح فردًا جديدًا في العائلة، هديةً من الله، ونعمةً تستحق الشكر والحمد.

أما عن الميراث، فقد عاد لكلٍّ من سيلا وهمسة نصيبهما الشرعي بعد أن أدرك عمهما درس الحياة القاسي. فقدان ابنه الوحيد كان كافيًا ليعلّمه أن الطمع والجشع لا يدومان، وأن المال لا يعوض خسارة الأحباب. لقد وعى أخيرا أن راحة البال والرضا بالقسمة خير من كنوز الدنيا، فعاد إلى الله، طالبًا المغفرة والصفح.

حين يتوب العبد توبةً صادقة، نابعة من القلب، نادمًا على ما اقترفه، فإن الله لا يرده خائبًا.

وهكذا، بعد استخارتها الكثيرة ودعائها المستمر، شعرت مي بطمأنينة تسري في قلبها، فأيقنت أن الخير فيما كُتب لها. والأجمل من ذلك، أنها لم تكن وحدها في هذا الطريق، فقد أصبح معتز أكثر تمسكًا بالصلاة، ليس هذا فحسب، بل إنه هو من يوقظها لصلاة الفجر، بعد أن كان يتركها تتكاسل عنها.

في إحدى الليالي، وبعد يوم طويل أمضته في توضيب أغراضها استعدادًا للانتقال إلى منزلها الجديد، خلدت إلى النوم مُرهقة، لكن رنين هاتفها العالي قطع عليها نومها العميق.

أجابت بصوت متضايق، مُغمضة العينين:

“ألو… مين؟”

قهقه معتز من الجهة الأخرى:

” مين؟… تاني؟! كل ده نوم؟ فوقي كده، مش شايفة الوقت عدى إزاي!”

ردّت مي بصوت ناعس، متثائبة:

“والله يا معتز، لسه حاطة راسي ونايمة من ساعة! مكنتش خلصت شغل، تعبانة جدًا، خليني أنام شوية، بجد مش قادرة.”

لكن معتز لم يمنحها فرصة للكسل، وأردف بحزم:

“طيب، صلّي الأول، وبعدين كملي نوم. انتي بتصحي بعد الظهر، والفجر هيضيع عليكي، وهتضطري تجمعي الصلوات. يلا، بلا كسل! هعدّي عليكي العصر نكمل نقل الحاجات، هقفل دلوقتي، فوقي بقى! سلام.”

أطلقت تنهيدة مُحبطة، لكنها في النهاية نهضت بكسل، تثاءبت، استعاذت بالله من الكسل، ثم دلفت إلى الحمام للوضوء، وبعدها أدّت صلاتها، ورفعت يدها بالدعاء أن يُيسر الله لها حياتها القادمة. ثم عادت إلى فراشها، وسرعان ما غرقت في النوم مرة أخرى.

— استيقظت مي على صوت هاتفها مرة أخرى، وهذه المرة، كانت المتصلة سيلا.

ردّت مي بصوت ناعس:

“صباح الورد، حبيبتي.”

أجابت سيلا بحماس:

“صباح الورد لعروستنا الجميلة!”

تمتمت بتذمر، وهي تحاول أن تستعيد وعيها:

“إنتي لسه نايمة للوقت ده؟! ليكي قلب تنامي كده؟!”

مي، وهي تحاول فتح عينيها بصعوبة:

“يا بنتي، خلصت كل حاجة متأخر جدًا، ونمت ساعة واحدة، وصحاني معتز عشان الفجر، ونمت تاني،  انتي كمان صحّيتيني! كلكم متفقين عليا ولا إيه؟! سيبوني أنام شوية، مش هتطير الدنيا يعني!”

قهقهت سيلا، وردّت بمزاح:

“لا، بس معتز هو اللي هيطيرك لو فضلت نايمة كده!”

ضحكت مي أخيرًا، وقالت بمزاح:

“يطير مين؟! احنا سيطرة!”

حاولت سيلا كتم ضحكتها، لكنها لم تستطع، فأردفت بمكر:

“أحم… سيطرة، آه، ما أنا عارفة! بس بلاش تعيشي الدور قوي، وما تردديش الكلمة دي كتير، ما تضمنيش ممكن يحصل إيه!”

ضحكتا معًا، وتابعتا حديثهما، بينما كان الحماس يزداد استعدادًا ليوم الفرح المُنتظر.

يتبع

تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *