التخطي إلى المحتوى

 

رواية غنوة يونس الفصل الثلاثون 30 – بقلم سلوى عوض 

عند وجيه 

يتلقى وجيه اتصالًا من سليم العمري. ( سليم العمري بطل رواية بستان حياتي )

سليم: وجيه الألفي، اللي واحشني!

وجيه: ما احنا قولنا، أول ما ننزل مصر هنتقابل.

سليم: في انتظاركم إن شاء الله. أنا خلاص نهيتلك يونس في السوق، ومش هيقوم له قومة تاني، مبقاش حيلته أي حاجة!

وجيه: راجل من يومك يا سليم!

سليم: حبيبي! أمال صقر فين 

وجيه : كأنه بقاله ميت سنة ما نامش!

سليم : معذور، أبو العيال بقى، وبعدين انت عارف إنه كبير بلده، وكل حاجة فوق دماغه.

وجيه: فعلاً، ربنا يعينه، طول عمره كبير. بقولك صحيح يا سليم، انت متأكد إن يونس مش هيقومله قومة تاني؟

سليم : مش عارف ليه حاسس إن يونس ده صعبان عليك.

وجيه : خلاص بقى، المهم طمني، أفراد العيلة الكريمة عاملين إيه؟

سليم : والله يا وجيه، مش عارف أقولك إيه، بستان من وقت وفاة جدي وهي دايماً حزينة وسرحانة، ونفسيتها في الأرض.

وجيه: ما انت عارف إن الحج سليم كان كل حاجة بالنسبة لها.

سليم: عارف والله، بس ده أمر ربنا.

وجيه: إن شاء الله، أول ما ننزل مصر، نقعد معاها ونحاول نخرجها من الحالة دي.

سليم: ياريت، والله. خصوصاً بعد ما عمر أخوها استقال من شغله، وخد ليلى أختي وأولادهم وسافروا الإمارات. نفس الشيء فريد، هو وولاده سافروا برضه، وهي على طول حاسة إنها لوحدها.

وجيه: بقولك إيه، خد بستان مراتك وروحوا الفيلا في أكتوبر، وسيبها هناك كام يوم، صدقني هترجعلك ناسية كل الحزن والنكد اللي في الدنيا.

سليم (بتعجب): ده اللي هو إزاي؟

وجيه: اسمع بس كلامي.

سليم: حاضر يا سيدي.

وجيه: أنا هكلم هالة تكون في انتظارها.

سليم: حبيبي يا صاحبي.

وجيه: ربنا يديم المعروف بينا يا رب.

يغلق وجيه الهاتف مع سليم، ثم ينظر إلى هاتفه ويرى كمية كبيرة من رسائل الواتساب.

وجيه (محدثًا نفسه): إيه كمية الرسائل دي؟ النهارده ما فتحتش نت خالص من كتر المكالمات.

يفتح أول رسالة، يجدها من فاطمة بنت أخته تطلب منه هدايا، والرسالة الثانية من أحد أصدقائه. أما الرسالة الثالثة، فهي من دياب.

وجيه (بقلق): إيه يا ترى حصل؟ وليه دياب عاوزني أنزل مصر بسرعة؟ ربنا يستر، ميكونش في مشكلة حصلت.

يتصل وجيه بدياب.

وجيه: إيه يا دياب؟ الرسالة دي أقلقتني.

دياب: لازم تيجي الصعيد في أسرع وقت.

وجيه: طيب بس فهمني، في إيه؟

دياب: كل اللي أقدر أقوله لك إن يونس وفريدة مش عيال عجوب ولا دهبية.

وجيه (بصدمة): تخاريف إيه اللي بتقولها دي يا دياب؟

دياب: والله زي ما بقولك كده، أمي هي اللي قالت لنا، وهي اللي طلبت أكلمك وأقولك تيجي بسرعة، لأنها مش هتتحدد غير لما تكون موجود.

وجيه (بقلق): الكلام ده خطير جدًا،

دياب: يعني هتاجي ولا إيه؟

وجيه: أكيد، طبعًا جاي، بكرة إن شاء الله هكون عندك.

دياب: خلاص، هنتجمع في بيتنا.

وجيه: تمام، وبما إن الموضوع يخص يونس وفريدة، هما لازم يحضروا.

دياب: حاضر، خليها عليا أنا. 

وجيه : بس أوعى تتكلم مع أي حد منهم في الموضوع ده لحد ما أجي.

دياب: لا طبعًا، مش هتكلم معاهم في حاجة لحد ما تيجي.

يغلق وجيه الهاتف، ثم يتمتم لنفسه باندهاش:

وجيه: إيه اللي بيحصل ده؟! أنا حاسس إني في مسلسل هندي، بس شكل كده في أسرار كتير لسه مستخبية.

________________________________________

في منزل يعقوب

يصل يونس إلى شقة عيسى، حيث يجلس والده يعقوب مع زوجته خيرية.

يونس: عاوزك يا أبوي.

يعقوب: تعالَ، خش يا ولدي.

ينظر يونس إلى خيرية ثم يقول:

يونس: كنت عاوزك لوحدك، يا أبوي.

يعقوب: اتحددت، يا ولدي. خيرية مراتي وتبقى أم خيك اللي جاي في السكة.

يونس (ببرود): طيب، يا أبوي. كنت محتاج مبلغ أدفعه للموظفين على ما أدبر حالي.

يعقوب (بتعجب): كيف يعني؟ وفين فلوسك اللي في البنوك ومشاريعك الكتيرة؟

قبل أن يرد يونس، تتدخل خيرية بحدة:

خيرية: آه، أمال! طبعًا عرفت إني حبلى من أمك العجربة، وهي اللي سلطتك عشان تاجي تقول لأبوك على الفلوس! عاوزين تفلسوه عشان لما ابني ييجي، ما يلاقيش حاجة وتخلوه على الحديدة؟! كفاية عليكم! عجوب جوزي طول عمره بيصرف عليك وعلى إخواتك، ولما بقيتوا كده، كل واحد فيكم ماشي يجر ساقية، وجاي تاخد حق العيل الغلبان اللي لسه ما شافش الدنيا؟

يونس (منفعلًا): إيه اللي بتقولي ده؟ وبعدين إنتي مالك بيني وبين أبوي؟

تمثل خيرية البكاء ثم تتمايل وتقول بصوت ضعيف:

خيرية: حاسة حالي دايخة… شكلي هقع… أسندني يا عجوب! ولدك عاوز يسقطني وبيزعقلي!

ترتمي خيرية بين يدي يعقوب الذي ينهض بفزع:

يعقوب: خيرية! فوقي يا حبيبتي! فوقي يا أم الغالي!

ثم يلتفت إلى يونس بغضب:

يعقوب: عاجبك كده؟ عاوز تموّتها وتخليها تسقط أخوك؟

يونس (مدافعًا عن نفسه): جرى إيه يا أبوي؟ أنا ما عملتش حاجة!

يعقوب: ياك عاوز تموتها خالص؟ روح يا يونس، شوف انت رايح فين!

يونس: طيب، والفلوس اللي طلبتها منك؟

يعقوب (بحدة): أنت ما بتحسش، يا واد؟!

يونس (بغضب مكبوت): يا أبوي، طيب قول لي، لما الدنيا تيجي عليا، أطلب من مين؟ أمي قالت لي اصبر، وخلاص فاضل يومين على ميعاد قبض الموظفين.

يعقوب: مفيش فلوس، يا يونس! خلاص، بجى، هملني، خليني أشوف مراتي مالها وأشوف ولدي الصغير.

يونس (بصدمة ومرارة): بجى العيل اللي لسه ما طلعش للدنيا ولا تعرفه، أهم عندك من ولدك اللي كان ونيسك في دنيتك زي ما كنت بتقول؟

يعقوب لا يرد، فقط يشير إليه بالخروج. يخرج يونس غاضبًا، يبتعد عن المنزل ويجلس بجوار شجرة بعيدة، تغمره الذكريات، يتذكر طفولته.

_________________________________________

في شقة ممدوح

نجد رقية تحدث نفسها:

“راح فين مندوح ده؟ حتى نزل بجفطان النوم! حتى تلفونه مجفول… يكونش بيلعب بديله مع واحدة من الخدامين له؟ بس كيف يعمل كده وأنا مهنناه ومجلعاه؟ أحسن حاجة أروح أسأل عليه عند أبوه ولا عند المحروجة دهبية.”

تذهب رقية تبحث عن ممدوح عند يعقوب.

رقية: “أما شوفتيش مندوح؟ أديله حبة كتار مابينش.”

خيرية: “له، شفتهوش.”

رقية: “ولا انت يا عم عجوب؟”

يعقوب: “ممدوح راح يجضي مصلحة وزمانه جاي.”

رقية: “طب تلفونه مجفول!”

يعقوب: “هو صغير! إياك اجعدي جار أمك، وأنا هروح أشوفه.”

رقية: “طيب، ابجى طمّني عليه.”

يعقوب: “ماشي، هبجى أطمنك.”

ليحدث يعقوب نفسه:

“ده أنا عاوز اللي يطمني… هاتها جمايل يا رب.”

__________________________________________

في منزل أهل إنعام

يصل عيسى وإنعام إلى المنزل ليجدا عديلة تبكي بعد أن أوسعوها ضربًا أخت زوجها وبناتها.

إنعام: “جطع اليد اللي اتمدت عليكي يا أما!”

عديلة: “موتوني من الضرب يا بتي!”

عيسى: “كيف يعني؟ موراكيش رجالة ولا إيه؟”

لتأتي عمة إنعام.

العمة: “وهي فينها الرجالة؟ مشيفاش حد منهم واقف معانا!”

إنعام: “ليه؟ عيسى جوزي… مماليش عينيكي؟”

عمتها: “آه، جصدك على عيسى المدلدل، شور الحريم اللي لا مسيطرة عليه!”

تنظر إنعام لعمتها نظرة رجاء.

العمة: “أرض أخوي وبيته من حقي أنا وبناتي! أمك مضت، وانتي كمان تمضي ولا إيه جولك ؟”

إنعام: “كيف يعني؟”

عمتها: “خلاص، يبجى نحكمه عيسى بينتنا!”

إنعام بتهتها: “عيسى لوش صالح بينتنا! إحنا أهل ف بعض!”

خلاص يا عيسى، روح دلوك، وابجى فوت عليا روحني معاك.”

عيسى: “طيب، اللي تشوفيه.”

بعد رحيل عيسى

إنعام: “أهيني مشيتلك عيسى! كنتي عاوزة تجوليلي إيه جدامه؟”

عمتها: “نفتحو الدفاتر ونجوله على اللي مخباي كله! ويعرف إنك ولا كنتي حبلى، ولا صدفة الغلبانة زجتك، ولا عملتلك عملات! وانتي وأمك والدجال اللي خططتو كل حاجة عشان تطفشو البنية الغلبانة!”

“ومش بعيد كماني تكوني انتي اللي خطفتي عيلة ممدوح عشان تكوشي على كل حاجة!”

إنعام: “جوليله! وشوفي بجى مين هيصدجك!”

عمتها: “لما تسمعي الكلام ديتي، هتعرفي هيصدج ولا له يا بت أخوي!”

إنعام: “كلام إيه ديتي؟”

عمتها: “ديتي كلامك مع الدجال اللي كنتي مسجلاه على تلفونك! وإني عشان بت حلال لجيت التلفون وخدت كل التسجيل اللي عليه! تحبي تسمعي كنتي بتجولي إيه؟”

إنعام: “هاتي التلفون!”

عمتها: “ياك فكرك على التلفون ديتي بس؟ له يا عين أمك، ده التسجيل ديتي في منه كتير!”

“تمضي بجى ولا إيه؟ نذيعه ف البلد كلها يا بتاعت الدجالين، انتي وأمك!”

إنعام: “له! خلاص همضيلك!”

عمتها: “تمضي على كل حاجة وتاخدي أمك وتغورو من هنيه!”

عديلة: “يعني هتمشيني من بيتي؟”

عمة إنعام: “جولت! كل حاجة بتاعتي أنا وبناتي! جولتو إيه؟”

إنعام: “خلاص يا أما، بس الشاطر اللي يضحك ف الآخر!”

لتمضي إنعام لعمتها تنازلًا عن البيت والأرض، ثم تحدث أمها:

“روحي يا أما، لمي خلجاتك وحاجتك!”

عمتها: “تطلعي بالهدمة اللي عليكي، ومشوفش وش واحدة فيكم تاني! غورو، جاكم الحزون!”

_______________________________________

 •تابع الفصل التالي “رواية غنوة يونس” اضغط على اسم الرواية 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *