رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل السادس والثلاثون
طلق عادل هند، ورغم خطأها الكبير في حقه أعطاها كل حقوقها، ترك لها الشقة وتعهد بدفع إيجارها، كما تعهّد بدفع نفقات هند وابنه حين يرى النور.
حتى وقت قريب ظل قلب ملك مغلقا أمام منير زوجها، كانت تعامله معاملة عادية، لا حب فيها ولا كره، فقط العشرة والاحترام، هي لم تعطه الفرصة كما قالت زهرة، حب فادى منعها من هذا، ولأول مرة تراه بعيون جديدة، عيون الانصاف لا الانحياز، أشياء بسيطة يفعلها من أجلها، لا يفعلها إلا العاشق، كانت لا تلفت انتباهها، أعطت له ولنفسها الفرصة أن تعرفه من جديد، تعرفه بقلب خال من عشق غيره، قلب مملوء بحب قطعة منه ومنها، أولادها، رأته زوجا رائعا، أبا مسؤلا حانيا، في هذه المرة لم تحتاج مجهودا لاقتحام قلبها منه، وجدت نفسها رغما عنها تحبه، بل تعشقه، حتى أنها تعجبت كيف أضاعت من عمرها ست سنوات وهي بعيدة عنه.
منير: إيه رأيك نروح نغير جو في أى مكان تختاريه؟
ملك: الجو برد، هنروح فين؟
منير: أسوان.
ملك: بمناسبة إيه؟
منير: شهر عسل جديد.
ملك: بس ده مش عيد جوازنا.
منير: انسى عيد جوازنا القديم، عيد جوازنا الحقيقى من حوالى أسبوعين.
ملك: مش فاهمة.
منير: أنا حاسس إننا ما اتجوزناش إلا من أسبوعين، أول مرة أحس إنك معايا.
ملك: إيه الكلام الغريب ده؟
منير: صدقيني ده إحساسى، من يوم ما أتجوزنا وأنا حاسس إنك بعيد، ما حاولتش أضغط عليكي، كنت مستنى اللحظة دى وعارف إنها هتيجى، ما هو مش معقول واحدة تلاقى حد يحبها ويحترمها ويخاف عليها وتفضل قافلة قلبها من ناحيته.
ملك: وأنت عرفت منين إن قلبى اتفتح لك؟ مش يمكن لسة بعيد.
منير: من كل حاجة فيكي، وشك اللى بقى ينور لما تشوفينى، لهفتك عليا وانتظارك ليا لما أرجع، حتى إيدك لما بأمسكها، الحب ده نعمة كبيرة قوى من عند ربنا، كنت دايما أدعى ربنا إنه يتم نعمته عليا ويرزقنى حبك وأهو الحمد لله استجاب.
ملك: مش عايز تعرف أنا ليه كنت بعيدة عنك بمشاعرى؟
منير: مش عايز أعرف إلا إنك معايا دلوقتي بكل مشاعرك.
ملك بدلال: أنا قولت لك قبل كدة بأحبك.
فادى: عارف، قريتها في عينك من غير ما تقولي وحسيتها أول ما حسيتيها، الحب زى الشمس صعب حد يحجب نورها.
أتاح ابتعاد دكتور خالد عن صافى لها الفرصة في إعادة ترتيب حساباتها، بدأت تفكر في نفسها بشكل جديد، لقد أصبحت على مشارف الثلاثين، لا يوجد في حياتها سوى السهر والخروج والرجال، هذه ليست حياة امرأة سوية، هذه حياة داعرة، شعرت بالقرف والنفور الشديد من هذه الحياة، جاهدت نفسها كثيرا حتى تتغير وتصبح إنسانة جديدة، كانت تنجح مرة وتفشل مرات، وتجد نفسها رغما عنها في أحضان رجل لا تعرف عنه شئ، ربما لا تعرف حتى اسمه، يشاركها الفراش لحظات وينصرف، لتظل هي بعده تتعذب بتأنيب ضميرها، ضميرها الذي تعطل كثيرا عمل أخيرا رغم محاولاتها إسكاته، ولأول مرة تبكى بعد ارتكابها الخطيئة، لا تدري لأى سبب تبكى، تبكى عمرا ضاع بين أفخاذ الرجال، أم كرامة تبعثرت تحت أقدامهم، أم رجلا دمرته لأنه أحبها، للعجب كانت تبكى من خشية الله.
النادى
حضرت فتنة بدون حجاب.
زهرة: معقول اللى أنا شايفاه ده؟ أنتى اتجننتى يا فتنة؟ قلعتى الحجاب؟ وبسرعة كدة!؟
فتنة: زهرة أرجوكى ما تحكميش عليه من غير ما تسمعينى، أنتى ما تعرفيش إيه اللى حصل لى، أنا من يوم ما لبسته وأنا قاعدة في البيت، ما حدش بيطلبنى لأى عمل إلا ضيفة في مشهد أو مشهدين.
زهرة: ما حدش بيموت من الجوع، وكنتى عايشة إزاى قبل ما تمثلى؟
فتنة: كنت عايشة ومستورة، لكن أنا خلاص خدت على مستوى معين ما أعرفش أعيش إلا فيه.
زهرة: أنتى خدتى على العيشة المرتاحة ومستعدة تعملى أى حاجة عشان تفضلى في المستوى ده، مش كدة؟
فتنة: ما تبقيش قاسية في الحكم عليه يا زهرة؟
زهرة: أنا صريحة معاكى، بكرة ترجعى تمثلى نفس الأدوار اللى كنتى بتمثليها، وترجعى تعرى جسمك شوية في شوية، أنا ماشية، أنتوا كرهتونى في النادى.
الجريدة.
حضرت مى بدون موعد سابق، وفور علم زهرة بوجودها سمحت بمقابلتها، كان معها أحمد حبيبها.
مى: فاكرانى؟
زهرة: حد ينسى مى القمر؟!
مى: أنا جاية أقول لك إننا هنتجوز الأسبوع الجاي.
زهرة: يبقى ده أحمد؟
مى: أيوه، وجايين نفرحك معانا زى ما شاركتينا في همنا، تشاركينا في فرحنا.
زهرة: ألف مليون مبروك، إيه طلع لحد فيكوا عم في البرازيل؟
مى: عملنا بنصيحتك، خدنا شقة صغيرة قوى في الإسكان الاجتماعي، وجيبنا الحاجات الضرورية بس، ما جيبناش نيش ولا أطقم غالية تتحط للضيوف تتفرج عليها وما نستعملهاش، ما جيبناش خمسين طقم سرير وخمسين فوطة، جيبنا حاجات يادوب تكفى شخصين ولما تدوب نجيب غيرها، هو اللى هيدينا العمر مش هيدينا الرزق؟! ده إحنا حتى خدنا حاجتنا اللى كنا بنستعملها في بيت أهالينا
.
زهرة: برافو.
أحمد: مى كمان استغنت عن الفرح والقاعة والفستان، مع إننا ما عملناش فرح في الخطوبة.
مى: عشان الإشهار هنهيص شوية قدام بيتنا، الحبايب والجيران يغنوا زى أفراح زمان، وبعدها نروح بيتنا.
زهرة: أحسن حاجة عملتوها، أنتوا كدة هتحافظوا على بيتكوا عشان تعبتوا فيه.
أحمد: أنا بأشهدك يا أستاذة زهرة قدام ربنا لو ربنا كرمنى هأعوض مى عن أى حاجة استغنت عنها بأضعافها.
مى: وأنا مش عايزة غير إنك تتقى ربنا فيا.
أحمد: إن شاء الله أفضل شايلك في عينى العمر كله.
اتصلت نرمين بزهرة.
نرمين: الحقينى يا زهرة، مصيبة وحطت على دماغي تانى.
زهرة: إيه عزت خدرك وعمل معاكي علاقة تانى؟
نرمين: سعاد قتلت عزت.
زهرة: سعاد مين؟
التعليقات