رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الثامن والثلاثون
لم تاخذ زهرة مجهودا لإقناع ناهد بالترافع عن سعاد، وهي التي وهبت نفسها للدفاع عن المرأة وقضاياها، أما الغريب أنها رفضت أخذ أتعابها.
زهرة: يا حبيبتي لازم تاخدى أتعابك، لو جاملتى كل صاحبة من أصحابك المكتب كدة هيفلس.
ناهد: دى مش مجاملة عشانك، ده عشان سعاد، قليل لما بنقابل نماذج مشرفة كدة، وبعدين هو أنتى بس اللى بتعملى خير؟
زهرة: باين عليكي حكايتك حكاية، أنا سمعت عنك كتير قبل ما أعرفك، وده اللى خلانى أتعرف عليكى، بصراحة نفسي أعرف كل حاجة عنك، حاسة إن وراكى حكاية كبيرة.
ناهد: ولا كبيرة ولا حاجة، أنا واحدة عادية، زى ملايين الستات، البداية كانت خدعة وجرح كبير من حد حبيته ووثقت فيه، بعدها حصل التحول.
زهرة: مش بأقول لك وراكى حكاية، احكي.
ناهد: كنت طالبة عادية في كلية الحقوق، من أسرة فقيرة من اللى كل راسمالهم تعليم أولادهم، حبيت دكتورى في الكلية، كنت مبهورة بيه، ويوم ما قال لى إن هو كمان بيحبنى كنت هأطير من الفرحة، كنت مستعدة أعمل حاجة عشانه، أقنعنى إنه يتجوزنى عرفى عشان مراته ما تعرفش، هي دكتورة في كلية تانية، وافقت لما حلف لى إنه هيتجوزنى رسمى لما أخلص.
زهرة: إزاى تقبلى كدة وأنتي محامية وعارفة؟
ناهد: اللى حصل، فضل على علاقته بيا طول سنين الدراسة، وأول ما خلصت وطلبت منه يتقدم لى، قطع الورقة وطلقنى.
زهرة: يا حبيبتي ده مش جواز.
ناهد: الأقسى إنه عايرنى بفقرى، وقال لى روحى اتجوزى واحد من توبك، بالكتير هيكون ولد عاطل وصعلوك، قلت له على الأقل هيكون من سنى ومش أكبر منى بتلاتين سنة وهيتجوزنى قدام الناس، قال لى مين هيجوزك بعد اللى حصل، حتى لو حصل هتشحتوا سوا، صممت أكمل تعليمى وأكون دكتورة في الجامعة زيه وأحسن منه، أشتغلت في مكتب محامى كبير وكملت دراستى، أعجب بيا ابن صاحب المكتب، مهندس أكبر منى بخمس سنين، صارحته بكل حاجة، وعلى عكس ما كنت متوقعة أتجوزنى، بعد الجواز حبيته جدا، لقيته إنسان حقيقى نادر لما تلاقى زيه في الزمن ده، انسان شبه الملايكة في أخلاقه، رجل بمعنى الكلمة.
زهرة: كفاية إنه قبل يتجوزك بعد اللى حصل.
ناهد: قالى الماضى ده بتاعك، المهم عندى إنك تحافظى على شرفى من اللحظة اللى ارتبطت بيكى فيها، بعد كدة وهبت نفسى للدفاع عن قضايا الستات، خصوصا اللى ما تقدرش تدفع أتعاب المحامين وضحايا الجواز العرفى، ومن سنتين تقريبا كونا أنا وجوزى وبعض رجال الأعمال جمعية لمحاربة الجواز العرفى، قدرت بمساعدة أعضاء الجمعية إنى أجوز شباب كتير جواز رسمى بعد ما انسدت قدامهم كل الأبواب وكانوا هيلجأوا للجواز العرفى، وبعض الحالات كانت متجوزة فعلا جواز عرفى، حولنا الجواز ده لرسمى بعد ما وفرنا لهم الامكانيات.
زهرة: برافو عليكي.
ناهد: صدقينى يا زهرة شبابنا بخير وبناتنا بخير، واللى بيتجوز جواز عرفى ما لجأش ليه عشان هو موضة أو تقليعة، أنا ما أنكرش إن في بعض الحالات عملت كدة والجواز عندهم كان مجرد تقضية وقت جميل، لكن السبب الحقيى للجواز العرفى قلة الامكانيات وكترة تكاليف الجواز الرسمى.
زهرة: الأهالى بقت بتبالغ قوى في طلباتها، ده عشان عاداتنا في الجواز، لازم خمس أوض وشبكة زى شبكة فلانة وفرح في قاعة كذا، خلوا الشباب بقت تلجأ لأى طريق سهل غير الجواز الرسمى.
ناهد: ياريت نرجع للشرع ونبعد عن العادات دى قبل ما يفوت الآوان.
زهرة: إحنا بندن في مالطة.
بذلت زهرة مجهودا كبيرا في إقناع خالد بوجود ندى ونور، ظن أنهما صغيرتان.
زهرة: أنا مش كنت عايزة اتبنى طفل أو طفلة وأنت رفضت، ربنا بعت لنا البنتين دول هدية.
د. خالد: يا حبيبتي دول صغيرين وعايزين رعاية وانتى عندك شغلك، وبعدين هتتعلقى بيهم وفي الآخر هيرجعوا لأمهم.
زهرة: دول مش صغيرين قوى، تمن سنين وعشر سنين، ويمكن على ما تطلع أمهم يكون ربنا كرمنا، البنات غلابة يا خالد ومالهمش حد.
د. خالد: خلاص يا زهرة اللى تشوفيه.
زهرة: ربنا يخليك ليا يا حبيبي، في حاجة كمان لازم نعملها طالما وافقت إنهم يبقوا معانا.
د. خالد: خير؟
زهرة: البنات محتاجين دكتور نفسانى.
د. خالد: جينا لوجع القلب.
زهرة: البنات متدمرين يا خالد، عمى عمل كدة زمان في ظروف شبه دى عشان نتجاوز اللى حصل.
د. خالد: خلاص يا زهرة هأشوف لك دكتور كويس
، بس لو جهم وضايقونى أو حسيت إنى مش عارف أخد راحتى هأمشيهم.
لكن نرمين عارضت بشدة قرار زهرة.
نرمين: أنتى مجنونة يا زهرة؟ عايزة تجيبي بنتين صغيرين عندك وجوزك…
زهرة: دول أطفال يا نرمين، ما أظنش خالد حيوان قوى كدة، وبعدين أنا هأخدهم معايا الصبح وأنا نازلة وأجيبهم وأنا راجعة، مش هيبقى في فرصة خالص إنه ينفرد بيهم.
نرمين: نسيتى إنه حاول مع الخدامة وأنتي موجودة؟
زهرة: خالد دلوقتي اتغير خالص وبيحاول بكل الطرق ينسينى اللى عمله، وبعدين أخليهم يقفلوا على نفسهم بالمفتاح من جوة.
نرمين: أنا مش موافقاكى على كدة.
زهرة: لو الدنيا قفلت أوديهم شقتنا.
أحضرت زهرة ندى ونور من منزل جدتهما، اشترت كل ما يلزمهما من ملابس جديدة وألعاب، وما أن رأى دكتور خالد ندى ونور حتى سال لعابه عندما لاحظ استدارة جسم ندى والتي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، حيث كانت ممتلئة قليلا.
حاولت زهرة إسعاد ندى ونور بكل الطرق، فبخلاف الطبيب النفسى الذي تابعت معه، كانت تذهب بهما إلى الملاهى والمتنزهات، كما كانت تذاكر معهما دروسهما، تذهب معهما إلى فراشهما.
لا تتركهما حتى يغلبهما النوم.
النادى
ناهد: زهرة أنا عايزة الفت نظرك لحاجة من زمان، بس ما كنتش قادرة، العلاقة بينا ما كانتش قوى.
زهرة: عارفة عايزة تقولي إيه.
ناهد: يعنى أنتى عارفة؟
زهرة: قصدك على خالد؟
ناهد: أنا سمعت كتير إنه متعدد العلاقات.
زهرة: كان ولحد قريب، بس الحمد لله تاب خالص.
ناهد: ما أظنش اللى عينه زايغة بيتوب، ده مرض في الدم.
زهرة: خالد كبر بقى وما بقتش تليق عليه التصرفات دى.
ناهد: ولو اكتشفتى إنه لسة كدة هتعملى إيه؟
زهرة: ولا حاجة، هأواجهه وهيعتذر ويتعهد ما يعملش كدة تانى، وهأصدقه.
ناهد: معقولة يا زهرة؟
زهرة: أنا بأحبه يا ناهد.
ناهد: رغم خيانته؟
زهرة: رغم خيانته.
ناهد: بقى زهرة اللى الكل بيحلف بيها واللى بتنصح الناس وتوعيهم يكون ده حالها؟
زهرة: تصدقينى لو قولت لك إنى معاه بأبقى مسلوبة الإرادة، مسلوبة العقل، عارفة إنه ممكن يكون بيكدب، أو بيقول كلام مش منطقى، بس أنا عايزة أصدقه.
ناهد: طب ليه ما اشتكتيهوش لأهله أو لعمك.
زهرة: عمى لا أنا اتحديته عشان اتجوزه، هو نفسه نصحنى ما اتجوزش خالد وأنا اتحديته.
ناهد: مش مبرر، لازم يكون لك وقفة يا زهرة، الزنا من الكبائر، ده غير إنه ممكن يأذيكى، أنتى فاهمة.
زهرة: ما أنا قولت لك الحمد دلوقتي هو اتغير.
ناهد: يارب يا حبيبتي، بس برضو لو حصل منه حاجة تانى ما تسكتيش.
زهرة: هأعمل إيه يا ناهد؟ أنا لو أتطلقت دلوقتي والناس عرفوا إن سبب طلاقى عشان جوزى بيخونى هيقولوا ده راجل، إحنا في مجتمع ذكورى بيغفر كل ذلات الراجل ونزواته وما بيغفرش للست أقل هفوة، ما تصدقيش يا ناهد إننا خدنا كل حقوقنا، الطريق طويل قوى.
ناهد: لما أنتى المتعلمة المثقفة الشغالة بتقولى كدة، الستات التانية تقول إيه؟ إيه الضعف اللى أنتى فيه ده يا زهرة؟ على فكرة أنتى ضعيفة بإرادتك، ضعيفة عشان بتحبيه، ومستعدة تقبلى منه أى تجاوز منه.
زهرة: صدقينى خالد أتغير.
ناهد: أتمنى يا زهرة، أتمنى ما تصحيش على كارثة.
التعليقات