التخطي إلى المحتوى

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الأربعون

كانت زهرة منقطعة عن الذهاب إلى النادى بسبب إنشغالها مع بنات سعاد، فذهبت إليها نانا.
طرقت الباب، فتحت زهرة، وما أن رأتها حتى ظهر عليها عدم الارتياح.
نانا: ممكن أدخل؟
زهرة: اتفضلى.
نانا: أنا آسفة إنى جيت لك من غير ميعاد.
زهرة: ولا يهمك، اتفضلي.

نانا: على فكرة أنا بعدت عن مجدى ابن خالتى، وهأسيب الشقة اللى كنت مأجراها عشان نتقابل فيها، وهأحاول أكون لمراد بس، أنا بأشغل وقتى في المذاكرة لأولادى، أنا أكتشفت إنى كنت بعيدة قوى عنهم، تصورى بنتى يارا بقت عروسة عندها خمس سنين وداخلة المدرسة السنة الجاية.
زهرة: دى حاجة كويسة قوى، المهم تكونى مقتنعة باللى بتعمليه.

نانا: في الأول كنت مضطرة، لكن لما راجعت نفسي لقيتنى عملت الصح، مجدى رفض يتجوزنى، قالها لى بصراحة إحنا ما ينفعش لبعض، لكن ما فيش مانع نكون مع بعض في الحرام، قد إيه أنا كنت رخيصة، رفضت العيشة النضيفة مع الراجل اللى أدانى اسمه وكرمنى، وروحت للى رخصنى وهانى، وفضل بنت عمه عليه، طبعا ما هي الطاهرة الشريفة وأنا الخاطية الزانية.
زهرة: نصحتك كتير ما سمعتيش كلامى.

نانا: خلاص يا زهرة، أنا عارفه إنى كنت غلطانة، وبأدعى ربنا يسامحنى، ونفسى مراد يسامحنى، نفسى اعترف له وأبوس رجله وأقول له حقك عليا أنا كنت واطية وحقيرة، أقسم له إنى عمرى ما هأخونه تانى وإنى هأعيش عمرى جارية ليه هأغسل رجله بدموعى، أستنيته عشان أقول له كدة قال لى ما عنديش وقت واجلى كل حاجة ليوم الجمعة.

زهرة: عايزة نصيحتى ما تقولوش على أى حاجة، إن كان عارف وساكت مش محتاج تعرفيه، وإن كان مش عارف بلاش تعرفيه، ربنا سترك ما تكشفيش ستره، توبى لربنا وما تعمليش كدة تانى، وحافظى على أولادك، هو ده علاجك الوحيد.
نانا: ياه يا زهرة كابوس وانزاح من على قلبى، كنت خايفه أموت وأنا كدة، عمرى ما حسيت بالراحة.
زهرة: الحمد لله عقبال صافى.

الجريدة
زهرة: مش ناوى تتجوز بقى يا راضى؟
راضى: لا أنا كدة راضى بحالى قوى، لا حد يقيدنى ولا حد ينكد عليا.
زهرة: أنا مستغربة أهلك سايبينك كدة إزاى؟
راضى: مين قال لك إنهم سايبينى؟ السؤال ده بأسمعه من كل واحد في البيت عشر مرات كل يوم.
زهرة: طب إيه؟ مش عايز تفرح الحاجة وتجيب لها حفيد؟
راضى: أفرح الحاجة وأغم نفسي؟
زهرة: اعوذ بالله، ليه كدة؟

راضى: يعنى أنا أطفح الدم عشان أعمل شقة وأجهز عفش وأشترى شبكة وأدفع مهر عشان واحدة ممكن تيجى تقعد شهرين تلاتة وتمشى وتاخد كل حاجة بالقايمة.
زهرة: امشى شرعى وادفع مهر وجهز أنت شقتك وما تكتبش قايمة.
راضى: أغلب البنات ما بيوافقوش، هي مستعدة تجيب وتشارك طالما كله هيتكتب في القايمة باسمها، وحتى لو جيبت كل حاجة برضو عايزة تضمن حقها وتكتب قايمة.

زهرة: حاجة غريبة فعلاً، يعنى الأهل بتأمن الرجل على لحمها وخايفة على شوية عفش.

راضى: تكمل المأساة بقى لو جابت عيل ؛ تفضل طول عمرها تاخد تلات أربع مرتبى نفقة، البنات دلوقتي ما بقتش تعمر بيوت زى زمان، ده في بنات بتتجوز بس عشان تلحق تخلف عيل قبل ما تكبر في السن وبعدها تطلب الطلاق، ويفضل الرجل يدفع تمن غلطته إنه فكر يتجوز طول العمر، ويا سلام لو استخدمت سلاح العيال لإما تدفع لإما تنحرم منهم، لا أنا كدة سلطان زمانى، لا حد يذلنى ولا أتعلق بحد.

زهرة: يا ساتر يا رب، ده أنت فكرتك وحشة قوى عن الستات والجواز.
راضى: أنا شوفت بعينى نماذج في العيلة والجيران وهنا في الشغل تشيب، صدقيني يا مدام زهرة في تحول رهيب في شخصية البنت المصرية، الجواز بالنسبة لبعض البنات بقى استثمار، مشروع تحقق بيه أحلامها.

فشلت زهرة بكل الطرق في إقناعه بتغيير فكرته عن ما آل إليه حال بعض البنات اليوم، وفشل الكثير من الزيجات في العام الأول، وإصرار بعض الفتيات على الحصول على كل محتويات الشقة حتى لو كانت هي سبب الطلاق أو الطلاق رغبتها.

وفى عمودها الأسبوعى كتبت مقالها بعنوان (لماذا عزف الشباب عن الزواج) ناقشت الموضوع من كل جوانبه، وخطورة هذا على المجتمع لما له من آثار سلبية وأخلاقية غير محمودة العواقب.
جلست ناهد مع سعاد واتفقت معها على بعض الأمور قبل جلسة محاكمتها الأولى.

وللمرة الأولى يوفى دكتور مراد بوعده لنانا، جلس معها طول اليوم، تناول وجباته الثلاث معها ومع أولادهما، ظلت نانا ملتصقة به طوال اليوم، وعدها بتكرار جلوسه معها يوم الجمعة من كل أسبوع أو خروجهما للتنزه بصحبة طفليهما، كما وعدها بعدم التأخر خارج البيت، فرحت نانا كثيرا بهذا التحول المفاجئ لزوجها.

وفى اليوم التالى وعلى غير عادته اتصل دكتور مراد بنانا أكثر من مرة، وفي كل مرة يداعب نانا التي تستعجله فيجيبها أنه آت حتى كانت هذه المكالمة الأخيرة.
نانا: قدامك كتير؟
مراد: نص ساعة بالكتير وأكون عندك.
نانا: يا ريت ما تتأخرش يا مراد، محتاجك قوى.
مراد: حاضر يا حبيبتى.

وقفت نانا تتزين أمام مرايتها وترتدى أجمل ملابسها في انتظار مراد، وفجأة رن تليفونها المحمول
نانا: آلو…
بتقول إيه،؟
المتصل: زى ما بأقول لحضرتك الدكتور مراد تعب شوية، اتصلنا بالدكتور وقبل ما يوصل كان روحه طلعت.
نانا: يا نهار أسود! مات؟
كانت زهرة أول الحاضرين لمواساة نانا التي انهارت انهيارا تاما.
زهرة: اتماسكى شوية يا نانا.

نانا: شوفتى يا زهرة، مراد مات قبل ما اعتذر له، مراد مات يا زهرة مات وهو عارف إنى كنت بأخونه، ما طلبتش منه السماح يا زهرة.
زهرة: هو أكيد مسامحك.

نانا: بس أنا مش مسامحة نفسي، وعايزة أصرخ وأصرخ، عايزة أقول لكل ست بتخون جوزها ارجعى لسة قدامك الفرصة ما تضيعهاش زيى، ارجعى توبى واتمرغى في التراب اللى جوزك بيمشى عليه، صدقينى يا زهرة جوزك هو الراجل اللى الوحيد اللى بيرفعك كل ما بتنحى له، بيعليكى ويكبرك كل ما بتصغرى قدامه، جوزك أهم واحد لازم تبقى كبيرة قدامه، مش مهم أى حد تانى، لو كل الدنيا قالت عنك أنتى وحشة وهو قال إنك كويسة هيجبرهم إنهم يقولوا عنك إنك كويسة، جوزك هو الوحيد اللى يقدر يتهمك بالزنا وهو الوحيد اللى يقدر يسقط الجريمة دى عنك حتى لو اتظبتى متلبسة يالزنا.

زهرة: عشان كدة الرسول عليه الصلاة والسلام قال لو أمرت بالسجود لغير الله لأمرت المرأة بالسجود لزوجها.
نانا: أنا تعبانة قوى يا زهرة، ظلمته كتير، نفسي يرجع لحظة واحدة أطلب منه يسامحنى واتاكد أنه سامحني ويموت بعدها.
زهرة: لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *