رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل السادس والأربعون
وفى عمودها الأسبوعى أجراس الخطر دقت زهرة جرسا جديدا من أجراس الخطر، بعد أن وصلتها الكثير من المشكلات الخاصة بالشباب المتعلقة بالزواج وتكوين أسرة.
كتبت تقول: انتشرت أنماطا جديدة من الزواج في المجتمع المصرى، الذي أصبح منفتح على العالم بواسطة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، زيجات موقت وأخرى لا إنجابية وثالثة إنتاجية بغرض الإنجاب، وزواج التجربة، أنماط غريبة انتشرت بين الشباب الحائر، المحبط المكبل بالعجز، وبالطبع الظروف الاقتصادية المتهم الرئيسى والخوف من المستقبل.
هل تغيرت تركيبة وأفكار أفراد المجتمع المصري بفعل الانفتاح على الثقافات الأخرى؟
أم أن هناك ضغوطاً حقيقية وواقعية جعلت الناس تفكر في تسيير أمور حياتها وفقاً لحلول غير مألوفة؟
أم أن الأمر مجرد تمرد على نمط الزيجات المعهودة من فئة محدودة العدد ولا يرقى إلى الظاهرة؟!
وربما كان تقليد للغرب الذي لا يهتم كثيرا بجو الأسرة ودفء العائلة.
أيا ما كانت الأسباب والدوافع، هناك تحول قى تفكير بعض شبابنا، وما نراه اليوم غريبا وشاذا ربما يصبح فيما بعد عاديا ومقبولا، قد نتقبل فكرة تأجيل الإنجاب لمدة معينة حتى يستطيع الزوجان فهم طباع بعضهما أو حتى تستقر أمورهما المادية، لكن من غير المقبول منع الإنجاب نهائيا، هذا ضد الفطرة السوية، قد يتقبله الرجل الذي لا يحب أن يتقيد، لكنه ضد طبيعة المرأة المعجونة بالأمومة، لكن هذا لا يعطيها الحق في السعى لتحقيق هذا الحلم دون الالتزام بتكوين أسرة، بأن تتزوج فقط من أجل إنجاب طفل بعدها يتم الانفصال.
انتبهوا يا سادة، التحولات الاجتماعية التي كانت تحدث في عقود وربما قرون في الماضى أصبحت تحدث في سنوات معدودة، هناك قوى يهمها أن يصبح المجتمع المصرى بصفة خاصة والعربى بصفة عامة مفككا، هناك دول تسعى لدخول تيارات ثقافية غربية تعمل على هدم المجتمع وطمس الأخلاق الحميدة، انتبهوا يا سادة لما نحن مقبلون عليه.
انتهت زهرة من كتابة مقالها وسلمته للمسؤل عن كتابته على الكبيوتر استعدادا للطباعة في العدد الجديد، وقبل أن تنصرف فوجئت بالأستاذ محسن يطرق باب مكتبها ويستأذن في الدخول.
زهرة: ادخل.
أ/محسن: على فكرة أنا مشكلتى اتحلت.
ابتسمت زهرة وقالت: باين على وش حضرتك.
أ/محسن: قولت لها مش هأتجوز في السر أنا مش بأعمل حاجة غلط، عايزة تفضلى على ذمتى أنتى حرة، هتفضلى في مكانك معززة مكرمة، مش هتتغير حاجة غير إنى هأبقى مش موجود، عايزة تتطلقى أنتى حرة، وبرضو هتفضلى في مكانك وأنا هأفضل متكفل بكل مصاريفك وطلباتك.
زهرة: واختارت إيه؟
أ/محسن: رفضت إنى اتجوز واتعهدت إنها تتغير، وفعلا بقت واحدة تانية، كان في حاجات بتضايقها منى قالت لى عليها وحليناها سوى.
زهرة: ألف مبروك.
كان يوم شاق وكلما همت زهرة بالمغادرة حضر ضيف جديد، كان آخر ضيف عادل الذي حضر قبل انصرافها بدقائق.
عادل: أنا آسف إنى جيت من غير ميعاد، شكلك كنتى مروحة، أنا مش هأعطلك كتير، أنا رجعت هند لعصمتى، قصدى كتبنا من جديد.
زهرة: ألف مبروك، ده أحلى خبر سمعته النهاردة.
عادل: بنتى تستاهل إنى أضحى عشان تتربى بينا، مش عايزها تتربى مع جوز أم وتعانى زى أمها ولا مع مرات أب.
زهرة: برافو عليك، هند والله معدنها كويس.
عادل: أنا خلاص أتعلمت الدرس، الجوع مش في الأكل والشرب بس، الجوع كمان في المشاعر، وده أصعب، أنا خلاص مش هأهملها تانى، هأفضل طول عمري أعاملها زى ما كنت بأعاملها قبل الجواز.
زهرة: ربنا يسعدكوا ويهدى سركوا.
زارت زهرة عمها، حيث كانت تتناوب زيارته هي وشقيقتها، للاطمئنان عليه.
زهرة: عامل إيه يا عمو؟
مش عايز تسمع كلامى ونشوف لك واحدة بنت حلال تتجوزها؟
عبد الرحمن: جواز بعد عايدة؟ خلاص بقى يا زهرة، اللى باقى لى من عمرى هأقضيه في العبادة، أنا قصرت كتير وربنا يسامحنى ويعينى.
زهرة: ربنا يطول عمرك يا عمو ويخليك لنا، إحنا مالناش غيرك.
عبد الرحمن: على فكرة أنا كتبت لك كل أملاكى أنتى ونرمين، خليت ليا فلوس على قد فريضة الحج، وقت ما أقدر هأروح إن شاء الله، والحمد لله دخل المكتب مكفينى.
زهرة: ليه كدة يا عمو؟ كنت سيبت كل حاجة زى ما هى.
عبد الرحمن: أولاد عمك سليم مش محتاجين حاجة، وبعدين أنا هأقلق من إيه؟ أنتوا حتة منى يا زهرة.
زهرة: ربنا يخليك لينا يا عمو.
عبد الرحمن: سامحيني يا زهرة، أنا ظلمتك يا بنتى، جنيت عليكى لما وافقت على جوازك من خالد، كان لازم أمنعك.
زهرة: نصيب يا عمو.
عبد الرحمن: زمان لما كنتي بتشبطى في حاجة أو تصممى تعملى حاجة وأحاول أمنعك عايدة الله يرحمها كانت تقول لى سيبها تغلط وتتعلم، بس المرة دى الغلط كان كبير قوى والعلام كان بكارثة، أنا ما كنتش موافق عليه، عايدة الله يسامحها اللى خليتنى وافقت.
زهرة في نفسها: الله يجحمها، خلاص بقى يا عمو، ما تضايقش نفسك، أنا خلاص هأتطلق من خالد، بس لما حالته تتحسن ويقدر يقف على رجليه.
عبد الرحمن: أصيلة يا زهرة، ربنا يعوض عليكى يا بنتى ويسعدك.
التعليقات