التخطي إلى المحتوى

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل السابع والأربعون

بعد عام
تحسنت حالة دكتور خالد كثيرا بعد إجراء أكثر من جراحة والانتظام في جلسات العلاج الطبيعى،
كانت زهرة بجواره نعم الزوجة، رغم ما في القلب من جرح صعب التئامه، كانت وسيلتها في إخراج ما بداخلها من غضب نحوه هو التظاهر بخيانته، لكن هذه الوسيلة لم تشف غليلها، ودت لو تستطيع خيانته بالفعل، لكنها عادت واستنكرت ما تمنت.

ندى: لحد أمتى هتفضلى تمثلى دور الزوجة الخاينة؟
تفاجئت زهرة بكلام ندى التي لا تتجاوز الثانية عشر من عمرها، فنظرت لها مندهشة.
ندى: ما تستغربيش يا طنط زهرة، اللى شوفته من بابا مش شوية، أنا مش صغيرة وعارفة كل حاجة.
زهرة: مين قال لك إنى بأمثل؟ مش يمكن هي دى الحقيقة؟
ندى: طنط زهرة مش ممكن تعمل كدة، طنط زهرة اللى بتحب الشرف والفضيلة والطهارة مش ممكن تعمل كدة.
زهرة: لازم أربيه.

ندى: كفاية كدة، وخدى بالك هو دلوقتى حالته اتحسنت كتير ويقدر يتحرك وينزل وراكى ويعرف أنك بتروحى عند طنط نرمين.

زهرة: أنا بأعمل كدة لإنى ما أقدرش أخونه فعلا، لكن بأستمتع لما بأشوفه بيتعذب زى ما عذبنى، أنتى صغيرة يا ندى مهما أوصف لك إحساس الست اللى بيخونها جوزها مش هأقدر، وخصوصا إذا كان ده حصل على قدام عينيها، وسمعته بودانها، لو كان محكوم عليها تشوف وتسمع وهي مش قادرة تتكلم ولا قادرة تواجه، كل اللى تقدر تعمله إنها تتعذب.
ندى: طب كفاية، عمو خالد بيحبك، وبيفضل يعيط وأنتى مش هنا بيصعب علينا.

زهرة: اوعي يكون سألك على حاجة وقولتى له.
ندى: لا والله، لما سألنى قولت ما أعرفش.
زهرة: برافو عليكي.

الجديد أن زهرة التي لم تستطع ولن تستطيع أبدا خيانة دكتور خالد والتي كانت تستمع بتعذيبه أصبحت زهرة أخرى، رفعت الكثير من القيود التي وضعتها لنفسها في التعامل مع الرجال، أصبحت أكثر لينا ولطفا، تتقبل مزاح المحيطين بها بل وتمازحهم بعد أن كانت مضرب المثل في التحفظ، تسعدها نظرات الإعجاب وكلمات الإطراء والغزل العفيفة وغير العفيفة، تهتم بمظهرها اهتماما شديدا، ربما رغبة منها في الانتقام من دكتور خالد، هذا أقصى ما تستطيع فعله.

شعرت زهرة بفداحة ما وصلت إليه، وعلى الفور توجهت إلى الطبيب النفسى الذي يتابع ندى ونور.

زهرة: عايزة أقول لك إنى بقيت مريضة نفسية بسببك، أنا مش بس بأخونك، أنا كمان بقيت بأستمتع بنظرات الرجالة ليا، وأتعلمت أشاغلهم، بقيت شمال زى الستات اللى أنت بتروح لهم، خليت صافى تعلمنى شوية، صافى اللى لقيت فص جراب الموبايل بتاعها في كيس المكنسة بعد ما كنست أوضة نومنا، كدبت نفسي وقولت ده أكيد كان في الصالون، مع إن صافى ما بتجيش هنا إلا نادر، كل مقابلاتنا في النادى، إلا صحيح يا خالد إيه الفكرة إنك تسيب مراتك حلالك وتروح لواحدة غيرها؟!

نفسي أفهم سيكولوجيّة الرجل الخاين.
د. خالد: كفاية يا زهرة أرجوكى.
زهرة: لا بجد موضوع عايز دراسة وتحليل.
د. خالد: أوعدك يا زهرة إنى عمرى ما أخونك تانى، وإنى أكون زى ما أنتى عايزة وأكتر، هأكون خالد اللى حبيتيه، أنا كمان هأقفل العيادة، كفاية عليا كدة.
زهرة: للأسف يا خالد خلاص ما عدش ينفع.
د. خالد: أدينى فرصة أخيرة.
زهرة: أديتك ألف فرصة، خِلصت يا خالد، من فضلك مش عايزة أتكلم في الموضوع ده تانى.

قالت زهّرةّ هذا وتركته وانصرفت.
ذهبت زهرة إلى النادى، بعد انقطاع طويل، منذ حادث دكتور خالد لم تذهب إليه وهناك التقت صافى وميمى، وما أن شاهدت زهرة صافى حتى تغير وجهها وعاملتها بفتور متعمد.
صافى: أنا عارفة إنك زعلانة منى، أنا آسفة يا زهرة، أنا مش عارفة كنت بأعمل كدة إزاى.
زهرة: أنا ما أتصدمتش فيكى، طول عمرك أفكارك غريبة، أنا اللى مش عارفة إزاى فضلتى صاحبتى كل السنين دى؟

صافى: أعذرينى يا زهرة، مش أنتى كنتى بتقولي إنى مريضة، أنا فعلا كنت مريضة، وحاليا بأتعالج عند دكتور نفسانى، عايزة أبقى بنى آدمة، لا عايزة أبقى ملكة ولا حشرة، وأعترفت لحاتم بكل حاجة وهو قبل توبتى وهنفتح صفحة جديدة مع بعض، نفسى ألحق أجيب طفل أو طفلة أربيهم على الفضيلة وأعلمهم اللى ما أتعلمتهوش، سامحيني يا زهرة.
زهرة: ربنا يسامحنا كلنا.

ميمى: وأنا كمان روحت لدكتور، و لولسة في العمر أيام يبقى أعيشها مع ونيس، الوحدة وحشة قوى.
زهرة: عين العقل يا مدام ميمى.
حضرت فتنة وكانت ترتدى الحجاب، جلست بجوار زهرة، لكنها لم تتأثر بوجودها، وبارتدائها الحجاب، لعلمها أنها قد تخلعه بعد فترة.
فتنة: إيه يا زهرة هو أنا شفافة وإلا إيه؟ مش شايفانى؟
زهرة: ما بقاش في حاجة تثير الدهشة، أنتى شوية وهتقلعيه.

فتنة: لا خلاص يا زهرة، مش هأقلعه تانى، ومش عايزة أمثل لو التمن خلعى الحجاب، اللى عاجبه يشغلنى كدة يشغلنى مش عاجبه هو حر، مش هأموت من الجوع.
زهرة: ربنا يصلح حالك ويهديكى.
فتنة: مش هتدعى لى يابن الحلال؟
زهرة: ربنا يرزقك بابن الحلال.
فتنة: يارب.
زهرة: ما فيش أخبارك عن نانا؟
صافى: كويسة، بس زى ما أنتى عارفة رافضة الخروج.
زهرة: لا حول ولا قوة الا بالله.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *