التخطي إلى المحتوى

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل التاسع والأربعون

عادت زهرة إلى البيت قبل موعد عودتها المعتاد، كانت كانت ندى ونور في الاجازة الصيفية، فكرت زهرة أن تأخذهما للتنزه بالخارج حتى لا تشعرا بالملل من كثرة الجلوس بالبيت، لكنها فوجئت بوجود دكتور خالد.
زهرة: غريبة راجع بدرى النهاردة يعنى؟
ندى: عمو خالد هنا من الضهر.
زهرة: معقولة؟! وما اتصلتش بيا ليه عشان أحاول أرجع لك بدرى؟
خالد: أنا كنت راجع تعبان وقولت أنام شوية.

زهرة: غريبة مع أنك راجع بدرى إمبارح وما سهرتش زى عادتك في العيادة.
خالد: أنا قررت أخد عدد معين من الحالات يا زهرة، ما بقيتش أقدر أسهر وأشتغل زى زمان، السن له حكمه.
زهرة: أنت خايف على نفسك منى لأحسدك؟ أنت زى الفل أهو ولا ابن العشرين.
د. خالد: عيونك اللي حلوه يا حبيبتي.
مالت زهرة على دكتور خالد وقالت: بالله عليك اوعى تكون ضايقت البنات.
د. خالد: أنا كنت نايم يا زهرة، وهما كانوا في أوضتهم.

زهرة: طب ياللا عشان نتغدى.
د. خالد: إيه رأيك نتغدى برة؟
زهرة: زى ما تحب يا حبيبي.

بدأ العام الدراسى الجديد، واستعدت ندى للابتدائية، وعدتها زهرة بهدية قيمة لو تفوقت، فكانت تبذل أقصى ما في وسعها في المذاكرة.
خالد: أنتى لسة صاحية يا ندى؟
ندى: أيوة يا عمو، بأذاكر عايزة أفرح ماما زهرة، وماما سعاد طبعا.
خالد: طب إيه رأيك نروح بكرة السنيما؟
ندى: لأ يا عمو أنا عايزة أراجع دروسى عشان المستر عامل لنا امتحان شهر، خليها يوم الجمعة نروح كلنا وتكون طنط زهرة معانا.

اقترب دكتور خالد من ندى ووضع يده على كتفها وقال: مش عايزة أى حاجة أقرهالك في الانجليزي يا ندى؟
ندى: لا يا عمو، طنط زهرة موديانى لمستر شاطر قوى، مخلينى لبلب، شكرا يا عمو.
اقترب دكتور خالد منها أكثر وقال: ما بلاش عمو دى.
لم تع ندى ما يقول، وتدارك هو ما قاله قائلا: قولى لى يا بابا، مش بتقولى لزهرة يا ماما، يبقى أنا بابا.
ندى بتوجس: حاضر يا بابا.
د. خالد: فين حضن بابا؟ قال هذا وهو يضمها إليه.

شعرت ندى بالقلق والخوف الشديدين، لكنها لم تفعل سوى الاستسلام، لم يحتضنها رجل من قبل أبدا، حتى والدها لم يفعلها.

أما هو فقد شعر بنشوة غير عادية، هذا الصيد الذي طالما بحث عنه، لين جسدها أغراه بالمزيد لكنه توقف وأبعدها عنه، تذكر وعده لزهرة، عاد الشيطان ليغريه من جديد، هذا النوع من الفرائس لم يتذوقه أبدا، لابد أنها مختلفة، متعة تستحق المجازفة، لا بأس زهرة سوف تسامحه، هي لا تملك سوى ذلك، لقد سامحته على ما هو أكبر من ذلك، كل ما عليه اختيار الوقت المناسب، لقد أوشكت زهرة على الحضور، ابتعد دكتور خالد عن ندى وعاد لحجرته.

أغرق دكتور خالد ندي بالهدايا، كما أصبح يعطيها مصروفا كبيرا، ومع كل هدية يحصل على مكافئته، احتضان جسم ندى الغض ولمس شعرها الثائر، بدأت ندى تشعر بالقلق، ورغم صغر سنها شعرت بحاسة الأنثى أن أحضان دكتور خالد غير بريئة، ودت لو استطاعت إخبار زهرة، لكنها خافت عليها من الصدمة، بالأمس كانت هي من تدافع عنه، كما أن زهرة لن تتحمل الصدمة هذه المرة، عليها أن تصده، لن تتواجد معه في مكان وحدهما أبدا، ستهرب منه قدر استطاعتها، بالذهاب لمنزل جدتها أو الدروس الخصوصية، حتى موعد عودة زهرة، التي اطمأنت لخالد على الأقل من ناحية ندى ونور، هو لا يطيقهما، هذا كان الظاهر أمامها، ربما كان خطة خداع منه ليصل إلى مآربه.

استعد عم زهرة للذهاب لأداء فريضة الحج، ظلت زهرة ونرمين معه حتى سافر للأراضى المقدسة.
زهرة: الدعاء أمانة يا عمى، مش لينا بس، كمان لبابا وماما.
عبد الرحمن: من عيني يا حبيبتي، ولو ربنا طول في عمرى السنة الجاية أحج عن والدك.
زهرة: تفتكر يا عمو لو دعينا لبابا وحجيت عنه ربنا هيسامحه؟
عبد الرحمن: أبوكى كان مريض نفسى يا زهرة، وربنا غفور رحيم.
نرمين: الله يرحمه ويرحم ماما.
عبد الرحمن: ويرحمك يا عايدة.

همت نرمين أن تتحدث وتخبره بالحقيقة لكن زهرة أشارت لها بعينيها ألا تفعل.

عاد دكتور خالد من الخارج ومعه هدية جديدة لندى، أسورة من الخرز واللولى الصناعى الملون، مصنوعة يدويا بطريقة غاية في الاتقان والروعة، نادى على ندى بإنفعال ممزوح بالفرحة: ندى، يا ندى.
ندى: أيوه يا عمو.
د. خالد: ما قولت لك بلاش عمو دى، شوفى أنا جيبت لك إيه؟
ندى: الله دى حلوة قوى، متشكرة قوى يا عمو، بس إيه المناسبة؟
د. خالد: كل يوم حلو يمر علينا يعتبر مناسبة.

أخذت ندى منه الأسورة ولم تسمح له باحتضانها، فرت منه هاربة متجهة لحجرتها.
وعندما عادت زهرة ورأت الأسورة في يد ندى قالت باستغراب: منين الأسورة اللى في إيدك دى يا ندى؟
ندى: هو أنا ما قلتلكيش؟
زهرة: لا ما قلتليش.
ندى: عمو خالد جابهالى.
زهرة: وإيه المناسبة؟
ندى: أنا سالته نفس السؤال، وقالى كل يوم حلو يمر علينا يعتبر مناسبة.
زهرة في نفسها: غريبة، ربنا يهديك يا خالد ويحنن قلبك عليهم.

ألهذا الحد وصل بك الغباء يا زهرة؟ متى تفيقين؟ تضعين النار بجوار الكيروسين وتتعاملين بكل براءة بل سذاجة.
نامت زهرة قريرة العين وبجوارها دكتور خالد، وفي منتصف الليل استيقظ بهدوء وغادر الفراش، شعرت به زهرة فظنت أنه ذاهب إلى الحمام، خرج دكتور خالد من الحجرة متلصصا، اتجه ناحية حجرة ندى ونور ودخلها.

كانت ندى ونور نائمتان، كل واحدة في سريرها، ندى ترتدى بدى مكشوف الصدر يظهر منه ذراعيها وبرمودة قصيرة تظهر ساقيها، وكذلك نور، وقف دكتور خالد ينظر عليها.
طال غياب دكتور خالد، قامت زهرة لتبحث عنه، لم تجده بالحمام ولا أى حجرة من حجرات الشقة، لم تتوقع وجوده في حجرة ندى ونور، لكنها وجدت باب الحجرة مواربا، شعرت بالدوار، لم تستوعب ما رأت، اتجهت لحجرتها قبل أن تسقط على الأرض.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *