رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الخمسون والأخير
حاول دكتور خالد لمس جسم ندى، وعندما شعرت به وأوشكت على الاستيقاظ غادر الحجرة مسرعا.
دخل دكتور خالد الحجرة متلصصا، ظنا منه أن زهرة نائمة.
زهرة: كنت فين يا خالد؟
د. خالد: كنت بأشرب سيجارة برة، أنا عارف أنك بتتضايقى من ريحتها، حاولت زهرة تكذيب ما رأت، فربما تكون واهمة، وعندما اقترب منها لم تجد أثر لرائحة الدخان به، كما أن ارتباكه فور رؤيتها يؤكد ما رأته.
عاود دكتور خالد النوم، بينما ظلت زهرة مستيقظة تحدث نفسها.
زهرة: معقولة يا خالد؟ البنات؟ هي حصلت؟ ده أنت لو كنت اتجوزت من زمان كان زمانك جد لبنت قد الكبيرة فيهم، يا ترى أنا غلطت لما جبت ندى ونور يعيشوا هنا؟ أنا إزاى ما فكرتش في خالد وعمايله؟ ياترى ندى هتتصرف إزاى؟ هتكون زى أمها وإلا خالد هيضحك عليها بهداياه وكلامه المعسول؟ أنا أعمل إيه؟ أواجهه وإلا أسألها عمل معاكى إيه؟ لا لا، ممكن تنكر، طب لو كان عمل حاجة وحشة معاها ليه هي ما صارحتنيش؟ أكيد في بينهم حاجة، أنا هأتجنن، ليه بيحصل معايا كدة؟ أنا ما أستاهلش من خالد كدة ولا من ندى، ده جزائى إنى حميتها من كلاب الشوارع؟ أحسن حاجة أوديهم عند نرمين.
عندما شعرت ندى بوجود دكتور خالد في الحجرة، انقبض قلبها بشدة، احتارت ماذا تفعل لو اقترب منها، تصرخ وتفضحه؟ أم تقاومه، ظلت تدعو الله أن يمر الموقف بسلام، خرج دكتور خالد وظلت هي تتقلب في فراشها وقد جافاها النوم.
ندى لنفسها: وبعدين معاك يا دكتور خالد؟ عايز منى إيه؟ ما تسيبنى في حالى، أنا لازم أصارح مدام زهرة باللى بيعمله معايا، وإلا لأ أنا كدة هأجرح مشاعرها، دى بتحبه قوى وفاكراه ملاك، أنا هأحافظ على نفسى بطريقتى ومش هأخليه ده يلمس شعرة منى، هأقفل أوضتى من جوة بالمفتاح ومش هأدى له أى فرصة، لا لا أنا أحسن حاجة بكرة ألم حاجتى وحاجة أختى وأروح أعيش عند تيتة.
وفى الصباح استيقظت زهرة على أسوأ خبر بعد وفاة والديها، موت عمها بالأراضى المقدسة، انهارت زهرة ولم تستوعب ما حدث، لكنها تماسكت ووقفت تتلقى عزائه وهي غير مصدقة، حضر حسام ليقدم واجب العزاء.
زهرة: خلاص يا حسام انقطعنا، ما بقاش لنا حد.
حسام: ما تقوليش كدة يا زهرة، أمال أنا روحت فين؟ أنا أخوكى وابن عمك وفي ضهرك دايما، أى حاجة تحتاجيها أنا تحت أمرك.
ظلت زهرة بمنزل عمها ثلاثة أيام، اضطرت ندى لتأجيل قرار الرحيل بعض الوقت، خصوصا وأن دكتور خالد كان يبيت معها، وفي اليوم الرابع حضر دكتور خالد، دخل حجرة ندى، كانت نور غير موجودة، وعندما علم أنها وحدها في الشقة استيقظ الحلم الذي طالما رواده، الوصول إلى جسد ندى، الفرصة أصبحت مواتية ولن يضيعها مهما دفع لها من ثمن، لكن ترى ماذا كان رد فعل ندى؟
عادت زهرة من الخارج لتجد مفاجأة العمر أمامها، سمعت صوت ندى تبكى بإنهيار شديد في حجرتها، جرت إليها مسرعة، وجدت دكتور خالد ملقى على الأرض وينزف بشدة وبقايا فازة مكسرة على الأرض.
ندى وهي تبكى منهارة: ما كانش قصدى أقتله والله، أنا كنت بأحاول أبعده عنى، فشلت، ما لقيتش قدامى غير الفازة دى، ما كانش قصدى أقتله والله يا طنط زهرة، أنا آسفة.
زهرة وهي تحتضن ندى: ما تخافيش يا حبيبتى وأنا اللى آسفة، كان لازم أفهم أن بيت الديب عمره ما ينفع سكن للغزلان الصغار.
قامت دكتورة ناهد بالدفاع عن ندى التي أتهمت بقتل خالد، وحكم عليها بعقوبة مخففة عام، حيث كانت في حالة دفاع شرعى عن نفسها وشرفها، وبأعجوبة أنقذتها دكتورة ناهد من الايداع في المكان الذي يقضي فيه الطفل عقوبته، وهو مؤسسات الرعاية الاجتماعية، فلا يجوز بأى حال من الأحوال حبس الطفل تحت 15 عامًا مهما كانت جريمته طبقًا لقانون الطفل، سواء كانت جنحة أو جناية، ويكون البديل هنا ما يسمى بالتدابير، بأن يتم إيداع الطفل بعد الحكم عليه في دار من دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة للشئون الاجتماعية.
احتوت زهرة ندى ونور ولم تتركهما، كما حرصت على الانتظام في جلسات العلاج النفسي لهما خصوصا لندى التي ساءت حالتها النفسية كثيراً بعد الحادث.
لم يترك حسام زهرة لحظة واحدة منذ وفاة دكتور خالد، كما كان يتابع معها إجراءات محاكمة ندى التي أصبحت قاتلة قبل أن تبلغ الثانية عشر.
وبعد عام تقدم حسام لطلب يد زهرة، صارحها بحبه لها الذي ظل بداخله أكثر من عشرين عاما، وبعد فترة قليلة تم زواجهما، لكنها اشترطت أن يقوم بإحضار زهرة الصغيرة الموضوعة في دار اللقطاء بفرنسا، وبالفعل سعى في ذلك وتحقق لهما ما أرادا.
وبعد عامين حملت زهرة، لم تصدق زهرة خبر حملها حتى أنها قامت بإجراء اختبار الحمل أكثر من عشر مرات في معامل مختلفة، وفي كل مرة يؤكد لها الطبيب صحة الخبر.
أدركت زهرة حكمة الله في عدم إنجابها من دكتور خالد، فكرت في مصير أولادهما الآن بعد أن تم قتله؟ حتما لن يقل عن ما رأته هي وشقيقتها وعانت منه.
اكتملت سعادة زهرة مع حسام، وأولادهما الثلاثة، كما كانت تؤكد زهرة، ابنه سليم وابنهما سليمان وحتى المسكينة زهرة الصغيرة التي يكفى حملها اسم زهرة، ويكفى تعلق حسام بها.
ظلت ندى ونور معها حتى خرجت سعاد من السجن واستردتهما.
بدأت زهرة في كتابة روايتها زهرة في مستنقع الرذيلة.
تمت
التعليقات