التخطي إلى المحتوى

رواية أشباه عاشقين للكاتبة سارة ح ش الفصل الثالث

ماذا لو..؟
(ميرنا)
فتحت عيناي بتثاقل صباحاً ليقع بصري فوق السيد ويزلي تماماً. انا حقاً اعشق هذا الدب المحشو! أتعلمون انه كان هدية من يوسف في عيد ميلادي السادس؟ ومنذ ذلك اليوم والسيد ويزلي لم يفارقني. عندما اتحدث اليه كنت اشعر اني اتحدث الى يوسف. وكأن روحه تسكنه!

يوسف! ما ان خطر على بالي حتى اعتلت ابتسامة عريضة ثغري وانا اتذكر حديث السيد شهاب بالامس عندما وهبني بعض الامل بأمكانية ايجاده، استلقيت على ظهري وحدقت في السقف بأبتسامة حالمة، كان ليوسف شعر اسود حالك. ألا يزال كذلك ياترى؟ ألا يزال ناعماً؟ وهل لايزال طويل القامة؟ يالحماقتي! بالطبع سيكون كذلك فهل اقتطعو له عموده الفقري مثلاً؟ بدأت اضحك كالبلهاء على تفكيري فمن فرط سعادتي اي شيء بسيط سيضحكني! هدأت قليلاً من نوبة الضحك ورفعت القلادة الذهبية التي تحوط رقبتي امام عيناي وفتحت ميداليتها لتظهر صورة يوسف. رفعت اصبعي ومررته فوق وجهه بأبتسامة وحنان، كان في العاشرة تقريباً بهذه الصورة، كما كان لطيفاً ووسيماً!

له عينان ذات نظرة مميزة. عندما كان ينظر إلى كنت افقد حواسي بالعالم المحيط بي. لااسمع صوت سواه. لاارى وجه سواه. ولم يكن يضحكني سواه، حسناً لنقل انه، حب الطفولة! لاتنظرو إلى بهذه النظرة. كنت معجبة به فحسب ماخطبكم؟ فكما يقال لكل فتاة اميرها. وانا اميري كان هو. والسوبرمان كان هو. فعلى الرغم انه كان يكبرني بسنتين فقط ألا اني كنت اشعر انه يكبرني بعشر سنوات. كنت اعتمد عليه والجئ اليه بكل شيء، ان ازعجني احدهم في المدرسة كنت أهرع الى قاعته المجاورة لقاعتي ليأتي ويلقنه درساً. ان شعرت بالجوع اذهب اليه فيعطيني شطيرته ويبقى هو جائعاً. انه حتى لايقبل ان نقوم بتقاسمها بل كان يعطيني اياها كلها ويبقى هو من دون طعام، ان وقعت. نظف لي ملابسي من التراب. ان بكيت. مسح لي دموعي واضحكني، وان تركني امي وابي وخرجا. كان يبقى برفقتي، ان نسيا عيد ميلادي. كان هو اول من يجلب لي هديتي ليذكرهم…

يوسف. هو الوحيد في هذا العالم الذي اهتم بي حقاً لكوني ميرنا فقط. وليس لكوني ميرنا ادهم اليوسفي! مرت السنين وبقيت انا كما تركني. ولكن. هل بقى هو كما تركته؟ ام غيرته الايام؟ هذا ماسيقتلني لأعرفه!

قمت من سريري وذهبت نحو خزانتي لأستخرج تلك الورقة التي خبأتها هناك والتي فعل سيف المستحيل من اجل معرفة ماهيتها، اخرجتها وحدقت فيها بأبتسامة نصر وسعادة، قرأت الاسماء لأتأكد فكانو اربعون واحداً لاينقص منهم احداً. تنفست بأرتياح وانا اضع الورقة داخل حقيبتي اليدوية، انا متأكدة ان فضولكم لايختلف عن سيف كثيراً!

. حسناً. هذه الورقة هي اسماء الموظفين الذين طردهم ابي من الشركة الاسبوع الماضي. وبالطبع السبب كان سيف. فهو يرى ان هؤلاء الاربعون موظف فاسدين. يقبضون الرشوة. يتعاونون مع شركات اخرى. يهملون عملهم. وبالطبع ابي يثق به ثقة مطلقة لذلك قام بفصلهم وتعيين غيرهم. اما انا فأعرف انهم ليسو كذلك. لذلك سحبت اسمائهم من حاسوب ابي الشخصي وسأقوم بتعيينهم سراً في المركز التجاري الذي اعمل به. كما عينت المئة موظف من قبلهم والذين طردو بسبب سيف ايضاً، ولكن ان عرف ابي بذلك ستكون نهاية مسيرتي المهنية في المركز التجاري!.

اخذت حماماً طويلاً وساخناً ليدب فيّ النشاط الصباحي المطلوب وغيرت ملابسي بتلك التي تعجب امي فقط ولااستسيغها ونزلت من غرفتي لتناول الفطور، أتظنون اني سأجد امي وابي جالسين هناك وسيلتفتون إلى بأبتسامة ويرحبون بي لنجلس نتناول الفطور معاً؟ كفو عن هذه السخافة! في منزلي لايوجد شيء من هذا القبيل، فالسيد ادهم الموقر يخرج مبكراً نحو الشركة والسيدة سلوى المحترمة تنام لوقت متأخر وتتناول فطورها في السرير. يبدو انها متأثرة ببرنامج الملكات العصريات او شيء من هذا القبيل!.

لذلك. ومنذ سنين، انا لم اتناول الفطور برفقة اسرتي. بل ونادراً مانتناول وجبة ما معاً. ولكن الاغلب نتناول العشاء سوية. ليس لأنهم يريدون لم شمل العائلة طبعاً! بل لأنهم دائماً يخرجون في عشاء عمل او يقيمون في المنزل عشاء لأصدقائهم او حفلة لذلك نحن نكون سوية. ولكن لانتحدث سوية، امي تنشغل بالحديث مع السيدات التي يحضرن العشاء وابي مع الرجال. وانا احسب عدد الشوكات والسكاكين الموجودة فوق الطاولة! فلايوجد لي شيء اخر ان افعله سوى هذا والاكل، يمكن تسميتي بالثرية البائسة نوعاً ما!

وجدت خادمتنا سديم ذات ال35 عاماً تجهز مائدة الفطور فقلت بمرح بينما اجلس على الكرسي واحشر قطعة خبز محمص داخل فمي:
صباح الخير يااجمل سديم في الدنيا.
ضحكت وهي تسكب لي الشاي:
صباح الخير انستي…
وماان انتهت حتى قالت لي:
أتحتاجين لشيء اخر حبيبتي؟
امسكتها من يدها وابتلعت طعامي بسرعة لأتمكن من الحديث:
اجل. شاركيني الفطور ارجوكِ.
نظرت نحو الطابق العلوي بقلق ثم قالت:.

انسة ميرنا كفي عن ذلك ارجوكِ. قد تراني في احدى المرات السيدة سلوى اجلس هنا وتوبخني.
اجلستها جبراً وانا اقول لها:
بالله عليكِ ماالذي يجعل امي تستيقظ في8: 30؟!
رأفت بحالي وجلست لتشاركني الفطور. عندها فقط احسست بمذاق الطعام فعلاً وهناك روح تجلس بجانبي بدل ان اشعر اني في عالم الاموات!

تناولت طعامي بأستمتاع بينما تناولته سديم بقلق وعيناها لم تنزل عن الطابق الاعلى. انها تخشى امي كثيراً. لما لا وحتى انا اخشى قوانينها الصارمة ولااجرؤ على مخالفتها؟
خرجت من المنزل وانا اقود سيارتي بجنون واشغل الموسيقى بصوت مرتفع وبالطبع هذا اليوم اخترت واحدة ذات تفاؤل تبعث في قلبي الحيوية لأستقبل يومي التعيس بروح رياضية…

وصلت الى مركزي التجاري ففتح لي الحارس باب السيارة واخذ المفاتيح ليركنها، نزلت من السيارة لأبدأ بأرتداء قناعي الاخر الذي يجبرني ابي على اخفاء شخصيتي الحقيقة خلفه. وجه خالي من الابتسامة. عيون اخفيها تحت النظارة الشمسية. رأسي ثابت بأتجاه نقطة معينة عندما اسير وكأني عارضة ازياء لاتجذب ابصار المشاهدين اهتمامها، فحسب مايقول هذه هي صفات رجال الاعمال الناجحين. متناسياً اني امرأة! فقانونه الخاص ان خافوك موظفيك أدو عملهم على اكمل وجه، لهذا لايسمح لي بالاختلاط مع موظفين متجري. لايسمح لي ان اعقد الصداقات معهم. عملي ان ألقي الاوامر فحسب. وانا ألتزم بأوامره هذه بشدة. التزم بها من باب المتجر للمصعد. وبعدها انسى كل مااوصاني به وابدأ بممازحة هذا وخوض الحديث مع ذاك، مااذا افعل! انا فتاة اجتماعية ولااستطيع ان اقاوم من دون ان اجد احداً لأثرثر معه. لاسيما مع الموظفين وكل من ينتمون للطبقى الوسطى او ادنى من ذلك. فهم الوحيدون من لايرتكز حديثهم فقط حول الاعمال ومدى الربح الصافي والمشاريع. احاديثهم ابسط واجمل من ذلك!

صعدت نحو مكتبي ذو الواجهة الزجاجية الذي يطل على طوابق المتجر كلها وماان دخلت حتى قمت بأستدعاء السيد جلال رئيس قسم الحسابات، جلست خلف مكتبي بشوق وحماس الى ان طرق على الباب ودخل. كان معتدل الطول ذو شعر رمادي وانف محدب ربما يبلغ ال47 من عمره او اقل وهو يأخذ النصيب الاعلى من ثقتي من بين كل الاشخاص الذين اعرفهم…
صباح الخير انستي.
صباح الخير سيد جلال. تفضل ارجوك.

ماان جلس على الكرسي القابع امام مكتبي حتى اخرجت الورقة من حقيبتي وقدمتها له بأبتسامة. سحبها من يدي واخرج نظارته من جيب سترته ليرتديها ويحرك عينيه فوق سطور الورقة، ثواني ليست ألا حتى نزع النظارة من فوق وجهه والتفت إلى بتفاجئ وقال برفض فوراً:
هذا مستحيل انسة ميرنا.
ارتكزت بمرفقي فوق المكتب وانا اقول بتوسل:
لاتقل هذا سيد جلال ارجوك. جد حلاً.
جلس على حافة كرسيه بتحفز والتفت إلى وهو يقول مدافعاً عن رأيه:.

انسة ميرنا. المئة موظف الذين احضرتهم قبل ذلك بالكاد وجدنا لهم عمل فكما تعلمين لدينا وفرة بالموظفين. وبالكاد اخفينا امر توظيفهم عن السيد ادهم. فكيف سندبر امر هؤلاء؟ وكيف سنغطي امر رواتبهم؟
سنأخذها من ارباح المتجر الخاصة وليس من خزينة الشركة الرئيسية.

تعلمين ان هناك لجنة خاصة تقوم بالجرد السنوي لجميع ارباح شركات ابيكِ ومن ضمنها المتجر. وتعلمين ان السيد سيف هو من يشرف على هذه اللجنة بنفسه وامر تلاعبنا سيكشفه فوراً وسيعرف النقص بالارباح ويتهمنا بالسرقة.
قمت بغضب من خلف مكتبي وانا اهتف:
تباً لسيف ذاك، من اي لعنة ظهر لي!
ثم حدقت من خلال نافذتي الكبيرة التي تحتل الجدار خلفي كله بطولها وعرضها نحو الشارع وانا استمع لسؤال السيد جلال:.

كم بلغ عدد الاموال في حسابك الخاص؟ اعني بذلك الحساب الذي لايعرف ابيكِ بوجوده الذي فتحته من عملكِ الخاص.
لااعلم، لااظن اني وصلت للمبلغ المطلوب.
مارأيك ان تقومي ببعض التحويل المالي له من حسابكِ هذا لنصل نحو المبلغ المناسب.
التفت اليه فوراً وانا اقول:
لا، تعلم جيداً اني اريد ان اجمع المال من عملي انا فقط وبتعبي انا. لااريد شيئاً من اموال ابي.
ولكنها ظروف خاصة انستي.
حتى وان كانت كذلك…

تنهد بقلة حيلة فهو يعرف مدى عنادي بخصوص هذا الامر ثم قال:
حسناً. مع ذلك قومي بسحبها، سننشئ المشروع.
توسعت حدقتاي بتفاجئ وانا انظر اليه ليكمل:
ليس لدينا حل اخر.
تمتمت بعدم رضا:
لكن الاموال ليست مكتملة، ولن يكون المشروع كما تخيلته.
اجعليه كما تخيلته من ارباحه الخاصة لاحقاً ولكن الان قومي بدفع رواتب موظفيه فقط دون ان تأخذي لكِ ربح خاص. عدا رأس المال طبعاً لتقومي بأستثماره وتجهيزه بالبضائع.

اي هؤلاء الاربعون موظف جميعهم سيعملون به؟
بالتأكيد ليس جميعهم، فبعضهم قد لايعرف اي شيء عن صناعة الحلوى او القهوة وسيحاولون ايجاد وظائف اخرى وقد نتمكن من ايجادها لهم هنا في متجرنا. ولكن البقية سيعملون في متجرك الخاص.
اخذت نفساً عميقاً وانا احاول تقليب الفكرة جيداً في رأسي ثم نظرت له فوراً وقلت بحزم:
حسناً، انا موافقة!
ثم قمت من مكاني وانا اقول:.

والان عن اذنك على الذهاب نحو شركة ابي من اجل تقديم التقرير الاسبوعي حول اوضاع المتجر كما تعلم.
ثم جمعت بعض الاوراق من فوق مكتبي وخرجنا منه انا والسيد جلال معاً. هو نحو مكتبه وانا نحو شركة ابي!

(اقول امام الناس لستِ حبيبتي
وأعلم في الاعماق كم كنتُ كاذباً. )
(نزار قباني)
(سيف)
كنت اجلس في مكتبي شارد الذهن احدق في نقطة وهمية واستمع لنقرات اصابعي فوق سطح المكتب والتي توقفت فوراً مع طرقات خفيفة فوق الباب يليها دخول رأفت. اظنكم تذكرونه. مساعدي في قضية ميرنا اليوسفي!.

كان شاب متناقض ليس سهلاً عليكم ادراك شخصيته الحقيقية، تارة يكون جاد خالي من الابتسامة تجد في عقله اسرار وافكار لاتستطيع ان تصدق انه في ال26فحسب من عمره! وتارة يكون كالطفل الفوضوي بمزاحاته ومرحه!
تصافحنا ثم جلس على الكرسي امام مكتبي وبادرته بالسؤال فوراً:
هل وجدت شيئاً؟
ضيق مابين عينيه وهو يقول:
أليس من المفترض ان تسألني اولاً هل تشرب شيئاً؟
زفرت بضيق وانا اقول بجدية:
رأفت!
حسناً حسناً سيد غاضب.

ثم قدم لي ملفاً وهو يقول:
شهاب خالد. العمر45عاماً. الوظيفة محقق خاص.
قطبت حاجباي بأستغراب وانا اردد خلفه متمتماً:
محقق خاص؟
ثم قلت بعدها فوراً:
أتعني من هؤلاء الذين يتم تكليفهم بالبحث عن شيئاً ما؟!
فقال بنبرة خاصة ونظرة ذات معنى:
أو شخصاً ما!
حدقت في وجهه قليلاً بدهشة بعد ان ادركت مقصده ثم قلت:
أيعقل؟
رفع كتفيه وانزلهما ببساطة وهو يقول:
ولما لا؟

فتحت الملف على الصفحة الاولى لأجد صورة شهاب الذي رأيته في الامس وبعض البيانات عنه، رفعت بصري نحو رأفت مجدداً وانا اسمعه يسألني بتوجس وتردد:
ماذا. ماذا ان كانت بالفعل تبحث؟
هناك شيئاً ما مقبوض بشدة داخل صدري يمنعني من التنفس، ماذا ان كانت كذلك بالفعل؟ اغلقت الملف بأستياء وانا اجيبه بنبرة جافة:
وان كانت كذلك؟ هذا لن يغير شيئاً.
نظر إلى بنظرة متفحصة وهو يقول ببطئ:
هل انت متأكد؟

هل انا متأكد؟ لااعلم، لم اعد اعلم شيء. هل سأندم لاحقاً؟ هل سأنجح؟ هل سأفشل؟ كلها اشياء لست متأكداً منها في الوقت الحالي. هناك شيء ما خاطئ ولكن لااعرف ماهو.
وفجأة قفزت ميرنا من مخيلتي لتصبح امامي مباشرةٍ، هل انا احلم؟ لا. انها هي! انا اعني ذلك بالمعنى الحرفي ياجماعة. فجأث وجدت ميرنا تفتح باب المكتب وتدخل علينا.

ادارت بصرها مابيني ومابين رأفت ببلاهة وكأننا نجلس في غرفتها الخاصة فألتفتنا انا ورأفت نحوها بصمت وتفاجئ من منظرها، منظرها الجذاب. الرائع! وعيونها الساحرة. تلك العيون تحمل سراً ما صدقوني تجعلني ادقق بأصغر تفاصيلها!
ومن دون تحية او اي شيء قالت فوراً:
اين ابي؟ اخبرتني دانة انه لربما في مكتبك.

حدقت في وجهها وانا ارفع حاجباي بدهشة. متى ستتصرف هذه الصغيرة تصرفات الفتيات البالغات؟ التفت رأفت نحوي وهو بالكاد يكتم ابتسامته ولكن وجهي كان مقتضب وخالي من الملامح وانا احدق بها ثم قلت ببرود واستياء:
لماذا لم تطرقي الباب قبل ان تدخلي؟
كتفت يديها امام صدرها واعتلت وجهها نظرة الكبرياء تلك التي اعرفها جيداً ثم قالت:
انا لم ادخل غرفتك الخاصة لأطرق الباب.

قمت من الكرسي بهدوء وانا ادخل يداي في جيوب بنطالي ووقفت امامها وقلت بذات البرود:
ولكنكِ دخلتي مكتبي الخاص.
ومكتبك هذا موجود في شركتنا، لذلك يمكنني الدخول اليه متى شئت.
اومأت مدعياً الاقتناع ثم قلت وانا اضيق عيناي بتساؤل:
وهناك حمامات في شركتكم. هل ستدخلين اليها ايضاً متى شئتي لأنها موجودة في شركتكم؟

فجأة تصاعدت الدماء نحو وجهها وبعض حبيبات الخجل تجمعت فوق جبينها وهي تنزل يديها من تكاتفهما وتلعثمت حروفها فوق مخارج صوتها وهي تهتف بي:
بالطبع لا! ماهذا السؤال السخيف.
اقتربت خطوة منها وانا اقول:
انا اريد التأكد فحسب كي اخذ احتياطاتي من الان فصاعداً واغلق باب الحمام جيداً.

اصبح وجهها كأضواء رأس السنة. تارة اصفر وتارة احمر وقلّبت ابصارها مابين وجهي المستاء ووجه رأفت الضاحك ثم فجأة شعرت بشيء يضربني بقوة على صدري. انزلت ابصاري وكانت يدها تسند الملف فوق صدري بغضب واول ماامسكت به قالت بتجهم وهي تخرج من المكتب:
اعطي هذا لأبي.

ثم اغلقت الباب خلفها بعنف، ومن دون ارادة مني وجدت ابتسامة تحتل شفتاي من غضبها الطفولي ذاك والتفت خلفي لأجد رأفت ينظر نحوي وهو يضيق عينيه بمكر فتنحنحت فوراً واغتلت ابتسامتي وانا اعود لأجلس خلف مكتبي اطالع الملف الذي اعطتني اياه.
لازلت تحبها. أليس كذلك؟
رفعت بصري بحدة نحوه فوجدته يكمل فوراً دون ان يتردد:.

ماذا لو وصلت للنهاية. ماذا لوفعلت بها ماتخطط لفعله، واكتشفت حينها انها ليست كما تظنها؟ ماذا لو اكتشفت ان الشياطين بأمكانها ان تنجب الملائكة؟

حدقت في وجه رأفت بضياع واستمعت لنبرته الهادئة بتألم وكأنه يصرخها في روحي ليبعثر كياني ويشتت افكاري، ماذا لو؟ أيمكنني فعل ذلك حقاً بها؟ هل لايزال جزء من يوسف حي بداخلي ليعشقها مجدداً؟ انا لااعرف، ببساطة انا لااعرف، انه سؤال صعب على ان اجد اجابته داخل عقلي المتناقض، وياليتني استمعت يومها لرأفت. ياليتني لم افعل مافعلته بها!

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *