رواية غوى بعصيانه قلبي الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل العاشر
الحقائق كالنار مهما حاولت إخفائها يكشفك دُخانها، وقفت عقارب الساعة عند نوران وكريم إثر سؤال شمس الأخير. تلك التي تدنو منهم بخطوات مُثقلة بالهواجس التي يرفضها عقلها والتي لا تخلو من تهويل الأمور والأفكار الشيطانية، قبضت على معصم أختها بعنفوان وهي ترجها بقوة وهي تكاد تنفجر من وجه أختها الشاحب الذي لا يشير إلا بوقوع مصيبة كارثية:
-انطقي!
لم تكف عن البكاء ولكنها جهر متوسلة: -مفيش حاجة يا شمس، سيبي أيدي. أنتِ فاهمة غلط.
لم تستمع لتوسلات أختها بل زادت من تعنيفها: -طالعة من أوضة الشاب الساعة دي والمنظر ده وتقولي فاهمة غلط؟ فهميني أنتِ الصح عشان أنا بقيت مش شايفة ومش فاهمة.
تدخل كريم كي يحل الأمر ويهدأ من الفوضى الناشبة: -شمس، ممكن تهدي مف
قاطعته صارخة بأعين ينفجر منها الشرار: -أنت تخرس خالص، تميم يجي يتصرف معاك.
صرخت نوران بنفاذ صبر من تلك الاتهامات الحادة التي وجهتها أختها وهي تتملص من وجع يدها:
-شمس بقول لك مفيش حاجة، كانت مشكلة واتحلت، بطلي بقى الأسلوب ده.
جاء تميم من غُرفته ركضًا إثر تلك الفوضى والنقاشات المحتدة بينهم، فأردف قائلا وهو يقبل عليهم:
-في أيه هنا؟ مالكم.
ثم وجه سؤاله لكريم عندما لم يتلقى ردًا منهن: -اتكلم انت طيب يا كريم،!
رد بإيجاز: -تميم تعالى نتكلم لوحدنا.
تفوهت شمس بانفعال والقليل من العبرات المتقطرة: -لوحدكم ليه؟ اتفضل قول لتميم أختي كانت في أوضتك الساعة دي بتعمل أيه!
دار نصف دورة حول نفس وهو يتنفس الصعداء من حدة تلك الاتهامات الموجهة إليه، طافت عيني تميم بعدم تصديق محاولًا استيعاب ما وقع على مسامعه: -أيه الجنان ده؟ أكيد أنتِ فاهمة غلط يا شمس. ممكن تهدي طيب وكله هيتحل.
هبت شمس معارضة ؛ وهي ترمق كريم بتلك النظرات الساخطة: -تميم أنا وأختي هنرجع شقتنا، وأنت شوف لك حل مع قريبك، لو كان في بيتي كان هيبقى ليا تصرف تاني.
سحبت نوران يدها بقوة وهي تبرأ نفسها صارخة: -ما كفاية بقا يا شمس، كل ده ليه يعني؟ لو عايزة تعاقبي حد يبقى أنا، كريم ملهوش دعوة بأي حاجة. بالعكس ده كان بيساعدني أن
قاطعها كريم رافضًا اعترافها: -خلاص يا نوران. محصلش حاجة، وأختك عندها حق. أنا همشي.
تدخل تميم بينهم وهو يمسك بيده: -أهدى أنت كمان، ونشوف فين المشكلة عشان نحلها.
طالعت أختها بتلك الأعين المحمرة من كثرة البكاء، وشرعت بتجفيف وجهها من آثار الدموع وسألتها بتوجس: -نوران. بصي لي، عشان خاطري وطمني قلبي، أيه المشكلة اللي بينك وبين كريم، حصل أيه ما بينكم انطقي.
ردت بنبرة غارقة بالبكاء: -مفيش حاجة من اللي في دماغك يا شمس، اطمني.
ثم نظرت لكريم بعجز وقلة حيلة: -هقوللهم. ماينفعش نخبي أكتر من كده، انا غلطت ولازم اتعاقب.
يرتدي حذائه بعجل غير مكترث لعقد رابطة عنقه المتدلية على كتفيه. تجوب حوله بفوضوية واضطراب لتهدأ من روعه: -عاصي عشان خاطري أهدى وركز. اهدى عشان تعرف تفكر.
ثم جست على ركبتيها أرضًا لتعقد له شريط حذائه بسرعة وأتبعت: -في إصابات كتير؟
ردت بقلق يتقاذف من بين حروف كلماته: -مش عارف يا حياة. ربنا يسترها.
نهضت عالية الجالس على طرف السرير بارتباك: -طيب خلي بالك يا عاصي. انتبه ياحبيبي.
ربت على كتفها مهرولًا وهو يتأهب للرحيل: -متقلقيش.
صاحت حياة موصية: -ابقى طمني يا عاصي.
اكتفي بهز رأسه حيث تناول مفاتيحه وحافظة نقوده وهاتفه ورحل على الفور. اقتربت عالية من حياة بأعين يحاصرها الشك المختوم بتسائل:
-عرفتي هتعملي أيه مع رشيد!
-لازم أحلها قبل عاصي ما يرجع…
لملمت شعرها ب التوكة المعدنية وهزت رأسها كمن يدرك خطواته جيدًا، غادرت عالية الغرفة عائدة لغرفتها كي تتجنب رؤية تلك المواجهة العائلية، انصرفت حياة من الغرفة بخطى سريعة متجهة نحو غُرفة أخيه التي طرقت بابها بقوة حتى أتاها صوت الأخير مهزوزًا خائفًا:
-رسيل؟
قفز من مخدعه وشرع بارتداء ملابسه بسرعة فائقة وهو يتهامس مع فريال صارخًا بهمس: -ادخلي الحمام ولا اختفي من الأوضة. اتحركي…
بنظرات الانتصار تُطيل معه الحديث، وكأن آخيراً ظفرت خطتها التي تعمدت أن تظهرها أمام عيني عالية لتكشف سرهم. اتاهم صوت رسيل من الخلف بنبرة حادة تحمل نيران الغضب: -افتح يا رشيد!
قفز بداخل بنطاله قائلًا: -بغير يا رسيل استني.
لم تتمهل بل زادت من قوة صفع الباب. مرت الدقيقة على حقل شائكة حتى ظهر أخيرًا أمامها بثغر مبتسم يحمل عتبًا:
-في حد يصحي حد كده! مش هت.
لم تمنحه فرصة للبث ببنت شفة، حيث باغتته بصفعة قوية تردد صداها بغرفته عندما تأكدت من وجود آثار الحمرة المنتوزعة على وجهه. جحظت عينيه بغضب ينافس غضب الرياح:
-أنتِ بتعملي أيه يا رسيل! ايه الجنان بتاعك ده!
دفعته بكل ما أوتيت من غضب لتقتحم غُرفته وهي تهذى وتبحث كالمجنونة عن فريال حتى عثرت عليها متوارية خلف باب الحمام. وقفت لبرهة تتلقى الصدمة مع ابتسامة عجز وقلة حيلة، سحبتها من معصمها للخارج و ردعتها بعنفٍ وقالت بسخرية:
-أيه ده؟ الأرف ده بيحصل في بيتي أنا؟
ثم وقفت أمام أخيها مسددة إليه تلك النظرات النارية: -أنطق! ليه كده؟ ما تتجوزوا وبعدين تغوروا في ستين داهية، لكن تتقابلوا زي الحرامية كده وكمان في بيتي اللي فتحتهولكم!
لم يمتلك الوقاحة الكافية ليواجه أخته، حيث غمغم موضحًا:
-رسيل أنتِ فاهمة غلط!
-غلط! وهو فين الصح في اللي أنا شوفته؟ الهانم بلبسها المقرف ده؟ ولا سيادتك ومنظرك ده. بص في المرآية وأنت تشوف الغلط الحقيقي.
بنبرة أقرب للهذيان أردفت كلماتها الآخيرة، ثم نظرت لفريال لتوبخها: -أنت أزاي تعملي في نفسك كده! ازاي تخونيني في بيتي! أنتِ. أنت
أصيبت ملامحها بلعنة الاشمئزاز من مجرد النظر إليها. فأدركت ان الحديث لوحده جهد مهدور. ابتلعت ما بقي من كلمات بجوفها ولكنها لم تتخلص من تلك النظرات الساخطة. فر الحياء من مضجعه فأردفت بوقاحة:
-أنا ورشيد بنحب بعض، حصل أيه يعني؟ مش أنتِ سبق وقعدتي مع رجل غريب في أوضة واحده ومح.
-اخرسي بقا وكمان ليكي عين تبجحي!
صفعة جديدة كانت من نصيب وجنتها تلك الوقحة التي لم تعترف للحظة بخطأها، ثم انفجرت موضحة: -أنا الظروف هي اللي رمتني أقعد مع راجل غريب في أوضة واحدة. بس الرجل ده ملمسش مني شعره واحدة من غير عقد جواز. أنا مش رخيصة ولا زبالة زيك عشان أوافق بالإهانة دي.
ثم دارت إلى أخيها الذي حاول أن يستجدي رضاها، ولكنها قاطعته بحزم: -تأخد الزبالة دي وتطلعوا بره بيتي. تتجوزوا بقا، تقضوها أرف. المهم مشوفش طيف حد فيكم هنا.
تحركت فريال لتتشبث بكتف رشيد ثم قالت بانتصار: -أحنا كده كده هنتجوز ومش هنقعد هنا، مش كده يا رشيد!
تأرجحت عينيه بحيرة تعلت تورطه ثم سحب ذراعه برفق وقال لأخته وهو يطالعها بصوت خافت:
-بس أنا مش هتجوزك يا فريال.
صدمة جديدة حلت على رأس حياة التي لم تتوقع رد أخيها، وانسكب الجمر فوق قلب فريال التي اعلن عن أنانيته وتخليه عنها جهر. انكمشت ملامحها بذهول: -يعني أيه مش هنتجوز! كنت بتضحك عليا يا رشيد! كُنت…
قاطعته رسيل بنظرات استحقار لتدافع عن فتاة مثلها: -يعني أيه مش هتتجوزها! جاي دلوقتِ تقول مش هتجوزها! أنتَ كده راجل يعني ومحدش هيقدر يقف لك.
اختصر الجدال مع أخته وقال بنبرة نهائية: -أنا خلاص لقيت اللي هكمل معاها حياتي، وبالنسبة لفريال أنا مغصبتش حد على حاجة…
تأزمت الحالة عليها فلم تحد نفسها إلا بتسديد الضربات إليه وتدفعه للخارج لخارج بيتها وهي تهذى بكلمات محملة بوجع الخزى والخذلان لأخيها. حتى وصلت لنهاية السلم استسلمت لضعفها وجلست تنزف دموعها وتشكو من ثقل الحمل:.
-متجيش هنا تاني. مش عايزة أشوفك يا رشيد. أنت من النهاردة لا أخويا ولا أعرفه.
انتظرت عالية حتى خرج رشيد من البيت، فأسرعت نحو رسيل الجالسة على أول درجات السلم لتساندها:
-حياة قومي. اهدي يا حبيبتي متعمليش في نفسك كده. قومي معايا.
سندت حياة عليها وهي تنهض بعناء، أخذت تجفف عِبراتها لتستجمع قوتها، ثم سقطت عينيها على فريال الجالسة أمام اعتاب الغرفة. اقتربت منها بنظرات ممزوجة بالعطف والسخط:.
-قومي ادخلي اوضتك ومش عايزة اشوف وشك لحد ما نشوف حل للمصيبة دي.
-أظن الأمور وضحت يا شمس. نهدا بقا ونحمد ربنا محصلش حاجة!
أردف تميم جملته الأخيرة بعد ما روت نوران القصة كاملة ثم ختمت جُملتها ب:
-أنا روحت اعتذرله بس عشان كان ماييردش عليا، وهو طردني من الأوضة عشان ماينفعش وو
ثم انفجرت بركة الدموع من عينيها. تحرك تميم وضمها إليه بحب أخوي وقال:
-هنستفاد أيه من العياط. المفروض نتعلم الدرس.
ثم نظر لشمس المصدومة التي نسيت كيف تنطق الكلمات وقال: -مش عايزة تقولي حاجة يا شمس لكريم!
بأعين شاردة تأرجحت بتردد وحيرة ثم بللت حلقها بخجل وقالت معتذرة: -اسفة يا كريم.
ثم شدت نوران من يدها وقالت بخفوت: -معلش يا تميم، هستأذنك ابات مع نوران الليلة.
فتلاقت عيني الأختين حتى قالت: -يلا يا نوران…
في تمام الرابعة فجرًا
عاد عاصي لمنزله وهو يجر ذيول خساراته جرًا خاصة بعد تأكده أن تلك الحادث مدبر وورائه رسالة تهديدية. قفل الباب بهدوء ثم تحرك نحو غُرفته التي فتح بابها فأول ما سقطت عليه عيناه حياة الجالسة تحت النافذة كالقرفصاء. رمى سترته من يده وجلس بكلل بجوارها مستندًا على الحائط.
رفعت عينيها الدامية ببطء ثم اعتدلت في جلسته لتطل عليه وسألته بصوت مبحوح:
-طمني عملت أيه؟
ثنى ركبته ليسند مرفقه عليها وأجابها بكلل: -في كذا موظف حالتهم مطمنش. مش فارق معايا كل الخساير دي. بس ليه ناس سهرانة على أكل عيشها تتأذي.
مسحت على فخذه برفق: -كله هيتحل، أهدى بس. مش بحب أشوفك كده.
تراجع برأس للوراء وأطلق تنهيدة عالية: -لأول مرة أحس أني تعبت ومش قادر أكمل. زهقت من الشغل ومن الحروب طول الوقت. بقيت بدور على السلام النفسي وبس. ومش عارف أوصله.
تبدلت جلستها لتجسو على ركبتيها أخذت تربت عليه بالكثير من اللمسات الحنونة بأعين دامعة: -ما تقولش كده، أنا مسنودة عليك يا عاصي. ماينفعش تستسلم وتقول مش قادر أكمل. كل ما تضعف افتكر إني متقوية بيك وبوجودك جمبي.
زرع قبله طويلة بداخل كفها ثم لاحظ بكائها الغزير فسألها باهتمام:
-حصل حاجة؟ مالك؟
هزت رأسها بخفوت ثم قالت بحرج شديد: -في حاجة حصلت ولازم تعرفها.
أخذت تفرك في كفي يدها بارتباك ملحوظ. اعتدل من جلسته وسالها: -حاجة أيه؟ اتكلمي يا حياة.
خشيت أن تلقي أعينهم، خشيت أن يرى الخجل بمقلتيها، فاعتدلت من جلستها الأخيرة لتعود لنفس المكان ونفس الوضع الذي كانت عليه عند دخوله وقال بنبرة خافتة:
-رشيد وفريال على علاقة ببعض. وو
ثم بللت حلقها: -طردت رشيد من البيت، ومقدرتش أطرد البنت. صعبت عليا ملهاش مكان غير هنا خاصة بعد ما اتخلى عنها وسابها ومشي…
لم يتفاجئ بالخبر، اكتفى بهز رأسه متفهمًا الأمر ثم دار إليها وأمسك بكفيه بحنو: -ده اللي مزعلك؟
أومأت بالإيجاب بدموعها المنخرطة من مقلتيها وأكملت: -كل يوم بيجي أصعب من اللي قبله، خسرت أخويا الكبير، وأنت المشاكل مش راضية تسيبك في حالك، كل يوم مشكلة. كل يوم كارثة جديدة. قلبي مبقاش متحمل العيشة دي يا عاصي! هل أنا ضعيفة ولا الحياة بتستقوى عليا.
مسح دموعها بكلتا كفيه ثم جذبها حضنه وأخذ يربت عليها برفق ويبث وميض من الأمان بقلبها: -وأنا موجود ليه؟ أنا هنا جمبك اسندي وحملي كل همومك، مش عايزك تشيلي هم حاجة في الدنيا. اهدي. مش بحب أشوف دموعك دي.
ايقظ فيها وطنًا تتمناه. وطن محيط بالأمان والحب، سندت رأسها على صدره وتشبثت بملابسه وغاصت في سُبات عميق، فلا يأمن الإنسان إلا بحبيبه وكل امرئٍ يصبو لمن يُعشقه…
جاء الصباح ليداعب تلك الملامح المرهقة من تراكم الليالي الحزينة. فتح عاصي جفونه التي يغازلها شعاع الشمس، ثم تدلت أنظاره على تلك الجميلة التي تتوسد صدره. رغم عنه ارتسمت البسمة على محياه برؤيتها. ذلك الوجه الذي يحمل شمسه وقمره في آن واحد.
نهض برفق من الأرض وحملها، ففتحت جفونها بتثاقل وهي ترى ملامحه بصوره ضبابية. فتمتمت: -خليك معايا.
وضعها في فراشها برفق تام ثم شد الغطاء عليها، تمدد بجوارها وأخذ يرتشف ملامح وجهها ليحسن مزاجه، اعتاد على تلصص النظرات منها كمن يراقب نجوم السماء، باتت أنامله تتنقل بين جدائل شعرها الناعمة، حتى عادت لرشدها وفتحت جفونها المرهقة:
-صباح الخير. هي الساعة كام؟
عصر من شفتيها نبيذ صباحه وقال: -مالك بالساعة. نامي بس وارتاحي.
أول شيء وضعت فوقه كفوفها كانت بطنها وكأنها تلقي عطر الصباح على صغارها. اعتدلت قليلًا ثم طالعته بشغف: -نمت ولا طول الليل بتبص عليا كده.
فارقت أنامله شعرها وانتقلت لوجنتها وقال: -للاسف النوم سرقني وملحقتش أملي عينيا.
ملك مفاتيح تعرية قلبها. فتنهدت بهدوء: -عملت أيه في المصنع. هتنزل الشغل؟
-كلمت الشباب وهما هيتصرفوا. النهاردة مش عايز اطلع من بره الأوضة دي. حاسس إني محتاج أفصل عن العالم والدوشة.
رأت في عيونه هزائم ساطعة. ثم قالت: -زي ما تحب، وأنا كمان مش هروح مكان وهقعد معاك. أحنا محتاجين نفصل عن الدوشة شوية، حتى مش حابة اتكلم في أي حاجة ممكن تزعلنا.
ثم نهضت من مرقدها وقالت بحماس يلهيها عن خيبات أمس: -هنزل أعمل فطار وناكل سوا، وكمان عشان عالية محتاجة تتغذى…
فارق هو الأخير مكانه متبعًا وجهتها حيث باغتها بضمة قوية اليه من خصرها جعلها تتراجع عن خطواتها مُلقاه بحضنه وقال هامسًا:.
-انا مش ناسي إنك عايزانا نتكلم. عشان كده اعتبري اليوم كله بتاعك النهاردة.
منذ أن عرفته فلم يملأها إلا حبًا وعشقًا متجددًا. بادلته بابتسامة خفيفة وقالت: -اتفقنا. لحد ما تاخد الشاور بتاعك أكون خلصت الفطار.
القصر.
-كنت هتجنن يا تميم، أنت ما شوفتش حالتها كانت عاملة أزاي وهما الاتنين طالعين من الأوضة. قلبي وقع وماعرفتش أنا بقول أيه وو
بساحة القصر الواسعة، يجلس تميم مع شمس التي سحبها لحضنه وربت على كتفها وقال: -اللي حصل حصل، وأنا مقدرش موقفك، المهم حاول تتكلمي مع كريم لانه مصمم يمشي، كويس اقنعته يستنى لغاية الصبح.
أومأت بطاعة وهي تمسح دموعها: -ماشي، يصحى من النوم بس وهتكلم معاه.
في تلك اللحظة قُفل باب غُرفة كريم، همس تميم لزوجته قائلًا: -اتكلمي بشويش وبالعقل.
جزت على فكيها باعتراض: -قصدك إني مجنونة يا تميم!
قبل على رأسها مشتريًا هدوئها: -ماعاش ولا كان. نهدا ماشي.
ثم جهر بصوته منادياً على كريم الذي يحمل حقائب سفره: -تعالى يا عم أنت، تعالى أقعد شوية.
ثم وثب قائمًا وقال: -كان نفسي أقول لك أعزمك على شاي من أيدين شمس، بس شهادة لله الشاي بتاعها متمنهوش لألد أعدائي.
لكمته بركبته كي يكف عن سخريته، استقبل تمردها بضحكة خفيفة وقال: -فمضطر أعمل شاي بنفسي.
أشار لكريم إشارة لم يفهمها غيره ورحل كي يفسح لهم مجالًا للحديث، نادته شمس قائلة بتردد:
-كريم، ممكن نتكلم شوية.
ترك حقائبه جنبًا ثم أقبل إليها بفتور ليجلس على المقعد المجاور ؛ شرعت شمس بالحديث:.
-على فكرة حقك تزعل، وحقك كمان متبصش في وشي تاني. بس أنا ماليش غير نوران يا كريم دي أمانة بابا وماما، أنا بخاف عليها فوق ما تتخيل بكتير.
ثم أخذت نفسًا طويلاً: -ماما وبابا سابوها طفلة صغيرة اتعلمت المشي على أيديا. أنا ابقى ليها ام واب وأخت وعيلتها كلها. كريم أنا بقول لك كده عشان تقدر موقفي ومتزعلش مني.
هز رأسه متفهما ثم قال: -عموما أنا نسيت اللي حصل ومقدر خوفك، أي خد كان هيتصرف زيك كده، وخوفك ده ما يقلش عن خوفي عليها. أنا مستحيل أضرها، أنا سبت الدنيا كلها ورجعت لها، رجعت عشان أشوف أخرة موضوعي معاها.
انعقد حاجبيها باستغراب: -اخر أيه، مش فاهمة!
صمت لبرهة ثم قال بثبات: -شمس أنا بطلب منك أيد نوران للمرة التانية، عشان أن فعلاً بحبها ومحدش هيحب نوران أدي.
بخطوات ثقيلة كمن يسبح عكس التيار تحمل فنجان القهوة وتتجه نحو غرفتهما حاملة على عاتقها حقائب الحقيقة المدفون بأحشائها. فتحت الباب بخفوت ثم اقتربت منه وجدته يجري مكالمة هاتفيه حيث اختتمها قائلًا: -تابع الحالات بنفسك يا بكر، وأصرف تعويضات مادية لأهالي المصابين لحد ما يقوموا بالسلامة.
تركت الفنجان على المنضدة ثم جلست بجواره، ما أن أنهى مكالمته سألته: -حد حصله حاجة.
رد بارتياح: -حالتهم مستقرة دلوقتِ، احسن من بالليل.
تمتمت بخفوت: -ربنا يشفيهم يارب.
ثم بللت حلقها: -قهوتك قبل ما تبرد.
مال ليتناول فنجان قهوته متسائلًا: -وأنتِ فين قهوتك؟
أجابته بتردد: -لا ماليش نفس. عاصي!
دار إليها باهتمام: -أومري.
تأرجحت عينيها بارتباك كمن يبتلع غصة الحقيقة بحلقه: -هنتصرف ازاي مع رشيد، والبنت دي اللي اتخلى عنها! على أد ما أنا قرفانة منها. بس هي بنت زيي وحرام اللي حصلها ده دي لوحدها في الدنيا.
يعتبر أكثر شخص على علمٍ تام بحقيقة فريال، منذ تلك المحاولة التي قطعتها مع عاصي ليكون لها، لتلك الأمور الشنيعة التي خاضتها مع رشيد، حتمًا إمراة مثلها يا إما فاقدة لأهليتها أو تنتوي شرًا لابد الحذر منه. داعب وجنتها بإبهامه وقال:
-أنتِ طيبة أوي يا حياة، وأنا مش عايزك كده. مش عايزك تشوفي الأمور كلها بقلبك.
ثم أشار بسبابته لعقلها: -حطي هنا أن كل حاجة بتحصلنا أحنا نستحقها. يعني فريال لو كان جواها خير مكنش هيحصل فيها كده.
أتاه صوتها شاردًا: -مصدومة في أخويا! طيب طالما مش بيحبها ازاي قدر يكون معاها كده.
فرفعت عينيها متسائلة وكأن السؤال موجه له خصيصًا: -ازاي الرجل بيقبل يكون. مع ست مش بيحبها، أو نزوة مثلا! أزاي؟
ابتسامة خفيفة داعبت ثغره، ترك فنجان القهوة من يده وقال: -أنا ليه حاسس أن السؤال موجه ليا؟ وبعدين وأنتِ مالك بينا؟ عايزة أيه دلوقتي؟
-بجد عايزة أعرف أنتوا بتفكروا ازاي؟
ثم تنهد بحماس وقال: -كل الرجالة كلنا عينهم فارغة، بيحبوا يدوقوا جميع الأصناف، لحد ما يقرروا هناكل ايه!
جحظت عينيها بنظرة استجوابية: -والله! وأنت من الرجالة دي؟
بضحكة خفيف داعبت ثغرة قال بثبات رافعًا كفيه ليبرئ نفسه: -كُنت، بس توبت خلاص.
حتى التقى بعينيها الكاشفة فأمسك بكفيها عائدًا لصوابه وخاطب قلبها معترفًا: -شوفي يا حياة، أنا في فترة كُنت كده وأسوأ، كنت بملي فراغ معين في حياتي او بعوض غياب حد معين، كنت كل ليلة مع واحدة لمجرد سد الفراغ ده. ومفيش مرة نجحت أداويه، فشلت، لان الراجل ممكن يحب في ثانيه وممكن يقعد سنين علشان ينسي الحب ده وميقدرش.
ساومت أنفاسه ثغرها على القُبل، فأكمل قائلًا تحت سطو تلك الأعين التي لا تُقاوم: -لحد ما قابلتك.
-حصل لك أيه؟
أردف بحب انعكس بريقه بعينه: -كل رغباتي في الحياة تلاشت. بقيت مش شايف غيرك رغبتي الوحيدة حتى ولو هفضل قدامك ساكت أبص لك وبس…
ثم تزحزحت عيناه من عندها وأطلق ضحكة خفيفة وقال: -عارفة شعور الشخص اللي مقضيها مُقبلات ومشاريب. وكان مفكر أنه كده شبع، لحد ما أتفاجئ بوجبة عشاء لا تقاوم. ده أحساسي بالظبط.
دب حب كلماته ونظراته برحمها بألمٍ خفيف جعلها ترتعش مغمضة العينين. فلبي نداء جسدها بقُبلة طويلة فتحت شهيته على وجبته الدسمة، لم تمهله فرصة الاغتنام بها، ففزعت راكضة من مكانها ناحية الحمام واضعة يدها على فمها، هرول خلفها ومنعها من قفل باب الحمام، لملم شعرها المنساب وضم كتفها إليه. أخذت تفرغ ماء جوفها بمعاناة.
رفعت وجهها عن المرحاض لتأخذ أنفاسها بارتياح، سقطت عيناه على صدرها الذي يرتفع وهبطت من شدة الجهد. جفف قطرات العرق من وجهها وسألها بخوف: -مالك؟ حاسة بايه!
ردت بتعب وهي تتنهد بصوت مسموع: -مش عارفة، مستحملتش ريحة القهوة وو
-مش غريبة دي؟ أنت مش بتحبي غيرها!
ردت بملل: -اللي حصل بقا يا عاصي. لو سمحت اخرج.
ختمت جملتها بجولة جديدة من التقيئ وهي تسعل بقوة مما جعلها يهتف بقلق: -لا ده آكيد برد في معدتك؟ هكلم لك دكتور.
تشبثت بيده كي يتوقف، رافعة عينيها المغرورقة لعنده، تدبر بخشوع عيونها الزهرية، لحظة صمت كانت بمثابة عمر آخر من الألم. اترعشت شفتيها وهي تقر معترفة:
-استنى، عاصي، أنا حامل…
تصلبت تعابير وجهه كتفريغ الثلج على جسده، كررت كلمتها بنفس النبرة المهزوزة: -حامل في شهرين. عرفت الخبر إمبارح، و.
تمتم مشدوهًا مصدومًا محاولًا نفي الأمر من رأسه: -ازاي! مستحيل.
أدركت بأن وقت الحرب قد دق، زفرت بوجع استيقظت جروحه للتو، وقالت ساخرة:
-ليه مستحيل، أحنا مش متجوزين وده الطبيعي، اللي المفروض يحصل. ولااا
بلعت جمر حزنها وقالت بحزن وخيم: -ولا مستحيل عشان وسيلة منع الحمل اللي ركبتها من ورايا!
انخرطت العبرات من مقلتيها وأكملت بحزن يصهر الجليد: -ولا علشان مش عايز تخلف مني. عايز تعيش على ذكرى مها وبس. بص في عيني وجاوبني يا عاصي.
بقبضة يده القوية صفع الباب ثلاثة مرات بجنون حيوان مفترس لا يرى أمامها، فرغ غضبه بالباب الذي وقع مقبضه على الفور صارخًا:
-بردو عملتي اللي في دماغك يا رسيل!
وقفت أمام التيار مواجهة بصراخ: -عايز تعرف أنا متغيرة ليا 3 شهور ليه، عشان انا كنت عايشة بين نارين، نار حبك ونار بعدك. بس أنا ضعيفة، مقدرتش أواجه في وقتها، ومقدرتش اسيبك وامشي. رضيت، ووثقت فيك، وأخدت كبسولات عشان مش عايزة اعمل حاجة أنت مش عايزها.
ثم دفعته وخرجت من الحمام وأكملت بنفس النبرة المحترقة: -بس ربنا أراد، أراد وحصل.
ثم أخذت تلهث وتتنفس بهذيان: -لو أنت مش عايز الحمل ده، أنا عايزاه. أنت مالكيش حق تمنع نعمة ربنا في غيرنا يتمنى ضفرها.
ثارت ثورة الغضب بكيانه، طاحت يده بكل شيء يقابله، يتشاجر مع أساس الغُرفة بجنون، حتى هب صارخًا:
-أنتِ عملتي اللي عايزاه وخلفتي وعدك معايا، أحنا اتفقنا وقولتلك لما حياتنا تستقر، بس أنتِ عنيدة يا حياة ومش مقدرة أنا عملت كده ليه…
أومأت بعدم اتزان: -بالظبط، هو ده اللي عايزة أعرفه؟ ليه يا عاصي ليه، تعرف فكرت في كل الاحتمالات ملقتش حل لدرجة أني شكيت في حبك ليا.
منحت عينيها الفرصة كي تتخلص من جملة الألم المتقطرة وأكملت: -بس عمري ما حسيت بده، كل يوم مش بشوف غير حبك، هتجنن معقولة اللي يحب حد يحرمه من أكتر حاجة مستنيها، لييييه؟ عملت فيا كده ليه!
ثم اقتربت منه وتشبثت بمعصمه وأكملت جولة عتابه ولكن بنبرة حانية: -مصعبتش عليك وأنا كل شهر مستنية الخبر ده، مصعبتش عليك وقبلي بيتكسر الف حد في كل مرة يطلع فيها التيست سلبي! جالك منين قلب تقسى عليا ازاي؟
خرج عن صمته ليبرئ نفسه من جملة الاتهامات: -عملت كده عشان مش عايز اعيش نفس الوجع للمرة التالتة، أول مرة كانت مها، عاندت زيك كده ورغم أن الحمل كان خطر على حياتها. مسمعتش كلامي. عشته للمرة التاني وانتي بتسقطي في المستشفى، شفت حالتك كانت عاملة ازاي. عملت كده عشان أنا بعاني من عقدة الفقد، مش عايز اخسرك بعد ما عملت عيلة وبيت وحياة. مش عايز كده ده يتهد…
ترمد غرورها وغضبها في جمراته وقالت بحزن يمزق قلبها إربًا: -هو اتهد خلاص بأنانيتك يا عاصي، أنت أناني ومش بتفكر غير في نفسك وبس…
-افهمي بقا، بقول لك خايفة أخسرك.
ثم بلل شفتيه متنهدًا وأتبع: -لو شايفة حبي ليكي أنانية، فأنا أكبر أناني يا حياة.
لم تتحمل صراخه وغضبه بوجهها، تحركت لتجلس على طرف السرير لتهدأ وهو أيضًا ذهب لتلك النافذة كي يستنشق القليل من الهواء. من فرط وجعها تشعر بان قلبها ينزف دمًا. كل منهما صامت يصارع هواجسه. حانت منه نظرة سريعة لعندها ثم تحرك بعدها وقال بحزم: -يومين تجهزي نفسك، هخلص كل حاجة هنا ونسافر كلنا أمريكا تتابعي حملك لحد ما تولدي.
ردت بعناد: -أنا مش هروح حتة. واللي كاتبه ربنا هشوفه.
ضرب الحائط بقبضته بدون وعي حتى قُشط جلدها ونبثت منه الدماء: -أنتِ بتعاندي مين فينا! بتعاقبيني عشان خايف عليكي. بلاش أسلوبك ده يا حياة.
تحدته قائلة: -وأنا هعفيك من خوفك وقلقك ده لاني للاسف مقتنعتش. شوف يا عاصي، أحنا محتاجين نبعد. وأنا مش هقدر اتخلى عن البنات، أنا.
هبت زعابيب غضبه منه حتى بلغت أقصاها: -انتِ تسكتي خالص، مسمعش صوتك، مش عملتي اللي في دماغك، يبقى من الساعة دي كلامي وبس اللي هيتنفذ.
أمسك برأسه من شدة التفكير وأخذ يطوف بعبث بالغرفة وهو يسب علنًا، لم يتوقف عن التكسير بالغرفة حتى باتت تتقبل ضجيج غضبه بالرعشات المتتالية.
مرت قرابة النصف ساعة على الاثنين كل منها يتحاشى النظر للاخر، رجل انغمس في هول مخاوفه، وإمراة كست الامومة جسدها، لم تتحمل تلك الحالة المؤلمة التي كان يعاني منها فارقت مكانها وذهبت لعندها بتلك الملامح الحمراء اللي تنزف دمعًا. وقفت أمامه منكسرة هي تجاهد كي تنظر بعينيه، غمغمت باعتذار:
-والله حصل بدون قصدي، كنت باخد الحبوب في وقتها عشان أنفذ وعدي، بس ربنا أراد. عاصي أنت بجد خايف عليا، وده السبب؟
حانت منه نظرة خضوع عنيدة ثم تجاهل حديثها وتحاشى النظر إلى تلك الأعين التي تهزمه في كل مرة. امتدت يديها لملامحه وكررت سؤالها:
-بص لي. أنت عملت كده من خوفك عليا.
يبدو بأن ثورته لم تهدأ بعد. لم تستجدي منه ردًت غير تلك النظرة العنيدة تقهقرت ورحلت من أمامه عائدة لمكانها مع الحذر الشديد في خطواتها كي لا تتعرقل في الفوضى التي أحدثها بالأرض. جلست على طرف مخدعها. مرت الدقائق ببطء شديد حتى عاد إليها ذلك العاصي الذي دبت الحياة أخيرا بقلبه، فلم تكن تتوقف عن البكاء من حينها:.
جلس أمامها على ركبتيه وبصمت تام شرع بتقبيل يديها وكفوفها الباردة. رفع جفونه لعندها: -مستعد أفرط في الدنيا كلها وأنتِ لا.
ظلت ترمقه بنظرات خرساء ثم أومأ بالإيجاب: -أنا أناني فعلًا. وكنت جاي اعترف لك وهو ده الموضوع المهم اللي كان لازم تعرفيه. بس، اتفاجئت، فجاة ما بقتش شايف قدامي.
زاد تدفق الماء من ملامحها وانخفضت لمستواه لتجلس على ركبتيها واخترقت صوت بكائها: -الست لما بتحب راجل بتكون عايز تخلف نسخ كتير شبه، وأنا عشقتك. أنا معرفتش أفرح بالحمل اللي مستنياه كل ده عشان خايفة من رد فعلك.
ثم بللت حلقها واتبعت: -انا وعند الدكتورة طمنتني والله وقالت أنه مستقر ومفيش اي داعي للخوف، ليه ننكد على نفسنا، ومها الله يرحمها كان عندها أسباب تمنع الخلفة. أنا مش زيها وبتابع مع دكتور واتنين واللي أنت عايزه والله هعمله، بس متزعلش، زعلك غالي اوي عليا.
ختمت جملتها وهي ترتمي بين ذراعيه بتلك الرعشات الممزوجة من الفرحة والبكاء في نفس الوقت. وأكملت بهمس: -هخلي بالي من نفسي، ومش هنزل الشغل تاني و هنفذ كل كلمة هتقولها بالحرف.
شعور مزمن من الذنب يتأكل في قلبه دونما يقترف ذنبًا. للحب رائحة تميزه عن غيره من المشاعر تجعل المرء دومًا ما ينحرف عن صوابه. ابتعدت عنه وأخذت تجفف آثار الدمع عن وجهه وتقبلهما جزءا جزءًا.
رفعها من خصرها برفق لتجلس على فراشهم مرة ثانية، عرى بطنها كي يتأمل نبض الحب المزروع برحمها. وبقبلة مثيرة وحارقة كشهقة السيجارة لأول مرة في سن المراهقة طُبعت فوق جوفها كقبلة استقبال لصغاره. من جب الألم انبعثت ضحكاتهم التلقائية الممزوجة بتلك الأنفاس العالية حتى أردف بعدم تصديق محذراً:
-رجلك ما تلمسش الأرض لحد الباشا ما يشرف.
تأرجحت عينيها المراوغة وقالت بجزل طفولي: -عاصي. بس هما اتنين مش واحد…
جحظت عينيه بعدم تصديق: -نعم!
التعليقات