رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل السابع
جافى النوم سميرة وبعد أن تأكدت من نوم عبد الرحمن ظلت تتقلب وهي تحدث نفسها: لحد امتى يا سميرة هتفضلى تعذبى في الرجل الغلبان ده، عملتى معاه كل حاجة وحشة عشان تطفشيه وفضل متمسك بيكى، قالولك هيطلع اللى عملتيه فيه على عنيك لما تتجوزوا ما حصلش، وعاملك أحسن معاملة، فضلتى تعامليه وحش عشان يزهق ويطلقك ما زهقش، وكأنك ضامنة إنك لو اطلقتى عمر هيرجع لك، فوقى يا سميرة، عمر خلاص اتجوز وخلف وانتى خلفتى ورجوعكوا لبعض بقى مستحيل.
سميرة: يا رب أخرجه من قلبى، مش عايزة أكون ست خاينة، عبد الرحمن ما يستاهلش منى كدة.
وفى اليوم التالى
جلست عزة على المائدة لتناول الأفطار بجوارها لوجى وإيمى في زى المدرسة النظيف، لاحظت عزة شرود عمر وصمته.
عزة: مالك يا عمر؟
عمر: ما فيش.
عزة: في حاجة مضايقاك؟
عمر: في إيه يا عزة؟ أنتى كرهتينى في القعدة معاكى، كل ما تشوفينى تقولى مالك؟ أنتى شايفانى بأشد في شعرى؟
عزة: خلاص أنا آسفة.
عمر: ياريت تطلعينى من دماغك، وتخفى عليا شوية أنا زهقت.
توقفت عزة عن تناول الطعام وقامت مسرعة أخذت بنتيها وانصرفت.
عزة: إحنا ماشين.
عمر: مع السلامة.
عزة: عايز حاجة؟
عمر بفتور: شكرا.
خرجت عزة كسيرة النفس، دامعة العينين، جاهدت كثيرا طوال رحلة نزولها من الدور الخامس حتى الشارع لإخفاء دموعها، لكنها تدفقت كالسيل رغما عنها فمسحتها، فسالت من جديد فعادوت مسحها أكثر من مرة، حتى أصبحت عيونها كالجرح المفتوح ينزف بلا توقف.
تنبهت عزة أنها أصبحت في الدور الأول، وأنها على وشك الخروج للشارع، فتوقفت قليلا ومسحت دموعها للمرة الأخيرة، وتماسكت وأكملت سيرها.
وقف عبد الرحمن يسوى ملابس ابنه المدرسية والتي يبدو أنها غير نظيفة ومكرمشة، في حين وقفت سميرة تسوى شعر ابنتها حبيبة دون أن تغسله فظلت الصغيرة تصرخ وتتفزز.
عبد الرحمن: كنتى غسلتي لها شعرها يا سميرة.
سميرة: أنت شايف في وقت؟
عبد الرحمن: لبس عبد الله مكرمش كدة ليه؟
سميرة: عشان بيرميه أما يرجع ما بيعلقهوش زى أخته.
عبد الله: أنا مش بأطول الشماعة.
سميرة: ابقى أديه لأختك تعلقه.
عبد الرحمن: خلصى يا سميرة العيال هتتأخر على المدرسة، الطابور زمانه بدأ.
سميرة: ما أعرفش إيه لزمة اللى باعمله ده؟ ما هي كدة كدة هاتلبس طرحة.
عبد الرحمن: لازم يبقى شعرها مساوى، افرضى عيلة قلعتها الطرحة.
انتهت سميرة من تمشيط شعر ابنتها، ارتدت ملابسها على عجالة ووقفت أمام المرآة تلف حجابها، نظر عبد الرحمن على فستانها وقال: أنا مش قلت ما تلبسيش الفستان ده بقى ضيق؟
سميرة بضيق: يووه! ما تلبسيش ده وما تلبسيش ده، أمال ألبس إيه؟
عبد الرحمن: فين العبايات اللى جايبهالك؟
سميرة: أنا رايحة شغل مش رايحة سوق.
عبد الرحمن: في ستات كتير بتروح الشغل بالعباية.
سميرة: أنا بقى ما بأعرفش أعمل كدة.
عبد الرحمن: طب غيرى الفستان ده عشان مش هتخرجى بيه.
قامت سميرة بتغيير الفستان وهي متذمرة، وقبل أن تنصرف نظر إليها عبد الرحمن وقال: ياريت تقربى الحجاب على شعرك، قلت لك مية مرة، عيب أنتى مش صغيرة عشان تعملى كدة.
سميرة: الطرحة اللى بتتحرك عشان شعرى ناعم.
عبد الرحمن: قلتى الكلام ده قبل كدة وقلت لك جيبى طرح قطن، مش كفاية إنك رافضة تلبسى الخمار، مش هاستنى لما حد غريب يعيب على لبسك ويجيب اللوم عليا.
سميرة: خلاص يا عبد الرحمن هأتأخر، أنا ماشية بقى، يا دوب كدة.
عبد الرحمن: استنى امشى معانا.
سميرة: لا، أنت على ما تنزل وتطلع الموتسيكل أكون اتأخرت.
عبد الرحمن: خلاص مع السلامة.
وقبل أن تخرج سميرة من المنزل اخرجت مرآة من حقيبتها وظلت تؤخر في حجابها حتى برزت خصلات شعرها الناعم من أسفله، كما قامت بوضع بعض مساحيق التجميل بشكل بسيط، لكن فوجئت بدخول…
التعليقات