رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل السادس عشر
استطاعت عزة في فترة بسيطة أن تكسب ثقة كل من ذاق منتجاتها، الكل أثنى على جودتها ونظافتها وطعمها، كانت عزة لا تستخدم إلا الزبدة البلدى، وتقوم بعمل العجوة بنفسها، لضمان نظافتها، وتتفنن في خروج مخبوزاتها وفطائرها بأحلى شكل وأشهى طعم، كان لا يمر يوم عليها بدون طلبيات لزبائن جديدة، حتى أنها كانت أحيانا تظل مستيقظة طوال الليل، لتستطيع إعداد كل الطلبيات المطلوبة منها، ظل أمرها سرا فترة، ساعدها على ذلك خروج عمر مبكرا واعتياده على رائحة المخبوزات، ورغم هذا كان أحيانا يعلق.
عمر: هو انتى ما بتزهقيش كل يوم تشغلى الفرن؟
عزة: بأعمل حاجة للبنات يفطروا.
عمر: كل يوم يا عزة؟
عزة: البنات بيحبوا ياكلوها سخنة، وبعدين أنا مش بأعمل كل يوم، أنا يادوب بأسخن بس.
عمر: طب هاتى شوية كحك وقراقيش أفطر بيهم انا وزمايلى.
عزة: من عنيا.
اعدت سميرة الطعام الذي سبق وأن جهزه عبد الرحمن، كان كالعادة بلا طعم، جلس الجميع يتناولون العشاء.
أم عبد الرحمن: أنا هأقوم أكل جبنة وأنام.
عبد الرحمن: في إيه يا أمي؟ الأكل مش عاجبك؟
أم عبد الرحمن: أنت مش حاسس بطعم الأكل؟
سميرة: هو أنا كل ما أعمل حاجة ما تعجبكيش، لازم تنكدي علينا كل يوم.
أم عبد الرحمن: لا أنكد عليكي ولا تنكدي عليا.
عبد الله: الأكل وحش قوي يا ماما أنا جاي أكل عندك جبنة يا تيتة.
سميرة بإنفعال: اخرس يا ولد.
أم عبد الرحمن: يا خسارة الفلوس اللي بتندفع كل يوم في أكل بيترمي أكتر من نصه، بنتك بقت طولك ومش عارفة تعملي شوية أكل؟
انصرفت أم عبد الرحمن، تبعها عبد الله ثم حييبة، وبقي عبد الرحمن وسميرة.
عبد الرحمن: الأكل وحش قوي صحيح يا سميرة، أنا بأكل مضطر عشان ما أحرجكيش قدام أمي.
سميرة: أعمل لكوا إيه؟ أنا طول النهار تعبانة في الشغل ولازم كل يوم أفضل واقفة على رجلي عشان أعمل لكوا أكل من غير حتى ما اريح، فيها إيه لو جيبنا أكل جاهز؟ على الأقل في اليوم اللي مطبقة فيه.
عبد الرحمن: بس انتي أكتر الأيام مطبقة وكدة مش هنلاحق.
سميرة: مش أحسن ما أعمل أكل وأنا تعبانة ويترمي، أهو الوقت اللي أقفه في المطبخ أوفره، وما أبقاش تعبانة أقدر أقعد معاك شوية وأنا رايقة.
تلميح ذكي من سميرة، ووعد بالبقاء معه لو خفف عنها عبء إعداد الطعام، تعطيه حق من حقوقه مقايل إسقاط واجب من واجباتها، أما الهدف الأكبر هو إنفاق كل ما معه أولا بتول لغرض ما في نفسها.
أول مبلغ جمعته عزة من عملها كان من نصيب شقيقتها، ذهبت لزيارتها، الزيارة هذه المرة كانت مختلفة.
عزة: جبت لك عسل وجبنه قريش والقشطة اللى أولادك طلبوها، ومليت لك الثلاجه فاكهة وخضار، وحطيت اللحمة والسمك في الفريزير، كله متنضف ومتبل وجاهز على التسوية، وجبت لك رز و مكرونة وشوية خزين في المطبخ.
عزيزة: إيه ده كله؟ إيه ده كله؟
عزة: ربنا رزقني من وسع، وإن شاء الله مش هاخليكى عايزة حاجة.
عزيزة: ربنا يخليكى ليا يا حبيبتي، انتى وقعتى على كنز والا إيه؟
عزة: لا أشتغلت شغلة ماما الله يرحمها.
عزيزة: إيه بتخبزى؟
عزة: لا، بأعمل فطير وقراقيش وكحك وحاجات لزميالي في الشغل.
عزيزة: والله برافو عليكى، يا ريتنى أنا بصحتي وأنا كنت أشتغل معاكى.
عزة: انتى بس خلي بالك من نفسك وما لكيش دعوه، أنا مش هخليكى عايزة حاجة.
عزيزة: ربنا يخليكى ليا يا حبيبتى.
عزة: امسكى خلى الفلوس دى معاكى، واديينى اسم الدكتور اللى عايزة تتابعى معاه، عشان أحجز لك، واسم الصيدلية اللى بتاخدى علاج منها، عشان أسد الحساب.
عزيزة: كدة كتير يا عزة.
عزة: ما فيش حاجة تكتر عليكى.
عزيزة: ربنا يوسع رزقك ويسترك ويكفيكى شر المرض.
عزة: ويشفيكى يا حبيبتى.
عزيزة: هي الرؤية بانت؟
عزة: لسة يا حبيبتى، بس مليون في المية رمضان بكرة إن شاء الله، كل سنة وانتى طيبة.
عزيزة: وانتى طيبة يا حبيبتى، تعودى له بخير يارب.
عزة: أنا وانتى وأمة محمد، أنا ماشية عايزة حاجة؟
عزيزة: مع ألف سلامة.
التعليقات