التخطي إلى المحتوى

 رواية غرام المغرور الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم نسمه مالك كامله 


رواية غرام المغرور الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم نسمه مالك كامله 

رواية غرام المغرور الجزء السادس عشر 

مفاجأة!!.. 

“فارس”.. يجلس داخل سيارته الواقفه على جانب الطريق..كان بطريقة لإحضار الصغيرة، ولكنه تذكر حديث ساحرته، واتفاقه معها، وإصرارها على جعل زواجهما بالسر حتي يتم والد ابنتها عام على وفاته.. 

لا يجب أن يذهب بنفسه ويحضر الصغيرة من عمها..إن فعل هذا سيأكد ظنون بعض أشباه البشر عن سمعة حبيبته.. 

أطلق زفرة نزقة، وهو يمسح على خصلات شعره الكثيفه مدمدماً بذهول من نفسه.. 

“من امتي وانت بتخاف أوي كده على حد يا فارس.. ولا من أمتي وانت بتعمل للناس حساب أصلًا.. 

ابتسم بشرود ،وانتفض قلبه انتفاضه لذيذه حين تذكر حضن تلك الساحرة الذي جعله يذوب عشقاً.. 

هي وحدها امتلكت قلبه وكيانه، ووجدانه.. لا قبلها ولن يأتي بعدها.. 

سيفعل لأجلها كل شئ.. لأجلها فقط حتي يري نور الشمس التي تشرق عندما تبتسم له.. 

ظل يفكر كثيراً كيف يجلب الفتاه دون أن تمس بسوء.. اتسعت ابتسامته وأخرج هاتفه من جيب سرواله بلهفه مردداً بعتاب لنفسه.. 

“إزاي بس توهت عن بالي يا صاحبي”.. 

طلب إحدي الأرقام وأنتظر قليلاً حتي أتاه الرد..

“صاحبي الغالي اللي واحشني”.. 

كان هذا صوت المقدم “غفران المصري”.. 

“فارس”بستفزاز مقصود.. “عارف إني واحشتك عشان كده كلمتك يا أبو مالك”.. 

حرك “غفران” رأسه بيأس من غرور صديقه الذي لن يتخلى عنه بحياته، وتحدث بغضب مصطنع قائلاً.. 

“يا أخي *** لغرورك”.. 

ضحك “فارس” حتي ادمعت عينيه مغمغماً.. 

“طيب متزعلش، وقولي أنت فين عايزك معايا في مشوار ضروري”.. 

” غفران”.. بقلق..” خير.. انت كويس؟! “.. 

إجابه “فارس “بتنهيده حزينه.. “كويس الحمد لله متقلقش.. بس لو فاضي عايزك تيجي معايا.. في حوار بسيط كده وعايزك نخلصه سوا”.. 

” غفران”..”هتجيلي ولا اجيلك أنا؟”.. 

ظهرت الفرحة على محيا” فارس” فصديقه الشهم لن يخذله أبداً.. 

” فارس”.. ” انا عايزك تيجي بالبوكس ومعاك القوة بتاعك يا غفران.. لو ينفع”..

“غفران”..” اممم كده في حوار.. تعالي على البيت عندي، وأنا هكلم القسم يبعتولي البوكس على ما توصل”..

“فارس “.. “تمام..أنا جيلك حالاً”.. 

أغلق هاتفه، وطلب رقم اخر..ليجيبه “تامر” في الحال مردفاً.. 

“أيوه يا فارس باشا.. أنت فين دلوقتي؟!”.. 

” فارس “.. بتعقل.. 

” اسمعني يا تامر.. انا هاجي دلوقتي بعربية بوكس، ومعايا قوة وهاخدك انت ومراتك مع البنت.. مش عايزك تقلق من أي حاجه.. انا كلمتلك دار أيتام وخلصت كل الورق اللي خته منك، وجبتلك جواب مشاهدة تقدر انت ومراتك تختار الطفل اللي عايزينه انهارده”.. 

” تامر”.. بمتنان.. “مش عارف أشكرك إزاي يا فارس باشا”.. 

” فارس”..” مافيش داعي للشكر.. انا مديونلك بكتير، وأولهم حق أخوك واوعدك إني هرجعهولك في أقرب وقت”.. 

” تامر”.. برتياح..” تسلم وتعيش يا باشا ، والله ينور عليك الصراحة في فكرة انك تيجي بالبوليس كده هيبقي أحسن.. علشان الحته عندنا هنا ميعرفوش ان سيادتك كتبت على ام إسراء، كانوا هيسالوني انت جاي تاخد بنت أخويا مني بصفتك أيه،وحتي لو قولنا إنك جوزها الكلام هيكتر أكتر وهيجيب غلط.. فأنت كده صح، وكأنها خدت بنتها بالقانون، وهي كده كده حاضنه”.. 

” فارس “.. ” بس في أقرب وقت الكل هيعرف أنها بقت مراتي،وسواء دلوقتي او بعد كده أنا مش هسمح بأي غلط يتقال في حق مرات فارس الدمنهوري”.. 

بينما “غفران” أغلق هاتفه، وظل واقفاً مكانه لبرهه.. يحاول يتحكم في ضحكاته على شقاوة زوجته التي تزيد يوماً بعد يوم.. 

فقد أحضرت مقعد ووضعته خلفه، ووقفت عليه حتي تتمكن من وضع أذنها على الهاتف معه.. 

” عرفتي بقي انه صاحبي مش مكالمة من الشغل”.. 

قالها بغضب مصطنع، واستدار لها بعدما رسم الجديه والصارمه على ملامحه.. 

عبست “عهد” بملامحها، ونظرت له وهي تمد شفتيها بغضب طفولي مردده.. 

“نفسي تقضي معايا أنا وولادك أجازة زي كل البابيهات يا ظبوطي ايه غلطت أنا، ولا كل حاجه عندك شغل وبس وانا وولادك ركنتنا على الرفات وبقي علينا تربات”.. 

لهنا ولم يستطيع كتم ضحكاته أكثر.. فنفجر بالضحك، وجذبها داخل صدره ضمها بقوة مردداً بصوته المزلزل لكيانها.. 

” انتي عارفه أنكم أهم حاجة في حياتي كلها يا عهوده، وغيابي عنكم دا غصب عني يا حبيبتي”.. 

قبل جبهتها مكملاً بعشق.. 

“يا فرحة قلب غفران”.. 

نظر لعينيها نظرة تعلمها هي جيداً، وغمز لها بإحدى عينيه، وحرك لسانه على وجنتيه بإيحاء جعلها ضحكت بستحياء وهي تقول.. 

“تصدق غفران الوزير المتحرش واحشني أوي”.. 

ذاد من ضمها داخل صدره، ومال على أذنها، وهمس بشتياق.. 

“انتى اللي واحشتيني أكتر”.. 

لثم عنقها ببطء وتابع برجاء.. 

“بس خليني أروح لصاحبي أقضي معاه مشوار مهم وارجعلك على طول”.. 

دفنت نفسها بين اضلعه تستنشق رائحته بهيام، وتمسكت به بكل قوتها مردفه.. 

” لو اتأخرت هكدرك يا حضرة المقدم”.. 

………………………… 

“إسراء”.. 

تسير حول نفسها ذهاباً واياباً.. يتأكل القلق قلبها.. تفرك يدها بتوتر مردفه.. 

” هو اتأخر أوي ليه كده بس؟!”..

“أنا رنيت عليه أكتر من مره لقيته أنتظار، وبعد كده كنسل عليا.. اطمني متقلقيش يا حبيبتي.. خير إن شاء الله”.. 

قالتها “خديجه” الجالسة بجوار” إلهام”.. بصوتها الناعم الرقيق.. 

“إسراء”.. ببوادر بكاء.. “مش هطمن إلا لما اخد بنتي في حضني”.. 

” إلهام “.. بحب شديد..” ربنا يطمن قلبك يا ضنايا”.. أشارت لها على الفراش جوارها مكمله بحنو.. 

” تعالي اقعدي يابنتي بدل ما أنتي رايحة جاية كده، واستهدي بالله وهتلاقيه داخل دلوقتي وشايل إسراء على إيده، وهتخديها في حضنك لحد ما تشبعي منها”.. 

وقفت” إسراء” بجوار نافذه تطل على الطريق.. تنتظر ظهور سيارة مغرورها، وبدأت عبراتها تهبط على وجنتيها حين همست لنفسها.. 

“نفسي.. هتجنن واضمها في حضني”.. 

……………………… 

.. الصديقان.. 

” فارس ،غفران”.. 

بعد السلام الحار.. ارتجل”فارس” السيارة برفقة “غفران” الذي يقود بنفسه، وخلفهما تسير سيارات الحراسه الخاصة بهما، ويتحدث بذهول مردفاً.. 

“اتجوزت؟!.. فارس الدمنهوري اللي مافيش ست تملي عينه ويوم ما خطب خد بنت رئيس الوزراء بعد ما أبوها هو اللي طلب إيدك كمان،وفي الاخر تروح تتجوز عليها؟!”.. 

” فارس”.. بتنهيده عاشقه.. ” وانت مين قالك ان” إسراء” ملت عيني بس يا غفران؟!”.. 

أخذ نفس عميق، وزفره على مهل.. 

” دي ملت قلبي ونورت حياتي، وطلعت من جوايا واحد تاني انا نفسي ماكنتش أعرف أنه موجود”.. 

أبتسم” غفران” وهو يري حاله يشبهه مع عشق قلبه “عهد”.. 

“عايش أنا في اللي بتحكي عنه دا بفضل ربنا اللي رزقني بأم زين”..

ربت على كتفه برفق مكملاً.. 

“ربنا يسعدك يا صاحبي”.. 

مرت وقت قليل حتي وصلو لمنزل” تامر”.. 

استمعت” إيمان” لصوت وقوف السيارات أمام منزلها.. فضمت الصغيرة لحضنها، وبكت بنحيب، وهي تقبلها بحب شديد مردده بصعوبة.. 

” هتوحشيني يا حبيبتي أوي”.. 

اقترب منها” تامر” وضمها لصدره مغمغماً بعتاب.. 

” ليه يا إيمان دموعك دي كلها.. هتزعليني منك،وهلغي المفاجأه اللي عاملهالك”.. 

نظرت له بأعين تملئها العبرات، وهمست بلهفه قائله.. 

“مفاجأة أيه يا تامر”..

“لو قولتلك مش هتبقي مفاجأة”.. 

قالها” تامر” وهو يزيل عبراتها بأنامله بحنان بالغ، وهب واقفاً حين استمع لطرقات على باب شقته.. 

” يله اغسلي وشك”.. 

حركت رأسها بالايجاب، وحملت الصغيرة معها، وسارت نحو الحمام.. 

بينما فتح “تامر” باب المنزل..ليتفاجئ بوقوف” فارس، وغفران ” وخلفهما الكثير من الحرس، والعساكر.. فابتسم لهما، وتحدث بترحاب، وهو يبتعد عن الباب ليفسح لهما المجال.. 

“يامرحب يا بشوات.. اتفضلوا”.. 

“فارس”.. “انت عارف احنا لازم نتحرك على طول يا تامر؟!”..

صمت عن الحديث فجأه حين خرجت “الصغيرة” تركض وهي تضحك بصوتها الطفولي العذب الذي يخطف القلب.. 

ظهرت على ملامحه الذهول، والدهشه حين تمعن النظر لها جيداً.. أول مرة يراها عن قرب.. رغم أن الكثير من صوارها معه منذ كانت بعمر الخمسة أشهر.. 

نسخة هي مصغرة من ساحرته.. تمتلك ملامحها، عينيها، شعرها،وحتي ضحكتها التي تسلب أنفاسه.. 

اقترب منها وهو فاتح ذراعيه لها مرددا بابتسامة..

“تعالي يا إسراء”.. 

نظرت له الصغيرة لبرهه، ومن ثم ابتسمت له، وركضت لداخل حضنه بعدما استشعرت حبه لها..فالأطفال كائنات مرهفة المشاعر.. تشعر بحب االأشخاص لها.. 

استقبالها هو بترحاب شديد وحملها عن الأرض وقد زرع حبها بقلبه.. حب أبوي لم يشعر به من قبل.. 

………………………. 

.. بمكان اخر.. 

“عماد”.. “يا ساعدة البيه بلغ الباشا الكبير ان فارس باشا جاي مع الحكومة، وهياخد البنت الصغيرة”.. 

إجابة الطرف الأخر.. “خليك معايا”.. 

اخرج هاتف أخر وأرسل رسالة نصية باللغه الفرنسيه.. 

“مارفيل إبنك سيأخذ الصغيرة”.. 

إجابته برسالة.. 

“دعه يأخذ الصغيرة.. فقد مر وقت كبير على وجود تلك الفتاه برفقة ابني، ولم يحدث شئ.. إذا كانت أخبرت فارس بمعلومة واحدة عننا.. كنا في عداد الأموات الآن.. لكنها يبدو أن زوجها لم يحكي لها عننا اي شئ، وأنا سأتي عن قريب لاراها، واتأكد بنفسي”..

……………………………. 

.. بالقصر.. 

ساد الصمت أرجاء المكان.. نظرت

” إلهام” ل” خديجه”، وقد أجبرها فضولها ان تسألها عن” فارس” الذي أصبح زوج ابنتها، وهي لم تعلم حتي كم يبلغ عمره.. 

تنحنحت بحرج وتحدثت مستفسره.. 

“إلا عدم لامؤاخذه يا ست خديجه يا أختي.. فارس بيه عنده كام سنه؟!”..

ابتسمت لها “خديجه” وهي تجيبها.. 

“33 سنه”.. 

انتبهت “إسراء” لحديثهما، ولكنها لم تبدي اي إهتمام، وظلت واقفه بمكانها، ولكن اذنها أصبحت بينهما.. 

رفعت “إلهام” يدها وبدأت تعد على أصابعها حتي انتهت،وهمست محدثه نفسها.. 

“يعني اكبر من بنتي ب 11سنه”.. 

تابعت “إلهام” اسألتها قائله.. 

“ومعاه شهادة ايه؟!”.. 

“خديجه”.. “فارس خريج إدارة أعمال من الجامعة الأمريكيه”.. 

“إلهام”.. “ما شاء الله عليه ربنا يحرسه” ..

ظهرت الشفقه على وجهها، وتابعت قائله؟!”.. 

” قولتي انك اللي مربياه.. هو والده ووالدته متوفين وهو صغير؟!”.. 

تنهدت” خديجه” بحزن، وتحدثت بأسف قائله.. 

” لا عايشين.. بس تقدري تقولي فارس يتيم برضوا، وماشفش أمه وأبوه من يوم ما اتولد تقريباً”.. 

جملتها جعلت قلب” إسراء” ينتفض بألم لأجله لا تعلم سببه.. بينما شهقت” إلهام” وتحدثت بتأثر قائله.. 

” يا ضنايا يا ابني يتيم في وجود أهله.. دا كده أصعب من لو كانوا ميتين.. تلقيه مقهور من جواه ومش مبين لحد؟!”.. 

شهقت بفزع مره أخرى حين صرخت” إسراء” بأسم ابنتها.. وهرولت لخارج الغرفة راكضة.. 

“إلهام”.. تحدثت وهي تضع يدها على قلبها.. “البت فزعتني”.. نظرت ل”خديجه” بستغراب مكمله..” انتي متفزعتيش زيي ليه؟”.. 

” خديجه”..” علشان سمعت صوت عربية فارس وعرفت انه جه”.. 

“إلهام”.. “اممم.. طيب احكيلي عن اسم النبي حارسه فارس بيه اللي بقي جوز بنتي في يوم وليله”.. 

“إسرااااااء”..

صرخت بها بفرحة غامرة، وهي تركض مسرعة نحو “فارس” الذي يحمل الصغيرة النائمة على يده..

ليهرول هو أيضاً نحوها، وبلحظه كان لف يده حول خصرها وحملها بيده الأخرى حتي أصبحت مقابل صغيرتها..

لجمتها الصدمة للحظات لم تفق منها إلا عندما شعرت بشفتيه تطبع قبلة عميقة على وجنتيها، وتحدث بغرور أخرجها عن شعورها وجعلها تظهر قمة غضبها لتخفي به ضحكاتها،حين قال..

“ياااه لدرجاتي وحشتك جاية تجري عليا بالشكل دا وتترمي في حضني ؟!”..

غمز لها بشقاوه، وتابع بثقه..

“حضني حلو وعجبك انا عارف”..

رفعت “إسراء” يدها للسماء ودعت من صميم قلبها مردده.. 

“ياارب ربع ثقته في نفسه يااارب”.. 

نظرت له بشرار، وبعدت يده عنها ببعض العنف، ولكنه لم يتركها.. بل بدأ يسير بهما نحو الدرج، وتحدث بهدوء قائلاً.. 

“عاملكم مفاجأة هتعجبكم أوي، هتخليكي تبوسيني عليها”.. 

عضت “إسراء” على شفتيها حتي ادمتها، وأخذت نفس عميق، وتحدثت بنفاذ صبر قائله.. 

” بما ان بنتي رجعتلي.. فا احنا لازم نتكلم بالعقل يا فارس باشا”.. 

“فارس”.. بابتسامة متراقصه.. “وماله يا بيبي.. اتكلمي انتي بالعقل”.. 

تنقل بنظرة لشفتيها، وتابع بخبث.. 

” وانا هتكلم بشفايفي”.. 

انتهي البارت..

رواية غرام المغرور الفصل السابع عشر 

تتوالي المفاجأت!!..

داخل غرفة واسعة مرتبه بدقة عاليه.. غرفة تشبه غرف الأميرات بل الملكات.. 

الوانها من الروز بمختلف درجاته.. بها كافة شئ.. خزينه ملابس مملوءه بأفخم الثياب.. ألعاب كثيرة جداً بكل ركن بالغرفة بمختلف أنواعها.. أكثرها من عرائس الباربي الشهيرة.. 

بها حائط كامل به الكثير من الصور الفوتوغرافيه ل “إسراء” وابنتها بأوضاع مختلفه منذ كانت الصغيرة بشهرها الخامس، وهي الآن أكملت ثمانية عشر شهر.. 

على فراش مخصص للأطفال بحواجز جانبيه مرتب بعناية فائقه.. تجلس عليه “إسراء” المحتضنه ابنتها بقوة بعدما تركها “فارس” من حضنه بصعوبه بالغة..تضم صغيرتها.. تستنشق رائحتها.. تقبل كافة وجهها وكلتا يدها، وحتي قدميها بلهفه مردده ببكاء..

“ياروح قلب أمك واحشتيني أوي”.. 

بمنتصف الغرفة يقف “فارس” يتابعها بابتسامة وملامح منذهله.. 

فهي لم تبدي اي اهتمام للغرفة المجهزة حولها بمزانية باهظة الثمن.. 

هي من الأساس لم تبدي اي اهتمام للقصر بأكمله.. حتى ما احضره لها من ثياب ومجوهرات من الماس والذهب الخالص، وجعل خديجة تضعهم بالغرفة الخاصه بها هي ووالدتها بعدما اخبرتها أنهم لأجلها.. لم تكلف نفسها حتي لرؤيتهم.. 

اكتفت بنتقاء فستانين بغاية الرقة كلهما من اللون الأسود وحجاب من نفس اللون.. لم تلقي نظرة عبرة حتى على ما جلبه لها من عطور وأدوات من الميك اب ذات الماركات العالمية.. فهو يتابعها بكل لحظه عبر الكاميرا الموضوعة داخل غرفتها.. 

تحولت نظرته المنذهله إلى أخرى منبهرة بها.. اتسعت ابتسامتة حين تأكد أن الله قد أحسن له الأختيار و أنها ستكون له الزوجة الصالحة التي يحلم بها دوماً..

تأملها بأعين تفيض عشق يشعر به لأول مرة محدثاً نفسه قائلاً..

“أنا مغلطتش لما قولت عليكي ساحرتي.. بتسحريني بأخلاقك يا إسراء”.. 

لم يكن الغني يوماً غني المال.. الغني الحقيقي غني النفس بالأخلاق،

هذا ما كان يبحث عنه بطلنا دوماً بمن يريدها أن تكون شريكة حياته..

 حتي عثر على”إسراء” الأنثى الوحيدة التي سرقت اللُب من عقله،

أستطاعت بمهارة الرقص على إيقاع نبض قلبه حتى أصبحت وحدها غرام المغرور ” ..

انبلجت ابتسامة ماكرة على محياه الوسيمة، وسار نحوهما وهو يخلع قميصه الأبيض ويلقيه بأهمال على أقرب مقعد، وظل بكنزة سوداء تظهر ذراعيه القويتين أثر ممارستة المستمرة لألعاب القوة.. 

جلس خلف” إسراء” على الفراش، ولف يده حول خصرها ضمها لصدره.. دافناً وجهه بشعرها الكستنائي الحريري المنسدل على ظهرها بهيام مدمدماً.. 

“اممم.. ريحتك تجنن”.. 

جرائته الشديدة معها تجعلها تفقد النطق والحركة للحظات تكن كافيه بالنسبه له بأن يحكم حصاره حولها.. 

تخشبت بين يديه جاحظه العينين هيئتها راقت الصغيرة التي تتابعهما ببرائه وتضحك بقوة على نظرة والدتها ظناً منها انها تلاعبها.. 

“قولتي عايزة تتكلمي.. اتكلمي.. انا سامعك”.. 

همس بها داخل أذنها من بين قبلاته المتفرقة على كتفها صعوداً بعنقها حتي وصل لوجنتيها.. 

لفحت أنفاسه الساخنه بشرتها المتوهجه أثر خجلها، وغضبها الشديد.. بدأ صدرها يعلو ويهبط، وتتنفس بصوت مسموع، واستدارت برأسها قليلاً نظرت له نظرة حارقة مردفة بأمر من أسفل أسنانها.. 

“اتأدب و أبعد أيدك عني”.. 

“تؤ.. أنا مرتاح كده، وأوي كمان”.. 

داعب أنفها بأنفه مكملاً.. 

“وأنتي كمان أنا عارف انك مرتاحة جوة حضني بس مكسوفة شويه، وانا بموت في كسوفك دا”.. 

“الصبر من عندك يارب”.. 

قالتها “إسراء” بنفاذ صبر، وهي تتحرك بعصبية بين يديه حتي نجحت بالفرار منه..وحملت صغيرتها ووقفت على مسافة منه، وتحدثت بأنفاس متلاحقة قائله.. 

“اسمعني كويس يا فارس بيه.. أنا مش قادره اتحمل قلة أدبك دي كلها”..

ابتعدت بعينيها عن عينيه التي ترمقها بنظرات عاشقه تزيد من توترها وخجلها، وتابعت بصوت مرتجف جعله يبتسم بثقه حين تأكد أن قربه منها أصبح يؤثر عليها حتي لو قليلاً.. 

“لو هتفضل تعمل حركاتك الوقحة دي وتفكرني من البنات اللي هتترمي في حضنك ؟!”.. 

قطعت حديثها حين لمحت صورها هي، وابنتها تملئ إحدي الجدران.. 

اقتربت من الحائط وتنقلت بين الصور بأعين متسعة على أخرها مردفة بذهول.. 

“ايه الصور دي كلها؟!”.. 

نظرت له وتابعت مستفسره.. 

” أنت جبت كل صوري دي منين؟!”.. 

هب “فارس” واقفاً، وسار نحوها وتحدث بصوته الهادئ قائلاً.. 

“انا أعرفك من سنة وشهر يا إسراء”..

عقدت حاجبيها بعدم فهم، ونظرت له تحثه على استكمال حديثه.. ليأخذ هو نفس عميق مكملاً.. 

” جالي معلومات ان رامي عايز يوصلي بأي طريقة، وقتها قولت انه أكيد واحد تبع أعدائي اللي عايزين يوصلولي، وكلفت رجالتي تراقبه في كل خطوة، ولما رقبوه جابولي كل حاجة عنه،وفي مرة سمعت  كلامه معاكي في التليفون.. كان بيمدح في أخلاقك، وأنك رافضتي فلوس كتير هيكسبها بالحرام، وموافقة على القليل بس يبقي بالحلال”.. 

اقترب منها أكثر حتي أصبح أمامها مباشرةً، ونظر لعينيها بأعين تفيض عشق.. 

” ساعتها اتمنيت واحدة زيك في حياتي.. واحده بأخلاقك يا إسراء، وقولت هفضي نفسي وأبقى اشوفه عايز أيه بس للأسف بعدها بأقل من أسبوع تقريباً سألت عليه قالولي انه قدم استقالته”..

“إسراء”.. بابتسامة ساخرة.. 

“قصدك اترفد”..

حرك “فارس” رأسه بأسف مردفاً.. 

“قالولي في الأول انه استقال للأسف، عرفت بعد كده انه اترفد،وفضلت متابعكم طول الوقت”.. 

انهمرت دموع” إسراء” على وجنتيها بغزارة، وتحدثت بعدم تصديق قائله.. 

“يعني شوفته وهو بيتظلم، وبيطرد من شركتك، وعملوا عليه رباطيه وخلو كل الشركات ترفض تشغله، وقعد من الشغل في البيت أكتر من 3شهور كان كل يوم بيروح يقف قدام شركتك علشان يوصلك، ويرجع مكسور الخاطر لحد ما مات بحسرته، وكل دا وانت متابعنا وشايف اللي بيحصله؟!”.. 

مسح على شعره بعنف حين راي نظرتها له عادت للأحتقار مرة أخري.. حديثها جعله يشعر بالخزي من تصرفاته، وغروره الشديد.. 

كان يتابع ما يحدث لزوجها بصمت رغم أنه كان بستطاعته وقف هذه المهزلة في الحال..

ابتلع غصه مريره بحلقه، وتحدث بصوت يملؤه الأسي.. 

“انا تقريباً كل اللي حواليه بيخونني يا إسراء..كنت محتاج وقت كافي علشان اتأكد ان رامي مش زيهم.. ماكنتش مصدق ان لسه في حد شريف لدرجة دي، ودا خلاني أحطك تحت اختبار بعد موت جوزك علشان أقدر أدخلك حياتي واسلمك قلبي وأنا مطمن”.. 

“اختبار؟!”.. 

همست بها بصوت بالكاد يسمع،وهي تضع أبنتها ارضاً بعدما شعرت بارتجاف جسدها بقوة،وعدم قدرتها على حملها..ركضت الصغيرة نحو العابها وظلت تلهو بهم بفرحة غامرة.. 

بينما” إسراء” أصبحت بحاله يرثي لها.. حديثه كان كالصاعقه.. أيعقل كل ما مرت به من فقر، ومرض وجوع كان هو السبب به؟!.. 

” انت عايز تفهمني إنك كنت ورا كل العذاب والزل اللي مريت بيه بعد موت رامي؟!”.. 

قالتها بصراخ مقهور وقد تلون وجهها بحمرة قاتمه.. 

“هعوضك.. اقسملك بالله هعوضك عن كل لحظة تعب وحزن شوفتيها في حياتك”..

أردف بها “فارس” بلهفه وهو يقطع المسافة بينهما، ويجذبها لداخل حضنه بالإجبار.. 

تلكمه هي على صدره بقوة بكلتا يدها، وقد اجهشت بالبكاء بنحيب مردده.. 

“قطعت عليا اي مصدر رزق اكل منه عيش لحد ما جتلك أنا برجلي.. لدرجاتي غرورك عماك.. أنت اييييه يا أخي.. مصنوع من اييييه علشان تمرمطني انا وبنتي وأمي المرمطة دي كلها.. دا أنا كنت بدأت اشحت اللقمة علشان أكلهم”.. 

حاولت الابتعاد عنه بشتي الطرق لكن دون جدوى.. محكم سيطرته عليها، وبلحظه كان سار بها فجأة بخطوات شبه راكضه، وحصرها بينه وبين الحائط خلفها مقيد كلتا يدها بيد واحده فوق رأسها،وتحدث بنبرة راجية وهو يزيل عبراتها بيده الأخري قائلاً.. 

” أهدي واسمعيني الأول واعرفي انا عملت كده ليه”.. 

قطعته بصراخ.. 

“مش عايزة اسمع منك حاجة، وهاخد امي وبنتي وأمشي.. مش هفضل لحظة واحدة هنا مع واحد زيك معدوم الضمير والرحمة”.. 

صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها وتابعت بابتسامة مصطنعه وعبراتها تهبط على وجنتيها.. 

“انا كنت ناوية اقولك انهارده على اسم الراجل اللي عايز يقتلك، وورا كل اللي بيحصلك..بس بعد اللي عاملته معايا دا مش هقولك، وابعد عني مش طايقه لمستك ولا عايزه اشوف وشك تاني”.. 

تظن هي ان الأسم الذي قاله لها زوجها اسم رجل.. حاول “فارس” التحكم بوتيرة غضبه،ولكن ملامحه التي تحولت لأخري مخيفه عكست لها أنه على وشك الأنفجار.. 

“متقوليش يا إسراء.. أنا مسألتكيش عن أسمه، ولا هسألك.. أنا هعرف إزاي اجيبه وأصفي كل حسابي معاه”..

نظر لعينيها نظرة محذرة، وتابع بنبرة لا تقبل النقاش.. 

“لكن خروجك من القصر بقي مستحيل..انتي بقيتي مراتي،وهتفضلي مراتي”..

نطرت لعينيه بتحدي، واردفت بقوة أذهلته.. “نجوم السما اقربلك مني، ولو فكرت تلمسني غصب عني، والله لقتلك بنفسي”.. 

تراقصت أبتسامة خبيثة على محياه، والتصق بها بحميميه مدمدماً.. 

“اممم.. بقي هتقتليني”.. 

لثم وجنتيها بعمق، وتابع بستمتاع.. 

” وانا معنديش مانع أبداً أموت على أيدك انتي يا ساحرتي.. خلينا نشوف ايه اللي هيتم”.. 

سار بلحيته الخشنه على بشرتها الناعمه.. حركته هذه جعلتها تنتفض بشمئزاز مصطنع بين يديه تفهمه هو جيداً جعل ضحكاته تتعالي، وغمز لها بشقاوه.. 

“هتقتليني فعلاً، ولا هتموتي فيا”.. 

رمقته بنظرة محتقرة وهي تقول.. 

” يبقي أنت اللي جنيت على روحك يا فارس يا دمنهوري”.. 

.. مر أكثر من شهران.. 

تحول بهما جميع العاملين بالقصر إلى أفضل حال بعد القواعد التي وضعتها لهم “إسراء” سيدة القصر..

أصبحت هي و “خديجه” أصدقاء مقربين.. 

بينما علاقتها هي و” فارس” بها الكثير من المشاحنات.. وهذا جعلها لم تستطيع تنفيذ وعدها بقتل مغرورها إلى الآن، وهو لم يتوقف عن استغلال كل لحظة ليضمها لصدره، وينعم بقربها، ورائحتها التي أصبحت أدمانه.. 

ولكن كل ما يزعجها ويثير غيظها وغضبها تعلق الصغيرة به.. تكاد تجزم انها أصبحت تحبه أكثر منها.. 

وأيضاً تستشيط غيظاً من قلبها الذي أصبح ينبض بجنون حين تصل رائحة عطرة المثيره لأنفها.. رغم جمودها التي تنجح في إظهاره،ولكن ما سيحدث اليوم سيغير معاملتها معه لأكثر من مائه وثمانون درجة.. 

.. داخل مطبخ القصر.. 

نظرات.. همسات.. ضحكات خبيثه.. نابعه من العاملين داخل مطبخ قصر الدمنهوري..

يتطلعون ل “إسراء” الواقفه منهمكه بأعداد الطعام بمهارة واحترافية شديده بأعين جاحظه منذهله.. 

فوصفاتها جديدة كلياً عليهم.. تعد أشهى الأكلات الشرقية.. بينما هم لم يكونوا يصنعون سوا الطعام الغربي بمختلف أنواعه.. 

اقتربت منها “صابرين” مديرة المطبخ بخطي بطيئه، ووقفت جوارها تنظر لما تفعله بدهشه، وفم مفتوح ببلاهه،وبتساؤل تحدثت قائله.. 

“هو انتي بتعملي أيه بالظبط؟!”.. 

رمقتها “إسراء” بنظره ساخره، وهي تجيبها بلامبالاه.. 

“انتي شايفني بعمل أيه؟!”.. 

“سمنه، لبن، دقيق، مكرونه، جبن كتيييير.. دهوووون أوفر جداً!!،ومفكرة فارس باشا ممكن يأكل من الأكل دا؟!”.. 

قالتها العامله بصوت يملؤه الغضب، والغيظ معاً.. 

ابتسمت” إسراء” لها ابتسامة صفراء، وببرود قالت.. 

“ومين قالك أني بعمله للباشا بتاعك”.. 

تذوقت الطعام بتلذذ، وتابعت بفم مملؤء على أخره.. 

“انا وديجا بس اللي هناكل”.. 

همت العامله بتوبيخها.. بل والأكثر كانت تنوي سكب الطعام فوقها وهي تعلم انه شديد السخونه، ولكن صوت “فارس” الصارم الذي تحدث بابتسامة لعوب جعلها تنتفض بفزع هي وجميع العاملين، ويقفون جميعاً صفاً واحداً خافضين رؤوسهم بإحترام شديد.. 

“بس انا كمان هاكل من الأكل اللي بتعمليه”.. 

قالها “فارس” بهدوء، وهو مستند على الحائط بكتفه وواضع كلتا يده بجيب سرواله بهنجعيه، وعينيه تتأمل ساحرته  بنظراته جريئه لا تخلو من الإشتياق.. 

بينما هي لم تبدي اي إهتمام لوجوده.. بل انها حتي لم تلتفت له، وظلت تتابع ما تفعله بهتمام.. 

ضيق عينيه واعتلت ملامحه الوسيمه ابتسامة ماكرة، وأشار للواقفين بالمغادرة المكان فنصاعوا في الحال.. 

سار هو نحوها بخطوات شقيه وتحدث بستمتاع، وثقه وغروره المعتاد قائلاً.. 

“واحشتك أنا عارف”.. 

“خالص والله”.. 

قالتها “إسراء” بدون تردد، وبنبره جامدة دون النظر له حتي، وعندما شعرت بقترابه منها، وقرأت ما يدور بعقله من وقاحه أكملت بتهديد قائله.. 

“وجرب كده تعمل اللي في دماغك وانا أغرقك بالبشاميل اللي بيغلي دا؟!”.. 

شهقت بعنف حين احتواها بين ضلوعه ظهرها مقابل لصدره وضمها بقوه مدمدماً بهمس داخل أذنها.. 

“امممم واحشتك و أوى كمان يا إسراء.. سامع نبض قلبك، وحاسس بلهفتك عليا”..

انقطعت أنفاسها وارتعش جسدها الخائن بستجابه لحضنه الدافئ، ولوهله كادت ان تنهار حصونها بين يديه..

لكنها نهرت نفسها بشدة، واستجمعت قوتها،وأمسكت أناء الطعام الساخن اوهمته انها ستقوم بسكبه عليه.. لكنه قذفه من يدها بعيداً عنهما مغمغماً بعتاب.. 

” أهون عليكي تحرقيني أكتر من كده.. مش كفاية نار عشقك اللي مولعه في قلبي”.. 

أنهي جملته، وأمسك كف يدها وسار بها نحو الخارج مكملاً بسعادة شديدة.. 

“مش هعقبك دلوقتي.. خليني أعرفك على أمي.. أول مره تيجي مصر،وأول مرة أنا أشوفها على الحقيقه”..

“إسراء”.. بخجل فشلت في إخفاءه.. “استني بس هتعرفها عليا بصفتي أيه”.. 

” فارس”.. بابتسامتة الرزينه.. “بصفتك مراتي يا بيبي”.. 

سار بها حتي وصل لأمرأه شديدة الجمال تجلس على مقعد بجوار “خديجه” الظاهر عليها الضيق.. 

نظرت لها “إسراء” بندهاش.. فشكلها صغير للغايه على ان تكون والدته هذا الضخم الواقف بجوارها.. 

تنقل” فارس” بنظره بينهما، وتحدث باللغه الفرنسيه بطلاقه قائلاً.. 

“هذه إسراء زوجتي التي أخبرتك عنها”.. 

ابتسمت لها والدته ابتسامة صفراء، وهي تنظر لها بتفحص شديد.. 

نظر هو ل “إسراء” وتابع بجملة كانت بمثابة صفعه مدمية حين قال.. 

“دي مارفيل.. أمي” .. 

انتهى البارت..

رواية غرام المغرور الجزء الثامن عشر

احتواء عاشق!!.. 

“إسراء”.. 

تقف بجوار “فارس” بوجه شاحب للغاية.. انسحبت الدماء من عروقها بعدما استمعت لأسم “مارفيل”.. 

عقلها غير قادر على الاستيعاب.. أيعقل “مارفيل” اسم امرأه؟!، ومن تكون والدته التي تريد قتل وحيدها؟!.. 

“مامتك إزاي يعني؟!”.. 

همست بها “إسراء” بذهول، وهي تشير بيدها على تلك ال “مارفيل” الجالسه بهنجعيه واضعه ساق فوق الأخرى.. بيدها سيجار من أفخر الأنواع تتناوله بتكبر، وتزفر دخانه ببطء.. 

عينيها تتفحص “إسراء” من بداية رأسها حتي قدميها،وتحدثت دون أن تبتعد بعينيها عنها قائله بتساؤل.. 

“ماذا تقول تلك الواقفه التي تدعوها بزوجتك؟! “.. 

 

أجابها “فارس” وهو ينظر ل “إسراء” بابتسامة.. 

“لم تصدق بعد إنكِ أمي”.. 

ابتسمت “مارفيل” ابتسامة زائفه مدمدمه.. 

“امممم لها كل الحق..من يرانا يقول أنني ابنتك، وليس العكس لأنني قد أنجبتك قبل أن أتم عامي الخامسة عشر”.. 

زفرت بضيق ورمقته بنظرة كارهه كانت كالسهم المسموم الذي اخترق قلب “فارس” وتابعت بأسف..

“حملي بك كان خطأ لم أتمكن من أصالحه”.. 

رفعت” إسراء” يدها، وتمسكت بقميص “فارس” بقبضة يدها بقوة من ظهره..رغم أنها لم تستطيع فهم حديثها، ولكن نظرتها له التي جعلت وجهه يظهر عليه الحزن اعتصر قلبها.. 

اندهش هو من فعلتها لكنه لم يظهر اندهاشه.. بل قد راقة واسعده تمسكها به هكذا، ونظر لعينيها نظرة حانيه يسألها بعينيه ما بها.. 

اذدرادت لعابها بتوتر نجحت في اخفائه، ورسمت ابتسامة هادئه على محياها، وهمست بستحياء مستفسره.. 

” يعني دي مامتك اللي خلفتك؟!”… 

حرك “فارس” رأسه لها بالايجاب مغمغماً.. 

“هي شكلها صغير علشان اتجوزت والدي في سن صغير جداً”.. “

” إسراء”.. بفضول.. “هي مش مصرية؟!”.. 

” فارس” بأسف..” لا فرنسيه”..

غمز لها بشقاوة، وأكمل بمرح.. 

” بس أنا مصري وابن مصري أباً عن جد أطمني”.. 

“إسراء”بتساؤل.. “قول أسمها تاني كده معلش؟!”.. 

أنهت جملتها وتظرت له نظرة راجيه، وقلبها يتمني أن يقول اسم أخر غير الإسم الذي قاله منذ لحظات.. 

” أسمها مارفيل يا إسراء.. اسم فرنسي قديم معناه المعجزة والمدهشة والرائعة اللي ملهاش مثيل”.. 

” اه فعلا من ناحية ملهاش مثيل.. فهي ملهاش الحقيقه”.. 

قالتها “إسراء” وهي تحرك رأسها بالايجاب، وتركت قميصه على مضض، واقتربت من “مارفيل” حتي أصبحت أمامها مباشرةً، ومالت عليها قليلاً، ومدت يدها بالسلام مردفة.. 

” حمدلله على سلامة حضرتك”.. 

أنهت جملتها ونظرت لعينيها بقوة، وأكملت ببطء أثار القلق بقلب الأخرى حين قالت أسمها بهمس متقطع.. 

“يا مدام مارفيل”.. 

مدت “مارفيل” يدها لها، ولمست يدها بأطراف أصابعها بتعالي، وهي ترمقها بنظرات مشمئزه.. 

ليسرع “فارس” ويمسك يد ساحرته، ورفعها على شفتيه وقبل باطنها بعمق.. بعدما شعر بأحراجها من فعلة والدته.. فعلته هذه خطفت قلب “إسراء”.. كانت بمثابة إعتذار، ورد اعتبار لها.. 

“تفضلي مارفيل جناحك أصبح جاهز.. ارتاحي قليلاً حتي ميعاد الغداء”..

قالتها ” خديجة” الجالسة بجوارها.. بعدما اقتربت منها إحدي العاملات وأخبرتها بتجهيز جناح الضيوف.. 

” أريد الحديث معك بمفردنا بعد الغداء فارس”.. 

أردفت بها “مارفيل” وهبت واقفه وسارت برفقة “خديجه” نحو الدرج دون أنتظار رد منه.. 

” أنتي كويسه؟! “.. 

همس بها “فارس” بأذن” إسراء” الواقفه بجواره تنظر لأثر “مارفيل” بشرود.. 

لم يأتيه منها رد..عقد حاجبيه بستغراب حين لمح العبرات تترقرق بعينيها، وهي تجاهد لكبحها، وتحدث نفسها بعدم تصديق بصوت خفيض لم يصل لسمعه.. 

” أمه هي اللي عايزه تقتله؟!”.. 

فاقت من شرودها على يديه التي احتواتها داخل حضنه مغمغماً بلهفه.. 

“فيكي أيه يا روحي.. حد زعلك؟!”.. 

رفعت عينيها ببطء ونظرت له لأول مرة نظرة حانيه،وقد اعتصر قلبها ألماً عليه..

لمح هو نظرتها وتفهمها جيداً.. فابتسم لها ابتسامة يكسوها الحزن، ومال على جبهتها واضعاً قبله طويله أغلقت هي عينيها ببطء لتهبط عبراتها على وجنتيها بغزاره.. 

ابتعد عنها واحتضن وجهها بين كفيه، ونظر لملامحها بتأمل واعين تملؤها العشق وهمس بلهفه أكبر.. 

“ليه دموعك دي كلها يا إسراء.. قوليلي مين زعلك وشوفي انا هعملك فيه أيه؟!”.. 

“أنت اللي مزعلني يا فارس”.. 

همست بها من بين شهقاتها الحاده..كانت تود قول أنها حزينه لأجله،وما يحدث معه،ولكن لسانها لم يسعفها.. 

جذبها داخل حضنه رأسها بالكاد تتوسط صدره لقصر قامتها بالنسبه له، وربت على ظهرها بحنان بالغ مردداً.. 

“هششش حقك عليا من غير ما أنا أعرف عملتلك أيه، وقوليلي أيه اللي يرضيكي وانا انفذه حالاً يا كنز فارس”..

ابتعدت عنه بخجل، ونظرت له للمرة الثانيه، وهمت بأخباره بأن والدته هي من تريد قتله، ولكن انعقد لسانها ثانياً.. 

أطبقت جفنيها بعنف هروباً من عينيه، وهمست برجاء قائله.. 

“عايزه أبقى لوحدي من فضلك،وبحلفك بالله لو ليا خاطر عندك ماتضغطش عليا الفتره دي”.. 

رفع يده وزال عبراتها بأنامله، همس بعتاب قائلاً.. 

“لو ليكي عندي خاطر؟!.. دا انا مبقاش في حد في الدنيا ليه خاطر عندي غيرك أنتِ”.. 

توردت وجنتيها أكثر بحمرة قاتمه حين مال بوجهه عليها قاصد شفتيها، وهم بتقبيلها لتفر هي راكضه من بين يديه بعدما سلبت انفاسه، وجعلت قلبه ينبض بجنون أوشك على مغادرة صدره من عنف دقاته.. 

تنهد بصوت عالِ، وهو يجذب خصلات شعره بعنف كاد أن يقتلعه من جذوره متمتماً بعشق.. 

“حني عليا بقي.. هتجنن عليكي”.. 

أنهي جملته، وسار نحو غرفة مكتبه خطي للداخل غالقاً الباب خلفه.. غافلاً عن “صابرين” المختبئه خلف إحدي الجدران ممسكة بهاتفها، وقامت بتصوير كل ما حدث بينه وبين زوجته، وأرسلته ل خطيبته..

انتهي البارت..

رواية غرام المغرور التاسع عشر 

 

هخطف قلبكم تاني.. 

دمتِ أميرتي وملكة النساء!!.. 

“إسراء”.. 

نوعية تكاد تكون نادرة.. تمتلك قلب من الماس.. تسامح من أخطأ بحقها، لكنها صعبة النسيان.. 

تضحك بصدق.. تحب بصدق.. تحزن بصدق.. 

أيقنت الآن أن الحب لا يناسبها أطلاقاً.. 

لإنها حين تشتاق .. تقسو، 

حين تغار .. تجن،

حين تخاف .. تبتعد.. 

“فارس”.. 

رفرف قلبه فرحاً عندما رأها تبكي لأجله..هي ساحرتة المغرور التي كانت تبغضه، وترمقها بنظرات ناريه تدل على كرهها له.. 

الآن تضمه لحضنها بحنان بالغ..جذبته لها أكثر تحثه على الميل برأسه قليلاً لتتمكن من فحص أثار جروحه بأعين منذهلة تفيض بالدمع.. تمسد بأصابعها الصغيرة على كتفيه كأنه صغيرها، وليس زوجها.. 

تقف على أطراف أصابعها لتستطيع تفحصه بدقة مردده بعدم تصديق.. 

“إزاي قدرت تعمل فيك كده؟..إزاي قلبها طاوعها تشوفك سايح في دمك؟!”.. 

ابتعدت عنه بضعة أنشات،ولكنها مازالت داخل حضنه، وكلتا يده ملتفه حولها.. 

نظرت للجرح الكبير الذي يشق صدره بصدمة، وانهمرت عبراتها أكثر وهي تربت على صدره بقبضة يدها، وكأنها تزيل ألمه بحنانها الشديد عليه الذي أثلج قلبه وجعل أنفاسه علقت بصدره، وهو يستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من ملمس بشرتها على جسدة.. 

رفعت يدها ببطء حتي وصلت لوجهه، وضعتها على لحيته، ونظرت لعينيه نظرة زلزلت كيانه،وهمست بصعوبة من بين شهقاتها مستفسرة.. 

“احكيلي يا فارس ليه عملت فيك كده؟!”..

تأوه دون صوت ..فصوتها وحده يدغدغه..تعمق النظر لعينيها، وتفهم أن تأثيرها بما حدث له جعلها كالمغيبة بتعاملها معه.. الواقفه أمامه الآن هي “إسراء” الأم التي تخيلت صغيرتها بمكانه، وتحاول منحه بعض من خوف وحنان الأم الذي حرم منهم.. 

تأكد ان مشاعر الحب لديها مازالت  خاملة.. 

“بحبك يا إسراء”..  قالها “فارس” 

هامسًا بحميمية أيقظت كل مشاعرها الخامدة تجاهه مرةً واحدة.. 

فتحت عينيها على وسعهما بصدمة بعدما أدركت وضعهما، وأنها بين يديه داخل صدره العاري.. 

شعر بتخشب جسدها بين يديه.. فمال على جبهتها بجبهته، وأخذ نفس عميق يستنشق به أنفاسها المتلاحقه أثر شدة خجلها،

وهمس بلهجة أكثر خشونة و كأنه يثبت لها مشاعره و ملكيته إياها وحده.. 

“بحبك يا ساحرتي”..

قالها بصدق شديد ظاهر على ملامحه دفعها للإنهيار داخليًا و أطلقت أنفاسها المحبوسة برئتيها.. 

“فارس أرجوك”.. 

همست بها بضعف، وهي تحاول الإبتعاد عنه، وقد بدأ جسدها ينتفض بين يديه.. 

أحكم يده حولها، وتابع بلهفه داخل اذنها.. 

“متبعديش عني.. خليني أحكيلك، وأنا جوه حضنك”.. 

شعر بكفها يقبض على كف يده برفق.. فحتضن يدها الصغيرة بين يده القويه، وأصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة.. 

دفعته برفق تحثه على السير نحو إحدي الارائك..سار معها دون أن يبعدها عن حضنه.. جلست، وجذبته يجلس جوارها، وتحدث بنبرة حانيه.. 

“احكيلي يا فارس انا سمعاك”.. 

رفع يدها على شفتيه، ولثمها مرات ومرات بعشق شديد مغمغماً.. 

“كنت مستنيكي تحني عليا علشان كنت مستحيل احكي لمخلوق غيرك أنتي يا إسراء”.. 

دار بعينيه على المكان من حوله، وعاد ينظر لها بابتسامة حزينه مكملاً.. 

“شوفي كل دا.. القصر..الفلوس.. الناس الكتير  اللي شغالين عندي، وحتي خديجة، ووالدي ووالدتي اللي غايبين عني بالسنين..‎لا حضورك كحضورهم، ولا غيابك عني كغيابهم”.. 

أمسك كلتا يدها، وجذبها عليه، وقام بلفهما حول خصره، وضم رأسها لصدره مقبلاً شعرها قبله رقيقة مطوله مكملاً بتنهيده عاشقه.. 

“سبحان من زرع بقلبي عشقك”.. 

وضع أنامله أسفل ذقنها ورفع وجهها جعلها تنظر له.. تأمل ملامحها بفتنان، وتابع بنبهار.. 

“أشتاق لك وحدك.. فليت كل من حولك أنا، وليت كل من حولي أنتِ.. دمتِ لي أميرتي، وملكة النساء بعيني”.. 

انتهي البارت..

رواية غرام المغرور البارت العشرون

  

حين يصاب القلب بمشاعر الإعجاب مع مرور الوقت تتطور هذه المشاعر للحب بل للعشق..،

عندها يصبح المحب شاعراً يقول أحلى كلمات الغزل، وأرقها، وهي من أجمل الحالات التي يمر بها أيّ إنسان.. 

خاصةً إذا كانت كلمات صادقة، ومعبرة، وعميقة نابعة من قلب “فارس” ذاب عشقاً بساحرته الجميلة.. 

“إسراء”.. 

همسات “فارس” العاشقة لها جعلتها فتافيت امرأه، ولكنها تظهر اللامبالاة على ملامحها التي أصبحت شديدة الاحمرار من شدة خجلها.. 

يتأملها بأعين منبهرة بحيائها الذي أصبح نادراً ما يراه.. 

تدفق عشقها بقلبه كالدماء يسير بأورادته..كم راقه خجلها.. 

فحياء المرأة عطر أنوثتها، ويكون أشد جاذبية من جمالها.. 

“اتكلم يا فارس..أنا عايزه أسمعك”.. 

قالتها “إسراء” بهمسها الرقيق الذي يطرب أذناه..

 ضغط “فارس” على يدها بقبضة يده برفق، وأخذ نفس عميق وتحدث بنبرة يملؤها الأسى..

“والدي، ووالدتي منفصلين عن بعض من سنين طويلة.. من بعد ما اتولدت على طول، والاتنين عايشين بره مصر، وبعتوني لخديجة وأنا عندي أسبوع واحد”..

اعتدل بجلسته مستنداً بظهره على الأريكه، ونظر لعينيها بابتسامة هائمه.. فنظرة عينيها كفيلة أن تخفف عنه ألم قلبه.. 

بادلته هي النظرة بأخرى ملتهفه تحثه على أستكمال حديثه.. 

“لما كبرت، وبدأت أفهم واسأل فين أبويا وأمي وأدور عليهم، وليه سبوني لعمتي تربيني وهما عايشين.. سافرت لوالدي علشان يجاوبني على كل الأسئلة اللي هتجنني دي”..

صمت لبرهه يلتقط أنفاسه وتابع بأسف.. 

“قابلت والدي لأول مره وانا عندي 25 سنه، ومشوفتوش تاني من وقتها وانا دلوقتي بقيت 33سنه تخيلي!!”.. 

امتلئت أعين “إسراء ” بالعبرات مرة أخرى، وهمست بذهول.. 

“شوفت باباك في عمرك كله مره واحده بس ؟!”.. 

حرك رأسه لها بالإجاب، و أطبق جفنيه بعنف حين داهمته ذكري تلك المرة.. 

.. فلاش باااااااااااك.. 

بإحدى مدن فرنسا.. 

بمنزل يظهر عليه الثراء الفاحش.. 

دخل “فارس” بسياره خاصة من أحدث الموديلات داخل حديقة المنزل.. 

ترجل من السيارة ، وسار لداخل المنزل بخطوات مسرعة شبه راكضه.. ظناً منه أن والده الذي سيلتقي به لأول مرة سيقابله بلهفه وحب أبوي لنجله الوحيد الذي لم يراه منذ سنوات.. 

“أين أبي؟!”.. 

أردف بها لإحدى العاملات بالمنزل التي سارت برفقته وهي تقول بإحترام.. 

“تفضل سيد محمد ينتظرك بمكتبه”..

سار معها مندفعاً نحو غرفة المكتب، وفور دخوله بحث بعينيه عنه بشتياق.. لينذهل حين وجده  يجلس على كرسيي مكتبه ولم يتحرك من مكانه.. 

“مرحباً فارس.. تفضل بالجلوس”.. 

قالها “محمد”،وهو يشير بيده لإحدى المقعدين الموضعان أمام مكتبه.. 

انهارت كل أماله بتلك اللحظه.. جمود والده آدمي قلبه.. أخفى حزنه، وخيبة أمله ورسم ابتسامة زائفه، واقترب من المقعد جلس عليه، وهو يقول.. 

“السنين اللي قضتها هنا خليتك تنسي لغتك الأصليه زي ما نسيت أن ليك ابن؟!”.. 

“وأنا لو كنت نسيت إنك ابني زي ما بتقول كنت كتبتلك كل أملاكي”.. 

قالها “محمد” وهو يفتح خزنته الخاصه، وأخرج منها بعض الأوراق ووضعهم أمامه.. 

ضحك “فارس” بقوة ضحكة يخفي بها صدمته الشديدة التي تعتصر روحه وقلبه.. مدمدماً بنبرة ساخرة..

“بقي انا أسافرلك من بلد لبلد علشان أشوفك و؟! “.. 

قطع حديثه، وتابع بسره.. 

” اترمي في حضنك”.. 

نظر له نظرة يملؤها الخذلان مكملاً.. 

“وأنت بتديني فلوس اممم اعتبر دا تعويض عن غيابك عني طول السنين اللي فاتت؟”.. 

أجابه “محمد” إجابه كانت كالسهم المسموم اخترق قلبه على حين غرة حين قال بصوت غاضب شق أرجاء المكان.. 

“الفلوس اللي مش عجباك دي أنا اشتريت حياتك بيها بعد ما أمك كانت مصرة أنها تنزلك وهي حامل فيك”.. 

ضرب على المكتب بكف يده بقوة، وبدأ يفقد السيطرة على أعصابه من شدة غضبه مكملاً.. 

“أمك اللي رسمت عليا الحب لحد ما عشقتها،ومرضتش المسها إلا لما اتجوزتها وخلتها هانم وفي الاخر تطلع متجوزاني علشان تتمتع بفلوسي، ومش عايزه تخلف مني، وخدت مليون دولار علشان تسيبك عايش، وأول ما ولدتك رمتك ليا وأطلقت مني، وجت من كام شهر عايزه ترجعلي بعد ما فلوسها خلصت.. قولتلها موافق بس أنا كتبت كل أملاكي بأسم ابنك.. سابتني تاني،ومشيت فكراني هرجع في كلامي واديها مليم واحد تاني من فلوسي”.. 

يستمع “فارس” له بملامح هادئة،ولكنها أثارت قلق والده..يعلم أن حديثه كان شديد القسوة.. ينظر له نظرة خالية من المشاعر.. وبصوت يملؤه القهر والحسرة تحدث قائلاً.. 

” خدت هي الفلوس تعيش بيها حياتها، وأنت رمتني لأختك في مصر تربيني، وعشت حياتك هنا، وانا بقيت يتيم في حياتكم”.. 

أنهى جملته، وسار لخارج المكتب.. بل لخارج المنزل بأكمله.. 

.. نهاية الفلاش بااااك.. 

“عايزة تموتني يا إسراء علشان تورثني..

مع إني ببعتلها كل شهر مبلغ كبير يكفيها وزياده”.. 

قالها “فارس” بابتسامة زائفه.. 

أمسك كلتا يدها بين يديه، ورفعهما على لحيته يحثها على احتضان وجهه بين كفيها.. 

“تعرفي اني أول مرة أشوف امي لما جت من السفر،و رغم كل اللي عملته فيا دا الا إني مقدرتش امنع فرحتي برجوعها”..  

حاولت” إسراء “السيطرة على حدة بكائها.. فحديثه اعتصر قلبها بقوه، وتحدثت بخوف ظهر على محياها.. 

“طيب انت عرفت إزاي ان هي ورا اللي حصلك، وناوي تعمل معاها ايه؟!”.. 

” فارس “.. ” رجالتي فضلوا ورا سيد شعلان لحد ما أعترف بكل حاجه، ولو على اللي هعمله فيها؟!”.. 

اشتعلت عينيه بغضب حارق، وتابع وهو يصطك على أسنانه.. 

“أنا أقدر اقتلها وأخد عزاها بنفسي وماخدش فيها يوم واحد حبس”.. 

شهقت” إسراء “بعنف، واجهشت بالبكاء، وتحدثت بتعقل وهي تربت على لحيته كمحاولة منها لتهدئة وتيرة غضبه.. 

“أستهدي بالله يا فارس، واستغفر ربك، وافتكر انها مهما عملت هتفضل أمك، ولو اذتها صدقني هتندم طول عمرك، ومش هتقدر تسامح نفسك أبداً “.. 

نظر لها قليلاً.. نظرة غريق وأخيراً وجد منقذه، وبلحظه كان سحبها من خصرها اجلسها على قدميه.. ضمها لصدره بلهفه، وهو يطبع قبله عميقه على وجنتيها مغمغماً.. 

” لو مكنتيش في حياتي.. صدقيني كنت هعمل كده فعلاً.. لكن دلوقتي أنا مستعد أديها كل ما أملك بس تسبني أعيش اللي باقي من عمري معاكي”..

ارتجف جسدها بين يديه حين سار بأنفه على وجهها نزولاً لعنقها، وهو يهمس لها بإحدى كلمات الغرام، وانفاسه الساخنه تلفح بشرتها.. 

“أحببتك حباً لو تحول إلى ماء لأغرق العالم بأسره.. أحتفظ بكِ لأنك أثمن أشيائي.. فكيف لا أحبك أكثر من نفسي وكل نبضة من نبضات قلبي تخفق باسمك.. أحبك بعدد أنفاسي وأنفاسك وأنفاسهم جميعاً”..

لوهله أغلقت عينيها ببطء مستمتعه بهمساته وكلماته التي ترضي غرور الأنثى بداخلها..فهي بالخير امرأه كباقي النساء تأثرها كلمات الغزل.. شعر بستجابتها بين يديه فضمها أكثر، وبدأ يمطرها بوابل قبلاته العاشقه على وجنتيها وعنقها تاركاً صك ملكيته عليها.. 

” ليه بتفضلي لابسه فستانك الأسود دا حتي وأنتي نايمة.. انا جيبلك بيجامات،و قمصان نوم متأكد أنها هتجنن عليكي”.. 

قالها وهو يفتح سحاب فستانها، وهي أصبحت ضائعه.. بل تائهه بين همساته، ولمساته الخبيره.. 

ذادت لمساته جرائه ..لكنه توقف فجأة، وتصلب جسده كمن تعرض لصاعقه قوية ستظهر غروره مرة أخرى ولكن هذه المرة سيكون مضاعف كمحاولة منه للحفاظ على كرامته.. حين تأوهت هي مردده بشتياق.. 

” رامي واحشتيني”..

تكملة الرواية من هناااااااا 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *