التخطي إلى المحتوى

 

رواية غرام المغرور الفصل الحادي والاربعون والثانى والاربعون والثالث والاربعون والرابع والاربعون والخامس والاربعون والسادس والاربعون والسابع والأربعون الأخير  بقلم نسمه مالك كامله 


رواية غرام المغرور الفصل الحادي والاربعون والثانى والاربعون والثالث والاربعون والرابع والاربعون والخامس والاربعون والسادس والاربعون والسابع والأربعون الأخير  بقلم نسمه مالك كامله 

رواية غرام المغرور الواحد والاربعون 

بشائر تغيث القلب!!.. 

.. بغرفة “إلهام”.. 

طرقت “إيمان” الباب وخطت نحو الداخل بعدما وصل لسمعها صوت “إلهام” الحنون تأذن لها بالدخول.. 

“صباح الخير يا خالتي”.. غمغمت بها “إيمان” بخجل و هي تقترب من صغيرها النائم بجوار الصغيرة “إسراء” وحملته بحذر أمام أعين “إلهام” التي ترمقها بنظرة عابثه، وابتسامة لعوب تزين ملامحها مردفة بشقاوة..

“صبحية مباركة يا عين خالتك”.. 

ابتسمت لها “إيمان” ابتسامة حزينة جعلتها تعقد حاجبيها وتكمل مستفسرة.. 

” مالك يا إيمان يا بنتي؟!.. جوزك زعلك ولا أيه؟”.. 

حركت “إيمان” رأسها بالنفي، وبدأت تبكي مردده بغصة يملؤها الآسي.. 

“تامر مزعلنيش يا خالتي.. انا اللي خايفة أكون بظلمه علشان كده هطلب منه يتجوز.. هو ملوش ذنب في أني مبخلفش”.. 

“أيه يابت الهبل اللي بتقوليه دا؟! “.. 

أردفت بها” إلهام ” بهدوء وتراوي وتابعت بتعقل قائله..

“يابنتي بلاش تنكشي على النكد بإيدك.. الراجل مشتكاش”.. 

ربتت بكف يدها على ظهر ” محمود” الصغير..

“واشتري خاطرك ونفذلك طلبك لما قولتيله نتبني عيل نربيه، والحمد لله بقي عندك واد زي القمر ربنا يحفظه ويباركلك فيه.. عايزه تفتحي على نفسك فتحة أنتي لا يمكن تكوني ادها، ولا هتستحملي لحظة واحده تشوفي جوزك مع واحدة غيرك”.. 

صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها، وتتابع رد فعل

“إيمان” لتري أثر حديثها عليها، ومن ثم نهضت جالسة بحرس مستنده على الفراش، والسرير حتي جلست على كرسيها المتحرك وتحدثت بتنهيدة وهي تضغط على زر الكرسيي متجهه لخارج الغرفه..

“اعقلي يا إيمان يا بنتي وحافظي على بيتك وجوزك و ابنك، وخليكي هنا مع إسراء لتصحي على ما اطمن علي خديجة  و أعرف مالها هي كمان، و أرجع أوام”.. 

جلست “إيمان” على طرف الفراش تفكر بحديث “إلهام” الذي أعاد لها عقلها، وجعلها تتراجع عما كانت تنوي فعله فور أستيقاظ زوجها من نومه.. 

“لا مستحيل أقدر أشوفك مع واحدة غيري يا تامر.. دا أنا أموت فيها”.. 

قالتها” إيمان” محدثه نفسها و زفرت براحة وهي تضم صغيرها وتقبله بحب مكملة.. 

” عندك يا خالتي.. أنا لازم أحافظ على جوزي و ابني، وواثقة ان ربنا قادر على كل شيء و بحول الله هيجبر قلبي”.. 

.. وصلت ” إلهام” لجناح” خديجة”.. 

طرقت على الباب بهدوء، لحظات وفُتح الباب لتجحظ أعين” إلهام” بصدمة حين وجدت “هاشم” هو من فتح لها.. 

وضعت أصابعها أسفل ذقنها، ورمقته بنظرة حادة مردفة بتساؤل.. 

” أنت بتعمل أيه هنا يا سي هاشم أفندي؟! “.. 

تنحنح” هاشم” بحرج، و ابتعد عن الباب لتستطيع هي الدخول بكرسيها، و من ثم اجابها بجرائة 

قائلاً.. 

” كنت بطلب ايد خديجة للجواز”.. 

ابتسمت “إلهام” بتساع و هي تخطي نحو الداخل، وتحدثت بفرحة غامرة حقيقة قائله.. 

“يا ألف نهار أبيض، يا ألف نهار مبروك؟! “.. 

قطعت حديثها، وشهقت بقوة حين رأت “خديجة” مستلقية على الفراش فاقدة الوعي، ضربت على صدرها بكف يدها، ونظرت ل” هاشم ” و تحدثت بجدية مصطنعة وقد قرأت كل ما دار بينهما بذكائها.. 

” أنت سلخت قبل ما تدبح زي بوحة ولا أيه يا هاشم أفندي؟!”.. 

نظر لها” هاشم” بعدم فهم فتابعت هي بنفاذ صبر.. 

“قصدي دخلت قبل ما تعقد على البونية ولا أيه يا إنسان الغاب طويل الناب أنت؟!”.. 

“هاشم” بتوتر فشل في إخفاءه من شدة قلقه على جميلته الرقيقة “خديجة”.. “لا والله يا ست إلهام أنا كنت بصالحها عن سوء الفهم اللي حصل إمبارح، ولسه هبوس خدها راحت واقعه مني ومش راضيه تفوق “.. 

ابتسمت” إلهام ” ابتسامة تظهر جميع أسنانها مردده..” تبوس خدها!!.. يعني ملحقتش حتي يا عيني؟!..بسكوتة نواعم خالص خديجة”.. 

أخرج “هاشم” هاتفه من جيب سرواله، و تحدث وهو يطلب إحدي الأرقام..” أنا هكلم دكتورة الفندق تطلع تكشف عليها “.. 

ضيقت “إلهام” عينيها وهي تنظر ل “خديجة”  بتمعن وتحدثت بمكر قائلة.. 

” مافيش داعي لدكتورة يا سي هاشم”.. 

غمزت له مكملة.. 

” صالحها أنت بس تاني و هي هتقوم تقف وتبقي زي الحصان”.. 

انبلجت شبه ابتسامة علي ملامح “هاشم” حين تفهم  مقصد “إلهام” وتحدث بجدية زائفة قائلاً.. 

” تصدقي عندك حق يا مدام إلهام..دا أنا هصالحها حالاً”.. 

قالها وهو يسير تجاه” خديجة” التي انتفضت فجأة جالسة، وتراجعت لأخر الفراش سريعاً مرددة بخجل شديد.. 

“خلاص أنا فايقة، ومش عايزة حد يصالحني”.. 

“إلهام” بعبث.. “ايوه كده يا خديجة يا أختي فوقي كده لسه بدري على السخسخة دي”.. 

نظرت ل” هاشم ” الذي يرمق” خديجة” بنظرة عاتبة بسبب ما سببته له من خوف عليها.. 

“يبقي اتجوزها يا سي هاشم على بركة الله”.. 

غمغمت بها “إلهام” و بعدها أطلقت سيل من الزغاريط.. 

“أيه دا يا إلهام.. جواز أيه بس اللي اتجوزه وأنا في العمر دا؟!”..

قالتها” خديجة” بنبرة مرتجفة تعكس مدي حزنها.. 

” انتي زي القمر وألف راجل يتمنوكي يا خديجة، وبعدين أنتي عارفه أني اتجوزت وانا أصغر منك بكام سنة”..

نظرت” خديجة” ل “هاشم” نظرة طويلة.. تعمق هو داخل عينيها و حرك شفتيه دون إصدار صوت بكلمة جعلت قلبها ينبض بجنون حتي وصلت دقاته لعنان السماء، وأوشك على مغادرة ضلوعها من عنف دقاته حين قال.. 

” بحبك يا خديجة”.. 

أطبقت” خديجة” جفنيها بعنف تكبح عبراتها مردده بأسف..

“حتي لو أنا وافقت يا إلهام معتقدش ان فارس ممكن يوافق”.. 

“هاشم” بلهفة.. “أنا طالب أيدك من فارس بقالي أكتر من شهر يا خديجة، وهو موافق وقالي الرأي في الأخر رأي ديجا.. لازم هي كمان توافق”.. 

حركت” خديجة” رأسها بالنفي، وبدأت تبكي وهي تقول.. 

“لا طبعاً فارس مستحيل يوافق.. هو بيقول كده علشان يشوف رد فعلي أيه، وهقبل اتجوز وأبعد عنه ولا لاء.. أنتو متعرفوش هو متعلق بيا اد ايه، و لما كان بيجيلي عريس وهو صغير كان بيحزن اد ايه ويفضل حبيبي يعيط ولا بياكل ولا بيشرب”.. 

اجهشت في البكاء وتابعت بأصرار.. 

“مستحيل أكسر قلبه واسيبه أنا كمان و اتجوز.. أنا أمه اللي ربته، وهفضل جنبه ومعاه لحد ما اشيل ولاده على ايدي زي ما شايلته وهو صغير”..

………………………………..سبحان الله ……… 

..داخل يخت ساحرة الفارس.. 

تجلس “إسراء” على مقعد طاولة الزينة داخل غرفة الملابس الخاصة بها.. تتابع “عهد” التي تساعدها لتغير ثيابها المبتله.. 

“تحبي أساعدك وأنتي بتاخدي شاور يا إسراء؟ “.. 

قالتها” عهد” بود وهي تعطي لها ثيابها و تساعدها على النهوض.. 

“شكراً يا عهد.. تسلميلي يا حبيبتي.. أنا تعبتك معايا”.. 

نظرت لها “عهد” بعتاب، وتحدثت بود قائله.. 

“أيه اللي بتقوليه دا بس يا إسراء!!.. أنا قولتلك إني بحبك زي أختي.. يعني مافيش تعب ولا حاجة، ولو مكسوفة مني؟ “.. 

دفعتها برفق على المقعد ثانياً، و سارت نحو الخارج مكمله.. 

” هخرج أنا وابعتلك جوزك يساعدك أفضل”.. 

غمزت لها بشقاوة مكملة.. 

“و أحلى كمان”.. 

أردفت “إسراء ” بلهفه.. “طيب تعالي غيري هدومك المبلولة دي الأول لتاخدي برد يا عهد”.. 

ابتسمت لها “عهد” وهي تقول بخجل.. 

“متقلقيش عليا.. أنا وغفران هنعوم سوا شوية”.. 

بادلتها” إسراء ” الإبتسامة متمتمة.. 

” ربنا يسعدكم يا حبيبتي”.. 

“يارب يا إسراء، ويفرحكم أنتي كمان و يرزقكم ببيبي جميل خالص زي مامته كده”.. 

أمنت” إسراء ” على دعائها بقلبها قبل لسانها..

بينما أنهت “عهد” جملتها، وتابعت سير نحو باب الغرفة، و همت بفتحه.. ليسبقها “فارس ” الذي فتح الباب فجأة جعلها تشهق بخفوت مرددة.. 

“كويس إنك جيت.. أنا كنت جاية أنادي عليك حالاً “.. 

” إسراء فيها حاجة؟! “.. قالها “فارس ” وهو يندفع نحو الداخل بهرولة، ويبحث عن زوجته بلهفه حتي وجدها تحاول النهوض بضعف فقطع المسافة بينه وبينها، و بغمضة عين أصبحت إسراء داخل حضنه يضمها لصدره.. بل يعتصرها بين ضلوعه لعلها تهدأ من دقات قلبه المتسارعة، وتعيد له أنفاسه المسلوبة من شدة خوفه و فزعه من فقدانها.. 

“أنتي كويسة صح؟ “.. 

انسحبت “عهد” على الفور نحو الخارج غالقة الباب خلفها.. تاركة لهما بعض الخصوصية.. 

بينما “إسراء” دست نفسها بين ذراعين زوجها، وهمست بصوت تحشرج بالبكاء.. 

“كويسة يا حبيبي.. الحمد لله اطمن”.. 

شعر بإرتخاء جسدها بين يديه، فمال بجزعه قليلاً ووضع يد أسفل ركبتيها والأخرى حول خصرها، وفعها بين يديه وتوجه نحو الحمام مغمغماً.. 

“طيب تعالي أساعدك تاخدي شاور دافي علشان تنامي و ترتاحي شوية.. أنا عارف إنك منمتيش من إمبارح “.. 

تركت له نفسها يفعل بها ما يشاء.. ليبهرها هو بحنانه وأحتوائه لها ولخجلها الزائد.. يعاملها بمنتهي العشق.. يغرقها بفيض غرامه، ويهمس لها بأروع كلمات الغزل وهو يحملها ثانياً بعدما قام بلف جسدها بمنشفة كبيرة، و سار بها نحو الفراش وضعها بحذر وكأنها فطعة من البلور الفاخر يخشي عليها من الكسر.. 

وأسرع بجلب منشفة أخري، وجلس خلفها جعل ظهرها مقابل صدره، وبدأ يجفف خصلات شعرها الحريرية برفق، ويستنشق عبقها بستمتاع متمتماً.. 

“امممم تجنني يا بيبي”.. 

حاوطها بذراعيه دافناً وجهه بعنقها يقبله بتمهل.. 

“إحنا محسودين تقريباً.. مش عارف مين راشق عينه في شهر العسل بتاعنا!!”.. 

همهمت “إسراء” بصوت خافت، وهي تهمس بضعف وصوت ناعس.. 

“عندك حق.. أنا فعلاً محسودة عليك يا فارس”.. 

التفت برأسها ونظرت له نظرة هائمة تتأمل بها ملامحة الوسيمة.. “ومحظوظة بيك، و بحبك وبموت في كل حاجة فيك يا فارس “.. 

قبلت جانب شفتيه قبلة دافئة، وتابعت بأنفاس متهدجة من قربه المعصف و المزلزل لكيانها.. 

“حتي غرورك.. علشان أنا بقيت غرامه”.. 

اعتدلت داخل حضنه ملتفه بكلتا يديها حول خصره، ودفعته برفق، ومالت عليه حتي أصبحت رأسها تتوسط صدره، وأغلقت عينيها تستعد لنوم أمن على إيقاع دقات قلبه، و بثقه وقلب يتراقص فرحاً همست قائله.. 

“أنت حياتي وعشقي الوحيد، و أنا لوحدي غرامك يا فارس”.. 

زاد من ضمها له، و حاوطها بيديه وحتي قدميه بل حاوطها بجسده دافنا وجهه بشعرها، وأغلق عينيه هو الأخر لينعم بنومٍ هنيئ لا يشعر به إلا بقرب ساحرته فقط..

صباح يومًا جديد يحمل بين طياته الكثير من الأحداث..

داخل يخت “ساحرة الفارس” تحيا “إسراء” أقوى، وأجمل قصة عشق برفقة زوجها “فارس” الذي خطفها برحلة حول العالم،يتنقل بها من بلد لأخرى عبر اليخت أحياناً، ومرات عبر طائرته الهليكوبتر الخاصة المتواجدة على سطح اليخت،

 لا يمكثان بمكان أكثر من يومين، كل ليلة تفتح عينيها على مكان جديد تنبهر من شدة روعته، على هذا الحال لهما أكثر من خمسة أسابيع، منفصلين عن العالم أجمع، مكتفيان ببعضهما، غارقان حتي الثمالة بقاع بحر غرامهما.. 

 تملمت “إسراء” بقلق أثر ذلك الألم الذي يداهم معدتها منذ الأمس، خاصةً حين شعرت ببرودة تجتاح أوصلها، فمدتت يدها الصغيرة تبحث عن زوجها بجوارها فلم تجد سوا الفراغ يحالفها.. 

فتحت عينيها ببطء، واعتدلت جالسة بتكاسل ساحبة روبها الحريري الأبيض الملقي على طرف الفراش، وارتدته قبل أن تغادر السرير.. 

أخذ منها الأمر لحظات قبل أن تهب واقفة وتركض بندفاع نحو المرحاض عندما شعرت بحاجتها للتقئ.. 

“فاااارس”.. 

صرخت بها أثناء تقيؤها، أطلقت آهه حادة، وانتفض جسدها بقوة، تناثرت حبات العرق على جبينها، وبرغم كل هذا انبلجت ابتسامة على ملامحها المتعبة، وتابعت بضعف قائله.. 

“بشرة خير”.. 

بينما كان “فارس” يسبح كعادته كل صباح، زحف القلق لقلبه فجأة، عاشق هو و بإمكانه الشعور بساحرتة أثناء تعبها، حزنها، وحتي فرحها.. 

خرج من المياه سريعاً، و سار نحو غرفته بخطوات مسرعة، فتح الباب واندفع نحو الداخل يبحث عنها بقلبه قبل عينيه عندما وجد فراشهما خالي مردفاً.. 

“إسراء أنتي فين حبيبتي؟!”.. 

كانت تخرج من الحمام بخطي متثاقلة، 

ضيق عينيه وهو يراها تقترب منه ببطء، وجسدها يتمايل بوضوح، وكأنها على وشك السقوط.. 

بلمح البصر كان قطع المسافة بينهما بخطوة واحدة، و لف يده حول خصرها خطفها داخل صدره مغمغماً بلهفة.. 

“مالك يا إسراء؟.. انتي دايخة؟! “.. 

ارتمت بثقل جسدها عليه،تعلقت بعنقه دافنه وجهها بصدره تستنشق عبق رائحته المختلطة بمياه البحر ، همهمت بستمتاع وبهمس بالكاد يسمع.. 

“اممم بقيت مدمنة ريحتك يا فارس”.. 

رفعت رأسها ونظرت له بابتسامتها الفاتنة، ليلاحظ هو شحوب وجهها الشديد فضيق عينيه وهو يقول بقلق.. 

“إسراء فيكي أيه يا روحي؟!.. شكلك مش طبيعي؟!”.. 

“أنا كويسة”.. قالتها وهي تداعب أرنبة أنفه بأنفها بعدما وقفت على أطراف أصابعها، رفعت يديها وسارت بها على عضلات بطنه السداسيه البارزة صعوداً بصدره ورقبته حتي استقرت على وجنتيه، 

أحتضنت وجهه بين كفيها وتابعت بفرحة غامرة ملئت عينيها بالعبرات.. 

” بس شكلي كده.. حامل منك”.. 

جمدت ملامح وجهه، و رمقها بنظرة خالية من المشاعر، للحظة أنقبض قلبها وهي تري رد فعله على خبر حملها الذي استقبله ببرود،

ازداردت ريقها بصعوبة حين شعرت بتصلب جسده حين ضمها له بقوة أكبر..

نظرت لعينيه بتفحص تحاول قراءة ما يدور بذهنه، وهمست بتوتر مرددة..

“فارس أنا لسه متأكدش.. هتأكد أكتر لما اعمل تحليل دم”..

أمسكت كف يده وضغطت عليه برفق مكمله بنبرة راجية..

“و لحد ما نتأكد ممكن متقولش لأي حد خالص”..

“اطمني يا بيبي أنا مش هقول لحد خالص”..

قالها “فارس” بملامح مريبة عجزت “إسراء” عن فهمها..

……………………………………. الحمد لله …….. 

.. داخل مصحة لعلاج الإدمان..

تصرخ “ديمة” بجنون وتتحرك بهسترية على الفراش المقيدة به بأحكام جعلت والدها “عباس” يطبق جفنيه بألم كمحاوله منه لكبح عبراته على حالة ابنته، وما وصلت إليه..

“هاتلي حقي من فارس يا بابي.. مش هتعالج إلا لما تحرق قلبه زي ما حرق قلبي”..

قالتها “ديمة” بأنفاس لاهثة من بين صرختها الحادة..

أطلق “عباس” زفرة نزقة من صدره، وتنهد بتعب مردفاً بنفاذ صبر..

“يا بنتي محدش من رجالتي عارفين يوصلوا ل فارس ولا لمراته.. مأمن نفسه على أعلى مستوي بأكفأ الحرسات”..

التمعت أعين” ديمة” بفكرة حمقاء راقت لها كثيراً ، فبتسمت بشر وهي تقول..

“يبقي خديجة.. موتها يا بابي.. بموت خديجة فارس هيتقهر واحتمال يموت وراها لأنها تعتبر كل عيلته”..

ابتسم” عباس” هو الأخر بخبث، و حرك رأسه لها بالايجاب ومن ثم أخرج هاتفة من جيب سرواله، وطلب إحدي الأرقام، لحظات واتاه الرد فتحدث بأمر قائلاً.. 

“خديجة الدمنهوري.. نفذ الليلة”.. 

…………………………………….. لا إله إلا الله ……… 

“خديجة”..

تجلس على الشاطئ تتأمل صفاء المياه الزرقاء بشرود أمام أعين “هاشم” الهائمة بها عشقاً ،تلك الرقيقة، صاحبة القلب الماسي التي أصرت على موقفها برفض الزواج منه و فضلت “فارس” عزيزها الغالي عليه، و حتي على نفسها كما تفعل دوماً..

لن تغامر بعلاقتها به، هي له والدته وصديقته وشقيقته الكبري، كل عيلته و هذا بالنسبة لها كافي..

رغم المشاعر التي تكنها ل”هاشم” إلا أن حب “فارس” أقوى و أكبر من أي شيء أخر بالكون كله ، فارس ابنها الذي لم تنجبه، نعم هي لم تحمله بأحشائها، ولكنها حملت حبه بقلبها..

هبطت دمعة حارقة على وجنتيها ببطء أسرعت بمسحها،أخذت نفس عميق، و رسمت ابتسامة زائفة على ملامحها و هبت واقفة تسير بنعومة على الرمال بقدميها الحافية، خلفها حرسها على رأسهم “هاشم” الذي أقترب منها حتي أصبح يسير بجوارها ..

“ارحمي قلبي و قلبك و وافقي على جوازنا يا خديجة”..

قالها “هاشم” بنبرة راجية، و عينيه تشملها بنظرة لهفة لا تخلو من الإعجاب..

نظرته لها تجعل قوتها تتبخر، و تزيد من توترها، وانتفاضة قلبها التي تتدافع خاصةً حين أستنشقت عبق رائحته المزلزل لكيانها..

تنحنحت كمحاوله منها لإيجاد صوتها وهمست بخجل قائلة..

“هاشم من فضلك الموضوع دا منتهي بالنسبالي، فبلاش تفتحه تاني؟!”..

قطعت حديثها، وشهقت بقوة حين لف “هاشم” يده حول خصرها، و جذبها داخل حضنه، وسقط بها أرضاً معتليها، وحاوط جسدها بجسده بحماية..

فتحت فمها لتوبخة على فعلته الفاضحة من وجهة نظرها، جحظت عينيها بهلع حين رفع”هاشم” رأسه ونظر لها بأعين زائغة، وفمه بدأ يسيل منه الدماء، 

“بحبك يا خديجة”..

همس بها بضعف، و تراخي جسده على جسدها فاقداً الوعي أو ربما فاقداً الحياة، صرخت “خديجة”  مرددة اسمه بصوت مرتعش..

“هاااشم.. فيك ايه رد عليا؟!”..

هنا دوي صوت وابل من الطلقات نارية متتالية جعلها ترفع كلتا يديها، و تضمه لها بكل قوتها لتشعر بسائل لازج على كف يدها يتدفق بغزارة من كتفة الأيمن، تعالت صرختها المرتعدة وهي تري يديها الغارقة بدماء الرجل الوحيد الذي نبض قلبها له بما يسمي الحب..

توقفت عن الصراخ فجأة عندما رأت رجل ضخم الجثة يرتدي قناع على وجهه وقف أمامهما مباشرةً، و صوب تجاههما سلاحة عندها ادركت أنها ستلقي حتفها الآن هي الأخرى لا محالة، فأغلقت عينيها لتنهمر عبراتها بغزارة أكثر، و بصعوبة همست بتقطع..

“وأنا كمان بحبك يا هاشم”..

دوي صوت الطلقات النارية مرة أخرى، و صوت “غفران” الذي  يركض بهروله حتي وصل لهما وجثي على ركبتيه بجوارهما يتفحصهما بملامح شاحبة مردفاً..

“خديجة أنتي كويسة؟!”..

قالها وهو يحمل “هاشم” عنها بحذر مكملاً بأمر لرجاله..

“إسعاف بسرررعه”..

رواية غرام المغرور الفصل الثانى والأربعون 

عندما يتعلق قلبنا بحب أحدهم، فدائمًا ما يربط سعادتنا في الحياة بالحبيب، فتبدأ مشاعرُ الخوف تتملكك مننا، وتتوالى علينا وساوسُ الفقدان والفراق، ونتساءل عن كيفية العيش بعد أن أصبح الهواء الذي نتنفسه، كيف نستطيع الإستمتاع بالحياة بدونِ حُبهِ؟،..

..بعد مرور عدة ساعات..

عاد “فارس” برفقة زوجته للغردقة بعد غياب دام لأكثر من شهر، بعدما هاتفه “غفران” و أخبره بما حدث ل “خديجة” و إصابة “هاشم” تحرك باليخت على الفور..

كان التعب بدأ يتمكن من “إسراء” أكثر خاصةً حين صعدت معه على متن الطائرة الهليكوبتر التي هبطت بهما أمام مركز طبي تابع للقرية السياحية التي يملكها زوجها،

“إسراء حبيبتي وصلنا المستشفى خلاص أهدي”..

همس بها “فارس” بلهفة داخل أذن “إسراء” التي تتقيأ بعنف،أسرع هو بحملها و غادر الطائرة بحذر متجه لداخل المستشفى بخطوات مهروالة،

أستجمعت “إسراء” قوتها و رفعت يدها مسدت على صدر زوجها بحركتها التي يفضلها “فارس” كثيراً بعدما رأت ملامحة التي بدي عليها الزعر، والخوف الشديد..

” فارس والله أنا كويسة، متقلقش عليا، و خلينا نطمن على خديجة”..

همست بها “إسراء” بخفوت، و هي تراه يخطو بها داخل غرفة الكشف..

كان في انتظارهما فريق طبي كامل على أبهى إستعداد، مال بها “فارس ” ووضعها على الفراش برفق، لتشعر هي بنتفاضة جسدة المتصلب، والتي تدل على مدي قلقه عليها..

هندم لها حجابها، وزال حبيبات العرق بأنامله عن جبهتها، وابتسم لها ابتسامة هادئة مغمغماً..

“غفران طمني الحمد لله على خديجة، و كمان على هاشم الرصاصة جت في كتفه، هطمن عليكي الأول يا إسراء ، وهطلع لهم.. هما معانا هنا في المستشفي”..

………………………………… سبحان الله ????…………

.. داخل غرفة بالمستشفى..

تجلس “إلهام” بكرسيها المتحرك بجوار السرير النائمة عليه”خديجة” بعد أعطائها حقنة مهدئة ظلت نائمة على أثارها لساعات طويلة..

” هاشم”.. تمتمت بها” خديجة” بضعف، وهي تجاهد لفتح عينيها، جعلت “إلهام” تقترب منها وتتحدث بلهفة قائله..

“خديجة فوقي يا حبيبتي.. متخفيش سي هاشمله بتاعك اتعور تعويرة بسيطة و هيبقي زي الفل ان شاء الله” ..

انتفضت بفزع حتي أنها كادت أن تسقط من فوق كرسيها أرضاً حين هبت “خديجة” فجأة جالسة، وصرخت بقوة مرددة..

“هااااشم”..

شهقت ” إلهام” بعنف، وهي تجذب ياقة عبائتها، وبصقت داخلها عدة مرات مردفة بغضب مصطنع..

” ايه يا خديجة يا أختي دا.. رعبتيني أخس عليكي”..

نظرت لها “خديجة” تستجديها بنظرتها، وقد امتلئت عينيها بالعبرات، و ببكاء قالت..

“هاشم يا إلهام خد الرصاصة بدالي.. قوليلي جراله أيه”..

اجهشت بالبكاء أكثر مكملة بتوسل..

“قوليلي أنه مامتش ولسه عايش يا إلهام”..

ابتسمت لها” إلهام” شقية واجابتها بجدية مصطنعة قائلة..

“اطمني يا حبيبتي والله سي هاشمله عايش، والحمد لله الرصاصة جت في كتفة بعيد عن قلبه اللي بيحبك”..

توردت وجنتي “خديجة” بحمرة قاتمة، ونظرت لها بعبوس مردفة..

“حب أيه بس يا إلهام.. هاشم كان بيشوف شغله مش أكتر”..

ضيقت” إلهام” عينيها، و رمقتها بنظرة ماكرة، وتحدثت بمزاح قائلة..

” شغله؟!.. اممم شغله يا شغله اللي يخليه يضحي بنفسه علشان ينول رضا البسكوتة بتاعتنا”..

ربتت على قدمها وتابعت بتعقل قائلة..

“الراجل بيحبك يا خديجة دي حاجة واضحة زي الشمس، و انتي كمان قلبك مايل ليه، و فارس عمره ما يرفضلك طلب، وأنتي واثقة من كدة يبقي لزمته أيه عندك، و دماغك الناشفة دي يا حبيبتي “..

همت” خديجة” بالرد عليها، و لكن طرقات هادئة على باب الغرفة قطع حديثهما..

“ادخل يلي بتخبط”.. قالتها” إلهام ” بعفويتها المعهودة..

فُتح الباب ،وخطي” غفران ” للداخل وتحدث بابتسامة قائلاً..

” حمد الله على سلامتك يا ديجا.. الحمد لله جت سليمة “..

” طمني على هاشم يا غفران”.. غمغمت بها “خديجة” بلهفة فشلت في إخفاءها..

انبلجت أبتسامة عابثة على ملامح “غفران”، وهو يجيبها..

“اطمني.. هاشم كويس الحمد لله و الدكاترة طلعوا الرصاصة من كتفه، وهو دلوقتي في الأوضة اللي جنبك على طول، و كمان فارس و مراته وصلوا تحت في الإستقبال “..

“في الإستقبال؟!.. هي إسراء تعبت منه ولا أيه يا غفران يا ابني؟!”.. قالتها “إلهام” بقلق بادي على وجهها.. فأسرع”غفران” بالرد عليها قائلاً..

” اطمني يا مدام إلهام بنت حضرتك كويسة.. بس داخت شوية لما ركبت اليخت، والطايرة في وقت واحد”..

أسرعت” إلهام “بالتحرك بكرسيها، ونظرت ل”خديجة” مغمغمة..

” هروح أطمن عليها و ارجعاك تاني يا خديجة يا أختي”..

وجهت نظرها ل “غفران” وتابعت بنبرة راجية..

وديني ليها يا ابني الله لا يسيئك.. مش هتأخر عليكي يا ديجا”..

قالت “خديجة”.. بقلق.. “أبقى طمنيني عليها يا إلهام”..

انتظرت حتي تأكدت من ذهابهما، وتحاملت على نفسها، وهبت واقفة وسارت بخطي مرتجفة لخارج الغرفة قاصدة غرفة” هاشم”..

وقفت أمام باب الغرفة، وأخذت نفس عميق، و من ثم طرقت عليه، وفتحته و دلفت للداخل..

سارت ببطء حتي توقفت بجوار السرير النائم عليه “هاشم” تتأمل ملامحة بعشق ظاهر على ملامحها الرقيقة،تنهمر عبراتها على وجنتيها بغزارة رغم أنها تبكي بصمت..

“هاشم.. حبيبي فوق علشان خاطري”..

همست بها “خديجة” و اجهشت ببكاء مرير و هي تتخيل أنها كانت على وشك فقدانه للأبد..

تلك الرصاصة كانت من المفترض أن تصيبها هي، و لكنه فداها بروحه دون لحظة تردد، يأكد بها حبه الصادق لها..

“خديجة”.. تمتم بها “هاشم” بين الوعي واللاوعي جعلها تميل بوجهها على وجهه وتنظر له بلهفة مردفة..

“أنا هنا يا هاشم.. بليز فتح عيونك”..

إنصاع لطلبها على الفور، وفتح عينيه ينظر لها نظرته المتيمة بها عشقاً متمتماً.. “انتي كويسة؟ “..

حركت رأسها بالايجاب، وقد عجزت عن الرد عليه بسبب بكائها الشديد،مما دفعه لرفع يده السليمة على وجهها، وضعها أسفل ذقنها يجذبها عليه أكثر حتي تلامست أنفهما، وللمرة الأولى لم تبتعد عنه “خديجة” بل اقتربت منه أكثر حتي شعرت بأنفاسة تلفح بشرتها..

“بلاش عياط يا خديجة.. دموعك بتوجع قلبي”..

“سلامة قلبك يا هاشم”.. همست بها “خديجة” بصعوبة من بين شهقاتها الملتاعة،جعلت “هاشم” يبتسم لها ويهمس بفرحة غامرة اعتلت ملامحة المجهده..

“أسمى طالع يجنن من بين شفايفك يا أرق و أجمل خديجة في الدنيا”..

ختم جملته، و خطف من شفتيها قبلة صغيرة، حجظت أعين” خديجة” بصدمة من فعلته، وأسرعت بالركض لخارج الغرفة وهي تقول بتلعثم..

” ح حمدلله على السلامة”..

…………………………………….. الحمد لله ????………….

” فارس “..

ممسك بيد زوجته يضغط عليها برفق أثناء حديثه للطبيبة التي أنتهت للتو من إجراء فحص شامل ل”إسراء”..

“بقالها كذا يوم أكلتها ضعيفة، داخت مني كذا مرة، بتنام كتير على غير العادة،اشتكت من الصداع مرتين،رجعت انهارده 3 مرات و كل ما أديها عصير أو حتي ميه ترجعها، و لحد دلوقتي ماكلتش اي حاجة”..

صمت لوهله، ونظر لزوجته التي تطلع له بنظرات منذهلة، لم تتخيل ان خوفه، وقلقه عليها يصل إلى هذا الحد، و انه يتابع حالتها بترقب هكذا..

” فارس باشا اطمن سيادتك”..أردفت بها الطبيبة بعملية، و تابعت بابتسامة متسعة قائلة..

“تحليل الدم و البول أكدو ان المدام حامل.. ألف مبروك”..

تهللت أسارير “إسراء”، وأشرقت ملامحها بسعادة بالغة، بينما “فارس” ظهر الغضب على ملامحه أكثر ، و تحدث بتساؤل مستفسراً..

“يعني معقول الحمل هو اللي تعبها أوي كده؟!”..

الطبيبة.. “أيوه يا فارس باشا.. كل اللي بيحصل للهانم دا أعراض طبيعية جداً في بداية الحمل، و ممكن تزيد كمان خلال الشهرين الجايين”..

حرك “فارس” رأسه بالنفي، وتحدث بصرامة قائلاً.. “أنا مش عايزها تتعب”..

ضم زوجته داخل صدره بقوة مكملاً..

” و لو الحمل دا هيتعبك يبقي انا مش عايزه يا إسراء “..

رباه تملك الخوف من قلبه،لن يغامر بفقدانها مهما كلف منه الأمر، هي أولاً وأخيراً و قبل كل شيء..

شعرت “إسراء” بما يدور بذهنه، وما يشغل خاطره،فضمته لها أكثر ، و تحدثت بتفهم قائله..

“فارس.. حبيبى أهدي ،و متخفش عليا أنا كويسة والله “..

رفعت رأسها ونظرت له نظرتها العاشقة التي تبعثر مشاعرة، وتغلف قلبه بالطمأنينة..

“ومبسوطه ،وهطير من الفرحة علشان انا حامل منك “..

قبلت موضع قلبه بعمق، وتابعت بصوت تحشرج بالبكاء..

“ألف مبروك علينا يا حبيبي”..

” لازم تعرفي أني معنديش اي إستعداد أني أخسرك”..

همس بها “فارس” بنبرة محذرة، فحركت له رأسها بالايجاب، وهمست بثقة..

“عارفه ،وواثقة كمان، واطمن بمشيئة الله كله هيبقي تمام”..

“مبروك يا عيون يا فارس”.. قالها وهو يميل على وجنتيها ويطبع قبلة مطولة، وعاد دثها داخل حضنه مرة أخري..

أغلقت” إسراء ” عينيها تنعم بقربة، و حبه لها الذي دوماً يغرقها به،نهرت نفسها بقوة حين داهمها ذكري إحدي محاولاتها للهروب منه،تسأل نفسها كيف كانت تجاهد حتي تبتعد عنه، و تحرم قلبها من عشق مثل عشق فارسها..

.. فلاش باااااااااااك..

إسراء”..

تسير بخطوات حذره على أطراف أناملها.. واضعه إحدي أصابعها في فمها بطفوله.. نظرت حولها تتأكد من عدم وجود أحد..

تنهدت براحه حين تأكدت أن جميع من بالقصر ينعمون بنوم عميق.. فتابعت سيرها وهي تمتم لنفسها قائله..

“يارب الحرس اللي قدام القصر يكون نايم هو كمان، وأعرف أخرج من هنا بقي”..

ابتسمت بتساع، وحماس شديد وهي تقترب من باب القصر الداخلي..تمايلت بخصرها يميناً، ويساراً، وقامت بتقليد “فارس” قائله..

“مش هتعرفي تخطي بره باب الاوضه”..

“بقي انا بتكلم بالرقه دي، ولا برقص حاجات تجنن وتطير العقل كده ؟! “..

قالها “فارس” الواقف خلفها مستند على الحائط، وواضع كلتا يده بجيب سرواله، ويرمقها بنظرات ماكره، مال عليها بوجهه و بدأ يسير بأنفه على وجنتيها مكملاً ..

“وبعدين ينفع واحدة تهرب من جوزها قبل حتى ما تدوق حضنه وقربه اللي أنا واثق إنك مش بس هتحبيه..دا أنتي هتدمنيني.. زي ما أنا هتجنن عليكي”..

إزداردت لعابها بتوتر من قربه منها إلى هذا الحد،و حديثه الجرئ الذي يجعلها على وشك الأنصهار من شدة خجلها، وتحدثت بقوة مزيفة قائلة..

” أسمع يا فارس بيه.. أنا مش مراتك، وحتة الورقة اللي خلتني أمضى عليها دي بلها واشرب مياتها.. علشان الجواز اللي أنا اعرفه بيكون بمأذون وشهود غير كده ميبقاش جواز أصلاً “..

“رغم أن حتة الورقة اللي بتقولي عليها دي عقد شرعي ومتوثق بشهود.. بس و ماله يا بيبي اكتب عليكي حالاً بمأذون وشهود زي ما أنتي عايزة لو دا هيخليكي تقتنعي إنك مرات فارس الدمنهوري “..

أنهى جملته وأخرج هاتفه من جيب سرواله و طلب إحدي الأرقام و انتظر الرد للحظات..

” أيوه يا غفران.. هاتلي مأذون و واحد يشهد معاك وتعالي عندي القصر دلوقتي حالاً”..

وبالفعل خلال دقائق معدودة كان يعلن المأذون فارس زوج ل إسراء على كتاب الله وسنة رسول الله..

يتبع……

غرام المغرور.. 43

“إسراء” مستكينة بحضن زوجها تستعيد بذهنها ذكرياتها برفقة فارسها، متعجبة من حال الدنيا، و ما وصلت إليه، منذ عدة أشهر كانت لا تطيق النظر إلى هذا الرجل الذي تنعته بالمغرور، كيف أصبحت الآن تذوب فيه عشقًا؟!..

حتي غروره باتت متيمة به بعدما أمتلكها قلبًا وقالبًا، وحملت لقب يجعل قلبها يتراقص فرحاً حين يهمس لها “فارس” بنبرته المدوخة أنها وحدها

“غرام المغرور” لا يوجد قبلها، ولن يأتي بعدها..

بينما كان “فارس” يضمها لصدره بقوة، مشاعر مختلطة اعتلت ملامحة بين الفرحة، التوتر، القلق، والخوف أيضًا..

يده تمسد على بطنها الصغيرة بحنو، و جملة واحدة تعاد بخاطرة، أيعقل تحقق حلمه الذي كان يحترق له شوقًا، و ساحرته تحمل بأحشائها طفلاً منه؟!..

ترقرقت عينيه بالعبرات رغم ابتسامته الهادئه التي تزين محياه، و ذات من ضمها أكثر مقبلاً رأسها قبله طويلة مغمغمًا..

“مش مصدق أن جواكي ابني يا إسراء”..

“أو بنتك؟”.. غمغمت بها “إسراء” بغنج، وهي تتمسح بوجهها بين حنايا صدره كقطة وديعة..

احتضن وجنتيها بين كفيه، و رفع وجهها حتي تقابلت عينيه بعينيها، و تحدث بلهفة، و خوف شديد ظاهر على ملامحة الوسيمة..

“بنت.. ولد أنا راضي والله يا حبيبتي بكل اللي ربنا يرزقنا بيه.. بس أهم حاجة عندي في الدنيا كلها صحتك أنتي، و تقوميلي بالسلامة”..

استشعرت هي مدي قلقه عليها فأهدته ابتسامتها الساحرة، و مدت يدها الصغيرة وضعتها على صدره و بدأت تمسد عليه بحركتها التي يفضلها فارس كثيراً مرددة..

“فارس.. يا روحي أنا كويسة والله، و تعبي دا حاجة طبيعية بتحصل لأي ست حامل”..

أمسكت ياقة قميصه بأطراف أناملها جذبته إليها، وطبعت قبلة رقيقه بجانب شفتيه، و هي تقول بهمس..

“يله روح اطمن على ديجا و ارجعلي بسرعة علشان تطمني عليها”..

“اممم ديجا كويسة اطمني”.. دمدم بها” فارس ” وهو يأخذ نفس عميق يملأ به رئتيه بعبق رائحتها المثيرة حد اللعنة بالنسبة له، و مال على عنقها من أسفل حجابها يلثمه بتمهل مكملاً..

“و أنا هفضل معاكي هنا مش هسيبك لوحدك لحد ما تخلصي المحلول و نطلع ليها سوا”..

صوت طرقات على باب الغرفة جعله يبتعد عنها على مضض، و تنحنح كمحاوله منه لإيجاد صوته، و من ثم تحدث بصرامة قائلاً..

“ادخل!”..

فتُح الباب و دلفت “إلهام” بكرسيها المتحرك بهرولة،بينما ظل” غفران ” الذي كان يرافقها بالخارج، و في خلال ثواني معدودة كانت توقفت بجوار سرير ابنتها، وانتشلتها داخل حضنها وهي تقول ببكاء..

” إسراء.. يا ضنايا يا بنتي.. فيكي أيه يا كبد أمك؟!”..

” يا حبيبتي يا ماما.. واحشتيني أوي والله”.. غمغمت بها “إسراء” و هي تزيد من ضم والدتها لها أكثر مكملة بنبرة راجية..

“أهدي يا حبيبتي متعيطيش..أنا كويسة متقلقيش عليا”..

نظرت لزوجها و عضت على شفاتيها بخجل هامسة..

” قولها أنت يا فارس “..

تنقلت” إلهام” بنظرها بين ابنتها و زوجها، كانت السعادة تعتلي ملامحهما، لتشهق فجأه بفرحة غامرة مرددة..

“بت يا إسراء أنتي حامل يابت؟!”..

هنا اتسعت ابتسامة” فارس “، ورفع يده وبدأ يمسد على رأس زوجته نزولاً بظهرها متمتماً..

“أيوه يا ست الكل.. إسراء حامل.. يعني حضرتك هتبقي جدة للمرة التانية، بنتي إسراء هيجلها أخ او أخت؟!”..

قطع حديثه فجأة، و عقد حاجبية و تابع مستفسراً..

” هي فين إسراء؟!”..

تنهدت “إلهام” براحة، وتمتمت بحمد الله بسرها مرات متتالية، وقبلت ابنتها بحب مرددة..

“ألف مبروك يا ضنايا “..

نظرت ل” فارس ” و أجابته وهي تمسح عبراتها..

“اطمن يا فارس يا ابني إسراء عند عهد مرات غفران صاحبك.. هو معايا برة واقف قدام الباب”..

طبع “فارس” قبلة عميقة على جبهة زوجته، وهب واقفًا وسار نحو الخارج وهو يقول..

“طيب أنا هشوفه ، و أرجعلكم على طول”..

أوقفه صوت “إسراء” تقول بتعقل..

“فارس أنا مبقتش لوحدي.. ماما معايا.. روح انت اطمن على ديجا، وطمني عليها”..

حرك رأسه لها بالإيجاب،و ألقي لها قبلة بالهواء بجرائة قبل أن يفتح الباب مردداً..

“مش هتأخر عليكي يا روحي”..

” يا خراشي منك ومن جرائتك يا جوز بنتي”..

قالتها” إلهام” بخجل بعدما غادر” فارس ” الغرفة غالقاً الباب خلفه، نظرت لابنتها بشقاوة مكملة..

” أخبارك ايه.. طمنيني عليكي يا حبيبتي، و جوزك عامل أيه معاكي”..

تنهدت “إسراء” براحة و هي تندس داخل حضن “إلهام” مرة أخرى متمتمه..

” اطمني يا أم إسراء..أنا كويسة الحمد لله، و فارس دا رزقي الحلو بسبب رضاكي عليه”..

سبحان الله ????…………………………………………..

.. بمكان ما..

صرخات متألمة تصدع بقوة بأرجاء المكان، كان “محمد” والد “فارس” يجلس بهنجعية على كرسيي واضعاً ساق فوق الأخرى، يدخن سيجارة الفاخر ويزفر دخانه بتمهلٍ، و عينيه تتابع ما يحدث ببرود لا يخلو من التشفي..

بينما كانت “ديمة” والدها “عباس” معلقان بسوط عريض من كلتا أيديهم، وإحدى الرجال الحرس الخاص بهما هو من يقوم بلكم والدها مراراً وتكراراً دون توقف حتي انفجرت الدماء من أنفه وفمه بغزاره..

“كفايا.. حرام عليك هتموته.. بابي استقال من الوزارة زي ما طلبت.. عايز مننا أيه تاني؟! “..

صرخت بها” ديمة” بنهيار شديد وهي تري والدها بدأ يفقد وعيه..

رمقها “محمد” بنظرة مستهزءة، و أخذ نفس عميق وتحدث بأسف قائلاً..

“أنتي و أبوكي اللي عملتوا كده في نفسكم.. لما قررتم تضربوا نار على أختي.. خديجة هانم الدمنهوري، وأنا حذرت عباس بس هو فاكرني بهوش بالكلام، واديني بقرشين اشتريت كل الحرس بتاعتكم وسلموكم ليا هنا تسليم أهالي “..

بكت “ديمة” بحرقة من شدة خوفها، وهمست بصعوبة من شهقاتها قائلة..

” وبابي نفذ كلامك وفسخ الشراكة مع ابنك، وكمان ساب شغله.. سيبنا نمشي بقي و احنا هنسافر برة البلد ومش هتشوف وشنا تاني”..

” كدا نبقي متفقين.. بس فاضل تاخدوا الرصاصة بتاعتكم اللي ضربتوها على أختي و جت في كتف خطيبها هاشم الرفاعي”..

قالها” محمد ” وهو يهب واقفاً و من ثم أخرج سلاحة الناري من جيب معطفه وصوبه نحوها، لتجحظ عينيها بهلع، ويصرخ والدها برعب مردداً..

” بنتي لااا موتني أنا وسيبها أبوس رجلك”..

لم يهتم” محمد” بتوسله، وضغط الزناد لتخرج منه رصاصة أستقرت بكتف” ديمة” التي فقدت وعيها في الحال من شدة الألم..

“كده نبقي خلصين يا عباس”.. أردف بها “محمد” وهو يسير نحو الخارج وخلفه حرسه الخاص، وحتي حرس “عباس”..

نظر لإحدى رجاله وتحدث بأمر قائلاً..

“هات دكتور يعالجهم، وأول ما يخلص توصلهم للطيارة”..

………………………………………. الحمد لله ????……

بالمستشفى..

يسير” فارس” برفقة “غفران ” داخل الممر المؤدي لغرفة “خديجة”..

“إحنا لازم كلنا نرجع مصر في أقرب وقت يا فارس.. كفايا أوي على الغردقة لحد كده”..

قالها ” غفران ” وهو يشير بعينيه على غرفة “هاشم” و غرفة “خديجة” مكملاً ..

“جالي معلومات ان أبوك نفخ عباس هو و ديمة بنته، وخلاه يستقيل من الوزارة،وهيهرب ويسيب البلد كلها”..

أطلق “فارس” زفرة نزقه من صدره، وصك على أسنانه بغيظ مغمغماً..

“أبويا بيرحمه من اللي كنت ناوي اعمله فيه هو وبنته”..

صمت لبرههٍ وتابع بتعقل..

” بس انت عندك حق..أحنا لازم نرجع القصر ونتلم كلنا في بيت واحد بقي ، و الحمد لله أنها جت على اد كده”..

ابتسم فجأه بسعادة بالغة وأكمل بفخر..

“خصوصًا ان إسراء حامل مني”..

ابتسم” غفران ” هو الأخر ابتسامة متسعة تظهر جميع أسنانه مردداً..

” وعهد كمان حامل”..

ساد الصمت للحظات، ومن ثم انفجرا بالضحك هما الأثنين، واحتضنا بعضهما ..

” ألف مبروك يا صاحبي “..

قالها “فارس” وهو يربط بقوة على ظهر “غفران”..

“الله يبارك فيك يا حبيبي”.. قالها” غفران” وهو يدفعه برفق نحو غرفة “خديجة” مكملاً..

“يله شوف خديجة، وأنا هشوف هاشم علشان او الدنيا تمام نتحرك على طول”..

…………………………………….. الله أكبر ????………….

.. بغرفة خديجة..

كانت تجلس على الفراش بشرود، عبراتها تهبط على وجنتيها ببطء رغم تلك الابتسامة التي تزين ملامحها الرقيقة كلما داهمتها ذكري قبلة” هاشم ” التي سرقت أنفاسها..

لم تنتبه لطرقات الباب ااذي فُتح و دلف “فارس” بهدوء غالقاً الباب خلفه، رفع حاجبيه بدهشه حين لمح هيئة عمته الغالية،

“واحشتيني يا ديجا”..

تفوه بها “فارس” جعلها تنتفض بفزع، ومن ثم ركضت عليه فاتحة زراعيها له مردده بلهفة..

“فارس.. يا حبيبي.. حمدلله على السلامه”..

هرول “فارس” نحوها وضمها لصدرة بحب، يطمئن قلبه بوجودها، ف. “خديجة” بالنسبة له أمانه و حمايته حتي من نفسه.. هي والدته التي قامت بتربيته لا شك في هذا أبداً..

“أنتي كويسة؟!”..

قالها بعدما ابتعد عنها قليلاً، وضم وجنتيها بين كفيه، بكت” خديجة” بنحيب وهي تحرك رأسها بالايجاب، وبتقطع همست..

“الحمد لله كويسة.. بس هاشم خد الطلقة مكاني”..

“متخفيش هيخف، وهيبقي كويس جداً”..

غمز لها بمكر مكملاً..

“لما تحني عليه وتواففي تتجوزية”..

توردت وجنتي “خديجة” بشدة، وابتعدت عنه سريعاً وهي تقول..

“أنت بتقول أيه يا فارس!!”..

“هتتجوزي يا خديجة؟!”..

أردف بها “فارس” بابتسامة دافئة وهو يقترب منها بخطوات هادئة حتي توقف أمامها مباشرةً مرة أخرى ..

شحبت ملامح “خديجة” وابتعدت بعينيها عنه، وتحدثت بتوتر قائلة..

“جواز أيه بس يا فارس!! .. لا طبعاً يا حبيبي أنا مستنيه اليوم اللي اشيل ولادك فيه على أيدي”..

ينظر لها نظرات متفحصة..عينيها أعين امرأه عاشقة.. توترها وانتفاضة جسدها تفضح مشاعرها..فهو عاشق وخبير بتلك العلامات جيداً ..

“أنا مش بسألك يا ديجا.. أنا بعرفك أنك هتتجوزي وهتبقي أجمل عروسة يا أحلى ديجا في الدنيا كلها”..

قالها” فارس ” بعدما أحتضن وجنتيها بين كفيه، ومال على جبهتها قبلها قبلة طويلة مكملاً..

“وهعملك فرح متعملش لعروسة قبلك”..

انهمرت عبراتها على وجنتيها كالشلال رغم ابتسامتها التي زينت ملامحها الرقيقة..

” بتقول أيه بس يا حبيبي.. معقول أنت موافق إني اتجوز وأنا في العمر دا؟!”.. همست بها “خديجة” بإحراج شديد وقد احتقن وجهها أكثر بحمرة قاتمة من شدة خجلها، وإحراجها..

اجابها” فارس” بدون ذرة تردد..

” طبعاً موافق يا خديجة.. كل فترة في عمرنا وليها جمالها،لازم نعيشها بحلوها ومرها، ودلوقتي حان وقت الحلو يا خديجة الحلو وبس، وبما أنك زي القمر فطبيعي أن هاشم باشا يقع على جدور رقبته من أول لحظة يشوفك فيها ويفضل يتحايل عليا اجوزك ليه”..

غمز لها بشقاوة وتابع قائلاً..

” بس أنا قولتله ان الرأي رأيك يا جميل، وطبعاً واضح جداً أنك موافقه يبقي على بركة الله “..

ضم رأسها لصدره بحب،وربت على ظهرها بحنان بالغ كأنها صغيرته المدلله.. لتتعالي شهقاتها خاصةً حين تابع بصوت تحشرج بالبكاء..

” ألف مبروك يا.. أمي”..

مسد على شعرها بكف يده مكملاً..

” وفي خبر كمان هيفرحك أوي”..

رفعت رأسها ونظرت له بابتسامتها البريئه وبتمني قالت..

“قولى ان مراتك حامل”..

مال على يدها برأسه قبل كفها بعمق وهو يقول..

“هتبقي أحن تيته في الدنيا كلها يا أرق خديجة”..

…………………………. لا قوة إلا بالله ????………………

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر..

بقصر الدمنهوري..

داخل جناح”إسراء “..

ظهرت تعابير الفرحة الغامرة على وجه “خديجة” حين قالت “إسراء” بحماس و سعادة بالغة وهي تصفق بكلتا يديها..

“فارس قلبي اتفق مع دار أزياء في باريس هتعمل أجمل فستان فرح لأحلى ديجا في الدنيا”..

ضمت “خديجة” بحب، لتبادلها هي الضمة وقد توردت وجنتيها بحمرة الخجل حين تابعت “إسراء” بشقاوة..

“بيحضر لفرحك كأنه فرحه هو يا خديجة، و اتفق لينا احنا كمان على فساتين تجنن ليا أنا و آنسة إسراء بنتي”.. صكت على أسنانها بغيظ مصطنع مكملة..

“اللي بتحب فارس أكتر مني”..

ابتعدت عن” خديجة” و نظرت ل “إلهام” الجالسة على كرسيها المتحرك تتابع حديث ابنتها بابتسامتها الحنونة التي اتسعت حين غمزت لها وحيدتها وهي تقول..

“و فستانك بقي يا لوما وهم.. حكاية.. هيعجبك أوي يا ماما”..

“فستان ليا أنا؟!”.. غمغمت بها “إلهام” بدهشة، و قد جحظت عينيها وهي تري ابنتها تحرك رأسها لها بالايجاب مردفة..

“ليكي و ل إيمان و ل طنط مارفيل  كمان فستان يا أم إسراء”..

رفعت “إلهام” يدها ووضعت أصابعها أسفل ذقنها وتحدثت بعفويتها المعهودة قائلة..

” بقي أنتي على اخر الزمن بعد ما قربت على ال60 سنة عايزة تلبسيني فستان يابت يا إسراء”..

صمتت لبرهةٍ وتابعت بتمني..

“دا بدل ما تجبيلي عباية للحج ولا حتي عمرة”..

هبت “إسراء” واقفة ليظهر انتفاخ بطنها الصغيرة الذي ذادها جمالاً فوق جمالها، وسارت بخطي هادئه نحو “إلهام” وقفت جوارها، وضمت رأسها لصدرها بمنتهي الرفق، وتحدثت بحنو و هي تميل بوجهها على جبهتة “إلهام” تقبلها قبلات متتالية قائلة..

“انتي تؤمرني أمر يا ماما.. بمشيئة الله انهارده تكون عندك أشيك عباية تليق بالحاجة إلهام”..

رفعت “إلهام” عينيها التي غزتها العبرات، ونظرت لها بلهفة، و همست بصوت متقطع تحشرج بالبكاء..

“بتتكلمي جد يا بنت قلبي؟!.. هتوديني أزور الحبيب و احط أيدي على شباكه؟؟”..

” هوديكي يا حبيبتي “.. قالتها “إسراء ” وهي ترفع كف يد” إلهام” وتقبلها بعمق مكملة..

“أنا وفارس المفروض عملنهالك   مفاجأة.. فلما فارس يقولك أبقى اتفاجئ كأني مجبتلكيش سيرة يا لوما”..

“يراضيكي، ويرضي عنك ولا تضري ولا تتحوجي وتقومي بمليون سلامة انتي وضناكي زي ما أنتي جبره خاطري وساندة ضهري يا إسراء يا بنت إلهام قادر ياكريم يارب”..

هتفت بها “إلهام” بعدما رفعت كلتا يديها للسماء، تدعوا من صميم قلبها، وعبراتها تنهمر على وجنتيها كالشلال دون توقف، فقد حققت أبنتها وزوجها حلمها بزيارة البيت الحرام التي لطالما كانت تتوق شوقًا لرؤيته..

حاولت السيطرة على بكائها الحاد، وتنقلت بنظرها بين” إسراء، و خديجة” التي تبتسم لها رغم أنها تبكي هي الأخرى لبكائها، و أردفت بثقة عمياء..

“عارفين أنا لما أروح عند الحبيب وأصلي تحت شباكة بمشيئة الله هرجعلكم ماشية على رجلي”..

صمتت لوهلة واجهشت بالبكاء وتابعت..

“قدرة ربنا هتكون فوق كل شيء وهيحن ويمن عليا من فضله ويكسر كلمة الدكاترة قالوا أني مستحيل أرجع أمشي على رجلي مرة تانية”..

جثت “إسراء” على ركبتيها أمامها ارضاً، و امسكت يديها بين مفيها وتحدثت بتمني..

“مافيش حاجة بعيدة عن ربنا.. إن شاء الله يا حبيبتي هتخفي وترجعلنا واقفة على رجلك”..

اقتربت منهما” خديجة” وقفت بجوار” إلهام ” تربت على ظهرها بحنان وهي تقول..

” وأنا مش هعمل فرحي إلا لما تروحي العمرة و ترجعي يا إلهام، وبإذن الله ترجعلنا وأنتي ربنا جابر خاطرك ومحقق ليكِ كل اللي في نفسك يا حبيبتي”..

يتبع……

رواية غرام المغرور 44..

بشركة الدمنهوري..

إنقضى أغلب يوم “فارس” في مباشرة أعماله الكثيفة داخل غرفة الإجتماعات، ساعات طويلة و هو يدير عمله بحزمٍ و اجتهاد شديد، مما جعله مصنف من أشهر رجال الأعمال في الوطن العربي رغم صغر عمره الذي لم يتخطى الرابعة والثلاثين بعد..

بجانب من الغرفة تجلس به الصغيرة “إسراء” التي اعتادت على الذهاب معه من حين لآخر، و هو لم يستطيع رفض طلبها، و لا رؤية دموعها حتي تركت بصمتها و ألعابها  بكل شبر بمكتبه..

ممسكة التابلت الخاص بها تشاهد عليه إحدي قنوات الأطفال، حولها ألعابها، وأمامها أشهى الطعام الصحي والعصائر الفريش تتناول منهم بتلذذ، و تصدع صوت ضحكتها البريئة بأرجاء المكان تخطف القلوب و تضيئ الوجوه بابتسامة لابتسامتها..

“إسراء.. يله حبيبتي”..

هكذا نادي عليها “فارس” لتضع التابلت من يدها على الفور و تلبي نداه بصوتها العذب الطفولي مردده..

“خلصت يا بابي”..

أردفت بها أثناء ركضها لداخل زراعيه المفتوحة لها حتي استكانت بين حنايا صدره، تضمه بيدها الصغيرة، بينما هو يمطرها بقبلاته الحنونه مدمدماً..

“أيوه خلصت يا عيون بابي”..

قبل وجنتيها المملؤتان مكملاً..

“هنروح مشوارنا السري أنا وأنتي سوا، وبعدين نروح البيت علشان مامي واحشتني”..

زمت “إسراء” شفتيها الصغيرة بحنق ورمقته بنظرة شرسة وهي تقول..

“مامي واحشتك و إسلاء لا؟!”..

انفجر “فارس” ضاحكًا على طريقتها التي جعلتها بغاية اللطافة، و ها قد بدأ الشجار اليومي قبل أن يعود بالصغيرة إلى المنزل، فقد أصبحت هي ووالدتها كالزوجة وضرتها، يتعاركان على معانقته، و دومًا تفوز تلك الصغيرة، و تترك والدتها تستشيط غيظًا حتي ان الأمر وصل بها إلى البكاء بعدما فرضت هرمونات الحمل سيطرتها عليها مؤخراً..

و برغم الصراعات، والصرخات التي تنطلق داخل أذنيه منهما إلا أنه يكون بقمة سعادته، و هو يري حبهما الشديد له، وتعلقهما فيه الذي جعل لحياته طعم و معني..

“أنتي حبيبة قلب بابي يا إسراء، وعلشان أنتي بتوحشيني جداً جبتك معايا الشغل انهارده رغم اعتراض مامي”..

مال على أذنها مكملاً بهمس يجعلها تضحك بقوة..

“وكمان هنروح المشوار بتاعنا سوا أنا وأنتي بس”..

أنهي جملته، وحملها على ذراع، وجمع أغراضه مفاتيح سيارته، ونظارته الشمسية، وجزدانه الجلدي، و هاتفه، وسار بها لخارج الغرفة بخطواته الواثقة..

……………………………….. سبحان الله ????…………..

.. بقصر الدمنهوري..

تجلس “مارفيل” بشرفة غرفتها الخاصة تتابع عمال بناء يعملون على قدم وساق لبناء فيلا فاخرة بجوار القصر مباشرةً..

تلك الفيلا التي كانت أرضها ملك ل “فارس” وقام بأهداءها ل “خديجة” هدية زواجها، حتي تظل قريبة منه كما كانت دائمًا..

انبلجت ابتسامة حزينة على ملامحها التي استعادة رونقها بعدما تماثلت الشفاء حين شعرت بالغيرة من حب “فارس” الشديد ل “خديجة” على الرغم ان معه كل الحق، وأنها تستحق كل هذا الحب وأكثر، ولكن بقاع قلبها تود ولو يكون هذا الحب الصادق، النقي لها وحدها..

محت مشاعر الغيرة هذه سريعًا فهي بارعة في إخفاء مشاعرها حتي لا تظهر ضعفها، و أخبرت نفسها ان ابنها لا يكرهها و هذا بالنسبة لها كافِ..

“أشتقت إليكِ زوجتي العزيزة”..

همس بها “محمد” الذي دلف للتو من الخارج، و اقترب منها مال على وجهها قاصداً شفتيها، وهم بتقبيلها.. لكنها أشاحت وجهها للجهه الأخرى وهي تقول بجمود..

“مرحباً محمد”..

أطلق “محمد” زفرة نزقة من صدره، وهو يتطلع لها بأعين راجية أن ترأف بحاله ولو قليلاً، ولكنها لم تستطيع نسيان أفعاله معها بتلك السهولة رغم موافقتها على العودة إليه، إلا أن ما فعله معاها مازال عائق بينهما إلى الآن يجاهد “محمد” حتي يمحي هذا العائق بكل قوته بصبره عليها، و احتواءه لها، واعترافه انه أخطأ في حقها وحق وحيدهما..

“مارفيل.. حبيبتي انظري إلى رجاءاً”..

قالها “محمد” من بين قبلاته الناعمة على باطن يدها، جعلها تصطك على أسنانها بقوة لعلها تظل على موقفها معه..

تلجم نفسها عنه بصعوبة بالغة، فهي أيضًا تشتاقة حد الجنون، و لكن كبريائها يمنعها عن إلقاء نفسها بين زراعيه والتنعم بفيض عشقة المتملك لها..

رسمت البرود على ملامحها عكس انهيار اعصابها من قربه المعصف بكيانها، ونظرت له نظرة خالية من المشاعر متمتمة بنفاذ صبر مصطنع..

“ماذا تريد اليوم محمد؟!”..

تأمل “محمد” ملامحها، وابتسامة عاشقة تزين محياه، و من ثم تعمق النظر بعينيها وتحدث بنبرته الهادئه الرزينة قائلاً..

“لقد قمت بدعوة شقيقتك وأولادها، وأصدقائك المقربين لزيارة مصر، وحضور حفل زفاف خديجة، هما الآن بطريقهم إلى هنا”..

قالها بحماس شديد وقد ظن أنها ستقفز من شدة فرحتها بهذا الخبر خاصةً أنها لم تري شقيقتها منذ سنوات طويلة، و لكن ملامحها الجامدة جعلت الابتسامة تتلاشي من وجهه..

“ولما فعلت هذا؟! “.. غمغمت بها” مارفيل” مستفسرة..

جذبها ” محمد ” إليه، و قام برفعها بين يديه من على مقعدها بمنتهي الخفة أجلسها على قدميه، وتحدث بلهفة قائلاً..

“لأجلك حبيبتي.. لأجل إبتسامتك”..

همسه ذات الحنين المتأوه جعل انتفاضة قلبها تزيد وتتدافع، بينما لسانها أصبح عاجز عن النطق، بعدما غمرتها الفرحة بقدوم شقيقتها وأصدقائها..

ساد الصمت قليلاً، واكتفي كلاً منهما بالنظر إلى الأخر.. اشتعلت نيران الإشتياق بعينيه كحمم بركانية ما ان التقتا عينيها،

طال بهما الصمت و كأنهما يتذوقان تلك النظرة بعد سنوات طويلة..

 بدون سابق إنظار كان أخذها في عناقٍ محموم و هو يتناول شفاهها في قبلة جامحة حطمت بلحظة جميع حصونها، و أجبرتها على الخضوع لفيض غرامة بكامل أرادتها..

………………………………. الحمد لله ????………….

.. فارس..

يسير بطريق طويل على قدميه بعدما صف سيارته لعدم قدرتها على السير بهذا الطريق نظراً لضيق مسافته..

حمل الصغيره على يديه، وسار بها كثيراً حتي وصل أخيراً إلى قبر والدها المتوفي و توقف بها أمامه،وبدأ يتحدث بصوت مسموع مردداً..”..

“السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون”..

نظر للصغيرة وتابع بحنو..” إسراء يله حبيبتي أقرئ الفاتحة لبابا رامي زي ما علمتك”..

انصاعت الصغيرة له في الحال، و رفعت كفيها الصغيران للسماء، و بدأت تقرأ القرآن بصوتها الذي يأثر القلوب، كان المشهد يبكي الأعين، وتقشعر له الأبدان حتي أنهت الصغيرة قراءه سورة الفاتحة كاملة..

كان “فارس ” يقرأ هو الأخر ما تيسر من القرآن الكريم لبعض الوقت، توافد عليه الكثير من الناس فور رؤيته يطلبون منه صدقه بعدما تردد على المكان عدة مرات، ولم يترك شخص واحد حتي أعطاه من فضل الله عليه قبل أن يغادر المكان ويعود لسيارته التي تحركت بهما متجهه نحو قصره..

……………………………… الله أكبر ????…………..

بحديقة قصر الدمنهوري..

تجلس “خديجة” برفقة “هاشم” خافضة رأسها بخجل لتخفي وجهها الذي احتقن بحمرة قاتمة…

“ردي عليا يا خديجة.. موافقة اكتب عليكي بكرة؟”..

قالها “هاشم” بلهفة، وحب شديد ظاهر على ملامحه رغم صرامتها..

تنحنحت “خديجة” كمحاوله منها لإيجاد صوتها، وهمست بخفوت.. “يا هاشم لسه فاضل على ميعاد الفرح أكتر من أسبوعين”..

“هتجنن عليكي يا ديجا، ونفسي تبقي على ذمتي دلوقتي قبل كمان شوية، وأنتي صممتي على فترة خطوبة أنا وافقت عليها علشانك، عايزك توافقي أننا نكتب كتابنا علشان خاطري”..

أحست بكفه يقبض على يدها فجأة

و أصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة

دفعتها للإنهيار داخليًا و أطلقت أنفاسها المحبوسة برئتيها..

” قولي إنك موافقة يا ديجا.. خليني اكلم فارس، وأبو فارس انهارده “..

حاولت الحديث لتخبره انها موافقة على طلبه، ولكن حياءها منعها فكتفت بأهدائه ابتسامتها الرقيقة، و حركت رأسها بالايجاب ببطء بستحياء شديد..

هم “هاشم” بخطف قبلة من وجنتيها المتوهجة إلا انهما انتفضا بفزع حين صدعت صوت زغروطة

“إلهام” من خلفهما، وضحكتها بأن واحد، تضحك بفرحة صادقة مردده..

“ألف مبروك يا خديجة يا أختي”..

نطرت ل”هاشم” الذي بدي عليه الإحراج، وضحكت له ضحكة تظهر جميع أسنانها وتابعت بعبث..

” عارفة أني خضيتك يا سي هاشم اسم الله عليك من الخضه يا أخويا”..

نظرت ل “خديجة” وتابعت ببراءه مزيفة..

“بس قولت ادخل في الوقت المناسب علشان افرملك أحسن بسكوتتنا النواعم خديجة تسخسخ منك تاني.. أكيد أنت مبسوط مني صح” ..

“أنتي تعملي اللي أنتي عايزاه يا مدام إلهام”..

قالها” هاشم ” ببشاشة، ونظر ل” خديجة”وتابع بحب..” حضرتك غالية أوي عند خديجة، تبقي غالية عندنا كلنا”..

” إلهي يكرم أصلك يارب؟! “.. غمغمت بها ” إلهام ” و توقفت عن الحديث فجأة حين رأت مجموعة من الأجانب معظمهم من النساء يرتدون ثياب أقل ما يقال عنها فاضحة، هبطو للتو من منيي باص داخل القصر..

” ايييه مولد سيدي العريان اللي هل عليا فجأة دا يا خديجة يا أختي؟!”..

قالتها” إلهام ” بعدما شهقت بعنف، وضربت على صدرها بكف يدها بقوة..

“أيه اللي بيحصل دا؟!.. مين دول يا خديجة؟”..

قالتها “إسراء” مستفسرة وعلامات الدهشة ظاهرة علي ملامحها..

ردت عليها “خديجة” بأسف.. “دول قرايب مارفيل يا إسراء أخويا محمد عزمهم على فرحي”..

تزامن وصولهم مع وصول “فارس” الذي هبط من سيارته حامل الصغيرة النائمة، فأسرعت إحدي العاملات بالركض نحوه، وحملتها عنه ليستطيع إلقاء التحية على الضيوف..

كانت “إسراء” تقف بجوار “خديجة، و عينيها تتابع زوجها بترقب، رفرف قلبها بشدة حين رأته يبتعد سريعاً عن تلك الفتاة التي اقتربت عليه فجأة تحاول تقبيله، كانت ملامحه الوسيمة يزينها غروره المعهود ، والذي يليق به كثيراً، و هو يرفض قبلتها..

رفع كف يده أمام أعينها مشيراً إلى دبلة زوجته التي تزين أصبعه، و دار بعينيه باحثاً عنها حتي تلاقت أعينهما، و رفع يده على شفتيه مقبلاً دبلتها بعمق..

هنا تحولت نظرتها العاشقة له لأخرى هائمة، متيمة به عشقًا، تسارعت دقات قلبه بجنون و تلاحقت أنفاسه و هو يري نظرته هو لها انعكست بعينيها، نظرته التي يغمرها بها دائمًا تدل على مدي هوسه بعشقها،

الآن ساحرته أصبحت تبادله تلك النظرة المملؤه بالمشاعر الجياشة، نظرة تخطت حدود العشق، نظرة أشتهاء جعلتها تحرك شفتيها له بكلمة واحده دون إصدار صوت قائله..

“عايزك”..

يتبع……

غرام المغرور..

45

..

بجناح “مارفيل”..

كان “محمد” ينهل من شهد زوجته بنهمٍ، سنوات البعاد هلكت قلبه، و أخيراً أصبحت بين ذراعية، شعر أنه يحلق فوق السحاب حين نجح في إذابة الجليد الذي كان يغلف قلبها تجاهه حتي بادلته هي جنون عشقه باشتياق ولهفة شديده..

لحظات ملحمية قضتها برفقته لم يسعها سوى الاستسلام الكامل له و التنعم بفيض غرامه الذي أهاله عليها بكرمٍ و شغف حتى رضاها و عالج جروحات قلبها الغائرة..

طرقات متتالية على باب الجناح يليها صوت إحدي العاملين يتحدث بتهذيب..

“محمد باشا.. ضيوف سيادتك وصلوا حالاً يا فندم”..

ابتعد “محمد” عن زوجته على مضض،وتنحنح كمحاوله منه لإيجاد صوته و أردف بصوت مبحوح قائلاً..

“10 دقايق و نازل”..

بينما كانت “مارفيل” مندسه بين زراعيه، تخفي وجهها بين حنايا صدره، أنفاسها متلاحقة تلفح بشرته العارية..

مال “محمد” على كتفها لثمه بسيل من القبلات الدافئة وهو يقول..

“لم أتخيل لحظة أنكِ تحملين كل هذا الشوق داخل قلبك ليِ مارفيل”..

“أبتعد محمد رجاءاً “.. همست بها بضعف، وهي تدفعه عنها بكلتا يديها.. لكنه حاوطها بجسده جعل فرارها منه مستحيلاً، وضع جبهته على جبهتها، وهمس بنبرة متوسلة..

“سامحيني مارفيل.. أعلم أن خطأي بحقك وحق ابننا لا يغتفر.. كنت وغد أحمق، وغيرتي الحارقة عليكِ حبيبتي كادت أن تحرق الأخضر واليابس”..

صمت لبرههٍ وتابع بعشق..

“زوجتي و حب حياتي الوحيد أنتي مارفيل” ..

أنهى جملته،واعتدل بها جالساً، ومال على سرواله الملقي أرضاً بجانب الفراش، أخرج من جيبه علبه من الأطيفة.. فتحها أمام عينيها ليظهر طقم من الماس مكون من سوار وخاتم بغاية من الجمال و الرقي..

“لمن هذا محمد؟!”.. غمغمت بها” مارفيل” بغنج..

قبل” محمد” يدها بعدما وضع السوار حول معصمها يليه الخاتم.. “لكِ حبيبتي”..

رمقته “مارفيل” بنظرة مصطنعة الغضب، وبدأت تتأمل هديته مدمدمة بأسف.. “اممم جيدة، ولكنها لا تكفي أبداً ما فعلته معي عزيزي”..

“عزيزك!!”.. هتف بها” محمد ” بفرحة غامرة، وتعالت ضحكته أكثر مكملاً.. “سأبذل قصارى جهدي حتي ترضين عني، فأنا مازلت عزيز قلبك يا غاليتي”..

ختم حديثه، و هم بتقبيلها لكنها دفعته برفق، وتحدثت بتعقل مردفه..

” هيا دعنا نستقبل ضيوفنا أولاً”.. عضت شفتيها بخجل مكمله..

” ومن ثم نقضي الكثير من المرح”..

………………………………… الحمد لله ????………………

..بحديقة القصر..

ظهر التعجب على وجه كلا من “إسراء، خديجة، إلهام” حين  قفزو أربعة نساء من ضيوف” مارفيل” داخل المسبح بعدما خلعن ثيابهن وأصبحن بالملابس الداخليه دون ذرة حياء، و هم الرجال الذين يرافقتهم بخلع ثيابهم هما أيضاً إلا أن “فارس” قام بمنعهم بلطفٍ قائلاً..

“معذره لا يمكن لكم بخلع ثيابكم هنا، انتظروا لدقائق و سيكون مكان الضيافة الخاص بكم جاهز”..

حركوا رأسهم له بالايجاب، وجلسوا على حافة المسبح.. بينما سار “فارس” برفقة سيدة بأوائل عقدها السادس و فتاتين بالعشرينات من عمرهما متوجهه نحو زوجته، و خديجة..

رفرف قلبها بشدة.. حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ يتأمل فستانها الأبيض المنقوش بفرشات صغيرة من اللون الأصفر، وحجاب من اللون الأبيض جعلت إطلالتها تبدو أكثر من فاتنة، خاصةً بعدما ظهر بروز بطنها الصغيرة التي ذادتها إثارة، و إغراء..

توقفوا أمامهم وتحدث “فارس” وهو ينظر بتجاه “خديجة”..

“خديجة هانم الدمنهوري تكون عمتي، و والدتي التي قامت بتربيتي”..

نظر ل “هاشم” الواقف بجوار “خديجة” مكملاً..

“هاشم خطيبها، وصديقي”..

“مرحبا خديجة.. حدثتني” مارفيل” كثيراً عنكِ فأنا أكون “ايفلين”شقيقتها”.. قالتها السيدة، وهي تمد يدها لها بالسلام..

“مرحبا ايفلين”.. غمغمت بها بابتسامتها الرقيقة..

بينهما اكتفي” هاشم” بتحريك رأسه لها دون السلام عليها مردداً.. “مرحباً “..

نظر” فارس” تجاه” إلهام ” التي تنظر ل “ايفلين” بأعين متسعة، وفم مفتوح ببلاهه بسبب ثيابها العارية، وتحدث وهو يجاهد لكبت ابتسامته على هيئة “إلهام” التي جعلتها بغاية اللطافة..

“مدام إلهام والدة زوجتي”..

مدت “ايفلين”يدها لها أيضاً بالسلام.. ليكمل “فارس” حديثه موجهه ل” إلهام”..

“اقدملك خالتي يا ماما”..

أنتبهت “إلهام ” لما تفوه به “فارس” فظهرت السعادة على ملامحها الحنونه، وأسرعت بمد يدها هي الأخرى مرددة بترحاب..

“يا مرحب يا خالة الغالي”..

وأخيراً جاء دور زوجته، و دائماً يكون ختامها مسك برفقتها.. توقف بجوارها واضعاً ذراعه حول كتفيها، فأسرعت هي بدورها وأحاطت خصره بذراعها من أسفل معطفه..

“خالتي ايفلين.. هذه إسراء زوجتي العزيزة”..

قالها “فارس” بفخر و هو ينظر لأعين زوجته نظرته المتيمة بها عشقًا..

“إسراء حبيبتي.. دي ايفلين أخت مارفيل الكبيرة يعني خالتي، والبنات اللي معاها دول اسمهم فاليتا، لافير بناتها”..

نظرت “إسراء” تجاه “ايفلين” و ابتسمت بترحاب مغمغمه..

“أهلاً وسهلاً بحضرتك.. نورتينا”..

عقدت “ايفلين” حاجبيها بعدم فهم، و نظرت ل”فارس” الذي ترجم لها ما تقوله زوجته باللغة الفرنسية..

” انها ترحب بكي خالتي و؟! “..

قطع حديثه فجأة حين شعر بأصابع زوجته تتحرك على طول ظهره ببطء صعوداً وهبوطاً، حركتها هذه أطارت اللُب من عقله جعلته يضمها لصدره بقوة لصقها به ضاغطاً على كتفها بقبضة يده دون أرادته..

لمستها له تفعل به الأفاعيل رغم الإبتسامة الرقيقة التي تزين ملامحها البريئة تخفي خلفها شقاوتها، بعدما أصبحت نسخة من زوجها، وهنا تذكر فعلته معاها في بداية علاقتهما حين كانت واقفة بجوار جميع العاملين بالقصر، واستغل هو الفرصة، وفتح سحاب فستانها..

“بقيتي شقية، وبتلعبي بالنار يا ساحرة”.. همس بها “فارس” داخل أذنها بأنفاس متهدجة من شدة تأثيرها عليه..

رمشت بأهدابها عدة مرات، ونظرت له ببراءة مغمغمه..

“تربيتك يا بيبي”..

“ايفلين”.. صرخت بها “مارفيل” أثناء ركضها بكل سرعتها.. خلفها “محمد” زوجها يسير بخطواته الرزينة الهادئه..

ركضت” ايفلين” هي الأخرى نحو شقيقتها فاتحة زراعيها لها.. ليستغل “فارس” انشغال الجميع، وسحب زوجته وسار بها قاصداً جناحهما..

ليوقفه صوت” هاشم” قائلاً ببعض الإحراج..

“فارس كنت عايزك في موضوع مهم”..

“اسبقيني على أوضتنا بس أوعى تنامي يا روحي.. ما صدقت أشوفك صاحية”..

قالها “فارس” قبل أن يبتعد عنها، ويعود ل “هاشم” مردفاً بقلق..

“خير يا هاشم.. حاجة حصلت؟؟”..

“كل خير إن شاء الله متقلقش”..

غمغم بها “هاشم” وهو ينظر ل “خديجة” التي توردت وجنتيها بحمرة قاتمة حين أمسك كف يدها، وتابع بفرحة قائلاً..

“كنا عايزين ناخد رأيك نكتب كتابنا أنا وخديجة بكرة بإذن الله”..

لا يعلم لما انقبض قلبه حين خرقت تلك الجملة أذنيه، بقي صامتاً لدقيقة كاملة، وعينيه على “خديجة” ينظر لها نظرة مندهشة.. عقله غير قادر على استيعاب أن المرأه التي بمثابة والدته،و كان هو رجلها الوحيد ستتزوج رغم موافقته على هذه الزيجة..

ترقرقت العبرات بأعين “خديجة” حين تفهمت ما يدور بخاطره، و تركت يد “هاشم” و اقتربت منه لفت يدها حول خصره وضمته لها بحب مردده بصوت متحشرج بالبكاء..

“وهتفضل ابني اللي مخلفتوش يا حبيبي”..

ربت “فارس” على ظهرها، وقبل جبهتها، و رسم ابتسامة باهته على محياه مغمغماً..

“لو انتِ موافقة يبقي على بركة الله يا ديجا”..

……………………………………… سبحان الله ????…………….

.. بغرفة الصغيرة إسراء..

دلفت ” إسراء ” بحرص حتي لا تسبب في إزعاج صغيرتها النائمة،جلست جوارها على الفراش، وبدأت تخلع عنها ثيابها، وألبستها منامة قطن وردية لتنعم بالراحة أكثر أثناء نومها..

“مامي”..

همست بها الصغيرة وهي تفرك عينيها بكفيها..

غمرتها “إسراء” بوابل من القبلات الناعمة على كافة وجهها وهي تقول..

“قلب وعيون مامي.. واحشتيني اوي اوي يا حبيبتي”..

بحثت الصغيرة عن “فارس” فلم تجده، مطت شفاها بعبوس وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائله..

“فين فالس؟”..

ضيقت “إسراء” عينيها، ورمقتها بنظرة مغتاظة مدمدمة..

” اممم.. صاحية تسألي على فارس اللي كنتي معاه أصلاً طول اليوم، ومافيش حتي واحشتيني يا مامي!! “..

نظرت لها الصغيرة ببراءة، وارتمت داخل حضنها تضمها بحب مردده.. “واحشتيني يا اسلاء”..

مسدت “إسراء ” على شعرها الحريري، وذادت من ضمها لها بحب أكبر، و تحدثت بفضول قائله..

” طيب مش هتقوليلي روحتي أنتي وفارس فين انهارده؟ “..

اجابتها الصغيرة بتلقائية قائله..

“كنا في الشغل، و فالس خدني مشوال سلي”..

رفعت “إسراء” حاجبها، وابتسمت لها ابتسامة زائفة وهي تقول..

“مشوار سري؟!.. فين بقي ان شاء الله؟؟”..

اندست الصغيرة داخل حضنها تستعد للنوم مرة أخرى وهي تقول.. “بقولك سلي يا اسلاء”..

“سري تاني!! و ماله يا قلب إسراء.. نامي أنتي، وأنا هعرف بطريقتي”.. غمغمت بها “إسراء ” وهي تعدل وضع صغيرتها على الفراش، و دثرتها جيداً بالغطاء، وسارت لخارج الغرفة متوجهه نحو جناحها..

“ماما أيه اللي موقفك كده؟!”..

قالتها “إسراء” حين وجدت والدتها تقف بكرسيها المتحرك أمام باب جناحها، هرولت” إلهام ” نحوها وتحدثت بلهفة قائله..

“بت يا إسراء جوزك وافق أنهم يكتبو كتب كتاب خديجة بكره بمشيئة الله.. قوليلو لو ينفع يخلي الفرحة فرحتين ويسافرني  أعمل عمره بعد كتب الكتاب علشان ألحق أحضر معاكم الفرح”..

ابتسمت لها “إسراء” ابتسامة حانية، وربتت على كتفها مردده..

“يعني قصدك عايزة تسافري لحبيبك من بكرة؟! “..

” نفسي والله يا بنتي انهارده قبل بكرة”.. غمغمت بها” إلهام ” ببكاء، وبصعوبه تابعت..

“ما أنتي عارفة يا إسراء أن نفسي أزور الحبيب من سنين طويلة أوي.. حلم عمري اللي مكنتش أتخيل انه يتحقق”..

مالت “إسراء” على جبهتها قبلتها بعمق، وبثقة قالت..

” بإذن الله هيتحقق، و هتسافري تعتمري بطيارة خاصة يا ست الحبايب.. بس لو ممكن تستني عليا لحد ما أولد بس ونروح كلنا سوا.. بدل ما تروحي لوحدك يا حبيبتي”..

وضعت” إلهام” إحدي أصابعها بفمها بطريقة طفولية، وتحدثت بحماس قائله..

“بصي اقنعي أنتي جوزك يودوني المرة دي لوحدي ومتخفيش عليا مش هتوه أنا مش نوغه، ولو ربنا مد في عمري لحد بعد ما تولدي ابقوا خدوني معاكوا تاني”..

ضحكت” إسراء ” على إصرار والدتها الطفولي، و تحدثت بطاعة قائله..

” عيونى ليكي يا ست الكل.. هقول لفارس انهارده، و اطمني هو عمره ما هيرفض لنا طلب، و بأمرالله هيوافق”..

………………………………. لا إله إلا الله ????………..

..بمنزل غفران..

كان “غفران ” يقف بالشرفة يتحدث بهاتفه مع صديقه “فارس” قائلاً..

“ألف مبروك لديجا، وبلغها أننا هنكون أول الحضور بإذن الله يا حبيبي”..

” أكيد لازم تكون معايا.. أنا مش عارف رد فعلي هيكون عامل إزاي وقتها يا غفران؟!”.. أردف بها “فارس” وهو يطرد زفرة نزقة من صدره..

” غفران”.. ” متقلقش يا ابني.. أنا هاخد بكرة أجازة، ووقت ما تصحي كلمني هجيلك على طول”..

” فارس” برتياح قال.. ” تمام.. هستناك يا صاحبي، وهات معاك أم زين والولاد خلينا نقضي اليوم مع بعض”..

” غفران ” بمزاح.. “هجيب الولاد بقي وتفضل تقرد للواد مالك، وتخبي بنتك منه، وتبقي خناقة وعياط وصريخ زي المرة اللي فاتت؟ “..

صك” فارس ” على أسنانه بغيظ مصطنع وهو يقول.. “ابنك دا واد ابن أبوه.. أول ما بيلمح البت بينزل فيها بوس واحضان ومبيبقاش عايز يسيبها لدرجة انه بيقعدها على رجله يا غفررران”..

قهقه” غفران ” بقوة مغمغماً..” والله يا ابني أنا و عهد مستغربين عمايله مع إسراء بالذات.. خصوصاً ان مالك بطبعه هادي وتقيل أوي في نفسه كده.. بس بيشوف بنتك بيتشقلب حاله.. فأنت سيب الولاد براحتهم كده متبقاش قافش على البت يمكن بكرة نبقي نسايب”..

“لا لو كده يبقي هستناك بكرة نكتب كتاب خديجة و هاشم، و إسراء و مالك”.. هتف بها” فارس ” بمزاح هو الأخر،لا يعلم أن جملته هذا ربما يأتي اليوم و تتحقق..

……………………………… لا حول ولا قوة الا بالله ????..

.. بجناح إسراء..

وقفت أمام طاولة الزينة تتأمل قميصها الأحمر الحرير الذي بالكاد يصل لمنتصف فخذها، بحملات رفيعه للغايه تظهر جمال بشرتها الناصعة من أسفل روبها الأسود الشيفون..

وضعت القليل من مساحيق التجميل، ونثرت عطرها المثير بغزارة، تركت لشعرها العنان بعدما مررت الفرشاه بين خصلاتها الناعمة عدة مرات..

ألقت قبله لنفسها بالمرآه مردده..

“تجنني يا بت إسراء”.. بكت بصطناع مكملة..

“بس يارب أفضل صاحية لحد ما تطلع يا فارس”..

مسدت على بطنها بحنان..

“من ساعة ما حملت فيكم يا عيون وقلب ماما أنتو، وأنا بنام كمية نوم.. ناقص أنام وأنا واقفة زي الأحصنة”..

سارت نحو الفراش وجلست عليه تفكر بحديث صغيرتها..

” يا تري أيه هو المشوار السري اللي بتاخد إسراء ليه كل أسبوع دا يا فارس؟ “..

ظلت جالسة قليلاً إلى أن غلبها النعاس كالعادة، وبلحظات معدودة كانت غرقت بنومٍ عميق حتي أنها لم تشعر بفتح باب الجناح ودخول زوجها الذي حرك رأسه بيأس حين لمحها نائمة، وتوجه نحو الحمام لينعم بحمام دافئ يمحي تعب اليوم عنه..

دقائق و خرج من الحمام مرتدي سروال قطني أسود اللون، ممسك بمنشفه يجفف بها شعره بقوة، و من ثم وضعها على المشجب الخشبي..

“مش ممكن نومك دا أبدًا يا إسراء!!”..

أردف “فارس” متعجبًا من نوم زوجته المستمر، أصبحت تغرق بنومٍ عميق لساعات طويلة، تستيقظ دقائق معدودة بالإيجبار على مضض، تتناول لقيمات قليلة من الطعام، و يعطيها زوجها علاجها و تعاود للنوم مرة أخرى..

اقترب منها وجلس جوارها على الفراش، كانت نائمة هي على بطنها محتضنة وسادته بقوة، دافنه وجهها داخلها تنعم بالنوم على عبق رائحته بها، مال هو عليها بجزعه العاري، و احتواها داخل ذراعيه ظهرها مقابل صدره، أخفها داخله بحماية..

“أصحى يا بيبي.. واحشتيني”..

همس بها من بين قبلاته الناعمة على كتفيها صعوداً بعنقها، يقبلها بلهفه، وتمهلٍ بأن واحد جعلها تتنهد بأسمه بين النوم واليقظة متمتمه..

“امممم.. فارس واحشتني يا حبيبي”..

“طيب قومي يله.. أنا مش هسيبك تنامي تاني بعد شقاوتك معايا انهارده اللي طيرت عقلي”..

همس بها وهو يسير بأنفه على وجنتيها نزولاً بعنقها، ومن ثم كتفيها حتي رأي قميصها الناري الذي أشعل لهيب رغبته بها أضعاف، فأطلق آهه بصوت مسموع مكملاً بانبهار..

“و لابسه القميص اللي بحبه كمان!! اصحي يا روحي أنا هتجنن عليكي”..

” أنا صحيت أهو”.. همست بها” إسراء” وهي تتعلق بعنقه و تعتدل جالسه داخل حضنه، رأسها تتوسط صدره..

رفعت وجهها ونظرت لعينيه بعشق، فمال عليها التقط شفاتيها بقبلة بطيئه سريعاً ما تحولت للهفة، وجنون كاد أن ينغمسا بها في أنهر الغرام و التوق التي سرعان ما تغمرتهما كليًا..

” فارس.. استني عايزه اتكلم معاك في حاجات كتير أوي قبل ما أنساها “.. همست بها “إسراء” بنبرة راجية وهي تدفعه عنها قليلاً بضعف..

يتبع……

غرام المغرور..

46

فشلت “إسراء” فشل ذريع في منع زوجها عنها، كان شوقه لها واصل لزروته، فما كان منها سوي الإستسلام الكامل لفرط مشاعره المتآججة،

تركته يغمرها بطوفان عشقه الذي تغلغل بداخلها حتي إندمجت كليًا مع جنونه بها..

بعد لحظاتٍ من الحميمية و صِلة تحكمها المودة العميقة المتبادلة، استغرقت بعض الوقت حتي استعادة أنفاسها التي كالعادة ينجح في سلبها منها،

ضحكت بغنج حين شعرت بأنامله تجد طريقها إلى خطوط عنقها الملساء..

“لدرجة دي كنت وحشاك يا فارس؟!”..

همست بها “إسراء” وهي تميل عليه مستنده بكلتا يديها على عضلات صدره القوية، و رفعت وجهها ببطء حتى تقابلت عينهما..

كان “فارس” يرمقها بنظراته المُتيّمة، خصلات شعرها الحريرية مشعثة بفوضوية مثيرة..

خطف قبلة عميقة من شفتيها وهو يقول

بنبرته المدوخة..

” واحشاني كتير اوي يا بيبي.. بس خايف عليكي من حبي وشوقي ليكي لأذيكي أنتي و اللي في بطنك يا إسراء”..

“ربنا ميحرمنيش منك أبدًا يا حبيبي”.. غمغمت بها وهي تندس بين ضلوعه تضمه بكل قوتها، بينما هو يربت على ظهرها، و يداعب شعرها بأنامله مستنشق عبقها بستمتاع مدمدماً…

” اممم.. يله قوليلي كنتي عايزه تتكلمي معايا في أيه؟ “..

اعتدلت” إسراء ” فجأة جالسه على ركبتيها أمامه ساحبه الغطاء حولها، وتحدثت بلهفة قائله..

“فكرتني يا فارس.. أنا إزاي كنت هنسي بس”..

جذبها “فارس” اجلسها على قدميه، مردفاً باهتمام… “اتكلمي يا روحي.. أنا سامعك “..

أخذت نفس عميق و تحدثت بابتسامة دافئة قائلة..

“أول حاجة ماما يا فارس نفسها أوي تسافر تعمل عمره دلوقتي قبل كمان شوية، وطلبت مني أقولك لو ينفع تخليها تسافر بكرة بعد كتب كتاب خديجة”..

اعتلت الدهشة ملامح “فارس” و رمقها بنظرة متفحصة و هو يقول..

” انتي قولتلها أني هطلعها الحج صح؟!”..

رمشت “إسراء” بأهدابها الكثيفه ببراءة، و حركت رأسها بالايجاب..

عض” فارس ” شفتيه بغيظ مصطنع، و تابع بتعقل قائلاً..

“طيب يا حبيبتي أنا عيوني ليكي أنتي و ماما إلهام بس خليها تستني على ما تولدي و نطمن عليكي ونبقي نروح كلنا سوا زي ما اتفقنا يا غرام فارس “..

تنهدت” إسراء” بدلال، و لفت يديها حول عنقه، و بأسف قالت.. “هي مصرة تسافر و عماله تتحايل عليا وأنا مش قادرة أقولها لا ، و كمان قالتلي لما أولد أن شاء الله تبقي تسافر معانا تاني، وبصراحة أنا مش عايزه ازعلها يا فارس خصوصًا أن عندها يقين كبير بالله انه هيجبر قلبها وهترجع من هناك وهي بتمشي تاني على رجليها”..

رأي “فارس ” نظرة زوجته الراجية،تستجديه أن يوافق و يحقق حلم والدتها.. أبتسم لها ابتسامتة التي تزيد من وسامته و هو يقول..

” خلاص يا روحي و لا تزعلي نفسك.. مامتك هتسافر الحرم بكرة بإذن الله”..

صرخت” إسراء ” بفرحة غامرة، و ارتمت داخل حضنه تضمه لها مقبله كتفيه ووجنتيه قبلات متتالية متمتمه بصوت تحشرج بالبكاء..

“ربنا يفرح قلبك زي ما انت هتكون سبب في فرحة قلب امي يا أحسن زوج في الدنيا كلها”..

” أنتي فرحة قلبي يا إسراء”..

قالها بعدما أحتضن وجهها بين كفيه، و تابع بجملة جعلت عينيها تتسع بذهول حين قال..

“و كمان ماما إلهام مش هتسافر لوحدها.. تامر وإيمان مراته هخليهم يسافروا معاها علشان مامتك بتعز إيمان وهتفرح لما تبقي معها، و تامر يعمل عمره لأخوه أبو إسراء الله يرحمه “..

ابتلعت” إسراء” لعابها بتوتر، و قد بدأت عبراتها تتجمع بعينيها، و بصوت مرتجف همست مستفسرة..

“أنت بتتكلم جد؟! “..

أطلق” فارس ” زفرة نزقة من صدره و هو يجيب على سؤالها..

” أيوه يا حبيبتي بتكلم جد طبعًا.. اسمعيني يا إسراء لازم تعرفي أن حق أبو إسراء أنا جبته من كل اللي اتسببو في أذاه.. و سيد شعلان والعصابة اللي حواليه كلهم مرمين في السجن.. بس للأسف مش هقدر أخد حقه من اللي كان ورا العصابة دي و كان واخد مارفيل ساتر ليه علشان يوصلي أن أمي هي اللي عايزة تخلص مني”..

عقدت” إسراء ” حاجبيها، ونظرت له بعدم فهم فتابع هو بألم ظهر على ملامحه ونبرة صوته الحزينة..

” لأن الواحد دا يبقي أبويا”..

هنا لم تتحمل زوجته رؤية حزنه، وضعفه إلى هذا الحد، فضمت رأسه لصدرها تمسد على شعره الحريري، و بدأت تبكي بنحيب مردده..

” متشيلش نفسك فوق طاقتك يا فارس..أحنا مين علشان نحاسب العباد.. ربنا قادر يرجع لكل واحد حقه، وكفايا اللي عملته معايا ومع امي وبنتي و اللي لسه بتعمله معانا لحد دلوقتي.. أكتر بكتير ما كنا بنتمني يا حبيبي..أنت بتعمل اللي عليك وزيادة كمان اطمن”..

صمتت تلتقط أنفاسها، وتابعت بغضب مصطنع قائلة..” وبعدين انت مش ناوي تقولي أيه المشوار السري اللي بتاخد الآنسة إسراء و تروحه كل أسبوع  بقي دا ان شاء الله ؟! “..

شعرت بيده تمسك كف يدها، و يخلل أصابعه بين أصابعها و تشتبك بهم بقوة و هو يقول..

” باخد البنت تزور رامي والدها و تقرأ له الفاتحة يا إسراء”..

للحظة توقف عقلها عن استيعاب ما قاله، أيعقل؟! زوجها يذهب بنفسه برفقة ابنتها لقبر زوجها المتوفي!! ، رباه ما هذا الفارس الذي وقعت بعشقه؟؟..

يمتلك قلب من لؤلؤ وهي الوحيدة التي فازت بحبه، نهرت نفسها على غبائها خين تذكرت أنها كانت تحاول إثارة غضبه وإظهار عدم تقبلها له بحياتها و أنها تريد الهروب منه ذات يوم.. رغم يقينها أنها لن تستطيع عبور باب القصر الداخلي حتي، و ايضًا لوجود والدتها معها..

“ليه أنا يا فارس؟!”..

أردفت بها بصوت متقطع وقد اجهشت بالبكاء..

اعتدل “فارس” جالساً مقابل لها و تحدث بتساؤل قائلاً..

“مش فاهم قصدك؟!”.. قالها وهو يرمقها بنظرات مستفسرة، كانت علامات القلق واضحة على ملامحة، سريعاً ما تحولت لأخرى متعجبة حين تابعت “إسراء” بخجل..

” ليه حبتني واتجوزتني أنا يا فارس، و أنا لا حيلتي مال ولا تعليم و؟! “..

قطع حديثها بوضع أبهامه على شفتيها، و تحدث بلهفة قائلاً ..

“انتي الانسانة الوحيدة اللي ملكت قلبي.. مال أيه و تعليم أيه اللي بتقولي عليه.. .. أنتي غرامي يا إسراء”..

“و أنا بحبك”..

همست بها بحميمية، و هي تلقى نفسها داخل صدره، و تضمه بعناق محمومٍ، وهي تكرر نفس الكلمة ثانيةً تثبت بها مشاعرها له وحده..

“بحبك”..

تراقص قلبه بفرحة غامرة،شعر انه أمتلك الكون و ما عليه بعترافها هذا، و بوجودها بين حنايا صدره، بالنسبة له هي وكفي لا يريد سواها، يراها رزقة و مكافأته على ما مر به..

استندت بجبهتها على جبهته، وهمست بعتاب لا يخلو من دلالها عليه قائله..

“طيب على الأقل كنت طلبت مني أكمل تعليمي علشان أقدر أتكلم مع مامتك وافهمها”..

ضحك “فارس” و هو يقول محاوطًا إياها بذراعيه..

“يا روحي أنا سيبك تعملي اللي يعجبك، و اللي أنتي عايزاه.. لو حابة تكملي تعليمك أنا هبقي معاكي و هساعدك في كل اللي تحتاجيه .. لكن مينفعش أقولك أنا كملي.. لازم تكوني أنتي حابة اللي بتعمليه، ولو على الكلام مع مارفيل أنا هعلمك كذا لغه ومن ضمنهم الفرنسية ولا تزعلي نفسك أبدًا”..

” موافقة..هكمل تعليمي، و أنت علمني يا فارس لغاتك كلها”.. همست بها بغنج، و هي تدفعه برفق و تميل عليه قاصدة شفتيه كادت أن تغمره بشفتيها، و لكن طرقات هادئه على الباب يليها صوت” خديجة” الرقيق تقول بخجل..

” فارس العشا جاهز يا حبيبي.. هات مراتك وتعالي يله”..

” خديجة طالعة تقولي بنفسها تبقي عايزاني في حاجة مهمة”..

قالها “فارس” وهو يبتعد عن زوجته برفق بعدما لثم شفتيها بقبلة سريعه مكملاً وهو يرتدي ثيابه على عجل..

“هشوفها و أرجعلك يا روحي”..

سحبت “إسراء ” روبها الأسود الشيفون الملقي على طرف الفراش، و أرتدته أثناء نهوضها، وسارت نحو الحمام وهي تقول بحماس..

” و أنا هاخد شاور و هروح أفرح ماما و أقولها إنك وافقت على سافرها.. أنت مش عارف هي هتفرح إزاي يا فارس خصوصًا لما تعرف ان إيمان هتسافر معاها كمان، و أنت شوف خديجة وخد شاور سريع وتعالي علشان نتعشي سوا كلنا”..

ألقي” فارس ” لها قبلة في الهواء و سار نحو باب الجناح فتحه لحظة إغلاق “إسراء” باب الحمام..

“تعالي يا ديجا”..

هكذا نادها “فارس” حين لمحها تسير بتردد تجاه جناحها..

” كنت عايزه أتكلم معاك يا فارس قبل العشا”..

غمغمت بها” خديجة ” بتوتر ملحوظ، و قد بدأ وجهها تنسحب منه الدماء حتي شحب لونها..

اقترب منها “فارس” على الفور وأمسك يدها ليتفاجئ ببرودتها الشديدة،فسار معها لداخل جناحها و جلس بها على أقرب أريكة، ولم يترك يدها.. بل أحتضنها بين كفيه، و أردف بقلق قائلاً..

“مالك يا ديجا .. في حاجة حصلت؟”..

أخذ منها الأمر دقيقة كاملة، بل أكثر حتي أستطاعت النطق بالإجابة على سؤاله قائلة بستحياء..

“فارس أنا عارفة أنك بتحضرلي لفرح كبير، و هتعزم نص البلد تقريبًا علشان عايز تفرحني”..

حركت رأسها بالنفي، وبنبرة متوسلة تابعت..

“بلاش يا فارس.. علشان خاطري بلاش يا ابني”..

صمتت لبرههٍ ،وتابعت بأسف..

“أنا مش صغيرة في السن علشان تعملي فرح كبير زي دا.. مش عايزه اشوف نظرة تجرحني في عين اي حد؟ “..

قطع حديثها” فارس ” بغضب قائلاً..

“محدش يقدر يبصلك بصة متعجبكيش دا انتي خديجة الدمنهوري”..

ابتسمت له بحنو وبتعقل قالت..

” يا حبيبي أنا مش بفكر فيا بس..أنا حاسة ان هاشم هو كمان محرج بس ساكت علشاني.. لو فكرنا بعقلنا هنلاقي أن مينفعش البس عروسة وهاشم عريس ونبقي تريقة الناس على أخر الزمن.. كفاية نعمل حفلة كتب الكتاب بينا وبين أقرب الناس لينا بكرة ان شاء الله، ولو سمحتلي أنا هروح مع هاشم بعد الحفلة”..

خفضت وجهها حين توردت وجنتيها بحمرة قاتمة وتابعت بصوت بالكاد يسمع..” جزر المالديف نقضي شهر العسل”..

“فارس ” بعتاب.. ” إزاي بس يا خديجة.. دا أنا هتجنن وأشوفك بفستان الفرح، ومتأكد انك هتكوني أحلى عروسة في الدنيا”..

ربتت” خديجة” على كف يده وهي تقول..

“فارس أنا بقولك علشان خاطري يا ابني أنا مش هستحمل نظرة واحده تجرحني من أي حد.. خلي فرحتنا مع الناس اللي هتفرح لنا من قلبها بجد..هتبقي أحسن من اللمة الكدابة، و لو مصمم أوي على فرح يبقي أولى تعمل فرح ليك أنت و مراتك”..

“فرح ليا انا و إسراء و هي حامل!!!”.. غمغم بها “فارس” وهو يمسد لحيته بأصابعه، وتابع بجدية مصطنعة..” فكرة والله بس نستنى شوية على ما بطنها تظهر شوية كمان هتبقي لايقه أكتر في الفستان”..

ضحكت” خديجة” بقوة مرددة من بين ضحكاتها..

“تصدق هتبقي شكلها كيوت أوي يا فارس و تجنن”..

………………………………..سبحان الله ????……….

بغرفة “إلهام”..

كانت تجلس على كرسيها المتحرك أمام طاولة الزينة تمشط خصلات شعرها الناعمة التي غزتها خيوط من الفضة أضافت عليها براءة و وقارًا في آن واحد..

ترقرقت عينيها بالعبرات و هي تنظر لأنعكاس صورتها بالمرآه وتتخيل هيئتها بثياب الأحرام، حينها شعرت بنبضات قلبها تدق كالطبول من شدة فرحتها.. فبدأت تصفق بكلتا يديها و تدندن مرددة..

“رايحة فين يا لوما يا أم شال قطيفة.. رايحة أزور النبي محمد والكعبة الشريفة”..

“حاجة يا حاجة يا أم شال قطيفة”.. قالتها “إسراء” التي دلفت داخل الغرفة للتو، لتجد والدتها تصفق وتغني بهيئة تدخل السرور على القلب..

و دون سابق إنظار صدي صوت “إسراء” بزغروطة رنانة رغم عبراتها التي تنهمر على وجنتيها بغزارة و تردد بفرحة لفرحة والدتها..

“مبرررروك يا ست الكل.. هتسافري لحبيبك بكرة، وكمان مش هتروحي لوحدك.. بنتك إيمان هتسافر معاكي”..

فتحت “إلهام” ذراعيها لابنتها، فهرولت “إسراء” بالاقتراب منها و احتضنا بعضهما بقوة و سعادة بالغة غمرتهما أخيراً بعد الكثير من التعب والبكاء..

……………………………….. الحمد لله ????………….

مرت ساعات الليل ببطء شديد،حتي سطعت شمس صباح جديد بدأ بوصول أرقى الفساتين لكلاً من “خديجة، إسراء وصغيرتها، و إيمان أيضًا”، و ثياب الأحرام الخاصة ب “إلهام” التي لم تغفو إلا بعدما قامت بتجهيز حقيبتها..

كان كل العاملين بالقصر يقفون على قدم وساق أثناء تجهيزات المسؤلين عن تحضيرات حفلات الزفاف يقومون بتزين القصر من الداخل و الخارج بأروع الورود، و الأضاءة المبهجة..

يتابعهم” فارس “من شرفة جناحه بنظرات منذهلة، اليوم ستترك عمته الحبيبة القصر لأول مرة و تسافر مع زوجها..

رباه!!..

حقاً ستتزوج “خديجة”؟!..

“صباح الحب”..

همست بها “إسراء” من خلفه وهي تحاوط خصره بذراعيها وتضمه لحضنها رأسها يتوسط ظهره..

“حاسه بيك طول الليل قلقان و منمتش ليه يا حبيبي” غمغمت بها بصوتها الناعس و هي تمسد على صدره موضع قلبه بحركتها التي يفضلها زوجها كثيراً..

جمدت محلها حين أخترق سمعها صوته الباكي يهمس بعدم تصديق قائلاً..

“خديجة..أمي هتتجوز يا إسراء”..

يتبع……

غرام المغرور..

47

لم يكن هين على “فارس” إظهار ضعفه أمام أي مخلوق، ينجح دائمًا في إخفاء مشاعره و التحكم بعبراته التي نادراً ما تخونه و تظهر بعينيه، و لكن مع ساحرته يطلق العنان لنفسه، بعدما نجحت هي في هدم أسوار قلبه العاليه التي لم تجتازها أنثى قبلها، سيطرت ببرائتها وساحرها عليه حتي أصبحت وحدها غرام المغرور..

“خديجة تستحق كل الحب اللي في الدنيا وفرحتي بيها و ليها انهارده مافيش حاجة أقدر اوصفها بيها، والفرحة كملت بوجودك في حياتي يا إسراء”..

قالها “فارس” وهو يستدير لها، ويحتضن وجهها بين كفيه..

كانت عينيه تملؤها الدموع التي تأبي الهبوط، ملامحه حزينة بل لأول مرة تلمح الخوف على محياه ، ينظر بعينيها يستجديها أن تضمه لتمحي خوفه المبهم على  والدته” خديجة” التي يخشي من فقدنها والابتعاد عنها حتي لو كانت لأيام معدودة..

هيئته قطعت نياط قلبها فلم تعد تستطيع السيطرة على عبراتها، حينها أحس “فارس” بسخونة متزايدة تغزو بشرتها، و سرعان ما تلمس بأنامله سيل دموعها المنساب على خدها ببطء شديد..

“تعالي في حضني يا حبيبي”.. همست بها “إسراء” بصعوبة من بين شهقاتها، و جذبته إليها تضمه لصدرها بقوة، وتربت على ظهره بحنان بالغ مكملة..

“أنا معاك و مستحيل أبعد عنك يا فارس”..

احتواها بين ذراعيه حتي انه حملها لداخل حضنه فلم تعد قدميها تلمس الأرض،دافناً وجهه بعنقها غالقاً عينيه براحة،كأن قربها منه له مفعول السحر،

فتنهد بقوة مغمغمًا بخفوتٍ..

“بحبك”..

“وأنا بحبك”.. غمغمت بها “إسراء” وهي تنكمش على نفسها بين ذراعيه تخبره بفعلتها هذه انها تستمد قوتها منه هو، واجهشت بالبكاء أكثر مردده..

“ماما كمان أول مرة تسيبني وتسافر يا فارس”..

أغمض عينيه بشدة وقد تذكر أن “إلهام” أيضًا ستقلع طائرتها بعد إنتهاء عقد قران خديجة مباشرةً، تبدلت الأدوار بلحظة و بدأ “فارس” يربت على شعرها نزولاً بظهرها كمحاوله منه لتهدئتها..

“هششش يا روحي.. ليه كل العياط دا بس يا إسراء..مامتك سيباكي معايا و في حضني حبيبتي”..

تمسحت “إسراء” بوجهها في صدره كالقطة الوديعة، وهي تقول.. “ما حضنك دا اللي مخليني ماسكة نفسي شوية، ومش راضية أفضل اعيط قدام ماما وابوظ عليها فرحتها”..

كانت تتحدث وهي تدفعه برفق نحو الفراش، وتابعت برجاء..” ممكن بقي تنام شوية علشان انهارده يوم طويل ومهم جداً ولازم تكون فايق كده علشان خاطر خديجة، وعلشاني أنا كمان”..

مالت عليه طبعت قبلة عميقة بجانب شفتيه مكملة..

” انا هروح أصحى العروسة ونشوف الحاجات الكتير اللي ورانا، ولما نخلص هجي اصحيك يا عيون إسراء”..

……………………………………… سبحان الله ????……

.. بمنزل إيمان..

” الله بقي.. دا أيه النشاط دا كله يا أبو محمود!!”

نطقت بها “إيمان” التي خرجت للتو من الحمام حاملة صغيرها داخل منشفة قطنية..

كان” تامر” أنتهي من تجهيز أشهى الفطور ووضعه على الطاولة ويجلس بنتظارهم بابتسامة حانية و فرحة غامرة تظهر على محياه..

“يله لبسي حودة بسرعة وتعالوا كلو قبل ما الأكل يبرد علشان ورايا مشوار مهم أوي لازم اروحه انهارده يا إيمان”.. أردف بها “تامر” بحماس شديد جعل “إيمان” ترنو إليه وتتحدث بصوت تحشرج بالبكاء..

“والله أنا مش مصدقة إن ربنا كتبهالنا و هنطلع عمره أنا وأنت يا تامر”..

هب” تامر” واقفاً وضمها هي والصغير لحضنه مغمغمًا..

” الحمد لله.. ربنا مطلع على قلبي وعالم أن أمنيتي اعمل عمره لأخويا”..

صمت لبرههٍ يحاول كبح عبراته، وتابع بصوت مرتجف.. “هاخد إسراء أوديها تزور أبوها انهارده قبل ما نسافر”..

ربتت” إيمان ” على كتفه وهي تقول.. “تعيش وتفتكر يا حبيبي.. يله خليني البس حوده علشان نفطر وننزل على طول إلا خالتي إلهام هي واسراء مأكدين عليا أروحلهم من بدري”..

………………………………….. الحمد لله ????………

.. بمنزل غفران..

تنهدت “عهد” بتعب وهي تعيد جملتها للمرة التي لا تعلم عددها كمحاوله منها لإقناع” مالك” بتركها تذهب هي وشقيقته” مكة”..

” يا مالك يا حبيبي قولتلك أنت هتيجي مع بابي و زين”..

“لو سمحتي يا عهوده خديني معاكي علشان اطمن على إسراء”.. قالها “مالك” بنبرة راجية، و لكنها صارمة بنفس الوقت..

فتحت “عهد” ذراعيها له تحثه على الاقتراب منها، فخضع الصغير لرغبتها، وسار نحوها حتي وقف داخل حضنها..

داعبت بأصابعها خصلات شعرة الكثيفة الناعمة، وقبلته بحب مردفه..” يا حبيبي كل اللي هناك دلوقتي بنات وبس، و أنت راجل يا مالك زي بابي يبقي مينفعش تيجي معايا دلوقتي ، وتيجي بليل وأنت لابس البدلة الشيك بتاعتك”..

كان “غفران” يتابع حديثها بابتسامة هادئة، و نظرة متيمة بها عشقًا.. فزوجته تعامل أولاده بحب شديد لا يقل عن حب إبنها..

“اقتنعت يا مالك باشا بكلام عهوده، ولا تحب أقنعك أنا؟! “.. قالها” غفران ” وهو يقترب عليهما بنبرة ذات مغزي جعلت” مالك” يضحك بقوة حين تفهم مقصد والده و رفع كلتا يديه باستسلام مردفاً..

“لا خلاص اقتنعت يا بابي.. بلاش نلعب بوكس انهارده عندنا فرح وأنا محتاج وشي سليم”..

قالها وهرول مسرعًا على غرفته..

بكت “عهد” بصطناع وهي تمسد على بروز بطنها بكف يدها مدمدمة..” اممم..ابنك قايم بالواجب ومش مبطل لعب بوكس في بطني من أصبح”..

رمقة” غفران” بنظرة مغتاظة حين مد يده على بطنها بلهفة يتحسس حركة صغيره مغمغمًا بفخر..

“البطل فهد المصري يلعب براحة راحته”..

غمز لها بمكر مكملاً.. “واخد شقاوة أبوه”..

“طبعاً.. دا ابن الظبوطة غفران الوزير المتحرش”.. همست بها داخل أذنه بابتسامة عابثة وهي تحاوط عنقه بدلال جعلته يخطفها بعناق محموم، ويضحك بقوة من قلبه ضحكته التي لا تظهر إلا لها..

………………………….لا حول ولا قوة الا بالله ????….

بجناح خديجة..

تنقلت” خديجة” بعينيها بين” إلهام، إسراء ” اللتان ينظران لها بصدمة و أعين جاحظة..

“انتي بتقولي أيه يا خديجة يا أختي؟!.. جوازة أيه اللي عايزه تلغيها!!!”..

تفوهت بها “إلهام” مستفسرة بهدوء..

أطلقت “خديجة” زفرة نزقة من صدرها، و بأسف اجابتها.. “جوازي من هاشم يا إلهام “..

هبطت دمعة حارقة من عينيها مكملة..

“فارس نظرته ليا بتوجع قلبي..مش قادرة أشوفه زعلان بالشكل دا، وأنا عارفه أني السبب في زعله”..

” ديجا اللي بتفكري تعمليه دا هو فعلاً اللي هيزعل فارس منك “.. قالتها “إسراء” التي اقتربت منها جلست جوارها، وتابعت بتعقل..

“فارس لسه أصبح بيقولي مافيش حاجة في الدنيا تقدر توصف فرحته بيكي انهارده، وأنتي عايزه تكسري فرحتك، و فرحته وفرحتنا كلنا بيكي”..

قالت” إلهام ” بجدية مصطنعة.. “خديجة بسكوتتنا عاقلة و هتقوم دلوقتي علشان نبدأ نجهزها لعريسها، ولو على فارس متشليش همه خالص إسراء بنتي معاه هتظهرله البت الفرفوشة الشقية اللي مخبيها للحبايب تنسيه إسمه مش زعله بس”..

توردت وجنتي” إسراء ” بحمرة الخجل خاصةً عندما استمعت لصوت زوجها الذي طرق على الباب ودلف للتو يقول بنبرة ماكرة، وهو يغمز بعينه لزوجته في الخفاء ..

” اتفق معاكي جداً يا ماما إلهام خصوصًا في الحته بتاعت شقاوة إسراء “..

سار نحو” خديجة ” التي تخفض رأسها بستحياء، وجلس بينها وبين زوجته، وحاوطهما بذراعيه بحب كبير..

“منمتش ليه يا فارس”.. غمغمت بها “إسراء” وهي تتطلع لثيابه المنمقة بعناية.. “أنت خارج ولا أيه؟! “..

ذات” فارس ” من ضمهما لصدره، مقبلاً جبهة”خديجة” وهو يقول.. “فرحتي بديجا مطيرة النوم من عيني”..

نظر لزوجته، وتابع بجرائته التي لن ولم يتخلى عنها أبدًا.. “وكمان مبعرفش أنام وأنتي مش في حضني”..

“احنا هنا يا واد يا جوز بنتي.. اختشي “.. قالتها

“إلهام” وهي تنظر ل “فارس” رافعة إحدي حاجبيها بحركة جعلتها بغاية اللطافة، ودوي صوت ضحكاتهم جميعًا، ومن ثم ساد الصمت للحظات قطعه “فارس” بتساؤل موجهه حديثه ل “خديجة” قائلاً ..

” أنتي كويسه؟”..

نظرت له” خديجة” بأعين تملؤها العبرات، و رفعت يدها وضعتها على لحيته هامسة بصوت متحشرج بالبكاء..

“لو أنت مش زعلان مني يبقي أنا أكيد كويسة”..

“لو زعلت من الدنيا كلها مستحيل أزعل منك أنتي يا أحن ديجا في الكون كله”..

أردف بها “فارس” بلهفة، ومال على جبهتها قبلها ثانيةً بحب شديد مكملاً..

“عايزك تروقي كده وتفرحي وبس، ومتشليش هم اي حاجة انهارده خالص، وأنا هروح كذا مشوار مهم، وهرجعلك على طول مش هتأخر عليكي”..

نظر لزوجته، وتابع بابتسامة دافئة..

“جهزي إسراء على ما اطمن ان كل حاجة تمام.. علشان هروح مشوار سري أنا وهي “..

قالها بضحكة خافتة حين لمح نظرة زوجته المغتاظة، و أكمل بشيء من الجدية وهو يداعب ذقنها بأنامله..

” هروح أقدم لمراتي في الجامعة الأمريكية”..

فور سماع “إسراء” لجملته هذه صرخت بفرحة غامرة وقفزت داخل حضنه تضمه لها بقوة وهي تقول..

” يا روح قلبي يا فارس.. ربنا ميحرمنيش منك أبدًا يا روحي”..

دوى صوت الزغاريط فور وصول “إيمان، عهد” لتسرع كلاً من “إلهام، إسراء “بالرد عليهما وها قد بدأ الجميع بالتحضير للزفاف على يد مجموعة من أشهر خبراء التجميل قام “فارس” بأحضارهم خصيصاً من لبنان لتجهيز أغلي وأحب البشر لقلبه..

” والدته خديجة، زوجته إسراء “..

بينما “فارس” ذهب مع “تامر” برفقة الصغيره “إسراء” لزيارة قبر والدها بعدما قام بتقديم أوراق زوجته للالتحاق بالجامعة..

يتبع……

الاخيرة..

غرام المغرور….

اسيبكم مع الخاتمة..

خيم الليل بستائره السوداء ..

لتتوهج إضاءة القصر البراقة، مع صوت الأنغام الهادئة التي شقت سكون المكان ..

الجميع داخل جناح العروس يقفون بجوارها على أبهى إستعداد،إسراء وصغيرتها، إلهام، إيمان، عهد، و حتي مارفيل..

“خديجة” إنتهت للتو من وضع لمسات لا تذكر من المكياج، وقفت أمام المرآه تتأمل طلتها البسطة للغاية بفستانها الأبيض الرقيق ذات حمالات عريضه، جمعت شعرها للخلف تاركة بعد الخصلات متمرده على وجنتيها..

“ماشاء الله تبارك الله.. زي القمر يا ديجا”.. قالتها “إسراء” و هي تقترب منها حاملة بيدها حجاب من الطل الأبيض، و تابعت..

“بس اسمعي كلامنا، و البسي طرحة الفستان”..

حركت “خديجة” رأسها بالنفي، و تحدثت بخجل قائله.. “لا يا إسراء.. كفاية خلتوني ألبس فستان فرح في سني دا”..

صمتت لبرههٍ، وأكملت بأحراج..

“بلاش تكسفوني أكتر من كده.. أنا مش عيلة صغيرة للفستان والطرحة”..

القلق، و الخوف جعلوا ملامحها شاحبه، منطفئه،

حديثها ونبرة صوتها الحزينة لم تروق ل”إلهام” التي عقدت حاجبيها، و اقتربت منها بكرسيها المتحرك، رمقتها بنظرة عابسة مردفة بعتاب..

“خديجة يا أختي أنتي زي ما تكوني خايفة تفرحي!!..انهارده ليلتك، و أنتي عروسة و من حقك تبقي مبسوطة و فرحانة “..

“أفرح و فارس زعلان يا إلهام ؟!”.. همست بها “خديجة” بصوت أختنق بالبكاء، و أطلقت زفرة نزقه، وتابعت وهي تنظر من نافذة الجناح عبر الزجاج العاتم..

“هاشم وأهله كلهم وصلوا تحت مع محمد و غفران، و فارس لسه مخرجش من أوضته”..

” فارس انا سيباه بيجهز يا خديجة.. هروح اشوفه لو محتاج حاجة و أرجعلك على طول”.. قالتها” إسراء ” بلهفة، و هي تهرول لخارج الجناح..

لكنها توقفت محلها ثانيةً حين وجدت الباب يُفتح، وظهر زوجها بهيبته، و وقاره حاملاً بيده علبة مخملية كبيرة، ويقول بصوت أجش..

” أنا هنا يا خديجة”..

علقت أنفاس “خديجة” بصدرها، و انسحبت الدماء من عروقها، و أسرعت بخفض رأسها هروباً من مواجهته..

بينما” إسراء” تأملت مظهره بابتسامة بلهاء، وقد اقرت بداخلها انه شديد الجاذبية، والوسامة رغم تعبير وجهه الغضوب، و عروقه البارزة بخطورة..

رفرف قلبها بشدة بين ضلوعها حين رأته مقبلًا عليها ببطء هكذا و نظراته تشملها بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب..كانت ترتدي فستان بلون الأحمر صمم خصيصًا ليناسب ظروف حملها فأخفي بطنها الصغيرة ببراعة جعلها بغاية الرقة بحجابها الجميل الذي أضفى عليها براءة و وقارًا في آن واحد..

شعرت بذبذبات حارة منبعثة من جسده الآخذ بالاقتراب منها، و عينيه دارت بالمكان بحثًا عن “خديجة” حتي لمحها تقف بإحدى الزوايا خافضة رأسها، و تفرك أصابعها ببعضهم بتوتر ملحوظ..

توقف أمام زوجته مباشرةً، رفع كفه وضعه على مؤخرة رأسها.. يقربها منه بتمهلٍ طابعًا قبلة رقيقة مطوّلة فوق جبينها، و عينيه لم تبتعد عن “خديجة”..

كان الموقف مهيب للجميع، الصمت سيد المكان، لم يستطيع أحد قطعه سوي الصغيرة “إسراء” التي ركضت نحو “فارس” توقفت أمامه تدور حول نفسها بفستانها الأبيض الرائع وهي تقول بفرحة غامرة..

“بابي شوفت فستان اسلاء حلو إزاي”..

هنا أنتبه “فارس” لها، فبتعد بعينيه عن “خديجة” و نظر للصغيرة بابتسامة منبهرة بجمالها الذي يشبه جمال والدتها بالمثل، و مال بجزعه عليها قليلاً حملها بين يديه، مقبلًا وجنتيها بحب أبوي صادق مغمغمًا…

“الفستان حلو علشان أنتي اللي لابساه يا عيون بابي”..

” يله يا فارس يا ابني هات خديجة ، و حصلنا على تحت”.. غمغمت بها “إلهام”،وهي تسير لخارج الجناح بعدما تنقلت بعينيها بين الواقفين حتي يتابعونها، و يتركوا لهما بعض الخصوصية..

توجهوا جميعًا للخارج حتي زوجته التي أخذت صغيرتها منه، و ظل “فارس” و” خديجة” بمفردهما.. توترها و أنتفاض جسدها أخفي غضبه تمامًا، و بدأ يتطلع لها بابتسامة حانية، و أعين التمعت بها  العبرات..

” ملبستيش طرحة الفستان ليه يا ديجا؟ “..

أردف بها و هو يحمل الطرحة الطل، و يسير نحوها حتي توقف أمامها، و وضعها على شعرها، وفتح العلبه التي برفقته ليظهر بها طقم كامل من الماس الحر وضعه على مقعد بجوارها، و بدأ يتناوله قطعة تلو الأخرى..

عقد حول عنقها، سوار حول معصمها، خاتم بأصابعها، مال على يدها قبلها بحب مدمدمًا..

“مبروك يا أحلى عروسة في الدنيا”..

رفع وجهها جعلها تنظر له، و لكنها رمشت بأهدابها كمحاوله منها لكبح عبراتها، و تعمدت عدم النظر لعينيه وهي تقول بصوت متحشرج بالبكاء..

“عروسة عجوزة،و قريب هتبقي جده”..

أمسك يدها، وسحبها خلفه و أوقفها أمام المرآه، وتحدث بأمر قائلاً..

“بصي لنفسك في المراية يا ديجا”..

رفعت عينيها ببطء ونظرت لهيئتها، لتتفاجئ بطلتها التي زادت جمالاً بطرحتها الطل، فبتسمت بخجل و قد عادت الدماء تغزو وجنتيها من جديد..

“عرفتي أنك زي القمر”..

صدع صوت الزغاريط عاليًا معلنة عن وصول المأذون، تنهد “فارس” براحة حين لمح الفرحة ظهرت بعينيها، فأحتضن يدها بين كفه وسار معاها للخارج وهو يقول بمزاح..

“يله ننزل علشان عريسك طلعلي 8 مرات قبل ما أجيلك، و زمانه واقف مش على بعضه تحت”..

…………………………………. سبحان الله ????……

بحديقة القصر..

يقف “محمد” برفقة “هاشم، غفران”بأنتظار “فارس” و العروسة، يظهر على وجههم القلق بسبب تأخريهما عليهم..

” أهدي يا هاشم واطمن.. فارس هيجب خديجة و نازل حالاً “.. قالها” محمد ” و هو يربت على كتفه لعله يهدأ قليلاً من توتره..

مسح “هاشم” على شعره بعنف و بأسف قال..

“أنا قلقان من خديجة نفسها.. أكتر من فارس؟، “..

قطع حديثه، و تهللت أساريره حين لمح عروسته تخرج من باب القصر برفقة” فارس “..

لم يطيق الإنتظار أكثر فهرول نحوهما، و عينيه تلتهم خديجة، و هم بخطفها كالخطاف داخل صدره إلا أن “فارس ” أسرع بالوقف أمامه، و تحدث بغضب مصطنع..

” أنت داخل زي القطر كده رايح فين يا هاشموله؟!”..

وضع ذراعه على كتفه، وسحبه معه نحو الطاولة التي يجلس عليها المأذون مكملاً..

“أحنا لسه هنكتب الكتاب يا عريس”..

نظر له “هاشم” بغيظ، واصطك على أسنانه وهو يقول..”أنت و عمتك سيبتو ركب هاشموله بتأخركم،  فكرتكم رجعتوا في كلامكم؟!”..

تعالت صوت الزغاريط أكثر حين تجمع الرجال حول المأذون و بدأو بمراسم إشهار الزواج..

“مين وكيل العروسة”.. قالها” المأذون ” مستفسراً..

“فارس هو وكيلها”.. قالها “محمد” والده بابتسامة و هو ينظر لوحيده بفخر..

أخذ” فارس ” نفس عميق، و مد يده وضعها بيد”هاشم”..

أردف المأذون بعمليه قائلاً..

“قول ورايا.. زوجتك موكلتي البكر الرشيد على كتاب الله، و سنة رسول الله”..

هنا نظر” فارس” نحو “خديجة” بملامح بدت جامدة، لم تستطيع تفسيرها، صمت للحظات ثم قال بصوتٍ هادئ يحمل بين طياته ألم شديد..

“زوجتك موكلتي،

قمري في عتمة الليالي، ونور شمسي في صباحاتي، أماني واطمئناني، شفاء جروحي وبلسم عمري وظلِّي الظليل”..

صمت لوهله حين تحشرج صوته بالبكاء، بينما تعالت شهقات جميع الحضور بعدما وصل لهم أحساسه الصادق، و خاصةً زوجته التي انهمرت عبراتها على وجنتيها بغزارة، أما” خديجة ” فقد فقدت السيطرة على صوت شهقاتها التي أصبحت تشبه الصراخ حين تابع” فارس ” قائلاً بابتسامة رغم تلك الدمعة الحارقة التي خانته وهبطت من عينيه..

“زوجتك خديجة أُمي، أُمتي، مَأمني، أماني، أغلى ما أملُك”..

ظل جالسًا بمكانه حتي أستمع لصوت المأذون يقول بتهليل..” بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”..

بلمح البصر كان ركض” فارس” نحو “خديجة” التي تهرول نحوه هي الأخرى بخطي متعثرة، و أخذها بعناق قوي، و يده تربت على ظهرها بحنان بالغ مردداً..” مبروك.. ألف مبروك يا.. أمي”..

طال عناقهما، و خديجة متمسكة به بكلتا يديها وتبكي بنحيب، و تهمس له بصعوبة من بين شهقاتها الحادة..

“عمري مارحش هدر يا ابني.. عمري مارحش هدر، و لو رجع بيا الزمن هختارك أنت يا ابن عمري و قلبي”..

طال عناقهما، و كلاً منهما متمسك بالأخر، مثلما كانوا دائمًا طيلة حياتهما، وقف “هاشم” بجوارهما ينتظر زوجته بكل ترحاب ظنًا منه أن “فارس” سيتركها له من تلقاء نفسه..

“فارس سيب خديجة لهاشم متخفش عليها.. دا بقي جوزها يا ابني”..أردفت بها” إلهام ” التي تفهمت جيداً ما يدور بعقل زوج ابنتها، و من ثم نظرت ل “إسراء” الباكية، وأشارت لها أن تقترب من زوجها ليتمكن “هاشم” من أخذ زوجته..

أقتربت “إسراء” منه على الفور، وهمست من خلفه بخفوت..

” فارس.. حبيبي بصلي”..

التفت برأسه نحوها دون أن يبتعد عن “خديجة”..

رباه!!!.. يجاهد لكبح عبراته مما جعل عينيه شديدة الأحمرار،نظرته لها مزقت قلبها،فندست بين ضلوعه برفقة “خديجة” التي سحبها “هاشم” برفق، و حرص حتي أخيراً تركها “فارس” على مضض بعدما رمقه بنظرة شرسة محذرة، وقد عجز لسانه عن النطق بحرف واحد من شدة انفعاله..

بادله “هاشم” النظرة بأخرى مطمئنه، و تحدث بابتسامة وهو يضم “خديجة” لصدره بلهفة مغمغمًا..

“اطمن خديجة جوه قلبي وعيني يا فارس”..

حرك “فارس” رأسه له بالايجاب، و قد نجحت ساحرته في جذب كل حواسه لها، كانت ملتفه بكلتا يديها حول خصره أسفل معطفه،غرسة أصابعها بظهره بقوه محببه، دافنه وجهها داخل صدره تقبل موضع قلبه بعشق..

حاوطها هو بذراعيه، و ضمها له أكثر وبدأ يتمايل بها على أنغام أغنيه هادئة شعر أنها قد كتبت لهما خصيصًا، توصف حالته معاها، وغرامه بها الذي تخطي حتي حدود العشق..

كلام في سرك الحياة وأنتِ معايا، كل ما بيعدي وقت بتحلى عن البداية،

صعب الكلام اللي أعرفه يوصف هوايا، في حاجات كدا بنحسها وما تتحكيش.

انضم لهما كلاً من “هاشم” و زوجته، و “غفران” وزوجته، و “تامر” و زوجته، “محمد” و زوجته التي كانت تجاهد لكبح عبراتها بصعوبة، وعينيها لم ترفعها عن وحيدها،حتي “مالك” سحب الصغيرة “إسراء” وبدأ يشاركها الرقص وهو يغمر وجنتيها بسيل قبلاته البريئة يعبر بها عن شدة إعجابه بجمالها..

من حسن حظي إني قابلتك دي الحقيقة

أنتِ يا عمري يا كل أحلامي البريئة، بحسب حياتي بالثواني وبالدقيقة

وإن غيبت ثانية عن عيوني مش بعيش.

رغم أنه كان بعالم أخر بفضل لمسات ساحرته التي تبعثر مشاعره، وتزلزل كيانه إلا انه انتبه لنظرات “مارفيل” الحزينة، فتحرك ب زوجته حتي اقترب منها، وبلحظة كان سحبها من حضن والده، وحاوطها بإحدى ذراعيه..

فعلته هذه جعلت “مارفيل” تنفجر بالبكاء رغم أنها تمتلك قوه تجعلها تتحكم بمشاعرها حتي لا تبكي بسهوله على الإطلاق ، و لكن كانت تحتاج ان تلقي نفسها داخل حضن ابنها الوحيد..

“هششش كفي عن البكاء امي رجاءً”.. قالها “فارس” لها، وربت على ظهرها بكف يده وبدأ يرقص برفقة زوجته  و والدته..

من حسن حظي إني قابلتك دي الحقيقة

أنتِ يا عمري يا كل أحلامي البريئة،

بحسب حياتي بالثواني وبالدقيقة

وإن غيبت ثانية عن عيوني مش بعيش.

وصلت قلبي لمرحلة ما وصلش ليها، يا حبيبي قبلي حد ولا فكرت فيها

ويا نعمة بحمد ربنا دايما عليها

يا حبيبي ده إنت حكاية نفسي ما تنتهيش.

صك “محمد” على أسنانه بغيظ مصطنع، ووقف عاقد يديه أمام صدره، وانتظر “فارس” يمسك يد والدته ويجعلها تدور بفستانها الأسود حول نفسها، وبلمح البصر كان خطفها داخل صدره، وضحك بانتصار..

من حسن حظي إني قابلتك دي الحقيقة

إنت يا عمري يا كل أحلامي البريئة

بحسب حياتي بالثواني وبالدقيقة

وإن غيبت ثانية عن عيوني مش بعيش.

كانت “إسراء” مستنده بظهرها على صدر زوجها الذي طوقها بذراعيه، ومال عليها برأسه واضعاً وجنته الخشنه على وجنتها الناعمه، اسبلت جفنيها بخجل حين أستمعت لصوت تأوهًا حارًا من بين شفتيه، و همس لها بحميمية..

“هتجنن عليكي”..

رفعت عينيها ونظرت له، فأدارها هو جعل وجهها مقابل وجهه، وصوب نظره نحو شفتيها، و ابتلع لعابه بصعوبة، وهو يسترجع طعم مذاقهما.

لا يتمني غير شيئًا واحدًا ، يريد تقبيلها الآن أكثر من أي وقت مضى، ارتجفت شفتي “إسراء” حين أدركت ما يدور بخاطره،  شعرت بنفسها تتهاوى بين يديه،  الا أن سقوطها لا يتوقف , بينما جسدها ثابت مكانه داخل صدره..

من حسن حظي إني قابلتك دي الحقيقة

إنت يا عمري يا كل أحلامي البريئة

بحسب حياتي بالثواني وبالدقيقة

وإن غيبت ثانية عن عيوني مش بعيش..

كانت الموسيقي هادئة، ناعمة للغاية، جعلت حالة من الشجن تحتل المكان..

بشفاه مرفوعة تنظر “إلهام” للفرقة الموسيقية التي  تعزف أرقى الموسيقى الهادئة، و التي لم تروق ل “إلهام” على الإطلاق، بل كادت أن تسقط من فوق كرسيها المتحرك عندما غلبها النعاس، فنتفضت فجأة، وشهقت بصوت خفيض محدثة نفسها بنفاذ صبر..

“لا بقي دي مش أغاني كتب كتاب خالص..أنا هنام على نفسي”..

أشارت لإحدى العازفين أن يقترب منها، فهرول بالسير نحوها بعدما نظر له “فارس ” أن يلبي نداها..

“هات يا أسمك أيه طبلتك الحلوة دي لو سمحت، و روح قول لأسم الله حرسهم زميلك يوقفوا الموسيقى بتاعت قبل النوم دي، ويستعدو هعلمكم أنا أغاني كتب الكتاب بتكون إزاي”..

التف الجميع حول “إلهام” على الفور حين بدأت تعزف على الإله الموسيقية بمهارة عالية، و صدي صوتها العذب بإحدى الأغاني الشعبية التي تجعل القلوب تتراقص فرحاً رغماً عنها حين قالت..

” طبلوله , هيصوله , زغرطوله أبو جلابية مزّهرة .

كتبه كتابه الليلادي , وعروسته حلوة بتنادي , افرح وكيد الأعادي ليلتنا حلوة منورة ,

طبلوله … أبو جلابية مزّهرة .

كتبو كتابه يوم الخميس , ده انت الليلادي أحلي عريس , يلا بقي نفرح ونهيص , يا عروسة حلوة وسكرة .

كتبو كتاب الحلوة الليلة , لموا الأهل كمان والعيلة , أجمل صحبة ورد جميلة ف ليلة حلوة معطّرة .

كتبوا كتابه هلا هالله , بالكردان والمشاألله ,

والفرحة ف عينهم طالله , والتورتة حلوة مدورة ..

وهنا صدع صوت “إسراء، إيمان، عهد” بالزغاريط عاليًا، وتحول الهدوء إلى أغاني صاخبة وتصفيق حار، وملئت الفرحة الغامرة قلوب جميع الحضور لساعات طويلة كانت لابد أن تنتهي بذهاب “خديجة” برفقة زوجها لقضاء شهر العسل بجزر المالديف الشهيرة، و سفر “إلهام” و “إيمان” و زوجها وصغيرهما “محمود” إلى البيت الحرام..

……………………………..لا حول ولا قوة الا بالله ????…

بعد مرور اكثر من أربعة أشهر..

داخل جناح “إسراء”..

تقف “خديجة” بوجهه يبدو عليه الذعر، و الهلع أمام “إسراء” التي تدور في غرفتها ممسكة بظهرها، غير قادرة حتى على الجلوس أو الإستلقاء،

التقلصات تتزايد فجأة ثم تنقطع، و تتقطع معها روحها اربًا..

“أنا عايزه امي يا خديجة.. اتصلي بفارس خليه يجي ويجيبلي امي.. أنا مش هولد غير وهي معايا”..

دارت “خديجة” حول نفسها تبحث عن هاتفها، وامسكته و طلبت رقم “فارس” وهي تقول بعتاب.. “يا حبيبتي أنا معاكي أهو.. مش أنتي بتعتبريني زي ماما يا إسراء، وهكلم فارس اخليه يجي حالاً.. هو أصلاً كان حاسس بتعبك اللي بتحاولي تداريه عنه من إمبارح، ومكنتش عايز ينزل ويسيبك لولا مكالمة غفران اللي قاله عايز يقابله ضروري..”..

بكت” إسراء” بنحيب، و أردفت بتقطع قائله..

” أنا حاسة ان ماما مش في الحرم كل دا زي ما فارس بيقولي.. معقول تفضل في العمره أكتر من أربع شهور يا!!! “..

قبل أن تتم كلامها شعرت فجأة بتقلصاتٍ حادة في بطنها و ألمٍ كالسكين في ظهرها فانحنت و هي تمسك بظهرها متأوهة بصوتٍ عالٍ ..

“اااه يا فارس.. تعالي و هاتلي امي معاك بالله عليك “..

جملتها هذه وصلت لسمع زوجها الذي فتح الخط للتو، فجاء صوته صارخًا بلهفة، وقد سقط قلبه أرضًا من شدة خوفه عليها..

“إسرااااااء أنتي بتولدي؟!!”..

“أيوه يا فارس.. أنت فين يا حبيبي.. تعالي حالاً إسراء بتولد”..غمغمت بها” خديجة” بنبره مرتجفه، وهي تتابع” إسراء” التي تستند على الحائط، وتأن بوجع شديد..

“أنا في الطريق.. داخل على القصر أهو يا خديجة.. أقل من دقيقه وأبقى عندكم”.. هتف بها” فارس” بحنق وهو يلكم مقعد السيارة الذي أمامه بكل قوته..

لحظات مرت كانت كالسنين بالنسبة ل” إسراء” التي لم تتوقف عن البكاء، وهي تدعوا من صميم قلبها بتوسل مردده..

“يارب تكون ماما جاية مع فارس.. يارب وحياة حبيبك محمد تجبلي امي.. أنا محتاجة لها أوي وواحشتني اووي اوي”..

“إسراء”.. كان هذا صوت “فارس” الذي اقتحم الجناح بخطي راكضه،خلفه فريق طبي كامل، وبسرعة البرق كان لقطها داخل حضنه، ألقت “إسراء” بثقل جسدها عليه، ونظرت إليه بعينين زائغتين، ثم قالت بصوتٍ منهك..

“قولي إنك كنت بتجيب ماما من المطار يا فارس”..

كان وجهها شاحب للغاية، ومتعرق بغزاره من شدة قسوة الألم الذي يجتاحها جعلته يطبق جفنيه بقوة لتهبط عبراته ببط على وجنتيه حين وجدها تطلق آهه صارخة، وهي تتمسك بقميصه بعنف حتي مزقت إحدي ازراه..

“اااه ياا فااارس هموت مش قادرة.. يااا ماماااا أنتي فين تعالي ونبي”..

“يا قلب ونن عين أمك يا إسراء”..

كان هذا صوت “إلهام” التي دلفت للتو داخل الجناح، شهقت “إسراء” شهقه عالية، وضحكت رغم شدة بكائها حين رأت والدتها تقف أمامها مستنده على عكاز، و فاتحه ذراعها لها..

رباه!!..

“إلهام” واقفه على قدميها؟!

انهمرت عبرات” إسراء” بغزارة أكبر، و تمتمت بذهول، و عدم تصديق قائله..

” فارس هي ماما هنا ،واقفه على رجلها قدامي، ولا أنا بقيت اخرف من الوجع”..

نثر “فارس” قبلات متفرقة على وجهها، وهو يجيبها بلهفة.. “ايوه حبيبتي.. مامتك هنا يا روحي “..

حاولت “إسراء” التنفس بهدوء، ثم أستقامت ببطء، واتجهت نحو والدتها بخطوات غير ثابته، و ألقت نفسها داخل حضنها، فأسرعت” إلهام “بضمها هي الأخرى مردده بسعادة بالغة..

“واحشتيني يا ضنايا”..

كانت “إسراء” تبكي بصوتٍ عالٍ للغاية، وتردد بعتاب..” كده تتأخري عليا كل الوقت دا يا أم إسراء”..

ربتت “إلهام” على شعرها بحنو وبتنهيده قالت..

“حقك عليا يا حبيبتي، والله يا بنتي أنا كنت هتجنن واجيلك.. بس جوزك الله يباركلك فيه سفرني بلاد بره، وعملي العمليه، و الدكاترة اللي عملولي العملية قالولي بعد ما عملتها أني مينفعش أتحرك كتير قبل ما يعدي 3شهور، وشهر كمان بيعملولي علاج طبيعي”..

رفعت “إسراء” رأسها، و نظرت ل” فارس ” بصدمة، وهي تقول..” أنت سفرت ماما تعمل العملية من غير ما تعرفني يا فارس؟! “..

جذبها” فارس ” لحضنه ثانيةً، واجابها بإهتمام..

” مكنتش عايزك تقلقي أكتر ما كنتي قلقانة عليها يا إسراء، و الحمد لله العملية نجحت ومامتك رجعتلنا بخير يا حبيبتي”..

“إسراء يا حبيبتي”.. غمغمت بها “إيمان “التي تقف على باب الجناح تنتظر الأذن بالدخول، حجظت أعين “إسراء “و هي تطلع نحوها لتتفاجئ ببطنها المنتفخة أثر حملها فصرخت بفرحة غامرة ..

” ايمااان أنتي حاامل؟!”..

حركت” إيمان ” رأسها لها بالايجاب وهي تمسد على بطنها بكف يدها وقد عجزت عن الرد عليها بسبب بكائها..

“بعد ما سافرنا وعملنا العمرة.. إيمان تعبت مننا جامد، ولما كشفنا عليها طلعت حامل في شهرين ومكنتش تعرف”.. قالتها “إلهام”، ونظرت تجاه

“إيمان ” وتابعت بامتنان..

“و رغم تعبها دا الا أنها مرضيتش تسيبني لحظة، و أول ما اتحسنت صممت تسافر معايا وفضلت جنبي لحد ما رجعنا سوا”..

أشارت لها تحسها على الاقتراب،فسارت” إيمان “نحوها، ضمتها” إلهام ” لحضنها مكمله..” دي بنتي زيك بالظبط يا إسراء”..

“ألف مبروك يا إيمان.. مبروك يا حبيبتي “..

غمغمت بها” إسراء ” وهي تضمها هي أيضًا، وتمسد على بطنها بحنان..” شكلك زي القمر في الحمل اللهم بارك.. يبقي هتجيبي بنوته بأمر الله “..

” أيوة بنوته..بأذن الله هسميها فاطمة زي ما خالتي إلهام دعتلي في الحرم قبل ما أعرف أني حامل.. لقيتها بتقولي بت يا إيمان بمشيئة الله ربنا هيرزقك بفاطمة”.. قالتها “إيمان ” وهي تضحك وتبكي بآن واحد..

استطاعت فرحة” إسراء ” ان تمحو ألمها لعدة دقائق، استعادة أنفاسها قليلاً بعدما ساعدها زوجها واجلسها علي طرف الفراش، تتابع السلام الحار بين” إلهام ” و” خديجة ” بابتسامة و راحة غزت قسمتها..

” إسراء حبيبتي.. ارتاحي علشان الدكتورة تطمني عليكي”.. أردف بها “فارس” و هو يعدل وضعها على الفراش، ويضع خلف ظهرها وسادة..

أمسكت “إسراء” يده و نظرت له نظرة ذات مغزي،  لعقت شفتيها  ثم قالت بصوتٍ مرتجف قليلاً..

“خليك معايا.. أنا لسه قدامي شويه مدام الوجع بيروح ويجي”..

“لا دا مدام لسه الطلق محميش يبقي بينا يا بت يا إيمان، و أنتي يا خديجة يا اختي على اوضتي.. إلا انتي واحشاني أوي، و بالمرة تطمنيني عليكي انتي واسم الله حارسه وصاينه هاشموله جوزك”..

قالتها “إلهام” وهي تسير لخارج الجناح، خلفها” إيمان، خديجة” التي أغلقت الباب خلفها..

جلس” فارس ” بجوار زوجته، وأمسك يدها بين كفيه مغمغمًا..” لسه حاسة بوجع؟! “..

لم تجيبه” إسراء ” بل ظلت تنظر له بأعين تفيض بالعشق، تتأمل ملامحه بابتسامة دافئة، وقد اختفي وجعها، و ألمها تمامًا حين احتواها بين ذراعيه..

بادلها هو الابتسامة، ومال عليها مستند بجبهته على جبهتها، لثم أرنبة أنفها بتمهلٍ وهو يقول..

“بتسحريني بنظرتك دي يا ساحرة.. للدرجة دي بتحبيني؟! “..

” بحبك بس؟!.. أنا بعشقك، و بموت فيك يا أبو البنات”.. قالتها “إسراء” وهي تحاوط عنقه بدلال..

“هتسمي البنات أيه يا فارس؟!”..

“اممم.. هنسميهم أيه.. هقولك يا عيون يا فارس”..

دمدم بها “فارس” و هو يعتدل بها، و حملها بمنتهي الخفه أجلسها على ركبتيه، و تابع هو يداعب بطنها بأنامله..

” احنا عندنا إسراء.. يبقي نسمي زهراء، و رواء”..

ضحكت “إسراء” بنعومة، و همست باعجاب..

” الله حلوين أوي.. إسراء ،زهراء، رواء”..

قبلت شفتيه قبله رقيقه تشنج جسده على أثارها، وتابعت بغنج..

“هتبقي أحلى أبو زهراء، رواء؟! “..

“أبو إسراء”.. هكذا قطعها “فارس”، و أعاد ما قاله ثانيةً مؤكداً..” أبو إسراء.. بنتي الكبيرة “..

تراقص قلب “إسراء” فرحًا، والتصقت به أكثر، وهمست أمام شفتيه بحميمية..

“طيب ممكن تساعدني علشان الولادة تبقي سهلة، و بناتنا ينورا الدنيا”..

” أنا معاكي، و جنبك، وفي ضهرك.. قوليلي أساعدك إزاي يا روحي؟؟”.. قالها “فارس” بلهفة، و هو يحتضن وجهها بين كفيه..

“كده!!”..

همست بها “إسراء” ،معلنه عن بدأ إقلاع إحدي رحلتهما الخاصة التي يخطفها بها زوجها لفوق السحاب، ليثبت لها قولاً وفعلاً أنها وحدها ولا أحدًا غيرها التي أمتلكت قلبه و أصبحت

 “غرام المغرور”..

تمت بحمد الله..

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *