التخطي إلى المحتوى

 رواية غرام المغرور الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون بقلم نسمه مالك كامله 


رواية غرام المغرور الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون بقلم نسمه مالك كامله 

الفصل ال36..

غرام المغرور..

الحلقة اهي يا حبايبي ربنا وحده يعلم انا كتبتها إزاي.. 

ستظلي أمي!!.. 

مرت بضعة أيام.. لم يعود خلالهم “فارس” لجناحه.. ظل برفقة والديه خاصةً حين تدهورت حالة “مارفيل” الصحية وإلحاحها عليه أن يظل معها.. مما أجبره على أخماد نيران شوقه الشديد لساحرته مؤقتاً والمكوث بجوارها .. يهتم بها وبأحتياجتها بنفسه..يطعمها بيده..يعاملها برحمة وعطف لا يخلو من المحبة.. أظهر لها رحابة صدر تفاجيء بها هو شخصياً.. أيقن وقتها انه لم يكرهها لحظة واحدة برغم كل ما فعلته به.. فماذا عساه أن يفعل غير ذلك.. هي ستظل أمه هذه الحقيقه لن يستطيع تغيريها.. 

“مارفيل”.. أستهلاكها الزائد للكحول جعلها بحالة يرثي لها.. فقدت الكثير من الوزن.. عينيها ذابلة و وجهها أصفر وشاحب دائماً.. يظهر عليها الوهن والإرهاق بوضوح.. 

فقد اكتشفوا الأطباء المشرفين على حالتها أنها تعاني من مشاكل بالكبد بسبب تلك السموم التي كانت تتناولها جعلت خلايا الكبد غير قادرة على تجديد نفسها، وتحتاج الى فترات طويلة من العلاج المكثف لتطوير خلايا جديدة، وفي كل مرة تعمل فيها خلايا الكبد على ترشيح الكحول، يتم موت عدد منها. واساءة استخدام الكحول لفترة طويلة، قد يؤدي الى أضرار جسيمة في الكبد، والتقليل من قدرة خلاياه على التجدد.. وضعها أصبح يحتوي على العديد من المخاطر الصحية.. 

ارتعد قلب “فارس” من شدة فزعه وخوفه عليها بعدما رأي والده يبكي بكاء مرير لأجلها.. أيعقل أن يفقدها للأبد الآن بعدما عادت إليه برغبتها!!.. 

ألقى كل الأفكار المفزعة خلف ظهره، وقرر الوجود معها أكبر قدر كافِ.. وصل به الأمر لعدم النوم والراحة..طيلة الوقت يجلس على مقعد بجوار فراشها ممسك بيده المصحف الشريف يقرأ لها ما تيسر من القرآن بقلب خاشع وأعين دامعه.. لا يريد أن يغفو فيستيقظ على خبر مفزع يتمني قلبه عدم حدوثه.. 

..داخل جناح مارفيل.. 

يقف “فارس” أمام باب الحمام المغلق بوجهه يظهر عليه القلق ينتظر “مارفيل” التي تقوم الممرضات بمساعدتها على أخذ حمام دافء..

فُتح الباب أخيراً وتحدثت إحدي الممرضات بإحترام قائله.. “فارس باشا.. الهانم خلصت تقدر تتفضل”.. 

ليهرول “فارس” نحوها، ودلف لداخل الحمام بخطي مسرعة.. 

كانت “مارفيل” تجلس على حافة حوض الاستحمام.. حولها أكثر من فتاه يدعموها بالمسانده حتى لا تستسلم لتهاوي جسدها الضعيف الغير متزن وتسقط أرضاً.. 

بابتسامة بشوشة اقترب منها وحيدها، ومال عليها واضعاً ذراعه حول ظهرها والأخر أسفل ركبتيها وقام بحملها بين يديه بمنتهي الخفه وسار بها للخارج مغمغماً.. 

“امممم تفوح منك رائحة الزهور البيضاء الرائعة مارفيل”.. 

يا الله هيئته هو حاملها تخطف القلوب.. ضئيله هي للغاية بين زراعيه القويتين كطفلة صغيرة يحملها والدها ليضعها بالفراش حتي تخلد للنوم.. من يرهما لن يصدق أنه يحمل والدته أبداً.. 

جلس بها على الفراش، ووضعها بجواره بحرص،وبدأ يجفف شعرها بحنو بمنشفة قطنية حتي انتهي،وأمسك فرشاة الشعر الخاصة بها الموضوعة على طاولة بجوار الفراش وقام بتمشيط خصلاتها الناعمة بحنان بالغ.. 

معاملته لها واهتمامه بها أذابت الجليد الذي يغلف قلبها.. رفعت يدها بوهن وأمسكت يده وبهمس بالكاد يسمع قالت.. 

“كيف لك أن تهتم لأمري بعد كل ما فعلته بك؟!” 

نظر لها “فارس” قليلاً نظرة شفقة ممزوجة بعتاب.. وتنهد براحة وهو يجيب على سؤالها.. 

“أنتي أمي.. شئت أم أبيت ستظلي أمي مهما فعلتي”.. 

أمسك يدها الهزيلة بين كفيه وتابع بهدوء وتراوي.. 

“أخبرتني زوجتي بشيء راق ليِ كثيراً.. أنها دوماً تضع نفسها مكان اي شخص أخطأت بحقه لتستطيع رؤية رد فعله بنفسها، وأنا يا أمي قد وضعت نفسي مكانك، وسألت نفسي ماذا لو كنت فعلت بأبني كما فعلتي أنتي معي؟!.. ماذا سيكون رد فعله تجاهي.. أو بالأحرى ما هو رد الفعل الذي أتمني أن يفعله معي.. وجدت أنني أتمنى لو يستطيع أن يمنحني السماح.. فأنا والده بالأخير، وهذا ما فعلته معك مارفيل دون معرفة أسبابك حتي.. أنتي أمي وأنا هنا بجوارك وسأظل حتي تتماثلين الشفاء”.. 

نظر لعينيها التي تفتحها بصعوبة مكملاً بنبرة راجية..” لن أطلب منكِ سوي أن تكوني بخير.. فقط كوني بخير لأجلي مارفيل.. ليس أكثر من ذلك”.. 

حديثه الهين.. اللين،وقلبه المملوء بالرحمة رأف بحالتها جعل حالة من الطمأنينة تجتاح أوصلها لم تشعر بها منذ زمن..قررت بتلك اللحظة أن تبوح له بكل ما تخفيه بين ثنايا روحها.. 

“هل تعتقد أنني أعاني من عقدة أو ما شبة حتى يصل بي الأمر أن أقتلك بني؟! “.. 

حركت رأسها بالنفي، وتابعت بأسف قائله.. 

“سيخبرك والدك بكل تأكيد عن سبب ما فعلته بحقك،ودعني أنا أخبرك بشئ أهم.. فربما تكون نهايتي حان وقتها”.. 

ضمها “فارس” لصدره بلهفه، وربت على ظهرها برفق مردفاً.. 

“لا لا.. بقدرة الله أنتي ستكوني بخير.. كوني قوية مارفيل رجاءاً”.. 

أستكانت داخل حضنه بتعب حين شعرت ببداية دوار شديد يداهما، وبدأت تتحدث بغصه مريرة يملؤها الآسي والندم.. 

“كنت واثقة أنك ستكون بخير”..

همست بها “مارفيل” بضعف وهي تجاهد حتي لا تفقد وعيها.. رفعت يدها المرتجفه وضعتها على موضع ذلك الشق الكبير بصدره وتابعت بابتسامة رغم عبراتها التي تتساقط على وجنتيها دون بكاء..

“حتي عندما أخبروني أن القناص قد أصابك وأعلنو خبر وفاتك.. كنت على يقين أنك مازلت على قيد الحياة لأن قلبي لم يتوقف عن النبض يا بني

الفصل ال37..

غرام المغرور..

الحلقة طويلة اتمني تعجبكم.. 

ساحرة الفارس!!..

.. خارج جناح “مارفيل”..

يقف “فارس” بملامح مرتعدة بجوار والده يتابع الأطباء وهما يحاولون تهدأت والدته التي دخلت بنوبة بكاء حاد حتي أصبحت على وشك الإنهيار..

كانت “مارفيل” تصرخ بكل قوتها مرددة بكلمات غير مرتبة تحمل بينها لغز يصعب حله بسهولة .. “أنا صامتة لأجلك.. لأجلك فارس.. لأجلك فقط بني”..

تراخي جسدها، وأغلقت عينيها بضعف بعدما قامت إحدي الممرضات بحقنها بحقنة مهدئة.. جعلتها تستلم لنوم عميق خلال ثواني معدودة..

زفر “فارس ” براحة، ونظر لوالدة الذي ينظر لزوجتة بلهفة و أعين تترقرق بها العبرات، وتحدث بهدوء قائلاً..”بابا ممكن أتكلم مع حضرتك شوية”..

“عايز تتكلم في ايه يا فارس؟!”..

قالها “محمد” وعينيه ثابته على “مارفيل” يرمقها بنظرات مختلطة بين العشق والاشتياق، والعتاب..

سار” فارس” نحو أقرب مقعد جلس عليه واضعاً رأسه بين كفيه وتحدث بتعب قائلاً.. 

“في حاجات كتير أنا مش فاهمها، وأسئلة كتير مش لاقي ليها أجوبة”..

أخذ ” محمد”نفس عميق، التفت ببطء ينظر له مغمغماً.. “هجاوبك على كل أسئلتك، وهفهمك كل حاجة يا فارس.. بس ممكن تسبيني مع مارفيل شوية لوحدنا”..

صمت لبرهه وتابع وهو يصطك علي أسنانه بغيظ.. 

“من ساعة ما رجعت من برة وأنت لازق معانا هنا.. انت مش المفروض عريس وفي شهر العسل؟! “.. 

رفع “فارس” رأسه ونظر له بدهشة حين تابع بنبرة ساخرة.. 

” حد يسيب عروسته ويجي يقد جنب أمه يا عريييسس”.. رمقه بنظرة ماكرة، ولاعب حاجبيه له بحركة أذهلت “فارس” وأكمل بأسف.. 

” شكلك كده مرفعتش راسنا ولا أيه؟! “.. 

” لاااااااا.. لااااااا وكمان لااااااااا بقي.. دا أنا رفعت راسكم للسما يا أبو فارس”.. 

قالها “فارس” بفخر، وهو ينهض من مكانه، واقترب من والده وضع يده حول كتفه وتابع بحاجب مرفوع.. 

“دا أنا فارس الدمنهوري.. يعني مينفعش تشك في قدراتي ياوالدي”.. 

مال علي أذنه مكملاً بتساؤل..” احكيلي بقي عملت أيه في مارفيل يا أبو فارس يا شقي خلتها كرهت الصنف كله، وعايزة تخترع لنا مبيد رجالي يمحينا كلنا؟!”.. 

رفع “محمد” حاجبيه ونظر له بشرار، وتحدث بغضب مصطنع..” ما أنا قولتلك هتزفت أحكيلك بس مش دلوقتي.. خليني أقعد مع حبيبتي شوية قبل ما تفوق وتطردني زي كل مرة”.. 

أنهي حديثه، ودفعه للخارج ببعض العنف.. لتتعالي ضحكات” فارس” وتحدث وهو يغمز له بشقاوة.. 

” الله عليك يا ابو فارس حبيب”.. 

توقف “محمد” عن دفعه، وتنهد باشتياق وهو يقول بجدية.. 

“اه حبيب،ورجعت مصر بعد كل السنين دي علشان أنا بلدي اللي فيها”.. 

أشار بيده على الغرفة النائمة بها “مارفيل” وتابع بعشق.. “أمك يا فارس.. الست الوحيدة اللي قلبي عشقها.. لا قبلها ولا هيكون في بعدها.. برغم كل حاجة واي حاجة هتفضل مارفيل هي حبي الوحيد”.. 

نفخ بضيق، وتابع بنفاذ صبر..

“ويله اتفضل بقي.. انت ناسي أن غفران عاملك حفلة عنده انهارده في الشاليه، ولا أيه؟!”.. 

ضرب “فارس” بكف يده على جبهته، وتحدث بأسف.. 

” أيوه فعلاً.. إزاي نسيت دا مأكد عليا، وعازم حضرتك كمان”.. 

” محمد”.. بهدوء.. ” اعتذرله بالنيابه عني.. أنا هفضل مع مارفيل، وأنت إياك المح طيفك هنا الليله.. خلص حفلتك، و خد مراتك وأطلع على اليخت انا كلمت العمال وقالولي انه وصل المينا في الغردقة..

دا هدية جوازك مني.. أنا مرتضتش اسميه.. شوف هتسميه أيه أنت بمعرفتك”.. 

“شكراً على كل حاجة يا بابا.. لولاك بعد ربنا كنت خسرت مراتي”.. غمغم بها” فارس” وهو يقطع المسافة بينهما وعانقه بحب.. مقبلاً كتفه مرات متكررة..” ربنا ميحرمنيش منك أبداً “.. 

تسمر” محمد” محله لوهلة لم يبدله عناقه.. أطبق جفنيه بقوة يكبح عبرات الندم التي تجمعت بعينيه، ومن ثم رفع يده وربت على ظهره متمتماً.. 

” ولا يحرمني منك أبداً يا ابني”.. 

ابتعد عنه قليلاً، ورفع يده ربت على وجنتيه بحنو، وتابع بابتسامة..” مش عايزك تشيل هم اي حاجة بعد كده.. أنا عقبت ديمة على كل اللي عملته ، ورمتها في مصحة نفسية، والدكتورة اللي اسمها سلمي دي كانت متهدده بابنها، البنت اللي معها كانت تبع ديمة، وخدت نصيبها من العقاب.. اطمن”.. 

حرك “فارس” رأسه بالنفي، وتحدث بأسف قائلاً.. 

“مش هعرف اطمن طول ما أبو ديمة شريك معانا،وواثق انه مش هيسكت على اللي حصل في بنته.. علشان كده أنا هفضل واخد احتياطات كافية لحد ما أفض الشراكة دي في أقرب وقت”.. 

” اعمل اللي يريحك، وخليك واثق إني هبقي في ضهرك من هنا ورايح”.. أردف بها “محمد” بابتسامة يخفي بها لمعة الدموع بعينيه.. 

مال” فارس” عليه، وطبع قبله مطوله فوق جبهته،  وهو يقول..” وأنا دايماً هكون سندك وعزوتك يا أبو فارس”.. 

أنهي جملته و سار نحو الخارج مكملاً باستعجال.. 

“هسيبك أنا بقي مع حبيبتك، وهروح اطمن على اليخت بنفسي، والحق أجهز للحفلة، ولو في أي حاجة كلمني هجيلك على طول”.. 

انتظر “محمد” حتي تأكد من ذهاب “فارس” وأغلق الباب خلفه، وهرول نحو غرفة زوجته بخطي مرتجفة، وقلب ينبض بجنون من شدة عشقه، واشتياقه، وخوفه أيضاً .. 

……………………………………. 

.. داخل مكان مخصص للهو الأطفال.. 

يقف” هاشم ” ورجال الحرس التابعين له يقومون بحراسة كلاً من.. 

” إسراء، إلهام، خديجة،إيمان، عهد، والصغار الذين يلهون بمرح وفرحة غامرة.. 

تجلس” إسراء ” 

” مالك حبيبي سيب إسراء تلعب مع مكة وديجا، وألعب أنت مع زين بالكورة”.. 

قالتها “عهد” بنبرة صارمة لا تخلو من الحنان.. 

أجابها “مالك” الذي يمسك بيد” إسراء” يمنعها من اللهو برفقة أحد غيره.. “يا عهوده هي صغيرة مش هتعرف تلعب لوحدها وممكن تقع.. أنا باخد بالي منها”.. 

حركت” عهد” رأسها بيأس من تصرفات الصغير التي تشبه والده إلى حد التطابق، ونظرت ل “إسراء” الشاردة، وتحدثت بمزاح.. 

“خلاص كده اطمنو بنتكم بقت في حماية الباشا مالك المصري”.. 

لكزت “إلهام” ابنتها حتي تنتبه للحديث، وابتسمت ل”عهد” وتحدثت بفضولها المعتاد.. 

” بس انتي شكلك اتجوزتي بدري أوي يا عهد يا بنتي”.. نظرت ل “مالك” وتابعت قائلة.. 

“دا اسم الله حارسة وصاينه مالك قالي عنده تمن سنين، وانتي شكلك من سن بنتي إسراء مكملتيش ال22سنه لسه!!”.. 

اجابتها ” عهد”.. بصوت خافت حتي لا يصل لسمع الصغار.. “غفران جوزي كان متجوز قبل ما يتجوزني، ومالك ومكة ولاد غفران من مراته الأولى”..

لمحت الدهشة على وجوههم فاكملت بصدق قائلة.. 

“بس أنا بعتبرهم زي ابني زين بالظبط والله يا أنطي إلهام”.. 

” إلهام “.. ” صادقة يا قلب أنطك..دا أنا فكرتك أمهم والله يابنتي من حنيتك ولهفتك وخوفك عليهم”.. 

تنهدت بصوت عالِ، وتنقلت بنظرها بين” خديجة” التي تختلس النظر ل “هاشم” من حين لآخر بخجل، وبين “إسراء” التي تبتسم ابتسامة حزينة، و”ايمان” التي تضم الصغير” محمود” لحضنها، وتقوم بأرضاعة بابتسامة حانية،وتحدثت بتعقل قائلة.. 

” سبحان الله كل واحد بياخد نصيبه كامل من الفرح وحتي الجرح.. علشان كده بنلاقي دايماً ربنا رؤوف بعباده وبيجعل بعد الصبر جبر”.. 

انتبهوا جميعهن لحديثها.. خاصةً حين قالت” إيمان” برضا تام بقضاء الله وقدره.. 

“عندك حق يا خالتي.. أنا أهو ربنا أراد إني مخلفش.. بس جبر خاطري ورزقني بابني محمود.. ابن قلبي قبل عيني”.. 

ابتسمت” عهد” ونظرت بتجاه الصغار مدمدمة.. 

” وأنا اتجوزت واحد كان متجوز قبلي ومعاه طفلين ربنا جعلهم عيلة ليا بعد ما كنت عايزة انتحر من الوحدة”.. 

قالت “خديجة” بفخر.. “وأنا رفضت الجواز وفضلت ابني “فارس” عن كل رجالة الدنيا ، وبقيت زي ما الناس بتقول عانس.. بس دا كله مهمنيش.. كفاية أني ربيت وكبرت وزرعت زرعة صالحة على هيئة طفل بقي أحسن راجل في الدنيا، وبحصد من تربيتي ليه دلوقتي خير وفير ملوش نهاية، ولسه بمشيئة الله واثقه إن ربنا شيلي خير أكتر، وعلشان كدة لو رجع بيا الزمن تاني.. هختار فارس تاني من غير تفكير حتي”.. 

نظرو ل” إسراء ” يحثوها على مشاركتهن في الحديث.. فبتسمت لهن وتحدثت بتنهيدة حزينة قائله.. 

” وأنا اتجوزت بعد ما خلصت دبلوم من شاب محترم وأصيل حبني أوي وكنت عايشة حياة بسيطة، وهادية لحد ما ربنا أختاره وبقيت في يوم وليلة أرملة وبنتي يتيمة.. حسيت أن خلاص الدنيا وقفت وحياتي أدمرت” ..

توردت وجنتيها بحمرة الخجل ونظرت لوالدتها وتابعت بامتنان.. 

“بس بعد ما ربنا رزقني بحب فارس عرفت أن كلامك يا ماما اللي كنتي بتقوليه ليا كان كله صح، وفعلاً بعد الصبر جبر، وأنا ربنا جبر قلبي أنا وبنتي وعوضني بزوج شيلني جوه عنيه وبيعامل بنتي كأنها بنته من صلبه، وهي كمان بتحبه أكتر مني”.. 

أمسكت “خديجة” وجنتي “إلهام” بين أصابعها، وتحدثت بمرح قائله..” وانتي يا لوما يا شقيه احكلنا يله.. شكلك عندك قصة كبيرة”.. 

ضحكت” إلهام” ضحكتها الهادئة التي تدل على طيبتها الزائدة مرددة.. 

“بقي أنا شقية يا خديجة يا أختي”.. 

أخذت نفس عميق، وأكملت بفرحة ظهرت على محياها..” هحكلكم.. أنا بحب أوي اتكلم عن إبراهيم أبو إسراء الله يرحمه”..

صمتت لبرهه، وأغمضت عينيها ببطء تسترجع تلك الذكريات التي لم تفارقها للحظة واحدة.. إزدادت ابتسامتها إتساع وتابعت.. 

” كنت عيلة بنت خمس سنين لما أمي وأبويا ماتوا في حادثة، وخدني عمي الصغير علشان يربيني.. كان لسه متجوز جديد ومراته حامل وعلى وش ولادة.. مش هنكر هي كانت بتعاملني ساعات كويس.. جريت السنين وبقي عند عمي ولد وبنتين اعتبرتهم أخواتي الصغيرين بعد ما عمي اتوفى..بقيت أنا اللي شايلة البيت كله من غسيل وطبيخ وتنضيف، وكل ما يجيلي عريس يطلب أيدي مرات عمي ترفض.. لخد ما اتجوزوا بناتها وابنها سافر كذا سنه الخليج بعد ما خلص جيش، وفضلت أنا معها لحد ما قربت على ال35سنه بخدمها كأنها أمي بالظبط”.. 

صمتت قليلاً تلتقط أنفاسها، وتكبح عبراتها التي تجمعت بعينيها، وتابعت..

“رجع ابنها معاه قرشين كويسين اشتري بيهم شقة وخدني أنا وأمه فيها، وفتح محل بقالة والدنيا بقت مستورة معاه دخل في يوم على أمه وقالها أنا قررت اتجوز.. أمه فرحت أوي وبقت تزغرط وتقوله من بكرة هجبلك دستة عرايس تختار منهم اللي تعجبك.. بس هو قالها لا متتعبيش نفسك أنا عروستي موجودة”..

هبطت عبراتها بغزارة على وجنتيها رغم ابتسامتها التي لم تبرح محياها.. لتسرع” إسراء ” التي بدأت تبكي لبكائها بمسح عبراتها بلهفة وحنان بالغ، وأكملت” إلهام ” بصوت مرتجف..

” أنا هتجوز إلهام بنت عمي.. أنا أولى بيها يا أمه.. بقت تصرخ بعد ما كانت بتزغرط، وتقوله هتاخد واحده أكبر منك بخمس سنين.. عايز تعمل فيا وفي نفسك كده ليه.. دا انت ابني الوحيد وبتمني أشوف ولادك قبل ما أموت.. تقوم تتجوز واحدة عانس قطر الجواز والخلفة فتوها”.. 

أبتلعت غصة مريرة، وسيطرت على بكائها، ونظرت لوحيدتها بحب وفرحة غمرت ملامحها مكملة.. 

“بس إبراهيم كان راجل شهم وجدع مسمعش ولا كلمة من اللي قالتهم أمه ، وصمم يتجوزني..سترني وكان ونعمة الزوج والابن البار خصوصاً ان أمه ورتنا الويل أول ما اتجوزني لحد ما حملت في إسراء بنت عمري، وهي رجعت تعاملنا كويس تاني لخاطرك يا ضنايا”.. 

“طيب وأبو إسراء توفي إزاي يا لوما؟!”..

قالتها” خديجة” بصعوبة من بين شهقاتها..

اجابتها” إسراء ” ببوادر بكاء قائلة..

“هقولك أنا يا ديجا..أنا فاكرة اللي حصل كأنه إمبارح.. كان عندي وقتها 12سنه،وبابا حبيبي الله يرحمه تعب فجأة.. ماما بقت تلف بيه على الدكاترة، اللي اكتشفه أن عنده كانسر في مرحلة متأخرة، وبدأت رحلة علاج مكثفة خدت كل اللي كنا نملكه”..

أمسكت يد والدتها وقبلتها وتابعت بفخر..

” امي دي أعظم أم وزوجة في الدنيا فضلت شايله أبويا بحب وخوف في مرضه هو وجدتي كمان اللي تعبت من حزنها على أبويا، وعمرها ما قصرت معاهم أبداً لحد ما ربنا استرد أمانته”..

“اللي عملته معاهم قعدلي فيكي يا بنتي، واديكي شيلاني في تعبي ومستحملاني وأنتي عارفة أني مش هعرف أقف على رجلي تاني “..

شهقت” إسراء ” بصوت خفيض، وتحدثت بتوتر قائلة..

” أيه اللي بتقوليه دا بس يا ماما،، بإذن الله أنتي هتخفي وهترجعي أحسن من الأول كمان،والعمليه اللي المفروض تعمليها الدكتور نصحنا أننا نستني شوية علشان في علاج لازم تاخديه قبل ما تعمليها”..

ابتسمت لها” إلهام” وتحدثت بترواي قائله..

“إسراء يا بنتي مافيش داعي تكدبي عليا يا حبيبتي.. أنا وقعت الدكتورة اللي كانت متابعة حالتي في مصر قبل ما أجي هنا وقالتلي الحقيقة، وأنا الحمد لله راضية بكل اللي يجبه ربنا، وبحمده وبشكر فضله كمان”..

بكت” إسراء ” وارتمت داخل حضنها تضمها بقوة وبثقة تردد..

“هتخفي.. بأمرالله تعالي هتخفي يا ماما، والله ربنا كريم وهيقومك بالسلامة ان شاء الله يا حبيبتي “..

ربتت” إلهام” على ظهرها بحنان، وتنقلت بنظرها بين” خديجة، عهد، وإيمان ” الذين انفجرو في نبوبة بكاء حاد، وتحدثت بغضب مصطنع قائله..

“أيه دا أنتو قلبتوها عياط ونكد ليه كده.. مش المفروض أنكم معزومين على حفلة انهارده، ولا أنتي غيرتي رأيك يا ست عهودة”..

مسحت “عهد” دموعها بظهر يديها بحركة طفولية، وتحدثت بتقطع قائلة..

” لا طبعاً يا أنطي.. دا أنا مجهزه حفلة لاسراء تجنن،هتعجبكم أوي والله،وكنت هستأذن حالاً علشان أروح اطمن ان كل حاجة تمام، وهنتظركم تشرفوني انهارده الساعه 8″..

نظرت “خديجة” بساعة يدها وتحدثت هي الأخرى بتقطع من بين شهقاتها.. “طيب يله علشان نلحق نجهز.. الساعة داخلة على 6”.. 

…………………………………….. 

“ساحرة الفارس”.. 

هذا هو أسم اليخت الذي دونه “فارس” على جوانب اليخت بنفسه،وبعدما أنتهي وقف على متنه يتابع الديزينر الذين يقومون بتزين اليخت بأروع وأفضل أنواع الورود،والكثير من البلونات الطائرة بمختلف ألوانها وأشكالها جميعهم مدون عليهم أسم زوجته “إسراء”.. 

“أيه رأيك يا غفران”.. 

قالها “فارس” وهو يشير بعينيه على المكان من حوله”.. 

” ولا أحلى من كده يا فارس.. ربنا يبارك فيه ويكفيك شره يا صاحبي “.. أردف بها” غفران ” وهو يربت على كتفه، ومن ثم دفعه برفق أمامه وسار على عجل لداخل ممر طويل داخل اليخت يؤدي إلى الغرف مكملاً..” ويله أبوس أيدك أجهز علشان تحصلني ومتتأخرش عليا، وأنا هسابقك على الشالية أستقبل الضيوف.. انت عارف إني عزمت رئيس الوزراء وكمان حمايا سيادة الوزير كلهم على شرف سيادتك”.. 

” اطمن مش هتأخر عليك يا أبو مالك”..غمغم بها “فارس” وهو يخلع كنزته، ويختفي داخل إحدي الغرف المجهزة ببراعة من كافة شيء لاستقبال ساحرته.. 

………………………………. 

.. بعد مرور أقل من ساعتين..

كان يخطو” فارس” بجوار زوجته” إسراء ” التي ترتدي فستان بغاية الرقة من اللون الفيروزي بحزام رفيع من اللون الكافيه حول خصرها، وحجاب من نفس لون الحزام.. 

تسير بتوتر بين زوجها وبين “خديجة” التي ترتدي هي الأخرى فستان من اللون الأسود.. شعرها مصفف بعناية بهيئة تعكس جمالها، وبرائتها.. لداخل حديقة الشالية الخاص ب “غفران” الذي تم تجهيزه على أعلى مستوي.. 

“نورت يا فارس باشا”.. 

قالها “عباس” والد “ديمة” الذي هرول نحو “فارس” مسرعاً فور رؤيته.. 

توجه بنظره ل” إسراء” وابتسم لها ابتسامة مزيفة لا تخلو من الإعجاب، ومد يده لها وهو يقول.. 

“أهلاً يا هانم؟! “.. 

قبل أن يكمل جملته كان وقف “فارس” أمام زوجته حتي اخفاها خلف ظهره بحماية عن أعين” عباس” ونظر لها من فوق كتفه مغمغماً.. 

” أدخلي وأنا هحصلك”.. 

دون النطق بحرف.. سارت “إسراء” للداخل بجوارها والدتها بكرسيها المتحرك، وخديجة، وإيمان.. أستقبلتهم” عهد” بابتسامة بشوشة.. بينما اقترب “غفران” ووقف برقفة “فارس”، و”عباس” الواقفين أمام بعضهما كالذئاب التي تستعد للقتال.. يرمقان بعضهما بنظرات حارقة، وإنذرات بالتهديد.. 

“خير يا معالي الوزير؟!.. في حاجة سيادتك ولا أيه؟!”.. 

قالها “غفران” وهو ينضم لصف “فارس” برسالة واضحة وصريحة انه لن ولم يسمح له أو لغيرة أن يمس صديقه بسوء.. 

ضحك “عباس” بقوة ضحكة مستهزءة، وتحدث بوعيد قائلاً.. 

“حاجات يا سيادة المقدم مش حاجة واحدة، وكل شيء في وقته هياخد حسابه”.. 

توجهه بنظره تجاه الطاولة الجالسة عليها زوجة فارس وتابع.. “الحساب يجمع يا فارس”.. 

نظر له “فارس” لدقيقة كاملة حاول خلالها السيطرة على الفزع الذي زحف لقلبه، وأخرج علبة السجائر سحب منها سيجار أشعله، وسحب منه نفس زفره على مهل، وتحدث بهدوء يثير القلق.. 

” معالي الوزير أوعى يكون مركزك مقوي قلبك، وتفكر إنك تقدر تهدد فارس الدمنهوري!!”..

مال على أذنه وتابع.. 

“مركزك دا أنا ممكن أدفع تمنه، وأطيرك منه خالص”.. 

بعد عنه وربت على كتفه بعنف مكملاً وهو يسير بجوار “غفران” و” هاشم” من أمامه بهنجعية.. 

“منورنا يا عباس”.. 

بينما “إسراء”..

تجلس على الطاولة المستديرة بجوار خديجة ووالدتها.. تجمعوا بحفل خاص نظمه “غفران”، وزوجته أحتفالاً بزواج صديقة “فارس” ..

تتابع زوجها الذي يمثل إنشغاله عنها بالحديث مع “هاشم وغفران”.. عينيها حزينه برغم وضعها لبعض من لمسات قليلة من مساحق التجميل.. تجاهد لكبح عبراتها حتي لا تخونها وتهبط على وجنتيها بغزاره من شدة إشتياقها له..

أكثر من أسبوع لم تنعم بلمسة من يده.. لم يضمها بحمايه بين أضلاعه.. رباه كم تشتاق لرائحته وأنفاسه..

خفضت رأسها سريعاً تخفي تلك الدمعة الحارقة التي وقفت علي أطراف أهدابها..

بينما ذلك العاشق الذي يمنعه غروره عنها يختلس النظر لها من وقت لأخر.. كور قبضة يده بعنف حين شعر بقلبه الذي ينبض بجنون وإلحاح شديد يأمره أن يخطفها بين حنايا صدره ويضمها بعناق محموم حتي يطفئ نار شوقه لها..

داهمته رعشة لذيذة حين تذكر لحظاتهم سوياً التي باتت أروع شئ يشعر به بحياته حين تكون تلك الساحرة خاضعة لفيض وبركان غرامة الجارف..

أستغل أنها لم تراه وبدأ يتأملها بشغف حتي توقف بنظرة على شفتيها..يود لو يلتقطهما بين شفتيه.. أقسم بداخله لن يتركها حتي يدميها.. تعالت وتيرة أنفاسه، وأطلق آهة حارة، وهب واقفًا وقد وصل أشتياقة ورغبتة بها لزروتة فقرر الهروب من المكان بأكمله حتي لا يضعف ويسحبها خلفه الآن نحو جناحهما ويجتاحها فورًا، مفرغًا فيها و عليها جام شوقه و ضيقه و يأسه.. 

“عن إذنكم هعمل مكالمة مهمة”..

صوت “خديجة” التي تحدثت بنبرة راجية جعلته يتسمر مكانه لبرهة حين قالت.. 

“أرقص مع مراتك يا فارس.. الحلفة دي معمولة علشانكم”..

أسرعت “إسراء” برفع وجهها ونظرت له بلهفة، وقلب تسارعت نبضاتة.. تتمني بداخلها أن لا يذهب.. أن يستمع لحديث خديجة ويرأف بحالها ويقترب لو قليلاً منها..

رسم ابتسامة زائفه على محياه الوسيمة رغم أن قلبه يتراقص فرحاً وكم كان ممتن لطلب تلك الخديجة الرقيقة..

استدار حول الطاوله متجهه نحو زوجته بخطوات هادئه للحظه شعر أنه يسير على صوت إيقاع نبضات قلبهما معاً..

دوي صوت التصفيق الحار فور وقوفه أمامها ومد كف يده لها..

حبست أنفاسها ،ومدت يدها المرتجفة وضعتها بين راحة يديه لينتفض قلبها أنتفاضة جعلته أوشك على مغادرة صدرها من عنف دقاته.. هبت واقفه وسارت بجواره بخطي مرتجفة.. لتبدأ رقصتها برفقتة للمرة الأولى أمام أعين الجميع المتطلعة لهما بابتسامة حالمة.. 

صدع صوت نغمات الموسيقى الناعمة على كلمات أغنية كانت تصفها كثيراً.. وكأنها كتبت خصيصاً لهما..

ممكن تخلينى فى حضنك.. 

محتاجة إن أسمع صوت قلبك.. 

نبضة بيحيينى نبضة بيحيينى..

مد يده يطوق خصرها بذراعيه مقربها من صدره حتي أصبحت داخل حضنه أخيراً.. لتقترب هي أكثر والتصقت به بعدما شعرت بكل ذرة بها تنجذب إليه..بينما هو يدور بعينيه بكل مكان حتي يتفادي النظر لها.. 

دفنت وجهها بمقدمة صدره الظاهرة من أوائل أزرار قميصه المفتوحة، وهمست بشفتيها متعمدة ملامسة بشرته بكلمة واحدة..

“واحشتني”.. 

فعلتها هذه وأنفاسها الساخنة التي تدغدغ حواسه أطارت اللُب من عقله، ودون أرادتة ضغط على خصرها بقليل من العنف المحبب..

ممكن تخلينى فى حضنك.. 

محتاجة إن أسمع صوت قلبك.. 

نبضة بيحيينى نبضة بيحيينى.. 

أصل انا لما بكون متشافه

بتوتر اصل أنا خوافة

فى حضنك إحمينى فى حضنك إحمينى

ممكن تخلينى فى حضنك

محتاجة ان أسمع صوت قلبك

نبضة بيحيينى نبضة بيحيينى

أصل انا لما بكون متشافه

بتوتر اصل أنا خوافة

فى حضنك إحمينى فى حضنك إحمينى

والساعة اللى بعيشها فى قربك

60 دقيقة حياة

والوقت الضايع طول بعدك

من عمرى أنا مش حسباه

رفعت رأسها ونظرت له حين شعرت به يطوقها بذراعيه باشتياق، وهمست بلهفة.. 

“لسه زعلان مني يا فارس؟!”.. 

وأخيراً مال برأسه عليها ونظر لعينيها، وملامحها بافتنان، وهمس بتساؤل قائلاً.. 

“قولتيلي أني وحشتك؟!”.. 

أحتقن وجهها بحمرة الخجل، وحركت رأسها بالايجاب.. ليميل هو على أذنها أكثر حتى أصبحت أنفاسه الساخنه تلفح بشرتها، وتابع بمكر.. “هاخدك و نروح حالاً، وعايزك توريني أنا وحشتك اد أيه، وأنا هوريكي أنتي وحشاني اد ايه”.. 

ختم جملته ولثم وجنتيها بقبله عميقه ببطء دفعها للأنهيار، وتهاوت قدميها لتسرع بلف زراعيها حول عنقه تستمد منه القوة على الوقوف، دفنت وجهها داخل صدره، وتحدثت بنبرة راجية بهمس بالكاد يسمع قائله.. 

“طيب يله نرجع أوضتنا يا فارس

انتهي الفصل..

رواية غرام المغرور الفصل الثامن والثلاثون 

صفعة الخذلان!!.. 

 

كلاً منا بحياته شخص يمثل له الحياة.. شخص نثق به ثقة عمياء.. ثقة تتخطي الحدود.. أكبر حتي من ثقتنا بأنفسنا !!.. 

الأمان بالنسبه لنا يتمثل في وجود هذا الشخص..لم يخطر على بالنا أن تأتي الصفعة الدامية منه هو.. 

الضربة القاضية تكون على يده هو.. 

ليوقعه القدر بشر أعماله، ويكشف عنه غطاء الستر ليظهر وجهه الحقيقي الذي يصفعنا به على قلوبنا بكل قوته صفعة قاتلة تسمي صفعة الخذلان.. حينها لم يخسر ثقتنا فيه فقط.. بل يخسرنا للأبد.. 

لدواعي أمنية اختفي “فارس” و زوجته فجأة أثناء الأحتفال بمساعدة صديقه “غفران” الذي قام بتوفير الحماية اللازمة له.. 

بينما قام “هاشم” بتأمين “خديجة” التي عادت  برفقته إلى الفندق هي و “إلهام، وإيمان، والصغيران إسراء، ومحمود”.. 

صدع صوت المصعد مشيراً لوصوله الطابق المقصود.. خرجت” إلهام” بكرسيها المتحرك حامله حفيدتها النائمة على قدمها.. 

خلفها “إيمان” التي تحمل رضيعها النائم أيضاً.. ظلت “خديجة” تقف مكانها بشرود بجوار “هاشم” الذي يحمل حفيدته النائمة.. 

” وصلنا يا ديجا”.. غمغم بها” هاشم” بخفوت، وهو يتأمل هيئتها الرقيقة بابتسامة إعجاب واضحة.. 

لم تنتبه له “خديجة” ، وظلت على شرودها.. 

عقد حاجبيه بدهشة حين لمح نظرة حزينة أطفئت لمعة عينيها فجأة.. كانت منذ قليل تنظر له بأعين متوهجة.. زحف القلق لقلبه دون معرفة السبب..فحمل الصغيرة بيد، ومد يده الأخرى نحوها و ربت على كتفها ببعض العنف، وتحدث بلهفة قائلاً.. 

“خديجة أنتي كويسة؟!..”.. 

كتمت صرخة كادت أن تطلقها من قوة يده التي يراها هو تافه بجانب لكماته وضرباته الشديدة.. استدارت ببطء،ونظرت له بأعين جاحظة مردفة بدهشة.. 

“هاشم أيدك تقيلة أوي.. وجعتني!!”.. 

انبلجت ابتسامة متراقصة على ملامحه الصارمة جعلت دهشتها تضاعف ، ورمقها بنظرة ماكرة وهم بالرد عليها إلا أنه تراجع سريعاً، والتزم الصمت حين استمع لضحكات “إلهام” الخافتة التي تجاهد للسيطرة عليها.. 

رسمت الجدية على ملامحها مرددة  .. 

” بقي كده توجعها يا سي هاشم أفندي.. أنت مش عارف أن خديجة البسكوتة بتاعتنا؟! “.. 

صمتت لوهله، وتابعت حديثها بجملة جعلت وجنتي “خديجة” تشتعل بحمرة الخجل حين قالت بابتسامة عريضة.. 

“اللي انت هتتجوزها بأمرالله علشان تحب فيها براحتك”.. 

شهقت “خديجة” و هرولت لخارج المصعد خلفها “هاشم” يسير بخطوات حذرة.. هادئة، وتحدث بنبرة متمنية.. 

” بس هي توافق بيا يا ست أم إسراء” ..

توقفت “خديجة” عن السير، ونظرت له نظرة طويلة بأعين تصرخ باستغاثة من نفسها التي أجبرتها على إتخاذ قرار حاسم لا رجعه فيه… 

“وانا مستحيل أوافق أني اسيب ابني فارس، واتجوز بعد العمر دا كله!!”..

ابتعدت بعينيها عن عينيه التي تنظر لها بصدمة، و رمقت “إلهام ” نظرة عاتبة، و وجهت نظرتها ل

“هاشم” وتحدثت بأسف و أعين تترقرق فيها العبرات.. 

” طلبك مرفوض يا أستاذ هاشم.. شوفلك عروسة غيري”.. 

صمتت لبرهه، وهمست بجملة من بين شهقاتها التي فقدت السيطرة عليها أعتصرت بها قلب”هاشم”، و”الهام”، وحتي “إيمان” التي بكت لبكائها.. 

“تكون مش عانس زيي”.. تمتمت بها، وركضت مسرعة نحو جناحها حتي وصلت إليه.. فتحت الباب ودلفت للداخل وأغلقته خلفها بعنف، ووقفت مستندة عليه بظهرها تبكي بنحيب دون إصدار صوت.. 

………………………………… 

” إسراء”.. 

كانت تسير بجوار زوجها الذي يمسك كف يدها بين قبضة يده.. أصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة.. 

تسمرت مكانها فجأة، واعتلت ملامحها البريئة الذهول حين وجدته يسحبها نحو مبني عملاق شديد الفخامة عائم على سطح المياه.. مدون عليه أسمها الذي ينعتها به زوجها دوماً “ساحرة الفارس”.. 

تنقلت بنظرها بينه وبين “فارس” الذي ينظر لها بابتسامة دافئة تزين ملامحه الوسيمة.. 

“ساحرة الفارس دي أنا؟!!”.. همست بها “إسراء” بصوت تحشرج بالبكاء من فرط سعادتها،وبدأت عبراتها تتساقط، وتضحك بأن واحد.. 

“أيوه انتي لوحدك يا إسراء اللي سحرتيني  و ملكتي قلبي، وقدرتي تقتحمي حصون غروري لحد ما بقيتي غرام المغرور”.. 

قالها “فارس” هامسًا بحميمية وهو يضغط على كفها بخفه كانت بمثابة ضغطه على قلبها الذي تسارعت نبضاته.. 

اقترب منها حتي أصبحت المسافة بينهما لا تذكر، لكنهما لا يتلامسان.. 

رفع يده الأخرى ومسح عبراتها، وداعب وجنتيها بأنامله بتمهل أذاب عظامها جعلت أنفاسها علقت بصدرها فأطبقت جفونها فورًا، وأخذت نفس عميق تملئ رئتيها بعبق رائحته التي اشتاقتها حد الجنون.. 

إزدردت لعابها بتوتر حين مال عليها بوجهه ببطء حتي شعرت بأنفاسه المهتاجة الملتهبه تلفح بشرتها الناعمة.. ليفاجئها بقبلة رقيقة مطولة بجانب شفتيها.. 

شهقت بفزع، وفتحت عيناها على وسعهما في هذه اللحظة تنظر حولها بأحراج وخجل شديد متمتمه.. 

“فارس أحنا نعتبر في الشارع”.. 

التوى فمه ببسمة جانبيه عابثه، ورسم الجديه على محياه، محرك كتفيه ببراءة مزيفة.. 

“دي  Small kiss على خدك يا بيبي، و اطمني

المكان دا كله ملكنا يا روحي.. خاص بينا محدش يقدر يدخل هنا غيرنا”..  

هبط بعينيه وتوقف على شفتيها بنظره، وغمز لها بشقاوة مكملاً .. “وبعدين دي بمهد بيها للي جاي”.. 

عضت على شفتيها بحركة تلقائية تفعلها أثناء خجلها تفقده بها صوابه.. حاوط كتفيها بذراعه لصقها به.. وعاد بنظره لليخت وتحدث بتساؤل قائلاً.. 

“قوليلي عجبك اليخت؟”.. 

“جميل أوي ماشاءالله يا فارس”.. غمغمت بها “إسراء” بصوت مبحوح أثر مشاعرها المبعثرة من همساته، ولمساته لها..

نظر لها بابتسامة تظهر مدي فرحته مغمغماً.. 

“تخيلي دا هدية أبو فارس لينا بمناسبة جوازنا !!، ورغم انه كاتبلي كل أملاكه بأسمي إلا أن الهدية دي تقدري تقولي إني فرحان بيها جداً، وتعتبر أجمل رابع هدية تجيلي في حياتي كلها”.. 

تنظر له بابتسامة حانيه..تتأمل فرحته بقلب يتراقص من السعادة لأجله .. رباه فرحته التي تراها بعينيه الآن تشبه فرحة طفل صغير أحضر له والده لعبته المفضلة..أو ربما هو كذلك بالفعل فلم ينعم يوماً بوجود والده أثناء طفولته.. 

تلاشت أبتسامتها،وحل مكانها التعجب، ورمقته بنظرة نارية مردفة من بين أسنانها.. 

“أجمل رابع هدية جاتلك؟!”.. 

عقدت ذراعيها أمام صدرها، وتابعت بابتسامة مصطنعه.. “ويا تري أيه هما التلاته التانين يا فارس باشا؟!”.. 

ضيق عينيه وهو يرمقها بنظرة متفحصة، وقد احتقن وجهها بحمرة قاتمة تدل على شدة غضبها.. بل عفواً شدة غيرتها التي تجعل قلبه يغادر صدره ويحلق عالياً بسعادة بالغة، و تحدث دون أن يقاوم ابتسامة انبلجت على محياه.. 

“غيرة دي يا بيبي؟! “.. 

كشرت “إسراء ” في وجهه و ظلت صامته، جاءت لتشيح عنه للجهة الأخرى، فلحق بها قبل أن تفعل، و أمسك ذقنها الصغيرة بين سبابته و إبهامه  أجبرها على النظر إليه.. 

“اممم دي غيرة شديدة كمان”.. 

قالها بضحكة خافتة، و أكمل بشيء من الجدية.. 

“يا إسراء هديتي الأولى كانت خديجة، وهديتي التانيه أنتي و إسراء بنتي الصغيره، والتالته لما اتجمعت أنا و والدي و والدتي لأول مرة بعد كل سنين الفراق والغربة واليتم اللي عشتها في وجودهم، والرابعه اليخت اللي اتكتب عليه اسمينا سوا”.. 

احتضنت كف يده بين يديها.. تتمني لو تضمها لقلبها ولكنها لجمت نفسها بأعجوبة، ونظرت له بانبهار مردفة..” يعني لما غبت عني التمن أيام دول مكنتش هاجرني و كنت قاعد مع مامتك وباباك يا فارس؟ “.. 

“أنتي الوحيده في الكون اللي مقدرش أهجرها يا عيون فارس”.. قالها بلفهه، وهو يرفع يدها على شفتيه ولثم باطنها بعشق مكملاً.. 

“على اد ما كنت هتجنن من عمايلك، وعايز أكسر عضمك ودماغك اللي بتخليكي تعملي تصرفات متهورة مش متوقعة ولا محسوبة “.. 

صمت لبرهه، وأطال النظر لعينيها نظرة جعلت انتفاضة قلبها تزيد وتتدافع،وتابع بهمس بصوته الذي يدغدغها.. 

“بس كنت هتجنن في كل لحظة فاتت عليا وأنتي بعيد عن حضني.. هتجنن عليكي يا إسراء”.. 

أنهى حديثه وبدأ يقترب منها كالمغيب قاصداً شفتيها.. لتسرع هي،و رفعت يدها وضعتها على صدره تدفعه عنها بضعف مردده.. 

“فارس أعقل قولتلك احنا مش في البيت”.. 

صك على أسنانه بغيظ، و جذبها فجأه من خصرها، وسار بها بخطي مسرعة و هو يقول بخبث.. 

“طيب تعالي افرجك على اليخت من جوه، و عايزك تعتبري أننا في البيت بالظبط”.. 

تلاحقت أنفاسها ،و شحبت ملامحها، و بدأ جسدها يرتجف،وقبضت على قميصه بكلتا يديها المرتعشه مدمدمه بتقطع.. 

“فارس أنا شوفته من بره وعجبني والله، و أكيد من جوه هيبقي أجمل اللهم بارك .. بس كفايه كده، و بلاش ندخل خلينا نرجع الأوضة في الفندق.. أنا بدوخ و معدتي بتقلب، ومش عايزه يحصل زي اللي حصلي لما ركبت معاك الطيارة”.. 

“أنا هضيعلك الدوخة دي خالص”.. أردف بها “فارس” وهو يحملها بيد واحده بمنتهي الخفه من خصرها ويصعد على الدرج المؤدي لداخل ” ساحرة الفارس”.. 

تعلقت” إسراء ” برقبته بكلتا يدها دافنه وجهها داخل تجويف عنقه، وتتحدث بصوت مكتوم قائله.. 

” فارس علشان خاطري نزلني”.. 

ظل يسير بها حتي وصل للطابق  المزين بأروع وأجمل الورورد والبلونات الطائرة، و هم بأنزالها.. لكنها تمسكت به بخوف.. 

“لا نزلني بس متسبنيش.. هقع لو سبتني”.. 

ربت على ظهرها بكف يده وزاد من ضمها له مردفاً.. 

“مستحيل أسيبك.. بس ارفعي رأسك كده وبصي حواليكي.. 

رفعت رأسها ،وفتحت عينيها ببطء، وفجأة أطلقت شهقه قوية حين رأت المكان من حولها.. 

” أيه رأيك؟ “.. 

قالها وهو يلفها بين يديه حتي أصبح ظهرها مقابل صدره.. 

طوق خصرها بذراعه، ويده الأخرى تتخلص من حجابها حتي خلعه عنها، ومال بوجهه على عنقها يستنشق عبقها، و يلثمه بتمهل.. 

“واحشتيني يا ساحرة”.. 

تراخت عضلات جسدها المتشنجة أثر لمساته، وقبلاته التي يغمرها بها.. 

أطلقت آهه خافتة حين تحركت يده على خصرها صعوداً إلى موضع قلبها يستشعر عنف دقاته بتلذذ لعلمه انه هو السبب وراء تسارع نبضاته حتي وصل لعنقها، ومن ثم وضع أصابعه أسفل ذقنها أدار رأسها إليه يحثها على النظر له.. 

علت وتيرة أنفاسها وأصبح صدرها يعلو ويهبط بقوة حين التقطت عينيها بعينيه التي ترمقها بنظرة تملؤها العشق، والرغبة الجامحة،وانبعث صوته الخافت المزلزل لكيانها.. 

“دايخة؟!”.. 

حركت رأسها بالنفي، ورفعت يديها لفتها حول عنقه تجذبه عليها أكثر متمتمه كالمغيبه وهس تتأمل ملامحه التي اشتاقتها كثيراً .. 

“واحشتيني يا فارس.. هتجنن عليك”.. 

ابتعد بعينيه عنها، ودار بالمكان من حوله مغمغماً.. 

“هو أنا كنت ناوي أوريكي المكان الأول “.. 

التف حولها بتراوي مريب، ووقف أمامها ونظر لها قليلاً، وبلحظة كان سحبها من خصرها لترتطم بصدره، حملها لداخل حضنه حتي أصبحت قدميها لا تلمس الأرض، وهرول بها نحو الغرفة الخاصة المجهزة لهما.. 

“بس أنا هتجنن عليكي أكتر يا روح فارس”.. 

قالها وهو يميل بوجهه على وجهها وأنتزع شفتيها نزعاً بقبلة عاشقة يبدأ بها ليلته الملحمية معها.. 

……………………………….. 

“داخل غرفة هاشم “.. 

بعدما قام بوضع حفيدته بفراشها..خرج بهرولة نحو جناح”خديجة” ظل يطرق عليها، ويتحدث بنبرة متوسلة.. 

“خديجة من فضلك ممكن نتكلم؟!”.. 

“مافيش بنا كلام يا أستاذ هاشم، و لو سمحت اتفضل شوف شغلك وبس”..قالتها “خديجة” بصوتها الرقيق الباكي دون أن تفتح الباب حتي.. 

هم “هاشم” بتحطيم الباب الحاجز عنه رؤيتها، و لكنه توقف بأخر لحظة، و قام بلكم الحائط بقوة عدة مرات ينفس فيه عن غضبه، و أقسم لو كانت أمامه الآن لخطفها داخل حضنه بعناق محموم لن يتركها حينها مهما فعلت.. 

بدأ يسير ذهاباً وإياباً أمام غرفتها.. اعتلت ملامحه الصدمة من حديثها، و تغيرها المفاجئ تجاهه.. كان يشعر بانجذابها، وإعجابها به الظاهر بعينيها، و فرحتها عندما عرض عليها الزواج رأها بوضوح على ملامحها الطفولية البريئة.. 

إذا ماذا حدث حتي تحزن، و تبكي بقهر  هكذا؟! .. بدأ يدور حول نفسه، ويمسح على شعره كاد أن يقتلعه من جذوره.. سيفقد عقله لا محاله… ماذا حدث لتلقي تلك الجملة المؤلمه التي أدمت قلبه بها لأجلها هي؟!.. 

………………………………. 

.. داخل جناح إلهام.. 

بصدر رحب قامت “إيمان” بمساعدة “إلهام” على تبديل ثيابها، وأستلقت على الفراش بجوار حفيدتها.. 

“يا تري أيه اللي حصل و زعل ديجا أوي كده يا خالتي؟!، و الله انا قلبي اتقطع عليها”..

أردف بها “إيمان” الباكية بطيبة شديدة..

وضعت “إلهام” أصابعها أسفل ذقنها، وأخذت تفكر، وتستعيد أحداث اليوم مردده.. 

” بعد ما إسراء بنتي ربنا يهدي سرها جوزها خدها و فلسعو من الحلفة وسبونا أحنا، شوفت اسم الله حارسه هاشم واقف لوحده بيتكلم في التليفون، وخديجة شافته راحت واقفه زي القرد اللي بيطلع من العلبه مرة واحدة من غير أحم ولا دستور، وقالتلي هروح اسأل هاشم فارس و إسراء راحوا فين”..

رفعت يدها وأشارت بأحدي أصابعها على عقلها، وتابعت..”بس أنا فهماها وعارفة أنها رايحة تشوفه واقف في الركن البعيد الهادي بيتودود في التليفون مع مين”.. 

صفقت بكلتا يدها بحذر حتي لا توقظ الصغار، ولوة فمها أكثر من مرة مكمله.. 

“كانت رايحة ضحكتها من الون للودن، ومنشكحه على الاخر كأنها بتعمل أعلان لمعجون سنان.. رجعت يا حبة عيني مبوزة ولا اللي واخده بونيتين وشلوط في وشها.. تقريباً كده هاشموله كان بيحب في بني آدمية، وهي اتصدمت يا قلب أمها.. كبدي عليها”.. 

“ولما هو بيكلم غيرها كان بيطلبها للجواز ليه بس؟!”.. 

قالتها” إيمان ” وهي تستعد لحمل صغيرها النائم بجوار “إسراء” الصغيرة.. 

بعدت “إلهام” يدها عن الصغير برفق، و بدأت تربت عليه بحنو وهي تقول بلهجة حادة..

“سيبي الواد نايم جنبنا على ما تغيري هدومك وابقي تعالي علشان نروح نطمن على خديجة.. زمنها هديت وهتفتح لنا الباب، وأنا مش هسبها إلا لما أعرف أيه اللي حصل وزعلها كدهون”.. 

نظرت لها “إيمان ” بخجل، وفركت أصابعها ببعضهما.. جعلت “إلهام” تنظر لها بحاجب مرفوع، وابتسامة عابثه مدمدمة.. 

” امممم أسطوانة كل يوم جوزي واحشني أوى وعايزه ارجعلو يا خالتي مش كده؟! “.. 

حركت” إيمان ” رأسها بالايجاب سريعاً، و تحدثت بلهفة قائله..”أيوه كده يا خالتي.. واحشني أوي أوي كمان الصراحة.. مش واخدة أبعد عنه كل دا، وأنا داخلة على العشر أيام هنا.. كفاية كده وهرجع أصبح بأمرالله”.. 

أردفت” إلهام ” بتعقل قائله.. “الصباح رباح.. يله روحي اوضتك غيري قبل ما الواد يصحي يا عين خالتك وتعالي”.. 

مالت “إيمان” على الصغار قبلتهما بحب، وسارت نحو الخارج وهي تقول..” مش هتأخر عليكي يا حبيبتي.. علشان نطمن على ديجا الغلبانه دي”.. 

أنهت جملتها، وأغلقت الباب خلفها.. 

“ربنا يهدي سرك يا إيمان يا بنتي أنتي كمان”.. 

قالتها” إلهام ” وهي تمسك الهاتف الموضوع بجوار سريرها، و قامت بطلب إحدي الأرقام ، ووضعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد وهي تحدث نفسها بفخر.. 

“الحمد لله أنك ختي الإبتدائية يابت يا لوما.. التعليم حلو برضوا وبينور العقل”.. 

بينما” إيمان ” دلفت لداخل جناحها غالقة الباب خلفها.. رفعت يدها تبحث عن مفتاح الإضاءة حتي عثرت عليه، وقامت بأشعاله.. 

لتصعق حين وجدت زوجها “تامر” يقف بجوارها مستند بظهره على الحائط واضعاً يديه بجيب سرواله، وينظر لها بابتسامة هادئه.. 

لم يستوعب عقلها بعد وجوده، وأنه هو زوجها ليس رجل غريب، وبالفطرة فتحت فمها، وهمت بالصراخ بكل قوتها،ولكن شفتيه التي أطبقت على شفتيها بلمح البصر مبتلع صرخاتها بجوفه، ويردد من بين قبلاته دون أن يبتعد عنها.. 

“هششششش.. أهدي متخفيش.. أنا تامر جوزك يا إيمان”.. 

التقطت أنفاسها بصعوبه ، واستكانت بين يديه، تنظر له بأعين جاحظه، وبهمس يكاد يسمع قالت بعدم تصديق.. 

“انت هنا بجد؟! “.. 

ضمها “تامر” لصدره بقوه مغمغماً.. “اممم.. أنا هنا..واحشتيني يا أم محمود.. مقدرتش أبعد عنك أنتي وابننا أكتر من كده”.. 

بدلته” إيمان” عناقه، وهمست بعشق قائله.. 

“أنت اللي واحشتني أكتر يا تامر..واحشتيني أوي يا حبيبي، وكنت ناويه اجيلك بكرة والله “.. 

” واديني أنا اللي جيتلك”.. أردف بها وهو يبتعد عنها قليلاً، ووضع جبهته على جبهتها، وتابع باشتياق وهو يسير بها نحو الفراش.. 

” تعالي أشبع منك شوية قبل ما ابنك يصحي”.. 

………………………………… 

.. بجناح مارفيل.. 

لأكثر من ثمانية ساعات يجلس” محمد” على الفراش بجوار” مارفيل” التي تغص بنوم عميق.. يغمرها بسيل قبلاته المتفرقة على كافة وجهها دون كلل أو ملل.. 

“أشتقت إليكِ مارفيل.. أشتقت إليكِ كثيراً حبيبتي”.. 

هبطت دمعه حارقه من عينيه ببطء حتي أستقرت فوق جبهتها، وتابع بندم.. 

” أخطأت بحقك أعترف،ولكن دعينا ننسي ما حدث، ونبدأ من جديد”.. 

“لن يحدث محمد”.. همست بها “مارفيل” بضعف شديد، وهي مازالت غالقه عينيها.. 

“أرحل من هنا.. فأنا أصبحت بحماية ابني، ولن تستطيع إجباري على العودة إليك مهما فعلت”.. 

“مارفيل لأجل ابننا اعطيني فرصة واحده فقط”.. 

أردف بها” محمد ” بتوسل، و بصوت متحشرج بالبكاء.. 

فتحت” مارفيل “عينيها بوهن، ورمقته بنظره محتقرة، وتحدثت بسخرية.. 

“ابننا!!.. الآن تعترف بأبوته محمد بعدما ظليت طيلة تلك السنوات تشكك بنسبه لك؟! “.. 

أطبق جفنيه بعنف لعدم مقدرته على تحمل نظرتها له، وتحدث بندم قائلاً.. 

” التمسي لي العذر مارفيل.. أنا عشقتك من صميم قلبي، و تزوجتك سبعة أشهر فقط، وأنتي وضعتي قبل أن تتمي شهرك السابع وهذا أفقدني صوابي”.. 

دفعته بعيداً عنها بضعف بعدما شعرت بالاشمئزاز من قربه، ورائحته، وتابعت بغضب.. 

“أيها الحقير أخبرك للمرة المليار أنني تزوجتك وأنا طفلة عذراء لم تتم عامها الخامسة عشر بعد.. لم يمسني اي رجل غيرك في حياتي بأكلمها”.. 

ابتلعت مرارة بحلقها كادت أن تزهق روحها، وتابعت بغصة يملؤها الآسي.. 

“يشاء إلهي أن أحمل جنينك في أحشائي ، و لصغر سني تمت الولادة مبكراً عن المعاد المحدد لها ،وكدت أن أفقد حياتي، وحياة صغيري الذي ظل تحت الرعاية أسبوع كامل.. لم تتركني اضمه لحضني مرة واحدة خلالهم رغم توسلي الشديد إليك ، وأرسلته لشقيقتك فور خروجة من المشفى أيها النذل، ولم تكتفي بفعل هذا.. بل أصبحت تفكر حتي تصل لخطة حمقاء تستطيع التخلص منه فيها دون فضائح تأثر على أعمالك.. كتبت له أموالك حتي لا يشك في أمرك أحد ، واستخدمتني أنا ضد ابني جعلته يظن أنني من تريد محاولة قتله.. جعلتني ستار لافعالك المشينة”.. 

صمتت لبرهه تلتقط أنفاسها وتابعت بأسف.. 

“والحقيقة أنك أنت الذي كان يجاهد ويسعى لتزهق روحه دون التأكد حتي إذا كان حقاً ابنك ام لا”.. 

خفض رأسه بخزي من نفسه، وتحدث بندم شديد.. 

“تأكدت انه ابني انا مارفيل”.. 

رفع رأسه ونظر لها بأعين تفيض بالعبرات مكملاً.. 

” بعد 33 عام تأكدت أنني ظلمتك و أنني أخطأت بحقك وحق ابني الوحيد، وأطلب السماح منك واتوسل إليكِ لا تخبري فارس الحقيقه”..

” لأجله هو.. لأجل ابني فقط محمد.. أنا صامته،والآن غادر فورًا دون عودة”.. 

همست بها “مارفيل” بملامح جامدة لا تبكي بينما قلبها ينزف من شدة ألمها.. 

ساد الصمت قليلاً يقطعه نظرتهما لبعض غافلين عن تلك التي تقف مختبئه وقامت بتصوير كل ما حدث وأرسلته لابنهما “فارس ” الذي سيصدمه القدر بصفعة خذلان موجعه في أقرب الأشخاص له..

الفصل ال39..

غرام المغرور..

واحشتوني جداااااااا واتمنى اكون وحشتكم واشوف اقوي تفاعل يشجع على الكتابة يابنات إلا قرمط خد على الراحة..

تضحية؟!.. 

.. مهما طال ليل الظلم.. سينتهي ،و ستشروق شمس الحق لا محالة، و لكن في بعض الأحيان يفضل أن نخفي الحقيقة.. خاصةً عندما تكون بعض الحقائق تبدو مدمرة.. 

صباح يومًا جديد.. 

داخل يخت “ساحرة الفارس” تسللت آشعة الشمس عبر واجهة الغرفة الزجاجية ذات الميزة اللامرئية التي تتيح للرائي من الداخل فقط تبين ما بالخارج.. 

كانت “إسراء” متكومة بأحضان زوجها دون حراك.. ظهرها مقابل صدره.. محاوطها بكلتا يديه، وحتي قدميه.. 

لم يتركها تنعم بالنوم لو قليلاً.. كان يغرقها بفيض عشقه المجنون لها، وبدورها أستقبالته بلهفه واشتياق أشد.. 

تنازلت عن عنادها، وهو تنازل عن كبريائه حينها بلغ عشقهما القمة.. 

“إسراء.. نمتي يا بيبي؟! “.. قالها “فارس” بنبرته المدوخة جعل جسدها ينتفض بين يديه.. 

تأوهت بخفوت و هي تشد الغطاء عليهما أكثر، 

حانت منها إلتفاتة نحوه وهي ترد بصوت هامس ظاهر عليه الإجهاد.. 

“تؤ صاحية يا عيون إسراء”.. 

أغلقت عينيها ببطء، و ارتعش قلبها حين رفع يده وسار على طول ذراعها ذهاباً واياباً، و هو يقترب بوجهه من وجهها و داعب أرنبة أنفها بأنفه، ومن ثم لثمها بقبلة صغيرة، و تراجع للخلف بضعة أنشات ليتمكن من تأمل ملامحها البريئة بافتنان.. 

فتحت عينيها ونظرت له بانبهار من معاملته لها.. يعاملها كأنها قطعة من الماس نادرة الوجود.. 

تفهم “فارس” نظرتها فابتسم لها ابتسامته التي تفقدها صوابها وتجعل نبض قلبها يدق كالطبول خاصةً حين نظر لعينيها نظرة يملؤها حب وغرام، ولمسة يديه تغمرها بالشوق والحنان.. 

“أنتي اللي عيون وقلب و غرام فارس يا إسراء”.. 

ألتفت بجسدها واندست بين ضلوعه رأسها تتوسط صدره، واضعة أذنها على موضع قلبه تستمع لنبضاته بستمتاع وابتسامة هادئه تزين محياها.. 

رفعت يدها و بدأت تمسد على صدره بحركتها المعتادة، والتي يفضلها زوجها كثيراً متمتمه بسعادة بالغة.. “أول مرة أشوفك مبسوط أوي كدة ! يارب دايمًا تبقي فرحان يا حبيبي”..

ضمها له أكثر، ومال على خصلات شعرها المشعثة بفضل أنامله يستنشق عبقه من بين قبلاته مدمدماً.. 

“فعلاً أنا مبسوط أوي يا إسراء برجوع أبويا، و عندي أمل أننا نبقي زي اي عايلة و ربنا يكرمنا بولاد يتربوا وسطنا و مع جدهم وجدتهم.. بحلم باليوم دا، وبتخيله قدامي، و بدعي ربنا يحقق حلمي دا ومصحاش منه على كابوس يدمرني و يخليني أرجع أسوء مما كنت”.. 

نهضت “إسراء” برأسها مستنده على صدره بكلتا يديها، ونظرت له بابتسامة حانية مرددة.. 

” حبيبي خلي عندك دايمًا حسن ظن بالله،و تأكد أن رب الخير لا ياتِ إلا بالخير”.. 

“ونعمة بالله “.. قالها وهو يخرج زفرة نزقه من صدره.. 

مالت” إسراء ” برأسها ثانياً عليه و همست بنعاس.. 

” ننام شوية بقي يا فارس باشا علشان أنا قربت افصل منك خالص”.. 

ضحك “فارس” بشقاوة، وتحدث بخبث، وهو يسير بيديه على منحنياتها بجرائه.. 

” بتفرهدي مني بسرعة أنتي يا بيبي”.. 

لكزته بقبضة يدها برفق متمتمة بخجل.. 

“فارس اسكت، و يله نام؟!”.. 

قطعت حديثها وشهقت بقوة حين حملها فجأه من خصرها و اعتدل بجزعه العاري جالساً على الفراش، و اجلسها على قدميه.. لتسرع “إسراء” بسحب الغطاء حولهما، ودفنت وجهها بعنقه.. 

” طول ما أنا مبسوط كده النوم بيطير من عيني”.. 

قالها “فارس” وهو يضمها بذراعيه، ويغمرها بسيل من قبلاته على كتفها، ومال بها وضعها على الفراش بحذر مكملاً.. 

“نامي أنتي شويه على ما اخد أنا شاور سريع، وأخلص التمارين بتاعتي، وهحضرلك فطار ملوكي”.. 

رمقها بنظرة مشاكسة على جسدها، وغمز لها بمكر مكملاً.. 

” و هاجي أصحيكي بطريقتي علشان نفطر ونعوم سوا شوية بعد الفطار، وأعلمك السباحة يا بيبي”.. 

ختم حديثه بقبله عميقه من شفتيها، و دثرها جيداً بالغطاء، ونهض من جوارها متجه نحو حمام الغرفة.. 

تنهدت” إسراء” براحة، وهمت بأغلاق عينيها استعداداً للنوم.. ليصدع رنين هاتفها جعلها تعتدل بكسل، ومدت يدها لحقيبتها الصغيرة الموضوعة على طاولة بجوار السرير فتحتها، وجذبته منها، وضغطت زر الفتح مغمغمة.. 

“ديجا حبيبة قلبي صباح الخير”.. 

ليأتيها صوت “خديجة” تتحدث بصوت مرتعش من بين شهقاتها قائله.. 

“إسراء قوليلي فارس جنبك؟ “.. 

انقطت أنفاس “إسراء” من شدة فزعها، واجابتها مسرعة بصوت خافت حتي لا يصل لسمع زوجها.. 

“لا مش جنبي.. في أيه يا عمتو؟!”.. 

“أهدي يا إسراء و ركزي معايا، وقوليلي حد كلم فارس على تليفونه؟!”.. 

أبتلعت “إسراء” لعابها بصعوبة، واجابتها بنبرة مرتجفة.. 

“لا يا ديجا.. فارس ممسكش تليفونه خالص طول ما أنا معاه”.. 

التقطت “خديجة” أنفاسها المسلوبة، ووضعت يدها على قلبها تهدأ من روعه، وتحدثت بنبرة متوسلة قائله.. 

” طيب اسمعيني كويس يا إسراء.. شوفي تليفون فارس فين، وارميه في البحر دلوقتي حالاً، وإلا هيحصل كارثه لو فارس فاتحة”.. 

بكت” إسراء ” من شدة خوفها، وبدأت تبحث عن هاتف زوجها بهلع، وهي تقول.. 

“فهميني في أيه يا عمتو أنتي رعبتيني؟”.. 

اجابتها “خديجة” بأسف.. 

“في دكتورة بتعالج مارفيل فارس طلب منها تبعتله كل حاجة بتحصل في الجناح عند مامته وباباه، وهي صورت كلام بين محمد أخويا والد فارس وبين مارفيل لو فارس سمعه مش بعيد يحصله حاجة يا إسراء.. أبوس أيدك اتخلصي من التليفون دا في أسرع وقت يا بنتي”.. 

“حاضر يا ديجا.. اطمني أنا بدور عليه أهو”.. 

قالتها” إسراء “وهي تبحث بين ثياب زوجها.. حتي أخيراً وجدت  الهاتف بجيب سروال زوجها الملقى ارضاً.. 

أمسكت قميص زوجها الأبيض، وارتدته على عجل، وهبت واقفة وسارت لخارج الغرفة بخطي مترنجحة.. مرتعشة وقد بدأ دوار البحر يهاجمها بشدة.. 

بدأت تتمايل بقوة، وترتطم بالجدران حولها حتي استطاعت الوصول لسور صغير، ورفعت يدها التي تحمل الهاتف، وألقته بالمياه.. ليهاجمها دوارها بقوة أكبر جعلها لا تستطيع السيطرة على نفسها، وبلحظة ودون سابق انظار كانت سقطت بالمياه.. 

انتهي البارت..

رواية غرام المغرور الجزء الأربعون 

اسمحولي اخطف قلبكم ودقاته وصحو نيازي قولوله الحلقة نزلت..

وعايزة اقولكم أني بقرأ كل كومنت بيتكتب يا بنات وبدعيلكم من قلبي والله ربنا يفرح قلبكم زي ما انتو بتفوحوني بتفاعلكم ..

عشق الروح!!.. 

لن أستطيع وصف حبك ببضعة كلمات.. فلو الحب كلمات تكتب لانتهت أقلامي..الحب أرواح توهب، فهل تكفيكِ روحي ساحرتي؟.. 

أحببتك لدرجه أنه عندما تغيبي عني يغيب معك كل شيء.. 

اخترتك ، وفضلتك أنتِ حبيبتي على كل الخلق.. 

أقسم لكِ أني أرى بك، سعادتي وموطني، وقلبي النابض لا يردد سوي حروف أسمك أنتِ.. 

عيناي لا تبصر إلا سواكِ.. 

أمنياتي تتلخص بكِ يا أشد أشيائي حباً التي تجعلني دوماً أدعو الله أن يبقيك ليِ، ومعي فقلبي معقود بقلبك يا عشق القلب و الروح.. 

……………………………….. (سبحان الله )….. 

داخل جناح “مارفيل”.. 

يجلس “محمد” بجوارها على الفراش ممسك بكف يدها رغم أعتراضها يقبله مرات متتالية مردفاً بنبرة متوسلة.. 

“سامحيني مارفيل.. أعدك لن أخذلك بعد اليوم، ولكن فقط سامحيني حبيبتي”.. 

رفع رأسه ونظر لها بأعين تملئها الشوق والندم مكملاً.. 

“سأفعل كل شيء اي شيء حتي تعفو عني وتغفرلي خطأي بحقك”.. 

لم تتحدث “مارفيل” مكتفيه بالنظر له.. ترمقه بنظرة تحمل الكثير من العتاب..كان رجلها الوحيد.. أول رجل بحياتها قام بصفعها وجرحها دون رأفه بقلبها الذي كان متيم به عشقاً.. نعم كانت تعشقه  ولهذا ظلت كل تلك السنوات دون ان ترتبط برجل غيره..

“وأنا أيضاً أعشقك ولم أستطيع أن أكون مع امرأه غيرك”.. 

أردف بها “محمد” حين تفهم ما يدور بعقلها من نظرك عينيها الحزينة”..

أطبق جفنيه بعنف لم يعد قادر على تحمل نظرتها له، وتابع بغصة يملؤها الآسي.. 

” إن لم تفصحي عني لن أتردد لحظة في قتل نفسي أمام عيناكي حتي اطفئ نيران قلبك المشتعلة تجاهي”.. 

أنهى حديثه، و قبل كفيها مجدداً، ومن ثم أخرج سلاحه من جيب معطفه وصوبه نحو رأسه، واضعاً أصابعه على الزناد.. 

انتفض قلبها بخوف حين استشعرت صدق كلماته، وأنه ربما يفعل ما يقوله حقاً ويقتل نفسه أمامها الآن .. لم تفكر حينها سوي بوحيدها الذي جعلها تتحدث بلهفه راقت “محمد” كثيراً.. 

“توقف عن أفعالك الحمقاء، وأترك هذا المسدس اللعين من يدك محمد”.. 

“أخبريني أنكِ سامحتيني أولاً”.. قالها “محمد” وهو يستجديها بعينيه ان ترحم قلبه.. 

أخذت “مارفيل” نفس عميق، وتحدثت بتعقل قائله.. 

“أصلح علاقتك بأبننا وكن له أبً كما ينبغي حينها سأفعل لك ما تريد لأجل وحيدي فقط.. تذكر هذا جيداً.. لأجل فارس فقط محمد”.. 

حديثها كان كمثابة شرارة أمل بالنسبة له، وأنه وأخيراً على وشك امتلاك قلبها مجدداً جعله يلقي مسدسه، واقترب بوجهه منها وتحدث بفرحة غامرة قائلاً.. 

” سأفعل.. أعدك أنني سأفعل كل ما بوسعي حتي يصبح كل شيء كما كنتِ دوماً تتمني مارفيل”.. 

وزع نظره بين عينيها و شفتيها مغمغماً بصوت أجش من فرط مشاعرة.. 

“انتي تقتليني بأنوثتك يا امرأه”.. 

هم بتقبيلها وغمر شفتيها بشفتيه.. لتبعد هي سريعاً حين لمحت الطبيبة التي تقوم بتصويرهما، وبهمس قالت.. 

“إحدي العاملات تقف على باب الغرفة وتقوم بتصويرنا”.. 

تسمر” محمد” مكانه قليلاً، وهب واقفاً فجأة وسار نحو الباب بخطوات مهرولة جعل الفتاه تركض مسرعة بعيداً عن الباب فوراً.. ليوقفها صوت “محمد” الغاضب.. 

“اقفي عندك”.. 

ارتعشت الفتاة برعب بشكل ملحوظ، واستدارت ببطء ونظرت بوجهه شاحب مردفه.. 

” افندم يا محمد باشا”.. 

مد يده لها، وبأمر قال.. 

“هاتي تليفونك”.. 

لهنا وتمكن الهلع من قلب الفتاه جعلها تبكي بنحيب، وتتحدث بهذيان قائلة.. 

“والله يا محمد باشا.. فارس بيه هو اللي قالي أصور حضرتكم علشان يطمن عليكم.. والله هو اللي قالي أنا مليش ذنب”.. 

“بعتيله اللي صورتيه؟! “.. قالها “محمد” بصدمة، وقد انسحبت الدماء من عروقه، وشحب وجهه هو الأخر حين حركت الفتاه رأسها بالايجاب قائله.. 

“ايوه بعته بس لسه مشفش الرسالة”.. 

اصطك” محمد” على اسنانه، ورفع يده مسح على خصلات شعره الحريرية بعنف كاد ان يقتلعها من جذورها، وقطع المسافة بينه وبينها واخذ الهاتف من يدها بعنف مردداً بصراخ.. 

“افتحي الزفت دا”.. 

انصاعت الفتاه في الحال وقامت بفتح الهاتف.. قام”محمد ” بتشغيل مقطع الفيديو التي ارسلته الفتاه.. لتجحظ عيناه حين وجدها قامت بتصوير كافة حواره برفقة “مارفيل” وارسلته لوحيده على برنامج الواتساب، وهذا يعني أن الفيديو أصبح على هاتف ابنه الآن حتي إذا قام بحذفه، ولكن هناك أمل ف “فارس” لم يشاهد الرسالة حتي الآن.. 

“خديجة”..قالها “محمد” وهو يندفع راكضاً نحو الخارج، وتحدث بأمر لحراسه الخاص الواقفين أمام الجناح وهو يشير على الفتاه.. 

“متغبش عن عنيكم لحد ما أرجع”.. 

قالها، واختفي داخل المصعد ضاغطاً على الزر الموصل للطابق الذي يتواجد به جناح شقيقته الوحيدة.. 

لحظات قليلة وكان يقف أمام غرفتها يطرق عليها طرقات متتالية، وقد بدأت أنفاسه تتلاحق وهو يتخيل رد فعل “فارس” بعدما يري ويسمع حديثه اللازع مع والدته.. 

” محمد.. مالك يا حبيبي؟!.. حاجة حصلت”.. 

قالتها “خديجة” التي فتحت الباب بوجهه يظهر عليه القلق وجذبته للداخل اجلسته على أقرب مقعد حين رأت جسده يرتجف وحالته بدت مزرية.. 

لم يتحدث “محمد” لم يجد كلمات تصف ما فعله.. فقام بأعطاء الهاتف الذي مازال يعمل على مقطع الفيديو.. 

اخذته منه” خديجة” وبدأت تتابع الحوار بينه وبين “مارفيل” باهتمام.. لتشهق بقوة،وأسرعت بوضع كف يدها على فمها تكتم شهقاتها، ونظرت له بصدمة مردفة.. 

“الفيديو دا اتبعت لفارس؟! “.. 

حرك “محمد” رأسه بالايجاب، و تحدث بأسف قائلاً.. 

“خديجة انا واقع في عرضك، وبترجاكي تساعديني مخسرش فارس”..

خفض راسه بخزي من نفسه مكملاً بندم.. 

“أنا عارف إني مكنتش ليكي الأخ اللي بتتمنيه، ورميتلك ابني تربية وبسببه أنتي رفضتي الجواز واكتفيتي بيه؟! “.. 

“انت بتقول ايه بس يا محمد.. انت اهدتني بأجمل هدية في حياتي كلها.. فارس دا ابني ولو رجع بيا الزمن هختاره هو تاني”.. 

قالتها “خديجة” بابتسامة وعبراتها تهبط ببط على وجنتيها، وربتت على كتف شقيقها بحنان مكملة.. 

” خلينا نفكر هنعمل أيه سوا ونشوف حل قبل ما فارس يشوف الفيديو “.. 

” محمد “بلهفة..”فارس مع مراته على اليخت.. كلمي مراته وخليها تتخلص من تليفونه دا خالص وترميه في البحر يا خديجة”.. 

أسرعت “خديجة” نحو هاتفها المرضوع على منضدة بجانب سريرها، وتحدثت بتراوي و نضج.. 

” هكلمها.. بس هكلم غفران صاحبه الأول وهخليه يروحله علشان لو حصل اي حاجة لقدر الله يبقي جنبه”..

“كلميهم، وأنا كمان هروحله يا خديجة”.. قالها

“محمد” وسار نحو الخارج بخطوات راكضة وقد حسم أمره بأن يفعل كل شيء وكل ما بوسعه حتي لا يخسر وحيده.. 

………………………………. (الحمد لله )……… 

بشالية “غفران”.. 

كانت” عهد” مندسة بين ضلوع زوجها الذي يحاوطها بجسده بحماية.. ينعمان بنومٍ هادئ.. 

رنين هاتفه بستمرار ازعجهما.. اعتدل” غفران ” بكسل ومد يده جذب الهاتف ينظر بشاشته بنصف عين.. 

“خديجة!!”.. قالها بقلق وأسرع بالرد عليها مغمغماً.. 

“خديجة.. في حاجة حصلت؟! “.. 

اجابته” ببكاء.. “غفران أنا أسفة إني بكلمك بدري كده.. بس انا قلقانة اوي على فارس.. وعيزاك تروحله بنفسك اليخت أرجوك وتطمني عليه”.. 

” طيب أهدي انا مأمن اليخت كويس جداً بأحسن طقم حراسة، وهتحرك من عندي واروحله حالاً وأول ما أوصل هكلمك.. اطمني”.. قالها” غفران “وهو يبتعد عن زوجته برفق، ونهض مغادراً الفراش وبدأ يرتدي ثيابه على عجل.. 

” هاجي معاك”.. 

أردفت بها” عهد”بصوتها الرقيق الناعس، وهي تنهض هي الأخرى وتسرع بارتداء ثيابها.. 

اقترب منها” غفران ” وقبل جبهتها مردداً.. 

” عهد حبيبتي كملي نومك، وأنا مش هتاخر عليكي”..

“لا يا غفران خدني معاك بدل ما اجي وراك، وأنت عارف إني اعملها”.. 

صرخت بها” عهد” بغضب طفولي، وأمام أصرارها خضع لطلبها كعادته مع عنيدته.. 

…………………………………. (لا إله إلا الله )……… 

مرت عدة دقائق..

حدثت ” خديجة” خلالهم” إسراء”، وعادت بالاتصال ب” غفران ” مرة أخرى.. 

بجوار يخت “ساحرة المغرور”.. 

توقف “غفران” بأحدي الماكينات المائية شديدة السرعة يقودها هو بمهارة عاليه..تجلس زوجته خلفه متمسكة بخصره بكلتا يديها.. 

كان هناك حشد من القوارب الصغيرة يجلس بها حرس “فارس” الخاص تقف على جانبي اليخت..

“اطمني يا ديجا أنا وصلت لليخت والجو هادي ومافيش اي حاجة تقلق؟!”..

أردف بها “غفران” عبر السماعة الموضوعة داخل أذنة..

توقف عن الحديث فجأة، وعقد حاجيبه بدهشه حين لمح “إسراء” تسير بخطي مترنجحة ويظهر عليها الاعياء الشديد، وقامت بألقاء الهاتف بالمياه..

شهقت “عهد” حين رأتها هي الأخرى وتحدثت بفزع مردفه..” يا نهاري دي شكلها دايخة خالص”.. 

أستعد “غفران” للقفز حين رأي تمايلها يزيد ويتضاعف حتي أوشكت على السقوط هي الأخرى مردداً برجاء..

“لا لا لا لا أوعى تعمليها وتقعي يا مدام فارس”..

ولكنها لم تكن عند حسن ظنهما، وسقطت بالمياه جعلت “غفران” يسرع بالقفز هو الأخر، ومن ثم قفزت خلفه” عهد” و سبحو نحوها بأقصى سرعة لديهما.. 

……………………………………..(الله أكبر )……..

“فارس”..

رباه ماذا يحدث؟!..

يتردد هذا السؤال بداخله حين اختفي عبق ساحرتة فجأة.. كان يحاوطه ويملئ رئتيه.. كل شيء بدأ يتلاشي ..انقطعت أنفاسه، تسارعت نبضات قلبه، وانهمرت حبيبات العرق على جسده مختلطه بالمياه المنسكبه فوقه.. يتصبب عرقاً رغم البرودة الشديدة التي اجتاحت أوصاله..

أطلق آهه ألم نابعه من أعماق قلبه الذي أنقبض بل اعتصر بخوف وفزع مبهم لا يعلم سببه.. تلاحقت أنفاسه وكأنه أوشك على الموت غرقاً فصرخ بعلو صوته مردداً اسم زوجته وهو يركض لخارج الحمام باحثاً عنها كالمجنون..

“إسرااااااء ؟!”..

لم يجدها مكانها على الفراش.. لا يعلم كيف ومتي قفز داخل سرواله أثناء ركضه لخارج الغرفة راكضاً.. 

جحظت عينيه حين لمح صديقه “غفران” وزوجته يتسابقان نحو شيء ما بجوار اليخت.. دون أن يعطي نفسه فرصة للنظر حتي كان قفز من فوق اليخت داخل المياه، وبدأ يدور بعينيه باحثاً عن زوجته حتي لمحها تسارع الغرق.. 

بأقل من ثانية كان وصل لها و جذبها داخل حضنه مردفاً بنبرة أشبه بالصراخ.. 

“إسراء.. أنا هنا.. أنا هنا يا روحي.. خدي نفس.. متخفيش انتي في حضني”.. 

تمسكت به “إسراء” بكلتا يديها، وحتي قدميها.. ملجأها هو ومنقذها الوحيد، وسيظل دائماً وأبداً.. يقبلها بجنون من كافة وجهها، وشفتيها بقبلة الحياة..

“خدي نفس.. متخفيش حبيبتي أنا معاكي”.. 

بصعوبة شديدة همست له بضعف، وهي تختبئ فيه..

“فارس.. أنا شعري مكشوف، ومش لابسة حاجة غير قميصك”.. 

لم يكن ينتبه “فارس” لهيئتها، ولكن عندما نطقت بجملتها هذه شعر بجسدها الشبه عاري بين يديه.. فحاوطها بجسدها أكثر.. 

“هات البرنس بتاعي بسررررررررررررررعه “.. 

قالها “فارس” بأمر لإحدى حراسه، وقد ظل “غفران” بعيداً ليترك لهما المساحة الكافية، ولا يكون مصدر إحراج لصديقة وزوجتة.. بينما اقتربت “عهد منهما وتحدثت بلهفة قائلة.. 

“إسراء أنتي كويسة؟”.. 

“الحمد لله يا عهد”.. 

قالتها “إسراء” بصوت مرتجف، وقد بدأ الخوف يتملك منها حين رأت وجه زوجها الغضوب أثناء مساعدته لها لترتدي مئزره الخاص والذي كان كبيراً جداً عليها، وقام برفع الكاب على شعرها، ومن ثم سبح بها نحو درج اليخت، وصعد بها حاملها بخفة ورشاقه.. 

سار نحو أقرب مقعد ووضعها عليه، وبدأ يتفحصها بدقة متمتماً بعدم فهم.. 

“أيه اللي خرجك من أوضتنا يا إسراء؟!”.. 

ابتلعت “إسراء” لعابها بصعوبة، وقد عجزت عن النطق بحرف.. لا تعلم ماذا تقول له.. 

“كانت بترمي تليفونك في البحر يا فارس”..

قالها “محمد” الذي صعد للتو على متن اليخت بصوته الصارم رغم توتره، وقلقه البادي على محياه..

رفع “فارس” رأسه ونظر تجاه والده بملامح منذهله..ليحرك “محمد” رأسه بأسف جعل “فارس” ينظر ل “عهد” وتحدث قائلاً.. 

“خليكي معاها يا أم زين من فضلك ثواني”.. 

” عهد ” بابتسامة بشوشة..” من عنيا طبعاً.. اطمن عليها إسراء دي أنا بعتبرها زي أختي والله”.. 

مال ” فارس” على زوجته ثانياً وقام بحملها متوجهاً نحو غرفتهما، وقبل ان يسير بها نظر لوالده مردفاً.. 

” ثواني وراجعلك يا أبو فارس”.. 

بالفعل عاد” فارس ” خلال ثواني معدودة.. وقف أمام والده ينظر له يحثه على استكمال حديثه.. 

 تنهد” محمد” بتعب وبدأ يتحدث بصوت مرتجف.. 

“أيوه يا ابني.. أنا طلبت من خديجة تكلم مراتك وتطلب منها ترمي تليفونك بعد ما الدكتورة اللي طلبت منها ترقبنا أنا وولدتك صورتنا واحنا بنتعاتب بكلام لو سمعته علاقتي بيك هتدمر”…

صمت لوهله، وبدأت العبرات تلتمع بعينيه، وأطلق شهقه مكتومة، ونظر لعينيه يستجديه مكملاً..

” وأنا مش عايزك تزعل مني يا فارس يا ابني ونبدأ صفحة جديدة أرجوك”

اقترب منه بخطوات مرتجفة للحظة تخيل “فارس” ان الأدوار تبدلت و أنه أصبح والده  وهو طفله وقد فعل خطأ لا يغتفر و يقف أمامه  يبدو عليه الذعر الشديد..

هيئته المرتعدة أعتصرت قلبه بقبضة من حديد..

تأمله “محمد” بابتسامة واعين بدأت تفيض بالعبرات و ما أصعب بكاء الرجال وشعور القهر والندم الظاهر عليه بوضوح..

“لو عايزاني احكيلك هحكيلك؟!”..

قطع حديثه حين تحدث “فارس” بلهفه ونبرة متوسلة..

“متحكيش.. متحكيش يا أبو فارس”..

أبتسم له ابتسامة يخفي بها عبراته مكملاً..

“أنا ابنك وانت أبويا مش من حقي اعقبك على اللي فات ولا حتي على اللي جاي.. من حقك أبرك وأطيعك وأبقى سندك وعزوتك.. دا حقك عليا وأنا مجبر أعمله.. خلينا نبدأ صفحة جديدة يا أبو فارس”..

انهمرت دموع “محمد” بغزارة ونظر لوحيده الذي ادهشه بأخلاقه وسعة صدرة بنظرات منذهلة، و دون سابق إنظار كان جذبه بعناق قوي وبدأ يبكي بنحيب ويتحدث بصعوبة من بين شهقاته..

“راجل يا فارس.. راجل يا ابني”..

“راجل من ضهر أجدع راجل يا أبو فارس”..

قالها “فارس” وهو يبادله عناقه وقد وجد راحة قلبه وباله التي كانت غائبة عنه لسنوات..

أبتعد عنه “محمد” و نظر له بغضب مصطنع مردفاً..

“أيوه طبعاً ياض أنت، ويله اتفضل خد مراتك ولف بيها العالم وقضو شهر عسل عظمة، ومترجعش غير لما يحصل المراد”..

ربت على كتفه بقليل من العنف مكملاً..

“أنا عايز أحفادي يبقوا حواليا في أقرب وأسرع وقت”..

“علم وينفذ يا محمد باشا”..

قالها “فارس” وهو يرفع كلتا يديه و احتضن وجه والده بين كفيه، وبدأ يزيل عبراته بحنان بالغ، ومن ثم مال عليه وقبل جبهته بحب مكملاً..

“أنت تؤمرني يا أبو فارس”..

…………………………… (استغفر الله العظيم )…..

.. بغرفة “خديجة”..

” يا تري عملت ايه يا محمد؟!”.. 

قالتها “خديجة” وهي تسير بقلق ذهاباً واياباً، وتفرك يديها ببعضهما..

 دقات هادئة على باب غرفتها جعلتها تركض بهرولة ظناً منها ان شقيقها قد عاد.. فتحت الباب بلهفة لتجد “هاشم” يقف أمامها، وينظر لها بابتسامة المدوخة.. 

“صباح الخير يا خديجة”..

“هاشم من فضلك أنا مش فايقة خالص دلوقتي؟!”.. 

قطعت حديثها وجحظت عينيها حين خطي “هاشم” داخل الغرفة، وغلق الباب خلفة، وتحدث باصرار وهو يتعمق النظر لعينيها قائلاً.. 

“مش همشي قبل ما أعرف سبب زعلك مني المفاجيء دا يا ديجا؟!”..

نبرته الحادة، ونظرتة التي جعلت قلبها يدق كالطبول اجبروها على الحديث دون أرادتها، وكأنه يمتلك مفعول السحر عليها.. 

” سمعتك وانت بتتكلم في الفون و بتقول عليا لا خديجة متجوزتش أصلاً يا أمي”.. 

عبست بملامحها بطفولة، وتابعت بنبرة أوشكت على البكاء.. 

” يعني قصدك إني عانس مش كده؟!”.. 

فتح “هاشم” فمه ببلاهه وهو يقول.. 

“انا قولت لوالدتي إني لقيت بنت الحلال اللي هتجوزها ومستني ردها، و امي كانت بتسألني عنك بعفوية بتقولي هي أرملة زيك ولا مطلقة فأنا جاوبتها وقولتلها أنك متجوزتيش أصلاً يا خديجة ومش شايف ان دي حاجة تعيبك أبداً بالعكس لو كنتي سمعتي باقي المكالمة كنتي هتعرفي مدي فرحتي إني هبقي أول راجل في حياتك”.. 

صمت لوهله يلتقط انفاسة ومن ثم تابع.. 

“معقولة زعلتي مني علشان كده؟.. مش ممكن رقتك دي يا خديجة!!.. أنا مكنش قصدي اللي فهمتيه أبداً”..

قالها “هاشم” بنبرة صوته الصارمة، ولكنها أصبحت مغلفة بحنو ولهفة راقت “خديجة” كثيراً، انبلجت شبه ابتسامة حالمة على ملامحها البريئة اخفتها سريعاً،

عبست بطفولة، و ابتعدت بعينيها عنه مردفه بغضب مصطنع ..

“هاشم من فضلك سبني لوحدي. أنا مش عايزة اتكلم، ولا عايزه اسمع صوتك”..

اعتلت ملامح “هاشم” ابتسامة متراقصه، و اقترب منها ببطء جعلها تتراجع لا إرادياً للخلف حتي اصتدم ظهرها بالحائط..

رفعت عينيها و نظرت له بذهول حين وضع ذراعيه حولها، ومال بوجهه على وجهها حتي كادت أنفهما تتلامسان..

رمشت بأهدابها عدة مرات، وقد تسمرت مكانها من هول الموقف بالنسبه لها..

وجهها أصبح كتلة حمراء من شدة خجلها، وبهمس متقطع قالت.

“هاشم أنت بتعمل أيه؟! “..

تنقلت عينيه على ملامحها حتي توقفت عند شفتيها المرتجفة، وتحدث بمكر قائلاً..

“انتي زعلانه مني يبقي لازم أصلحك يا أرق ديجا و أبوس قلبك وعينك كمان”..

أنهى جملته ومال على وجهها قاصد جانب شفتيها.. فور لمسه لبشرتها الناعمة بشفتيه كانت سقطت”خديجة ” فاقدة الوعي بين يديه.. 

انتهي الفصل..

تكملة الرواية من هناااااااا 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *