رواية سلطان الهوي قلب القمر3 الفصل الأول والثاني بقلم شيما سعيد (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)
رواية سلطان الهوي قلب القمر3 الفصل الأول والثاني بقلم شيما سعيد (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)
حكايات الأساطير القديمة تحكي قصة الأمير الوسيم الذي وقع بشباك فتاة بسيطة.
زمان غير زماننا… عصر دولة السلاطين والأمجاد، نسل يكمل جيل بعد جيل.
مع اختلاف الزمان يختلف المكان بكوكب غير كوكب الأرض المسيطر عليه الزحام.
قصر عريق هادئ مساحته بحجم مدينة كاملة. قصر السلطان الحاكم.
هنا فعل الحب المستحيل وتعلقت به قلوب أقوى الرجال.
مزيج بين الألوان تُظهر أن هذا المكان يفوق تكنولوجيا العصر المقام به.
حضارة زعماء، وشعب مكتوب عليه من الخارج وتكنولوجيا حديثة لا يعرف مصدرها أحد حدثت بعهد السلطان بدر.
تولى العرش بعدما تخلى أبوه عنه ليرتاح مع زوجته وحبيبته.
ليبقى هنا بدر وبين يديه زمام القيادة، أخذ لقب الإمبراطور بين شعبه.
مثل عادته بكل ليلة يقف بهذه الغرفة التي كانت تسكنها معه منذ طفولتهما يتذكرها.
رجل عريض الصدر مفتول العضلات بطول فارع وذقن ثقيلة تزين وجهه وتزيد من وسامته.
خصلات سوداء تصل إلى مقدمة عنقه بعيون زيتونية وبشرة خمرية بها لمعة مميزة.
ألقى بجسده على فراشها ووسادتها التي منع الجميع من الاقتراب منها.
كل شيء كما تركته هي حتى قلبه الجريح قتله نزيف الفراق.
أغلق عينيه متذكرًا لحظة الرحيل وكيف كان وجعها يؤلم.
– أنا همشي يا مولاي.
أردفت كلماتها بعدما انحنت أمامه لأول مرة مقبلة مقدمة ملابسه.
مولاي الوحيدة التي يسمع منها اسمه دون ألقاب تزيده حلاوة.
اهتز، دلف إليه شعور بالضعف والعجز لم يشعر بهم إلا على يدها.
قررت الرحيل بعد خمس سنوات عاشها معها بالجنة.
يعلم أنها صغيرة بالتاسعة من عمرها لا تعرف ما تقوله ولا عواقبه.
هو أيضا صغير بالحادية عشر إلا أنه على يقين من مشاعره وحبها المتمكن من قلبه.
عاد خطوة للخلف بعدما كانت تسكن بين أحضانه تقريبًا.
نظر إليها يحثها على النفي أو المزح إلا أنه وجدها جامدة مثل قطعة الحجر.
ابتلع ريقه مردفًا بصوتٍ حاول قدر المستطاع ظهور قوته به:
– قولتي إيه يا قمر؟!
رفعت رأسها إليه، لا يصل إليه معنى هذه النظرات، ضعف، غدر لا يعرف.
أزالت دمعتها التي خانتها بأكثر وقت لا تريد سقوطها به مردفة:
– همشي أنا كبرت واسمي هيف مش قمر، قمر ده اسم بحب أسمعه من أمي وأبويا اللي ماتوا على إيدك وإيد والدك، أنا الوحيدة اللي باقية من نسل أعدائكم و مش هسمح إني أعيش هنا.
حقيقة حاول إخفائها عنها وها هي ظهرت أمامه من جديد.
هويتها، ابنة أعداء العائلة المالكة التي تم التخلص منهم على يديه ويدي أبيه.
ابتعد عنها بمسافة كبيرة، عرشه ودولته أهم من قلبه.
نظر إلى النافذة، من هذه اللحظة لا يريد رؤية ملامحها، فحدثها قائلًا:
– أبواب القصر مفتوحة، تقدري تمشي.
عشرون عامًا مروا على هذا اليوم الفاصل بحياته، عاد كما كان قبل أن يراها.
سمع دقات بسيطة على الباب، أعطى الوسادة قبلة مشتاقة واتجه إلى الباب:
– خير يا مصطفي.
صديقه المقرب الشاهد الوحيد على ما عاشه طوال السنوات الماضية.
بينهما فرق كبير بالعمر، إلا أنه يفهمه من نظرات عينيه وملامح وجهه.
مختلف مصطفى بملامحه المميزة، خصلاته الحمراء، عيون زرقاء، وبياض ناصع.
نفس طول بدر مع أكتاف ضخمة وجسم مصارع على الحلبة.
وزيره الوفي وحصنه المنيع، انحني إليه بتقدير لسمو السلطان ثم أردف:
– تحضيرات حفل الزفاف على أكمل وجه يا مولاي. والسلطانة شكران جات في غرفة جلالتك يوم العمر يا مولاي.
يوم العمر لطالما حلم بتلك الكلمة بزفافه منها ليكتمل بها القمر.
أومأ له دون حديث، أخذت عيناه تتجول على آخر خيط يربط بينهما للمرة الأخيرة وأغلق الباب خلفه، ليس له مكان هنا بعد اليوم.
__________________________
تابع تحضيرات زفاف السلطان بدقة عالية، خطأ واحد سيأخذ معه أعمار الكثير.
حكايته لا تختلف عن قهر صديقه، عاشق لم ولن يطول حبيبته.
تزوجت ابن عمه أمام عينيه، سلمها له بيده وبارك على هذه الزيجة.
مراهق لا يقدر على الزواج وأتت هي لسن الزواج لتكون النهاية مأساوية.
تزوجت وأنجبت ليبقى بمفرده بين حائط من الذكريات.
وجع كل ليلة من وقت رحيلها يتضاعف، كم الحب غدار.
نيرانه لا تحرق غير أصحابها، تأكل بهم دون ترك الرماد.
لفت انتباهه بكاء حاد يقترب منه شيئًا فشيئًا ليصل خلفه بشكل مباشر.
لمَ لا يستطيع النظر لصاحبة الصوت؟! هذه الدقات ترتفع بطريقة لم تحدث من سنوات.
ارتجف جسده بالكامل مع لمسة بسيطة من أصابعها على ظهره.
عروق يده برزت، أصابه شيئٌ غير مألوف، كأنها حبيبته المشتاق لها.
صوت ناعم منهار، نبرة بها قلة الحيلة أرغمت جسده على الالتفات لها.
يا الله يا ليته لم يفعل هذه الخطوة وفرَّ من المكان قبل وقوع نظره عليها.
عاد مع ملامحها أكثر من عشرين عامًا للخلف، حبيبته تقف أمامه بعز شبابها.
لون العينان يختلف مع غمازة لذيذة تزين وجهها المستدير.
تحركت تفاحة آدم بصعوبة على رقبته يحاول ابتلاع لعابه.
ذكريات من الماضي تقف أمام عينيه مثل شريط السينما.
علم هويتها على الفور، قطعة من حبيبته وعدوه اللدود.
تعلم ما يدور برأسه من نظراته التي تأكلها. هذا الشاطر مصطفى تربت على قصص قبل النوم وبطلها هو.
ارتفاع دقات قلبه والعرق الغارق به وجهه يستحق وبجدارة لقب عاشق والدتها.
تحفظه عن ظهر قلب، تعلم ما يحب وما يكره كأن بينهما سنوات.
– أمي محتاجة وجودك جنبها دلوقتي.
تحتاجه؟! يحتاجها بكل لحظة مرت بدونها ولم يجدها بجواره.
يستحيل الذهاب إليها، بابٌ أغلقه وفتحه من جديد قاسٍ جدًا.
حياة حب عمره أتت بنسخة طبق الأصل منها، سحر يجذبه إليها وهو يسير خلفها بمتعة.
فاق على نطقها لاسمه بلا ألقاب:
– مصطفى.
انتفض بعيدًا يحاول الهروب من بين سطو تُقيده به سائلًا:
– حياة عايزة تشوفني ليه؟!
– مفيش وقت للكلام، أمي بتموت وطلبها الوحيد إنها تشوفك، آخر شخص في حياتها، هتيجي ولا فعلًا بطلت تحبها؟!
يده تسير على وجهها، وردته سار عليها الزمان ليبقي منها طيف رائحة خفيفة.
باهتة، بشعرها بعض الخصلات البيضاء رغم صغر سنها، لون بني غامق تحت عينيها يغطي بشرتها البيضاء.
دموع متحجرة ترفض السقوط أمام أحد، أشار للجميع بالخروج من الغرفة لتحرر وجعها من مقلتيها مردفة:
– بحبك أوي يا مصطفى وعارفة إنك كنت بتموت فيا، بكل وجع وأسف النهاية كانت وحشة أوي وأنا بتجوز غيرك، كنت متأكدة إنك مستحيل تقرب من أي ست عشان كدة أنا ربيت ليك نسخة مني، حِبها زيي وأكتر يا مصطفى، خديجة أقوى مني وأنت دلوقتي أقوى من زمان، اوعدني إنها تكون زوجة ليك وأم لأولادك، كون ليها سند هتكون ليك صدر حنين بس قبل كل ده أسمع بحبك منك لآخر مرة.
جنون، حياة تقوده إلى الجنون إلا أنه مرحب به وقلبه ينبض من أجله.
نسخة من عشقه يأخذها من أبيها عنوة كما فعل بالماضي وأخذها منه.
الدنيا دوارة واليوم أصبح يوم أخذ الحق، ترقرقت الدموع بعينيه ضاغطًا على يدها بين يديه ويقولها للمرة الأخيرة:
– بحبك يا حياة.
أخذت نفسًا عميقّا كتمته بصدرها ثم أخرجته بعد عدة ثواني براحة كبيرة.
عطش عشرون عامًا انتهى وارتوى قلبها بكلمة عاشت على ذكراها وستموت على حلاوتها من بين شفتيه لتقول له:
– اوعدني إنك متخرجش من هنا إلا وخديجة مراتك.
طوق يُلف حول عنقه يخنقه إلا أنه أصبح يريد خديجة أكثر من أي شيء فطمأنها قائلًا:
– أوعدك وأوعدك إن أول بنت ليا منها هتكون إسمها حياة.
___________________________
دقت الطبول وارتفعت أصوات النساء والرجال بالشوارع معبرين عن سعادتهم بزواج السلطان.
دولة العدل قامت على يد أجداده وباتت أكثر قوة بعصره.
ابن كل بيت، متربع بالقلوب حامي وسند للرجال قبل النساء.
سار بفرسه بالمدينة بين الناس ينال المباركات بوجهٍ مبتسم.
على بعد أميال بعيدة عنه كل البعد تتابعه بقلب محروق وجسد منهار، تستند على يد صاحبتها تأخذ منها بعض القوة بعدما تخلى جسدها عنها بكل بساطة.
اهتزاز عنيف ضرب بكل جزء منها على باب قصره الذي عاشت به أعوام متخفية بثوب الرجال تعمل مع الخيول، تدربت كثيرًا على هذه اللحظة إلا أنها لم تشعر بوجع مثل هذا من قبل.
طعنة وراء الأخرى تأخذ جزء من روحها تحرق دمائها.
بدر، بدرها أمام عينيها تشاهده يدلف بعروسته يدها تمسك بثوبه، إعلان الملكية واضح.
تفتتت عظامها، وتخلت ساقيها عنها، سقطت أرضًا بوجهٍ غارقٍ بالدموع.
تم إعلان زواج السلطان بدر من السلطانة شكران بشكلٍ شرعي.
خلف الستار عيون تراقبه سعيدة برؤية ابتسامته مزينة وجهه.
– هيف، يلا نرجع الاسطبل، كفايه عليكي كدة ممكن تموتي في إيدي.
أومأت لها برأسها، لسانها مكتوم عاجز عن وصف ما يريد قوله.
على يد صديقتها خرجت من القصر تلقى عليه نظرة أخيرة يطوف بها العتاب.
لم يرَها أو يشعر بوجودها معه بنفس القاعة، انتهى حبه لها.
انهارت على الأرض بجانب جوادها، بالماضي كان لها هدية من الأمير بدر، والآن مجرد خادمة للجواد الذي رفض السلطان بدر وجوده مع باقي الخيول.
ضمت قدمه من الأسفل لتسقط دمعة من عين الجواد يشعر بها، ألمها وصل إلى قلبه بشكل مباشر.
ارتفعت شهقاتها محاولة الحديث من بينها:
– شوفت اللي حصل بدر راح مني للأبد، حلو أوي وهو واقف جنبها مبسوط بيها وقمر إنتهت من حياته. آه يا وجع قلبي وكسرته على المنظر ده ياريت كنت متت قبلها… آاااه.
صرخة قوية خرجت من أعماق صدرها مع ارتفاع الأصوات بالخارج، السلطان دلف إلى جناحه.
وضعت يديها على أذنيها تحاول منع وصول تلك الأشياء الي مسامعها، بلا فائدة، يكفي أن روحها معلقة بروحه حواسها تشعر بما يحدث بداخل الجناح.
قامت من مكانها ستمنع اقترابه من غيرها مهما كلفها الأمر.
منعتها صديقتها مردفة بهدوء مشفقة على حالها:
– بلاش جنان القصة خلصت من وقت ما قررتي البعد مقابل الدم اللي بينكم، الدم لسة موجود يا هيف والفراق النهاية المناسبة لحب كانت بدايته غلط، لو دخلتي وعرف انتي مين النار اللي جواه من ناحيتك هتزيد وممكن يؤمر بقتلك، اتمني له السعادة.
دارت الأرض من حولها، لا ترى أو تسمع، حتى شعورها بالوجع بقلبها انتهى.
تجولت عيناها بالغرفة لعدة لحظات توقفت عند الجواد ثم استسلمت مغلقة إياهم بتعب.
سحابة سوداء تخفي معالم كل جزء من حولها إلا رنة اسمها من بين شفتيه.
_______ شيما سعيد _______
الفصل الثاني
#سلطان_الهوي
#قلب_القمر3
#الفراشة_شيما_سعيد
يحدق بسقف الغرفة بلا هدف بجانبه زوجته ولا يرغب بها.
تطارده كلما أغلق عينيه كجنية الهروب منها لو بداخل أحلامه مستحيل.
الأسوأ من مشاعره تجاهها التي تضغط على أنفاسه وتسحبه أكثر بين جدران الماضي سعادته بتذكرها بليلة مثل ليلة زفافه.
سند بظهره على حافة الفراش، زفرة إرهاق حارة خرجت من بين شفتيه.
غيظ ما بعده غيظ إلا أنها غير قادرة على قول كلمة واحدة أمام السلطان.
جاف بارد، تشعر بوجود سد منيع يفصل بين قلبه وقلبها.
جسده لم يتأثر بجمالها الفائق وأنوثتها الطاغية بحضوره.
تصبب وجهها عرقًا من شدة توترها، جلوسها على فراش السلطان بدر حلم لا يمكن تحقيقه وتجسد أمامها بعد عناء.
ولي عهد يأتي من أحشائها يربطه بها حتى لو لم يعشقها ستكتفي بعشقها هي له.
أخذت نفسًا عميقًا ثم أخرجته على عدة مراحل تهدئ من روعها ثم قامت من على الفراش منحنية أمامه باحترامٍ تأخذ أمرًا بالحركة.
أشار لها تفعل ما تشاء، أصبحت زوجته ولها حقوق واجبة التنفيذ عليه.
أتت بعد دقائق بملابس مغرية لم تؤثر به، بداخله لعنة لا تستطيع فكها إلا قمره الهارب.
فتح ذراعيه يحثها على الإقتراب يضمها لصدره ليدخل لها شعور لا إرادي بالأمان.
لمساتٌ حنونة لرجلٍ فريدٍ من نوعه يهابه الجميع وله بقلوبهم مكانة عالية من الحب.
بصوته الرجولي مع بحه خاصة لذيذة اعتدل على الفراش مردفًا وهو يرفع وجهها أمام وجهه يقرأ ما بداخل عينيها بدقة:
– انتي دلوقتي مراتي والسلطانة يا شكران، ليكي عندي كل الإحترام والتقدير قصاد الكل وحتى وإحنا لوحدنا، بس لكل حاجة حدود يعني لازم تعرفي انتي واقفه أدام مين وكل كلمة تخرج منك ليها حساب عليكي يا سلطانة، أنا بقولك كدة قبل ما ابدأ معاكي أي خطوة في حياتنا.
ابتلعت مرارة ما يقف بحلقها، سؤالها هي على يقين من إجابته إلا أنها بداخلها بصيص من الأمل.
بتردد رفعت كفها المثلج تحرك أصابعها المرتجفة على ذقنه الناعمة مردفة:
– والحب ماليش نصيب فيه يا مولاي؟!
ضعف، هل سيظهر ضعفه أمام أحدهم من جديد؟! صعب.
عيون يشع منها الحنان، مشاعر رقيقة تدلف إلى القلب بلا سابق إنذار.
الجميع على علم بحب السلطان إلى فتاة صغيرة تركته من عشرين عامًا ليترك النساء جميعًا.
بحنان لا يظهر للكثير إلا أنه عطوف على كل ضعيف وخصوصًا حواء.
لمعة عينيها تفيض بالحب، بريق من الأمل تتمنى ألا يكسره بداخلها.
وضع خصلة من خصلاتها الغجرية خلف أذنها مردفًا:
– الحب مش بإيد الشخص عشان يقدر يسلمه لحد يستحقه، حاجة بتدخل القلب من غير إذن تحبس الأنفاس وتعجز الجسم عن الحركة، مشاعر لذيذة تدغدغ كل حتة فيكي مع شخص معين، مع غيره مستحيل، قصة الأمير بدر وهيف الدولة بالكامل تعرفها وأولهم أنتي يا شكران يبقى مينفعش تطلبي من حد حاجة مش هيقدر يديها ليكي حتى لو انتي الأحق بيها.
ترقرقت الدموع بمقلتيها، لو تعلم مكان هذه اللعينة لن تتردد لحظة بقتلها.
لطالما كانت تشاهده من بعيد منذ طفولتها تعشق الأمير الوسيم إلا أنه مهووس بفتاة من أرض الأعداء وجعلها فوق رأس الجميع.
عضت على شفتيها عدة مرات لعل تلك النيران المتوهجة تهدأ قليلًا.
بحركة مجنونة لم تفعل لها حساب قبلت أسفل ذقنه بقوة تثبت لنفسها أنه لها.
حررت دموعها أخيرًا ليرفع طرف أصابعه يزيل دمعاتها.
فقالت له برجاء شديد:
– اديني فرصة أقدر أوصل بيها لقلبك وقتها هتنسي الدنيا كلها بيا، عشان تقدر تنسى اللي فات لازم تفتح باب صغير للي جاي يقدر يدخل منه.
– اطلبي مني أي حاجة إلا الحب، الكلمة دي غالية سبيها تخرج في الوقت المناسب لو ليكي نصيب فيها، جناح الجواري مقفول عشان كل واحدة من حقها تكون مع راجل حاسس بيها وأنا مش كداب عشان أقول كلمة من باب المجاملة في وقت معين، انتي مراتي وقيمتك من قيمتي وأم السلطان القادم لحد دلوقتي كدة كتير أوي.
أدخلت نفسها بداخل صدره تتمنى لو بيدها القدرة على إزالتها من قلبه أو على الأقل وضع لنفسها مكان صغير بداخله.
أغلقت عينيها تريد الإستمتاع بوقت القرب بينهما لأقصى درجة، هي بين أحضانه تتمنى أخذ لقب زوجته أمام الله وهذا كافٍ جدًا.
أغلق باب الجناح خلفهم، متوتر يشعر بانسحاب الأكسجين من حوله.
ماتت حياة بين يديه بعد عقد قرانه على ابنتها بدقائق معدودة.
صراع داخلي غير قادر على الفرار منه، مشاعر كثيرة تقتله وأولها القهر.
صديقة وحبيبة طفولته أضاع على قلبها سنوات عمره الماضية، رأى بعينيها نظرة تؤكد أن الماضي انتهى بالنسبة لها من أول زواجها بغيره.
بخطواتٍ بطيئة اقترب من الفراش جسده بالكامل بحالة من التكسير، ساقه تطالب منه الارتياح قبل أن تعلن استسلامها متخلية عنه، مع ارتفاع دقات قلبه تيقن من أن الروح من حديد لا تذهب خلف حبيب.
أخيرًا أغلق عينيه هاربًا من العالم بما فيه حتى لو لساعاتٍ قليلة.
تصلب جسده على لمساتٍ خفيفة من يدٍ ناعمة تتحرك على رأسه، ألمٌ مصحوبٌ بمتعة مميزة، نكهة فاكهة محرمة تخدر على إثرها، ماذا تفعل به هذه الجنية الصغيرة وإلي أي مكان تريد الوصول؟!
سحر اختفي مع إبتعاد كفها عنه، شهقات مرتفعة، الحلوة تبكي، فتح عينيه يرى معالم وجهها الباكي عن قرب، جمال تضاعف مئات المرات بتلك الحمرة الناتجة عن دموعها.
أشفق على حالها، ماتت والدتها ولم تأخذ عزائها، طردها والدها من بيته بعد تصميمها على الزواج منه كتنفيذ لوصية الميت.
رفع طرف أصابعه يُزيل دموعها يُخفف عنها وجعها، تشبهه هذه الفتاة بحظها التعيس.
تفاجأ من وجودها بداخل أحضانه بلا سابق إنذار، أمر مباشر من قلبه بالاقتراب منها أكثر.
بعد وقت لا يعرف مقداره ابتعدت خديجة بملامح يأكلها الخجل.
اعتذار مميز من أنثى أكثر من مميزة:
– أنا آسفة.
بصوت مكتوم من كم المشاعر الغارق بها بعد تجمد طال سنوات سألها:
– على إيه؟!.
– على كل حاجة، أنت ذنبك إيه عشان تتحمل وجودي في حياتك؟! يعني مش كفاية اللي هي عملته فيك زمان أو عشان أكون صادقة اللي جدي عمله فيكم أنتو الاتنين كمان تاخد بنتها، من حقك تختار الست اللي تحبها وتشيل أسمك بعد سنين طويلة من الوجع والحرمان، مصطفى باشا جنابك مش مجبر عليا وفي إيدك ترفضني.
اعتدل بجلسته، يبدو أنها ليست صغيرة كما توقع فعقلها واعي وعيونها ناضجة.
أين قلبها؟! ألم تشعر بدقات قلبه التي عادت للحياة من جديد مع رؤيتها؟!
حاول رسم أي ابتسامة على وجهه حتى لو كانت جامدة.
حدق بها لتخفض نظرها وتنحني إليه، فعلتها مع أنها لم تفعلها أمام الجميع منذ قليل، كأنه لم يصل حديثها إلى مسامعه رفع وجهها إليه متسائلًا مجددًا:
– ليه مش منهارة على موت حياة؟! والدتك ماتت من ساعة واندفنت من غير ما تشوفيها للمرة الأخيرة، دموعك دي سببها ايه أنا ولا هي؟!
هروب عيناها بكل مكان يثير شكوك غريبة بداخله كأنه يعلم لمَ تهرب.
توتر بشكل ملحوظ إلا أنها عادت للبكاء من جديد، ببحر عيونها حكايات كثيرة وأولهم الحزن، الندم، وجع الضمير، والعتاب.
أشار لها بالهدوء ليرتجف جسدها كأنها بأحد ليالي الشتاء القارس.
لا تعلم كيف تقول له عن وجع والدتها وإن الموت أول طريق للراحة.
كيف توصل إليه مشاعرها وتربيتها على حكايات جعلت منها مراهقة تقع بغرامه.
هدأت بعض الشيء من الأمان الذي بثه بها عن طريق ابتسامة حنونة.
أخذت نفسها عدة مرات مردفة:
– أمي أنا مش زعلانة عليها أنا مقهورة بس… هي دلوقتي مرتاحة أكتر، بعيد عن المرض اللي عاشت فيه وهي في عز شبابها، يمكن تقول عليا مجنونة عشان مرتاحة في الكلام معاك وبتعامل كأني أعرفك من سنين، عندك حق أنا أعرفك أكتر ما أعرف نفسي، عشت حياتي كلها بحلم باللحظة اللي ممكن أقابل فيها مصطفى باشا حتى لو من على بعد ألف ميل بس عيوني تشوفك.
لدغته عقربة، حديثها أخذه إلى نقطة يرفض الوصول إليها.
ترك الغرفة والقصر بمنتصف الليل حتى لا يبقى معها تحت سقف واحد أكثر من ذلك.
خبأ وجهه بين كفيه مردفا:
– وبعدين مع قلبك اللي رجع يدق من جديد يا مصطفى ولمين؟! خديجة بنت حياة!
جسده خانه ورفض إقامة علاقة كاملة مع زوجته، السلطان بدر نامت امرأة على فراشه عذراء.
خيال آتٍ إليه من بعيد لصورة مشوشة تجمع بين الماضي والحاضر تمنعه من خوض التجربة.
كلمة قالها بالماضي أصبحت مثل الطوق حول عنقه يكاد يخنقه، سيفعل كل شيء لأول مرة معها هي فقط، أول دقة قلب، أول ابتسامة حب أو همسة شقية أو لمسة شغوفة.
تحجج بتوترها و تركها، لكن إلى متى ستكون هذه حجته؟!
اشتاق إلى وجودها مع أنه رفض رؤيتها بعد رحيلها إلا أن الحنين جذبه إليها الآن.
ذهب إلى الاسطبل يُقدم ساق ويُؤخر الأخرى، أشياء مألوفة عليه تدغدغ مشاعره.
صوت عذب يغني بعض الكلمات الجميلة هامسًا بأذن الجواد.
تخدر جسده وانهارت حصونه، حلاوة الصوت أقام ثورة على أوتار قلبه.
مد يده ليفتح جزءً صغيرًا من الباب ليظهر شاب قصير القامة.
اتسعت عيناه يستوعب الموقف، كيف لشاب يكون صوته بهذه النعومة! ابتلع ريقه مقتربًا أكثر حتى وقف خلفها، شعور مريب بين اللذة والخوف، رائحة عطر تحفظها -مثلما تحفظ أي شيء يخصه- دلفت إلى أنفها لتصل إلى ممر الأمان بقلبها.
سقطت حبيبات السكر من كفها، بعد ليلة طويلة قضاها بأحضان زوجته آت لقطع آخر خيط لها ويقتل جوادها، يستحيل أن تدير وجهها له، شجاعتها وأشواقها سد منيع على هذه الخطوة.
هو يعلمها من وسط نساء العالم بأكمله يكفي نبضاته الصارخة باسمها، مغناطيس جذب يده إلى هذه القبعة الرجوليه الموضوعة على خصلاتها، كما توقع سقطت خصلاتها النارية التي يعشقها مثل صاحبتها.
انتهت… رسالة واضحة أتت إلى عقلها إن نهايتها ستكون الآن.
هل هي بالفعل خائفة من النظر بداخل عينيه الحاضنة لها من أول لقاء بالحرب بين أهلها ودولته؟!
دارت بوجهها إليه، ساعة كاملة يقف كلًا منهما أمام الآخر بلا كلمة، سقطت دموعها، آخر شيء كانت تتمناه هو المواجهة خصوصًا بعد زواجه أمس.
تماسك للثانية الأخيرة ورسم القوة على ملامحه بعدما لم شتات نفسه مردفا بصوتٍ جامد:
– انتي مين؟
صدمة جديدة بعد اللقاء، أهو لم يتعرف عليها حتى من لون الخصلات؟!
تعلمت منه القوة وها هي تطبقها بكل براعة، انحنت إليه مقبلة مقدمة ثوبه من الأسفل مردفة:
– خادمة الجواد يا مولاي.
أمل أضاء نور حياته، أهي طوال العشرون عامًا بداخل قصره مع جوادها وهو لا يعلم؟!
أحمق لم يتخيل وجودها هنا أو يتوقع جرئتها إلى هذا الحد.
جذبها من خلف عنقها لتبقى أمام شفتيه، قلبه وجسده يطالب بالكثير منها، أخذ إنذار عقله الصراخ بكلمة حرام.
منذ متى وهو يفعل الحرام؟! عاد إلى الخلف قائلًا
– إسمك إيه يعنى؟!
إسمها؟ ماذا تقول؟! أي إسم لا يهم:
– زمردة.
ابتسم، بل انفجر بالضحك حتى عندما قالت اسم اختارته يليق عليها بكل المقاييس.
أخذ بيده قطعة من السكر الموجود على ظهر الجواد ووضعها بين شفتيها مردفا:
– زمردة يليق بيكي، إنتي أي أسم له قيمة يليق عليكي. تعرفي أنا قافل جناح الجواري من أيام السلطان والدي اللي قفله بعد حبه لأمي والنهاردة بس هيتم فتح الجناح ده عشان تكوني انتي أول جارية فيه يا زمردة ولا أقول هيف أصل اسم قمر لأقرب الناس ليكي بس.
_______ شيما سعيد _______
رأيكم إيه في الأحداث ؟!..
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
التعليقات