رواية جريمة في العلن الفصل التاسع 9 بقلم هنا عادل
رواية جريمة في العلن الجزء التاسع
رواية جريمة في العلن البارت التاسع
رواية جريمة في العلن الحلقة التاسعة
رجعت حواء لأوضتها بمنتهى الهدوء زي ما راحت لأوضة واحد من اللى قتلوها بدم بارد، الغريب ان نظراتها لسه زي ما هي، شكلها زي ما هو، منكوشة وحافية زي ما اتعودنا عليها طول الشهور اللى فاتت، لكن الجملة اللى قالتها لأبنها تدل على انها لسه بعقلها، لا اتجننت ولا نسيت ولا الصدمة خليتها تتوه، حواء رغم الحالة اللى هي فيها الا انها مش ناسية وشوش اللى دمروها، نظرتها لأبنها وابتسامتها فى انتصارها الاول تدل على ان عقلها اكبر من عقول كل اللى فكروا يستهونوا بيها، فكرة انها تخطط وتعرف امتى تنفذ جريمتها مش حاجة سهلة ابدا، لكن ساعدها فى كده اهل القرية اللى كل واحد ملموم فى بيته من قبل المغرب، وفرصة الشباب الضايعة اللى ممثلين الادب والاحترام والرباية ومحدش يعرف مصايبهم غير ربنا وهما الشلة فى بعض، نامت حواء بهدوء وابتسامة رضا تامة فى حضن قادر ولأول مرة من وقت اللى حصل تنام مرتاحة ولو شوية، كانت نايمة ابتسامتها على وشها، طلع النهار، حواء فى اوضتها لكن الصوات مالي البلد، هي ثابتة فى مكانها على الكنبة بتاعتها بتشرب كوباية شاي بلبن وبترضع قادر بنظرة ثابتة وابتسامة، الجريمة بشعة، لأول مرة تحصل حاجة زي دي فى البلد، خاصة ان البلد دي مفيش فيها حد معادي حد، جريمة بشعة البلد كلها عارفة بيها وملمومة حوالين الاستراحة اللى اتقتل فيها شديد ابن شيخ الغفر، همسات كتير من كل البلد بس همسات مسموعة:
مين اللى يعمل في الاستاذ شديد كده؟ ده محترم وفى حاله!!
الأغرب مين اللى يتجرأ على انه يعمل عملة سودة زي دي؟
من امتى وفيه حد من البلد هنا له عدو؟ وبعدين مين؟! ده الاستاذ شديد، يعني راجل محترم وصاحب رسالة العلم، ده استاذ كان بيدرس لعيالنا!
كلها كلام من النوع ده، محدش مقتنع ابدا ان شديد ده ممكن يكون مؤذي، شرير، مغتصب، حيوان واقل من الحيوان كمان، كلهم زعلانين عليه وبيلوموا على اللي قتل بالبشاعة دي، مش متخيلين انه ممكن يكون عمل اللى يستاهل انه يحصل فيه كده! ويمكن لو اي حد منهم بنته حصل فيها اللى حصل فى حواء يمكن…ويمكن تاني مكانش استنى على شديد ده لو يوم واحد مش شهور طويلة زي اللى استنيتها حواء، طبعا تحقيقات، تطور الفحص للبصمات وتحاليل الحمض النووي مكانش فيهم تطور زي دلوقتي برضو، وده كان من الحاجات اللى ساعدت حواء اللى اصلا مكانتش مصدر شك، حتى عابد واصحابه الباقيين فى عز صدمتهم وتفكيرهم فى كل اللى ممكن ييجي فى بالهم فى حادثة بشعة زى دي مجاش فى بالهم حواء اطلاقا، خاصة انها اضعف بكتير من انها تعمل حاجة زي دي، تحقيقات شغالة، عزا كبير بطول البلد كلها مفيش حد محضرهوش، قهرة كبيرة جدا فى قلوب كل البلد وخوف كمان من ان فيه قاتل قدر يدخل بلدهم وينفذ جريمة زي دي من غير ما يتعرف هو مين، ومع كل اللى بيحصل فى البلد ده كانت تخرج حواء زي عادتها تمشي حافية حاضنة ابنها وبتبص حواليها بنظرات زايغة ومنكوشة، واللى يقرب منها تضم ابنها لصدرها اكتر وكأنها مرعوبة حد ياخده منها، فات اسبوع، اسبوع كامل ما بين حكومة وتحقيقات واستجوابات…ورغم ان البلد كلها تم استجوابها، الا ان حواء كانت اخر واحدة ممكن تيجي فى بال حد اصلا، عقلها مش فيها، ومتقدرش تعمل حاجة زي دي اصلا، ابتدت التحريات تهدا شوية رغم ان القضية مفتوحة، لكن مفيش دليل، مفيش شك فى جاني، حداد فى بيوت كتير وخاصة بيوت الشباب اللى شديد صاحبهم، اتجمعوا الشباب وقعدوا سوا بعد اسبوع، اتكلم خاطر واحد من الشباب:
انا مش عارف اصدق لحد النهاردة ان شديد اتقتل بالشكل ده! مين يعمل فيه كده؟
يرد عابد:
مهما كان اللى عمله شديد، ايه اللى يخلي حد يقتله بالطريقة اللى مالهاش وصف دي؟
رجب:
شديد محدش يعرف بلاويه غيرنا، وكل بلاويه مع حريم، يعني مفيش واحدة منهم تقدر على عملة زي دي، كلهم من برة البلد ومفيش واحدة تجيلها الجرأة على انها تقتل بالشكل ده او حتى تفكر او تحاول تدخل البلد، وحتى لو….كانت هتتجاب او هتسيب وراها اي دليل، لكن اللى عمل كده عُقر ومش سهل ابدا، متطلعش من ولية العملة السودة دي.
خاطر:
حتى اللى من البلد عقلها طار منها، وبعدين البت حوا دي هبلة، مستحيل تقدر على عملة زي دي، لا لها حد يسندها، ولا لها حد ينفع يتوالس معاها، ولا حد حتى لو عرف بجريمة زي دي ينفع ينفذها وهو عارف احنا مين ونقدر نعمل ايه فيه، ومين هيتوالس مع مجنونة زي حوا؟
عابد:
لالا البت دي ميتشكش فيها، دي برة الحسابات، اللى عمل كده فاجٍر وقلبه حديد، ده فصل رأسه عن جتته ولا كأنه دبيحة يا جدعان، الموضوع ده يخوف، ان جريمة زي دي تحصل ومنعرفش مين اللى عملها، حاجة تخوف وتخلي الواحد من مطمن.
رجب:
نحرس احنا بقى.
خاطر:
نحرس من ايه بس؟ احنا معملناش حاجة نخاف منها، وبعدين اللى اتعمل فى شديد دى نتيجة حاجة كبيرة، واحنا مبنعملش حاجة كبيرة، هما سجارتين ملفوفين، بت حلوة نسهر معاها سهرة تروقنا، ومحدش يقدر يتكلم ولا يجيب سيرتنا هما عارفين ان محدش هيخسر غيرهم، لكن شديد اكيد فى حاجة كبيرة حصلت احنا منعلمش عنها حاجة.
رد رجب:
انا هسيبكم واقوم امشي، انا مش عايز ارجع البيت متأخر، الصراحة يا رجالة الخوف مسيطر عليا، مش مطمن.
خاطر بيضحك:
ياجدع اجمد، ايه خايف منه انت؟ تبقى عيبة فى حقك لو تتغفل تغفيلة تجيب رقبتك.
رجب:
انت بالك رايق وبتهزر بقى، انا هقوم اتوكل علشان مش هرجع البيت فى الليالي، يعالم ايه اللى ممكن اقابله فى الطريق؟!
فعلا قام رجب وسابهم ورجع على بيته، الوساوس كلها فى دماغهم بتدور وبتلف وبرضو بعيد عن حواء، حواء اللى الحاج حسين مش سايبها هي وابنها، والست سعاد لسه بتجهز وبترتب رجعة حواء للدار بأبنها، لأن حواء رفضت تسيب ابنها يروح الدار مع الست سعاد من غيرها، رغم محاولات سعاد الكتير الا انها مقدرتش تسيطر على حواء وتاخد منها قادر.
الحاج حسين:
حوا يابنتي، انا مش عارف انتي فاهمة اللى بقوله ولا لاء؟! بس ابنك ده عايز رعاية انتي مش هتقدري عليها، لو عرفنا نسجله فى الوحدة دلوقتي بسبب حالتك دي واثبتنا والناس اتعاطفت معاكي، مش هنعرف نراعيه طول ما هو معاكي وفى حضنك، الولد ده عايز حد واعي يا بنتي.
حضنت حواء ابنها وابتسمت وهي بصاله، ردت بجنان اعتادت عليه من وقت اللى حصل، واتعود عليه الحاج حسين كمان:
قادِر، بتاعي انا، قادِر انا لواحدي بس.
الحاج حسين صعبان عليه حال حواء:
عارف فراق الضنا صعب، بس يابنتي الدنيا تخوف، انا خايف عليكي وعلى ابنك من الزمن اللى احنا فيه.
رددت حواء نفس الكلام تاني، غُلب معاها الحاج حسين لكن هي على نفس الحال، اتعلمت ازاي تخلي بالها من قادِر اللى بيكبر يوم عن يوم، استمر الحاج حسين على مساعدتها بكل الطُرق، فات شهر واتنين وحواء على حالها والناس ابتديت تزهق من الكلام عنها، الا لما بيشوفوها ماشية فى البلد بأبنها وحافية، يفضلوا يتهامسوا عليها ويسكتوا خلاص مبقاش فيه جديد…وقررت بعد الشهر التالت من الجريمة الاولى تنفذ حواء جريمتها التانية…والمرة دي كان الدور على خاطر، خاطر اللى كان راجع من سهرة حلوة مع بنت من البنات اللى قدر يكسر عنيها ويرعبها من انها تتكلم والا هتتفضح بين البلد كلها، سمعته حواء وهو بيقول للبنت اللى كان معاها عند الترعة اياها:
جدعة، اهو انتي كده محدش هيسمع عنك خبر، لكن يوم ما اطلبك وتتعززي عليا…هعرف افضحك ازاي، وانتي عارفة انا اقدر اعمل ايه؟
ردت عليه البنت بدموع:
حرام عليك يا خاطر، انا ذنبي كله اني عشقتك، ليه تأذيني كده؟ اذيتك فى ايه انا؟ بقى ده اللى استاهله منه بعد كل الحب اللى كان جوايا ليك؟
خاطر بيضحك وهو بيعدل هدومه:
انتي رخيصة يا سهام، البت اللى من بيت مأصل مينفعش تعمل اللى عملتيه، قابلتيني من ورا اهلك، عشقتيني وخونتي اهلك، كنتي بتكدبي عليهم وبتعرفي تخرجي وتجيلي، يعني انتي قادرة مش بريئة زي ما بتمثلي، والقادرة على الكدب قادرة على كل حاجة، فأنتي قادرة تقبلي الحال اللى بقينا فيه ده من غير ما تتكلمي كتير، والا اهلك هبعتلهم كل جواباتك والحاجات بتاعتك اللى كنتي بتديهالي علشان افتكرك بيها.
سهام بدموع:
من حبي فيك عملت كده يا خاطر، انت عاشرتني وعرفت ان انت اول راجل يلمسني، حرام عليك استرني.
خاطر:
قومي يابت ارجعي بيت ابوكي، ولا تحبي اخوكي يطلع يدور عليكي ويشوفك وانتي بالحالة الشينة دي؟
قامت سهام من على الارض بتنضف نفسها وهدومها ومشيت بدموع وذل وكسرة نفس هي السبب فيها، هي اللى من البداية استسلمت وخانت ورخصت نفسها واهلها، وغضبت ربها، لكن خاطر مش فى دماغه كل ده، هو كل اللى بيهمه انه يتبسط، يشرب السيجارة ويوسوسله شيطانه باللى ييجي على هواه، ودايما اللى على هواه هو الحرام، اتأكد ان سهام مشيت، طلّع سيجارة من جيب جلابيته ولعها ومشي على الترعة يدندن ويغني واخر روقان، وينفخ الدخان فى الهوا ويكمل غنا….مكانش عارف ان حوا شايفة كل حاجة وسامعة كل حرف هو قاله لسهام اخت رجب صاحبه….ههههههههه، ما هو افعل يا ابن ادم كما تشاء فكما تدين تدان.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جريمة في العلن)
التعليقات