رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل الثاني والعشرون
أهتم عبد الرحمن بسميرة اهتماما خاصا، أصبحت لا تفعل شيئا سوي الذهاب للعمل وتناول الطعام والنوم، كان يدللها وكأنه أول حمل لها، ورغم ذلك كانت دائما متذمرة متجهمة الوجه، كارهة لعبد الرحمن وكل ما يأتي منه، حتى أولادها حبيلة عبد الله كانت مشاعرها نحوهما جافة، ولا عجب من ميلهم الشديد نحو جدتهما، هي من ربت وأحبت واحتوت واحتضنت ورعت وسهرت ووجهت، وكثيرا ما ناما وهما صغارا في حجرتها وعلى فراشها.
فرحت عزة بالثروة التي جاءتها من السماء، وفكرت ماذا تفعل بها، فكرت في تأمين مستقبل بناتها، قررت أن تضع في دفتر كل واحدة مبلغ عشرة آلاف جنيه، وأن تخصص الخمسة آلاف الباقية لتجديد بعض الأجهزة بالشقة، وفور قدوم عمر أخبرته بزيارة خالها.
عمر بفتور: طب كويس، ألف مبروك، وتركها وانصرف في إشارة منه للتقليل من شأن ما تخبره به، كسر فرحتها حتى أنها تركت النقود على المائدة بلا اهتمام ونامت.
دخل عبد الرحمن الحجرة وهو يحمل كوبا من اللبن الساخن، وكالعادة تظاهرت سميرة بالنوم.
عبد الرحمن: قومي يا سميرة اشربي اللبن ونامي تاني.
سميرة: مش عايزة، لو شربت هاضطر أقعد شوية وأنا عايزة أنام.
عبد الرحمن: وماله أما تقعدي معايا شوية؟ انتي ما بتشبعيش نوم؟
سميرة: في إيه يا عبد الرحمن؟ قلت الكلمة دي مليون مرة، أنت عازف اني بأحب النوم.
عبد الرحمن: نامي زي ما أنتي عايزة، طالما جنبي وفي بيتي الدنيا وما فيها، بس عشان خاطري اشربي اللبن.
سميرة بفتور: حاضر.
عبد الرحمن: يحضر لك الخير يا رب.
سميرة: كدة أنا بقيت في الشهر التالت للحمل، هتخليني أروح أشوف نوع الجنين؟
عبد الرحمن: ليه؟ ربنا مدينا الولد ومدينا البنت، كل اللي ربنا يجيبه خير.
سميرة: كنت عايزة أعرف عشان أجهز اللبس والاسم.
عبد الرحمن: يعني هيتولد يلبس بدلة وإلا تلبس فستان؟ الأطفال في السن ده لبسها واحد، ولو على الاسم لو ولد هاسميه أحمد على اسم أبويا الله يرحمه، ولو بنت هاسميها عائشة.
سميرة: يعني أنا أتعب وأنت اللي تختار الاسم أنا عايزة أنا اللي أختار المرة دي.
عبد الرحمن: أنا كان نفسى أسمى عبد الله على اسم أبويا بس حلمت باسم عبد الله، وبعدين ابقي اختاري انتي المرة الجاية.
سميرة بلؤم: طب ما تسمي على اسم أبوك المرة الجاية.
عبد الرحمن: يعني انتي موافقة تخلفي تاني؟
سميرة: أخلف، هو حد يلاقي الدلع ده وما يخلفش.
عبد الرحمن باندفاع: عايزة تسمي إيه؟
سميرة: عمر، على اسم سيدنا عمر، أو الفاروق، انت عارف إني باحب شخصية سيدنا عمر.
عبد الرحمن: خلاص يا أم عبد الله لو طلع ولد نسميه عمر.
وفى الصباح كانت الثروة التي هبطت على عزة مادة دسمة لأحاديث اليوم كله.
سلوى مازحة: يعنى طلع لك خال في البرازيل؟
عزة: لا في الزقازيق.
مديحة: وورثتى كام بقى على كدة؟
عزة: خمسة وعشرين ألف جنيه.
سلوى: بس؟
عزة: حلوين، البيت انقسم على خالى وأربع بنات، ونصيب أمى الله يرحمها اتقسم عليا أنا واختى.
مديحة: وهتعملى بيهم إيه؟
عزة: هاشيل لكل بنت عشرة آلاف جنيه في دفترها، وأجيب غسالة اتوماتيك تريحني وبوتجاز.
مديحة: نفس الفكرة كنت هاقولهالك على الأجهزة، لكن من رأيي تجيبي بالفلوس دهب، الدفاتر تحت وصاية عمر انتي تضيفي بس لكن ممنوع لك تسحبي، يعني هو ممكن يسحبهم في أي لحظة.
عزك: وهو إيه وأنا إيه؟ يسحبهم، ياريته كان قال إمبارح إنه عاوزهم وأنا كنت اديتهم له.
سلوي: طب كويس أنه ما قالش عشان كان زمانى انشليت.
عزة: بعد الشر عليكى، عايزة وأنا خارجة أسأل على أحسن نوع وسعر كل جهاز في أكتر من مكان وأشوف أرخص تاجر أشتري منه.
وبعد جولة من البحث استغرقت اسبوعا اختارت عزة المكان الذي ستشترى منه وموديل كل جهاز، وبقى إحضار النقود للشراء، لكن حدث ما لم تتوقعه وجعلها تؤجل الشراء.
التعليقات