رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الخامس عشر
كان صوتها خافتاً مبحوحاً وضعيفاً! شيء في صدري قد تسبب في وخزة أدت إلى اثارة انزعاجي واضطرابي ولا سيما حين خمنت انها تجلس مستندة على الباب! ذلك الصوت قبل قليل كان لسقوط جسدها عندما أغلقت الباب فوراً بلا شك. هذه ال.
متهورة!
طرقت على الباب وسألتها على عجالة: يمكنكِ الابتعاد عن الباب؟
صوت أنفاسها واضح. كما لو تجاهد نفسها لتتنفس بعمق! هذا سيء. كيف من المفترض أن أتصرف!
لا يسعني كسر الباب ان كانت عاجزة عن الابتعاد عنه.
نظرت أسفل الدرج ومن حولي بتشتت، لا حل آخر.
علي التسلق والدخول عبر النافذة.!
تراجعت فوراً ونزلت الدرج بخطى واسعة، خرجت من المنزل من باب المحل وهرعت إلى الزقاق الجانبي أنظر إلى الأنابيب وقد نال التشتت مني أفكر ما ان كانت الأنابيب الصدِأة قد تتماسك دون ان تنكسر أو يسوء الوضع أكثر.
لا وقت لأفكر بهذا الشأن الآن، وضعت هاتفي في جيب بنطالي وبدأت أثبت قدمي على الحواف البارزة المتباعدة ثم بدأت أتسلقه، وكما توقعت كان صدئاً مهترئاً ولا أدري ان كان سيتحمل وزني حتى أصعد حيث نافذة الغرفة العلوية، استكملت صعودي احاول التوازن وما ان وصلت إلى النافذة حتى استندت بِكلا مِرفقاي بينما ادفع النافذة اضيق عيناي احاول النظر إلى الداخل.
لا يمكنني فتحها! موصدة من الداخل.
تباً هذا ما ينقصني الآن!
جزيت على أسناني اركز النظر إلى الداخل جيداً ولأن الستائر البيضاء الخفيفة لم تكن مُسدلة بالكامل على النافذة رأيتها تجلس على الأرض تسند ظهرها إلى الباب وتغمض عينيها! وجهها. متعرق بوضوح! شاحب ومتورد وبدت تتنفس بصعوبة بالغة!
تحركت يدي من تلقاء نفسها لأطرق على النافذة بقوة أحاول تنبيهها منادياً: يمكنكِ فتحها من الداخل؟ لا يمكنك التحرك اليس كذلك؟ حاولي فعل أي شيء! أنتِ!
تقطيبة صغيرة ظهرت بين حاجبيها وهي ترفع يدها التي ترتجف بوضوح لتمررها على رأسها وبدت متألمة!
ما الذي. أصابها!
كيف لي أن أدخل بحق الإله!
نظرت من حولي بإنفعال وحنق شديد ولم أجد ما قد يسعفني بل أنني بدأت أسمع صوت الأنابيب تنذرني بإمكانية تهشمها بسهولة في أي لحظة!
زفرت بنفاذ صبر وطرقت مجدداً على النافذة ثم مراراً وتكراراً: أعلم أنكِ متعبة ولكن حاولي الابتعاد عن الباب على الأقل!
كانت ثواني قليلة حتى رأيتها تجاهد لتفتح عينيها، تحركت مقلتيها الرمادية في الأرجاء بإنهاك ووهن جَلي وواضح جعل حركة عينيها بطيئة جداً حتى نظرت إلي! حينها طرقت مجدداً على النافذة وحفزتها: ابذلي جهدك! لا بأس لا تقفي بسرعة حاولي التأني!
عقدت حاجبيها وطرفت ببطء لتحرك جسدها وبالكاد تمكنت من ذلك، شجعتها مجدداً بصوت عالي: قليلاً فقط! ابذلي جهدك أكثر.
عاودت تحدق إلى قبل أن تضيع عينيها في الفراغ وهي تسند نفسها على الباب خلفها بينما تحاول الوقوف، ترنحت مرارا وتكرارا حتى وقفت واستقرت يدها على أكرة الباب تحاول فتحه فقلت فوراً أنبهها بينما أطرق النافذة: لا جدوى! افتحي النافذة او يمكنكِ الاستلقاء بعيداً عن الباب لأعود وأكسره!
مررت يدها مجدداً على صدغها قبل ان تتجه قدميها بعدم اتزان حيث النافذة، وكلما اقتربت كلما تفاجأت بمدى الشحوب والانهاك الذي يعتلي وجهها، بل أنها وضعت يدها على ثغرها كما لو. انتابها الغثيان فجأة!
عقدت حاجباي بإضطراب وطرقت أشجعها فظلت واقفة في مكانها حتى عاودت التوجه نحو النافذة، أخفضت ناظرها حيث مفتاح النافذة وبدت قوتها بالكاد تسعفها وهي تقوم بسحبه ورفعه لتفتح النافذة، قمتُ بدفعها بينما أنبهها: ابتعدي لأدخل.
ولكنها بقيت تحدق إلى الفراغ بشرود كما لو ان صوتي لا يصلها، دخلت بسرعة وعلى عجالة ولكنني سرعان ما أجفلت مدركاً أن قدمي تعثرت بالستارة دون ان أنتبه! لم تحتمل القطعة المعدنية التي تثبت الستارة هذا الوزن المفاجئ وقد انخلعت من مكانها!
حاولت الابتعاد عنها لئلا ادفعها بسبب تعثري ولكن. هذا ما حدث! سقطت على ظهرها كما لو كانت شيء شديد الهشاشة لا يقوى على الثبات والمصيبة انني لم أتوازن بسرعة وقد وقعت فوقها قبل ان تضرب القطعة المعدنية رأسي! تأوهت بألم وغضب امرر يدي على مؤخرة رأسي قبل أن أكتم أنفاسي أحدق إلى العيون الرمادية الباهتة المقابلة لي مباشرة.
ل. ليس الوقت المناسب على الإطلاق!
يُفترض أنني هنا للمساعدة.
ا. الجو خانق بشدة! خانق وحار جداً.
ولا سيما حين استوعبت انني لم أتحرك قيد أنملة منذ أن. وقعت فوقها! أنا الأحمق ما الذي أنتظره؟
بالكاد ابتلعت ريقي وقد شعرت بجفاف شديد في حلقي وانا أبتعد انتزع نفسي، زميت شفتي بقوة بالغة ومررت يدي على صدغي أحاول تهدئة نفسي، اهدئ لا وقت للتوتر هي منهكة وعليك التصرف كفاك سخفاً!، بقيت تستلقي على ظهرها قبل أن تغمض عينيها ببطء، تحركت على جانبها الأيمن وتكورت على نفسها لأسمعها تهمس بصوت مبحوح: أشعر بالغثيان.
تداركت الموقف وبحثت بناظري ما ان كان هناك زجاجة ماء حين تذكرت قولها قبل لحظات عن كونها تشعر بالعطش ولكنني لم أجد، أسرعت أتجه إلى الباب أحاول فتحه ولكن لم تفلح محاولاتي لذا بدأت أدفعه بكتفي بقوة، توقفت قليلاً عن المحاولة وسحبت سلة القمامة لأضعها بجانبها قبل أن أستكمل محاولاتي مجدداً.
لم يكن ذلك سهلاً سريعاً بسبب عطل القفل ولكنني في النهاية كسرته وعدت التفت خلفي أنظر إليها تستلقي على نفس وضعيتها السابقة دون حركة.
اقتربت منها وقد نال الإرتباك الشديد مني استوعب تكورها على نفسها لتبدو مجرد كائن ضعيف لا يقوى على الحراك!، ما الخطوة التالية بحق الإله! على أخذها إلى المشفى حالاً.
ولكنني.
كلتا يداي لا تتوقفان عن الارتجاف لمجرد التفكير أنه ينبغي على أخذها بنفسي!
لا أقوى على تخيل ذلك حتى.! جزيت على أسناني بقهر من نفسي أنصت على صوت أنينها وأنفاسها المتلاحقة! لا أصدق أنني أجلس بتردد مُحرجاً من التفكير بلمسها بينما تعاني وتتألم! على التوقف عن اهدار الوقت أكثر.
حرك يدك ما الذي تنتظره! ليست. المرة الأولى!
هي الفتاة الوحيدة التي قمت بلمسها لا شيء جديد تحرك!
ارتجف فكي رغماً عني ما ان لمست كتفها، ولكنني ذهلت بالحرارة الساكنة تحت أنامل يدي ولم أهدر ثانية أخرى حتى أدركت أنها استقرت بين ذراعي وأخذتها لأخرج بخطوات واسعة من الغرفة، نزلت الدرج على عجالة ولكنني تعثرت رغماً عني بسبب خطواتي المرتبكة! فقدت توزاني بالفعل ولكنني أبقيتها بين يدي ومع ذلك وجدت نفسي أجلس على الأرض أستمر في لعن نفسي دون توقف! إلى أي مدى أنا متوتر! هي حتى خفيفة إلى درجة أنني أشعر كما لو كنت أحمل لاري بين يداي ومع ذلك. وفي الوقت آنه هناك ما يرغمني على الشعور أنني أحمل ما يزيد عن عشرات الأطنان!
مهلاً.
لاري!
صحيح. أنت تحمل لاري وحسب!
الأمر سهل جداً تماسك وابذل جهدك!
هذا ما كنت أردده في نفسي وقبل أن أنوي الوقوف عقدت حاجباي أنظر إلى الجسد الواقف في نهاية الدرج وقد صعد للتو ليقول بجمود قف مكانك
ما الذي.
يحدث!
رجل شرطة؟
عقدت حاجباي أحدق إليه بعدم استيعاب في حين تقدم بل ورفع مسدسه أمامي يوجهه نحوي وصاح بي بحزم: أترك الفتاة وشأنها حالاً.
لحظة.!
نظرت إليه أطرف بتدارك قبل أن أتفاجئ بمن صعد الدرج خلفه وقال بحزم يتحدث إلى جهازه اللاسلكي: وصلنا إلى الموقع، فتاة فاقدة للوعي تبدو في حالة من الإعياء، أحضرو سيارة اسعاف حالاً…
تمتمت بإستنكار شديد: جيمس!؟
زفر الهواء بإنزعاج وأشار إلى الشرطي الذي يوجه سلاحه نحوي: أخفض سلاحك هينري ولا تتهور، وأنت اترك الفتاة جانباً.
ما ان انهى كلماته حتى شعرت بما جعلني انسلخ رغماً عني عن واقع وجودهما أمامي!
قبضتها أحكمت التمسك بقميصي وقد أسندت رأسها على صدري متمسكة بي بقوة.
ه. هذا. أصعب شعور مررت به يوماً واللعنة الهواء على وشك أن ينفذ سأتنفسه ولن أبقي ذرة هواء واحدة!
شيء بين أضلعي لم يعد ثابتاً في مكانه الصحيح! تحرك وأضاع طريقه عاجزاً عن العودة حيث كان!
أنتَ دافئ. ريتشارد
ماذا!
ريتشارد؟
قطبت جبيني ونظرت إلى قبضتها التي لا تزال تتمسك بي قبل أن أحكم إغلاق فكي.
تتفوه بإسم رجل في حالتها هذه. ومن يكون هذه المرة! في البداية بينديكت والآن ريتشارد؟ من الذي تتم خيانته تحديداً! هل يعلم بيندكت بالأمر؟ بل هل يعلم ريتشارد أنها قبلتني بينما تواعد بينديكت؟ وهل يعلم أصلاً المدعو بينديكت أنه بديل لريتشارد! وهل يعلمان الإثنان بما فعلته بي!
الحمى لا تسبب الهلوسة فقط بل تكشف الأسرار الدفينة! هذا أسوأ من أسوأ شيء توقعت سماعه! ما خطب هذه الفتاة تحديداً؟
هل تتجاهلنا يا هذا! اترك الفتاة وشأنها
صاح بي الشرطي المدعو هينري فقلت بجفاء: كنت أخطط لإسعافها. سأخذها إلى المشفى لا وقت أهدره!
كفاك كذباً لقد وردنا بلاغ يشير إلى اقتحامك المنزل عبر تسلق الأنابيب!
إنه منزلي!
اخرس واتركها لن أكرر هذا مجدداً!
وجه سلاحه أمامي مجدداً فرمقته بحدة، هذا الوغد لم يتردد في اشهار سلاحه أمامي ربما من الأفضل أن أتصرف بهدوء وأتركها جانباً بالفعل من يدري ما قد تكون عليه ردة فعله إن جادلته، لا يجب أن أنسى أنها بين يداي الآن ومن الخطر مجادلته!
لم يكن الوقت مناسب ولكنني. تسمر ناظري على ملامحها كما لو أنني أجرؤ على ذلك الآن بينما هي فاقدة لوعيها. تبدو تلك التقطيبة التي ظهرت بين حاجبيها طفولية بطريقة ما. تكورها على نفسها يجعلها ضعيفة. عاجزة عن التصرف بثبات وتعالي. غير قادرة على فتح عينيها والنظر إلى ببرود وتسلط أو بلا اكتراث.
أجفلت منتفضاً في مكاني حين تسارعت أنفاسها أكثر ولامس الهواء الساخن عنقي فأسرعت أبعدها وتركتها على الأرض برفق قبل أن أمرر يدي على عنقي وأشيح بناظري بعيداً.
وكانت ثانية فقط حتى تفاجأت بالشرطي الذي دفعني على الأرض بشكل مفاجئ وقبل أن أدرك سحب يدي التي لا تتوقف عن الارتجاف للخلف واستقرت الأصفاد حولها لتكبلها! صرخت بغضب: هل جننت! لماذا تقبض على بحق الإله أخبرتك أنه منزلي ألم أفعل!
تجاهلني وقال يحدث جيمس: لا تبدو الفتاة بخير!
ثم قال بجدية: قلتَ بأنك تعرف هذا الموقع جيمس! هو رجل سوابق إذاً!
أجابه بهدوء: إنه منزل هذا الش.
ما كان يخطط له واضح جداً! إن كان منزله فلماذا تسلق الأنانبيب جيمس؟ هذه الفتاة كانت محتجزة هنا فكر بالأمر! لقد كانت تحاول الهرب منه وربما كان مضطراً لتسلق الأنابيب عندما حبست نفسها في الغرفة!
أعقب بشك: وان كان منزله حقاً فهذا يعني أنه يموه جرائمه مستغلاً محل الحلاقة بالأسفل لإبعاد التهم لئلا يثير الريبة!
حاولت تحريك يدي منزعجاً من القيود ونهرته بغيض أحدق إليه بغضب: فقط لو تسنح لي الفرصة أنا أقسم بأنني لن أتوقف عن ركل وجهك! لقد كانت بالفعل محتجزة ولكن بسبب عطل في الباب لذا توقف عن اللغو بتحقيقاتك أيها المستجد الفاشل وأسعفها إلى المشفى!
اتسعت عينيه بغضب: من الذي تدعوه بالمستجد!
تمتم جيمس ببرود: تجاوزتَ نعتك بالفاشل؟
اقترب الوغد هينري ووقف أمامي بحزم: ستعترف بحقيقة جريمتك التي لم تكتمل في مركز الشرطة. سنرى هناك من منا سيلكم الآخر.
جادلته بنفاذ صبر: متى ستصل الإسعاف تحديداً هي في حالة سيئة افعل شيئاً!
أغلق فمك وإلا فرغت طلقات المسدس فيه، فتاة مسكينة ضعيفة تم استدراجها إلى هنا، أنا أقسم بأنك ستدفع ثمن فعلتك بها!
علق جيمس بهدوء: لا تتسرع وتقفز باستنتاجاتك، رأيتُ هذه الفتاة مرتين مسبقاً ربما تربطهما علاقة ما الآن لذا كن هادئاً، قد يكون هذا الشاب الأكثر تسبباً في المشاكل في هذا الحي وزائر مخضرم يتكرر على مركز الشرطة ولكنني أشك في أنه ينوي ارتكاب جريمة في الجنس الناعم فكل مصائبه كانت متعلقة بالرجال.
نظرتُ إليها وقد كانت لا تزال تتعرق وتلهث، انزعجت بشدة لأسأل جيمس: ما الذي تنتظره لنأخذها إلى المشفى لا وقت نهدره! ماذا لو تأخرت الاسعاف؟ تحرك جيمس افعل شيئاً!
صاح بي المدعو هينري بحزم: اخرس ولا تتظاهر بالقلق وتحدث إلى جيمس باحترام من تظن نفسك! رفيقه؟
بدلاً من مواصلة اتهامي تحرك وافعل شيئاً هي بالكاد تلتقط أنفاسها لماذا علينا انتظار سيارة الاسعاف بينما نستطيع استغلال الوقت! انزع هذه الأصفاد وسأكون متواجداً في مركز الشرطة بنفسي ولكنني بحاجة إلى أخذها إلى المشفى حالاً!
تحرك وجثى أمامي ليقول بجفاء: سمعتَ للتو بوضوح أن سيارة الاسعاف في طريقها لذا لا تتفوه بحرف آخر.
حدقت إليه بغضب وحنق فتدخل جيمس يوجه حديثه إلى بينما يقترب منها جاثياً أمامها: اهدئ والتزم الصمت، أنا لا أقوم بتبرأتك الآن فلا تنسى ان سجلك ليس نظيفاً.
تحسس عنقها بأصابعه بجدية يتفقد نبضها على ما يبدو قبل أن يضع يده على جبينها، عقد حاجبيه ثم سرعان ما أمسك بجهازه اللاسلكي وقال بهدوء: أسرعوا إلى الموقع المحدد تحتاج الفتاة إلى العناية الطبية، نبضها متسارع وحرارتها مرتفعة.
قول ذلك بصريح العبارة جعلني أحدق إليه وقد انتابني. خوف وقلق أرغمني على أن أطبق فمي تماماً! ما الذي أوصلها إلى هذه الحالة!
لم تبدو على ما يرام منذ الصباح ومع ذلك خرجت للعمل.
هي تعيش في منزلنا ومع ذلك. لم أتحمل المسؤولية بالشكل اللازم!
كان على فعل شيء آنذاك! كنت أعلم أنها تبدو شاحبة غير طبيعية ومع ذلك لم أتدخل. عضضت على طرف شفتي بقهر وأشحت بناظري عنها حتى تهاوى على مسامعي صوت سيارة الاسعاف يصدح في الأرجاء.
استمريت في التحديق إلى قدماي بصمت.
كنت أهزها بخفة وأدك بها الأرض وقد أتلفت الحركة من حولي في كل مكان أعصابي بشدة، طوارئ المشفى مزدحم وفي حالة فوضوية، أعتقد أنه يوجد حادث في وسيلة نقل جماعية فلقد رأيت عدة مصابين في آن واحد يتم دفعهم على الأسرة قبل لحظات وقد أدخلو إلى قسم الطوارئ المجاور.
رغبت في رفع يدي لأمررها على رأسي منزعجاً ولكنني استوعبت أمر الأصفاد التي لا زالت تكبلها، ذلك الوغد هينري.
لم أتوقف عن الاحتجاج حتى اضطر جيمس لتغيير وضعية يدي وقد ظننته سينتزع هذه الأصفاد ولكنه قام بتصفيدها للأمام بدلاً من الخلف نحو ظهري. اللعنة على الجميع!
ومع ذلك مررت يدي في شعري بعصبية حتى انتبهت لمرور ممرض وممرضة يحدقان إلى يداي بإرتياب ليسيرا بخطى سريعة.
رائع. المزيد من الفضائح المجتمعية.
تنهدت بعمق وأعدت رأسي للوراء بلا حيلة.
لماذا تأخر جيمس والآخر هينري في الداخل! استدعتهما الطبيبة إلى الداخل ويبدو أنها تحفظت بشدة فلقد رفضت الحديث أمامي!
مضى على دخولهما إلى غرفتها وقت طويل بالفعل.
هل هي بخير؟ ساءت حالتها؟
لا يجب أن يحدث هذا!
سمعت صوت فتح الباب المواجه لي فأسرعت أنظر للأمام أحدق إلى جيمس الذي خرج من الغرفة، وقد استنكرت التعبير المليء بالجمود على وجهه أثناء تحديقه إلي!
وقف أمامي مباشرة فوجدت نفسي قد هممت لأقف فوراً وسألته: ما هي حالتها الآن؟
نظر إلى بتمعن شديد قبل أن يقول بجمود: أعلم أن منزلك لا يضم سوى الرجال، هذه الفتاة رأيتها مرتين ولكن من تكون تحديداً وما علاقتها بك؟ رغبت في عدم الشك بك منذ البداية ولكنني سأضطر لأخذك للإستجواب. تحرك.
استجواب؟
دفع ظهري يرغمني على التحرك ليقول بجمود: إلى مركز الشرطة.
توقفت والتفت نحوه بحزم: ليس قبل أن تخبرني عن حالها!
بدى سيجادلني لولا أن أن خرج هينري وانتبه لنا، اقترب وقال بحزم: تحرك ولا تجادل.
ضاقت عيناي وقد تمكن الغضب مني: لن أتحرك قيد أنملة حتى تخبرانني والآن ما ان كانت بخير!
فتح فمه ليصرخ ولكن جيمس استوقفه بحزم: لا تبدأ هينري نحن في مشفى، وأنت. إن أردت معرفة حالها فتعاون معنا وتحرك.
نظرت إلى جيمس بجمود، وقد تحركت قدماي لأقلص المسافة بيني وبينه وحدقت إليه مباشرة لأهمس بتحذير: قلتُ للتو. أنني لن أتحرك قيد أنملة.
جمدت ملامحه يحدق إلى بجمود قبل أن يشيح بوجهه ويزفر بنفاذ صبر: أنت متورط في مسألة تعنيف هذه الفتاة، تقدم المشفى ببلاغ بعد فحصها وأنت وحدك المشتبه به لذا تحرك ولا تهدر الوقت.
اتسعت عيناي أبادله النظرات بتفاجؤ في حين تدخل هينري بجفاء: ماذا؟ تدعي الذهول؟ حدسي كان في محله لديك وجه قاتل متسلسل تحرك هيا وإلا طلبت الدعم من المركز.
تجاهلته وسألت جيمس بجدية: يمكنني رؤيتها؟
أتى جوابه فوراً: غير مسموح.
أريد فقط. أن أتأكد بنفسي ما ان كانت بخير!
ستعرف في المركز.
جيمس. هذه الفتاة مسؤوليتي أجبني فقط إن كانت على ما يرام ولن أمانع الذهاب معك توقف عن المماطلة! اللعنة لماذا كل هذا التبلد أخبرني حالاً أو اسمح لي بالدخول ل.
ليست على ما يرام. هل تفي بالغرض هذه الإجابة؟
توقفت حركة الناس من حولي وقد تعلقت عيناي على جيمس يتردد صدى كلماته في أذني.
تقدم المشفى ببلاغ. يعني أن حالتها سيئة. أسوأ مما ظننت!
ما الذي مرّت به تحديداً!
حين احتدت عينا جيمس بترقب تدخل هينري ودفع ظهري يرغمني على التحرك: لا تقف مدعياً للبراءة تحرك.
تحركت بشرود أحدق إلى أرضية المشفى وكذلك تحرك جيمس معنا بل وتقدمنا بخطى واسعة، لفت انتباهي جسد يتحرك نحوي فرفعت ناظري لأتوقف عن الحركة أحدق إلى من تهرول بخطوات سريعة وشعرها الأشقر القصير يتناثر حول وجهها!
عقدت حاجباي بحيرة شديدة في حين نظرت إلى بإضطراب وتساءلت لاهثة: هل كتاليا على ما يرام؟
نفيت برأسي بعدم استيعاب: أنتِ. لماذا أنتِ ه.
هل هي بخير؟ في أي غرفة هي؟
تساءلت بإنفعال فتدخل جيمس بهدوء: من تكونين؟ هل أنتِ صديقة الآنسة كتاليا؟ تعرفينها؟
أومأت فوراً تعقد حاجبيها وقد كان وجهها متعرقاً بشدة ولازالت تلهث بينما تجيب بأنفاس متقطعة: نعم، إنها صديقتي! من فضلك أريد رؤيتها.
رمقها بتمعن قبل أن يشير إلى الغرفة فلم تنتظر للحظة وإنما تحركت فوراً، لاحقتها بعيناي بإستغراب شديد ولم أكد أستوقفها حتى وجدت نفسي أمشي معهما لأخرج من المشفى.
كانت فاقدة لوعيها ولم تأخذ هاتفها معها فكيف علمت هذه المدعوة روز بوجودها هنا؟ هل يعقل أنها.
تراسلت معها قبل أن تفقد وعيها؟ هل كانت تتحدث معها؟
ضرب الطاولة بقبضته بإنفعال وصرخ بنفاذ صبر: كفاك مراوغة وتحدث! ما هي حقيقة علاقتك بالآنسة كتاليا؟ لماذا هي في منزلك!
واصل هينري صراخه في غرفة الاستجواب المغلقة، تنهدت بعمق ونظرت إلى يساري حيث المرآة الكبيرة المعلقة على الحائط، حدقت إلى انعكاسي وقلت بجفاء: جيمس هل تراقبني من خلف هذه المرآة؟ ان كان الأمر كذلك فتعال إلى هنا وخذ هذا الرجل بعيداً عن وجهي، صوته مزعج واسلوبه مستفز أنا لن أحتمله دقيقة واحدة.
رفع هينري حاجبيه للحظة قبل أن يقف والتف حول الطاولة، وقف بجانبي يستند بيده اليسرى على الطاولة وقرب وجهه محذراً: تعاون معي إن كنت تبحث عن الاجابات للأسئلة التي لم تتوقف عن طرحها. أنت هنا ليتم استجوابك وليس لتطرح أسئلتك.
رمقته ببرود أتمالك نفسي.
أريده أن يغرب عن وجهي وحسب، لست في مزاج يسمح لي في سماع اسئلته اللامتناهية! أريد أن يخبرني الآن ومباشرة عن تفاصيل ما تم رفعه لإدارة المشفى لتقدم بلاغاً بشأن تعرضها للتعنيف!
فُتح الباب فالتفت كلانا، لم يكن سوى جيمس الذي دخل ممسكاً بكوب قهوة سريعة التحضير وبعض الاوراق في يده الأخرى وقال بهدوء يشير إلى هينري: انتظر في الخارج، سأتولى الأمر.
اعترض هينري: ما الذي تقوله جيم.
يوجد قضية أخرى مع الفريق الجنائي، انضم إليهم في التحقيق. هم بحاجة إلى المزيد من عناصر الشرطة.
بدى هينري مفعما بالحماس فجأة وقد ردد: قضية جديدة إذاً، سأترك هذا الفتى بحوزتك، أعتمد عليك، انصف تلك الفتاة المسكينة جيمس!
سايره يومئ برأسه وما ان خرج حتى تقدم جيمس ووضع الكوب أمامي، بل واقترب يخرج من جيبه مفتاحاً للأصفاد وقام بتخليص يدي منها وقال بهدوء: اشرب القهوة وامنحني سمعك.
نظرت إلى الكوب وتجاهلت أمره بينما أمرر كلتا يداي على الأخرى أحاول تخفيف الألم المزعج والأثر الذي تركته الأصفاد الضيقة حول رسغي.
جلس مقابلي والقى بالأوراق أمامه ينظر إليها: اعتدت القبض عليك نتيجة الشجارات العنيفة الغير مبررة التي تخوضها في الحي، ولكن الأمر مختلف تماماً هذه المرة.
أعقب بجمود يحدق إلى بتمعن: عندما رأيت هذه الفتاة أول مرة كان من الواضح أنك لا تعرفها، الصورة التي تكونت في ذهني كانت حول كونها مجرد فتاة منحرفة جريئة مستعدة لتتبعك أينما تذهب، لماذا كانت في منزلك تحديداً؟ هذا لا يتماشى مع شخصيتك.
هل ستجيب ما أواصل سؤالكم بشأنه؟
يعتمد على تعاونك.
زفرت وأسندت مرفقي الأيمن على الطاولة: هي تعيش في منزلي.
بصفتها من؟
بصفتها. كيف أقول هذا! يمكنك القول أنها. أ.
تلعثمت أبحث عن الاجابة الأنسب! ليأتي سؤاله التالي فوراً دون ترقب: لماذا لا يوجد في المنزل أي شخص من أفراد العائلة؟ لماذا كنت المتواجد الوحيد؟
لكل منهم أمر يقوم به.
أعقبت بجدية: ان كان الوضع بهذه الجدية وترغب مني التعاون معك فأخبرني على الأقل عما يحدث ل.
ما الأمر الذي يقوم به كل منهم؟
والدي وأخي الأصغر ذهبا لزيارة جار قديم، أخي الأكبر يعمل في وردية مسائية، الأوسط في مسابقة علمية اقليمية! تباً جيمس أنت تستفزني لنتوقف وحسب!
لنعد إلى السؤال السابق، ما هي علاقتك بها؟ تعيش في منزلك بصفتها من؟
كيف لي بحق الإله أن أجيب على هذا السؤال! وماذا أقول له؟ انها لم تتوقف عن عنادها وابتكرت عشرات الحيل لتنفذ خططها! أو أنها مصورة تدير جلسات التصوير التي أقوم بها؟ أو مديرة أعمالي كما ذكرت بنفسها؟ حتى لو كانت الاجابة احداهم ولكن. هل سيكون هذا مقنعاً له! يبدو أنني تورطت في أمر معين ويرفض التحدث حتى يتصيد المعلومات بطريقته!
إنها. زميلة عمل.
استغرقت وقتاً لتجيب.
أعقب يرخي ظهره للخلف على الكرسي يضرب سبابته على الطاولة: لماذا قد تعيش زميلة عملك في منزلك.؟
الموضوع معقد. هي مضطرة لذلك! يوجد بعض المصالح المشتركة بيننا ويبدو أنها بحاجة إلى مكان تقطن فيه.
حدق إلى يدي تحديداً إلى رسغي حيث تركت الأصفاد أثراً عليه، ثم ضاقت عينيه قليلاً قبل ان يقول: شمر عن أكمام قميصك إلى مرفقك.
رفعت حاجبي الأيسر بإستنكار ومع ذلك خضعت لأنهي هذه المهزلة باسرع وقت ممكن، حينها كشفت عن الخدوش التي تعرضت لها جراء اصطدامي بالرصيف فتمتم ببرود: ما مناسبة كل هذه الخدوش.؟
حادث بسيط.
لا تبدو قديمة، متى حدث هذا؟
هل.
يشك في أنني تعرضت لها نتيجة مقاومتها إياي بينما أقوم بتعنيفها؟ هل يعتقد أنني من يقوم بذلك! لا يمكنه أن يكون جاداً!
تعرضت لها بينما أقود دراجتي قبل يومين فقط، وهذه الفتاة كانت برفقتي ان كان هذا ما تود التأكد منه. صحيح أنا لم أبلغ بعد عن وغد متحرش رغب في الاعتداء عليها سأريك لاحقاً صورة رقم الأجرة التي يقودها.
جمدت ملامحه متسائلاً: لماذا لم تبلغ آنذاك؟
إنه. يشك بي أكثر.!
كان الوقت متأخراً واضطررت لإيصالها في طريقي لقد نسيت الأمر.
نسيت أن تبلغ بشأن رجل متحرش. هل من المنطقي أن ينسى المرء أمر مماثل!
يمكنك سؤالها بنفسك لتقطع الشك باليقين.
قلتها بسخرية جافة بينما أنزل كم قميصي فتساءل: ما غرضكم من ابقاءها في منزلكم؟ ما المقابل؟
قصة طويلة.
عندما تعرضت لحادثة الدراجة هل أصابها مكروه؟
لا. لم تكن معي في هذا الوقت لقد كنت في طريقي إليها.
هل تعرضت لأذى مسبق؟ هل كانت تشكو من أي شيء؟
يضيق صدري كلما طرح سؤالاً تلو الآخر وقد تساءلت في نفسي عن حالتها الفعلية!
كدت أجيبه لولا أن استكمل حديثه: لديها ارتجاج ولا يبدو أنه حدث منذ فترة طويلة.
ارتجاج! هل يعقل أنه ارتجاج من ذلك اليوم عندما تشاجرت مع كيفين!
واللعنة ألم أخبرها ان تذهب إلى المشفى لتتأكد ما ان كانت بخير؟ هل هذا ما سبب لها الغثيان! لابد وأنه السبب. سحقاً لماذا هي مهملة إلى هذه الدرجة!
ضربت بأناملي على الطاولة بنفاذ صبر وعصبية ووجدت نفسي أمسك بكوب القهوة بلا هدف معين بينما أزمجر بحزم: تلك الغبية. أخبرتها أنه من الضروري التوجه إلى المشفى لإجراء فحص!
متى حدث هذا وكيف.
ها أنا أقدم له نفسي على طبق من ذهب الآن. احنى جذعه قليلاً وهو يقترب من الطاولة وينحني للأمام فقلت بهدوء: حدث هذا بالخطأ، كنت أتشاجر مع أخي عندما تلقت هي الضربة.
لم يبدي ردة فعل واحدة.
بقي يحدق إلى للحظات مطولة فحدقت إليه مباشرة بهدوء وترقب.
زفر بتهكم ووقف متكتفاً: تعرضت لخدوش في مرفقك بسبب حادثة أثناء رغبتك في مساعدتها، ولم تبلغ عن المتحرش في اليوم نفسه، تشاجرت مع أخاك وتعرضت هي لضربة عن طريق الخطأ؟ ولم تقم بالذهاب إلى المشفى لتطمئن على رأسها؟ همم. أمر مثير للإهتمام ومليئ بالمصداقية!
اقترب مني وانحنى قليلاً يستكمل حديثه بنبرة خافتة محذرة بوعيد: هل ظننت أنك تتحدث مع طفل في الابتدائية؟ أي نوع من المبررات هذه!
حافظت على هدوئي قدر المستطاع عندما علا صوته مزمجراً: توقف عن الكذب والمراوغة ولا تهدر وقتي ان كنت ستتحدث في حجج غير منطقية أين تعتقد نفسك أنت في مركز شرطة هل تعي هذا.!
جادلته بحزم: لم أختلق أي كذبة! كل ما قلته كان حقيقة.
ضاقت عيناه وصاح مهدداً: اعترف دانيال انت في موقف سيء بالفعل ولا شيء يقف في صفك! لقد تحرينا في هويتها، لماذا ابنة رئيس مدينة إعلامية قد تعيش في منزلك أنت من بين الجميع؟ ما الذي يدفعها للإستقرار في منزلك تحديداً! هناك أمر خاطئ والشكوك تتمحور حولك وحدك!
نال الغيظ مني وقد قلت بحدة: ما الذي تشير إليه! هل أنا من يرغمها على العيش في منزلي؟ هل أحتجزها؟ رأيت بنفسك أنها من كانت مفعمة بالحماس منذ البداية وطاردتني أينما ذهبت فكيف تتهمني الآن ب.
أردت ان استبعدك ولكن جميع الدلائل تشير إلى تورطك أنت أو أحد أفراد عائلتك بالأمر لذا كن متعاوناً وأخبرني الآن. من منكم المسؤول عن الرضوض والكدمات في جسدها، من منكم المتسبب في الرضة القوية في كتفها ومن تحديداً الذي ضربها على رأسها بقوة مسبباً ارتجاجاً تعرضت له منذ فترة. أجب!
أغمضت عيناي أجز على أسناني وأمنع نفسي من مجادلته بصعوبة بالغة.
أعلم منذ الوهلة الأولى التي ظهرت فيها مليئة بالكدمات أنها كذبت بشأن تلك الحادثة السخيفة! أعلم هذا جيداً.
ولكن.
لماذا تستمر في التزام الصمت! إن كان هناك من يعنفها فلماذا اختارت أن تصمت! هي لا تبدو من هذا النوع حتى!
ان كان والدها رجل ذو مكانه مرموقة فلماذا تستمر هذه المغفلة في التكتم على الموضوع! مالذي. تفكر فيه؟
نظرت إليه حين استكمل حديثه بجمود: كتاليا آرثر فريمان، مصورة في مجلة تبتكر وتروج وتصمم الألعاب الرائجة، امرأة ناضجة في الرابعة والعشرون تعمل في مكان مماثل وتكون ابنة رجل مثل آرثر فريمان. ستختار أن تعيش في منزلك؟ هل ستستمر في الكذب طويلاً!
لطالما راودني السؤال نفسه.
لا تبدو وكأنها تفتقر إلى المال أو الحلول الأخرى ومع ذلك. اختارت أن تصر على العيش في منزلنا وقد وافق أبي فوراً.
تزامن ذلك مع تعرضها للتعنيف فقط.
لم يحدث قبل ذلك!
تلك المرة أوصلتها إلى شقتها وقد كانت في عمارة شاهقة في حي راقي فهل ستتركها مدعية ان عطل في الفرن قد أصاب الشقة بأكملها بسوء؟ لن تذهب إلى منزل عائلتها أو مكان يعنيها؟
عندما اختفت تلك الليلة حين كانت برفقة لاري.
قال المدعو آرنولد أنها بدت في حالة سيئة، اين كانت حينها! ما المكان الذي قصدته تلك المرة؟
حين تعرضت للتعنيف في المرة الأولى اختارت منزلي، وفي المرة الثانية. غادرت منزلي.
لماذا؟ ما الفرق!
من الذي.
تهرب منه؟
وأياً يكن ما يحدث بينهما.
هل هذا السافل يستمتع بإيذائها ببساطة وكأن شيئاً لم يكن؟
لن يكون المدعو ريتشارد، لن تتفوه باسم شخص في أضعف حالاتها إن كان يتسبب بإيذائها فهل من المعقول انها تواعده؟ اذاً من بينديكت!
تأففت حين لم تبلغ تساؤلاتي وجهة محددة ونظرت إلى جيمس بجدية: كنت أعلم أنها تتعرض للأذى منذ فترة ولكنني لم أتدخل، يمكنك سؤالها والتأكد بنفسك عندما تستعيد وعيها. بحق الإله أنا لا أجرؤ على لمسها فكيف سأعنفها حتى!
لمحت شبح ابتسامة ساخرة على ثغره وهو ينفي برأسه هازئاً: سجلك حافل بالانجازات العظيمة، والأوراق أمامي تثبت كل بياناتك، ولا سيما الديون التي تثقل عاتق عائتلك. اليس سبباً كافياً؟
لا فائدة لن يقتنع.
زفرت بلا حيلة أشيح بوجهي: افعل ما شئت، خذني إلى الحجز أريد أن استرخي لا فائدة سيجنيها كلانا من هذا الهراء. أخبرتك بالفعل بكل ما حدث ولكنك لن تصدقني فكيف أعساني أقنعك! افعل ما شئت.
طُرق الباب ثم فتحه أحد رجال الشرطة، دخل متجهاً فوراً إلى جيمس وقد همس في أذنه ببضع كلمات حتى تغير التعبير الذي يعتلي ملامح جيمس بطريقة غريبة وبدى مستنكراً بشدة ينظر إلى الشرطي بعدم استيعاب.
بل وألقى على نظرة استنكار قبل أن يقول له يعقد حاجبيه: فهمت، يمكنك الخروج.
عندما خرج الشرطي تحرك جيمس وأخذ الأوراق من على الطاولة ليقول لي بجمود: يُمكنك المغادرة.
ه. هاه!
ما هذا فجأة!
نظرت إليه بعدم استيعاب: مهلاً ما الذي.
ولكنه تحرك ليخرج وحينها دخل رجل الشرطة الذي كان قد دخل للتو وقال لي بهدوء: سأرافقك، تحرك.
يمكنني المغادرة وفجأة؟
رغم أنه لم يقتنع بكل ما قلته؟
نظرت إلى انعكاسي في المرآة بجانبي بإستنكار وتشتت.
المغادرة دون حجز أو شروط أو جزاء معين. هناك أمر.
خاطئ!
كتاليا:
خدر مميت يَسري في جسدي. حرارة غير طبيعية تغلي في رأسي! سخونة تجري في عروق دمي وآلام شديدة تتخلل كل قطعة من عظامي من رأسي حتى أخمص قدماي.!
أفلت أنين من بين شفتاي رغماً عني عندما حاولت تحريك جسدي وقد بدى وكأنه مهشم أسفل صخور سفوح الجبال التي ارتطمت في الأرض بقوة هزت الأرض، فتحت عيناي بصعوبة بالغة وما ان فعلت حتى استشعرت كماً هائلاً من الصداع الذي يضغط صدغي ويكاد يمزقه.
نظرت إلى السقف. وبأقل من ثانية ودون الحاجة إلى تفحصه بتمعن أدركت أنني في المشفى، تنهدت بلا حيلة ولكنني سرعان ما أجفلت لحركة أسفل يدي اليمنى.
أغمضت عيناي بإنهاك واستغرقت وقتاً حتى عاودت أبصر من حولي أنظر تحديداً إلى يدي اليمنى.
روز!
منذ متى؟
تستلقي نائمة على الكرسي وتحني جذعها لتستند على السرير وتخفي وجهها بين ذراعيها تتنفس بإنتظام.
لحظة.
كُنت متعبة جداً ولا أدري ما الذي حدث لي! كم الساعة الآن؟
بحثت بناظري ولكنني سرعان ما تسمرت في مكاني أستوعب أشعة الشمس القادمة من النافذة الزجاجية!
حلّ الصباح! نمت طوال هذا الوقت؟ هل فقدت وعيي أو انني استغرقت في النوم أنا لا أتذكر شيئاً!
هل أحضرني دانيال إلى المشفى؟
ضاقت عيناي أحاول تذكر ما مررت به. كنت متعبة إلى حد عجزي عن الحركة!
لم أكن أقدر على تحريك قدماي حتى.
ولكنني أتذكر جيداً أن جسدي انزلق فجأة وخارت قواي لأجلس مستندة على الباب وقد سمعت صوته خلف الباب، وبعدها أراد الدخول من النافذة.
نعم. تحركت بصعوبة لأفتح له النافذة!
ثم ماذا؟ لماذا عقلي مُشوش لما حدث بعدها؟
هل أخذني مباشرة إلى المشفى بعد ذلك!
أخفضت ناظري نحو روز مجدداً، كانت نائمة بعمق ولكن الوضعية التي تنام بها كانت مؤذية بلا شك لعنقها.
اعتدلت قليلاً لأجلس محاولة بكل جهدي لأسند ظهري، تنحنحت وقلت بصوت مبحوح محاولة إيقاظها: روز، سيؤلمك عنقك استيقظي واسترخي في شقتك.!
جفنيها مرتخيان بشدة.
أنفاسها منتظمة.
رفعت يدي أسحبها من تحت يدها ببطء، ثم مررتها على شعرها أحدق إليها بشرود.
لابد وأنها نامت طوال الليل.
لحظة. كيف أعلمها دانيال بالأمر؟ هو لم يأخذ هاتفي صحيح؟ ولكن يوجد رمز قفل عليه! هل كانت روز من اتصلت بهاتفي وقد أجاب عليها؟
تنهدت بعمق وربت على رأسها أحاول ايقاظها: روز، ستترهل بطنك ان بقيت تستلقين بهذه الطريقة ماذا لو بقي ديفيد يسخر منكِ حينها! أنتما تبحثان عن أعذار سخيفة لتتشاجران كما تعلمين.
عقدت حاجبيها وقد وصل صوتي إلى مسامعها، ثواني فقط حتى فتحت عينيها بنعاس قبل أن تعتدل فوراً لتنظر إلى بإستيعاب.
حينها سألتني فوراً تعيد خصلات شعرها القصير خلف أذنها: كتاليا أنتِ بخير؟ تشعرين بالتحسن؟
أومأت بهدوء: أفضل من البارحة.
وقفت واقتربت لتضع يدها على جبيني ثم تمتمت: انخفضت حرارتك بالفعل ولكن لا زلت تبدين شاحبة منهكة من الأفضل أن ترتاحي، يجب أن تتناولي شيئاً حالاً! سأنادي الممرضة لتعاينك.
أومأت لها بابتسامة وهن هادئة فتحركت فوراً نحو الباب ترتب ملابسها وتهندمها ولكنها سرعان ما توقفت وكذلك التفتُ أنظر إلى الباب الذي فُتح بطريقة. عصبية!
دانيال!
حدقت إليه بترقب واستنكار، بدت الجدية متربعة على وجهه وقد القى نظرة سريعة على روز قبل أن يشيح بوجهه ويقول بهدوء: أرغب في التحدث إليها.
نظرت روز نحوي بحيرة شديدة للحظة قبل أن تشهق بإستيعاب تحدثني: صحيح! لقد كان برفقة رجال الشرطة في الأمس ربما حدث سوء فهم!
رجال الشرطة! اتسعت عيناي أنظر إليهما لتوضح تستكمل حديثها تسأله: هل كل شيء على ما يرام! لماذا قاموا بأخذك!
أردفت تنظر إلي: كلتا يديه كانت مكبلة بالأصفاد أعتقد أن سوء فهم قد حدث!
انتابني الذهول الشديد واعتدلت في جلستي أحدق إليه بعدم تصديق.
زفر بنفاذ صبر دون أن ينظر إلى إحدانا فقالت روز على عجالة: تفاهما، سأخرج قليلاً. إياكَ وأن تزعجها أيها العارض البديل ولا تكلفها فوق طاقتها لازالت متعبة على تسمعني؟ كن حذراً.
أسرعت تخرج وما ان أغلقت الباب حتى داهمته بسؤالي بشك: لماذا كنت مع رجال الشرطة! أخبرتك ألا تتورط في أي شيء دانيال!
تجاهل سؤالي وتحرك ليسند ظهره على الحائط المقابل لي بوجه متجهم بشدة!
بدى غريباً وهو ينظر إلى الأرض كما لو كان. على وشك أن ينفجر في أي لحظة!
فتحت فمي على وشك سؤاله ولكنه بقي ينظر إلى الأرض بجمود بينما يقول: أمامكِ خيارين لا ثالث لهما. إما أن تتفوهي بما أرغمك على اختيار منزلي للعيش فيه لأرى بعدها ما يمكنني فعله، أو احزمي امتعتك وغادري المنزل فور خروجك من المشفى.
لا أعلم كم دام الصمت المطبق بيننا بعد قوله! ولكنني أعلم جيداً أنا ما قاله لم يكن من المتوقع سماعه بالنسبة لي على الإطلاق!
لماذا كل هذه الجدية البالغة فجأة! لم يكن يسأل أو يحقق في هذا الشأن فما الذي. يريده الآن!
هذا الأمر ليس من شأنه ليس وكأنني سأخبره بما يعنيني! ولكن لماذا.؟ ما الذي يزعجه إلى هذا الحد!
هل. فقداني للوعي قد كان مجرد عبء عليه! هل يخشى أن يتورط بشأني؟
أحكمت قبضة يدي بقوة على الفراش قبل أن أتمالك نفسي وقلت بهدوء: لماذا أخذك رجال الشرطة؟ هل تورطت بشأني؟ إن كان هذا ما يزعجك فسأوضح سوء الفهم لهم وأخبرهم أن لا شأن لك في.
أيُ الخيارين؟
تساءل بصوت حازم وقد علت نبرته فاتسعت عيناي أنظر إليه بعدم استيعاب!
م. ما خطبه بحق الإله؟
أنت. ما الذي حدث لك! لماذا كل هذا الغضب! أنا لم أتعمد ان افقد وعيي ان كان هذا ما يزعجك، سأهتم بصحتي أكثر لست بحاجة إلى القلق من تورطك بشأني! ثم أنني أخذت موافقة السيد هاريسون فلماذا تهددني ب.
اخترتِ منزلنا هرباً من رجل يعنفك؟
ألجمني سؤاله وقد تخشبت تماماً أحدق إلى كلتا عينيه الزمردية التي لا يزال ينظر بهما إلى الأرض بحدة.!
تسارعت أنفاسي وتساءلت ما ان كان يستدرجني في الحديث ويخمن. أو أنه واثق بالفعل من هذه الحقيقة!
لحظة.
لا بد وأن للمشفى دور في ذلك! علم منهم بشأن الرضوض والكدمات واكتشف حقيقة كذبتي الفاشلة! لذا من المنطقي أن يبدو واثقاً إلى هذه الدرجة!
تحدثي!
قالها بنفاذ صبر يلقي على نظرة غاضبة فوجدت نفسي أنهره بغيظ: لا تتمادى وتتدخل في خصوصياتي! ولا تقفز باستنتاجاتك كما يحلو لك من فراغ، لا أهتم إن كان وجودي مزعجاً بالنسبة لك لقد كان قراري وشأني الخاص وطالما وافق والدك على وجودي فابقى بعيداً وحسب!
لجأتِ إلى والدي. ماذا عن والدكِ أنت؟
جف حلقي أحملق فيه بذهول.
ليستكمل بتحذير: تحدثي بوضوح وصراحة، يبدو لي أنكِ تخفين أمر ما أنا لا أنوي التدخل في شؤونك ولكنكِ تعيشين في منزلي، لذا حري بكِ أن تكوني واضحة مع العائلة التي سمحت لكِ بالاستقرار في منزلها بدلاً من التظاهر بأن شيئاً لم يكن. لا بأس لا تصرحي بالسبب الذي يجعلك تخفين حقيقة تعرضك للتعنيف ولكن لا حق لكِ الآن في اخفاء سبب عدم لجوئك إلى والدك.
ما ان انهى كلماته حتى دخلت ممرضة تحمل بين يديها بعض المحاليل، ولكنها سرعان ما شهقت برعب وكذلك أجفلت في مكاني رغماً عني أتمسك بالفراش حين صاح في وجهي بغضب: هل هذا كل شيء؟ تستمتعين بمعاينتك في المشفى بدلاً من معالجة المشكلة واقتلاعها من جذورها؟
اتسعت عينا الممرضى وقد قالت برعب: سيدي المريضة متعبة لا يجب أن تزيد الوضع سوءاً عليك أن.
كتمت أنفاسي حين أشار لها بعصبية: اخرجي قليلاً يمكنكِ العودة بعد لحظات أنا لم أكمل حديثي بعد!
ب.
بحق الإله ما خطب هذا المجنون!
لماذا كل هذا الغضب!
ترددت الممرضة كثيراً ولم أجد سوى أن أتدخل لأقول لها بهدوء: نحن نتحدث من فضلكِ عودي بعد قليل.
ولكنها اقتربت مني تضع المحاليل الطبية على المنضدة بجانبي وهمست لي بقلق: يا آنسة هذا الرجل قد يؤذيك! سأنادي برجال الأمن لأجلك، في الأمس كان برفقة رجال الشرطة هل هو من يقوم بتعنيفك؟
همست لها فوراً: ليس هو. ولا داعي ليتدخل رجال الأمن إنه. صديقي لذا لا تقلقي، يبدو أنه قلق بشأني سأسوي الأمور معه بنفسي، دعينا وحدنا الآن.
عقدت حاجبيها بإستياء وحذر قبل أن تقول موجهة حديثها إليه: خمسة دقائق فقط وسأكون هنا.
اعتذرت لتخرج وحين ساد الصمت الغرفة تنهدت بعمق ومررت يدي في شعري أرفعه عن وجهي وقلت: لدي ظروفي الخاصة وبعض المسائل الشخصية، وما يتعلق بتستري على الموضوع هو السبب نفسه الذي يمنعني من اللجوء إلى والدي. هل هذه الإجابة تشفي غليلك الآن! أنا لن أتفوه بأي تفاصيل أو كلمة أخرى.
عقد حاجبيه متسائلاً بإزدراء: حقاً؟ أخبريني إذاً. إلى أي مدى ستهملين نفسك مقابل تحقيق مصالحك الشخصية؟
وإن أهملت نفسي ما شأنك أنت! لا تقلق لن أورطك بشأني مجدداً!
شأني أنكِ تعيشين في منزلي وهذا يعني أنني أتحمل مسؤوليتكِ.
تهدج صوته بطريقة غريبة وهو يكمل بعيون قد أظلمت وشردت بعيداً: هذا يكفي. لا يجب أن يسوء الوضع مجدداً عندما ينبغي على تحمل المسؤولية!
ردد بصوت خافت يغمض عينيه بإنزعاج: فكرة الفشل مجدداً. يصعب تقبلها!
الفشل مجدداً؟
ما الذي. يُحاول قوله! ما شأني أنا!
عقد حاجبيه بإنزعاج شديد ومرر يده على صدغيه قبل ان يقول: لم أقصد الصراخ، اعتذري لتلك الممرضة نيابة عني، وما أريد قوله باختصار. كوني واضحة منذ البداية وتوقفي عن مضي طريقك بسلوك مزيف وحسب. لا فائدة مما تفعلينه!
أعقب يسير نحو الباب بخطى واسعة: ما تقومين به سيجرك إلى الهاوية. أن يؤذي المرء نفسه مؤلم أكثر بكثير من أن يتسبب فيه شخص آخر.
تابعته بعيناي بحيرة شديدة وقد خرج يغلق الباب خلفه.
لم أكد أطرف باستيعاب حتى تفاجأت به يفتح الباب مجدداً وقال بكلمات سريعة دون أن ينظر إلي: سمعتُ بأنكِ ستخرجين في غضون يومين، س. سآتي لأوصلك إلى المنزل عندما يحين الوقت. إياكِ والخروج من المشفى قبل الوقت المحدد. وإلا سأوسعك ضرباً وامنحك اجازة أبدية هل تفهمين هذا؟
قالها بحزم وخرج بسرعة!
نظرتُ إلى الأمام حيث كان يستند للتو بظهره إلى الحائط.
هذا الرجل تصرفاته غير متوقعة. هل يطالبني بكل حزم أن يتحمل مسؤوليتي فقط لأنني أعيش في منزله!
ثم ما الذي يجره إلى كل هذا الغضب؟ فقط لأن مبادئه لن تسمح له بالجلوس مكتوف الأيدي؟
بدى غريباً بعض الشيء للتو.
م. مهلاً! هل أخذه إلى مركز الشرطة سيزيد المزيد من النقاط السوداء في سجله!
لا يجب أن يعلم أي شخص بهذا الأمر.
ثم لماذا على البقاء ليومين في المشفى هذا كثير جداً!
آه يا الهي.
استلقيت على ظهري أحدق إلى السقف بإنهاك. وعندما فُتح الباب لم تكن سوى روز التي تتبعها الممرضة وتحمل معها صينية الفطور، تقدمت روز تبتسم لي بلطف وجلست بجانبي متسائلة: هل كل شيء بخير؟
أومأت لها بلا حيلة: نعم، كان يبدو غاضباً جداً ولكن المهم أن الهدوء قد عاد.
نظرت إلى الممرضة ذاتها وقلت لها: هو يعتذر لكِ بشأن صراخه عليك قبل قليل.
لوت شفتيها متسائلة بفضول: هل هو صديقك الحميم أم مجرد صديق!
أجبتها بتهكم: قلقة بأنه المتسبب في حالتي؟ لا بأس إنه موضوع مختلف. هل حقاً سأخرج في غضون يومين؟
أومأت لي موضحة: تحتاجين إلى الراحة، تعانين من ارتجاج طفيف في رأسك لذا لا يجب أن تنهكي نفسك، نحن نعتني بالرضة القوية في كتفك كذلك لذا التزمي بتعليمات المشفى حتى تخرجي في الوقت المحدد.
نظرت إلى روز وتأففت بلا حيلة: روز أحتاج إلى بعض الأشياء من منزل السيد هاريسون.
أجابتني فوراً: لا بأس سأذهب لاحقاً لأخذ حاجياتك.
عندما انهت الممرضة متطلبات عملها ومعاينتها وخرجت جلست روز على السرير بجانبي وتساءلت بجدية: ما الذي حدث لكِ تحديداً؟
قلّبت عيناي بضجر: لا أدري كنت متعبة منذ الأمس ولم أتوقع أن يسوء الأمر، فقدت وعيي ولا أدري تفاصيل ما حدث بعدها، هل اشتبهت الشرطة حقاً بأن دانيال المتورط في الأمر؟
أومأت بتفكير: يبدو لي هذا فلقد تم أخذه، ولكنه لم لم يطل البقاء في مركز الشرطة بل عاد إلى المشفى بعد مغادرته بساعتين فقط.
عقدت حاجباي بإستغراب: عاد إلى المشفى. هل بقي يجلس في الانتظار منذ الأمس حتى قبل دخوله قبل قليل؟
لوت شفتيها: هذا صحيح! مع أنني أخبرته أنني سأبقى إلى جانبك ولكنه تجاهلني تماماً وبقي يجلس مثل التمثال الذي يتكتف لا يسمع أو يبصر. المهم الآن كتاليا لماذا أصبتِ بالارتجاج؟ هل كان ذلك الوغد السبب! منذ ذلك الحين؟
نفيت برأسي مبتسمة: أعتقد أنه نتيجة التدخل بين شجار دانيال وأخاه كيفين، دعينا لا نفكر بالأمر كثيراً. تناولي معي الطعام لا أظنني قادرة على انهاؤه وحدي.
بدأنا نتناول الفطور وحينها تساءلت هي بعد ان مضغت طعامها: لم تتصالحي أنتِ وجانيت بعد؟
ليس بعد، ولكنني سأفعل.
ابتسمت برضى: هذا ما أريد سماعه، هي أيضاً تبدو مستعدة وترغب في التحدث إليكِ، خذي تناول المزيد من الخضار أنتِ بحاجة إليها.
أضافت بحيرة وتفكير: صحيح أنصتي إلي! دانيال كان يتصرف بغرابة منذ الأمس، كوني صريحة معي كتاليا هل حدث أي شيء بينكما؟
تناولت قطع الخضار المسلوقة مفكرة قبل أن أجيبها: بصراحة اتمادى في تصرفاتي معه أحياناً، لماذا؟
ضاقت عينيها البنية قبل أن تميء برأسها بفهم: من السهل قراءة القلق الذي كان يعتريه، بدى مزاجه سيئاً جداً كات، في البداية اعتقدت أنه غاضب من رجال الشرطة ولكن يفترض أنه معتاد على هذا الأمر اليس كذلك؟
أيدتها بإستغراب: ما الذي تحاولين قوله؟
غمزت لي بمكر: كفاك ادعاء للغباء هذا الرجل واضح جداً.
جمدت ملامحي لمهية وقد شعرت ببرودة أطرافي، تجاهلت قولها تماماً وتجاوزته لأغير الموضوع بهدوء: سأخبرك بكل ما أحتاج إليه من منزل السيد هاريسون.
دانيال:
تقلّبت بإنزعاج أتجاهل كارل الذي يحاول إيقاظي.
لم يستسلم عن محاولاته وهو يدفع كتفي: استيقظ دان واستكمل نومك في الغرفة لماذا تنام هنا! هيه انت!
زفرت بإنزعاج وجلست على الأريكة متذمراً: لماذا أنت مزعج اتركني وشأني يكاد رأسي ينشطر من شدة الصداع!
جادلني بجدية: لماذا تنام هنا؟ أين كنت منذ الأمس ولماذا لم تجب على هاتفك! عدت إلى المنزل ولم أجدك لا أنت أو الآنسة كتاليا ما الذي حدث؟
أغمضت عيناي بنعاس وعدت لأستلقي مجدداً: اذهب إلى عملك كارل ولا تزعجني الآن. لاحقاً لاحقاً.
دفع كتفي مجدداً: على الأقل اذهب للنوم على سريرك ما خطبك بحق الإله!
وضعت الوسادة على رأسي فسحبها قائلاً: لا تزعجنا لاحقاً وتشتكي من آلام عنقك بسبب نومك هنا! تحرك.
زفرت بنفاذ صبر وسحبت الوسادة عنه ووقفت لأخرج من غرفة المعيشة: لماذا تتصرف وكأنك أبي بحق الإله.
أعقبت قبل أن أدخل الغرفة: ستتأخر عن عملك، غادر.
سيذهب كارل إلى عمله، لقد استغرقت في النوم حتى الآن! اعتقدت أنني سأستلقي فقط على الأريكة لم أخطط للنوم منذ الصباح حتى الآن.
القيت بجسدي على السريروأغمضت عيناي فوراً.
أشعر بالتعب والجوع، رغبت في النوم مجدداً ولكنني لم أستطع فبقيت استلقي على السرير.
المنزل هادئ جداً.
لا يوجد أي أثر لأي صوت.
ومع ذلك عاودت كافة الأصوات منذ الأمس تقتحم رأسي.
بدءاً من صوت طرقاتي المتواصلة على باب غرفتها. وانتهاءً بصوتها الهامس وهي تنادي بإسم المدعو ريتشارد.
تقلّبت أحاول تجاهل الأمر ولكن بقي اسم هذا الرجل يزعج رأسي حتى زفرت وجلست على السرير.
ضربت جبيني بخفة احاول التخلص من الصداع الذي يكاد يشطر رأسي إلى أكثر من نصفين.
وجدت نفسي أقف وأخرج من الغرفة، اتجهت إلى غرفة لاري وكيفين تحديداً إلى دورة المياه لأغسل وجهي واستعيد نشاطي وقد انحنيت أكثر أضع رأسي أسفل المغسلة أمرر الماء في شعري من الخلف.
بقي الماء ينسكب على رأسي بغزارة وعشرات الأفكار تراودني وتندلع بسرعة لا متناهية.
هي تؤذي نفسها.
تقوم بما قام به تماماً. تفعل هذا بصورة غير مباشرة.
لقد فشلت في حمايته من نفسه!
وسأفشل مرة أخرى.
لن أتقبل هذا الفشل مجدداً! لا يمكنني تقبل تكرار الأمر نفسه.
هي لن تتوقف عن تذكيري بشأنه، كنت أعلم أنني عاجز عن تخطي الأمر مهما حاولت. ولكنني واللعنة لا أدري مني أين على البدء!
علي فعل شيء ما.
أن أفعل ما لم أستطع فعله مسبقاً!
أغلقت صنبور المياه وجذبت منشفة صغيرة امررها على رأسي لأجفف شعري.
استغرقت في النوم ولم أقم بإدارة شؤون المحل اليوم، لو علم أبي بالأمر لن يتركني وشأني. صحيح أنا لم أقم بسحب المال أيضاً!
نزلت الدرج ونويت أن أقوم بافتتاح المحل فلا يزال هناك وقت يمكنني استغلاله قبل وقت الاغلاق الرسمي المعتاد.
كنت أحرك المنشفة مستمراً في تجفيف شعري عندما وقفت في منتصف الدرج بإستنكار وقد لمحت ظِلاً في الخارج أمام باب المحل.
تحرك الظل وقد بدت لي تحركاته كما لو كان قد جثى على الأرض قليلاً. تاركاً شيء ما!
نزلت بخطى حذرة ثابتة واقتربت من الباب عندما ابتعد، فتحت وما أن وقعت عيناي على صندوق الهدية أسفل قدماي حتى رميت المنشفة ونظرت إلى يميني!
تفاجأت بوجود الشقراء روز تقترب تتحدث على الهاتف ولكنها كانت تنظر خلفها حيث شخص ما قبل ان تعاود النظر للأمام وقد انتبهت لي. عقدت حاجباي بإستنكار شديد ووجدت نفسي أسألها فوراً: رأيتِ من قام بوضع الصندوق؟
أومأت برأسها وانزلت الهاتف عن أذنها مشيرة: ذلك الشخص هناك.
أشارت حيث شخص يبتعد بخطى واسعة يرتدي ملابس سوداء فضفاضة رياضية.
لم أنتظر ثانية واحدة وقد أسرعت خلفه أركز ناظري عليه، نادت بي بحيرة: مهلاً أردت أن أخذ بعض حاجيات كتاليا!
أجبتها دون أن أتوقف: افعلي ما شئتِ.
أكملت طريقي أتبع من وضع الصندوق أحرص على ألا يغيب عن عيناي من بين المارة في الطرق المزدحمة.
خطواته واسعة، لم أرى وجهه حتى الآن ولن أتركه يفلت من بين يداي حتى أفهم من يكون ولماذا يستمر في ارسال الهدايا.
بقيت أتبعه ولم يغب عن عيناي للحظة، انعطف إلى اليمين يمشي بمحاذات المحلات والمتاجر، انعطفت يميناً كذلك ولكنني تفاجأت بفتى يمسك بعض الصناديق الكرتونية التي أوقعها من يده عندما اصطدم بي.
أصدرت الكراتين ضجة بسبب معدات وأدوات معدنية بداخلها وقد لفت الصوت انتباه الناس من حولنا.
استاء معترضاً: معداتي!
لمحت من أتبعه قد توقف والتفت نصف التفاتة لأقل من ثانية وقد لمحني خلفه!
تسمرت في مكاني للحظة وكذلك بقي في مكانه دون حركة.
قبل أن يركض فجأة مبتعداً فلم أكلف نفسي عناء الانتظار وقد ركضت خلفه مباشرة.
تباً هو ضئيل البنية ونحيف يختبئ بين المارة بسهولة!، ومع ذلك كان من السهل اللحاق به، استمر في التحايل والركض بعشوائية حتى سلك طريقاً يؤدي إلى الشارع المجاور إلى اليسار عابراَ خط المشاة وقد كانت اشارة المشاة على وشك ان تشير إلى اللون الأحمر، تبعته وقد صرخت مهدداً: قف مكانك أيها المتربص!
لحقت به أتجاهل تحول اشارة السيارات إلى الأخضر، استمر في الركض يتعمد اختيار الأماكن المكتظة كما لم أتوقف عن تجاوز المارة او دفعهم دون قصد.
دخل إلى زقاق جانبي ثم استمر بالدخول إلى الأزقة الضيقة الجانبية للمتاجر، ولكن الأحمق استمر في الدخول ولم يفكر أنه كلما دخل كلما نفذت منه فرصة الخروج إلى الشارع العام.
اقتربت منه كثيراً حتى فاجأته ما ان أمسكت بقميصه بقوة وجذبته لأوقعه أرضاً ارغمه على الاستلقاء على بطنه.
كبح تأوهه بوضوح وقد زمجرت بتحذير: من تكون؟ ما قصة تلك الهدايا! لماذا هربت فور رؤيتي؟ تحدث!
بقيت أثبته وهو يحاول التملص وابعادي عنه فتمتمت بسخرية: هل هذا كل ما لديك؟ تحدث يا فتى من تكون!
التزم الصمت بعناد يستمر في محاولاته فأمسكت برأسه أثبتها على الأرض بحزم: لنجرب طريقة أخرى لعلك تتحدث إذاً.
قد أكون مضطراً لإيساعه ضرباً حتى يستسلم ويتحدث! لم أرى وجهه على أي حال فلا زال يخفيه بقلنسوة قميصه الأسود كما أنه يرتدي الكمامة وبالكاد لمحت جزءاً من وجهه حتى!
تأوهت بغضب شديد أفرك عيناي بقوة عندما باغتني وهو يمسك بالتراب ليلقيه على وجهي. شعرت بحرقة شديدة في عيناي وقد زمجرت بسخط: أيها اللعين!
استغل الفرصة وتحرك بسرعة ليغادر ولكنني أمسكت بقدمه فتعثر ووقع، أمسكت بكاحله بقوة بل أنني وقفتُ أدوس على كاحله لأمنعه من الحركة أستمر في حك عيني منزعجاً بشدة من التراب وبالكاد تمكنت من فتح عيناي مجدداً.
سحقاً اشعر بحرقة شديدة فيهما!
تسمرت في مكاني بذهول وانحنيت فوراً بألم شديد وقد شعرت بخروج روحي من جسدي!
هذا الوغد.
تأوهت وجثيت على الأرض أصرخ عليه بسخط لألمحه قد وقف ليركض: سأهشم رأسك إن أمسكت بك. اللعنة!
أسندت جبيني على الأرض أحاول السيطرة على نفسي ولكن الألم أرغمني على التزام الصمت تماماً وقد بقيت كالمشلول العاجز عن الحركة. وجه ضربة إلى بقدمه الأخرى على حين غرة! اللعين ضربني ضربة مميتة بين ساقي أنا بالكاد التقط أنفاسي. إن أمسكت به فلن أتركه في جسده عظمة سليمة!
اسندت نفسي على واجهة أحد المتاجر.
أكملت طريقي بخطى بطيئة بغيظ شديد ولم أتوقف عن التوعد له وشتمه بأسوأ الشتائم.
هرب مني هذه المرة ولكنه لن يجرؤ على التفكير بالهرب في المرة القادمة!
بالكاد استعدت هدوئي حين كنت لا أزال في الزقاق وقد بدء الألم يزول تدريجياً، سلكت طريق العودة وقد كنت أتحرك بحركة بطيئة أسوأ من كهل تجاوز عمره المئة.
أشعر بالحقد يغلي في عروقي. لا أدري كم أمضيت من الوقت في طريقي للعودة ولكنني لمحت الشقراء روز تقف أمام واجهة المحل ولا يبدو أنها قد دخلت إلى المنزل أصلاً، تسند ظهرها على الباب وتحدق إلى هاتفها بضجر.
انتبهت لي وتساءلت بحيرة: ما خطبك! هل أنت بخير؟
أومأت أشيح بناظري ولم أعلق وانما قلت بصوت متهدج أنظر إلى صندوق الهدية الذي لا يزال بجانب قدمها: لقد. أخبرتك أن تدخلي وتفعلي ما شئتِ.
اعترضت ترفع حاجبها الأيسر: أنا لن أدخل منزلاً في غيابه أهله.
أشرت إلى الصندوق وقد اضطررت لسؤالها: يمكنكِ حمله إلى الداخل؟
انتابتها الحيرة الشديدة تنظر إلى بتركيز فنظرت إلى الشارع أتهرب من نظراتها، جثت لتحمل الصندوق وتساءلت بشك: ما الذي حدث لك! من الفتى الذي وضع الهدية وهرب ولماذا كنت تتبعه! هل أنت مخيف إلى درجة ان يرسل الناس لك الهدايا خفية دون ترك أثر؟
قالت ذلك بينما تدخل، دخلت بدوري كذلك وجلست على الكرسي فوراً أتنفس بعمق.
تباً. اعتقدت أنني سأموت!
صعدت هي إلى الغرفة العلوية بينما نظرت إلى الهدية بإنزعاج، لحظات فقط ثم تحركت وفتحت العلبة بعصبية، وهذه المرة بداخلها سوار رياضي، بحثت أكثر وقد وجدت كذلك ربطة رأس رياضية!
مجدداً.!
نظرت إلى الهدية بين يداي قبل أزفر بلا حيلة.
يعلم جيداً بميولي واهتماماتي. هل هو حقاً من أشعر بوجوده حولي كلما خرجت للهرولة ليلاً؟
أعدت الأشياء إلى الصندوق وقد تجاهلت تماماً أمر افتتاح المحل اليوم، لست في حالة جيدة.
انتظرت لبضع دقائق حتى رأيتها تنزل الدرج ممسكة بحقيبة متوسطة الحجم كانت قد جلبتها المزيفة معها عندما قررت العيش هنا.
عندما نزلت سألتها بهدوء: هل. تحسنت صحتها؟
وضعت الحقيبة على نهاية الدرج ومررت يدها على ظهرها قبل ان ألمحها تحدق إلى بشك، أبعدت ناظري عنها وتساءلت بحزم: م. ماذا!
تفاجأت بها تسير نحوي وقد توقفت على بعد مسافة تتساءل بعين ضيقة: العارض دانيال. ما سر عصبيتك ومزاجك السيء منذ الأمس؟ أنت.
صمتت قليلاً قبل ان تبتسم بتهكم ومكر: هل أنت معجب بصديقتي يا ترى؟ قلق بشأنها وتكاد ت.
ما هذا السخف!
سخف؟ ولكنك.
أكملت حديثها بنبرة خافتة ساخرة وهي تتكتف: بدوت مثل رجل يخشى على فتاته من أي مكروه! هل حقاً تتصرف هكذا بدافع المسؤولية فقط؟ ألا تحركك أسباب أخرى!؟
أعقبت بإنزعاج: هيه أنت أنا أحذرك! على كتاليا أن تتزوج بأمير وسيم لطيف فاحش الثراء يحبها بإخلاص وستعيش معه بسعادة لا ان تتورط مع رجل عصابات حياته مليئة بالمشاكل والعثرات.
م. ما مناسبة قول هذا فجأة هل هذه المرأة مجنونة!
جادلتها بغيظ: هيه أنتِ! لست في مزاج يسمح لي بالشجار لقد سألتكِ فقط إن كانت بخير فلماذا كل هذه المراوغة!
رفعت كتفيها بعدم اقتناع قد أزعجني: وأنا سأجيبك بصفتك مجرد رجل على معرفة بها، هي بحال أفضل الآن. على الذهاب.
أخذت الحقيبة وتحركت لتخرج ولكنها توقفت مجدداً ونظرت إلى للحظات قبل أن تقول بهدوء: أخبرني.
تظاهرت بالنظر إلى معدلات الحلاقة بجانبي في الدرج بينما أكملت: ماذا لو. لنفرض فقط! ماذا لو كانت كتاليا تعاني و. لا ترغب في منح ثقتها لأي رجل؟ أ. أقصد. ما الذي يمكنك أنت فعله إن علمت أنها بحاجة ماسة إلى. وجود شخص ما إلى جانبها! لنفرض هذا فقط!
نفرض؟ هل هذه المغفلة الأخرى تعتقد أن كذباتهم المتواصلة ستنطلي على الناس؟
ياللذكاء!
اسندت مرفقي على الطاولة بجانبي وتمتمت ببرود دون ان انظر نحوها: ما مناسبة سؤالك.؟
إنه مجرد سؤال!
قالت ذلك بإمتعاض وهي تقترب فانتابني الاضطراب ما ان اقتربت كثيراً، بدى انها استوعبت الأمر فأسرعت تبتعد تترقب جوابي.
نظرت إلى المكان من حولي قبل أن يتحرك لساني من تلقاء نفسه بجدية: إن كنتِ صديقتها فلا تنسي تأدية دورك. توقفي عن اخفاء معاناتها حتى وإن كانت عنيدة و مصرة، إن كانت لا تعرف مصلحتها فلا تقفي مكتوفة الأيدي.
عقدت حاجبيها وقد لانت ملامحها غارقة في أفكارها. وجدت نفسي أسألها دون تخطيط مسبق: من الذي يقوم بتعنيفها؟ هل هو رجل تواعده؟ ما اسمه! صفي مظهره.!
اتسعت عينيها تحدق إلى بتفاجؤ وكذلك تفاجأت من اندفاعي!
خرجت الكلمات على لساني بتلقائية! لا بد وأنني فقدت عقلي.
تداركت الأمر وقلت بسرعة: يمكنكِ المغادرة. على انجاز بعض الأمور!
طرفت بعينيها بحيرة شديدة بل وتركت الحقيبة على الأرض وشبكت أناملها ببعضها لتسأل: م. ماذا لو تحدثت في شأن على التكتم حوله؟ أقصد. هل سأكون مجرد صديقة غير جديرة بالثقة! ماذا لو انزعجت هي؟
نظرت إلى الحقيبة ثم إليها للحظة قبل أن أتنهد بعمق: ستكونين مجرد صديقة عاجزة عن حماية صديقتها، هناك ما هو أهم من الوفاء بالعهود! ان كان الوفاء بالعهود يتوقف على ايذاء الطرف الآخر فليذهب هذا العهد إلى الجحيم وحسب!
زمت شفتيها بقوة وارتجفت مقلتيها لتقف ساكنة في مكانها دون حركة.
بقيت على حالها لثواني قبل تحكم قبضتيها بقوة وهمست: ما أريد قوله الآن. بأنه عليكَ حمايتها! تولى ذلك. أرجوك! من الصعب التقرب إليها ولاسيما من رجل بمثل شخصيتك ولكن. حتى لو كان الأمر من مسافة بعيدة فقط. عليك حمايتها!
نفيت برأسي بإنزعاج: ممن؟ تحدثي!
أطرقت برأسها بتردد وفغرت فمها لتتحدث ولكن الباب قد فُتح ليدخل أبي وبرفقته لاري!، اتسعت عينا الأخير وأشار إليها بذهول: امرأة أخرى مجدداً. ومع داني وحدهما!
عقدت حاجباي أنظر إليهما بحيرة وتساءلت: عدتما قبل الوقت المحدد!
صاح لاري بإنزعاج: إنها صديقتها مرة أخرى!
ضرب أبي رأسه بخفة: اصمت واصعد للأعلى.
دمعت عينيه يُمرر يده على رأسه قبل أن يتحرك ليصعد فوراً، رحب أبي بها بهدوء: مرحباً بكِ، تفضلي.
أشار لها بأن تصعد فأسرعت تقول مبتسمة: لا بأس سيد هاريسون على المغادرة فوراً. عن اذنك.!
حملت الحقيبة لتغادر وما ان خرجت حتى نهرني أبي: ما الذي تنتظره ساعدها لتوقف سيارة أجرة.
قال ذلك واتجه إلى الدرج ليصعد، في حين لم أتردد وقد كنت أرغب في سحب المزيد من الكلمات منها حول الأمر!
رأيتها تقف أمام الرصيف تنتظر عبور سيارة أجرة، وقفت بعيداً عنها وقلت بجدية: أكملي ما كنتِ على وشك قوله.
استدارت بسرعة ورمقتني بهدوء قبل ان تعيد ناظرها إلى الأمام، التزمت الصمت وهي تشير إلى سيارة أجرة بالوقوف وقد تمتمت بنبرة هادئة: لا يهم ما كنت سأقوله، المهم أنك ستفعل ما بوسعك. اليس كذلك؟
شددت على كلماتها واكملت: طالما تعيش في منزلك فمن فضلك. احرص على ألا يمسها أي سوء، وطالما تكون بجانبها فلا تغفل عنها مهما حدث، انها عنيدة متحجرة الرأس.
أخفضت ناظرها قليلاً وقالت مبتسمة بضمور: لا يمكنني الكشف عن تفاصيل وعدتها ألا اتفوه بحرف واحد عنها ولكنني آمل حقاً أن تحميها طوال هذه الفترة، أنا لست مستعدة لتسوء علاقتي بكتاليا.
انهت كلماتها ملوحة وحملت الحقيبة لتدخل إلى سيارة الأجرة، بقيت في مكاني ونظرت إلى الرصيف ثم راقبت السيارة بعيناي بينما تبتعد.
افعل ما بوسعي؟ أحميها من شخص لا أعرف من يكون؟
في جميع الأحوال شيء في داخلي يرفض أن اهرب من المسؤولية.
أخذت شهيقاً عميقاً ثم زفرته وعدت أدراجي إلى الداخل.
تناولنا الغداء بوقت متأخر قليلاً فلقد انتظرنا ان يستيقظ كارل، لم يتقبل أبي فكرة أن جميع من في المنزل كان له وجهة خاصة منذ الأمس لذا أصر أن يؤخر وقت الغداء اليوم حتى يتواجد الجميع. بإستثناء كيفين الذي لا يزال في المسابقة.
كما أنه غضب بشدة ما ان سألني عما حدث للآنسة مزيفة وعن سر غيابها! كاد يكسر الأثاث فوق رأسي ولم يتوقف عن الصراخ على لأكثر من نصف ساعة! هو حتى قد اتبع جميع انواع العذل والعتب المتعارف عليها في الحياة!
تنهدت بلا حيلة أنظر إليه بينما يتناول طعامه بجمود، نظر كارل إلى ثم إلى أبي وقال بهدوء: لا داعي لبقائك مجهماً طوال الوقت أبي، لقد رأيته بنفسي كان متعباً بالفعل واستغرق في النوم بعد عودته لذا لا بد وأنه لم يتعمد اخفاء الأمر عنك.
رمقه أبي بحزم ثم نظر إلى وقال بجفاء: سأذهب لرؤيتها بنفسي مساءً.
تجهم لاري وعبس مُعترضاً: أبي لقد قال بأنها ستخرج غداً فلماذا عليكَ الذهاب لأجلها فقط!
ربت كارل على كتفه ليصمته فالتزم الصمت مطبقاً فمه، وقف أبي واستكمل عتابه لي يشير إلى بسبابته بغضب: لا أصدق! هل هذا كل شيء؟ كان عليك المبيت في المشفى حتى لو عنى ذلك بقاءك أمام المدخل الخارجي، فتى أحمق عديم المسؤولية.
جادلته بإنزعاج: لقد علم جميع سكان الكوكب أنني مخطئ! حسناً لقد فهمت ما الذي كان على فعله آنذاك بحق الإله!
اخرس ولا تجادلني! لا أصدق أنك تجرؤ على الرد علي.
أعقب بوعيد: هذه الفتاة من المفترض أن تكون في أمان هنا، ان مسها سوء مجدداً فأنا أقسم بأنني لن أتركك وشأنك دانيال.
مازحه كارل وهو يقف مهدئاً: لا بأس اطمئن ستكون بخير ثق بي، من يجرؤ على الحاق الضرر بها في ظل وجودك.!
لوى لاري شفته وضاقت عينيه بتفكير ووعيد قبل أن ينهي آخر لقمة من طبقه ويخرج من المطبخ مسرعاً.
ما الذي ينوي عليه هذا الصغير!
وقفت خلفه بينما يطرق على باب الغرفة.
لسبب ما.
انتابني التوتر وقد أخذت نفساً اهدئ نفسي في حين دخل أبي ليسبقني، بقيت في مكاني قليلاً قبل أن أزفر الهواء ببطء والحق به.
رأيتها تجلس على السرير وأمامها حاسوبها المحمول على الطاولة، لم تكن صديقتها متواجدة بعد لذا تركت أبي ليجلس على الكرسي وبقيت واقفاً أسند ظهري على الحائط خلفي.
التعليقات