رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل التاسع والعشرون
وكالعادة لم تجد عزة من تلقى إليه بهمومها سوى زميلاتها اللاتى أثبتت التجربة أنهن أقرب بكثير إليها من أقرب الناس لها، فتبارين في إيجاد حل لها.
عزة: دبرونى أعمل إيه؟
سلوى: إيه الزمن الأسود ده؟ يعنى أعمامهم مش عايزين ياخدوهم؟ دول لحمهم.
عزة: أيوه، ما هم ما حليتهمش حاجة، الشقة وايجار وأكيد هيسيبوها، والمعاش يادوب يمشيهم.
مديحة: وهتعملى إيه؟
عزة: مش عارفة، قلبى مش مطاوعنى أرجعهم شقة أمهم وأسيبهم لوحدهم.
سلوى: يعنى عمر مش قادر يستحملهم شوية كمان؟ البنت صغيرة قوى على أنها تعيش هي وأخوها لوحدهم.
مديحة: جوزك ده قلبه جامد قوى، حرام عليه، يراعى ربنا، حد له في نفسه حاجة، لو بعد الشر ولاده اللى كانوا في الوضع ده أختك كانت هتتخلى عنهم؟
عزة: اللى جاى عليه يقول أهلهم أولى بيهم، والمصيبة أنه عاوزنى أروح اشتكيهم في المركز عشان يستلموهم.
سلوى: يا لهوى، هي وصلت لكدة؟ اوعى يا عزة.
عزة: أنا عمرى ما هأعمل كدة طبعا.
مديحة: سيبيها على ربنا.
عزة: ونعم بالله، يارب حلها من عندك.
بعد أن توصلت سميرة لحساب عمر ظلت تتابعه في صمت، كانت أحيانا تعلق على بعض بوستاته والتي كانت دائما حزينة، تعجب عمر من أمرها فهى ليست من أصدقائه، لكنها أما تعلق أو تترك إعجاب على بوستاته، أى أنها متابعة جيدة له، كانت كل تعليقاتها عن الحب الأول وصعوبة نسيانه، دخل على حسابها فوجده مغلقا، فشل في التواصل معها والحصول على أي معلومة عنها، لم يتوقع ان تكون سميرة، فنسي أمرها ولم ينشغل بها.
يبدو أن باب السماء كان مفتوحا عند دعاء عزة، بعد أسبوع واحد تقريبا حضر خالها حمدى لزيارتها.
حمدى: أنا كنت تعبان ومحجوز في المستشفى ولسة خارج من يومين.
عزة: عرفت يا خالى ألف سلامة عليك، والله كنت فاكرة أجى أزورك وأتلهيت.
حمدى: فين ولاد عزيزة؟
عزة: جوة مع بناتى.
حمدى: أنا عايزهم، هاتكفل بيهم.
لم تصدق عزة ما سمعته، لم تتوقع أن يأتيها الفرج بهذه السهولة، ومن أقرب الناس إليها.
عزة: مش تعب عليك وعلى مرات خالى؟
الخال: مش أنا اللى هأخدهم، خالد ابنى هو اللى طلبهم، ربنا يهديه، يمكن ربنا يكرمه لما يراعى الأيتام دول.
عزة: ربنا يراضيه يارب.
أخذ خالد نهلة وعلى، اشترى لكل منهما حجرة أطفال منفصلة، كما اشترى لهما ملابس جديدة وألعاب وكومبيوتر لكل منهما.
شعرت عزة براحة كبيرة، لكن ظل بداخلها غصة نحو عمر.
أتمت حبيبة حفظ نصف القرآن، فرح عبد الرحمن بها فرحا شديدا وقرر مكافئتها.
عبد الرحمن: برافو يا حبيبة، لكى عندى هدية حلوة.
حبيبة: أنا كبرت على قصص الأطفال عايزة أجيب قصص دينية للكبار.
عبد الرحمن: هنجيب اللى انتى عايزاه، بس أنا هأجيب لك هدية دهب، قال هذا ثم نظر لسميرة وقال: هاتى لها خاتم دهب من عندك يا سميرة، أنا فاكر إننا جيبنا حاجة صغيرة بالفلوس اللى كانت متبقية.
ألجمت المفاجأة سميرة فقالت بارتباك: حاضر، من عينى أما أفضى بس.
عبد الرحمن: هو فين وأنا أجيب لها.
سميرة: هأجيب لها أنا عشان أجيب لها حلق حلو كمان، اللى معاها بقى صغير عليها.
عبد الرحمن: طب عرفينى هو فين، ما حدش ضامن الموت من الحيا، أنتى عرفانى لخمة وما أعرفش حاجة في البيت.
سميرة: أخس عليك يا عبدو، بتفول عليا، هو لو موتت كل اللى هيبقى همك الدهب؟ أهو مرمى جوة في الدولاب.
عبد الرحمن: بعد الشر عليكى يا أم عبد الله، ولا دهب الدنيا يعوضنى عنك.
استطاعت سميرة بمكرها أن تشغل تفكيره عما كان يريد، وفي اليوم التالى مباشرة اشترت لابنتها حلقا من الذهب التقليد (الصينى)، اختارته من النوع الجيد فلم يلحظ أحد أنه مقلد.
التعليقات