كانت الساعة قد اقتربت من المساء، وكان مكتب ألارا يعج بالهدوء بعد يوم طويل من العمل.
كانت تراجع بعض الملفات على مكتبها عندما دخل مروان، مبتسمًا بابتسامة غامضة على وجهه. عرفته جيدًا، لكن تلك المرة كانت مختلفة.
+
(مروان):
ـــ “إنتي لسه مش قادره تشوفي الحقيقة؟.. إن أدهم مش ليكي… لازم تتعلمي تقبلي الواقع.”
+
ألارا نظرت إليه ببرود، محاولة إبقاء الحديث بعيدًا عن أي شيء شخصي.
لكن مروان لم يكن يقصد ذلك، بل كان يتعمد استفزازها. اقترب منها تدريجيًا، محاولًا تقليل المسافة بينهما. لم تستطع أن تخفي مشاعرها المتضاربة، لكنه لم يكترث.
+
(ألارا، بتوتر): “مروان، لو سمحت، إحنا مش في وقت كلام عن أدهم.”
+
لكن مروان لم يوقف تحركاته، بل أضاف خطوة أخرى تجاهها.
وضع يده على الطاولة بجانبها وكأنما يهددها بوجوده. عينيه، كانتا مليئتين بشيء غير مريح.
ألارا، التي شعرت أن الخناق يضيق حولها، حاولت دفعه بلطف بعيدًا، لكن مروان ابتسم بابتسامة ساخرة.
+
(مروان): “وأنتي مش عايزة تعترفي، صح؟ لكن الحقيقة واضحة قدامك.”
+
ثم اقترب أكثر، مدّ يده ليمسك بمعصمها بعنف، محاولًا جذبها نحوه. ألارا تراجعت، لكنها كانت عالقة في مكانها. حاولت إبعاده، لكنها شعرت بالقوة التي كان يضغط بها على معصمها. كانت تحاول المقاومة، لكن الخوف بدأ يتسلل إلى قلبها.
+
(ألارا، بصوت مختنق): “مروان، سيب يدي!”
+
لحظات من التوتر، ثم بدأت يده تتحرك إلى جانب وجهها، محاولةً الوصول إلى عنقها. كان شعرها ينساب على كتفيها بينما حاولت أن تبعده. قلبها كان ينبض بسرعة، وشعرت أن الهواء بدأ ينفد من رئتيها.
لم تراه من قبل ينظر اليها بتلك الوحشية.. هل دخول أدهم لحياتها هو ما جعله يتحول الى شخص آخر لا تعرفه؟!
فجأة، دخل أدهم من الباب، كان أدهم قد وصل في اللحظة المثالية.
رآى المشهد أمامه وكأن قلبه قد توقف. لم يستطع منع نفسه.
غضبه كان أسرع من عقله، وتقدّم بسرعة. أمسك بمروان من عنقه ودفعه بعيدًا عن ألارا بقوة، وكأن الأرض تحت قدميه اهتزّت.
+
(أدهم، صارخًا): “إبعد عنها يا حيوان! مش هسمحلك تلمسها تاني!”
+
مروان سقط على الأرض بسبب الدفع العنيف، لكن سرعان ما نهض بنظرة مليئة بالكراهية.
حاول أن يقاوم، لكنه شعر بشيء غير مألوف في عيني أدهم. في تلك اللحظة، بدأ أدهم يتصرف وكأن ندى هي التي أمامه، وكأن هذا كان الصراع الأخير.
+
(أدهم، بصوت مخنوق): “أنت مش هتتحمل عواقب ده يا مروان.”
أدهم ضرب مروان ضربًا مبرحًا، وكأن كل ضربة كانت رد فعل على آلامه العميقة.
ضربات متتالية، وهو يصرخ بكلمات غير مفهومة، موجهة لمروان ولسنوات من الألم. ألارا، التي كانت لا تزال تجلس على مقعدها كانت ترتجف و تهتف بأدهم بصوت ضعيف:
ـــ “كفاية يا أدهم.. سيبه.. هتموته”
و لكن في تلك اللحظة دخل اليهم معتصم الذي سمع الجلبة آتية من مكتب ألارا..
أسرع بسحب مروان من بين يدي أدهم الذي كان يبدو و كأنه في عالم آخر..
كان مصدوما من حالته الوحشية، ترى ماذا فعل مروان حتى استفزه لتلك الدرجة!!
بينهما أدهم أخذ يتنفس بعنف و هو ينظر لمروان و معتصم يجره خارج المكتب..
عاد معتصم يسأله بغضب بالغ:
ـــ ايه اللي حصل؟!..هو انتو هتفصلوا لحد امتى تتخانقوا؟!
رد بصوت جهوري:
ـــ الحيوان كان بيتحرش بألارا…ألارا بنت عمه اللي المفروض انه بيخاف عليها و بيحميها..
+
صعق معتصم من كلامه فتركه و عاد أدراجه الى مروان..
—
بعد خروج مروان ومعتصم من المكتب، بقيت ألارا جالسة على الأريكة، جسدها يرتعش ودموعها تغمر وجهها. كان أدهم يقف أمامها، يراقبها بعيون مليئة بالقلق والغضب المكبوت. شعر بيديه ترتجفان، ليس خوفًا بل غضبًا من فكرة أنها كانت في خطر ولم يكن قريبًا بما يكفي لحمايتها.
+
اقترب منها ببطء، ثم جلس بجانبها، محاولًا أن يجعل صوته أهدأ مما يشعر به داخله.
+
الحوار (أدهم، بصوت منخفض لكنه حازم): “ألارا… بصيلي… إنتي بخير دلوقتي، مش هخلي حد يقرب منك تاني.”
+
رفعت رأسها ببطء، نظراتها مليئة بالخوف والارتباك. حاولت التحدث، لكن الكلمات تعثرت في حلقها. أمسك أدهم بيديها برفق، وكأن لمساته كانت الطريقة الوحيدة لطمأنتها.
+
(أدهم، بنبرة جادة): “مروان… مش هيكررها تاني.. أقسم لكِ.”
ألارا شعرت ببعض الراحة من كلماته، لكنها لم تستطع تجاهل القلق الذي تسلل إلى قلبها. أخذت نفسًا عميقًا، ثم همست بصوت بالكاد يُسمع:
+
الحوار (ألارا): “هو… هو بيكرهني؟ ليه عمل كده؟”
+
اكانت كلماتها كافية لإشعال الغضب من جديد في قلب أدهم. وقف فجأة، وبدأ يسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا، كأنه يحاول تهدئة عاصفة داخله.
+
(أدهم): “مش مهم هو بيكرهك ولا بيحبك… المهم إنك بأمان دلوقتي… لكن لازم تبقي حذرة، خصوصًا وهو معاكي في نفس البيت.”
+
ألارا شعرت بالصدمة من كلماته. نظرت إليه بتردد، ثم قالت:
+
(ألارا): “تقصد إنه ممكن يحاول تاني؟”
+
أدهم توقف عن الحركة، التفت نحوها، ثم جلس أمامها مباشرة. نظر في عينيها بجدية، وقال:
+
ـــ “مش هسمح بده يحصل. ولو حصل… هعمل المستحيل علشان أحميكي.”
+
كان في صوته شيء من القوة والعزيمة جعلها تشعر بأنها ليست وحدها. لكن مع ذلك، كانت تعلم أن الوضع مع مروان لن يكون بهذه البساطة. أمسكت بيديه، ثم قالت بنبرة مترددة:
ـــ “أدهم… أنا مش عارفة أتعامل مع وجوده… هو كأنه شايفني… عائق.”
+
أدهم تنهد بعمق، ثم وضع يده على كتفها برفق:
ـــ “لو عايزة.. ممكن تروحي مكان تاني بعيد عنه.. أو… ممكن أنا أكون قريب منك أكتر… لحد ما نحل المشكلة دي.”
+
كلماته كانت مليئة بالإخلاص، لكنها أيضًا حملت في طياتها مشاعر لم يكن قادرًا على التعبير عنها بشكل مباشر.
ألارا شعرت بذلك، لكنها فضلت أن تبقي صمتها، فقط أومأت برأسها، وعيناها تمتلئان بالامتنان.
+
—
+
بعدما سحب معتصم مروان بعنف خارج المكتب، وملامحه تموج بالغضب. دفعه بقوة نحو الجدار، ثم أشار إليه بإصبع اتهام، عينيه تضيقان بغضب مكتوم.
+
(معتصم):
“إنت اتجننت؟ فاكر نفسك بتلعب؟ لو أدهم كان لحقك متأخر شوية، كان زماننا بندور على محاميين يدافعوا عنك في جريمة كان ممكن تدمرنا كلنا!”
+
مروان، وهو ينفض الغبار عن ملابسه، حاول أن يحتفظ بمظهره المتماسك، لكن نظراته فضحت قلقًا خفيًا. قال بصوت مليء بالسخرية:
(مروان):
“إيه؟ خايف على الشغل ولا خايف على صاحبك اللي بيحارب أشباح؟!”
+
لم يمنح معتصم نفسه فرصة للرد بغضب، لكنه اقترب أكثر، مخفضًا صوته ليصبح أكثر حدة:
(معتصم):
“أنا خايف على الشغل اللي لو خسرناه، مش هينفعني لا انت ولا أدهم… فاهم؟.. اسمعني كويس، ألارا مش لعبة، وأدهم مش حد تتحداه بالطريقة دي… ابقى حاول مرة تانية كدا وأنا أول واحد هاقف معاه ضدك.”
+
مروان ارتجف قليلاً، لكنه رفع رأسه بنوع من العناد، وكأن عنجهيته لن تسمح له بالاستسلام.
معتصم، على الجانب الآخر، تراجع خطوة وأخذ نفسًا عميقًا، محاولًا تهدئة نفسه قبل أن ينهي الحديث:
(معتصم):
“اسمع نصيحتي، لو عايز تنجح وتفضل شريك في المشروع، لازم تعرف تظبط نفسك… ما تخليش خلافات شخصية تدمرك وتدمرنا معاك… الموضوع أكبر منك بكتير.”
+
كان الحديث بمثابة تحذير نهائي. مروان، رغم سخطه، لم يجد ردًا سوى النظر إلى معتصم بصمت، ثم التفت مغادرًا المكان. معتصم، في تلك اللحظة، شعر أن الأمور قد تهدأ الآن، لكن في داخله كان يعلم أن هذا الغليان لن ينتهي بهذه السهولة.
+
كانت الأجواء مشحونة في مكتب أدهم بعد الحادثة مع مروان. جلس أدهم على كرسيه، يحاول السيطرة على غضبه المتبقي، عندما دخل معتصم بغتةً دون طرق الباب. كان وجهه مملوءًا بالصرامة، وكأن الكلمات التي كان ينوي قولها لن تنتظر.
+
(معتصم):
“إحنا لازم نتكلم، دلوقتي.”
+
أدهم نظر إليه ببرود، واضعًا يده على سطح المكتب، وكأنه يجهّز نفسه لسماع شيء لم يكن بحاجة إليه. قال بصوت هادئ، لكنه يحمل نبرة تحدٍ:
+
“لو عن اللي حصل مع مروان، خلاص الموضوع انتهى.”
+
لكن معتصم لم يتراجع. اقترب من المكتب وضرب كفه عليه بقوة، عاقدًا حاجبيه، وكأن الغضب يفيض منه.
(معتصم):
“مش عن مروان بس… عنك إنت! إيه اللي حصلك؟ كنت واحد بيشوف الدنيا بعقلانية، فجأة بقيت شخص تايه و بتتصرف بغرابة!”
+
أدهم رفع حاجبه، متجاهلًا الحدة في كلمات معتصم، وقال بنبرة ساخرة:
+
“تايه؟! عشان مهتم بشريكتي في الشركة؟”
معتصم أشار إليه بغضب:
+
“مش مهتم، إنت متعلق بيها بطريقة مش طبيعية، وده بيأثر على كل قراراتك! أدهم اللي أعرفه كان عنده أولويات… شغله… مستقبله… لكن دلوقتي؟ بقى كل حاجة عن ألارا.”
+
كانت كلمات معتصم تضغط على جرح خفي داخل أدهم، لكنه لم يظهر أي انفعال. بل وقف من مكانه، مواجهًا معتصم بنظرة هادئة، لكنها تحمل الكثير من الغموض.
+
(أدهم بجدية يشوبها الصرامة:)
“معتصم اولا متنساش نفسك و تتخطى حدودك معايا… ثانيا في حاجات أنت مش فاهمها… حاجات أنا بس اللي شايفها… أنا اللي قررت آخد الطريق ده، و بطلب منك بالذوق انك ماتتدخلش.”
+
صمت معتصم للحظات، لكنه لم يتراجع. كان يحدق في وجه أدهم، وكأنه يحاول اختراق جدار الغموض الذي أحاط نفسه به.
(معتصم):
“الطريق ده هيضيعك يا أدهم…. ألارا مش زي ما أنت فاكر… لو استمريت كده، مش بس شغلك اللي هيخسر، ممكن تخسر نفسك.”
+
لكن أدهم، بدلًا من الرد، اقترب من معتصم ببطء، واضعًا يده على كتفه.
نظر إليه بعينين مليئتين بالإصرار وقال بهدوء:
+
“أنا عارف أنا بعمل إيه… ولو في أي حاجة محتاجة أواجهها.. أنا هواجهها لوحدي.”
+
خرج معتصم من المكتب وهو يشعر أن شيئًا كبيرًا يتشكّل في أفق حياة أدهم، لكن لم يكن لديه القوة ليمنعه.
أدهم، في تلك اللحظة، جلس مجددًا، عقله يطارد الحقيقة، وشيء بداخله يصرخ: “السر مش بعيد عني.”
+
—
+
كانت ريم تجلس في غرفتها، غارقة في صمت عميق. ضوء المصباح الخافت يغمر المكان، بينما كانت تمسك بفنجان قهوة لم ترتشف منه سوى مرة واحدة. أمامها كان الهاتف ملقى على الطاولة، وشاشة الرسائل المفتوحة تحمل اسم معتصم.
+
حدّقت فيه طويلًا، وكأنها تنتظر أن تخرج الكلمات من الشاشة لتخبرها بما يجب أن تفعله. قلبها ينبض بسرعة، كلما فكرت في إمكانية النقر على زر الاتصال.
+
—
(داخل عقل ريم):
+
ماذا لو أعطيته فرصة؟ ماذا لو كان بإمكاننا تجاوز ما حدث؟ ولكن… ماذا لو أخطأنا من جديد؟
+
هزّت رأسها بعنف، وكأنها تحاول طرد أفكارها، لكن مشاعرها كانت أقوى. كانت تتأرجح بين رغبتها في الإصلاح وخوفها من العودة إلى الدوامة التي حاولت الخروج منها لسنوات.
+
—
+
وضعت الفنجان جانبًا ونهضت لتقف أمام المرآة. نظرت إلى انعكاسها، تبحث عن الإجابة في عينيها. كانت ترى امرأة مرهقة، مليئة بالذكريات، لكنها أيضًا كانت ترى شيئًا آخر… شيئًا يشبه الأمل.
+
(ريم):
“ليه بخاف؟ هو معتصم اللي اتغير ولا أنا اللي مش قادرة أثق فيه؟!”
+
تذكرت كلماته الأخيرة، عندما قال: “يمكن اللي بتخافيه مش هو اللي هيحصل.”
شعرت بوخزة في قلبها، وكأن تلك الكلمات كانت الحقيقة الوحيدة التي تحتاجها.
+
خطت نحو السرير وجلست عليه ببطء، يداها تضغطان على بعضهما بعصبية.
+
—
(داخل عقل ريم):
+
لو أعطيته فرصة، هل سأندم؟ لكن لو لم أفعل… هل سأفقد شيئًا أعلم في داخلي أنني أريده؟
+
تنفست بعمق، محاولة تهدئة نفسها.
+
“أنا مش هعرف أعيش وأنا بتهرب… يمكن فعلاً لازم أواجه، ولو حتى مرة واحدة.”
+
نهضت فجأة، وكأنها قررت شيئًا، وأمسكت بالهاتف. عينيها مثبتتان على الشاشة، إصبعها يتردد فوق زر الاتصال. استجمعت شجاعتها وأخذت نفسًا عميقًا.
+
لكن قبل أن تضغط الزر، أغلقت الشاشة بعنف وألقت الهاتف على الطاولة.
+
—
+
(داخل عقل ريم):
+
لسه مش جاهزة… لكن يمكن قريب لازم أكون جاهزة، مش علشانه، علشاني أنا.
+
نهضت مرة أخرى، لكن هذه المرة بابتسامة صغيرة خجولة على شفتيها. ربما لم تكن مستعدة الآن، لكن للمرة الأولى، شعرت بأنها قادرة على المحاولة.
+
—
+
في ليلة هادئة، كانت ريم جالسة على الأريكة في غرفة المعيشة، بينما كانت والدتها بجوارها، تنهي كوبًا من الشاي. بدا على ريم التوتر، وكانت عيناها تتحركان ببطء، كأنها تبحث عن الكلمات التي تريد قولها. والدتها لاحظت هذا التردد، لكنها اختارت الصمت، منتظرة أن تبدأ ريم بالحديث.
+
ريم (بتردد):
“ماما… محتاجة أتكلم معاكي عن حاجة.”
+
الأم (تنظر إليها بحنان):
“اتفضلي يا بنتي. شايفاك متحيرة من فترة. عايزة أسمعك.”
+
تأملت ريم وجه أمها للحظة، وشعرت بشيء من الراحة في نظرتها الثابتة، وكأنها تقول لها إنها لن تحكم عليها مهما كان قرارها.
+
ريم (تنفست بعمق):
“معتصم… رجع يتكلم معايا. بيحاول يقنعني إننا ندي نفسنا فرصة تانية. وأنا… مش عارفة أعمل إيه.”
+
الأم (بهدوء وحكمة):
“وإنتي شايفة إيه، يا ريم؟ قلبك بيقولك إيه؟”
+
ريم (بنبرة مترددة):
“قلبـ… مش عارفة. جزء مني عايز أرجع، وجزء تاني خايف. خايفة أرجع أعيش نفس اللي عشناه قبل كده.”
+
ابتسمت الأم ابتسامة خفيفة، لكنها كانت مليئة بالشجن، ثم وضعت كوب الشاي جانبًا وأخذت يد ريم بين يديها.
+
الأم (بحزم لكن برفق):
“يا ريم، الحياة كلها مغامرات. الخوف عمره ما هيوديك لأي حاجة. بس عايزاكي تسألي نفسك سؤال مهم: هل الحب اللي جواكي ليه يستحق إنك تحاولي؟”
+
ريم (تنظر إلى الأسفل):
“مش عارفة يا ماما… أوقات بحس إنه يستاهل، وأوقات بحس إنه مش هيقدر يغير اللي فات.”
+
تراجعت الأم في جلستها قليلًا، وكأنها تسترجع شيئًا من الماضي. عيناها أصبحتا أكثر دفئًا وهي تتحدث:
+
الأم:
“عارفة يا ريم، أنا وأبوكي في بدايتنا كان عندنا مشاكل كتير. كنت بقول لنفسي إني لو مشيت، هرتاح. لكن كل مرة كنت أسأل نفسي: هل فعلاً اللي بينا يستحق نكمل؟ الإجابة كانت نعم، وده كان كفاية.”
+
ريم (تنظر إلى والدتها بدهشة):
“إنتي وأبويا كنتوا بتفكروا تسيبوا بعض؟”
+
الأم (تبتسم بحنين):
“طبعًا، إحنا بشر. المهم مش المشاكل نفسها، المهم إنك تكوني متأكدة إن الشخص اللي قدامك مستعد يتغير علشان العلاقة دي. لو معتصم جاهز يبقى شخص أحسن ليكي، إنتي كمان محتاجة تكوني جاهزة تدي له الفرصة.”
+
شعرت ريم بشيء من الراحة يتسرب إلى قلبها. كلمات والدتها كانت مثل المرآة التي عكست كل مخاوفها ورغباتها.
+
ريم (بصوت منخفض):
“يعني أدي له فرصة؟”
+
الأم (بابتسامة حكيمة):
“مش بقولك تديه فرصة وبس، لكن اسألي قلبك وعقلك… لو حسيتي إنك تقدري تسامحيه وتبدأي من جديد، جربي… ولو مش قادرة، يبقى القرار بتاعك، ومحدش هيقدر يلومك.”
+
وضعت ريم رأسها على كتف والدتها، وهي تهمس بشيء من الامتنان:
+
ريم (بصوت ضعيف):
“بحبك يا ماما.”
+
الأم (تربت على شعرها):
“وأنا كمان بحبك، يا بنتي… اختاري اللي يريحك، وأنا هنا معاكي دايمًا.”
+
في تلك اللحظة، شعرت ريم أنها ليست وحيدة. ربما لم تتخذ قرارها بعد، لكن الحديث مع والدتها كان مثل نقطة البداية التي كانت تحتاجها لتبدأ في مواجهة مخاوفها والبحث عن السلام الذي افتقدته.
+
—
منذ حادثة مروان و محاولته التحرش بها و رأسه لا يهدأ.. و عقله لا يتوقف عن التفكير..
لم يعد لديه صبر على انتظار السر حتى ينكشف من تلقاء نفسه.. بقاء الارا مع رجل كمروان يعني بقاء ندى معه..
هو لن يصمت على ذلك الوضع طويلا و لا بد له من إثبات لنفسه بأن ألارا هي نفسها ندى اولا ثم يمضي قدما في كشف الحقيقة خطوة خطوة..
نام و قد عقد العزم على بدء اولى خطواته من الغد..
+
في صباح اليوم التالي..
في المكتب الواسع، حيث كانت الشمس تلقي خيوطها الذهبية الأخيرة عبر النوافذ الكبيرة، دخل أدهم بخطوات واثقة لكنها تحمل شيئًا من التوتر.
كان معتصم يجلس خلف مكتبه، يراجع بعض الملفات، لكنه رفع رأسه فور رؤية أدهم.
+
معتصم (بصوت هادئ):
“غريبة! زياراتك كترت يا أدهم؟.. “
+
أدهم (بابتسامة باهتة):
“خلينا نقول إنها زيارة ضرورية.”
+
وضع أدهم حقيبته الجلدية على أحد الكراسي أمام المكتب، ثم جلس وهو يتأمل معتصم بنظرة تحمل إصرارًا وغموضًا في آن واحد.
+
أدهم:
“أنا عايز منك خدمة يا معتصم.”
+
معتصم (بفضول):
“خدمة؟.. أول مرة أسمع منك الكلمة دي.”
+
أدهم (بجدية):
“تاخد مروان معاك وتبعده عن القاهرة شوية… القرية السياحية بتاعته في البحر الأحمر مثلا”
+
ارتفع حاجبا معتصم قليلاً وهو ينظر إليه بدهشة. مال بجسده إلى الأمام، وكأنه يريد التأكد من أنه فهم الكلمات بشكل صحيح.
+
معتصم:
“عايزني أعمل إيه؟.. أبعد مروان؟.. ليه؟”
+
أدهم (بثبات):
“لأنه بقى عائق بيني وبين حاجة تخصني”
+
معتصم (بصوت حازم):
“حاجة تخصك؟.. متأكد إن الموضوع ليه علاقة بـ… ألارا؟”
+
لم يُظهر أدهم أي رد فعل على ذكر اسم ألارا، لكنه أومأ برأسه قليلاً، مما زاد من حدة توتر معتصم.
+
معتصم (بصوت مرتفع قليلاً):
“أدهم، أنا قلتلك قبل كده… ألارا مش مراتك، ومش من حقك تختلي بيها بالطريقة دي… ده لا يليق لا بيك ولا بيها.”
+
أدهم (بهدوء مستفز):
“وأنا مش طالب منك تقييم الموقف… أنا عارف أنا بعمل إيه.”
+
نهض معتصم من كرسيه فجأة، ووقف خلف مكتبه، يحدق في أدهم بنظرة صارمة.
+
معتصم:
“عارف؟ عارف إنك بتدخل في حاجة أكبر منك؟ انت بتلعب بالنار يا أدهم.”
+
أدهم (بغموض):
“ممكن تكون شايف كده… بس النار دي ممكن تكون الطريق الوحيد للحقيقة.”
+
تراجع معتصم قليلًا، وبدأ يفكر في كلمات أدهم، لكنه لم يُظهر أي نية للتراجع عن موقفه.
+
معتصم:
“طيب… نفترض إني وافقت… إيه المقابل؟”
+
تجمد أدهم للحظة، لكن عينيه ظلتا ثابتتين على معتصم.
+
أدهم (بحذر):
“إيه اللي ممكن تطلبه؟”
+
معتصم (بهدوء مصطنع):
“ريم… ساعدني أرجع علاقتي بيها.”
+
كانت الكلمات كفيلة بإشعال بركان من الغضب داخل أدهم… نهض فجأة، وصوت الكرسي المعدني وهو يُدفع للخلف أحدث صدى في الغرفة.
+
أدهم (بصوت غاضب):
“ريم؟.. إنت اتجننت؟.. انت مالك ومال ريم؟ بلاش تقرب منها احسنلك.. انا بقولك اهو!”
+
معتصم (بهدوء، لكنه ثابت):
“ليه؟.. مش من حقك تمنعني… إحنا ولاد النهارده… وأنت عارف كويس إن لسه فيه حاجة بيني وبينها.”
+
اقترب أدهم منه بخطوات ثقيلة، عينيه مشتعلة بالغضب.
+
أدهم (بصوت منخفض لكنه محمّل بالتهديد):
“ريم خط أحمر… مش هسمح لك حتى تفكر فيها.”
+
معتصم (محاولًا التهدئة):
“طيب… خلاص، اهدى… مش هضغط عليك في النقطة دي… بس خد بالك يا أدهم، أنا مش عايز منك حاجة غير إنك تفكر… لو علاقتك بألارا هي اللي مخلياك كده، يبقى فيه حاجة غلط.”
+
صمت أدهم للحظة، لكنه ظل غارقًا في مشاعره المتضاربة… استدار فجأة نحو الحقيبة الجلدية، أمسكها بقوة، ثم قال بتصميم:
+
أدهم:
“هتساعدني ولا لأ؟”
+
معتصم (بتنهيدة طويلة):
“هساعدك… بس لو حسيت إنك بتضيع نفسك، مش هقف ساكت.”
+
خرج أدهم من المكتب بخطوات سريعة، تاركًا معتصم يراقبه بصمت… كان يعلم أن الأمور لن تنتهي هنا، وأن ما بينهما سيزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.
+
في المساء، عاد أدهم إلى منزله بعد يوم طويل في العمل،
وضع حقيبته التي رافقته اليوم على الطاولة بغرفته ثم التقط ملابس منزلية و دلف الى الحمام الصغير الملحق بغرفته..
دخلت تيسير الغرفة لتجمع ملابسه المتسخة تعطيها لوفاء الخادمة فلاحظت تلك الحقيبة الغريبة..
+
بعد قليل خرج أدهم من المرحاض ليجد والدته قد دخلت غرفته وجعلت حقيبته مفتوحة على الطاولة، وعيناها تتأملان محتوياتها بفضول واضح.
كانت الحقيبة تحتوي على الباروكة التي تشبه شعر ندى القصير والعدسات اللاصقة البنية التي تشبه لون عيني ندى، إضافة إلى ملابس كانت يفضلها، مثل الهوت شورت والبادي ذو الحمالات الرفيعة.
+
نظرت إليه والدته بدهشة، ثم سألته بصوت متوتر: ــ “أدهم… إيه الحكاية؟ الحاجات دي مش غريبة شوية؟”
+
أدهم نظر إليها بعينيه المليئتين بالقلق لكنه تماسك، ثم قال بهدوء، محاولًا الحفاظ على هدوء الموقف:
ــ “ماما…انا حاسس ان ألارا هي ندى، و انا عايز اثبت لنفسي أكتر..عشان كدا أنا جهزت الحاجات دي.”
+
أجابته والدته بسرعة، وعيناها تملؤها الدهشة والخوف: ــ “إيه اللي بتقوله ده؟ ألارا دي مش ندى… ندى ماتت في الحادث، أنا عارفة ده كويس. ليه تجيب الحاجات دي؟ ليه تحاول تعيش في وهم؟”
+
أدهم شعر بثقل قلبه، لكنه أجاب بحزم:
ــ “ماما، أنا مش في وهم. فيه حاجة في ألارا، ملامحها، طريقة كلامها، حاجات بتخليني أتأكد إنها ندى… بس أنا محتاج أتأكد… عشان كده قررت أخليها تلبس الحاجات دي، ألبسها زي ندى بالظبط.”
+
والدته نظرت إليه بقلق، ولم تستطع إخفاء مشاعرها:
ــ “أدهم، ده مش صح… و دي مش حاجة صحية ليك… إنت بتجرح نفسك أكتر كل ما تقرب منها… ندى ماتت، وألارا دي مش هي.”
+
لكن أدهم لم يتراجع، كان قلبه ينبض بسرعة وقراره كان ثابتًا:
ــ “ماما، أنا مش هقدر أعيش في شك زي ده… أنا محتاج أتأكد، ولو طلعت مش ندى… ساعتها هبقى أقدر أمشي بعيد عنها… لكن لو طلعت هي ندى، هكون فاهم كل حاجة و ساعتها مش هسكت لحد ما ارجعها لحضني تاني”
+
أضاف بصوت هادئ، لكن مليء بالعزيمة: ــ
“أنا مش هقدر أتراجع لحد ما أتأكد… لو كان فيه حاجة غلط، لازم أعرفها… أنا عايز الحقيقة.”
+
نظرت إليه والدته، كأنها تفهم تمامًا ما يشعر به، لكنها كانت لا تزال قلقه على صحته النفسية:
ــ “أدهم، إنت مش لوحدك… احنا كلنا بنحبك و خايفين عليك.. ما تحاولش تغرق في الماضي، هو مش هيرجع…. بلاش تكمل في طريق مش هيوصلك لنتيجة كويسة.”
+
أدهم شعر بأن كلام والدته يحتوي على الكثير من الحب والقلق، لكنه كان مصمماً:
ــ “لا يا ماما، أنا محتاج أعرف… خلاص مش هقدر أعيش في الحيرة دي تاني.”
+
أخذ الحقيبة و اغلقها و احتفظ بها في خزانته دون أن يقول كلمة أخرى.
كان يشعر بقلق داخلي، ولكنه كان مصممًا على معرفة الحقيقة مهما كانت العواقب.
+
—
في صباح اليوم التالي استطاع معتصم أن يقنع مروان بالسفر الى قريته السياحية بالبحر الاحمر لكي يصفي ذهنه و يبتعد عن أدهم قليلا حتى ينسى فعلته الشنعاء مع ألارا…
فيما قد اتفق أدهم مع الارا على اخذها في رحلة بعيدا عن مروان و مضايقاته لها التي لا تنتهي.. فوافقت بعدما أخذ الإذن من والدها و قد وافق بعد الكثير من الاقناع و تعهد أدهم له بالمحافظة عليها..
+
يتبع…
+
ادهم هياخد الارا و يطلعوا رحلة على اليخت لوحدهم
يا ترى ايه توقعاتكم للي هيحصل ع اليخت؟!
الحلقة مكتوبة و جاهزة بس عايزة اشوف حماسكم
لو الحلقة دي جابت تفاعل كبير هنزل الجديده بسرعة
مع تحياتي /دعاء فؤاد
و آه متنسوش ترشحوا الرواية لأصحابكم من محبي الروايات
التعليقات