التخطي إلى المحتوى

في غرفة المعيشة بمنزل العائلة، حيث يجلس أدهم وندى على أريكة واحدة، بينما تيسير، ريم، وروان يجلسن على الكراسي المقابلة. الجو يملؤه الترقب بعد أن طلب أدهم عقد اجتماع عائلي.

+

[يتنحنح أدهم، يرفع عينيه ببطء إلى وجه ندى، ثم يحول نظره إلى باقي أفراد العائلة.]

أدهم (بهدوء لكن بحزم):

ــ “في حاجة مهمة كنت لازم أوضحها ليكم… حاجة تخصني أنا وندى، وكنت مستني الوقت المناسب عشان أتكلم عنها.”

+

[ندى تنظر إليه بدهشة، علامات التوتر تبدو جلية على وجهها.]

ندى (بصوت منخفض):

ــ “خير يا أدهم؟ إيه اللي عايز تقوله؟”

+

[يحاول أدهم تهدئتها بنظرة مطمئنة قبل أن يلتفت إلى الجميع.]

أدهم:

ــ “ندى… أنا كنت بشك في صحة جوازنا، وكنت لازم أتأكد إننا ماشيين صح. اتأكدت إننا لازم نجدد عقد جوازنا.”

+

[تتسع عيناها، وتسيطر الدهشة على وجهها.]

ندى:

ــ “إيه؟ ليه؟”

+

[تقاطعه تيسير بنبرة متوترة.]

تيسير:

ــ “يا بني، إنت بتقلقنا! يعني إيه تجددوا العقد؟ مش لسة متجوزين؟”

+

[يحاول أدهم تهدئة الجو بإشارة من يده.]

أدهم:

ــ “لما ندى اختفت… كنا فاكرينها ماتت، واستخرجت شهادة وفاة. من وقت ما رجعت وأنا بحاول أفهم إذا كان جوازنا الأول لسه ساري… أو محتاجين عقد جديد.”

+

[ريم تنظر بدهشة إلى روان وتهمس.]

ريم (باندهاش):

ــ “ده فيلم… حاجة متتصدقش!”

+

روان (مندهشة):

ــ “يعني إيه؟ لازم فعلاً يجددوا العقد؟”

+

[يعود أدهم للحديث بنبرة أكثر حزمًا.]

أدهم:

ــ “سألت في دار الإفتاء… وقالولي إن شهادة الوفاة بتبطل العقد. ولو حبينا نكمل مع بعض، لازم نكتب عقد جديد… يعني هتجوزك تاني يا ندى”

+

[ندى تشعر بالصدمة، تتملكها مشاعر متضاربة بين الخوف والتساؤل.]

ندى (بصوت مرتجف):

ــ “وأنت… متأكد إنك عايز تجدد العقد؟”

+

[ينظر أدهم إليها مباشرة، يبتسم بثقة وصدق.]

أدهم (بحب واضح):

ــ “طبعًا. المرة دي أنا اللي هختارك يا ندى، مش الظروف اللي هتفرضنا على بعض.”

+

[ريم تقاطع بحماس.]

ريم:

ــ “طب ده معناه إن هيبقى في حفلة زفاف جديدة؟”

+

[يبتسم أدهم بخفة وينظر إليها.]

أدهم:

ــ “أيوة. المرة دي هنعمل فرح كبير زي ما ندى تستحق.”

+

[تيسير تنظر إليه بامتنان.]

تيسير:

ــ “كنت خايفة عليك يا بني… لكن واضح إنك أخيرًا عرفت تختار الصح.”

+

[روان تنظر بفضول إلى أدهم.]

روان:

ــ “طب وإيه اللي حصل قبل كده؟ أقصد… أنتم كنتوا عايشين مع بعض… يعني إزاي؟”

+

[الجميع ينظرون إلى أدهم منتظرين إجابته، بينما يتنفس بعمق وكأنه يحاول جمع شجاعته.]

أدهم (بهدوء وصدق):

ــ “طالما بنتكلم بصراحة… لازم تعرفوا إن علاقتنا كانت مختلفة… الحقيقة… إن الجواز الأول كان صوري.”

+

                            

[ندى تنظر إليه مذهولة، لا تصدق ما تسمعه.]

ندى (بتوتر):

ــ “إيه اللي بتقوله؟”

+

[ينظر إليها برفق، يقترب منها قليلاً، متحدثًا بنبرة تحمل حنانًا واعتذارًا.]

أدهم:

ــ “وقتها كنت مش قادر أقبل فكرة الجواز بالطريقة اللي حصلت… كنت محتاج وقت أفهم مشاعري و اتفقنا نخلي الجواز صوري… لحد ما وقعت في حبك.. وكل مرة كنت بحاول أقرب منك، كانت الظروف تمنعنا..مرة انتدابي و بعدين مرضك و بعدها وفاة باباكي لحد ما الحادثة حصلت.”

+

[ندى تغمض عينيها للحظة، وكأنها تحاول استيعاب كلماته، بينما ريم تصرخ بدهشة.]

ريم:

ــ ” يعني ندى لسه…؟!”

+

[تسيطر الصدمة على الجميع، بينما تيسير تضع يدها على قلبها.]

تيسير:

ــ “يعني… ندى لسه بِكر؟”

+

[يهز أدهم رأسه موافقًا.]

أدهم:

ــ “أيوة يا أمي… دي الحقيقة… وده سبب خلافي مع نفسي طول الفترة اللي فاتت و احساسي بالذنب بعد ما اختفت… لكن دلوقتي بحمد ربنا انه اداني فرصة جديدة و رجعهالي عشان اعوضها عن اللي عشناه زمان”

+

[ندى تنظر إليه بعيون دامعة، لكنها ترى الصدق في كلماته. ترتسم ابتسامة خفيفة على وجهها.]

ندى (بهمس):

ــ “ما عنديش مانع… طالما المرة دي هتبقى باختيارنا إحنا.”

+

[تتساقط دموع الفرح من عيون تيسير، بينما ريم وروان تهتفان بسعادة.]

ريم:

ــ “أهو ده الكلام اللي يفرح!”

+

روان (بمزاح):

ــ “بس استعجلوا قبل ما الظروف تمنعكم تاني!”

+

[الجميع يضحك، وينتهي المشهد على نظرات أدهم العاشقة لندى، وكأنهما يبدآن فصلًا جديدًا مليئًا بالحب.]

+

بدا أدهم متردداً في أمر ما في البداية، لكنه قرر المضي قدماً في الحديث عن خطته القادمة.

اقترب في جلسته من ندى، بينما كانت عائلته تتابع النقاش باهتمام واضح.

+

أدهم (بنبرة جادة):

ــ “قبل ما نبدأ صفحة جديدة ونتجهز للفرح… في حاجة شايف إنها ضرورية نعملها الأول.”

+

ندى (بتوتر):

ــ “حاجة زي إيه؟”

+

أدهم (ناظراً إلى عينيها مباشرة):

ــ “أشوف دكتور مخ وأعصاب يساعدك تستعيدي ذاكرتك يا ندى. أنا عايزك تفتكري كل حاجة تخصنا… وتعرفي مين إحنا فعلاً.”

+

ندى (مبتلعة ريقها بخوف):

ــ “دكتور؟ يعني إيه؟ هيعمل معايا إيه؟”

+

أدهم (بهدوء لطمأنتها):

ــ “مجرد جلسات علاجية، أسئلة بسيطة، وتمارين تساعدك تربطي الأحداث في دماغك… مش حاجة تخوف.”

+

تيسير (بحماس):

ــ “خطوة حلوة يا أدهم، يمكن دا اللي كنا محتاجينه من البداية.”

+

ريم (مبتسمة):

ــ “أيوة.. وأنا متأكدة إن الذكريات هترجع لما تشوفي صور وأماكن كنتي بتحبيها.”

+

ندى (وهي تنظر نحو الأرض، تتردد في كلامها):

ــ “بس… خايفة الموضوع يكون صعب… أو إنه يسبب لي ضغط أكتر.”

+

        

          

                

أدهم (ماسكاً يدها بحنان):

ــ “ندى، أنا هكون معاكي في كل خطوة… ومش هعمل أي حاجة تضايقك… إحنا مش مستعجلين، لكن حابب نبدأ قبل ما نتجوز.”

+

روان (ممازحة):

ــ “يا خبر، يعني هتستنو شوية كمان؟!”

+

أدهم (مبتسماً):

ــ “بس مش كتير يا روان… وعلشان كل حاجة تكون مظبوطة، انا هنام في قوضتى و ندى هتنام في قوضتها لحد ما نكتب الكتاب”

+

ندى (بدهشة):

ــ “يعني هننفصل؟!”

+

أدهم (بنبرة حازمة لكن مليئة بالحب):

ــ “أيوة… دا الأفضل دلوقتي.. عايز كل حاجة تبقى بما يرضي الله… وما تقلقيش، دا مجرد وضع مؤقت لحد ما نرجع لبعض رسمي.”

+

تيسير (بابتسامة مطمئنة):

ــ “قرار حكيم يا بني.. كل حاجة بتيجي بوقتها، وربنا يتمم على خير.”

+

ندى (تومئ برأسها بتردد):

ــ “طيب…تمام أنا موافقة.”

+

ريم (بحماس):

ــ “يبقى نبدأ قريب! عايزين نخلص من الماضي ونعيش الفرح.”

+

أدهم (وهو ينظر لندى بابتسامة دافئة):

ــ “إن شاء الله. أهم حاجة إنك تبقي مرتاحة ومقتنعة بكل خطوة بنعملها.”

+

ندى (بهمس):

ــ “طول ما أنت معايا، مش هخاف.”

+

أدهم (بابتسامة مطمئنة):

ــ “وهفضل معاكي دايماً يا ندى.”

+

تنتهي الجلسة على توافق الجميع، لكن أدهم يشعر بثقل المهمة التي قرر أن يتحملها من أجل إعادة بناء ذكريات ندى، بينما يلمح في عينيها لمحة من الثقة التي بدأت تعود شيئاً فشيئاً.

+

في الممر الهادئ بين الغرف يقف أدهم أمام ندى بعد يوم طويل ومزدحم، يلتقط أنفاسه وهو ينظر إليها نظرة تحمل مشاعر متشابكة بين الحب والشوق والتردد.

+

أدهم (يمد يده بلطف):

“تعالي… هأوصلك لغاية باب قوضتك”

+

ندى تضع يدها في يده بتردد خفيف، تتبعه بينما يسير بخطوات بطيئة كأنه يود أن يطيل هذه اللحظة. يصلان إلى باب غرفتها ذات اللون الوردي، فتلتفت إليه بابتسامة خجولة.

+

ندى:

“شكراً… بس مش كان المفروض أروح لوحدي؟ مش ده جزء من تنفيذ القرار؟”

+

[يضحك أدهم بخفة، ثم يميل قليلاً نحوها.]

+

أدهم (بمزاح):

“القرار ده غلط، وأنا ندمان إني فكرت فيه أصلاً. مش فاهم كنت بفكر إزاي لما قلت إننا ننام في قوض منفصلة! يمكن كنت عاوز أجرب عقاب نفسي… و نجح العقاب تماماً.”

+

[ندى تبتسم، تحاول كتم ضحكة صغيرة، لكنه يلاحظ ذلك.]

+

ندى (بهدوء):

“أنت اللي اخترت دا يا أدهم. وأنا… وافقت عشان مقتنعة بقرارك.. طالما احنا يعتبر مش متجوزين.. يبقى مينفعش ننام في قوضة واحدة… و آه متشوفش شعري ولا تلمسني كمان”

[بينما تبتسم ندى وتحاول كتم ضحكة صغيرة، يلاحظ أدهم ذلك ويبتسم بدوره. ولكن مع مرور الوقت، يتغير وجهها فجأة، ويبدو وكأنها تذكرت شيئًا غامضًا. شعرت بشيء من الارتباك وكأنها قالت تلك الكلمات من قبل في موقف مشابه.]

+

        

          

                

ندى (بتردد، بصوت منخفض):

“كنت بقول كلمات… حسيت إن… يمكن قولتها قبل كده.”

+

[أدهم يلاحظ تغير ملامحها وصمتها المفاجئ. يقترب منها برفق، محاولاً فهم ما يحدث.]

+

أدهم (قلقًا):

“ندى؟ في حاجة غلط؟ إنتي اتغيرتي فجأة… فيه حاجة في بالك؟”

+

[ندى تبعد نظرها عنه لحظة، تحاول استيعاب ما يدور في رأسها. تتنفس بعمق، وكأنها تحاول أن تسترجع ذكريات مفقودة.]

+

ندى (بهمس، وكأنها تكتشف شيئًا جديدًا):

“مش عارفة… كنت حاسة إن في تشوش في دماغي، حسيت إني قولت الكلام ده قبل كده.”

+

[أدهم يبتسم برفق، وهو يلاحظ التردد في عينيها. يمد يده برفق ليأخذ يدها.]

+

أدهم (بلطف):

“انتي صح، الكلام ده مش غريب عليكي… افتكرتي؟.. فعلاً… في بداية جوازنا… كان فيه موقف مشابه.”

+

[ندى تنظر إليه بقلق، تحاول أن تسترجع ما حدث في الماضي.]

+

ندى (بحذر):

“موقف مشابه؟ إيه اللي حصل؟”

+

[أدهم يتنهد بلطف، يحاول أن يكون هادئًا وهو يسترجع تلك اللحظة.]

+

أدهم (بتأمل):

“كان جوازنا وقتها مش حقيقي، كان زواج صوري… و انتي كنتي حاطة حدود بينا، علشان كنتي مقتنعة ان جوازنا باطل لما اتفقنا انه يكون مشروط بمدة معينة… ، كنتي حاسة إنه لو سمحتي ليا أشوف شعرك أو أقرب منك بأي طريقة، ده هيمس الحدود اللي حطتيها… كنتي قلتيلي وقتها بشكل صريح… ‘مينفعش تلمسني، و مينفعش تشوف شعري”

+

ندى تظل صامتة للحظة، تحاول أن تضع الصورة كاملة. يبدو أنها بدأت تتذكر بعض التفاصيل.

أدهم يبتسم بلطف، وهو يرفع يدها ليضعها بين يديه.

+

أدهم (بحنان):

“وده كان قرارك وقتها، وأنا كنت فاهمه. بس دلوقتي، يا ندى، مفيش حدود بينا. احنا مع بعض دلوقتي في لحظة جديدة، وكل حاجة هتكون باختيارك.”

+

[ندى تنظر إلى يدها التي بين يديه، ثم ترفع عينيها إليه ببطء، مشاعرها متضاربة بين الارتياح والخوف من المجهول.]

+

ندى (بهمس، بحذر):

“وأنت متأكد من ده؟ إن مفيش حاجة هتمنعنا من أي خطوة؟”

+

[أدهم يبتسم بابتسامة دافئة، ثم يضع يده على وجهها برفق، وكأنه يريد أن يطمئنها.]

+

أدهم (بثقة):

“أنا متأكد يا ندى… أنا هكون جنبك في كل خطوة. كل حاجة هتكون على راحتك، وهنبدأ مع بعض من جديد.”

+

[ندى تبتسم بخجل، وعينيها مليئة بالأمل والخوف في نفس الوقت.]

+

[يتنهد أدهم ويضع يديه على وجهها برفق، كأنه يحاول تثبيت ملامحها في ذاكرته. ينظر في عينيها نظرة صافية تحمل كل ما بداخله.]

+

أدهم:

“عارفة يا ندى؟ كل مرة ببعد فيها عنك، بحس كأن السنين اللي ضاعت مننا بترجع تسرقني تاني. لما رجعتي، حسّيت إن حياتي كلها بتبدأ من جديد. والليلة… أنا مش عارف إزاي هنام من غيرك.”

+

        

          

                

ندى تشعر بصدق كلماته، ودمعة صغيرة تتشكل في عينيها دون أن تسقط. ترفع يدها وتضعها على يده التي تلامس وجهها.

+

ندى (بنبرة دافئة):

“وأنا كمان… مش متخيلة اللحظة دي. بس أنا مؤمنة إن ده بس عشان نستعد لخطوتنا الجديدة.. خطوة هنبدأها وإحنا أقوى.”

+

يصمت أدهم للحظة، يقترب أكثر كأنه يريد أن يقول شيئًا لكنه يتراجع. يضحك بخفة ليكسر حدة المشاعر.

+

أدهم (بمزاح):

“قوضتي الرمادية… وحشتني جدًا. بس لو بقيت لوحدي النهارده، متستغربيش لو صحيتي ولقيتني على الأرض عند بابك.”

+

[ندى تضحك بخجل، ويدفعها كلامه إلى مزيد من الارتياح.]

+

ندى:

“إنت عارف إنك مش هتعمل كده… لأنك بتحب تنام في سرير مريح.”

+

أدهم (بابتسامة عريضة):

“ده لو قدرت أنام أصلاً.”

+

[يترك وجهها ببطء، لكن عينيه تبقى متعلقة بها، كأنه يخشى أن يفقدها لو تحرك خطوة بعيدًا. يتراجع قليلاً، يفتح الباب لها لتدخل الغرفة.]

+

أدهم (بهمس):

“تصبحي على خير يا ندى.”

+

[ندى تتوقف عند الباب وتنظر إليه، ترد بصوت هادئ يفيض بالحب:]

ندى:

“وأنت من أهله يا أدهم.”

+

[يغلق الباب ببطء بعدما تأكد من دخولها، ثم يعود إلى غرفته الرمادية بخطوات ثقيلة. يدخل الغرفة، يشعر بوحشتها الكبيرة، ينظر إلى السرير البارد ويجلس عليه.]

+

أدهم (بهمس لنفسه):

“إزاي نمت هنا كل السنين دي من غيرك؟… بعد ما رجعتي كل حاجة بقت غريبة من غيرك يا كل حياتي “

+

[يميل برأسه إلى الخلف، يتأمل السقف للحظة، ثم يغمض عينيه، لكنها تظل حاضرة في ذهنه. يبتسم رغم الوحشة، كأنه يجد في ذكراها عزاءً مؤقتًا.]

+

انتشرت إضاءة خافتة في الغرفة الرمادية، بينما صوت أنفاس أدهم البطيئة يوحي بأنه ما زال مستيقظًا، غارقًا في التفكير بها.

+

في اليوم التالي 

في عيادة الطبيب، حيث تجلس ندى بجوار أدهم في غرفة واسعة ذات ألوان هادئة. الطبيب، رجل في منتصف العمر، يجلس خلف مكتبه متأملًا الملف الطبي أمامه.

+

الطبيب (بصوت هادئ):

ــ “طيب يا مدام ندى، بعد ما شُفت الفحوصات الأولية وكمان الأشعة اللي عملناها، أقدر أقول إن فقدان الذاكرة عندك مش مرتبط بإصابة في الرأس.”

+

ندى تنظر إليه باندهاش، بينما أدهم يميل بجسده للأمام مهتمًا.

+

ندى (بتوتر):

ــ “يعني إيه؟ مفيش أي مشكلة في المخ؟”

+

الطبيب:

ــ “بالظبط… المخ ما فيهوش أي إصابات أو تلف. الحقيقة، فقدان الذاكرة في حالتك سببه نفسي أكتر منه عضوي… ده اللي بنسميه علميًا فقدان الذاكرة الناتج عن الصدمة أو Dissociative Amnesia.”

+

        

          

                

ندى تشعر بالارتباك وتنظر إلى أدهم وكأنها تطلب تفسيرًا.

+

أدهم (بصوت داعم):

ــ “يعني اللي حصل ليكي نتيجة صدمة نفسية كبيرة مش إصابة جسمانية؟”

+

الطبيب (بابتسامة مطمئنة):

ــ “بالظبط… في بعض الحالات، لما الشخص يمر بحدث صادم جدًا على المستوى النفسي، العقل بيحاول يحمي نفسه عن طريق فصل الذكريات المؤلمة. ده نوع من آليات الدفاع الطبيعية اللي بيعملها الجسم.”

+

ندى (بصوت خافت):

ــ “بس… يعني كده مش هيبقى في علاج؟”

+

الطبيب:

ــ “بالعكس. العلاج النفسي ممكن يكون فعال جدًا في الحالات دي… إحنا بنشتغل على استعادة الذكريات من خلال جلسات علاجية موجهة… هنبدأ بجلسات مع أخصائي نفسي متخصص في العلاج بالتحدث، زي العلاج المعرفي السلوكي… ممكن كمان نستخدم التنويم الإيحائي لو احتجنا.”

+

ندى تبدو متوترة، فتضع يدها على جبينها:

ــ “لكن… الجلسات دي هتفيد؟ مش ممكن الذكريات دي تكون ضاعت خلاص؟”

+

الطبيب:

ــ “في أغلب الحالات، الذكريات ما بتكونش ضاعت. هي موجودة، لكن مدفونة في أعماق العقل الباطن… ومع العلاج المناسب، في احتمال كبير إنك تبدأي تتذكريها تدريجيًا.”

+

أدهم يمسك بيدها برفق، ونظراته مليئة بالثقة.

+

أدهم (بصوت مطمئن):

ــ “إحنا هنا عشان ناخد كل خطوة سوا… متخافيش من أي حاجة يا ندى… أنا واثق إنك هتتغلبي على ده.”

+

ندى (تنظر إليه بعينين دامعتين):

ــ “مش عارفة كنت هعمل إيه من غيرك.”

+

الطبيب:

ــ “الدعم النفسي من الناس القريبين ليكي زي أدهم والأسرة هيلعب دور كبير جدًا في نجاح العلاج… وأنا هنظم مع الأخصائي النفسي خطة مبدئية… محتاجين منك الالتزام والصبر، لأن العملية دي بتاخد وقت.”

+

ندى تأخذ نفسًا عميقًا، وتبدو عليها علامات الارتياح التدريجي:

ــ “هحاول قد ما أقدر… بس لو الذكريات رجعت وكانت مؤلمة، أنا مش عارفة هتعامل إزاي.”

+

الطبيب:

ــ “وده جزء من العلاج… الأخصائي هيشتغل معاكي على معالجة المشاعر المرتبطة بالذكريات دي. مش بس بنرجع الذكريات، بنساعدك تفهميها وتتعافي منها.”

+

أدهم ينظر إلى الطبيب بابتسامة ممتنة:

ــ “شكراً جدًا يا دكتور… إحنا مستعدين نبدأ في أقرب وقت.”

+

الطبيب (بتفاؤل):

ــ “ممتاز… هنبدأ بجلسة تمهيدية الأسبوع الجاي، وبعدين هنحدد الخطوات اللي بعدها بناءً على تقدمك.”

+

ندى تبتسم بخجل، لكن بداخلها تشعر بشعلة أمل صغيرة. أدهم يمسك بيدها ويمشيان معًا خارج العيادة، ونظراته تؤكد لها أنه لن يتخلى عنها.

+

المشهد ينتهي على وجه ندى وهي تنظر إلى أدهم بابتسامة خفيفة، كأنها تستمد منه القوة للمضي قدمًا.

+

        

          

                

+

في مساء يوم جديد، كان منزل أدهم هادئًا نسبيًا. جلست العائلة في غرفة المعيشة، حيث كان أدهم يراجع بعض الأوراق بجوار ندى، بينما ريم جلست في الزاوية، تبدو وكأنها تحمل همًا لا تبوح به. روان وتيسير انشغلا في إعداد الشاي بالمطبخ.

+

فجأة، دق جرس الباب، ليكسر هدوء اللحظة.

+

أدهم (يرفع عينيه عن الأوراق، قائلاً بصوت ثابت):

ــ “روان، افتحي الباب!”

+

روان (من المطبخ):

ــ “حاضر!”

+

تتوجه روان إلى الباب. ما إن فتحته حتى ظهرت معتصم وعائلته، مما جعل الدهشة ترتسم على وجهها للحظة قبل أن تستعيد هدوءها.

+

روان (بترحاب سريع):

ــ “يا أهلاً وسهلاً! اتفضلوا… أدهم جوه.”

+

يدخل معتصم وخلفه حمد وزوجته صافية، ثم عائشة وزوجها هشام. الجميع يحمل هدايا صغيرة، في إشارة إلى نية حسنة مسبقة.

+

أدهم (يضع الأوراق جانبًا وينهض، ناظراً إلى معتصم بحذر):

ــ “معتصم؟ خير؟ إيه الزيارة المفاجئة دي؟”

+

معتصم (بابتسامة واثقة):

ــ “آسف لو جينا من غير ميعاد، بس الموضوع كان محتاج كلام وجهاً لوجه.”

+

نظر أدهم بسرعة إلى ريم، التي بدت مرتبكة، ثم عاد بعينيه إلى معتصم.

+

أدهم (بنبرة حازمة تخفي قلقه):

ــ “اتفضلوا، البيت بيتكم.”

+

دخل الجميع إلى غرفة المعيشة، حيث ساد صمت محرج للحظات. ريم شعرت بتوتر كبير، وأصابعها تعبث بحافة وشاحها دون وعي.

+

معتصم (بعد أن تنهد عميقًا):

ــ “أدهم، أنا هنا عشان أطلب إيد ريم للجواز.”

+

اتسعت عينا أدهم قليلاً، لكنه سرعان ما أخفى صدمته ونظر بحدة إلى ريم التي لم تستطع رفع عينيها.

+

أدهم (بصوت هادئ لكنه يحمل تحذيرًا):

ــ “الكلام ده مفاجئ جدًا، يا معتصم. إنت شايف إن ده الوقت المناسب؟”

+

معتصم (بثقة):

ــ “عارف إن المفاجأة ممكن تكون كبيرة، وعشان كده جيت مع أهلي عشان الموضوع يبقى رسمي.”

+

حمد (بلطف):

ــ “إحنا عارفين إنكم عيلة محترمة، ومعتصم صادق جدًا. هو شايف في دكتورة ريم شريكة حياته.”

+

أدهم ينظر إلى معتصم مجددًا، ثم يعود بعينيه إلى ريم التي التقت عينيه بنظرة ترجٍّ، مما جعله يتردد للحظة.

+

أدهم (بعد صمت طويل):

ــ “ريم غالية عليا، ومش هديها لأي حد بسهولة. إنت عارف إن الجواز مش مجرد كلام، دي مسئولية.”

+

معتصم (بحزم وثقة):

ــ “عارف، ومستعد أتحمل أي حاجة عشان أسعدها.”

+

تيسير (متدخلة بلطف):

ــ “أدهم، معتصم شاب محترم. يمكن ريم تستاهل الراحة دي.”

+

        

          

                

روان (بابتسامة مشجعة):

ــ “بالظبط! إحنا عارفين نيتهم كويسة.”

+

صمت أدهم مجددًا، بينما كانت ريم تنظر إليه بعينيها الممتلئتين بالرجاء. كانت الكلمات واضحة في صمتها: “أرجوك، وافق.”

+

أخيرًا، تنهد أدهم ونهض من مقعده، يتجه إلى معتصم مباشرة.

+

أدهم (بصوت حازم):

ــ “موافق، بس بشروط… أول شرط، ريم تفضل سعيدة. لو يوم واحد زعلتها أو خنت ثقتها، مش هرحمك”

+

معتصم (بصدق):

ــ “وعد، هخليها أسعد إنسانة.”

+

بدأت الأجواء تتحسن، مع ابتسامات خفيفة من الجميع.

+

صافية (بحنان لريم):

ــ “ربنا يكتبلك السعادة، يا دكتورة ريم.”

+

عائشة (مبتسمة):

ــ “البيت هيزيد نور بيكم.”

+

في النهاية، شعر أدهم ببعض الراحة، رغم بقاء القلق في داخله. ريم، من جهتها، بدأت تشعر بخفة في قلبها، كأن الحمل الذي أثقل صدرها طويلاً بدأ يتلاشى.

+

وبعد أن هدأت الأجواء قليلاً، جلس الجميع يتبادلون أطراف الحديث. ريم، رغم خجلها، لم تستطع إخفاء ارتباكها من الأحاديث التي تدور حولها. معتصم كان جالسًا بثقة واضحة، عينيه لم تفارق وجه أدهم الذي بدا متحفظًا رغم الموافقة السابقة.

+

معتصم (بابتسامة موجهة للجميع):

ــ “الحمد لله إن أول خطوة تمت بنجاح، بس عندي طلب صغير.”

+

أدهم (يقطب جبينه):

ــ “طلب؟ خير؟”

+

معتصم (بجدية):

ــ “أنا شايف إن مفيش داعي نستنى أكتر. إحنا نعرف بعض كويس، وأنا مستعد لكل حاجة… ياريت نحدد معاد قريب لكتب الكتاب “

+

ريم (تتسع عيناها بدهشة، ثم تسرع بخفض رأسها):

ــ “…”

+

أدهم (بنبرة متحفزة):

ــ “معتصم، الموضوع ده مش بسيط…كتب الكتاب خطوة كبيرة، ولازم تاخد وقتها… ريم لسه محتاجة وقت تستعد نفسيًا.”

+

معتصم (مصرًّا):

ــ “أدهم، أنا مستني ريم من سنين… كفاية اللي ضاع من عمرنا…. وأنا واثق إننا مش محتاجين وقت إضافي، إحنا نعرف بعض كويس، وأنا جاهز.”

+

حمد (يحاول التهدئة):

ــ “بص يا أدهم بيه كلام معتصم منطقي. إحنا عيلة واحدة، ومفيش داعي للتأجيل طالما النوايا صافية.”

+

عائشة (تضيف بلطف):

ــ “وأنت أكيد مش هتلاقي حد يحب ريم قد معتصم. ليه نطوّل في حاجة واضحة؟”

+

أدهم (بثبات):

ــ “أنا مقدر كلامكم، بس ريم مش مجرد اسم في ورقة. هي أختي الصغيرة و بنتي اللي مربيها بنفسي، وأهم حاجة بالنسبالي إنها تكون مرتاحة.”

+

ندى (بصوت هادئ، لكنها حازمة):

ــ “أدهم… أظن إن معتصم عنده حق. الحب ده مش سهل يتعوض، وريم أكيد محتاجة تبدأ حياة جديدة تكون مليانة حب وراحة.”

+

        

          

                

أدهم (ينظر إلى ندى، وعيناه تحملان مزيجًا من الحيرة والغضب المكبوت):

ــ “ندى… أنا مش ضد الجواز، بس أنا خايف على ريم.”

+

ندى (بابتسامة صغيرة):

ــ “وأنا متأكدة إنك دايمًا بتختار الأفضل لها… بس يمكن دي فرصتها إنها تكون سعيدة.”

+

يسود الصمت للحظات. ريم كانت تنظر إلى الأرض، لكنها رفعت عينيها للحظة والتقت بعيني أدهم، وكأنها تخبره بصمت: “من فضلك، وافق.”

+

تيسير (تضيف بدعم):

ــ “أدهم، ريم عاقلة وكبيرة كفاية إنها تختار. إحنا كلنا معاها، وانت عارف إن معتصم مش هيرضى إلا بسعادتها.”

+

يتنهد أدهم، يضع يده على جبينه وكأنه يحاول اتخاذ القرار الصعب. يمر الوقت ببطء، والجميع يترقب جوابه. أخيرًا، ينظر إلى معتصم بجدية.

+

أدهم (بصوت حازم):

ــ “موافق، بس بشروطي…كتب الكتاب في الوقت اللي أحدده.. لكن ريم هي اللي تقرر التفاصيل، وأي حاجة مش مرتاحة ليها مش هتمشي.”

+

معتصم (يبتسم بسعادة):

ــ “وعد، كل حاجة هتكون حسب رغبتها.”

+

ريم لم تستطع إخفاء خجلها وارتباكها، لكن في قلبها شعرت بشيء من السعادة والراحة.

+

ندى (بابتسامة مشجعة):

ــ “يبقى نبدأ نجهز، ونتفق على معاد.”

+

الجميع اتفقوا على أن يكون عقد القران بعد أسبوعين، لإعطاء العائلتين الوقت للتحضير… بدا المنزل مفعمًا بالأمل، رغم أن أدهم ظل هادئًا، يراقب ريم من بعيد بعينين حانيتين، وكأن قلبه لا يزال يخشى على صغيرته من أي سوء.

+

في تلك الليلة، جلس أدهم في غرفته وحده، بينما ندى دخلت لتطمئنه.

+

ندى (بهدوء):

ــ “أدهم، كل حاجة هتبقى بخير. صدقني، ريم تستحق الفرح ده.”

+

أدهم (يتنهد):

ــ “عارف، بس المسئولية تقيلة، وريم غالية عليا اوي.”

+

ندى (تبتسم وتضع يدها على كتفه):

ــ “وهي عندها أخ زيك… عمرها ما هتخاف طول ما انت موجود.”

+

+

بعد مغادرة الضيوف، خيم الهدوء على المنزل، حيث بدأ الجميع في ترتيب المكان واستعادة النظام بعد الزيارة المفاجئة. أدهم كان جالسًا في غرفة المعيشة، يفكر في كل ما حدث، حين رن هاتفه فجأة. نظر إلى الشاشة ليجد اسم “آسر”.

+

أدهم (بابتسامة صغيرة):

ــ “أهلاً يا آسر، عامل إيه؟”

+

آسر (بصوت مفعم بالحماسة):

ــ “إزايك يا أدهم؟ الحمد لله بخير. كنت عايز أكلمك في موضوع مهم.”

+

أدهم (بنبرة فضولية):

ــ “خير، قول؟”

+

آسر (بابتسامة تُسمع في صوته):

ــ “أنا قررت أخطب مودة رسمي، وعازمك انت وأسرتك تحضروا الحفلة الأسبوع الجاي.”

+

أدهم (بسعادة واضحة):

ــ “بجد؟ ألف مبروك يا آسر! أخيرًا قررت تاخد الخطوة دي. مودة بنت ممتازة، وانت تستاهل كل خير.”

+

        

          

                

آسر:

ــ “الله يبارك فيك يا صاحبي. كنت عايزكم تبقوا معايا في اليوم ده، وجودكم هيشرفني.”

+

أدهم:

ــ “أكيد هنكون موجودين. هقول للعيلة حالاً.”

+

أنهى المكالمة بابتسامة عريضة على وجهه، ثم توجه إلى غرفة الجلوس حيث كانت ندى وتيسير وروان ما زلن يتحدثن عن زيارة معتصم وعائلته.

+

أدهم (بابتسامة مشجعة):

ــ “آسر قرر يخطب مودة، ودعانا نحضر الخطوبة الأسبوع الجاي.”

+

روان (بدهشة):

ــ “بجد؟ أخيرًا! ده خبر حلو قوي.”

+

تيسير (بسعادة):

ــ “يا سلام! دي حاجة جميلة جدًا. لازم نحضر ونشاركهم الفرحة.”

+

ندى (بابتسامة رقيقة):

ــ “أكيد، خصوصًا إن ده هيكون يوم مهم ليهم… آسر ومودة يستاهلوا كل خير.”

+

بدأ الجميع في التخطيط لحضور الحفل، بينما ارتسمت ملامح السعادة على وجوههم. ريم، التي كانت تستمع بصمت، شعرت بالارتياح لرؤية السعادة في عيني شقيقها، خصوصًا بعد قراره بالموافقة على خطبتها.

+

ندى (بلطف، وهي تنظر إلى أدهم):

ــ “شكلك فرحان قوي بخبر آسر.”

+

أدهم (بصوت هادئ ومليء بالدفء):

ــ “آسر أعز اصحابي، ومودة بنت محترمة. وجودهم مع بعض هيبقى جميل… الفرح ده عدوى، وأظن إن الكل محتاج شوية فرحة اليومين دول.”

+

+

في غرفة علاج هادئة مزينة بألوان دافئة ومقاعد مريحة، جلست ندى أمام الأخصائي النفسي. بجانبها كان أدهم، يتأمل الغرفة بعينيه باهتمام، كأنه يحاول أن يستوعب المكان الذي ربما يحمل بدايات الأمل.

+

الأخصائي (بابتسامة لطيفة):

“أهلاً يا مدام ندى، وأهلاً بحضرتك يا أستاذ أدهم. النهاردة هتكون جلسة تعارف بسيطة، الهدف منها إننا نبدأ نرتاح مع بعض ونرسم خطة مبدئية للعلاج..أنا دكتور احمد.”

+

ندى، التي بدت متوترة، نظرت إلى الأخصائي ثم إلى أدهم، كأنها تبحث عن طمأنينة بينهما.

+

ندى (بصوت منخفض):

“اهلا بحضرتك… مش عارفة لو كنت هقدر أحكي… أو حتى أفهم كل اللي حصل معايا…بس حاسة إني تايهة.”

+

الأخصائي (بهدوء مشجع):

“وده طبيعي جدًا… إحنا هنا عشان نساعدك تلاقي الطريق… مفيش ضغط، كل حاجة هتحصل حسب راحتك.”

+

ثم وجه نظره إلى أدهم بابتسامة خفيفة.

+

الأخصائي:

“وجود حضرتك هنا مهم عشان ندى تحس بالدعم، لكن الجلسات دي هتحتاج مساحة خاصة لها بعد كده. ممكن نقسم الجلسة: جزء تكون موجود معانا فيه، وبعدها أبدأ مع ندى لوحدنا؟”

+

أدهم (بثقة وابتسامة مشجعة):

“طبعًا، المهم راحتها.”

+

الأخصائي (متجهًا إلى ندى):

“طيب يا ندى، خلينا نبدأ بحاجة بسيطة. حابة تقوليلي إيه أكتر شعور حاسّة بيه دلوقتي؟”

+

ندى نظرت إلى الأرض، تحاول جمع شتات أفكارها.

+

ندى (بصوت متردد):

“خوف… مش من العلاج، لكن من اللي ممكن أكتشفه. في حاجات كتير مش فاكرة منها حاجة، وكل ما أحاول أتذكر، أحس كأن في ضباب بيمنعني.”

+

الأخصائي (بصوت مطمئن):

“ده طبيعي جدًا. المخ أحيانًا بيحاول يحمي نفسه من الصدمات. إحنا هنا مش بنجبرك على حاجة. الخطوات هتكون بسيطة ومناسبة لراحتك.”

+

أدهم، الذي كان ينظر إليها باهتمام، أمسك يدها برفق، كأنه يريد أن يرسل لها رسالة صامتة بالدعم.

+

أدهم (بلطف):

“أنا هنا معاكي في كل خطوة. متخافيش من حاجة.”

+

الأخصائي (بابتسامة مشجعة):

“شكرًا يا أستاذ أدهم… وجودك بيدعمها فعلًا. لكن دلوقتي هابدأ شوية تمارين مع ندى لوحدنا. حضرتك ممكن تستريح برة، ولو احتجنا حاجة هطلبك فورًا.”

+

تردد أدهم للحظة، لكن نظرة ندى، التي امتزجت بين التوتر والرجاء، جعلته ينهض بهدوء.

+

أدهم:

“أنا قريب جدًا، لو احتجتي أي حاجة.”

+

غادر أدهم الغرفة بابها مواربا، تاركًا ندى مع الأخصائي النفسي الذي بدأ حديثه معها بهدوء.

+

الأخصائي:

“طيب يا ندى، هنبدأ بحاجة بسيطة. غمضي عينيكي وتخيلي مكان تحسي فيه بالأمان. مكان بعيد عن أي خوف أو توتر.”

+

ندى (بصوت منخفض وهي تغلق عينيها):

“مش عارفة… كل الأماكن في ذهني ضبابية.”

+

الأخصائي (بهدوء):

“مفيش مشكلة… طيب فكري في شخص بتحسي معاه بالأمان دلوقتي… مش لازم مكان، المهم شعور الطمأنينة.”

+

ندى (بعد لحظة صمت):

“يمكن… أدهم… هو الشخص الوحيد اللي بحس إنه واقف جنبي.”

+

الأخصائي (بابتسامة مطمئنة):

“ده شيء جميل جدًا… وجود شخص زي أدهم بيدعمك هيساعدنا كتير في العلاج.”

+

ثم أكمل حديثه بلطف:

“دلوقتي، خلينا نركز على الحاضر. إيه أكتر حاجة بتوتّرك حاليًا؟”

+

ندى فتحت عينيها ببطء، ونظرت إلى الأخصائي كأنها تحاول تجميع شجاعتها للإجابة.

+

ندى (بصوت متردد):

“الخوف… من الحقيقة. ومن إني أكون شخص مختلف عن اللي هما متوقعينه.”

+

الأخصائي (بنبرة مشجعة):

“الخوف ده طبيعي جدًا، وهنشتغل عليه مع بعض. المهم دلوقتي إنك تسمحي لنفسك تعيشي اللحظة بدون ضغط أو توقعات.”

+

[تنهض ندى من مقعدها بعد انتهاء الجلسة، تشعر بشيء من الراحة، وكأنها خطت أول خطوة في طريق طويل.]

+

عند خروجها من الغرفة، تجد أدهم جالسًا في الممر، ينهض فور رؤيتها بابتسامة دافئة.

+

أدهم (بقلق خفي):

“أخبارك إيه؟ الجلسة كانت عاملة إزاي؟”

+

ندى (بصوت منخفض):

“مش عارفة… بس حسّيت إن في حاجة بدأت تتحرك جوايا.”

+

أدهم (بثقة):

“دي أول خطوة، وأنا متأكد إنها مش هتكون الأخيرة. إحنا بدأنا، وده أهم حاجة.”

+

يمسك يدها برفق، كأنما يرسل لها طاقة دعم صامتة، ويغادران المكان معًا.

+

يتبع…. 

هستنى رأيكم 

مع تحياتي /دعاء فؤاد 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *