التخطي إلى المحتوى

رواية نفق الجحيم الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم البارت التاسع والعشرون

رواية نفق الجحيم الجزء التاسع والعشرون

نفق الجحيم

رواية نفق الجحيم الحلقة التاسعة والعشرون

حزن خيم على بيت المقاول، كسرة ضهر ووجع مابعده وجع، توهه الكل حس بيها بعد ما كبيرهم وسندهم واللي معيخطوش خطوه من غير شوره وبدون إذنه فاتهم علي غفله بدون مقدمات.
عديله إنزوت فأوضتها واتلفلفت بحزنها وفوق منه لحافها القطن ونامت طريحة الفراش ببدن وقلب موجوعين، وقطعت الزاد وحتي الكلام ومفيش غير دموعها عيوصفوا وجع قلبها.
حوريه وباقي حريم البيت قضوا سبوع بكايين ندابين نعايين لغاية ماحسهم راح وصوتهم مبقاش طالع،
أما الرجاله فقضوا الاسبوع كله في المندره يستقبلوا المعازي اللي متقطعتش ولا قلت وكل يوم يزيدوا، وفآخر اليوم السابع يتفاجأ الكل بالشيخ جاهين داخل عليهم المندره مع ولده حكيم.
والكل بطلِتهم قام وقف إحتراماً وإستقبالاً ليهم، وبما فيهم كرار اللي قام متغصب ووقف في إستقبالهم زيه زي الباقيين، لكنه إتصدم وهو واعي ورا منهم عبد الصمد داخل.
دخلوا التلاته وقدموا التعازي وقعدوا بعدها، ونعيم أمر أبو دراع يجيبلهم الضيافه، وقال لسلام يدخل البيت ينبه على أحسن غدا،
وبعدها قعد جار الشيخ جاهين، اللي أول ماأهل البلد كلهم عرفوا بوجوده فمندرة المقاول جم رمح عشان يقعدوا معاه ويتباركوا بمجلسه الطيب.
أما جاهين فأول ماشاف الناس إتجمعت إبتدا يكلمهم عن الموت والحيا ويخطب فيهم عن الصبر والجلد في الإبتلائات، وإن الانسان هيتحاسب على كل كلمه قالها فوكت حزنه، وكل كفر بقضاء الله وقدرة متمثل فى الصراخ والندب واللطم والعديد، وصبغ العمه للرجاله وشق الهدوم.
وإن كل ديه بدع ماانزل الله بها من سلطان، وإن الحزن الحقاني عيكون في القلب ومعيتخطاش دموع العين بالهِدا.
الكل سمع الخطبه، وبعد ماخلص الشيخ جاهين طلب من الكل يستغفروا عن كل ذنب إرتكبوه بعلم أو بجهاله، ويطلبوا السماح من رب العالمين، وإن كل واحد فيهم ينبه علي أهل بيته يكفوا عن حزن الجاهليه عند المواتم، ويعرفهم إن كل اللي عيعملوه فى العزا حرام، وقالهم إن اللي مش هيبلغ الرساله بعد مااتآمن عليها يعتبر كاتم علم وحسابه عند ربه كبير..وإنه منع فبلده والبلاد القريبه مهنة الندابه وخلي كل الحريم اللي عتشتغلها بطلتها لحرمانيتها وحرمانية الفلوس اللي عتاجي منها.
والناس كلها أمنت على كلامه ووعدته بالتبليغ، وبعدها الكل إنصرف ومفضلش غير قله قليله مع الشيخ جاهين من اصحاب النزاعات والمشاكل والاستشارات الدينيه اللي إستغلوا الفرصه ووجود الشيخ جاهين فى حل مشاكلهم.
أما كرار فكان طول الوكت عينه على عبد الصمد وعيبصله بنظره معناها إيه اللي جابك إهنه مره تانيه؟
وزي ما هو عينه كانت على عبد الصمد، حكيم هو كمان عينه كانت عليه ومراقب كل حركه منه،
وفهم العداوة اللي بينه وبين عبد الصمد، واللي كانت مخليه عبد الصمد طول القعده حاطط عنيه في الارض ومدنقر راسه مرفعهاش،
وصعب علي حكيم كسرته قدام عيل صغير من دور عياله وخصوصي إن هبد الصمد من اول ماسمع الخبر حزن علي المقاول توفيق يمكن أكتر من عياله واخوه عليه،
وجاي معاهم طول الطريق يبكي علي خبر موته اللي سمعه منهم، لما عدوا عليه يشوفوه عرف بالخبر وراح يعزي ولا لساه مسمعش زيهم.
وفعلا لقوه معارفش والخبر نزل عليه كيف الصاعقه وفاجعته فموت توفيق كانت كبيره.
قام حكيم من موطرحه وراح قعد جار عبد الصمد وميل عليه وسأله بهمس:
هو ايه ياعم اللي بينك وبين جوز بتك مخليه يبصلك إكده بعيون عتطق شرار؟
رد عليه عبد الصمد بخجل:
مفيش حاجه بيني وبينه ياولدي، وحتي اللي بيني وبينه قطَعُه لما حرج عليا اخطي بيتهم تاني، ولا اشوف اللي ليا جواه واطمن عليها،
وطلعني بسواد الوش قدام الكل، وديه حوصول في اليوم اللي المقاول مات فيه من قهرته عاللى جرا لضيوفه فبيته علي يد ولسان ولده.
فهم حكيم الموضوع، وفهم إن كرار عايز يقطع عن شام رجل حبايبها عشان يستفرد بيها، واستني حكيم لما الناس كلها مشت والمندره فضيت الا منهم ومن أهل بيت المقاول، فجلى صوته وهو عيقول بحس عالى:
بعد إذن كل الحاضرين، اني عمي عبد الصمد خولني بالنيابه عنيه بتولي مهمة زيارة المحروسه بته بداله والاطمئنان عليها بين كل حين وحين،
وكمان غير طلب عمي عبد الصمد مني، المحروسه جات البيت ديه بناءً علي حكم أبوي حَكمُه،
وأبوي عيحرص إنه يتأكد إنه مظلمش حد بأي حكم حكمه حتي بعد تنفيذة، والحديت ديه محدش يملك حق الإعتراض عليه.
قال كلامه وبص لكرار بتحدي وكرار قام وقف على حيله ورد عليه بتحدي أكبر:
اللي إنت عتقوله ديه لا ورد في شرع ولا فدين، إللي عاوز تروح وتاجي عليها داي لا هي من محارمك ولا تربطك بيها صلة قرابه وشوفتك ليها حرام.. عاوزها بالدين اللي عتتكلم بيه اهي جبتهالك من ناحية الدين.
حكيم: لو تعرف الدين متمنعهاش عن ناسها ولا تمنعهم عنها، هو الدين برضك قال إكده؟
كرار: ايوه قال لما يكون الراجل عيخشي على مرته ضرر من شوفة ناسها والاختلاط بيهم.
جاهين بهدوء: اقعد بس ياولدي واني هفهمك إنت فاهم النقطه الاخيره داي غلط، اقعد هفهمك القصد منها.
كرار: مقاعدش ومفاهمش، ومرتي محدش هيشوفها ولا هتشوف حد،
ولا هتخطى بره عتبة الدار وزيها زي باقي حريم بيتنا، وإسأل عننا في البلد لو كنا عنطلعوا حريم بره عتبة الدار، واللي عيسري عليهم يسري عليها غصب عنها وعن الجميع، وديه آخر كلام حداي، ومن حكم فاللي ليه ماظلم.
خلص حديته واتحرك قوام مغادر المندره وهمل عمه وعيال عمه واخواته خجلانين من اللي قاله للشيخ حكيم وولده، وطلعهم بسواد الوش قدام ضيوفهم لتاني مره، وخصوصاً لما الشيخ جاهين اصر إنه يمشي من غير مايتغدي ولا ياخد ضيافته الكامله من بيت المقاول، وداي عيبه كبيره قوي فحقهم وخصوصي إن الشيخ جاهين مش اي حد.
عاود كرار للبيت وكانت اول مره يعاودله من أسبوع، ودخل قوام على أوضته من غير مايبص لحد، وبمجرد مااختلى بروحه دفن وشه بين أديه وسمح لدموعه اللي ليها أسبوع عتكابر بالنزول في الخلوه بعيد عن عيون الناس، وفضل يهمس لنفسه:
إستفدت إيه لما مت غضبان مني وانا هفضل غضبان منك وممسامحكش واصل، إيه اللي استفدته بجفاك علي غير إني كل ماهفتكرك وتاجي سيرتك قدامي هلعنك فسري الف مره بدال ماادعيلك، كان يجرى إيه لو تعلمني غلطي بالهداوه وتقولي متعملهوشي تاني وتكون رحيم عليا في عقابك،
روح ياشيخ ربنا مايرحمك ولا يسامحك زي مارحمتنيش وإنت عايش.
خلص حديث النفس وكمل بكى لحد ماشبع وحس إنه فرغ كل الكبت والوجع اللي جواه.. ولأول مره واحد يبكي على موت أبوه وجع منه مش زعل عليه!
اما حوريه فكانت قاعده فأوضتها وواخده جلابية توفيق اللي كان لابسها آخر مره قبل موته فباطها وعتشم فيها وتهمس من بين دموعها:
طول عمري كنت شايفه فعنيك عدم الرضى عني ولا عن أي حاجه أقولها ولا اعملها ياتوفيق،
بس برضك كنت محتميه بيك وعايشه على حسك ومتقويه بيك،
وحاسه دلوك إن ضهري بقي عريان من بعدك ياغالي، كيف هقضي ايامي ولياليا من غيرك ومين هياخد بحسي وآخد بحسه، مشيت بدري قوي ياتوفيق وسبتني قبل الاوان،
واني اللي كنت عقول هتسند عليك فكبري وهشيخ واني مطمنه بوجودك جارى ياواد عمي، خليت بيا والله ياحبة القلب ونن العين.
بعدت الجلابيه عن وشها وبصت للباب اللي سمعت حد عيطقر عليه وبحس مبحوح يادوب طالع قالت:
ادخل ياللي عالباب.
وإتفتح الباب ودخلت منه نعمه شايله صينية وكل صغيره واتقدمت علي امها وهي عتقولها:
جبتلك الوكل ياغاليه عشان تاكليلك لقمه تتقوتي بيها.
ردت عليها حوريه بضعف:
وفين النفس اللي تاكل يانعمه، ماراح ابوكي وخد النفس والحيل ومعاه، خدي الوكل ديه نزليه تاني واني اول ماهجوع ونفسي تطلب وكل، هقول لوحده فيكم تجيبلي، أو حتي هنزل اني تحت آكل.
ردت عليها نعمه وهي مستمره في التقدم برغم كلام امها لحد ماوصلت حداها وحطت الصينيه علي السرير وقعدت جارها وقالتلها:
يمه الجوع معيرجعش اللي راح، والحي لازمن يصلب طوله.. أمانه عليكي يمه كليلك لقمه الدنيا مهتوقفش ودلوك ولا بعدين هتاكلي، يوبقي تاكلي دلوك طالما الأمر محتوم وهيوحصول دلوك ولا بعدين.
بصتلها حوريه وكانت هترد عليها لكن نعمه سبقتها وهي عتغمس لقمه وتقربها ناحية خشمها وتقولها:
خلاص عاد متكسفيش يدي أمانه عليكي، كلي يمه وقومي البيت من بعد أبوي مليهش عازه، ومن غيرك هيوبقي خراب، وديه مش هيرضي أبوي في رقدته ولا هيريحه، وانتي خابره.. ابوي طول عمره يلم فينا متبعشكيناش إنتي يمه ببعدك عننا وتفرقينا،
داحنا من يوم اللي حوصول وكل وحده لازمه غرفتها ومفيش وحده عتطلع ولا تنزل غير للضروره، والوكل كل واحد بقي ياكل لحاله.. بقي هو ديه بيت المقاول اللي اللقمه كله عيتلم عليها، والوكل بالميعاد، والوشوش لازمن تتقابل ٣ مرات في اليوم على الاقل؟!
نزلت عنيها حوريه للأرض بقهر وفتحت خشمها للقمه اللي مداهالها نعمه، وكلتها من سكات وهي حاسه إن كل كلامها صوح، وإنها لازمن تلحق تمسك طرف السبحه اللي عاش ابوي توفيق يلضم فيها قبل ماحباتها تفرط وتتفرق وكل حبايه تروح فناحيه بعيد عن أختها، وشافت إن داي رسالتها وأمانتها اللي مهتفرطش فيها لحدت ماتروح لتوفيق فدار الحق.
كلت حوريه اللي قدرت عليه على كد نفسها وبعدها خدت نعمه الوكل ونزلت بيه وهي مرتاحه عشان قدرت تقوت أمها، وراحت بالصينيه علي الموطبخ، وهناك لقيت شام واقفه في الموطبخ حتحضر فصينيه زيها هي كمان.
نعمه:
إيه مودياها لجوزك داي ولا فين؟
شام: له مودياها لستي عديله هغديها مكلتش حاجه من الصبح.
نعمه: وجوزك؟
شام: ماله جوزي؟
نعمه: مشفتيهش لو جعان توديله لقمه ياكلها؟!
شام بعدم مبالاة:
لو جعان هيقول هو هيستحي يعني؟
نعمه: عيب تتكلمي عن جوزك إكده، وعيب كمان تستنيه لما يقرصه الجوع ويطلب بخاشمه، إنتي إكده توبقي مره ليكيشي عازه وعمر جوزك ماهيحبك.
بصتلها شام ولسه هترد عليها وتقولها آخر همي محبته، بس قاطعتها بدور وهي عترد علي نعمه:
وهي من ميته كان ليها عازه ولا كانت مره من أصله، ولا كرار شايفها بعينه حتي، إنتي معتشوفيهش عيتطلعلها كيف وهو قرفان منها طول الوكت؟ اللي كيف داي يانعمه عمرها ماهتكون مره ولا تتحسب على الحريم واصل.
نعمه: واني ععلمها عشان إكده.
بدور:مهتتعلمش وفري جِهدك، هي بس همليها متكوله على حلاتها وحاسبه إن جمالها هيشفعلها ويكفي عن كل حاجه، متعرفش إن الراجل اهم حاجه عنديه شطارة المره ومراعاتها ليه ولطلباته ومحاديتها لبيته، وإن الجمال عيعوزه ساعه وحده في اليوم والمداريه عيطلبها باقي اليوم كله.
شام بصت للتنين وهملتهم يغنوا ويردوا علي بعض، ورفعت الصينيه وطلعت بيها من الموطبخ على اوضة ستها عديله، وهملت بدور تتحرق بنارها عشان معرفتش تكيدها بكلامها الماسخ.
أما حدا صفوت وعمه نعيم وسلام ومعروف وعزت في المندره:
نعيم:
هنعملوا إيه ياولاد في المشاريع كلها اللي خدها توفيق قبل مايموت وهنلاحقوا عليها كيف؟
سلام: تقال علينا والله يابوي أني عقول نعتذروا عن مشروع، او حتي نسلموه لمقاول تاني من الباطن بسعر اقل من العطا بهبابه وإحنا ناخدوا الفرق أولي بيه. وبكفايه علينا تنين.
معروف رد عليه مؤيد:
والله فكره زينه قوي ياسلام و بكده منخسروشي كتير.
نعيم:
إيه رأيك ياصفوت فكلام عيال عمك؟ وإنت ياعزت إيه قولك؟
صفوت بحيره:
معارفشي والله ياعمي، هما التلات مشاريع تقال قوي علينا وهيضلعونا ضلع ويهدوا حيلنا في الشغل ٣ شهور عالقليله من غير يوم راحه.
عزت: طيب مانتحاملوا على روحنا ونشتغلوهم خساره.
سلام: وليه التعب الزايد ديه ياواد عمي، المرحوم لما خدهم كان غرضه يجيب من ارباحهم طرومبيل جديد ويجوزك ويعاود دهبات الحريم، وإحنا ولا حاجه من داي هنقدروا نعملوها غير بعد ثانوية عمي، يعني الضغطه والتعب مليهمش عازه، إحنا نخلصوا مشروعين والتالت يشتغله حد غيرنا من الباطن، ونبقوا ناخدوا شغل تاني براحتنا الشغل معيخلصش.
صفوت بتفكير: والله كلامك عين العقل ياسلام، ولا إيه رأيك إنت ياعمي؟
نعيم:
عمك مليهش رأي ياصفوت، متسالنيش عن حاجه بخصوص الشغل من اليوم وطالع، إنت الكبير وإنت اللي تاخد موطرح أبوك وإنت اللي تشوف وتفصل، واللي تشوفه في الموصلحه إعمله بعد المشوره بينك وبين خواتك وعيال عمك، وتبلغوني باللي رسيتوا عليه واني معاكم فيه، الشغل إنتوا اللي عتشتغلوه بيدكم يعني إنتوا ادري اذا كان هتقدروا ولا متقدروش.
خلصت قعدتهم ومناقشتهم، وبصوا حواليهم ولقوا المندره فاضيه من بعد مامشي الشيخ جاهين وولده ومحدش جاي من الناس، فقاموا كلهم وعاودا البيت يشوفوا إيه احواله، وكل واحد يريح ففرشته هبابه بدال الدكك القاسيه اللي نعنعت ضلوعهم من النومه عليها.
أما أبو دراع فراح عالجنينه وخد مكنة الري عشان يرويها، وهمل ابوه راقد ففرشته حزن علي توفيق صاحبه ورفيقه، واللي موته قلب عليه المواجع وفكره بموت مرته وأم ولده، وجدد حزنه عليها من تاني.
أما حدا عديله، دخلت عليها شام الأوضه وحطت الوكل جارها وقربت عليها وقالتلها وهي عتحاول تعدلها بحنيه:
أني مكلتش حاجه من الصبحيه وحاسه روحي هقع من طولي، وانتي مكلتيش حاجه بقالك ايام وعايشه علي كباية حلبه ولا كباية ايسون وديه مينفعشي ياستي انتي عتموتي روحك إكده!
عديله بحس يادوبك طالع:
هو فين بس الموت يابنيتي، الموت معياخدش غير الزين واللي ليه عازه، انما اللي زي حلاتي الموت عيهمله وينساه.. وكملت ببكي.. ياريتني كنت اني اللي موت وإنت اللي قعدت ياولدي لشبابك وبيتك وعيالك، إيه عازتي اني في الدنيا لما اني اقعد وهو يفارق ويموت؟
شام: متقوليش إكده ياخاله داي اعمار وكل حي عيفارق بس يخلص أجله، لا بالعمر ولا بالسنين هي.
هزت دماغعا عديله بأسي وهي عترد عليها:
كنت عتمني من ربنا يومي يكون قبل يومهم وهما اللي يشيعوني مش اني اللي اتلوع على فراقهم، اني فراقي كان هيوبقي هين عليهم، لكن الضنا فراقه عيهد الحيل يابنيتي.
سكتت شام وهي مش عارفه ترد عليها بأيه وهي ذات نفسها موت توفيق مأثر فيها وحزينه عليه وعلي غيبته اللي هتخلي كرار يتفرعن أكتر ماهو متفرعن وخلاص مبقاش ليه رداد ولا رادع. وهي مبقاش ليها من بعده في البيت ديه بعد ربنا غير الجده عديله واللي حالتها متبشرش بخير واصل.. ومن خوفها لتجرالها حاجه هي كمان وتفوتها لحالها عملت المستحيل عشان توكلها لقمتين وهي كمان كلت معاها لقمتين وبعدها قعدوا كل وحده تصبر في التانيه.
أما حكيم وهو معاود هو وابوه وعبد الصمد في القطر كان طول الطريق ينفخ ويفش من الغيظ من كرار، وأبوه بصله وطبطب علي رجله بحنيه وقاله:
هدي خُلقك ياولدي هبابه النفخ والفش والغيظ معيحلش ولا يربط.
رد عليه حكيم بعصبيه:
وإيه اللي يحل ويربط مع البني آدم ديه يابوي؟
جاهين: مفيش مع اللي كيف كرار حل ولا ربط ياولدي، هي فيه ناس إكده عقلها عيقفل علي حاجات ومعيتفتحش ولا يقبل تفاهم فيها واللي فدماغه عيكون هو الصح وبس من وجهة نظره، وأي حاجه تانيه عتكون غلط.
رد عليه عبد الصمد بغلب وقلة حيله:
يعني خلاص على إكده بتي مهشوفهلش تاني ولا اعرف حاجه عنيها ولا عيني تنضر طولها مره تانيه؟
طيب اعرفها كيف رايقه ولا عيانه، مرتاحه ولا تعبانه، عايشه ولا.. وقطم الكلمه مكملهاش واتخنق بدموعه ونكس عيونه للارض وحسبن في سره عاللي كان السبب واللي منه الاذيه كلها واللي حطه وحط بته في الوضع ديه، وفي الاخر إستغفر ربه ورمي الموضوع كله عالنصيب والمكتوب.
جن الليل والكل عرف طريق نومته وشام دخلت تجيبلها غيار من أوضة كرار بعد ماخلصت المواعين اللي في الموطبخ واللي بقت كلها عليها من يوم موت توفيق ومحدش عيمد يده يغسل ماعون معاها، وبمجرد مافتحت الباب ودخلت شافت كرار نايم علي السرير وحاطط يد تحت راسه ويد على عنيه، ومن أول ماراحت علي الصندوق وفتحته ومدت يدها تاخدلها جلابيه غامقه سمعت كرار عيقولها بأمر:
هملي اللي فيدك واقفلي الباب وإنجري تعالي إهنه جاري عالسرير.
اتنفضت يد شام اللي محمله علي الصندوق وحست بمغصه فبطنها وغمضت عنيها وهي عتتمني الموت ياجي ينجدها قبل اللي هيعمله كرار فيها، ولفت عليه وفي محاوله يائسه قالتله:
بس أبوك لساه ميت وناره مبردتش وميصوحش!
وإهنه كرار إتعدل قوام ونزل من علي السرير وفثانيه بقي واقف قبالها وبدون مقدمات رفع يده وهوى علي وشها بكف بحيله كله وهو عيقولها:
وإنتي اللي هتقوليلي اللي يصوح واللي ميصوحش يابت الكلب انتي؟ عايزه تفهميني إن أبوي يهمك اكتر مني وإنك عارفه العيب واني معرفهوش؟
ايوه ماهي قالتهالي أختك الفاجر قبل منك، صوح صدق اللي قال ال*** تلهيك واللي فيها تجيبه فيك. همي خلصي واللي أمرك بيه يتنفذ في التو واللحظه من غير أي إعتراض ولا كلمه تطلع من خاشمك الخايس ديه.
إتقدمت شام بخطوات مهزوزه من السرير وهي حاسه إنها عتنساق لسكرات الموت، وقبل ماتوصل السرير نفسها غمت عليها وميلت جار السرير وإستفرغت، وديه خلى كرار يرجع لورا بقرف وهو عيقولها:
إيه القرف ديه جاكي الطين عليكي وعاللي خلفوكي فساعه واحده، غوري وقفتي نفسي جاكي غاره تغورك.
وشام سمعت كلام كرار وطلعت من الأوضه تجري بكل سرعتها كيف المسجون اللي فتحوله باب السجن وقالوله أهروب لو مسكناك هنعدموك.
وقوام دخلت أوضة ستها عديله وقفلت الباب وراها وحطت يدها علي صدرها وفضلت تاخد نفسها بالعافيه وحالتها حاله، وعديله شافتها ومدتلها إديها تحثها عشان تاجيلها لأنها مش قادره تنزل من فوق السرير و تروحلها وتاخدها فحضنها، وطبعاً إستنتجت إن كرار هو السبب فحالتها مفيش حد غيره.
راحت شام عليها وقعدت جارها وعديله مسكت يدها وإبتدت تمسدلها علي ضهرها بحنيه وهي عتقولها:
هودى يابنيتي هودى، إيه بس وداكي الأوضه حداه ماكنتي قعدتي بخلجاتك ولا كنتي لبستي أي حاجه من حداي؟
خلاص ياشامه إنتي لازمن تتجنبي كرار على كد ماتقدري اليومين الجايين دول عشان تحافظي على اللي ربنا عطهولك.
شام بصتلها وهي مفاهماش حاجه، فتبسمت عديله وهي عتقولها:
انتي حبله ياشام وبطنك شايله عوض ربنا ليكي، ولازمن يابنيتي تحافظي على روحك وعليه.
وفي اللحظه دي كان كرار واقف قدام باب الأوضه كان جاي ياخد شام تشيل القرف بتاعها من الأوضه بتاعته، عشان يعرف ينام فيها، وسمع كل كلام سته عديله، وفتح الباب مره وحده ووقف قدام التنين وبحس عيرعد قالهم:
هي مين اللي حبله وحبله كيف انطقوا؟
أما في الدور الفوقاني فقامت حوريه عشان تشقر علي عيال صفوت وتطل عليهم لما سمعت حسهم عيتناكفوا مع بعض وخصوصي إن ليها يومين مشافتهمش، وفطريقها عدت علي أوضة نعيم وسمعت حسه وهو عيرد على سلام ويقوله:
إنت عتقول إيه ياسلام ياولدي؟
سلام:
عقول ليه يابوي تظلمني وتقل بيا وتضيع حقي كيف ماضيعت حقك وخليت اخوك. كبير عليك وجاي تعيدها تاني وتكبر صفوت ولده علينا، ليه يابوي إيه اللي زايده صفوت ولا إيه اللي عيزايد بيه علينا في الشغل ماإيدنا بيده وكتفنا بكتفه وخطوتنا اني ومعروف سابقه خطاويهم. ولو عالسن اني اكبر منيه بسنه يعني المفروض اني اللي اكون الكل في الكل مش هو.
رد عليه نعيم بهدوء:
مكنتش هتقدر عليها ياولدي، المسئوليه شيلها مش هين وعتاخد من الحيل والعقل وحتي العمر واديك شفت عمك مات صغير من كتر شيل الهم، أني متحملتهاش قبلك ومحبيتلكش التعب لا إنت ولا اخوك.
رد عليه سلام بعصبيه:
وليه تحكم علينا يابوي ماكنت تسيبنا نجربوا يمكن نطلعوا أهل ليها ونقدروا ونسدوا، ليه تظلمنا يابوي ليه.
نعيم: مش ظلم ياولدي دي محبه وخوف والله.
سلام نفخ بقلة حيله وهو عيحاول يهدي نفسه:
طيب يابوي خلاص اللي حوصول حوصول، بس من إهنه ورايح مليكش صالح باللي هعمله ولا تعترض عليه وهملني اشوف موصلحتي عاد.
نعيم:
موصلحتك كيف يعني؟
سلام:
موصلحتي يابوي فأني هاخد من الفلوس بتاعة المشاريع وهندلى ادفع مقدم معدت حفر ولودر واجيبهم بالقسط واشغل عليهم حد واول حاجه هعملها بيهم هشتغل المشروع اللي إتفقنا هندوه لمقاول من الباطن، ومن بعدها هاخد شغل لروحي واشتغله بمعداتي وابقي كبير نفسي ومش هشتغل تحت رحمة حد تاني، حتي لو الحد ديه واد عمي، وأول مالمشروعين يخلصوا وناخدوا من مكسبهم حق دهب حريمنا هاخده واكمل بيه سداد المعدات ولو إتبقت حاجه بسيطه أمرها هيوبقي هين..
خلاص يابوي الزمن اللي جاي ديه زمن يلا نفسي، ولو إنت وعمي الله يرحمه كنتوا ماشيين مع بعض بما يرضى الله منضمنوش دلوك النفوس هي هي ولا متغيره وفيها خبث.
سكت نعيم بعد كلام سلام ولده مردش، وحوريه ضربت على صدرها وهي فاتحه خاشمها بصدمه وممصدقاش اللي ودانها عتسمعه

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نفق الجحيم)

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *