التخطي إلى المحتوى

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل الثالث

في الغرفة وبعدما خرج سفيان تنهد أمجد بقلق، ما علاقة هؤلاء الفتيات بهذا الشخص، أخاهم؟!
لكن كيف،!، يالله ماذا سيحدث مجدداً، أسيخسر ولده كالمرة السابقة.
أدهم ينظر للأمر بتدقيق هناك شئ يدور بينهم هو لا يعلمه، وسيعلمه حتماً إن لم يخبره والده فسيجد طريقة أخرى، زفر صالح أنفاسه بصعوبة بالغة، طب أيه يا حج، هنعمل إيه؟..

ربت أمجد على كتفه بهدوء وهو يقول بقلة حيلة، مش إحنا اللى هنعمل، ربك هو اللى هيعمل. ربك ليه حكمه في كده.
أجابه صالح بهدوء
ونعم باللّه.
تنهد أدهم بضيق، لا يحب أن يكون كالأطرش في الزفّة كما الآن، طب لو تكرمتوا يعنى، ممكن أفهم ايه اللى حصل ده، سفيان ماله؟! وليه إتخض من الشخص اللى في الصورة، هو عارفه إزاى أصلاً؟!
رد عليه أمجد بهدوء وهو يلاحظ إنسحاب صالح وراء ابنه.

متقلبش في القديم يا أدهم، سيب الغطا ساتر ومتقلبش فيه علشان مش توجع قلوبنا.
إستغرب أدهم من حديثه، أى قديم، وأى ستار، ماذا يحدث من وراء ظهره؟
نهض أمجد من جلسته وتحرك للخارج تاركاً أدهم لوساوس عقله المستمرة والتي لا تنطفئ.

فى المساء
بعدما إنتهت عائشة من الإطمئنان على أختها ووالدتها، استأذنت من سعاد للذهاب إلى بيتهم، لكن سعاد رفضت ذهابهم دون أن يأخذوا واجب ضيافتهم…

تم نقلها إلى غرفة هايدى بينما رهف ظلت جالسة مع والدتها خوفاً من إستيقاظها، بالطبع لم يُخبرها أحد أنها كانت في غرفة سفيان، جلست عائشة على سجادة الصلاة بعدما إنتهت من إتمام فروضها السابقة، فتنهدت بقلق من القادم، هي لا تعلم ماذا سيحدث بعد الآن، كل الذي تعلمه أنها في حىّ غريب عنها، مختلف تماماً عن طبيعة حياتها السابقة، أناس غريبين، وأشخاص مختلفين، و المتوحش، لا تعلم لما أخذها التفكير به، ذلك السفاح الذي كاد يقتل الرجل بين يديه، وهي بغبائها ذهبت وصفعته لن تتعجب إذا قرر ردّ الصفعة لها، إنه يبدو بربرياً نوعاً ما…

رفعت عائشة يديها نحو السماء، كعادتها في كل مرة تناجى بها الرحمن، يا رب إحمينا منهم، يا رب ملناش غيرك، أنا خايفة ومفيش حد في ضهرى، محدش هيقدر يحمينى من بطشه غيرك يا رب…
أدمعت عيناها بعدما فاض بيها الكيل، هي خائفة ولاتعلم كيف تتصرف، لو كان أخاها موجود كان سيتولى أمرهم، كان سيقف في وجه ذلك اللعين ولن يسمح له بإيذائهم…
وحشتنى يا مروان، ربنا ينتقم من اللى كان السبب…

أنهت كلامها ببكاء وشهقاتها المتألمه تعالت فكتمتها بكفها…
صوت دقات الباب جعلها تفزع بهلع، فإنتفضت من مكانها تسأل عن هوية الطارق، مين؟، مين عالباب؟
ولم يكن لسؤالها مُجيب، لكنها وجدت الباب يُفتح فجأة وأشياء لم تتبين هويتها ترمى أرضاً بجانبها، لم تكد عائشة تستوعب ما حدث إلا وصرخت بإرتعاب من صوت المفرقعات الصادرة من مكان ما بجانبها، قفزت عائشة بهلع وهي تصرخ لتتفادى.

شرارة الصواريخ وفجأة تعالى صوت قهقهات أنثوية صاخبة جعلتها تتجهه ناحيتها بغضب، هموت بجد، ايه ده إنتِ مين؟
قالت الفتاة الغامضة بقهقهات صاخبة سرعان ما سكتت مُتفاجئة حينما لمحت هوية عائشة المجهولة بالنسبة لها…
فى ايه يا عائش، بتصرخى ليه؟!
قالت رهف التي ركضت مُتفاجئة على صوت صراخ أختها، تنفست عائشة بفزع من خضتها لتحتضنها رهف، إنت عملتِ فيها إيه…

قالت رهف للفتاة بسخط، فرقعت الفتاة العلكة بإستفزاز، معملتش حاجة، أختك قلبها رهيف شوية، ثم إنتوا مين بقا؟
شيما. بتعملى إيه هنا؟
قالها صالح بتفاجؤ حينما جاء راكضاً هو وأمجد، حتى سفيان خرج على أثر صراخها.
ايه اللى حصل، بتصرخي ليه؟

قال سفيان بإستغراب فنظرت له عائشة بفزع، لا تعلم من أين تلقاها منه أم من الباقى، وحينما لاحظ حالتها نظر للفتاة المدعوة ب شيما بإمتعاض، عملتى فيها إيه يابت، إنطقى أنا عارفك هبلة، رفعت المدعوة شيما حاجبيها ببراءة
معملتش حاجة يا أبيه، هيا اللى صوتت لوحدها
نظر لها سفيان بقرف وهو يردد أبيه ثم خبط كف بكف وأنصرف دون أنا يستفسر عن شئ، والده سيتصرف
يا بنتى فهمينا اللي حصل، صوتي ليه مرة واحدة.

قال أمجد بقلق، لترفع عائشة عينيها بغضب وهي تزجر شيما بنظرات مشمئزة، الفتاة كادت توقف قلبها.
الإنسانة دى رمت عليا صواريخ، كانت هتوقف قلبي وبتقول أصل قلبي رهيف.
ضحكت شيما عندما تذكرت الموقف، ورهف أيضاً إبتسمت على سخافتها.
والله إفتكرتك هايدي، أنا آسفة يا ستي، يلا نتعرف من جديد، أنا شيماء بس نادينى شيما علشان عندي حساسية.
قالت شيما بإبتسامه مرحه، فنظرت لها عائشة بإستغراب، ما هذا يالله!

استئذنت عائشة منهم بعدما هزت رأسها لها بضحكة صفراء ودخلت للغرفة مرة ثانية، وأختها لحقت بها بعدما رفعت يديها لتحى الفتاة فإبتسمت لها شيما بلطف.
المهم، عمو أمجد فين بنتك، عندى ليها بخبر بعشرين جنيه…
أردفت شيما تتسائل ليبتسم صالح ببلاهه كعادته عند رؤيتها…

هايدى مش هنا، راحت الدروس الخاصة بتاعتها، زينبو فوق في الروف، وسعاد نزلت السوق علشان تجيب طلبات الغدا، عندك اسئلة تانية، قال أمجد بهدوء مُجيباً على جميع الأسئلة التي كانت ستسألها له…
اووه يخساره، هبقا أجيلكوا عالغدا بقا، خلى طنط تعملى ورق عنب علشان بحبه.
قالت شيما بحزن سرعان ما إنقلب لفرحه عند تخيلها لنفسها جالسة تأكل وريقات العنب الملفوفة، فإبتسمت بتلذذ وقد إستطاعت الإستشعار بطعمه في فمها…

راقب صالح ملامحها بشرود، وتنهد بضيق عندما خرجت من البيت.
عارف يا صالح، أن تصل متأخراً خيرٌ من أن لا تصل أبداً.
قال أمجد بهدوء كعادته عند التحدث، هوصل متأخر فين يا عمى، مشوارى بعد ساعة مش دلوقتِ.؟، قال صالح بإستغراب، لينظر له أمجد بإشمئزاز.
مش هتوصل، أنا اللى هوصل يا حبيبى، هوصل العباسية وآجى تانى، ده لو طلعونى من هناك أصلاً…
العباسية؟!، هتفتح فرع جديد هناك ولا إيه؟

قال بإستغراب ليخبط أمجد رأس صالح بغضب ورحل تاركاً إياه يمسح على رأسه بألم مدهوشاً من فعلته…
صالح أباظة
صديق سفيان وأدهم المُقرب، مهندس إلكترونيات يعمل في إحدى الشركات الكُبرى في مُحافظة القاهرة، شاب ذو ملامح رجولية وجسد رياضى ممشوق، أعينه بلونها البُنى تجعله يبدو ألطف، و خصيلات شعره المصففة على الطريقة العصرية كيرلى أعطته مظهر الرجل المرح الذي يكون عليه.
الشيماء شكرى.

ابنة خالة هايدى وصديقتها المُقربة تخرجت من كلية الآداب وجلست في المنزل بلا عمل لأنها ذات خُلق ضيق، فتاة جميلة الملامح ببشرتها البيضاء ذات الوجنتين الورديتين، أعينها البنية اللامعة وضحكتها الجميلة بأنيابها اللطيف التي تعطيها مظهر القطة البرية، ممتلئة الجسد وطويلة القامة نسبياً
مرحة تعشق الضحك ولهذا توافقت كلياً مع عقل هايدى وأصبحا ثنائي مسبب للمشاكل ومثير للأعصاب وإن كانت هايدى عاقلة عنها نسبياً،.

وقفت هايدى في المصلى الخاص بالسيدات لتصلى صلاة المغرب، حيث فاتتها بسبب تأخرها في الحصة السابقة…
تنهدت بخفة واستغفرت ربها، هذه أول مرّة تُؤخر صلاتها وتشعر كأنها أجرمت حقاً…
بعدما إنتهت من صلاتها جلست تردد بعض أذكار الصلاة وأذكار المساء لتظل في حماية الرحمن حتى الصباح…

خرجت هايدى من المصلى ونظرت في ساعة هاتفها بضيق، لا زال هُناك حصة أخيرة، وهذه الحصة هي الأثقل على قلبها. هذا بسبب شخص واحد فقط يجعلها تكره نفسها واليوم الخاص بهذه الحصة.
ما يجعلها لا تستطيع تركهم، أن هذا بيت صديقة مقربة لها، ولا تستطيع أن تحزنها.
تمنت ألاّ يكون موجوداً هناك وألاّ يحتك بها كعادته في الأيام القليلة السابقة، تحركت هايدى مُتوجهه نحوهم وتأفأفت بغضب عندما رنّ هاتفها برقم والدة صديقتها.

السلام عليكم، أنا آسفة على التأخير، لا أنا في الطريق أهو.
بعد عدّة دقائق صعدت هايدى درجات المنزل بثقل وهيئت نفسها ثم رسمت إبتسامة هادئة على ثغرها ودقّت على الباب، فتحت لها السيدة مريم الباب جزئياًّ وهي تحيها، السلام عليكم، بجد بعتذر لحضرتك على التأخير ده.

قالت هايدى بهدوء وقبل أن تردف الأخرى بشئ وجدت هايدى الباب يفتح على آخره، ايه ده، أبلة هايدى عندنا يولاه، حمدالله على السلامة يا، أبلة، قال الشخص الذي تكرهه أكثر من أى شئ آخر والذي كان يدعى سليم ، نظرت له هايدى ببرود ومن داخلها تود لو تمسك برأسه و تخبطها في الحائط عدّة مرات إلى أن يجد الموتُ له سبيلا…

تعالى يا بنتى إتفضلى، قالت الوالدة بخجل من أفعال ابنها وهي تتنحى جانباً لتتنهد هايدى بخفوت واستطاعت جاهدة رسم إبتسامة مُجاملة لها وتجاهلت الردّ على سليم كلياً ثم دلفت للداخل تاركة إياه يبتسم بغموض…

أزيك يا ميس هايدى، قالت أخت صديقتها الصغرى بإبتسامة لطيفة لترد عليها هايدى التحية مُبادلة إياها نفس الإبتسامة، بعد دقائق قليلة جلست هايدى والفتاة نغم على الأريكة وباشرت هايدى بشرح الدرس لها، العنكبوت النونو خطفت قلبه عنكبوتة…
قال سليم بنبرة غنائية وهو يدلف للغرفة حاملاً كوباً من العصير، نظرت له هايدى بنفاذ صبر ليبتسم ببرود، إيه يا أبلة عايزة مانجة،؟

أغمضت عينيها بقهر شديد، لو فقط تستطيع لكمه على وجهه، تقسم بأنها سترتاح كثيراً، أستاذ سليم، لا مؤاخذة يعنى لو مش هزعجك ممكن حضرتك تتفضل برّة، قالت هايدى ليبتسم هو بسخرية، لامؤاخذتك معاكى، بس حضرتك مصدرها أيه في الجملة؟!

الوقاية، الوقاية من لسانى يا مُحترم لو مخرجتش برّة دلوقتى، قالت هايدى بعصبية لتضحك نغم بخفة عليهم، كانا كالقط والفأر في مناوشاتهم، نظر لها سليم بنظرات مُتفحصة من أسفلها لأعلاها، فناظرته هي بشراسة، عينك يا مُحترم لتوحشك…
قالت هي مُهددة فضحك بسخرية على كلامها، وحينها ثارت ثائرتها ونظرت لغنم قائلة لها، ناديلي مامتك…

إنصاعت نغم خائفة لكلامها ونظرت لأخاها المُثير للإستفزاز الذي جلس يشرب من كوب العصير مصدراً أصواتاً متلذذة جعلت من ملامحها تنكمش بقرف.
اتجهت هايدى ناحيته ورمقته بغضب، إنتَ عاوز إيه منى، لخص في الكلام وقصر، رفع عينيه الزرقاء ناحيتها وإبتسم لها بغموض، سكة ودوغرى، عايزك يا أبلة هايدى، توسعت عينيها بخجل طفيف ككل مرّة يخبرها فيها بأنه يريدها، وأنا قولتلك قبل كده يا حضرة الظابط، نجوم السما أقربلك منى…

توسع ثغره باسماً في ضحكة خبيثه بانت فيها نواجذه، بلاش إنت تقعى معايا في سكّة يا هدهد الجناين
تبسمت في وجهه ساخرة منه، وحين إتجهت لحمل حقيبتها والهُروب من بطشه، دخلت والدته وهي ترمى نظرات غاضبة نحو سليم الغير مُبالى، أيه يا حبيبتى ماشية بدرى ليه، ده حتى روان على وصول خلاص، قالت والدته بتوتر من الجو المشحون السائد في المكان، لو سمحتِ يا طنط، أنا كنت جاية أبلغ حضرتك إن دى آخر حصة ليا…

قالت هايدى بتلاعب وهي تنظر بخجل حولها جعل من سليم ينظر لها بتساؤل، ليه يا حبيبتى حد زعلك ولا حاجة، قالت الوالدة بإستغراب، لتنفى لها هايدى ببطئ، ثم أردفت بما جعل الآخر في حالة صدمة وتصنم في مكانه مدهوشاً، أصل خُطوبتى يوم الخميس الجاى، نعم، ده عندها مش كده، تفوه سليم كلماته بغضب مستعر، لتنظر له هايدى بخبث ونفت وهي تُخفى وجهها بخجل،.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *