رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل السابع والأربعون
هكذا الوضع، هما الأن معهُ في سيارته التي شقت الطريق شقاً يتوجهون بالسياره الى محافظة أسيوط فأتت ببالها والدتها زهره حين تعلم بأنها استقلت السياره معهم او معه هو بالأخص دون علمها كيف سيكون رده فعلها استدارت بجوارها الى ياسين الجالس يقبض على المقود بكفيه ينظر للطريق بعينين ثاقبتين سائله: هو احنا هنروح امتى؟
ابتسم بسخريه يجاوب على سؤالها:
افتكر انك نطيتي في العربيه بمزاجك فنروح أمتى دي بقى بمزاجي.
لا تعلم كم مر من الوقت حتى بلغوا وجهتهم هبط ياسين من السياره وهو يسند بذراعه على الباب ووقفت شمس بجوار الباب الأمامي الخاص بها تردد في ذهن يزن وهو يهبط من السياره أخر محادثه حدثت بينه وبين ياسين قبل ساعات
ساره هتعيش مش هت موت. انا مش هسيبك يايزن
قال أخر كلماته يطالعه بنظرات واثقه مما يقول فبعث بقلبه شىء من الطمأنينه
فاق يزن من شروده على صوت ساره بملامح وجه باسمه:.
هتفضل واقف عندك كده كتير هو مش المفروض اننا جايين هنا نغير جو ونخرج
فأكمل يزن جملتها بعيون زائغه يحك على أنفه:
وجايين نكشف عليكي كمان نسيتي دي
تركت مكانها بعدما استدارت حول السياره واقتربت منه تحتضن كف يده قائله ببسمه حانيه:
يزن والله أنا كويسه دي مجرد دوخه مش أكتر للدرجه دي بتخاف عليا يا يزن؟
راودت شمس ذكرى ل ياسين في مخيلتها تسمع أنفاسه على مقربه منها عند سماع هذه الجمله من ساره:
بتخافي عليا ياشمس؟
ابتلعت ريقها ترمق ياسين بنظرات خاطفه تبدو وكأنها تصادف وجهُ للمره الأولى بينما ياسين لا ينظر اليها فكان ينظر أمامه يطالعهما ترواده نفس الذكرى وهي تقول بنبره بها من الغيظ ما يكفي:
لا. لن ولم أخف عليك قط بحياتي فأنتَ سبب خوفي لسنينٍ طويله.
حاول عدم النظر اليها بجواره لذا ادعى شروده يخشى أن تفضحه نظراته فابتلع ريقه وأرغمه قلبه دون أن يشعر للنظر اليها نظره خاطفه سريعه فنظرت شمس أمامها مسرعه قبل أن يراها تطالعه هي الأخرى فابتسم بسمه صغيره ظهرت على ثغره
أقترب يزن من ساره أكثر رافعاً كف يده يمرر أصابعه بين خصلات شعرها المتروكه على جبينها اصبح وجهُ على مقربه من وجهها قائلاً وعيونه تحتضن عيناها: وأنا ليا مين غيرك أخاف عليه ياساره.
تنهدت ساره بهدوء تحركت ناحيته حين مسحت على عنقه تنظر له بعينين تجبره على النظر اليهما: أنا بحبك أوي يايزن
أنهت جملتها وهام هو بها اصوات ضربات قلبه السريعه غطت على أي صوت أخر ابتسم بسمه حانيه ومال يقبل جبينها قبله طويله أغمضت عيناها ورائحته تتسلل الى روحها كم اشتاقت لقربه منها بهذا القدر، الغريب بهذا كيف للمسه واحده من شخص تحبه تكون قادره على جعلك تشعر بأن كل شىء تريده أصبح ملك لك الأن.
حمحم ياسين عند رؤيتهم هكذا فاقدين الشعور بالمكان والزمان قائلاً بسخريه: طيب نجيلكم احنا وقت تاني بقى
ابتسمت ساره بعدما استدارت بجسدها تطالعه بمشاكسه: ايه ماحدش خاف عليك قبل كده ولا ايه
انمحت الأبتسامه من على وجهُ ببطىء يهز رأسه نافياً ينظر الى تلك الواقفه من الجهه الأخري للسياره قائلاّ: لاء. مافيش.
مسح وجهُ بضيق وانحنى بجسده سريعاّ يعود أدراجه داخل السياره يحاول الهرب من النظر اليها قائلاً: أنا هاروح اركن العربيه في مكان قريب وأنتَ اطلع العياده يا يزن وانا هطلع وراكم
اشار يزن رأسه بالموافقه وضغط ياسين على المكابح مسرعاً وكأنه يهرب من شىء ما ربما من عدم النظر اليها أو ربما من نفسه هو نفسه لا يعلم.
ربما هناك ألم بداخل صدورنا مهما حاولنا اخفاؤه تفضحه الأعين بمجرد النظر اليهما لاحظ بربروس الحزن بعيون مارال من أخر محادثه بينهما وهي تحاول تجنب حديثه.
بحث عنها بعينيه حتى شعر بها قلبه هي الأن بداخل غرفة غدير تضب أغراضها بحقيبتها تستعد للمغادره لم يستطع الدخول ولكنه انتظر بالخارج حتى لا يكونوا بمفردهما بداخل غرفه مغلقه فانتهت هي مما تفعله تنادي على غدير من الداخل لم تجب عليها حتى خرجت تبحث عنها لتجده أمامها تصنع بربروس عدم معرفته بتجاهلها لهُ فبدأ بقول: أنويتي العوده؟
فأجابت تنظر بعيون باحثه عن غدير: اه. ماشوفتش غديي.
تجاهل سؤالها وهو يصوب نظره تجاهها أكثر: أسنعود بتلك السرعه
كمشت حاجبيها وهي تصوب نظرها تجاهه تكرر كلمته: سنعود!
بالتأكيد فلن أتركك تعودين بمفردك
تحركت من أمامه تجاوبه:
بيبيوس انا مش عيله صغييه وزي ما عيفت اجي لوحدي اكيد هعيف ايوح لوحدي
استدار بوجهُ يتابعها بعينيه تبتعد عنه يتجاهل ما قالته قائلاً بسخريه بصوت عالى نسبياً:
حسناً، خذيني أنتِ معك لأنى ضللت الطريق.
ابتسمت مارال دون أن تنظر خلفها فأكملت طريقها تبحث عن غدير بالخارج.
دخل يزن بخطوات بطيئه متردده للعياده يخشى أن يصل اليها ويضطر لسماع ما يؤكد بأصابه حبيبته ساره بهذا المرض اللع ين يتقدم نحو الممرضه على أمل أن ينفي الدكتور ما بالأشعه التي احضرها معه ابتلع ريقه بتردد وهو يردد:
في حجز بأسم ساره العربي
أشارت الممرضه برأسها بالأيجاب بعدما تحققت من دفتر المواعيد:
ايوه يافندم بس للأسف الدكتور هيتأخر النهارده شويه لو تسمح تقعدوا تستنوه هو قدامه بالظبط نص ساعه.
أشارت ساره برأسها بالموافقه بعدما قرأت اليافطه المكتوب عليه تخصص الطبيب جلست على المقعد سائله يزن بهمس:
دكتور مخ وأعصاب ليه يايزن؟
فمال هو بوجهُ هامساً بأذنها:
أنتِ هبله ياساره أنتِ مش بتحسي بصداع ودوخه في راسك هوديكي فين غير مخ وأعصاب
ذمت على شفتيها من كثره أهتمامه بهذا الدوران الخفيف الذي شعرت بهِ فلم يأتي ببالها قط بأن يكون لديها ذلك المرض الخبي ث.
وقفت شمس بعدما رفضت الجلوس تسأل الممرضه عن الدكتور سمير فايز اذا كان بالقرب من هنا فأجابتها الممرضه تشير بأصبعها جهه اليسار:
تقصدي دكتور سمير دكتور أمراض نفسيه وعصبيه
أشارت شمس رأسها بالايجاب: أيوه هو
استكملت الممرضه أجابتها قائله:
هتلاقيه بعدنا بشارعين برج الجوهره الدور الرابع
ابتسمت شمس بسمه شاكره لها تاركه اياها تخبر يزن وساره قائله:
طالما الدكتور هيتأخر شويه هاروح اعمل حاجه جيت عشانها مخصوص.
فردت ساره مسرعه:
طيب افرض اتأخرتي
ماتقلقيش معايا تليفوني في الشنطه اول ما تخلصوا رنوا عليا على طول
اعترض يزن على طلبها وهو يقول:
لاء ياشمس احنا جينا مع بعض و هنمشي سوا استني نكشف ونيجي معاكي مكان ما تحبي
فأجابته بعينين راجيتين:
أرجوك يا يزن أنا مش هتأخر عشان خاطري سيبني أمشي قبل ما ييجي ياسين انا هسأل عن حاجه قريبه من هنا وهاجي بسرعه
تنهد بعد الحاحها وهو يخبرها بما استمعت لهُ برضا:.
طيب ماتتأخريش ساعه بالكتير وتكوني هنا هتصل بيكي كل شويه
أشارت برأسها وهي مبتسمه تبتعد عنهم ناحيه الباب:
مش هتأخر مسافه السكه.
لم تطأ قدمه العياده حتى الأن، كان يتسكع في الطرقات محاولاً تجنبها على اي حال، فأتاه أتصال في هذه اللحظه ليجد المتصل
الطبيب على رد وهو متوقع سيل الاسئله التي ستنطلق عليه الأن ليسمع صوت الطبيب يقول:
أنتَ أخدت شمس معاك ياياسين.
رد عليه بأيجاز:
مش أنا اللي أخدتها هي اللي جت فمشيت
وصل الى مسامعه تعنيف زهره الشديد تلك الواقفه بجوار الطبيب تتحدث بصوت عالى عل صوتها يصل لهُ:.
يعني ايه هي اللي جت وازاي تاخدها وتمشي من غير ماتقول لحد. انا بنتي مش هتركب معاك لوحدها اكيد أنتَ اللي اجبرتها
أضاف بعض البرود بكلامه يحاول استفزازها أكثر:
سكت الوليه اللي جنبك دي ياعلي
حاول الطبيب اضفاء بعض الهدوء لفض النار المشتعله بين الأثنين:
ياسين. ارجوك زهره مراتي وشمس بنتها ومن حقها تقلق عليها
هنا ظهر ضجره جلياً وهو يقول:.
أنا ساكتلها بس عشان هي مراتك ياعلي وبعدين أنا ما أجبرتهاش تيجي معايا زي ما هي بتقول هي اللي ركبت معانا بأرادتها
فأتت غدير من خلف الطبيب تدعم كلامه:
أيوه انا شوفتها ياطنط زهره وهي بتركب معاهم اول ما عرفت انهم رايحين اسيوط وياسين ماتكلمش اصلاً
رمقت مشيره غدير بنظرات لو كانت النظرات سيوف لقطعتها أرباً فأكد عليها الطبيب:
أنتِ متأكده ياغدير أن مش هو اللي قالها تعالي معانا
فأجابت مسرعه تؤكد كلامها مره اخرى:.
ايوه متأكده. وبالعكس دي ساره هي اللي قالتلها تعالي معانا مش ياسين وهي ما صدقت وركبت معاهم على طول
طيب هي فين دلوقتي. ادهاني
قالتها زهره بأنفعال جراء فعلتها الهوجاء هذه فأجاب هو بالنفي:
مش معايا اتصلي بيها على موبايلها هي مع يزن وساره
تنفست مشيره بارتياح عندما علمت بعدم تواجدها معه فردت زهره بعصبيه اكثر:
ما لو كان تليفونها معاها كنت اتصلت بيها وانا هتصل بيك ليه؟ شمس ناسيه تليفونها هنا.
زفر ياسين بتعب وتابع بقوله:
خلاص هاروحلهم انا العياده وهخليها تكلمك من هناك
كاد الطبيب ان يغلق الهاتف فهتفت مشيره برجاء:
ينفع ماتقفلش
مد الطبيب كف يده بالهاتف لها فأغلقت زر المكبر واضعه الهاتف على أذنها قائله بحنان تبتعد عنهم بخطوات بطيئه:
ياسين أنت كويس؟ طمني عليك.
مسد على عنقه بتعب يشير برأسه بالأيجاب:
انا كويس يامشيره ماتقلقيش عليا
انا بس حبيت اطمن عليك مش أكتر
ابتسم ابتسامه امتنان فقال ببسمه حانيه:.
انا اسف يامشيره من ساعه ما وصلتي القريه وانا سايبك خالص حصل حاجات هبقى احكيلك عليها بعدين أنتِ عارفه يزن مهم بالنسبه لعمار ازاي واللي يهم عمار يهمني بس لما اجي واخلص اللي انا فيه هنقعد مع بعض زي الأول
ابتسمت ابتسامه عريضه واخذت نفس عميق تتحدث بامتنان:
انا قولت انك نسيتني لما رجعت لأهلك وناسك
فرد عليها بثقه مما يقول:.
أنا ماقدرش انساكي يامشيره ولا انسى اللي عملتيه معايا ووقفتك جنبي طول العشر سنين اللي فاتوا
ابتسمت متابعه:
انا مهما عملت معاك مش هنسى وقفتك جنبي في يوم
كاد ان يغلق الهاتف فتحدثت هي مسرعه تخبره بما تذكرته للتو:
ياسين صح. نسيت اقولك انا عارفه انك بتحب الشيري كولا فحطيتهالك في الأزايز اللي بتحبها وهتلاقيها في درج العربيه
شكرها بامتنان على اهتمامها بأدق تفاصيله، فأغلقت الهاتف تتنهد بارتياح من حديثه معها.
هناك طرقات تجبرنا على تذكر ما نحاول نسيانه وهذا ماتفعله هذه الطرقات ب شمس الأن حين مر أمام عينيها احداث من السنين الماضيه نفس الشوارع، نفس المحلات، ونفس الفندق، نعم هذا الفندق الذي قضت بهِ ليله هي وعمار مضى على سيرها في هذه الطرقات أكثر من عشر سنوات طرقات يركضون بها هرباً من ياسين وهي الأن تركض بنفس الطرقات لتداوي نفس الشخص الذي كان سبباً في هروبهما وفزعهما وهو ياسين. غريبه هي الحياه وكذلك الأيام أليس كذلك!
أخيراً بعدما ارهقت عينيها بالبحث وقع نظرها على يافطه دكتور سمير فايز ابتسمت بعدما أخذت وقتها الكافي في البحث عنه صعدت الى عيادته تنتظر دورها ولم تنتظر كثيراً حتى وجدت الممرضه تنطق بأسمها دخلت وهي متردده بالدخول فحثتها نبرته المطمئنه على التكلم بارتياح جعلها تنتزع جزء من مخاوفها:
اهلاً بيكي قبل اي شىء عايز اقولك خدي نفس عميق وحاولي ترتاحي شايف نظراتك متوتره
جلست أمامه تفرك بأصابعها وبدأت بقول:.
بصراحه اه اول مره ادخل عياده دكتور نفسي
حد قالك ان الدكاتره النفسيين بتخوف
كان هذا سؤاله فردت هي مسرعه
ماقصدش بس
فهم هو مقصدها فتابع بقول:
المرض النفسي زيه زي المرض العضوي بالظبط ياأنسه
نظر في الورق أمامه الموضوع عليه اسمها فبادرت هي بقول:
شمس اسمي شمس
تشرفنا يا انسه شمس، قوليلي ايه اللي خلاكي تقرري انك تتعالجي نفسياً اي الاعراض اللي بتحصلك
لاء ده مش انا.
كان هذا جاوبها جواب سريع دون تردد فابتسم الطبيب على سرعتها في التحدث مما جعله يسأل اومال لمين؟
ابتلعت ريقها بعيون زائغه تحاول ان تستجمع كلماتها هاربه من سؤاله:
ممكن اسأل حضرتك شويه اسئله؟
فأجاب بالتأكيد فاسترسلت حديثها:.
لو شخص عزيز على حد أوي ومات والشخص اللي لحد ده ماتله بقى بيتكلم زيه وساعات بيبقى نفس نبرة صوته ونظرة عيونه وحتى كلامه وجملته اللي كان دايما بيقولها الشخص المتوفي ده ومش بس كده واوقات كمان بيتكلم معاه واحتمال كبير انه بيأذي نفسه وبيط عن نفسه يبقى هو كده بقى مجنون ومحتاج يتعالج
ابتسم الطبيب على اسئلتها التلقائيه فأجاب بهدوء يترك مقعده على المكتب ويجلس بالمقعد المقابل لها:.
المريض النفسي عمره ما كان مجنون ياشمس، المريض النفسي زي ما قولتلك قبل كده بيبقى زيه زي اي مرض عضوي بيحصلنا وممكن كمان المرض النفسي بيأذينا أكتر من المرض العضوي أحياناً.
يعني بيتعالج.
اكيد بيتعالج بس لو هو عاوز يتعالج أنتِ دلوقتي قولتيلي كام حاجه ماقدرش أبداً اقرر منهم واشخص حالته بالظبط، لازم المريض ييجي واول شىء بسأله اذا كان مدمن او لاء لان الادمان عامل قوي يخلي الشخص يصاب بأنواع كتير من الأمراض النفسيه
لا. لا مش مدمن خالص
كانت كلماتها سريعه وبدون أي مقدمات فسألها الطبيب السؤال التالي:
طيب الشخص المتوفي ده يقربله ايه؟
طالعته بهدوء قبل ان تقول بنبره حزينه:
ابنه.
ابتلعت غصه مريره في حلقها قبل أن تضيف:
ومكانش يعرف انه ابنه. عرف انه ابنه اللي بيدور عليه سنين قبل ما يموت بثواني مات وهو في حضنه
ترقرقت عيناها بالدموع تتذكر تلك الليله القاتمه:
م ات ما بين ايديه ص رخ ص رخه قلوبنا اترجت لما ص رخها من كتر وجع قلبه عليه كنا كلنا حواليه بس مره واحده ومن غير اي مقدمات وقف وقام بص للزاويه اللي في القبو.
هتفت بأصرار امتزج مع وجعها:.
ايوه انا فاكره كويس انه بص للزاويه اللي في القبو وابتسم بعد ما كان بيص رخ بكل ما فيه، ابتسم ابتسامه مش هنساها ابداً، واكنه كان شايف اللي ضاع منه من سنين ساب جث ه أبنه وبعد ما كان.
بيص رخ عليه قال بكل بساطه انا ماشي، كلنا كنا مستغربين ازاي يسيب جث مان ابنه وهو حتى مادف نش ده جسمه لسه مابردش بعد ما كان هيم وت عليه مشي وغاب عننا عشر سنين بس لما رجع ما رجعش ياسين رجع واحد تاني، بيكلم نفسه، بيكلم بنبرة ابنه، بيحاول يأذي نفسه
وبيط عن نفسه بالس كين نظراته المرعبه وبالذات وانا معاه زي ما يكون عمار ابنه عايز يقولي انا عايش ماموتش
مسحت بأصابعها وجنتيها بعد انهيار دموعها قائله:.
حاسه انه موجود بوجوده وياريته كان موجود حقيقي
مد الطبيب كف يده بالمناديل:
اتفضلي امسحي دموعك
مدت كف يدها تمسح دموعها بعدما أخذت نفس وكأنها غريق تتنفس الهواء فتابع الطبيب اسئلته:
الظاهر ان المرحوم كان غالي عليكم أوي الله يرحمه
فتابع بقول:.
بصي يا انسه شمس بعد كل اللي قولتيه ده وبعد ما حاولت اربط الخيوط ببعضها قدرت اكون شكل مبدأي بمرضه وهو مرض نفسي اسمه (بارانويا) او بمعنى اصح اسمه جنون الأرتياب بس قبل ما اكمل حابب اعرف علاقته بالمتوفي كانت عامله ازاي قبل ما يم وت يعني كانت علاقتهم كويسه ببعض بما انه مكانش يعرف انه ابنه:
سؤال جديد سأله الطبيب فردت هي بحزن:
للأسف كانوا بيك رهوا بعض جداً
ماتعرفيش ايه سبب كر ههم لبعض:.
سؤال مفاجىء من جديد يربكها فصمتت لثواني تابعت بتردد تبتلع ريقها:
للأسف أنا، انا السبب في كر ههم لبعض
فسأل بعدم فهم:
معلش توضحيلي أكتر ليه كنتي السبب في
كر ههم لبعض
فأجابت بنبره متقطعه تنظر للأسفل تعيد خصلاتها الاماميه بأطراف أصابعها للخلف بتوتر:
اصل، اصل الاتنين. الاتنين كانوا بيحبوني.
كمش حاجبه باستغراب وصمت لثواني فرفعت هي رأسها تطالع ملامح وجهُ. من يراهُ الأن يقسم بأن ملامحه خاليه من أي تعبير لم يعد يستوعب ما قالته للتو فأدرك صمته سائلاً:
أب وابنه بيحبوكي ازاي انا قابلتني حالات كتير بس اول مره اشوف اب وابن بيحبوا نفس البنت اولاً فرق السن بما انه أب اكيد راجل مسن مش قادر يقف على حيله ايه اللي يخليه يبص لمراهقه زيك طالما من عشر سنين وياسين ده عنده كام سنه؟
اسئله. اسئله كثيره ماذا تخبره. هل تقول له بأنه مستذئب مهما مر عليه الزمن لا يشيخ ابداً. هل تخبره بأنها هجينه هل سيصدق حقاً أدركت المأزق الذي وضعت نفسها بهِ ابتسمت ابتسامه مصطنعه للمره الأولى في هذا اللقاء قائله:
اقصد هو أخوه بس كان دايماً بيعتبره ابنه وكان بيدور عليه بس للاسف فقد الذاكره ولما رجعتله الذاكره عرف ان ده اخوه انا بس التعبير خاني من كتر ما هو دايماً بيقول انه بيعتبره ابنه.
كاذبه. لم تستطع قول الحقيقه فمن سيصدقها على كل حال
تنهد الطبيب بارتياح عند سماعه بأنه شقيقه وليس والده فأجابها ببسمه مريحه:
بصي ياشمس. انا هجاوبك على بعض الاسئله اللي سألتيني عليها واحده واحده ياسين لما عمار م ات ما بين أيديه عقله ماستوعبش أنه فقده.
عقله ماقدرش يتحمل فقده كان ممكن وقتها يتحول للج نون بس عقله هنا عمل حصن منيع عشان مايفقدش قدرته وابتدى يكون شخصيه في دماغه بالحاجه اللي كان عايزها تحصل وهي ان عمار يفضل عايش وده سبب ان ياسين بص في الزاويه زي ماقولتي هنا في اللحظه دي هو كان شايفه قدامه ولما ابتسم الصوره اللي كونها في دماغه هي اللي كانت بتبتسمله وهنا عقله محى ذكرى وفاته واتمسحت خالص كان لازم الشخصيه اللي اتكونت دي تؤمره بالرحيل عن جثمان عمار لانه لو كان شافه وهو جثه وشافه وهو واقف قدامه كان ساعتها هيتحول للجنون فكان لازم يمشي. تاني شىء وهو ان جنون الأرتياب ده بيكون شخصيات كتيره في منها المؤذي وفي منها اللي بيدعمك يعني مثلاً لو كان عمار مات وهو بيحب ياسين والاتنين كويسين جدا مع بعض فكان هيظهرله بنفس الصوره بأنه طيب وبيدعمه وبيتمناله الخير دايماً اما في حاله ياسين فالاتنين كانوا بيك رهوا بعض زي ما قولتي فبالتأكيد الشخصيه اللي عقله هيكونها هتبقى شخصيه.
مؤ ذيه وهتفضل تأذيه لحد ما يق تل نفسه في يوم او حد من اللي حواليه
وقفت من على مقعدها بهلع تكرر كلماته:
يق تل نفسه
اه وكمان يأذي اللي حواليه، ويفقد السيطره على نفسه لما تجيله نوبه منهم وقتها مابيكونش شايف قدامه لازم يهدى لازم يشعر ان في حد جنبه ويحتويه قبل ما يرتكب فعل يندم عليه لما يفوق
مرض ارتياب الجنون للأسف من اس وء واع نف انواع المرض النفسي
نظرت له ببسمه متوجعه وهي تقول:
طيب والعمل يادكتور.
العمل انه لازم يتعالج قبل ما ي أذي نفسه واللي حواليه اكتر من كده ويكون هو عايز يتعالج ده سبب رئيسي عشان يخف
لا يوجد أمامها خيار سوى الموافقه:
هحاول
انهت حديثها لتخرج بهدوء فوقفت تنظر خلفها تسأله:
لو حبيت اتواصل مع حضرتك وماقدرتش اجي هنا اتواصل مع حضرتك ازاي تاني
قال وهو يقوم بمد كف يده بالكارت الخاص به:.
لللأسف ده كان أخر يوم ليا في العياده النهارده بعد كده هبقى في عيادتي اللي في القاهره وهاجي هنا قليل اوي لو تقدري تجيبهولي القاهره انا هكون في العنوان والمواعيد اللي عندك في الكارت حاولي ما تتأخريش في علاجه امبارح افضل من النهارده.
أشارت برأسها بالموافقه ببسمه مكسوره تنظر بالكارت في يديها خرجت من عند الطبيب لتجد توغل الليل فعمت العتمه كم مر من الوقت وهي بالداخل استوعبت مرور الساعات وكأنها كالدقائق فتحت حقيبتها لتبحث عن هاتفها فبالتأكيد واردتها اتصالاتهم ظلت تبحث بداخل الحقيبه بعشوائيه فلم تجده. ضر بت بكف يدها على جبينها تمسح بيدها على وجهها بضيق عندما تذكرت بأنها قد نست هاتفها في غرفتها. هرولت مسرعه الى الخارج تنظر هنا وهناك تبحث بعينيها عن الشارع.
مازالت تهرول بين الطرقات تبحث عن النقود بداخل حقيبتها فوجدت انها لم تحضر نقوداً ايضاً قررت الذهاب الى العياده وهي على يقين بأنها قد أغلقت الأن بالتأكيد تركوها وحدها ورحلوا وعلى الرغم من ذلك مدت خطواتها أسرع ربما ينتظرونها هناك حتى وصلت للمبنى تهرول على الدرج بأنفاس مقطوعه. وصلت أخيراً لتجد الباب مغلق والأضاءه خافته تنبعث اضاءه خفيفه من الطابق العلوي. ظلت تدق بيديها دقات متواصله على الباب ربما يوجد أحد بالداخل ولكن دون استجابه حتى راودها شعور الأحباط. الأن توقفت عن دقاتها فهذا ما كانت تتوقعه ولكن كان هناك امل صغير أن ينتظرها أحدهم ماذا تفعل لا هاتف، ولا نقود، فكيف تعود الى قريتها؟ أغلقت عيناها وخرجت من داخلها تنهيده يائسه استدارت بجسدها تستعد للرحيل فوقع على مسامعها صوته وهو يجلس على الدرج بانتظارها وهو يقول بصوت حازم:.
كنتِ فين؟
دب بقلبها شعور بالطمأنينه عند سماع صوته رفعت عيناها للأعلى لتجده يجلس على الدرج بأنتظارها أصابعه متشابكه ينظر للأسفل يتنفس بارتياح عند وصولها بعدما اكله القلق. فكرر سؤاله من جديد السؤال الذي لم تجيبه هي منذ دقائق
كنتِ فين ياشمس الوقت ده كله؟
قال اخر ثلاث كلمات ببطىء شديد من بين أسنانه هربت الدماء من عروقها شعرت بالخوف من نبرته فمازال على نفس وضعيته لم يتحرك انش واحد شعرت ببوادر نوبه كما حدثت لهُ من قبل فجلست بجواره دون حديث رفعت أصابعها ببطىء تضع كف يدها على ذراعه لتهدئته قليلاً استدار بوجهه يطالع كف يدها الموضوع على ذراعه بحنان تسارعت دقات قلبه تنهد بخفوت يحاول تهدئه ذلك الغبي الذي يضرب بالقرب منها فهي ستشعر باضطرابه فردت هي دون تفكير:.
أنا كنت. كنت بشتري حاجات وبتفرج على المحلات ومش فاهمه الوقت سرقني ازاي
بان الكذب في نبرتها لذا اعطاها ابتسامه خبيثه لاحظتها هي فسحبت كف يدها ونظرت حولها هاربه ولكن ثبتها قوله:
وفين الحاجات اللي اشترتيها مش شايف حاجه في ايدك
وقفت أمامه تعطيه ظهرها تفرك بأصابعها بقلق:
ما هو اصل. اصل انا كنت
فبتر هو حديثها قائلاً ببرود مستفز:
يلا اكذبي كذبه تانيه. ولا اقولك. استني انا مش مهتم.
ليست هي الكاذبه الوحيده الأن فهو أيضاً يكذب فضوله ينهشه من داخله ولكنه سبقها يهرول على الدرج وهي تتبعه
يزن وساره مستنيين ياريت مانتأخرش عليهم اكتر من كده.
تحمل حقيبتها بين كفيها تضعها بالسياره تنظر خلفها تطالعه ببرود:
كان ممكن تفضل مع دكتوي على يابيبيوس مش لازم تيجع دلوقت
يدرك موقفها جيداً، يدرك الضجه التي أحدثها بداخل عقلها بحديثه الأخير معها لذا حاول تقبل كل كلمه تتفوه بها بصدر رحب:
أعتقد هذا يكفي فجلوسي في القريه أكثر من ذلك لا فائده منه
فقالت دون تردد تقلد طريقته:
وجلوسك في الحايه أيضاً لا فائده منه ياشيخنا.
اغلقت حقيبه السياره بأنزعاج وصعدت على الفور تاركه اياه خلفها يحاول استيعاب ما قالته منذ ثواني فتذكر كم قسى عليها من قبل تنهد بعمق محاولاً الا يفقد اعصابه فصعد بالمقعد الأمامي فأمر السائق بالتحرك الى محطه القطار.
كان يجلس على مكتبه يضع أمامه كتاب الكيميا الذي رسب به واضعاً على اذنه سماعه الرأس يستمع الى الموسيقى المفضله لهُ يستذكر دروسه جيداً فغداً هو يوم اختباره دخلت عليه هامسه تحاول أن تقترب منه ببطىء حتى أمسكت بكتابه فجأه قائله:
بتعمل اي؟
كان هذا سؤال غدير بعدما دلفت غرفته دون استئذان انزعح من دخولها هكذا فطالعها بانزعاج يملىء عينيه هتف بأصرار قائلاً:.
غدير احنا مابقيناش عيال صغيره عشان تدخلي عليا كده مره واحده من غير ما تستأذني، قولتلك الف مره قبل كده على الاقل خبطي افرضى كنت بغير هدومي او مش لابس اصلاً او حتى بعمل حاجه مش عايزك تعرفيها
لم تأخذ حديثه على محمل الجد كعادتها فجلست على فراشه تربع قدميها ممسكه بكتابه تخبره بمشاكسه:.
ياسلام وده من أمتى ياحسان ما انا طول عمري بدخل عليك عادي مش معنى الأيام دي يعني وبعدين انا بعتبرك اخويا زي رعد وداغر كده احنا متربيين سوا واعرف عنك كل حاجه زي ما أنتَ تعرف عني كل حاجه اي اللي جد يابني
عشان احنا مش اخوات
جحظت عينيه وقال جملته بثبات يؤكد ما قاله من جديد:.
ايوه ياغدير احنا مش اخوات، مش معنى انك بتيجي تقضي هنا كل اجازه طول العشر سنين اللي فاتت تبقي اختي. انا مابطلبش كتير كل اللي بطلبه انك تخبطي مش اكتر قبل ما تدخلي زي ما أنتِ عندك خصوصياتك انا كمان كبرت وعندي خصوصياتي.
نبرته الجاده احرجتها لم تعتاد على حديثه هذا، فهو بمثابه أخ لها ولكن كلماته كانت كالصفعات على وجهها غزت الحمره وجهها تتمنى لو تنشق الأرض وتبلعها الأن اشارت برأسها بعيون دامعه تبتلع ريقها بصعوبه تشير بكتفيها:
تمام، مكنتش اعرف اني بضايقك اوي كده، انا اصلاً مش هدخل عليك تاني ماتقلقش
رحلت صافعه الباب خلفها هز رأسه وعيناه لا تفارق الباب قائلاً بجديه:
تمام ياغدير.
رحلت غدير تهرول على الدرج بالخارج التفتت خلف المنزل ودموعها تنهمر على وجنتيها بعدما فتحت قفل الدراجه الخاصه بها صعدت على الدراجه تقودها بين الطرقات المظلمه على يسارها البحيره وعلى يمينها الحقول ينساب الهواء بين خصلات شعرها القصير. كانت تقود الدراجه بسرعه كبيره في المناطق الوعره وعلى حين غره ودون ان تشعر ظهر أمامها فتى يقف بطريقها لم تستطع ان تقف بالدراجه في الوقت المناسب تسمع صوته قائلاً:.
حاسبي. حاسبي يا انسه
لم تستطع كبح الفرامل لتصطدم بهِ بعنف شديد سقط الفتى للخلف على الأرض لتقع هي فوقه والدراجه تقع عليها فأصبح هو بالأسفل قائلاً من بين أسنانه بألم يظهر بنبرة صوته:
مش قولتلك حاسبي يا أنسه
قالت بوجه باكي:
مكانش قصدي.
كان حاضراً بالسياره خلف المبنى الخاص بالعياده حث شمس على الركوب وهو يلوح لها بكف يده على استعجال:
اركبي
أمسكت بمقبض الباب وقبل ان تصعد السياره قالت سائله:
هو احنا رايحين فين؟
رد وهو يركب على مقعده جوارها:
هخطفك
أدار سيارته قبل صعودها فحنى رأسه يطالعها سائلاً بعصبيه:
هتطلعي ولا امشي.
قال جملته يضغط بقدمه على مكابح الوقود يستعد للرحيل هو هكذا مربك دائماً، لا يوجد امامها اختيار سوى الصعود معه وقبل أن تغلق الباب ضغط على المكابح على استعجال يشق الطريق شقاً راوده اتصال فنظرت شمس على شاشه هاتفه دون ان تلمسه عقدت حاجبيها باستغراب تنظر لاسم المتصل مستفهمه:
عملي الاسود! مين عملك الاسود ده؟
أمك
قالها سريعاً دون تردد فاستكمل حديثه دون ان ينظر اليها:
ردي عليها بقى عشان اخلص من صداعها.
تنهدت وهي تبلع ريقها تستعد لسيل الاسئله التي ستواجهها الأن:
ايوه ياماما
انتظرت حتى انتهت زهره من توبيخها ثم اردفت:
ضيعني ايه بس ياماما انا عيله صغيره انا بس كنت
فقاطعتها زهره توبخها من جديد تتوعد لها عند عودتها
خلاص ياماما، خلاص عشان خاطري لما اروح انا خلاص في الطريق راجعه
ابتسم ياسين بخبث على تأكيدها لها حتى اوقف السياره لتجد نفسها امام محطه القطار يأتى يزن مسرعاً:.
اتأخرتوا كده ليه؟ القطر قدامه تلات دقايق ويمشي
شعرت بأنها لا تفهم شىء، لا تعلم حتى الى اين وجهتهم الأن وقف يزن مقابلها بنفس متقطع:
يلا ياشمس مافيش وقت احنا لازم ننزل القاهره ساره مستنيانا في القطر ماينفعش نسيبك تروحي القريه لوحدك في وقت زي ده
وقفت تفكر في والدتها لثواني تراهم امامها يصعدون للقطار صعد ياسين ومن خلفه يزن يقفون على باب القطار وهي مازالت واقفه هل تصعد حقاً معهم، ماذا عن والدتها وضع.
ياسين يديه بجيوبه الخلفيه خلف يزن يطالعها بابتسامه شامته يرى عيناها الحائره. تحرك القطار ببطىء في بادىء الأمر فمد يزن كف يده ل شمس يحثها على الصعود:
يلا ياشمس مش هينفع نسيبك هنا
ودون ان تشعر مدت كف يدها ل يزن وصعدت معهم تركها يزن وتقدم الى الأمام تراه يبتعد عنها وهو يقول:
تعالي اوديكي لساره.
تجمدت قدماها من الذهول. هل حقاً صعدت معهم الى القطار لا تعلم الى اين سترحل فابتسم ياسين بسمه شامته ومال بوجهه هامساً بأذنيها:
ده أنتِ هتتنفخي.
ده انا هنفخها. بس لما تجيني
قالت زهره كلمتها وهي في قمه نرفزتها تض رب كف بأخرى
اهدي يازهره مش كده
حاول الطبيب تهدئه زهره قليلاً فردت بعصبيه:
ما أنتَ طبعاً حاطط ايدك في المايه البارده ياسي على ومش حاسس بيا وهتحس بيا ازاي وانت عمرك ما هتحس باللي انا حاسه بي ولا عمرك هتبقى أب ولا هتخلف في يوم.
قالت كلماتها دون وعي لما تقوله نزلت كلماتها كالصاعقه تشق قلبه نصفين طالعها بعدم تصديق مما قالته فعقدت مشيره حاجبها باستغراب فهمست لنفسها قائله:
معقول حتى على كمان طلع مابيخلفش
حاول أن يهدأ ولا يقدم على فعل شىء يندم عليه بعد الأن:
أنا صحيح مابخلفش بس أنتِ كنتِ بنتي الصغيره
كان هذا رده الذي تبعه بقول:.
زي ما بتخافي على شمس انا كمان بخاف عليها يازهره وبخاف على أي حد هنا بالرغم انه مش من دمي. شمس طلعت القطر معاهم بمزاجها مش غصب عنها. أنا عارف أنك مش عايزاها تبقى مع ياسين. بس اللي انا متأكد منه أنك لو لفيتي الدنيا كلها مش هتلاقي حد يخاف عليها ويحميها اكتر من ياسين وسبب اني مابخلفش انتِ عرفاه كويس ورضيتي بيا قبل ما نتجوز فماتجيش دلوقتي تعاقبيني بحاجه غصب عني.
قال كلماته تاركها خلفه تراه يبتعد عن ناظريها، ما الذي تفوهت بهِ تلك الحمقاء أخذت تؤنب حالها على ما قالته فنطقت اسمه حتى توقفه
علي استنى
لم يستمع لها تاركاً أياها يغادر المنزل فأوقفتها الخاله تضرب بعصاها الأرض:
سبيه يازهره. سبيه يعيد حساباته. وانتِ كمان يابتي عيدي حساباتك من اول وجديد قبل ما تخسري على وتضيعيه من بين ايديكى
ابتلعت مشيره ريقها فرؤيه الخاله تشعرها بالتوتر.
هيبتها. كلامها الحكيم. نظرتها المدانه دائماً وكأنها تخبرها بأنها ستكشفها يوماً ما اسرعت بالدخول الى غرفتها ممسكه بكف زهره تأخذها معها داخل الغرفه.
كانت تجلس أمام الباب بالقطار وهو مسرعاً تستطيع سماع اصوات بوق القطارات من حولك تسند هي بظهرها على احدى الجوانب تنظر الى الحقول والمباني تتنفس الهواء مع نسماته البارده فأتى بربروس يجلس في الجهه المقابله لها. ادارت وجهها مسرعه تطالع الخضرا مع سرعه القطار فابتدا هو حديثه قائلاً:
اعلم ما بداخلك كما اعلم جيداً سبب معاملتك لي ولكنكِ طلبتي مني سائله ان اقنعك بدين الاسلام فلا ذنب لي يامارال.
ما ان ادركت ما قاله حتى وقفت مسرعه تبتعد عنه
قبض بكف يده على معصم يدها فنزلت بعيناها الى موضع يدهُ فسحب كف يده مسرعاً من عليها يقول بعيون راجيه:
أرجوكي اجلسي. فأنا لا أتحمل لحظه يحمل بها قلبك شيئاً ضدي
ابتلعت ريقها تعود أدراجها جالسه تنظر لهُ بعيون باكيه فنطق هو بما لا تريد البوح به فقال بلطف:
حسناً، لقد سمعتني أريد سماعك الأن لما كل هذا الغضب قولي ما عندك فأنا احتاج لسماعه
أنتَ غلطت يابيدقوس.
ابتسم هامساً لنفسه حسناً لقد عادت تناديني ببيدقوس وهذا شىء مطمئن فأكملت هي حديثها:
غلطت لما قولت ان احنا بنعبد 3 الهه الكلام ده غلط اوي احنا بنؤمن بأله واحد بس معندناش تعدد الهه بسم الاب والابن والروح والقدس دي زي مثلاً الشمس بتطلع نور وحراره وضوء ومع ذلك هي كيان واحد هي الشمس فاهمني يابيدقوس
كانت تشرح له بغ ضب عارم حاول الا يتحدث معها اكثر من ذلك حاول ان يمتص غض بها يشير برأسه بالموافقه:.
افهمك يامارال، حسناً دعينا لا نتحدث بالدين لكم دينكم ولي دين هل توافقينني على ذلك
اشارت برأسها بالموافقه فمسح على وجهها بأنامله دموعها التي كانت تنهمر بغزاره يحتضن عينه عيناها بحب فابتسمت هي ابتسامه من بين دموعها فطلب منها مره أخرى ما يتمناه منذ سنين:
اتقبلين ان تكوني زوجتي يامارال؟
ابتسمت ابتسامه خفيفه حاولت الحديث من وسط نحيبها فخرجت الكلمات متقطعه:
أأ. اايوه. ايوه. اتجوزك يابيدقوس.
ابتسم ابتسامه عريضه زادت من وسامته وهو يصرخ بأعلى صوته بالقطار:
رباه.
كان يستلقي بظهره على سقف القطار يضع كف يده خلف رقبته يطالع السماء والنجوم المترصعه بها. بين أصابع كفه الأخر سيجاره ينفخ بها مايريد أخراجه من صدره يعبث الهواء بخصلات شعره الكثيفه هنا وهناك تلاحقت أنفاسه في صوره غير منتظمه حاول كثيراً أن ينام ولكن النوم هجره عقله لا يتوقف عن التفكير ب شمس أين ذهبت ولماذا تكذب اخذ نفساً اخر من سيجارته ينفخ بها بزهق تراوده افكار لا يستطيع أخراج تلك الأفكار من عقله.
شمس كنتي فين كل ده؟
جلست بجوارها تطالعها بهدوء:
بلاش اقولك ياساره كنت فين اصل مش عايزه اكذب عليكي وفي نفس الوقت مش عايزه اقول
همست ساره اليها قائله:
اى ده للدرجه دي الموضوع كبير
اشارت برأسها بالأيجاب فأكملت ساره حديثها:.
اسكتي ده ياسين كان هيموت عليكي كان عامل زي المجنون، ما سابش حته الا لما دور عليكي فيها، كان بيتحرك بسرعه جداً مهمهوش اذا حد يشوفه ولا لاء راح الفندق اللي كنتي فيه مع عمار وراح كمان شقه الدكتور على بس غريبه مش عارفه ليه بيقول عليها شقه يزن وعمار
فردت سائله:
هو قال كده؟
ايوه، لولا ان الدكتور طلب اشعه وتحاليل لازم تتعمل في مصر يزن مكانش خلانا نسافر معلش بقى عشان سافرنا فجأه
ابتسمت شمس تهز راسها بلطف:.
ماتفكريش فيا انا اهم حاجه انتِ
وضعت ساره يدها على ذراعها بابتسامه واسعه:
عارفه ياسين فين؟
بعدم فهم:
لاء هيكون فين
رفعت سبابتها تشير الى الأعلى قائله:
فوق القطر ابن المجنونه
هزت شمس كتفيها ببراءه:
ياسين. هتتوقعي منه ايه غير كده
أتى يزن يمد كف يده الى ساره:
ساره عايزك
طالعت شمس قائله:
طب عن أذنك ياشمس.
نظرت شمس الى الأعلى وابتسمت وهي تجلس على المقعد بجوار النافذه تسند برأسها على الزجاج تتابع بعينيها الطريق رائحه السفر بكل مكان الهواء الشديد. تحرك القطار بسرعه كبيره. اضاءه خافته تعتمد على ضوء القمر في الرؤيه. أخرجت من حقيبتها مذكرته التي لا تفارقها يوماً أخذت تقرأ ما بها من جديد تتخيله ممسك بقلمه يجلس على البحيره المقربه الى قلبه وهو يكتب:.
عاداتي مع النساء غريبه. اكره لمستهن لي. ولكني أستمتع بدماؤهن الدافئه عند غرزي انيابي بأجسادهن. ولكن أمامها هي كل ما أريده هو أن تتجول يداها الجميلتان هاتان على جسدي بحريه تكتشف جسدي كما لم تفعل أمرأه من قبل. اللعنه عليك ياقلبي. لماذا هي. لما شمس هي حقاً امرأه مميزه. حتى اسمها مميز مثلها. أظنني سأتذكر هذا الأسم لوقتاً طويلاً.
جاء قطار اخر بسرعه كبيره بجانب قطارهما فأحدث ضجه عاليه أغلقت المذكره تحتضنها بين أضلعها تخرج من صدرها تنهيده دافئه تطالع النافذه بجوارها كم تتمنى لو احضرت معها الهاند فري مع أغاني حمزه نمره المطرب المفضل دائماً وأبداً اليها فهذه الأجواء تحتاج لأغانيه الأن
وقبل أن يرمش لها جفن وجدته بجوارها انتفضت بانزعاج تطالعه بجوارها دون ان تتحدث فنطق هو بما لا يصح قوله:
ايه بتفكري فيه ولا أيه؟
ابتلعت ريقها وهي تحتضن المذكره بين يديها بأحكام تحاول تغطيتها بيديها حتى لا يلحظها هو
تطالعه بحذر سائله:
تقصد مين؟
همس لها بشىء ما في أذنها جعل الدماء تغلي في عروقها بلا رحمه وتابع هو بعد أن ابتعد يعود للخلف بخطوات بطيئه ووجه لها رافعاً كفه ببراءه متابعاً حديثه:
اللي كنتي عنده. فريد طبعاً. ولا في غيره
اتهامه لها واضح وصريح فحذرته بنظراتها قبل حديثها:
ياسين. بلاش غضبك يخليك تقول كلام مالهوش لازمه.
هتف باستهزاء من حديثها:
غريبه. مع اني مابقولش كلام مالوش لازمه
وقبل ان تنطق اختفى من امامها بحثت عنه بكل مكان بالقطار فلم تجده من جديد فعلمت اين هو. بالتأكيد عاد الى سطح القطار انتظرت حتى توقف القطار أخيراً وهبط كل ما فيه خرجت من المحطه تهتف بأسمه يتحرك أمامها بخطوات سريعه حتى جذبته من ذراعه قائله بعصبيه:
ياسين. استنى انا بكلمك
مسح وجهُ بضيق قائلاً:
عايزه اي ياشمس؟
ايه اللي أنتَ قولته ده؟ أنتَ عارف انت بتتهمني بأيه؟
كانت الاجواء مشتعله والنظرات المتبادله تكاد تحرق الجميع فرد بسخريه:
كذبيني؟
قالت بعيون هاربه:
أنا هقولك بس مش دلوقت
في نفس التوقيت هناك من يراقبهما يجلس خالد رفيق فريد على الموتور الخاص به يراقبهما عن كثب يتحدث بالسماعه الى فريد:
ايوه يافريد باشا انا شايفهم قدامي
انتظر خالد حتى اكمل فريد فأجابه بأيقان:.
يافريد باشا انا شايفه وهو بيطلع على سطح القطر بسرعه رهيبه انا متأكد ان الواد ده وراه حاجه
انتظر ثواني ثم تابع:
تمام يافريد باشا ماتقلقش عليها انا عايزك تقلق عليه هو
طالع خالد شمس وياسين وهو يرتدي خوذته وجدهما والنار تشتعل بينهما اكثر
شمس أنتِ ماتهمنيش انا بس صعبان عليا امك العقربه اللي فاكره ان انا هبقى السبب في ضياعك.
كان يتحدث بغضب عارم من يراه يقسم وكأن اشباح الموت تتراقص على وجهه من كثرة غضبه حاولت ان تحتويه فقالت بنبره متقطعه:
انا مش هرد عليك بس أنا بس عايزه اقولك ان مافيش فريد ده اصلا
رد ياسين على قولها:
يبقى في غيره
صاحت بغضب وهي تتخطاه:
تاني ياياسين برضوا بتكررها تاني وبعدين أنتَ مالك اصلاً مهتم تعرف اوي كده ليه؟
عشان كنتِ معايا. والمفروض ان طول ما أنتِ معايا ابقى عارف أنتِ فين غير كده لاء ماتخليش خيالك المريض يصورلك في يوم أنك تهميني
أنتِ لو بتتقطعي قدامي هفضل اتفرج عليكي من بعيد.
تركها ورحل تراه يبعد عن ناظريها حتى اختفى تماماً تركها واقفه في صدمه وذهول مما تفوه به من حماقات سخيفه، سقط قلبها أرضاً شعرت وكأن الأرض لا تتسع لهما سوياً لم ترض أبداً عن اي مما قاله حاولت منع دموعها من النزول ولكن دموعها كان لها رأي أخر لم تشعر بما حولها فاقترب ذاك الفتى منها بسرعه لم تشعر بهِ كانت شارده بما يشغل بالها الأن فتح زجاجه بها ماء نار مركز يلقيه على وجهها نظرت الى الزجاجه برعب دب بقلبها استسلمت تماماً فلم يكن هناك اي مكان للأختباء كل شىء حدث بسرعه غريبه حتى وجدته هو يقف أمامها ذاك الجدار البشري يحميها بجسده يضمها الى صدره يستقبل هو ماء النار كلها على ظهره بدلاً منها اسرع خالد بالدراجه البخاريه وهناك من يصور ذلك احترقت سترته واحترق ظهره بالكامل فتحت هي عيناها لم تكن صدمه بقدر ما كانت دهشه، دهشه غريبه تشبه فرحه الخائف عند شعوره بالأطمئنان وبالرغم مما هو فيه الأن فكان اول ما قاله بنبره متقطعه تحمل من الألم ما يكفي:.
أطمني. أنتِ بخير ياشمس.
التعليقات