رواية هل الضربة قاضية الفصل الرابع عشر 14 بقلم نهال عبدالواحد
رواية هل الضربة قاضية البارت الرابع عشر
رواية هل الضربة قاضية الجزء الرابع عشر
رواية هل الضربة قاضية الحلقة الرابعة عشر
همت حبيبة وهاجر بالخروج من الشقة فاستوقفهما نداء رياض: إستنوا إستنوا…
فالتفتت الفتاتان فقال وهو يلحق بهما: إستنوا نروح نسلم على نادية، هي مستنيانا.
فضمت حبيبة حاجبيها وقالت: نادية مين؟!
فرفع حاجبيه بدهشة وقال: تاني! ما قُلت الست الوالدة، لازم أقول مامي!
فانفجرت حبيبة ضاحكة بشدة فحملق فيها رياض بإنبهارٍ شديد من تلك الضحكة التي أنارت وجهها، فانتبهت لنظراته إليها فسيطرت على ضحكتها حتى توقفت.
فقال بنبرة مختلفة: هي عارفة إنكم جايين ومستنياكم.
فقالت: ليه؟ قولتلها إيه!
فقال بنفس حالته: بنتين جايين يأجروا الشقة فقالتلي خليهم يتفضلوا أتعرف عليهم عشان هنبقى جيران يعني؛ أصلها إجتماعية وعشرية جدًا.
فاستمعت إليه حبيبة ولم تعقب في حين كانت هاجر تتابع حوارهما بسعادة وبعض المكر، فجذبتها حبيبة وتأبطت ذراعها لتتحركا معًا.
اتجه رياض وخلفه الفتاتين حتى وصل إلى بيته، فدخل ونادى على أمه بملء صوته: يا نادية يا ست الحبايب، إحنا جينا.
بينما كانت الفتاتان تقفان أمام الشقة من الخارج.
فجاءت نادية مرتدية عباءة بلون زيتوني بيتية واضعة على رأسها وشاح بشكل عشوائي يظهر غرة شعرها المائل للحمرة بفعل الحِنة.
فصاحت بابتسامة عريضة ناظرة بعينيها بين الفتاتين: يا أهلًا يا أهلًا! يا دي النور يا دي النور! إتفضلوا يا بنات! إتفضلوا يا حبايبي!
كانت لنادية غرض آخر غير التعارف عليهما فكانت تنظر بينهما في حيرة، فسلمت على هاجر أولًا، قبلت وجنتيها والتفتت ناحية ابنها وكأنها تلقي عليه نظرة عابرة، هي بالطبع تريد معرفة اتجاه ناظريه.
لتتجه بعد ذلك نحو حبيبة لتعانقها عناقًا أشد حرارة وبسعادة بالغة، فقبلت وجنتيها وهي تربت على كتفيها، ظهرها وذراعيها، وحبيبة تبتسم إليها وتومئ لرياض ببعض الإندهاش من حرارة أمه لكنها غير منزعجة.
وأكثر ما زاد دهشتها قبضة كف نادية على كف حبيبة تجذبها نحوها لتجلس جوارها وكأنها قد وجدت كنزًا وتخشى ضياعه!
جلست نادية جوارها حبيبة وجوار حبيبة جلست هاجر، التي تتابع الموقف منذ البداية و هي تقرأ من بين السطور نية أم رياض وتفاصيل حركاتها المختلفة، بينما حبيبة لم تكترث بأي شيء.
كانت نادية تربت من حينٍ لآخر على فخذ حبيبة التي لا تفهم ما تفعله تلك السيدة لكنها تشعر بحرجٍ شديد بلا سببٍ واضح، بينما رياض يتابع تصرفات أمه بنظرات متوعدة متوسلًا لها أن تكف عما تفعل؛ فهو يدرك تصرفاتها جيدًا!
فابتسمت نادية قائلة: وإنتوا بأه كنتوا زملات رياض في الجامعة ولا زباين ف المحل ولا إيه!
فقال رياض: لا يا ماما، دي كابتن حبيبة القاضي اللي بتدربني الملاكمة.
فانفجرت نادية ضاحكة وقالت: آه! هي دي اللي بترقعك علقة كل يوم والتاني!
فلم تتمالك حبيبة نفسها وانفجرت ضاحكة، وجد رياض نفسه بدلًا أن يغضب من تلك الساخرتين، وجم تائهًا وسط ضحكات حبيبة الرائعة التي كادت تصيبه بالجنون.
فاستعاد رياض رشده بسرعة وقال لأمه: وبعدين هو حد بيزغزغكم ولا إيه! عجبتك أوي بترقعك علقة!
وجه الأخيرة لحبيبة التي وضعت يدها على فمها تمسك خديها تضمهما كأنها تمسك تلك الضحكة بطريقة طفولية كوميدية فضحك رياض هو الآخر.
فنظرت حبيبة بينه وبين أمه لتلاحظ تشابه الملامح ثم ابتسمت قائلة: بس رياض شبه حضرتك أوي.
فقالت: شبهي! لا! ده شبه المرحوم أبوه.
فتابعت حبيبة النظر بينهما مجددًا وقالت: بس بجد إنتم شبه بعض.
فقال رياض: بلاش المنطقة دي يا حبيبة، نادية ممكن تسمحلك بأي حاجة إلا إنك تقولي إني مش شبه بابا الله يرحمه.
فابتسمت حبيبة قائلة: واضح إنه كان غالي أوي.
فقالت نادية بابتسامة ناظرة أمامها: كان! ده طول عمره غالي ولا يوم من أيامك يا رياض.
كانت حبيبة تنظر لملامح نادية العاشقة وهي تتحدث وإلى عينيها اللامعتين والدمع يهدد بالهبوط في أي لحظة من أثر الشوق والحنين، ذلك المشهد و تلك النظرة تذكرها بأمها كلما تحدثت عن أبيها، فبدأت تتلاشى ابتسامة حبيبة تشرد وتغوص في عالمها المعقد.
لاحظ رياض وهاجر تبدّل حالة حبيبة وأدركا لأين شردت، وانتهزت نادية فرصة شرود حبيبة الذي تفسره على هواها وجذبت بهدوء وخفة مشبك الشعر من شعرها قليلًا ليصبح شبه ساقط من شعرها.
ثم قالت لها: ولو مش مصدقة إن رياض شبه أبوه قومي شوفي الصور اللي عل حيطة وإنتِ تلاقي إن رياض فولة واتقسمت من أبوه الله يرحمه، قمر حبيب قلب أمه.
فحدق رياض بأمه قائلًا بتحذير: ماما!
فأومأت له بوجهها أن اسكت، فهمت حبيبة لتنهض واقفة تشاهد تلك الصور فجذبت نادية مشبك الشعر وكأنه قد سقط وحده وشد شعرها، فتأوهت حبيبة بهدوء: آي آي، إيه ده!
قالتها واضعة يدها على شعرها جاذبة المشبك وتفكه من باقي الشعر الملتف حوله لينسدل شعر حبيبة على ظهرها فيظهر طوله ونعومته التي لم تكن بذلك الوضوح من قبل، فهي طوال الوقت تجمعه للخلف بمشبك أو على هيئة كعكة.
فوقفت جوارها نادية بإنبهار وهي تمسد على شعرها قائلة: الله أكبر ما شاء الله!
فابتسمت لها حبيبة بحرج وقد اشتدت حمرة وجنتيها جامعة شعرها من جديد.
بينما رياض فيبدو أنه كان خارج نطاق الخدمة، فبالفعل تلك أول مرة ينسدل شعرها أمامه هكذا فتاجها هذا يزيدها جمالًا بشكل سيصيبه بالانهيار وأوشك على أن تنفلت سيطرته على نفسه.
فابتسمت نادية وأعجبت كثيرًا من هيئة ابنها وأيضًا وقد تأكدت من جمال شعر حبيبة، فقالت: ويا ترى يا حبيبتي بتعملي إيه ف شعرك عشان يبقى ما شاء الله كده، الله أكبر ربنا يحميكِ!
فقالت: ولا حاجة هو كده لوحده هاجر اللي بتروح للكوافير على طول.
فقالت نادية ولازالت تمسد عليه: قصدي يعني بتحافظي عليه إزاي؟ أصل رباب بنتي بعد الحمل والولادة شعرها خف أوي، فلو يعني عندك نصيحة أقولها لها، والله مش قصدي أحسد ولا حاجة!
فقالت: عارفة والله! بصي حضرتك مش عارفة بصراحة بس ممكن طريقة التغذية بأه، أنا باكل بيض وبشرب لبن أساسي مرتين ف اليوم، وطبعًا كام حزمة جرجير.
فوضعت هاجر يدها على فمها وجحظت عيناها من تلقائية حبيبة الغريبة، فمالت نحو ابنة خالتها وهمست لها: حد يقول بياكل بيض مرتين كل يوم! هتفضحينا!
فهمست لها حبيبة: ليه يعني ممنوعات؟!
فقالت: لا متفجرات!
فلكزتها حبيبة بكوعها وهمست لها: إنت كده اللي بتفضحينا.
وهذه المرة كان رياض هو المتابع محاولًا تمالك ضحكه، اتجهت حبيبة نحو الصور المعلقة تشاهدها فاكتشفت فعلًا أن رياض يشبه أباه بل هو نسخة منه فالتفتت حبيبة لنادية قائلة: عندك حق يا طنط، ده نسخة منه.
فقالت: ما بلاش كلمة طنط دي، بتجيبلي كرشة نفس وقولي حاجة تانية.
فابتسمت حبيبة وقالت وهي تضيق عينيها: خلاص هقولك يا ناني.
فضحك رياض وقال: إنتِ كده دخلتِ قلبها من أوسع الأبواب.
فنظرت بعدم فهم، فقالت نادية: هو قالك ولا إيه!
فقالت حبيبة بدهشة وبلاهة: قالي إيه!
فقال رياض وهو يضحك: لا يا ماما ما قُلتش حاجة، دي اجتهادات من الكابتن، أصل ناني ده الدلع اللي كان بابا الله يرحمه بيناديها بيه، شُفتي بأه!
قال الأخيرة موجهًا حديثه إلى حبيبة، فابتسمت وأومأت برأسها أن قد فهمت، فاقتربت منها نادية وجذبتها إليها مجددًا لتجلس جوارها وهي تقول لرياض: قوم يا رياض إعمل ليمون م الحلو بتاعك، حكم رياض عليه ليمون بالنعناع ما تقوليش لعدوك عليه أحسن من أي ليمون ممكن تشربيه ف أي حتة.
فنظرت له حبيبة و تومئ إليه متسائلة إن كان صحيحًا فابتسم لها فقالت: واضح إن ناني راضية عنك عل آخر!
فقالت نادية: أمال! ده الواد الحيلة، حبيب أمه.
فنظر لها رياض يومئ لها بعينه و يكز بأسنانه على شفته السفلى بتحذير لتسكت فألقت إليه بقبلة في الهواء فضحكت منهما حبيبة…
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هل الضربة قاضية)
التعليقات