رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل الثامن والأربعون
حينما تهجم علينا موجه حاره وينقذنا نسمات هواء بارده تنعش أرواحنا قبل أجسادنا و تشعرنا بالحياه من جديد ذلك الشعور المحبب لأنفسنا هو ما اصابها حين وجدت ياسين يضمها بكلتا ذراعيه يخبأها بداخله من شرور العالم أجمع حاوطت عيناه عيناها وهي مازالت تطالعه تصدح في اذنها اخر كلماته وهو يقول بنبره متقطعه وكأن قلبه ضاق صدره عليه.
اطمني. أنتِ بخير ياشمس كانت تطالع عينيه بقلب وجل وأتتها الصدمه التي س رقت أنفاسها أثناء رؤيته بهذا الضعف شموخه وكبرياؤه الذي قابلته منذ قليل تبخر، تريد شمس قول شىء ولكن الصوت تم اسره داخلها وكأن الارض لا تستطيع حملها. طالعها ينظر الى غابات عيناها الخضراء يرى انعكاس صورته فيها نطقت عيناها قبل لسانها: بس أنتَ مش بخير ياياسين.
حاول الثبات امامها ولكن خانه جسده حين مال برأسه عليها فاقداً للوعي خانه كل عضو حتى عيناه لم يستطع فتحهما وكأنهما جبلين لا يستطيع تحريكهما فضمته هي صارخه حتى شق صراخها الأجواء شقاً: ياسين
صدحت صرخاتها بالمكان سمع يزن صوت صراخها فكان يتقدمهما ببضع طرقات نظر كلاً من ساره و يزن الى بعضهما البعض باستغراب فنطق بذعر وقد سمع نبرتها التي تدل على انهيارها: ده صوت شمس.
عاد وهو يهرول يركض بين الطرقات حتى وجده يستند برأسه على كتفها فاقد للوعي تحاول بكل ما أوتيت من قوه إن تصبح هي مسنده وملجأه طالعهما يزن بذهول فأتت ساره تهرول من خلفه لا تصدق ما تراه عينيها تحاوط الدماء جسده بالكامل سترته الممزقه من الخلف تستطيع رؤيه جلده المحترق شهقت ساره بغير تصديق وهي تغلق عيناها من بشاعه المنظر فتحدث يزن بشفه مرتعشه
حصل اي ياشمس؟
لم تستطع الجواب بسبب ذعرها وهي لم ترى ما اصابه حتى الأن فكيف لو رأت؟
هو الأن يستند بوجههُ عليها وبالرغم من عدم رؤيتها لجراحه فقد شعر قلبها بألامه اصبحت دموعها حبيسة عيناها. مع اصفرار وجهها. وخفقان قلبها. بكت أكثر وهي تنظر الى كليهما فصاح يزن بغضب ناتج عما رأه: انطقي ياشمس ياسين حصله ايه؟
ارتعدت اوصالها محاوله تجميع كلماتها وشتات نفسها: امسكه معايا بسرعه عشان نوديه المستشفى.
وقف يزن بجانبه يمد ذراعه على كتفه حتى يستند عليهِ فأصبح ياسين بالمنتصف بينه وبين شمس فاقد وعيه تماماً أخذ يمد بخطواته مستفسراً: جرحه ما بيلمش ليه؟
اشار ل ساره بعينيه: ساره بسرعه وقفي تاكسي
تجمدت ساره من رؤيته هكذا فج راحه
خط يره فص رخ بها يزن وهو يمد بخطوته: ساره
فاقت على ندائه المستغيث وانتبهت لكلماته: حاضر. حاضر
هرولت على الطريق تشير بيدها لسياره اجره فأوقفتها على الفور: بسرعه شويه ارجوك اقرب مستشفى.
كانت هذه جمله شمس وهي تشعر بأن جسدها كتله من الثلج. فاعترض يزن على وجهتها يأمر سائق الاجره قائلاً: المعادي ارجوك.
التقت نظراتها بنظرات يزن فأشار برأسه على أن تطاوعه فيما قاله ابتلعت ريقها واشارت بالأيجاب بعينين ظهرا فيهما اثر البكاء جلياً مرت الدقائق بطيئه في سياره الأجره وهو يستند برأسه على فؤادها كادت نبضات قلبها ان تشق صدرها من شده خفقانها تتذكر لمحات مما حدث بالماضي وكأن تلك الليله اقسمت ان تتكرر الأن عند رؤيه عمار والد ماء تتناثر من جسده و ياسين الان كل انش بجسده يقسم انه لن يلتئم بعد الأن. بكت وهي شارده ترى حالته هكذا فنطق يزن بصوت استطاعت ان تلتقطه سريعاً: يلا ياشمس اسنديه عليا وصلنا.
يا أنسه. يا انسه قولتلك حاسبي
كان يقول كلماته وهو ينفض يده جراء اصطدامه بها فانحنت غدير تقبض على دراجتها بكفيها تقول بنبره شبه باكيه: انا بجد اسفه مش عارفه ازاي ما اخدتش بالي
اشار بكف يده محاولاً ان يوقف دموعها الحبيسه: لا لا لا. مالهوش لازمه العياط انا كويس
طيب وانا مالي تبقى كويس ولا لاء المهم العجله
اندهش الشاب ونطق بضحكه واسعه:
يعني أنتِ كل اللي يهمك العجله ومش مهم اللى خبطتي فيه يولع.
جلست القرفصاء تعدل سير دراجتها:
ما أنتَ كويس اهوه. المهم العجله ده انا بروح بيها في كل حته في القريه
رفع الشاب حاجبه باستنكار وهو يسأل:
طيب هتعرفي تصلحيها ولا اصلحها انا
فاتسعت ضحكتها تظهر جلياً على وجهها وهي تقول:
أنتَ بتعرف تصلح عجل
فأشار برأسه بالأيجاب:
أيوه
ضربت بيدها على مقعد الدراجه بخفه وهي تصيح:
طب مستني ايه ما تصلحها
تحرك الشاب حتى اصبح امام غدير وهي تنظر بترقب حتى سألته:
أنتَ وقفت ليه؟
وسعي عشان اصلحها
كانت هذه اجابته على سؤالها فتنحت هي جانباً أمسك سير الدراجه فوجده قد تهالك ناهيك عن اطار الدراجه الاماميه فقد تمزق بالفعل فطالعها يخبرها بالتالي:
العجله اتهرست اوبقى هاتيها بكره المحل عشان الحم الكاوتش بتاعها واركبلها سير جديد
فقالت دون تردد سائله:
أنتَ عجلاتي
هز رأسه قائلاً بعينين لمع فيهم انفعاله:
اه عجلاتي
استدار يعطيها ظهره فأوقفته كلماتها بقولها:.
طب استنى أنتَ رايح فين أنا مش هعرف اشيلها لوحدي ممكن تاخدها معاك وتعرفني فين المحل بتاعك واجيلك اخدها منك بكره
كادت أن تنهي كلماتها حتى وقعت على مسامعها أصوات الكلاب أتيه من بعيد خفق قلبها بسبب الرعب الذي دب بهِ فابتسم هو على حالها سائلاً اياها بهدوء:
أنتِ ساكنه فين؟
ليه؟
اجابت دون تردد بتهكم فقبض هو على دراجتها يحملها بين يديه:
عشان اوصلك ولا تحبي اسيبك هنا للكلاب يمصمصوكي.
ابتسمت هي بخبث تسير بجواره في الطريق:
يمصمصوا مين يااستاذ ده انا طول عمري متربيه مع ذئاب مش كلاب
ضم حاجبه باستغراب مما قالته فتوترت هي مما تفوهت به دون قصد فوقف سائلاً اياها:
نعم، ذئاب ازاي يعني
هربت من سؤاله عندما وجدت نفسها أمام منزل الصاوي:
ده بيتنا
جحظت عيناه وهو ينظر للمنزل من بعيد بأعجاب شديد:
أنتِ من عيله الصاوي؟
هزت رأسها بالأيجاب دون حديث ولكن ببسمه واسعه تعتليها الفخر فرد هو ناطقاً بما يتمناه:.
يابختك
وقعت على مسامعها صوت حسان يناديها من بعيد عل صوته يصل لها:
غدير
استدارت بجوارها تسترسل حديثها معه:
مش هتقولي فين المحل بتاعك عشان اجي اخدها منك بكره
اجابها وهي تراه يبتعد عنها:
المحل بره القريه على الطريق بعد البوابه
ابتسمت لهُ تطالع حسان يقترب منها سائلاً اياها:
روحتي فين؟
تجاوزته تبتعد عنه تطأ قدميها درج المنزل:
مالكش دعوه أنتَ مش اخويا ولا مسؤول عني عشان تسألني روحت فين.
كاد أن ينطق ولكنه صمت عن الحديث فجأه عند سماعه صوت الطبيب قادم من خلفه يتحدث بنبره قلقه بالهاتف ناطقاً بقوله:
اوعى يايزن توديه المستشفى لو راح المستشفى جرحه هيلم بأسرع من العاده وهناك هيعرفوا حقيقته
صمت لثواني يستمع الى حديث يزن قائلاً:
خليك معايا امي لازم تعرف اكيد عندها حل
دلف الطبيب الى غرفتها للمره الأولى دون استئذان فنطقت بما اصمته لثواني:
ولدي مش بخير مش كده ياعلي.
ابتلع ريقه يطالعها بنظرات مطمئنه لعل يبعث بقلبها جزء من الطمأنينه فالتقطت منه الهاتف مسرعه تجيب قائله على المكالمه:
انا جايه ياسين مابقاش زي الاول يا يزن حافظ عليه وانا مسافه الطريق وابقى عندكم.
أمطرت السماء بقطرات خفيفه فجأه بدون إنذار، وكأنها تحمل إشارة معها أن الأمر قادر أن يتغير في لحظة حتى و إن بدا عكس ذلك.
لم يكد يصدق بربروس عيناه فكيف لها أن تمطر حتى لو كانت قطرات خفيفه في هذا الوقت من السنه فهما الان بأواخر شهر أغسطس ابتسمت مارال لهُ تطالعه ببسمه حانيه:
بيقولوا المطي خيى
فنطق قلبه قبل لسانه:.
وهل هناك خير اكثر من موافقتك على زواجنا أشعر الأن بأن القادم افضل بأذن الله فلا تعلمين كيف تخطيت العديد لأجلك
رفعت رأسها تطالعه بحب:
واتخطيت ازاي؟
فابتسم ابتسامه أظهرت جمال ملامحه:
تأقلمت بصمت مع أخفاء القاف
طالعته تنظر من حولها بريبه بعدما ابتسمت قائله:
بعد الشي عليك من الألم
اقتربت منه مسرعه تضع قبله خاطفه على ثغره.
فمدت كف يدها تأخذ منه حقيبتها التي حملها لها طوال الطريق يراها تبتعد عنه تدخل الى الحاره وقف هو متجمداً بمكانه كاد أن يقف قلبه جراء قبلتها المفاجأه لهُ ثم وضع كفه على ثغره مكان موضع القُبله بإبتسامه حانيه سرعان ما انمحت هذه الابتسامه من على وجه ُ وكأنه تذكر شيئاً بعدما سلبت عقله بقبلتها المفاجئه لهُ أخذ يمسح بكف يده مسرعاً على ثغره قائلاً:
استغفر الله
–
اغلق يزن الهاتف فسألته ساره على الفور:.
ها. الخاله قالتلك ايه؟
وضع الهاتف على المنضده وهو يجلس على المقعد الأمامي لها:
زي ما انا قولت ما نودهوش المستشفى
انا مش فاهمه يايزن هنسيبه كده ليه؟ أنتَ مش شايف ضهره عامل ازاي؟ وجرحه؟ جرحه مابيلمش
طالعت ساره شمس الصامته ترى دموعها محبوسه بداخل عينيها:
انطقي ياشمس قولي حاجه
بتر يزن حديثها يجاوبها على اسئلتها الكثيره:.
شمس عارفه كويس اوي ان لو راح المستشفى مش هيرجع لأن اي حد هيكشف عليه هيعرف انه مش طبيعي زينا والعيون كلها هتبقى عليه وهيكتشفوا حقيقته
استدارت شمس بجسدها تطالعه بنظره راجيه بانت على عيناها بصدق:
يزن. انا مش هقدر معملش حاجه لحد ما الخاله تيجي لو عندك شنطه الاسعافات ياريت تجيبهالي بسرعه
مسح وجهه بضيق نافياً وهو يقول:
للأسف معنديش هنزل اجيبها بس لما ارجع هتحكيلي ايه اللي حصل ياشمس.
استدار يزن بجسده فتركت ساره مقعدها وقد ارتفع صوتها:
استنى يا يزن خدني معاك.
اغلقت ساره الباب خلفها بينما هي شعرت بالريبه مما حدث اما عنه فكان يتأوه من داخل غرفته بألم يتأوه بألم كالطفل الصغير التي تصاحبه الحمى ويرتجف كمن خانته الحياه طول عمره. فأسرعت اليهِ تقف على باب الغرفه لم تستطع أن تطأ قدماها غرفه عمار التي كانت تحتويه لسنين هي نفس الغرفه التي تحتوي ياسين تجمدت قدماها عند الباب تطالعه من بعيد حريصه على عدم اصدار صوت. مازال فاقد لوعيه نائم على وجهه يدهُ تتدلى للأسفل ما زالت سترته الممزقه ملتصقه بجسده ممزوجه بجراحه فتعالت تأوهاته قليلاً أجبرت نفسها على الدخول أخذت تطالع الغرفه باستغراب لم ترى غرفه عمار من قبل اقتربت منه تحاول انتزاع سترته فلم تنجح اخذت تبحث بعينيها عن اي شىء تستطيع ان تمزق به سترته فتحت الأدراج حتى وجدت المقص وبجانبه صوره فوتوغرافيه الى عمار يبتسم بها ابتسامه بسيطه ممسك بخوذته بكفه، دمعت عيناها على فقده فاستدارت بجسدها تطالع ذلك الفاقد لوعيه لتجد الشبه بينهما كبير للغايه طالعت الصوره من جديد انحنت لتجلس على ركبتها ارضاً جوار الفراش ثم اقتربت بوجهها منه وبكفها صوره عمار كيف لها الا ترى الشبه بينهما الى هذا الحد من قبل فملامحهما اذا امعنت التدقيق ستجدها واحده.
امعنت التدقيق اكثر في صوره عمار تنظر الى فروه رأسه وشعره الكثيف لتجد وحمه بين خصلات شعره ارتفعت يدها ببطء رغبت وبشده في تمرير اصابعها بين خصلات شعر ياسين كادت تمدها للمس شعره لترى نفس الوحمه بوضوح فسمعت صوته قائلاً بهمس شديد مغمض العينين دون وعي ناطقاً بأسمه:
عمَار
انتفض جسدها ونزُعت الطمأنينه من داخلها وصل صوته لها هامساً وناعس، ابتعدت عنه تضع صورة عمار في الدرج مره أخرى حتى وصل.
يزن اخيراً ومعه كل ما تحتاجه لتضميد جرحه او على الأقل فعل ما تستطيع فعله فوقع على مسامعها قول يزن:
شمس انا جيبت كل حاجه طلبتيها
مدت كف يدها تأخذ منه الشاش والقطن تطلب منه قائله:
يزن حاول معايا عشان نقلعه الچاكيت بس بالراحه
استجاب يزن لطلبها يستدير حول الفراش ينتزع سترته ببطىء شديد فوجدت ساره بأن جلده ممتزج بالچاكيت لم تتحمل رؤيه ذلك فقالت مستنفره:.
انا اسفه ياجماعه بس انا مش قادره اشوف المنظر ده انا هطلع بره
التقطت شمس المقص بجوارها تقص سترته حريصه الا تجرحه واخيراً استطاعوا نزع سترته من على جسده ببطء فأمعن يزن النظر على كتفه قائلاً: اي ده؟
مالت بوجهها قليلاً فوقع على مسامعها كلمات يزن وهو يقرأ ما على جسده:
ياريت كل الناس.
التقط بأصبعه طرف سترته الداخليه الموجوده على كتفه ليستطيع تكمله الجمله فانقطعت الكهرباء قبل أن يستكمل قرائتها فنطقت ساره من الخارج بقلق:
يزن النور قطع
ليرد هو قائلاً بصوت مرتفع قليلاً:
ماتخافيش انا جاي
وجه حديثه لشمس وهو يقول:
هجيب شمع واجي.
اشارت برأسها بالموافقه تقترب من ياسين أكثر لم تكن خطاها ثابته لم تكن هي نفسها متزنه كل ما تشعر به الان يخل بتوازنها ولكن حثها فضولها على استكمال الجمله المحفوره على كتفه رفعت اصابعها تزيح سترته الداخليه من على كتفه فهي تستطيع ان ترى جيداً بالظلام الحالك كما علمها وهي صغيره فاستكملت بقيت الجمله ياريت كل الناس ومن ثم وشم للشمس مرسوم على كتفه فقرأتها تبتسم ابتسامه حانيه.
ياريت كل الناس شمس اغمضت عينيها بتأثر رفعت اصابعها تمررها على جملته المحفوره بداخل كتفه لمسات حانيه بأمان مس قلبه بالرغم من فقدانه وعيه شعرت بأرتعاشه جسده من لمستها البسيطه لهُ.
فعاد يزن مسرعاً بالشموع المشتعله يقول وهو يثبتها على المنضده:
كده تمام اوي ثبت الشمع كويس. خلاص خلصتي ولا لسه؟
اشارت برأسها بالأيجاب، فتبع سؤاله بأخر:
مش محتاجه اساعدك في حاجه.
لم تعطه أجابه، بل توجهت الى الشرفه قطرات المطر مع أنها قطرات بسيطه ولكنها بعثت الطمأنينه بداخل قلبها مدت كف يدها من بين الشيش الخشبي تحاول التقاط بعض حبيبات المطر التي هبطت على غير ميعاد يبدو عليها الارهاق رمقتها ساره بأشفاق هي لا تعلم ما حدث ولكن المعاناه تظهر جليه على وجهها فاحتضنت ساره كف يزن تجذبه للخارج موجهه حديثها لشمس:
لو احتاجتي اي حاجه ياشمس احنا بره.
اغلقت الباب خلفها بهدوء فظلت هي تتابع ضي القمر بصمت شارده بما يشغل تفكيرها لاح في ذهنها ما حدث قبل ذلك يوم مقتل عمار بعدما فقد حياته لأجلها وكذلك ياسين كاد يفقد حياته هو الأخر من اجلها عادت اليه مره اخرى
انحنت على ركبتيها تطالع وجهه الشاحب قطرات العرق تصب على جبينه، يرتجف جسده من شده ألمه فمدت معصم يدها على فمه تخبره برجاء:
ياسين. اصحى. ارجوك لازم تشرب الدم من جديد.
لم تجد منه استجابه فاسترسلت حديثها:
ياسين انت كده هتموت مش هتتحمل لحد ما الخاله تيجي ارجوك المره دي وبس
زاد الألم بداخلها الكابوس يتكرر عندما لم تجد منه رد اخذت تنتفض لا تعلم ماذا تقول ولكونه فاقد الوعي جعل الأمر أكثر يسر فأخذت تردد بصدق:
انا عارفه انى السبب في كل حاجه حصلتلك. وحصلت لعمار حاسه اني موتك هيبقى بسببي زي ما عمار كمان مات بسببي انا معرفش ليه وامتى وازاي.
نزلت دموعها وهي تتابع:.
بس لأول مره ياياسين اخاف عليك مش منك
انا بخاف عليك ياياسين
قالت بنبره هامسه متأثره تطالعه بصدق:
بخاف عليك أوي
لأول مره من عشر سنين من وقت موت عمار ومن وقت ما مشيت رجعلي احساس ان حد بيخاف عليا ويحميني. حد مستعد يضحي بنفسه عشاني
شهقت من بين كلماتها:
انا اسفه على كل حاجه وحشه حصلتلك بسببي، انا ماساهتلكش ولا استاهل انك تحفر اسمي على جسمك
تنهدت بمراره تجعلك بتنهيدتها تشعر بمرارة ما مرت بهِ لسنوات:.
مكنتش فاهماك ياياسين. عمري. عمري مافهمتك في يوم
وقفت واستدارت تستعد للمغادره تمسح دموعها من على وجنتيها تشعر بالضعف وقله الحيله كانت ستبتعد ولكنه امسك كف يدها ليلطخها بدمائه المتناثره على كف يده استدارت تنظر لكف يده الممسك بمعصمها بأحكام مما جعل عينيها تتسع للضعف وهي تسمعه يقول:
ماتسبنيش يا شمسي.
عادت لها الانفاس من جديد بسماع صوته. توقفت نبضات قلبها عن الخفقان وتيبس جسدها عن الحركه هل قال شمسي حقاً وليس شمس هل انصت لما تفوهت بهِ في لحظه ضعفها. لم تنطق ببنت شفه بل عادت الى مكانها بجواره تطالع كف يدها الممزوج بدمُه وهو مازال مغمض العينين يقبض بكفه على كفها ظلت تنظر لملامحه لم تعلم كم عدد الساعات التي ظلت بها بجواره حتى دون حركه وأخيراً أخذها النوم الى عالمه
–.
موقف لا تحسد عليه مشيره وضعت نفسها بهِ قبل قليل
هي الأن تجلس بالقطار بجانب الشرفه تسترجع لمحات بسيطه مما حدث منذ ساعات:
دلفت الى غرفتها دون استئذان تلهث من كثره أنفاسها المتقطعه خوفاً عليه فقالت مشيره بنبره تحمل من الخوف والقلق مايكفي:
صحيح اللي سمعته ده. ياسين حد رمى عليه مايه نار
جحظت عين الخاله من تهورها ودخولها غرفتها دون استئذان ولكن هذا كان اخر همها الأن فقالت الخاله وهي تبتعد من امامها:.
ماتقلقيش يابتي ياسين بخير احنا هانروحله وهنطمنك اول ما نوصل
اعترضت مشيره بعصبيه تهرول خلفها:
أنا مش هفضل مستنيه هنا انا جايه معاكي ياخاله
صعدت الخاله السياره فنادت زهره على الطبيب:
علي
طالعها بعدم اهتمام قائلاً:
مش وقته يازهره انا لازم امشي حالاً
جلس الطبيب على مقعد السائق بينما مشيره تترجى الخاله من خلف الزجاج:
ارجوكي ياخاله خديني معاكي انا مش هقدر اقعد هنا دقيقه واحده وهو هناك
فردت الخاله بحزم:.
لو كان ينفع كنت اخدتك هو بخير ما تقلقيش
لم تجد مشيره حل سوا الصعود بالمقعد الخلفي رغماً عنها اغلقت الباب وهي تقول بعيون دامعه:
اسفه بس مش قادره
أشار الطبيب للخاله برأسه مطمئناً لها:
ماتخافيش ياخاله هنلاقيلها حل
استغربت مشيره من جملته فأشارت الخاله بعينيها للطبيب:
اطلع ياعلي
افاقت من شرودها على حديث الطبيب:
يلا يامشيره وصلنا القاهره
–
طالعه بغ ضب لم يتركه الا حين سمع كلماته:.
يافريد بيه افهمني والله انا كنت عارف ان الواد ده وراه حاجه أنتَ ماشوفتش اللي انا شوفته في القطر
أنتَ حمار وغبي كمان. بقى ترمي عليها مايه نار
استدار يض رب كف يده بالأخر دون تصديق:
افرض كانت جت فيها وهو مالحقهاش، افرض كان حصلها حاجه ولا عمرك كان هيكفيني اني انتقم منك ياخالد الكلب. انا قولت اخرك هتوهشها بالموتوسيكل هتعمل نفسك هتخبط فيها ولو ما جاش هتفديها لكن مايه نار انت اكيد مجنون.
فتحدث هو ببرود يطغى على كلامه:
واهي ماجتش فيها. وانا متأكد انها مكانتش هتيجي فيها انا مارمتش مايه النار الا لما شوفته من بعيد وهو بيبص عليها فتحت الأزازه لاقيتلك حاجه بطير مابتجريش سرعته رهيبه قبل ما رمي المايه في اقل من رمشه العين كان عندها وهو ده اللي احنا عايزينه ياباشا
بس افرض
بتر خالد جملته:.
مافرضش اللي عايزينه وحصل والفيديو واخدناه وهي مجرلهاش حاجه يبقى ايه لازمه اللي حضرتك بتعمله ده كله. والله انا ما ستاهل منك ده كله يافريد بيه
تنهد بغضب يشير بيده قائلاً:
هات وريني الفيديو
أشار بكف يده معترضاً:
مش قبل ما نتفق على حلاوتي
مش لما اشوفه الأول ياحيوان أنتَ
كانت هذه جمله فريد فاعترض عليها خالد:
وليه الغلط ده بس يافريد باشا خلينا حبايب والفيديو مش هتشوفه الا لما نتفق على حلاوتي.
اخرج فريد دفتر الشيكات من درجه الخاص قائلاً:
عايز كام اخلص
مش هقبل اقل من نص ارنب
نعم ياروح امك
قالها بصوت مرتفع من صدمته فسمع صوت والدته من الخارج:
في ايه يافريد بابا كده مش هيعرف ينام
صك على اسنانه وتحدث من بينهما:
أنتَ بتساومني ياخالد
رفع اصبعه يشير مؤكداً:
وعزة جلال الله ابداً. ده بس من عشمي فيك
ضغط فريد بأسنانه على شفته السفليه قائلاً بعدم رضا:
ماشي.
حرر له الشيك وأخذ هاتفه ينظر الى الفيديو بغضب فوجد سرعته الرهيبه وهو يحتضنها ولكن من حظ ياسين، بأن من كثره سرعته لم تضح ملامحه بالفيديو وعند احتضانها فالمصور التقط له الفيديو من ظهره فلم تظهر ملامحه ابداً
طالعه فريد قائلاً:
ده ملامحه مش باينه انت بتستهبل. هات الشيك
فابتسم خالد بسمه خبيثه:
بس تقدر تساومها بي. هات الشيك ياباشا ومبروك الجوازه
-.
صباح جديد ولكنه مختلف نقرت ساره على الغرفه برويه فلم تجد رد فتحت الباب لتجدها غارقه بنومها ممسكه بكف يده يلطخ دمه كفها دلف يزن خلفها سائلاً:
بتعملي ايه؟
أشارت على فمها بالهدوء
هوووووش هتصحيهم
انا برضوا اللي هصحيهم مش عيب كده
لم تهتم ساره بحديثه وأخرجت هاتفها من جيب سترتها تلتقط لأيديهم المتشابكه صوره تذكاريه فابتسمت وهي تنظر للصوره ببسمه عريضه:
sooo cute.
عايزين نتصور صوره زيها تبقى سايح في دمك كده ومش سايبين ايد بعض ونخلي حد يصورنا
ابتسم يزن بغير تصديق وهو يقول:
والله أنتِ مجنونه
صدح صوت رنين الباب فاستيقظت شمس مسرعه فخبأت ساره هاتفها على الفور فهتف يزن وهو يسرع بفتح الباب:
دي اكيد الخاله
جذبت شمس يدها من كف يده تشعر بلزوجه دمائه على كفها طالعت ساره قائله:
اما مش عارفه نمت ازاي
كان لازم تنامي عشان ترتاحي اللي حصل امبارح مش شويه.
وقفت بجواره واول شىء فعلته هو الشعور بمعصم يده لتجده مازال ينبض فشعرت بالراحه على الفور دخل الطبيب علي يهرول بالدخول الى الغرفه يأمر يزن بقوله:
خللي مشيره بره ماتخلهاش تدخل الأوضه يايزن مهما حصل
وقفت شمس بجوار الطبيب فبدأ بسؤاله:
بقاله قد كام ساعه بالظبط وهو كده
اجابت شمس باهتمام:
مش اقل من سبع ساعات
اشار الطبيب بعينيه للخاله فأردف قائلاً:
كله يطلع بره مش عايز حد في الأوضه.
خرج الجميع وهمت شمس بالخروج فأوقفتها الخاله قائله:
اقفلي الباب وراهم وتعالي عايزاكي ياشمس
اغلقت الباب خلفهم تنتظر سيل الأسئله ولكن فعلت الخاله عكس المتوقع:
هاتي أيدك.
مدت شمس يدها مستسلمه لها فأخرجت الخاله أظافرها وجرحت معصم يدها تألمت بصمت فأخذت الخاله بضع قطرات من د مائها بداخل زجاجه بها عشبه الأصيص رجتها سريعاً بكلتا يديها الأثنتان تمزج دما ئها جيداً بها استغربت شمس ممما تفعله الخاله مدت كف يدها تعطي الزجاجه للطبيب تنظر له بعيون راجيه:
ادعي بس انه يفلح ياعلي.
اشار الطبيب بعينيه يتنهد على أمل ان يفلح مزيجهما فألقى المزيج على ظهر ياسين برويه حتى سمعوا صرخاته كما امتزج البنزين بالنار شعر بألم شديد لا يصفه كلمات مازالت صرخته ترج الأجواء حتى عاد جلده من جديد ببطء شديد
سمعت مشيره صرخاته بالكامل حاولت الدخول ولكن منعها يزن فقالت:
انت بتمنعني انا ليه؟ انا احق بي منها انا خطيبته وهبقى مراته انما هي تقربله ايه؟
خرجت الخاله من الداخل تستند على عصاها وخلفها الطبيب وشمس:
سيبوه يرتاح هيفوق كمان شويه
انتوا عملتوا في ايه؟ اانا عايزه اشوفه
فرد الطبيب برجاء:
اقعدي يامشيره هتشوفيه ماتقلقيش ياسين مافيهوش حاجه
ازاي دي غدير كانت بتقول ان في مايه نار
بتر حديثها الطبيب قائلاً:.
ولا مايه نار ولا حاجه غدير عيله مافهمتش الكلام كويس مجرد حرق في ضهره بسيط والخاله حطيتله مرهم هي اللى عملاه بنفسها من اعشاب طبيعيه هيخليه يقوم بسرعه ماتقلقيش
بان الكذب في نبرته ولكنها اضطرت ان توافقه على ما قاله فكل همها الأن هو ان تراه امامها من جديد:
اشارت الخاله بعينيها لشمس فتبعتها دون ان تنطق وقفوا بالشرفه فبدأت الخاله بحديثها:
ايه اللي حصل ياشمس؟
هزت شمس رأسها تجيب سؤالها:.
أنا نفسي معرفش اللي حصل كل اللي اعرفه اني كنت بتكلم معاه وسابني ومشي مره واحده لاقيت واحد راكب موتوسيكل لابس خوذه ماشوفتش منها الا عنيه بصلي بنظرات مريبه ورمى عليا مايه نار وياسين لحقني ووقف قدامي فدا نفسه عشاني جيبته هنا انا ويزن ومش عارفه جرحه مالمش سم واحد ياخاله ومش فاهمه مين اللي عايز يأذيني بالشكل ده انا لولا ياسين كنت زماني ميته الله يعلم بيا كان جرالي ايه من غيره.
ربتت الخاله على كتفها لتطمئنها قليلاً:
اهدي يابتي كل شىء هيتعرف بأوانه المهم انه يقوم منها بالسلامه الجرح مكانش هين نحمد ربنا انه فضل عايش ياسين بقاله سنين مابيشربش الدم وجسمنا بيضعف وخصوصاً عشان لعنتنا ولا انتِ نسيتي الحاجه الوحيده اللي تخلي ياسين يرجع قوي زي زمان انه يرجع يشرب دم البني ادمين وده اللي مش هيسمح بي ياسين عرفتي ليه جرحه مالمش وخصوصا مع جرح شديد زي ده.
أشارت برأسها بعيون دامعه بالأيجاب دون ان تنطق فهدئت الخاله من روعها قليلاً:
قدر ولطف يابتي.
تمر الأيام أمامك ولا تستطيع اللحاق بها هما الأن
بغرفه الضيوف الخاصه بالخاله حكيمه يجلس فريد بالمنتصف يجلس جلسه ثقه مما يطلبه:
انا جاي في الاصول وطالب ايد شمس ياخاله
كان هذا طلبه لم يتوقع ياسين ان يجتمع مع هذا الشخص من جديد طالعه ياسين باستخفاف شديد وتحدث:
ومين قال ان احنا ممكن نوافق على واحد زيك
نظرات عيونهم وكأنها حرب طاحنه بينهما ولكنها حرب بارده:.
مين احنا. انا مش جاي طالب ايدك انت انا طالب ايد شمس
نظرات ياسين لو كانت سهام لضربته في مقتل:
أنا واثق انها عمرها ما هتوافق على واحد زيك
علي الأقل اسئلها لو رفضت انا همشي ومش هتشوفني تاني
قال فريد جملته يعتدل بجلسته على المقعد فتمنى
ياسين لو اشتعل بهِ المقعد الأن رأت الخاله النار المشتعله بينهما فأرادت اخمادها بهدوء:
خلاص ياياسين لو ده اللي هيريحه احنا موافقين يسمع رفضه بنفسه. نادي على شمس ياحسان.
أشار حسان برأسه بالموافقه فأتت شمس تدخل بين الجميع فنطقت الخاله قائله:
فريد طالب أيدك يا شمس قولتي ايه يابتي
قالت تنظر للأسفل تتجنب التطلع اليهِ ترد بصوت مرتعد:
موافقه
علت الصدمه وجوههم جميعاً فأردفت زهره ببسمه واسعه تطلق زغروده تصدح بالمكان بأكمله:
لولولولولولولولولولولولولولولي.
التعليقات