رواية لعلها بداية الفصل الأول 1 بقلم ولاء عمر
رواية لعلها بداية الجزء الأول
رواية لعلها بداية البارت الأول
رواية لعلها بداية الحلقة الأولى
العم عم، والخال خال، مفيهمش حد والد مهما كان مدى الحنية، كذلك الأمر بالنسبة للخالة والعمة مفيش واحدة فيهم تحل محل الأم.
في لحظات وجود الأم والأب ممكن ساعتها تحس إنهم كدا؛ لكن في غياب الأم والأب والأخوات وبقائك بدون حد منهم كفيل إنه يوصل لك إحساس إن ضهرك متعر.ي.
سبع سنين مروا، سبع سنين عدوا عليا وكإنهم سبعين سنة، اتحولت فيهم من البنت اللي الضحكة مبتفارقش وشها وابتسامتها منوراها لحد منطفي بيحاول يتظاهر بإن كل حاجة كويسة، كل شيء بخير، إلا أنا وداخلي المبعثر.
_ بقيت لوحدها يا حبة عيني، خلاص أبوها وأمها وأخواتها الانتين، لا حول ولا قوة إلا بالله.
مابين جمل كتيرة من دي وصويت، وشهقات وصراخ كنت أنا قاعدة جوا الاوضة وبعيط ومنهارة، عقلي رافض يصدق كلامهم، يعني إيه بجد ؟؟؟
دخلت عمتي مسكت إيدي وخدتني في حضنها، انهارت من العياط، بعد ساعات من انتظار الجنازة، إزاي الإنسان يبقى قادر يوصف أحبابه باسم جنازة، دول أهله وناسه وكل ما ليه، إزاي من ساعات أبقى بكلمهم وحضناهم ومودعاهم علشان مسافرين ودلوقتي أودعهم وداع أبدي!؟
حاسة إن قلبي بينزف، دخل خالي ومسكني من إيدي، خطوات تقيلة على قلبي اللي مش متحمل وكنت وصلت لأكفانهم.
وقفت متسمرة في مكاني، أربع أكفان ، كان أربع أشخاص من ساعات والله، محسيتش غير بإن لساني تقل ، دموعي وكإنها شلال، أو سيول مطر رافضة توقف لحد ما تهد الحصون، قربت من كل واحد وبوسته وحضنته.
مابين الحضن دا مني لكل واحد والتاني اللي منهم ليا كان كام ساعة!
كنت رافضة اسيبهم، بس مش قادرة أتكلم وكإني فقدت القدرة والسيطرة على لساني، بقى تقيل ورافض يمتثل لأوامري.
يوم،
بعده يوم،
بعدهم أيام،
اسابيع
شهور
سنة
اتنين
تلاتة
سبعة
مواقف ولحظات ضعف وبكى لا تُعد ولا تُحصى.
مش ناكرة للجميل والله ومقدرة وقفة كل واحد معايا من عيلتي، بس مش قادرة اتحمل نظرات الشفقة اللي لسة بشوفها لحد دلوقتي، بقيت بطلع وبروح وأجي وأسعى علشان أبقى حاجة كبيرة زي ما بابا وماما كان نفسهم، بس جوايا بينزف كل اما افتكر إني بسعر أنجح علشانهم بس هما مش هيشوفوني.
_ سلمى.
_ نعم يا تسنيم.
_ يلا نعمل دراسة الحالة ونخلص علشان نلحق المحاضرات.
هزيت رأسي ليها ودخلنا المستشفى علشان نعمل دراسة الحالة، كان مطلوب مننا نعمل دراسة حالة من مستشفى الصحة النفسية ، فدخلنا وكل واحدة مننا راحت للحالة اللي استلمتها.
دخلت الاوضة، قعدت على الكرسي، ماسكة في إيدي الكشكول والقلم، قدامي شاب على حسب المعلومات اللي خدتها من الدكتور برا هي إنه عنده حالة اكتئاب حاد، منزوي رافض يقعد مع حد ولا حتى يتكلم غير كلام بسيط.
قبل ما أبدأ بصيت لملامحه، ملامح دبلانة، هالات سوداء ، شعر ناعم مش متسرح، دقن مش مترتبة لاهي طويلة وهي قصيرة، صمت سكوت هدوء سكون.
ضهره محني وهو قاعد، شارد الذهن .
خدت نفس عميق وبدأت أتكلم بابتسامة:
_ صباح الخير ، أنا جيت علشان أساعدك النهاردة .
_مين قال إني محتاج مساعدة؟
قررت أجاريه في الكلام بهدوء.
_ طيب وإيه اللي جابك هنا من أصله طالما رافض ؟!
رد بصوت واطي ولسة نبرته باين فيها فقدان الأمل والحزن:
_ عشان أتعالج.
_ طيب ما توافق!
_ وهأخد إيه بعد ما أتعالج؟
حياة؟ ومش عايزها،
شغل ؟ وأهو يعتبر واقف على المحك،
حب؟ مبقتش بكره حاجة في حياتي قده،
صحاب ؟ مش عايز.
_ بس الحياة ما تستحقش إنك تسيبها كدا، محتاج تسعى وتقبل بالعلاج علشان ترجع لحياتك من تاني.
رد بلا مبالاة:
_ مش عايز، أصل كدا كدا اللي كنت بحاول علشان مبقتش موجودة، اختارت غيري، فضلته عليا، تم التخلي عني في لحظة.
اتنهدت، ولأني عارفة إنها مش مجرد جملة، دي بقايا حُطام إنسان فقولت له:
_ يعني مفيش أي حد في حياتك خالص تحاول علشانه؟
خز رأسه فـ أعدت سؤالي:
_ ولا حتى أخ أو أخت، والدك أو والدتك؟ معندكش عيلة تحاول علشانها؟
بص ليا لوهلة_ وكأنه كان ناسي إن عنده عيلة _ وقال:
_ عندي.
_ بيحبوك؟
_ أيوا!
_ طيب وأنت؟
_ مالي؟
_ بتحبهم؟
_ آه.
سكتّ وسيبت له فرصة يتكلم فقال:
_ كان صديقة الطفولة، حبيبتي اللي كبرت قدام عيني..
في دموع لمعت في عينه، ونظرات تائهة محبوسة جوا عينه، سكت دقيقة وبعدين كمل:
_ اتخطبنا، كنت بحبها ومفيش حاجة توصف محاولاتي لاسعادها إلا إني كنت بنحت في الصخر علشانها… كملت تعليمي علشان هي عايزاني حاجة في المستقبل… هدايا، محاولات، طاقة، كل حاجة كنت بعملها علشان بحب، حتى لو الحاجة دي كانت هتتعبني، كان المهم هي، هي وبس، ضحكتها بالدنيا كانت.
سكت تاني واتنهد وبعدها قال:
_ مفيش حاجة ولا وصف ينفع يتقال غير إني حاسس إن في حد بيخنقني، إني أدور حواليا وأشوف مين، بس مش بلاقيه.
هو كان في اللحظة دي بيوصف إحساسه بالاكتئاب، في كتب كتيرة وناس كتيرة وصفته بكدا، خصوصاً الحاد.
_ اللي بس مش قادر استوعبه هو إن إزاي هي قدرت تمثل وتبين إنها بتحبني كدا؟ … إزاي لدرجة إني كنت فعلا مصدقها؟!!! يعني إزاي كل كلامها، وضحكاتها، خروجاتنا،كل حاجة كانت كداب!! إزاي طيب؟!
ضحك ضحكة هستيرية، مدركة إن ورا الضحكة إنهيار و إنكار للي بيحصل، لأن بطبيعة الشخص بيبقى مش قدر يصدق.
_ كنت أتوقع الضربة تيجي من أي حد بس مش منها! يعني بجد إزاي ؟ دا ..
عارفة إني يا دوب مجرد شخص هيعمل دراسة حالة، يعني وجودي عابر و مؤقت، فقعدت وسمعته، لحد ما خلص وسكت ساعتها حسيت إن جه دوري ولازم أتكلم، ومن جوايا مش بتمنى شيء قد إن وجودي يكون ليه أثر جواه بكلامي.
علشان كده قولت :
_أنا شايفة إنك شخص قوي رغم كل اللي بتمر بيه، وده دليل إنك تقدر تتخطى ده.
كملت وقولت متذكرة كلامه في البداية وهو رافض مساعدتي:
_أوقات كتير بنحتاج مساعدة، وده مش ضعف. العكس، ده دليل إنك عايز تتحسن. وجوك ليه قيمة مش بس لعيلتك، لكن ليك أنت شخصيًا، وإنك تستحق تعيش حياة أفضل علشانك إنت، أنا مؤمنة إنك تقدر تتحسن، وخطوة صغيرة النهارده ممكن تكون بداية تغيير كبير بكرة. استمر، حتى لو ببطء.
سيبته وطلعت كانت صاحبتي سبقتني وروحت، طول الطريق وأنا بـ أفكر في مشكلته، إزاي بجد حد يلاقي حد يوصل لـ Level إنه لو بس شاور وطلب نجتمة تتجاب له ويرفض؟! أو يمثل؟! هو حتى الحب بيتمثل؟ أو هو بجد في حد قادر إنه يقنع حد لدرجة إن بعده عنه يخليه يحصله كدا؟!!!
وصلت البيت، دخلت سلمت جدتي في أوضتها، أنا قاعدة معاها في نفس الشقة في الدور الأول وأعمامي الاتنين كل واحد عايش في دور، واخدة بحسي، بتدعمني وتشجعني وصاحبتي.
هي اللي وقفت معايا بعد ربنا هي وجدي الله يرحمه، عكس الباقي اللي كان ومازال أي حاجة بتصدر منهم مش بتكون غير شفقة.
_ يلا يا سلمى غيري وصلي على بال ما الأكل يجهز.
_ من عيني يا ست الكل.
خلصت وطلعت لها، قعدنا نأكل في صمت للحظات لحد ما قطعته وقالت:
_ خالك رن عليا وقال تروحي تقضي عندهم كام يوم.
كملت أكل وأنا بـ أرد عليها:
_ أنا مش هروح عند حد وأسيبك لوحدك.
_ روحي قضي يومين ما تخنقيش نفسك، من البيت للكلية ومن الكلية للبيت، لا بتروحي هنا ولا هنا ولا بتقعديمع حد غيري.
_ وأنا قولت مش هروح وأسيبك لوحدك.
_ عمامك ومراتاتهم موجودين.
_ دول كل واحد مع نفسه، وأنا كدا كدا مش بحب أروح عند حد.
_ ولا مبتحبيش تشوفي نفس النظرة؟!
صارحتها:
_ أولاً علاجك ومواعيده، ثانياً أنا مش بحب نظرة الشفقة، ولا بحب حد يبص ليا بشفقة، وأنا مش بشوف في عينيهم غير كدا.
بيصعب عليا نفسي، بيصعب عليا أشوفهم كلهم مع بعض وأنا وحدي، بيصعب عليا إني إتحرمت من أب كان أحن واحد في أخواته، وأم كانت أطيب الناس، أخ كان عكاز، وأخت كان حضن.
لمعة دموع بتظهر في كل مرة بسمع ولا بشوف حد عنده عيله، ما أتمناش إن حد يعيش مشاعري دي…
_ أنتِ يا سلمى!
_ خير يا جدتي؟
_ كنك سرحتي مني؟
_ لاه، بس ءأ..
_ مبسش، عارفة أنتِ سرحتي في إيه، بس كل شيء مقدر ومكتوب، ربنا عوضه حلو يا حبيبتي.
بكيت في حضنها وأنا بقول:
_ الأم بتتعوض؟! الأب ؟ الأخ ؟ الأخت ؟ العيلة؟ أنتِ عارفة أنا مش والله مش بحقد على حد منهم، بس مش بحس غير إن قلبي بيتعصر.
طبطبت عليا وهي كمان دموعها كانت نزلت وقالت:
_ والله بيعوض، بيعوض وعوضه من حلاوته بيداوي الجروح.
كملت بعد ما حست إني هديت:
_ وبعدين ما أنتِ أهو ماشاء الله الناجحة اللي وسط عيال عمامك، وسنة وتبقي دكتورة في الجامعة كد الدنيا، وتبقي الدكتورة.
رددت بخوف:
_ تفتكري يا ستي؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لعلها بداية)
التعليقات