التخطي إلى المحتوى

رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل التاسع والأربعون

الأنت حار لا يعني عدم وجود قاتل، هنا حيث الساعات التي تسبق الفجر. كانت شمس تلهث بأنفاس متقطعه تقود سيارة ياسين بجنون. تلتفت حولها وكأن الم وت يهرول خلفها تطالع المرآه الجانبيه بعيون حائره تنهمر دموعها على وجنتيها ابتل فستان عرسها من كثره دموعها. ضغطت فجأه على مكابح السياره عندما لاحظت وجود هاتف عمومي على الطريق هبطت من السياره تحاول رفع ذيل فستانها الأبيض الطويل تعيد خُصلات شعرها المبعثره الى الخلف تمسح دموعها الممزوجه بالكحل الاسود على وجهها التقطت سماعه الهاتف تحاول تذكر رقم هاتفه فهي لم تستطع احضار هاتفها الخلوي معها فلاحت لها ذكرى بسيطه وهي بجواره في السياره يقول ل يزن.

رقمي 01000000111 ده سهل جداً تقدر تحفظه على طول
فاقت من انخراطها تضغط على الارقام تتمنى بداخلها بأن يكون الرقم صحيحاً لم تستطع الرؤيه من كثره الدموع في عينيها. قبضت عيناها بقوه حتى تستطيع رؤيه الأرقام جيداً حتى قامت بالأتصال به ِ ولم يمر سوى لحظات حتى قام هو بالرد عليها استمعت لصوته لبرهه دون رد ومن حوله ضوضاء المزمار بكل مكان الأنوار تملىء القريه. حاول رفع صوته قليلاً عل يصل الى المتصل:
الو. مين.

كان يتلقى صوت أنفاسها المتقطعه بأذنه فشعر قلبه بها. كانت تحاول تجميع الكلمات ولكن لسبب ما توقفت عن ذلك انتزعت سماعه الهاتف من على أذنها تستعد لأغلاق الهاتف فسمعت صوته وهو يقول بنبره متسائله:
شمس!
وضعت السماعه على اذنها مره أخرى بأيدٍ مرتعشه ترد بنبره مرتجفه:
أنت تعبان ياياسين. عمار مي ت مش عايش زي ما أنتَ فاكر لازم تتعالج.
فقالت بعيون دامعه وهي تكرر:.

لازم تتعالج ياياسين وكل حاجه هترجع كويسه بالنسبالك شوف الحقيقه. فوء من الوهم اللي معيش نفسك لسنين فيه
ورغم انها تخفي خوفها فهو استشعره بنبره صوتها:
أنتِ فين ياشمس؟ سيبك مني وقوليلي أنتِ فين دلوقت؟ عرفيني مكانك
انقبض فؤادها بسؤاله فسدت الطريق أمامه ناطقه بصدق:
أنا في طريق اللي يروح ما يرجعش وانا مش هرجع تاني ياياسين
كان يلتفت حوله يبحث بكل مكان في القريه عنها حتى أتت غدير قائله بأنفاس مقطوعه:.

الحق ياياسين شمس مش موجوده في اوضتها وفريد والمأذون مستنيين
ابتسم ابتسامه رضا وهو مازال يضع الهاتف على أذنه يركض بين الحشود يبحث بعينه هنا وهناك وهو يقول:
تقصدي ايه بكلمه رايحه في طريق اللي يروح مايرجعش
ابتسمت بسمه حانيه ترد بما هو بعيداً تماماً عن سؤاله:
في دكتور اسمه سمير فايز
فبتر حديثها يصيح بها بغضب:
ردي عليا ياشمس تقصدي ايه ب
فأكملت شمس بضياع وعيونها تدور في كل ارجاء المكان:.

الدكتور ده هيساعدك تخف اسأل عنه دكتور على هيديك العنوان. وقبل ما اقفل عايزه اقولك اسفه. اسفه على كل أذى سببتهولك من غير ما اقصد. اسفه اني كنت السبب اني افرق بينك وبين عمار. ممكن لو كنت عرفت في الوقت المناسب انه من د مك مكانش حصل كل ده وكان زمانه لسه عايش
بقيت تعتذر على ذنب لم ترتكبه. وكأن سكين حاد ينهش في قلبها رعشه سرت في جسدها بالكامل فرد هو عليها:
ماتقفليش ياشمس. شمس خليكي معايا.

تركت سماعه الهاتف من كف يدها دون ان تغلقه فاصبحت السماعه معلقه تبتعد عن المكان ومازال هو ممسك بهاتفه يردد قائلاً:
ردي عليا ياشمس. شمس.

صك على أسنانه وتلاحقت أنفاسه بصوره غير منتظمه يلقى بهاتفه بعرض الحائط اسرع الى سيارته بأنفاس متقطعه فلم يجدها وضع كف يده على عينيه بيأس فأخرج الموتور الخاص به مسرعاً بعدما ارتدى خوذته السوداء ضغط على المكابح واسرع بموتوره نحو الطريق يشق طريقه الى الخارج تحت أنظار الجميع. كم كانت سرعته غير عاديه فقد التهم الطريق يبحث بعينه عنها بكل مكان ولكن هي الأخرى سرعتها مهوله. حتى وجد بجانبه الهاتف العمومي والسماعه مازالت ملقاه وقف بموتوره بعدما أخذ ينظر هنا وهناك حول عيناه للون الأحمر القاتم حتى يستطيع تتبع أثارها جيداً بهذه العتمه فوجد أثار اطارات السياره تتجه الى داخل الجبال هذه المعتوهه تسير في طريق مقطوع تتجه بأتجاه الأراضي الصحراويه وهو يعلم جيداً ما الذي يوجد بأخر الطريق.

أسرع بموتوره نحو الطريق بعدما علم وجهتها. ظل يتتبع اثار سيارتها فتره حتى وجدها تتجه نحو الجبل الاسود حاول ايقافها ولكن سرعتها كبيره رأته شمس خلفها فزادت من سرعتها اكثر فأصبح كل منهما يزيد سرعته وكأنهما في سباق يتنافسا بشراسه على المركز الأول. اقترب بجانبها حاول كثيراً أن يقطع الطريق عليها وبعد محاولات قد نجح بذلك ضغط عليها حتى تضغط على مكابح السياره وقد نجح بالفعل وقف امام سيارتها بموتوره ومن خلفه المنحدر هبط من على موتوره يتقدم نحوها امسك بكف يده يفتح الباب المجاور لها قائلاً دون أن يدخل بصوت انهكه الخوف أكثر من ان ينهكه التعب:.

عايزه ت موتي عايزه تقت لي نفسك ياشمس
اومأت برأسها وهي تضغط على المكابح من جديد:
أنا لازم أم َوت عشان أنتَ تعيش
اسرعت بالضغط على المكابح فلا يوجد بينها وبين المنحدر اقل من متر لا اكثر سرعان ما دخل هو برده فعل تلقائيه منهُ داخل السياره فصرخت وهي تقول:
بتعمل ايه يامجنون
اضطربت حقاً في هذه اللحظه تحاول ان تضغط على المكابح بقدميها بكل ما أوتيت من قوه حتى توقف السياره من جديد ولكن دون جدوى فقد فات الأوان.

فقد وقفت السياره ولكن الأطارات الأماميه معلقه بالهواء والأطارات الخلفيه تلمس المنحدر كانت بين السماء والارض تقبض على المقود بكف يديها بقوه تسير الرعشه بكامل جسدها وهي تخبره بغصه مريره في حلقها تسأله ربما يجيبها بأجابه تريحها:
ايه اللي خلاك تعمل كده. ركبت معايا ليه ياياسين؟
طمأنها ياسين بنظراته وكفه الذي حاوط كفها القابض على المقود بحنان قالها وعيونهم لا تتفارق يعطيها ابتسامه قبل قوله برفق:.

عشان ماقدرتش ياشمس، مش قادر أخسرك
زهقتي من الدنيا وشايفه مشاكلها كبيره عليكي وماقدرتيش تقفي في وشها. وقررتي تم وتي نفسك
تسارعت انفاسها تكتم صوت البكاء بالأجبار راغبه بأن تستمع للمزيد فابتلع هو غصه مريره في حلقه وهو يقول بصدق نابع من قلبه:
عايزه تخلصي من حياتك معنديش مشكله بس خوديني للم وت معاكي ماتسبنيش لوحدي هنا.

تأرجحت السياره على المنحدر تتمايل ببطىء نحو الأسفل عم الصمت ولم يأت رد منها فتحدث من جديد يرفع قدمه ببطىء يضغط على قدمها الموضوعه على مكابح السياره برفق:
القرار قرارك ياشمس يانعيش سوا يانموت سوا
فاسترسل حديثه يحاوطها بنظراته الحانيه:
لا حياه لي بدونك أما معاً او معاً.

تسارعت أنفاسها ترى الموت أمامها فالمنحدر شديد الارتفاع تحركت السياره مره أخرى الى الأسفل لم يتحدث بحرف واحد فقط يطالعها يطالع تعابير وجهها وكان ردها كالتالي:
يبقى نم وت سوا
ابتسم بسمه حانيه ظهرت على ثغره يشير برأسه بالأجابه يردد اخر كلماتها يضع قدمه على قدمها يضغط على المكابح بقوه وهو يقول:
يبقى نموت سوا.

A month ago منذ شهر مضى
أطبق الصمت على منزل ال صاوي بعد قول شمس الذي نجح في سلب انتباه الجميع اما عن ياسين فداهمه ذلك السباق في دقات قلبه أغمض عينيه وهو يستمع الى ردها من جديد
موافقه
صدحت الزغاريط بالمنزل مره أخرى من زهره فابتسمت مشيره بعد موافقتها هذه. ارتسمت بسمه عريضه على وجه فريد وكأنها بسمه شامته يطالع ياسين بها تبادل الجميع النظرات التي قطعها ياسين، بقوله:
شمس عايزك جوه.

خرجت كلماته منهُ بنبره حاده. حركت رأسها بالأيجاب تتبع خطواته فتحركت زهره لكي تمنعها من الرحيل خلفه ولكن هناك من أوقفها عن التقدم خطوه واحده للأمام وهو الطبيب نظر لها نظره خاويه وكأنه يخبرها اذا تحركت خطوه اخرى للأمام سينقطع بينهما كل شىء. ابتلعت زهره ريقها دون حراك ترى ابنتها تبتعد عنها فقال
فريد وهو يعتدل بجلسته:
افتكر كده ياخاله معندكيش مانع على جوازنا.

أشار بعينيه على زهره التي لا تستطيع كتم سعادتها التي تغمرها الان:
وافتكر برضوا ان مامتها موافقه. يبقى على خيرة الله هجيب والدي ووالدتي على الخميس اللي جاي نقعد ونتفق رسمي
قال كلماته وهو يستعد للنهوض من على مقعده فألمح بنبره بها من التهديد ما يكفي:
مع ان والدي زي ما أنتِ عارفه ياخاله راجل مهم اوي في البلد والناس كلها هي اللي بتجيله حتى لو هو اللي عايزهم بس نعمل ايه يلا كله عشان خاطر شمس هجيبه واجي.

أتجهت الخاله ناحيه فريد وقد فهمت تهديده قائله:
مابحبش الكلام الملفوف. اللي تفضل تلف حواليه عشان تعرفني معناه. نبرة التهديد اللي في صوتك مش لايقه عليك ياولدي عيله الصاوي مابتتهدش ولو شمس حباك وعايزاك ما عليا غير اني اوافق وماقفش في طريق سعادتها في يوم
ابتلع فريد ريقه وهو يبرر:
انا ماقصدش ياخاله حكيمه انا اقصد
فبترت حديثه بحده تضرب الأرض بعكازها وهي تقول:.

قصدك وصلنا خلاص وطلبك وعرفناه سيبنا نشاور عقلنا ونفكر وردنا هيوصلك في الوقت المناسب
استخدمت طريقته الملفوفه تطرده من منزلها بطريق غير مباشر ففهم هو وقال بتحدي بعدما رأت الخاله الأصرار بعينيه:
انا مستني رأيكم بس مش هستنى كتير ياخاله.

قال كلماته يتجه ناحيه الباب وفي اثناء خطواته للخارج سمع صوت شىء يهشم فظهرت على ثغره ابتسامه رضا لما يشعر به ياسين الأن فجاء الطبيب من خلفه يحثه على الخروج يشير بيده الى الخارج:
شرفت يافريد
طالعه فريد بكبر قائلاً:
عارف.

أسرعت الخاله في خطواتها الى غرفه الضيوف
عند سماعها تحطيم كل ما بها دقت الباب بعنف دقات الباب امتزجت بدقات قلب ياسين فقالت بنبره متوتره:
افتح ياياسين عشان نتفاهم ياولدي
عم الصمت ولم يأت رد منه، لم يفتح الباب، ولم يحدثها، فاستأذنت شمس من الخاله قائله:
أرجوكي سبينا يا خاله
استمعت الخاله الى شمس ثم نطقت بنبره تحذيريه من خلف الباب وهي تردد:
اياك ياياسين تأذيها.
واكملت بقولها بنبره منخفضه واثقه مما تقول:.

مع أني عارفه ياولدي أنك لا يمكن تأذيها
اشارت برأسها للجميع بالابتعاد ورحلت والكل يتتبعها لا احد يفهم شيئاً مما يحدث اما عنها هي عن شمس فكانت وحيده معه بداخل الغرفه تتسارع أنفاسها، أن ما تراه على وجه ياسين ليس بهين أبداً فأخذت تطالعه بصمت وهو يقول:
لما سألتك في القطر كنتي مع فريد كذبتي عليا وقولتيلي مافيش حاجه اسمها فريد. كنتي معاه وقتها؟

حتى اجابه سؤاله حرمته منه قابلت سؤاله بالصمت وعذبته بصمتها فأخذ يردد بحيره:
طب وعمار نستيه. نسيتي ضحى عشانك ازاي. نسيتي حبك قد أيه. ده ضحى بكل حاجه عشانك. وأنتِ عمرك ما حبتيه
اتى انفجارها الأن على هيئه بكاء انخرطت فيه عند سماع أسمه فنطق بنبره بعيده تماماً عن صوته. تحولت نبرة صوته الى اخرى نبره تعرفها جيداً. نبره بها من الغيره وحب التملك نبرة عمار وهو يقول:.

حتى يوم المعركه كنت واقف انا وياسين احنا الاتنين كنا قدامك. احنا الاتنين كنا مستنيين نشوفك هتتحامي في مين لاقيتك وقتها اتحاميتي في ياسين
دخل حرب مع نفسه نعم هي حرب لم تكن هينه أبداً فقبض بكفه على مرفقها بقوه قائلاً:
فاكره اتحاميتي في مين. فاكره روحتي لمين ياشمس
لم تخف هذه المره من نبرة صوته المتغيره فقد اعتادت عليها. ترغب في الرد وبشده تتمنى أن تدافع عن نفسها وباستماته فأخبرته بعكس ما بداخلها:.

مش فاكره. مش فاكره عشان نسيتك ونسيت يووم المعركه بكل تفاصيله فات عشر سنين عايزني افتكر ازاي
ابتلعت ريقها تتنهد بعمق تمسح بكف يدها على وجنتيها من كثره دموعها تخرج كلماتها من بين شهقاتها:
كلكم عشتوا حياتكم الا انا كل واحد حب واتحب حتى انت ياياسين خطبت وهتتجوز مشيره ليه مستكتر عليا ان انا كمان احب زي ما انت حبيت. كتير عليا اني اشوف حياتي زيكم
فختمت بما يمزق فؤاده:
انا بحب فريد وهتجوزه ياياسين.

انتزعت مرفقها من كفه بقوه يراها تبتعد عنه فتحدث بما اوقفها وهو يحاول اخفاء حزنه تحت قناع البرود:
تستاهليه. تستاهلي فريد ياشمس
تركها ورحل يصفع الباب خلفه ومازالت هي تقف بالداخل تجمدت قدماها تنخرط بذكرى حقيقه ما حدث:
كان الجميع بمنزل يزن ينتظرون استيقاظ ياسين فاستأذن يزن من الجميع وهو يقول:
البيت بيتك ياخاله طبعاً. بس تسمحيلي انزل انا وساره نكمل التحاليل والاشعه اللي جينا القاهره عشانها.

خد راحتك ياولدي انا كمان هدخل اريح شويه طول الليل ماغمضتليش عين
ابتسمت ساره قبل أن تقول:
هاخد شمس معايا ياخاله ايه رأيك ياشمس تيجي معانا
وقبل ان ترفض قاطعتها الخاله قائله:
روحي معاهم ياشمس ماتسبيش ساره لوحدها يابتي
تبادلت شمس النظرات المقيته من مشيره فوافقت وهي تشير برأسها بالأجابه.

هما الأن هنا على الطريق حيث القاهره المزدحمه، والسيارات الكثيره وكأنهم في سباق شرس وبعد كثير من الوقت وصلا أخيراً الى وجهتهم هبط يزن مسرعاً يفتح باب السياره بجوار ساره فابتسمت ساره بدهشه:
اي الرضا ده كله كل ده عشان تعبانه شويه انا على كده بقى هبقى عايزه اتعب على طول
فرد يزن بلهفه:
بعد الشر عليكي من التعب اطمن بس عليكي وهتشوفي مني تغيير تاني خالص ياساره
تابعت حديثها وهي تتجه الى الداخل:.

انا مش عايزاك تتغير يايزن انا حبيتك بعيوبك قبل مميزاتك انت عيوبك في نظري مميزات
ربنا مايحرمني منك ياساره
ابتسمت شمس من خلفهم قائله:
ربنا يخليكم لبعض
دخل الجميع الى غرفه الاشعه تنتظرتهم شمس بالخارج فلمحت اخر شخص توقعت وجوده هنا هو اول شخص وقعت عيناها عليه انه فريد وجدته يقترب منها قائلاً بنبره خبيثه:
أخيراً لاقيتك ياشموستي ياشيخه ده أنتِ لففتيني وراكي القاهره وضواحيها
أنتَ عرفت مكاني منين؟

كان هذا سؤالها وهي تنظر لهُ نظره مقيته. تعبر عما بداخلها تجاهه:
تؤ تؤ تؤ ياشموستي محبكيش تكلميني بالنبره دي. أنتِ ماتعرفيش ان اعرف اجيب النمله من جحرها مش هعرف أنتِ فين ياقلبي
قلبك!
كان حديثه معها صريح فأكمل هو للتأكيد على كلامه:
أه قلبي. وقلبي مش كتير عليكي كمان
استغربت هي من نظراته ونبره صوته المتغيره على عكس العاده فقامت تتحرك من أمامه قائله:.

انا ماشيه انا مش عارفه أصلاً اي اللي مخليني اقف مع واحد زيك
اوقفها هو بعدما قبض على ذراعها بكفه قائلاً:
الظاهر انك ناسيه تليفونك في اسيوط ما أنتِ لو كنتي شوفتي الفيديو اللي بعتهولك كان زمانك ماسكه فيا بأيدك وسنانك
انا ماشوفتش فيديوهات ومش هشوف
انحنى بجانب أذنها يهمس بقول:.

خلاص يبقى مصر كلها هتشوف العيله الكريمه ويعرفوا حقيقتكم، وحقيقه ياسين الصاوي، تخيلي كده لما الكل يعرف ويشوف سرعته وعنيه اللي بتقلب للون الاحمر وازاي اترمى عليه مايه نار مركزه ومحاولتوش حتى تجيبوه المستشفى
فاسترسل حديثه بنبره سائله:
الا قوليلي صحيح هو انتوا ماجيبتهوش المستشفى ليه؟
استغربت هذا، هل حقاً علم حقيقته، ملامح وجهُ يظهر عليها التأكد من كل كلمه سردها الأن فقالت تفرك بأصابعها بتردد:.

وهنجيبه المستشفى ليه هو بخير ومافيهوش حاجه
ضرب بكف يده وهو يؤكد على حديثها:
بالظبط ده اللي كنت عايز اقوله انه كويس ومافيهوش حاجه بالرغم من الفيديو ده
اعطاها هاتفه وهو يضغط على زر تشغيل الفيديو قائلاً:
شوف سرعته عامله ازاي رهيبه يا اخي. لاء وعرف ينقذك في الوقت المناسب. بطل. بصراحه انا شايفه بطل
لم يخف عليها التعبير الساخر الذي ارتسم على وجهُ:.

بس لو مكانش حضنك. اصل انا بغير ما بحبش الست بتاعتي يلمسها غيري
تسارعت دقات قلبها من جديد شعرت وكأن كل شىء يقف ضدها الأن فقالت بنبره منخفضه:
عايز ايه دلوقتي يافريد
فقال دون تردد:
عايزك
انت قليل الادب وبجح
قالتها بتهكم بعدما سيطر عليها الغضب رافعه يدها تصفعه على وجنتيه فقبض بكفه كف يدها قبل أن تصفعه قائلاً ببرود:.

اي ده أنتِ فكرتي ايه. طلع تفكيرك شمال انا مش و أوي كده مع اني مع غيرك و بس انتِ غير اي حد ياشمس انا استنيتك السنين دي كلها ومش مستعد استنى اكتر من كده، انا عايزك في الحلال عشان أنتِ بنت حلال شوفتي انا مؤدب ازاي
ترك معصم يدها وهو يبتعد ببطىء قائلاً بنبره تحذيريه:.

فكري كويس وماترديش دلوقتي واعرفي ان مش بس ياسين اللي هيتأذي ده كل أهلك هيتأذوا معاه واولهم الحجه الوالده اصل ماينفعش يكون متسترين على كائن مرعب زي ده ونسيبهم في حالهم كده
فاقت من ذكراها على صوت والدتها وهي تقول:
عملك ايه المؤذي ده قوليلي ياسين اذاكي؟

كسا الحزن تقاسيم وجه شمس تركتها خلفها وأغلقت باب غرفتها بأحكام أمسكت بهاتفها الخلوي تعيد تشغيل الفيديو من جديد فأتتها رساله نصيه من ساره عبر الواتس اب تبعث لها بصوره قائله:
الصوره دي صورتهالك أنتِ وياسين لما كنتوا نايمين وماسكين أيد بعض معرفش صورتها ليه بس حسيت انك ممكن تحتاجيها في يوم.
لم تجب عليها طالعت الصوره بعيون دامعه. استغرقت وقت كبير للأجابه وهي تكتب قائله:.

احساسك غلط مافتكرش انى ممكن احتاجها في يوم.

الأمر اصبح اصعب من كل شىء. انه الألم الذي يأكل في روحه الأن، وكأنه كلما شعر بأنه يستطيع التحمل زادت ألامه اضعاف حتى تثبت عكس ذلك. ساقته قدماه الى حيث المكان الذي يشعره بأنه حي يرزق يجلس على المقعد بجواره عم نصير يمد يده بكوب الشاي الساخن لهُ وهو يقول:
والله زمان ياياسين. وحشتني قعدتك معايا يابني
تحدث ياسين وهو يتناول كوب الشاي من يده:.

أنتَ اكتر ياعم نصير بقالنا سنين مارجعناش نقعد نفس قعدتنا دي سوا
طالع البحيره أمامه بماؤها الصافي تستطيع أن ترى السمك الصغير بداخلها من كثرة نقاؤها فابتسم ولكنها ابتسامه حزينه وكأنه يخرج حزنه بابتسامته قائلاً:
حاسس ان كل حاجه اتغيرت مابقاش في حاجه تأثر فيا زي زمان
جملته الاخيره أدارت كفه الحديث تماماً حيث علم عم نصير مابداخله من ألم فتحدث ينفي ما قال:.

لاء كل حاجه زي ما هي ماتغيرتش ياياسين. البحيره الصافيه لسه صافيه والقمر لسه منور في سماه ماتغيرش صفاء وهدوء القريه موجود ونسمات الهوا اللي بتحرك ورق الشجر وقلبك بيفرح بي لسه بينعش روحك للحظه دي، بس في حاجه واحده بس هي اللي اتغيرت ياولدي
ترك ياسين مقعده واستقام واقفاً يتحرك ناحيه البحيره زين ثغره ابتسامه هادئه تبعها قوله:
ماتقولش أنا اللي اتغيرت ياعم نصير
اقترب منه يتكىء على عكازه يربت على كتفه برفق:.

يبقى أنتَ عارف من غير ما اقول ياولدي
نبرة عم نصير الهادئه وصوته في أذنه جعلت عيناه تلمع بالدموع وكأنه يريد فقط أن يربت أحد ما عليه حتى ينفجر بالبكاء. لمح عم نصير الدموع في مقلتيه هو الأخر وحدثه بدموع تحت نظراته:
مالك يابني فيك ايه ياياسين حاسس ان جواك وجع يهد الحيل احكيلي زي زمان مش هتلاقي حضن يسيع همك قد حضني يابني.

سمع ياسين كلماته وحينها فقط استطاع البكاء بحريه كما كان يفعل بالسابق بين أحضانه حاوطه
عم نصير بذراعيه فشعر بدفء قلبه بين احضانه أخذ يبكي تنهمر الدموع من مقلتيه بدون وعي تركه عم نصير يخرج ما بقلبه من حزن على هيئه دموع حتى شعر بارتياح قلبه فسأله قائلاً:
قولي ياياسين بتبكي ليه ياولدي؟
ابتعد ياسين عن احضانه يخرج كلماته من بين دموعه:
الشاي. الشاي اللي أنتَ عامله ياعم نصير وحش اوي
ضربه بخفه على كتفه ضاحكاً:.

ما انا قولت 100 مره مابعرفش اعمل شاي
فأخبره ياسين بعيون ممتزجه بالدموع يحاول اخراج ابتسامه بسيطه من بين دموعه:
ولا انا
فابتسم يقول بصدق نابع من قلبه:
ماتحبسش البكا في عيونك ياياسين
لمعت عيناه أكثر حيث أثر الألم الذي بداخله ما زال بهما:
أنا تعبان. تعبان أوي ياعم نصير
-.

غادرت غدير تسأل عن أقرب ورشه لتصليح العجل فأدلها أحداً ما على اقرب ورشه خارج القريه وبعد ان تعبت بالبحث عنها وجدتها أخيراً دلفت داخل الورشه تبحث بعيناها هنا وهناك على امل ان تجد أحداً ما بداخلها ولكن دون جدوى فوجدت دراجتها بجانب ركن صغير ابتسمت تتجه ناحيتها تنحني وهي تنظر الى الأطارات فوجدتها سليمه ابتسمت بفرحه وهي تستعد للنهوض من جديد تصطدم به فانزلقت على الأرضيه وهي تتشبث بهِ تحاول الا تنزلق ولكن دون جدوى فنطق هو قائلاً:.

خللي بالك. خللى بالك يا انسه حاسبي. حاسبي
فأخذته معها وانزلقوا هما الأثنان سوياً واصبحت فوقه الأن تطالعه بعيون دامعه:
انا اسفه والله العظيم مكانش قصدي. مكانش قصدي
قامت من فوقه مسرعه تنفض ملابسها من جديد فقال بنبره متهكمه:
هو كل مره مكانش قصدك حاسس ان أجلي هيبقى على ايدك
قالها الشاب وقد انكمش حاجبيه بغ ضب فأصبحت هي أمامه معاتبه:
أنتَ أصلاً اللي الغلطان كل شويه تطلع في وشي.

وضع المنشفه الصغيره الخاصه بهِ على كتفه يحضر لها دراجتها:
وفي الاخر بقيت انا الغلطان كمان طيب ياستي شكراً عجلتك اهيه
انتزعتها من يدهُ بقوه وهي تقول:
عايز كام؟
هز رأسه باسماً يرى الغ َضب بعينيها فرد قائلاً بهدوء يحاول ان يمتص غض بها:
خليها عليا المره دي. انا عجلاتي صحيح بس افهم في الواجب اول مره دايماً بتبقى عليا عشان ابقى اشوفك تاني
تبادل كلاً منهما النظرات فقالت بعيون حائره:.

مافتكرش ان احنا هنشوف بعض تاني يااا.
فأجاب بأسمه دون أن تسأل:
بدر اسمي بدر
هزت كتفها بعدم اهتمام تتركه وترحل وهي تقول:
وانا ماسألتش أصلاً
فأشار هو بيده يراها تبتعد عنه:
من غير تسألي عارف انك عايزه تعرفي اسمي
ابتسمت ابتسامه بسيطه وهي تقود دراجتها دون ان تلتفت له قائله:
عجلاتي صحيح
-.

مرت عده ساعات وكالعاده الليل يفرض نفسه على الأجواء يجلس بربروس بعد صلاة العشاء في المنتصف ومن حوله أطفال الحاره يحفظهم ايات الله قائلاً بصوته العذب:
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ
فردد الأطفال من خلفه:
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ
فقال يتابع:
وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ.

فقاطعه أبو المعاطي وهو يهرول ممسك بكف يده الهاتف المحمول يقول بنفس متقطع:
ياشيخنا. ياشيخ بربروس قافل تليفونك ليه بس
سأله باستغراب وهو ممسك بسبحته يقلب حباتها:
ماذا دهاك يارجل الا ترى فأنا بجلسه تعليم القرآن الكريم
اجابه ابو المعاطي باهتمام امتزج بألحاحه:
استاذه مارال عايزاك اتصلت كذا مره لقيت تليفونك مقفول
حمحم بربروس ينظر للاطفال وهو يغادر الجلسه قائلاً:
-حسناً ايها الاطفال سأترككم لدقائق.

امسك بربوس بالهاتف يغادر المسجد فسمعها تقول:
-بيدقوس عايزه اشوفك حالاً
فسألها سؤال مبهم:
أأنتِ بخير
ايوه بخيي انا مستنياك على اول الشايع ما تتأخيش
فأجاب بالموافقه على الفور تاركاً الاطفال خلفه

كانت تنظر لعينيه منتظره ردة فعل، أما هو فكان في عالم أخر، تنتظر أجابه لسؤالها وعندما لم تجد منه رد كررت سؤالها من جديد:
الأشاعه فيها ايه يايزن؟

صمت دون رد لاحت الى ذاكرته ذكرى بسيطه عندما أخبره الطبيب بضروره أخبارها بحقيقه مرضها اللعين فيجب عليها البدء بالعلاج في الحال
شعر قلبها الأن بأن هناك شىء ما. شىء أكثر من مجرد هذيان او ارهاق فابتسمت وهي تبلع ريقها ببطىء:
انا تعبانه يايزن صح. مش. مش مجرد دوخه وشويه صداع. هو. هو المرض ده اللي عندي اللي اسمه.

قام هو من على الأريكه بعدما وضع كف يده على فمها تلاقت أعينهم بعدما حاوطت عينيه عيناها قائلاً ببسمه حانيه:
هووش ماتنطقيش اسمه. احنا مش هنقول اسمه خالص ولا اقولك تعالي نسميه المرض الوحش حاجه مش حلوه دخلت ما بينا بس احنا مهما يحصل ما بينا اللي داخل ما بينا خارج صح ياساره احنا مافيش حاجه ممكن تفرقنا عن بعض حتى لو المرض الوحش ده.
نزلت دموعه وهو يقف أمامها يستكمل حديثه:.

أنا مش هسيبك هنهزم المرض ده سوا ياساره. زي ما هزمنا كل حاجه سوا وفضلنا مكملين تفتكري مرض بسيط زي ده ممكن يهزمنا ويبعدنا عن بعض
لم تستطع كبت المها الذي بداخلها فاستدارت تعطيه ظهرها يكسو الحزن معالم وجهها فأخبرته بما صدمه
انا كنت عارفه يايزن
استغرب مما قالته للتو فاستدار يقف أمامها بعدما قبض حاجبه باستغراب:
عارفه!

اه كنت عارفه او كنت حاسه بس بكذب نفسي. مكنتش عايزه اصدق كان نفسي اكمل حياتي معاك. كنت، كنت نفسي نتجوز واجيب منك اطفال ونشيخ سوا عشان كده كنت بكذب
مسحت بكف يدها أنفها المبتل تسترسل حديثها:
اصل. اصل بيقولوا اتفائلوا بالخير تجدوه وانا كنت دايما بتفائل ان هكون بخير ومافييش حاجه
عشان. عشان افضل جنبك وابقى معاك يايزن بس الظاهر ان ربنا. ربنا مش رايد
فقاطع هو حديثها بلهفه يغزو الحزن تعابير عينه قائلاً:.

مين قال كده أنتِ هتتعالجي وهتخفي وهنتجوز وهجيب منك عيال كتير اوي. هنربيهم سوا. انا وانتِ ياساره. أنا وانتِ سوا
مسح الدموع من على وجنتيها بلطف فلم يستطع منع نفسه عنها في هذه اللحظه أخذ يمسح على ملامحها برفق بظهر يده ينظر اليها بشوق على الرغم من أنها أمامه طالع شفتيها بشوق فمنع نفسه عنها بالرغم من رغبته الملحه لفعلها فطبع قبله على جبينها يضمها لصدره بحنان قائلاً بحب:.

بحبك ياساره ده انتِ الوحيده اللي حبك عشش جوه القلب بضمير

يجلس معه في غرفه المكتب ينتظر حديثه فتردد فريد وهو يقول:
بابا. بابا انا كنت عايزك في موضوع ضروري
انتزع والده نظارته الخاصه بالقراءه يلقى بها على المكتب فنصت اليه باهتمام:
وأنا مستني اشوفك هتقول ايه بقالك ساعه بتقول عايزني ضروري يافريد ما تنطق
دلفت والدته الى المكتب تتبعها الخادمه وهي تقول:
حطي القهوه على المكتب ياوفاء.

وضعت الخادمه فنجان القهوه مغادره المكتب وهي تقفل الباب من خلفها فقالت والدته وهي تضع قدم على الأخره تجلس مقابله:
ما تقول يافريد مالك
نبره برع في اخراجها وهو متأثراً يقول:
أنا عايز اتجوز
ابتسم والده بسمه ساخره:
وانت عامل كل ده والقلق اللي انت فيه ده كله عشان عايز تتجوز وماله نجوزك انا كتير كنت بقولك انك خلاص عديت التلاتين ولازم تتجوز وانت اللي كنت بترفض
طالعته والدته بنظره شك قائله:.

استنى انت يادمنهوري. هو انت ناوي بقى تتجوز مين. اوعى تقول البنت اللي مغلباك بقالها سنين
بنت. بنت مين؟
كان هذا سؤال والده الذي سأله بعدم فهم فأجابت والدته بسخريه:
بت كده مش عارفه في قريه ايه في ضواحي الصعيد
ماما ارجوكي اسمها شمس ماسمهاش بت
والكتكوته بقى رضيت عليك اخيراً
قالتها والدته بعدم رضا وكان الارتباك هو المسيطر على وجه فرد قائلاً:.

ماما شمس غير كل البنات اللي عرفتهم هي بس مؤدبه حبتين عشان كده مكانتش بتوافق عليا لكن لما اتقدمتلها
بتر والده حديثه:
لما ايه. انت كمان اتقدمتلها
لا يابابا ده كان مجرد كلام مش اكتر بس الاتفاق هيبقى مع حضرتك
وانا مش موافق على الجوازه دي
قالها بحزم وعاد يواصل حديثه:
اسمع يافريد في حركه تنقلات في الوزاره الايام دي وانا عايز اعزز موقفي وكنت شوفتلك بنت. بنت من توبنا بنت مسؤول كبير في الدوله
رد بانفعال:
طب وانا.

فسأله هو الأخر:
أنتَ ايه يافريد؟
فقال بتهكم:
انا رأيي فين اسمعني ياوالدي كويس انا الخميس الجاي هاروح واتفق معاهم على كل شىء سواء كنت موجود او لاء فانا مش هتجوز غير شمس وعلى فكره يا امي شمس مش مجرد بنت من القريه شمس بنت عيله كبيره في الصعيد لو حابه تيجي معايا تشوفيها اهلا وسهلا مش حابه مش هغصب على حد فيكم
-.

مرور الأيام اصبح كمرور الساعات تمر الأيام سريعاً أشعه الشمس الذهبيه ملأت منزل الصاوي يجلس فريد بعد اصرار من شمس بموافقتها عليه بغرفه الضيوف
تجلس الخاله معه تتفق على كل شىء تجاوره والدته رغماً عنها قائله بتهكم:
مش قبل ما نتفق نشوف العروسه الاول على الاقل
قالتها بكبر فردت مشيره على الفور:
والدتها راحت تنادي عليها انتوا شرفتونا النهارده انا هاروح استعجلهم.

خرجت على الفور تصطدم ب ياسين بالخارج فسألها بفضول:
مين جوه مع أمي في اوضه الضيوف
أدركت على الفور من عينيه بأنه ليس على ما يرام أبداً فردت عليه تصطنع الحزن:
ده فريد ومامته جايين عشان يتفقوا على معاد الفرح
زفر بتعب بعدما رمقها بنظره وضحت ما بداخله دخل الى غرفته يصفع الباب من خلفه فدخلت مشيره ورائه قائله بهدوء:.

مالك ياياسين. مش على بعضك ليه؟ كل ده عشان شمس هتتجوز، ما ده اللي احنا عايزينه عايزنها تبعد عنك عشان تفضل مع عمار هو مش عمار معاك مش ده كفايه.
رفع كفه مانعاً اي استرسال منها في الحديث وقد انفعل بعد قولها وظهر في رده:
انا مش زعلان عليها انا زعلان على نفسي زعلان على عمار اللى كنت فاكرها انها بتحبه طلعت خاينه وغداره طلعت بألف وش بدور على مصلحتها وبس عايزه تتجوز وتخلف وتعيش حياتها وتنساني.

فعاد يكرر كلماته بتردد:
اقصد تنسانا. تن. تنسانا
ربتت مشيره على كتفه برفق:
من اول ما شوفتها وانا قولت عليها خاينه وغداره
شمس ماحبتكش ياياسين ولا حبت عمار في يوم بلاش تخسر عمار عشانها تعالى نرجع المانيا تعالى نبعد عنها
فأشار برأسه بالأيجاب:
هنرجع. اكيد هنرجع بعد ما اخد يزن وساره معايا عشان تتعالج هناك انا وعدته اني مش هسيبه يامشيره ساره طلع عندها كانسر
فأشفقت عليها مشيره قائله:
حرام دي لسه صغيره.

فتنهد قائلاً:
عشان كده مش هسيبهم
فردت هي بما يطمئنه:
وانا كمان اعرف دكاتره كتير هناك متخصصين ومش هنسيبها سوا
فقال بامتنان:
أنا مش عارف اقولك ايه من ساعه ما قابلتك
فبترت هي حديثه: ماتقولش انا مستعده اعمل عشانك اي شىء المهم تكون مرتاح ياياسين انت وعمار
فجائت بشرابه المفضل وهي تضعه بزجاجته المفضله:
اشرب. انا عارفه انك بتحب الشيري كولا.

فسمع صوت الزغاريد بالخارج مره أخرى بعدما اتفق الجميع على موعد كتب الكتاب فتجرع من الزجاجه ما يكفي
-.

لم تذق النوم وكيف تعرف له طعم بعدما تحدد موعد كتب كتابها قريباً لو انها تعرف كلمه أعمق من كلمه انطفأت لكانت قالتها الأن فهي لم تشعر بأنطفاء روحها مثلما تشعر به الان بات قلبها فارغاً كأنها مدينه بلا نوافذ فخرجت من غرفتها ترتدي الشال على كتفيها ساقتها قدماها اليه الى قبره في عتمه الليل تقف أمام اللوح الرخامي تنهمر دموعها على وجنتيها قائله من بين شهقاتها:.

المكان هنا في الضلمه يخوف بس بوجودك فيه بطمن بقدر اقول كل اللي جوايا وانا عارفه انه هيفضل سر ما بينا برمي حمولي وهمومي عليك حتى وانت مش موجود اتحملت مني كتير وانت عايش وتحملت اكتر وانت ميت عارفه اني قصرت معاك الفتره اللي فاتت ومكنتش بجيلك زي الاول بس الفتره اللي فاتت كنت مشغوله بحاجات كتير
فظهر ياسين من خلفها يهمس بأذنها بصوت منخفض:
مشغوله بفريد.

انتفضت بمكانها بعدما دب الذعر بقلبها تسارعت دقات قلبها من كثره خوفها التفتت تراه يشرب مشروبه المفضل وكأنه بحاله من اللا وعي بالرغم من انه مشروب شيري كولا خالي من اي كحول فمسحت وجنتيها تضم الشال على كتفها تحاول تجاوزه هاربه بعيونها منه:
ياسين باين عليك مش في وعيك ياريت تروح دلوقتي
كلماتها مبهمه جعلت الحيره تظهر على وجهه ضم حاجبه باستغراب ينظر لزجاجته:.

بس انا مش سكران انا في وعيي اوي دي شيري كولا على فكره
طب ممكن تروح دلوقتي
كان رده حاسماً وهو يقول لها:
مش لما اعرف الاول اي اللي جاييك هنا في وقت زي ده ياعروسه
كان الارتباك هو السائد والمسيطر فلم يسعفها الا ان تبرر وجودها هنا بقول:
جيت كنت بدور على حاجه ولاقيت نفسي هنا وماشيه دلوقتي على طول
تقدمت خطوه للأمام فوقف أمامها وكأنه سد منيع فسحبها من مرفقها يقربها منه وربت على رأسها وتكلم يطمئنها برفق:.

أنتِ مش عايزه فريد ياشمس. شمس لو في حاجه قوليلي. لو فريد غصبك على حاجه اتكلمي وانا هقفله مش عارف في حاجه جوايا بتقول انك مش عايزاه مع ان كل حاجه بتقول انك غداره وبتاعت مصلحتك. شمس انا سمعك فكري لأخر لحظه فكري ياشمس. انت فعلا بتحبي فريد.

صمتت للحظات فقربه منها يزيد توترها وتعلو دقات قلبها ليست بدقات عاديه بل كهرباء تهز جسدها بأكملها حين اقترب منها رفعت عيناها تجاه وجهه وعينيه الصافيتين تدل على نقاؤهم تريد اخباره تريد البوح بالحمل الثقيل الذي تحمله بداخلها ولكنها فجأه تذكرت تهديد فريد الدائم لها ومنصب والده المرموق تغيرت ملامح وجهها فجأه وهي تقول بصوت حازم:
أنت ليه مش قادر تصدق اني بحبه. افهم بقى ياياسين انا بحب فريد.

قالت اخر ثلاث كلمات ببطىء شديد تصنعت الصدق ببراعه فصدق هو ما قالته للتو تركته لترحل فقال هو ما اوقفها بغ ضب:
عمار كان عنده حق لما قالي انك خاينه وعمرك ما حبيتي حد فينا اخدتينا لعبه بين ايديكي واحنا. احنا كنا هنخسر بعض بسببك
شعرت هي ببوادر نوبه جائته من جديد فقررت ان تواجه هذه المره خرجت عن صمتها وهي تقول:.

قالك امتى اني خاينه وماحبتش حد فيكم اخر مره شوفت عمار فيها كنا في الحرب من عشر سنين وعمركوا ما اتكلمتوا سوا. اخر مره عمار مات ما بين ايديك وده قبره اللي انت واقف عنده عمار مات ياياسين فوء. بص حواليك بص انت فين
صاح بوجهها قائلاً وكأن العالم كله لا يساع صراخه:
اسكتي ياشمس اسكتي ماتقوليش ان عمار مات. عمار ما ماتش
فظهر عمار من خلفها يطالعه وهو يقول:.

مش قولتلك. مش قولتلك هتقولك اني ميت. مش حذرتك منها وعرفتك قبل كده قد ايه هي بتكرهنا وعايزانا نبعد عن بعض شمس دي حيه فرقت بينا في الاول وعايزه تفرق بينا في دلوقتي
لاحظت هي شروده ينظر خلفها تصب قطرات العرق على جبينه ابتلعت ريقها بخوف ترددت للحظات بعدما لاحظت شمس تلك الرعشه بيده فزادت بحديثها:.

لو هو عايش زي ما انت بتقول هو فين خليه يظهر عايزه اشوفه خليه يبقي قدامي من جديد ياياسين. ياسين انت مريض ولازم تتعالج
طالع ياسين عمار قائلاً بتساؤل:
أظهرلها ياعمار قولها انك عايش ماموتش عرفها انك زيفت موتك عشان نفضل سوا قولها ان القبر ده فاضي وانه مافيهوش حد عشان انت. انت عايش صح ياعمار انت عايش.

لم يتلقى منه رد وقفت صورة عمار أمامه دون حراك اقترب منه ببطىء رفع كف يده بأيد مرتعشه يريد فعل ما نهاه عنه لسنين وهو ان يلمسه يضمه الى صدره وجد نفسه يلمس سراب تتحرك صورته بين اصابعه تبخرت صورته في الهواء يراها تبتعد عنه اصابه الدهشه مما حدث الأن فأخذ يصرخ بأسمه:
عمار ماتسبنيش. عمار.

لم تستطع قدماه تحمله الان فأثنى ركبتيه على الأرض انحنى بظهره ودموعه تملىء مقلتيه هرولت هي تجلس بجواره تمسد على وجهه تعيد خصلات شعره للوراء بحنان:
عمار مات ياياسين. مات ومش هيرجع تاني
نظر الى الأرضيه يقول بصوت مبحوح:
اسكتي
مات من عشر سنين وقت الحرب
بقولك اسكتي
اقتربت منه أكثر تضع رأسه بين كفيها برفق:
العربي طلع قلبه بأيده من جسمه ومات في حضنك ياياسين
بقولك اسكتي. اسكتي. اسكتي ياشمس. اسكتي عشان خاطري اسكتي.

نظر الى الأرضيه ومازالت تقترب منه تنهمر دموعه منه بشراسه لا يستوعب عقله ما حدث للتو فاقتربت منه أكثر تحاوطه بين ذراعيها بحنان
-.

أن شعور الاختناق مميت أخذ يستنشق الهواء من حوله كمن حرم من الاكسجين الأضواء بكل مكان تزين منزل الصاوي عدم شعوره بالارتياح يرهب قلبه الحزين صوت المزمار يعلو بكل مكان أتى فريد مع والدته من جديد ينتظر المأذون على أحر من الجمر بعدما اتفقت معه الخاله بأنه سيكون في بادىء الامر كتب كتاب فقط حتى ليله الزفاف
دخلت ساره على شمس وجدتها تقف امام المرآه لم ترتدي فستانها حتى الأن.

ساره أنتِ لسه مالبستيش ياشمس ده العريس بره
ابتلعت ريقها تتنهد بعمق:
هلبس ياساره
فقالت بلوم:
ولما أنتِ مش عايزاه وافقتي عليه من الاول ليه ومتمسكه بي اوي كده ليه؟
حاولت شمس اخفاء حزنها برسم بسمه على وجهها قائله:
انا قولت مش عايزاه بالعكس انا هلبس اهوه معلش ياساره ممكن تسبيني لوحدي شويه عشان اللبس.

أشارت بالأيجاب وهي تستعد للمغادره التقطت شمس بين كفيها فستانها الابيض تستطيع شم رائحه الكفن بهِ كانت تشعر بأن الموت هو خلاصها ارتدت فستانها تقف أمام المرآه تتخيل ياسين يقف من خلفها يغلق لها سحاب فستانها برفق بعدما وضع قبله حانيه على جبينها ابتسمت ابتسامه رضا تضع يدها على وجنتها حتى افاقت من شرودها على صوت زهره قائله:
لسه مخلصتيش ياشمس الناس مستنيه بره.

اشارت برأسها بالموافقه ينتظر ياسين بالخارج لا يستطيع رؤيتها تزف على غيره لم يحتمل قلبه ذلك وخصوصا بعدما اعلنت زهره عن قدوم العروس وضع كف يده على أذنه خرج يهرول بين الحشود يتذكر كلماتها وهي تخبره بثقه:
انا بحب فريد وعايزاه ابعد عني بقى كفايه محاولات ياياسين. انا مش هتجوز غير فريد
فاق من شروده على اتصال هاتفه فرد على الاتصال بعدما علم بأنها هي ابتسم قلبه من جديد.

هما الأن على حافه المنحدر بعدما اتفقوا ان يتركوا الحياه سوياً ضغط ياسين على المكابح بقوه يحاوطها بذراعيه يخبأها بداخله فانزلقت السياره على المنحدر بارتفاع هائل قبض كفه بكفها عزم على عدم تركها والموت سوياً فانزلقت السياره بسرعه هائله الى المياه اصطدمت السياره بالمياه على ارتفاع شاهق بسرعه مهوله امتلئت السياره بالمياه بكل مكان ففتح كل منهما عيناه تحت الماء يطالع كل منهما الاخر مازال ممسك بكف يدها يلبي رغبتها يراها تحاول كتم انفاسها اكثر من ذلك فضرب الباب بقدمه يحاول اخراجها من السياره بالقوه.

حدث عكس المتوقع بعدما جاء والد فريد يحضر كتب كتاب ابنه على الرغم بعدم موافقته جاء دون حرس. جاء بمفرده مع السائق يهنئه بزواجه فهو ابنه الوحيد رحب الجميع بهِ وجلس بجانب المأذون ينتظر العروس يتسائل الجميع الأن اين العروس الأن كان كل من بالمنزل يتهامس على هروب العروس من يوم زفافها فقال والد فريد:
هي فين العروسه مش شايفها ليه؟
ارتبك فريد وهو يردد:
اكيد. اكيد يابابا بتجهز
كل ده.

كان هذا رده فقام فريد وهو يقول هاروح اشوفها بنفسي
استدار بوجه للأمام ليجدها أمامه بجوار ياسين يحتضن كفها بقوه اعصابه تتأكل والنيران مشتعله بداخله يطالع الجميع بعضهم البعض بذهول فقطع ياسين نظراتهم بقول:
أنا وشمس اتجوزنا ودي ورقه جوازنا.

طالعها فريد بنظرات تحمل من اللوم ما يكفي وان القادم لن يكن باليسير فشعرت بالخوف ولا أرادياً وجدت نفسها تحتمي خلفه تقبض بكفها على كفه أكثر مستغيثه وطالبه ان لا يتركها أبداً فكان هو حماها وملجأها الوحيد.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *