رواية بشرية أسرت قلبي الجزء الأول للكاتبة آية محمد رفعت الفصل التاسع
(قلبٍ حطم حواجز الزمان، )
لم ترى من يتأملها بأعين من لهيب، يتركها القلب تتشبع من رؤياها ؛فربما ما يود فعله سيثير به غضب الجميع ولكن عليه ذلك…
زادت دمعاتها معاناة وألم، عيناها تتوق لرؤيته، أما هو فيفصله عنها حائط صلب يراها ولم تتمكن هي من ذلك…
ولج الليل لأخماصه ومازال الدمع لم يجف بعد ومعه تزداد معاناة لوكاس إلى أن قرر وضع نهاية لما هي به.
رفع يديه من داخل الغرفة السرية يجذبها إليه فشهقت رعبٍ حينما رُفعت بالهواء فبحثت بعيناها عنه على أمل رؤياه ولكن زاد الرعب حينما وجدت الجناح فارغ إذاً لما تحلق بدونه؟.
شيئاً ما يشل حركتها ويجعلها أسيرة تنصاع له لتصرخ بخوف حينما يصدمها بحائط كما ظنت هي ولكنها تفاجأت بباب سري يؤدي لسحراً خالد للغاية لم يكن بأوسع مخيلتها، زادت فرحتها حينما رأته يقف أمامها بعيناه الزرقاء كنسيم المياه فربما شعورها بهلاك موتها شبيه للموت بين أمواج المياه، خرج صوتها بلهفة: لوكاس كنت أبحث عنك؟
قاطعها حينما خرج صوته ليكون لها حافل الصمت: لم أبعد كثيراً.
لم تفهم كلماته الا حينما وقعت عيناها على الحائط لتجده مرئي للغاية فمن بالداخل يتمكن رؤية الجناح بأكمله ولكن من المستحيل حدوث العكس…
زف الدمع من عيناها لفكرة أنه تمكن من رؤيتها ولم يكلف نفسه عناء ضمها لصدره لتخرج كلماتها المتمردة: رأيتني أبكي ولم تعيرنى أهتماماً!
تأملها بعواصف تهاجمه فأزاح ما بداخله بكلماته الثابتة المتزنة: وجودك هنا ربما أجابة على سؤالك.
ضيقت عيناها بعدم فهم فتركها وجلس على فروع الأزهار الضخمة من اللون الأحمر التي تراها روكسانا لأول مرة قائلاٍ بهدوء: لم يعلم أحداً بذلك المكان قط حتى والدي الملك
ثم تطلع لها بثبات: أنتِ أول من سمحت لكِ بذلك.
أقتربت منه وعيناها تتفحص المكان بأعجاب شديد: ولكن لما سمحت لي؟
رفع عيناه لها يتفحص ملامح وجهها بصمت ليخرج صوته بصدق: ربما لانك أقربهم.
تطلعت له بفرحة لا مثيل لها. لا تعلم لما يترقص قلبها هكذا! أحقاً تعشقه!..
أقتربت منه بتردد ثم رفعت يدها تلامس يديه قائلة بصوت متردد: لا أعلم لما أشعر بالجنون حيال هذا الأمر ولكنك تعني لي الكثير لوكاس
إبتسم بسمته الجذابة قائلاٍ بصوتٍ هامس يتخفى به الحزن بعناء: تذكريني على الدوام روكسانا وأنا أعدك بذلك…
أنكمشت ملامح وجهها بأستغراب لما يقول؟، رفع يديه يلامس خصلات شعرها برفق وحنان ؛ فأغمضت عيناها بقوة وخجل ليقترب منها وعيناه تتأمل ملامحها كأنه يطبع كل أنشن به بقلبه، مرر يديه على وجهها بعشقٍ جارف معبئ بنسمات تحملها لجنة مخلدة بين يديه. فتحت عيناه بخوف من طريقته كأنه يودعها للأبد فأبتسم قائلا ٍبصوتٍ يكاد يكون مسموع: الجنون بقربك روكسانا. أستمع صوت خفق القلب لأجلك كأنه يقرع طبول الحرب.
أستسلمت بين أحضانه فحملها لفراشٍ من فروع الورود الحمراء الضخمة لتتمتع بملمسها الرقيق، أغمضت عيناها بآمان لم تشعر به سوا بوجود حاميها، مسد على شعرها بخوف لتغفل بين أحضانه بتعب…
فاضت عيناه بقسوة الأبتعاد عنها بعدما أتخذ هذه الخطوة الهامة نعم هو لن يتحمل أن يراها هكذا…
تسللت الأشعة الحمراء بدلال لمكان لوكاس السحري لتوقظ روكسانا من غفلتها…
فتحت عيناها ببطئ حتى تعتاد على ضوء المكان ولكنها تفاجئت به يجلس أمامها كأنه لم يذق النوم بعد أن قضي الليل بتأملها فلعلها المرة الأخيرة لرؤياها.
رفعت يدها بتكاسل: هل غفوت طويلاٍ؟
إبتسم قائلاٍ بعشقٍ صادق: لم أشعر بالوقت جوارك.
أعتدلت بجلستها بخجل وهي تراه يتأملها بنظرات هائمة، أشعة الشمس تنير جسده بأكمله بأشعته المتوهجة فتزيده جمالا على جماله، جسده الشديد البياض مع سحر عيناه الزرقاء يصنع هالة خاصة تحتضنها فتشعرها ببلاهتها أمامه.
أنهى صمتها حينما قال بصوته الثابت ويديه تنغرس بخصلات شعرها البني: سأفتقدك روكسانا.
ضيقت عيناها بعدم فهم فأبتسم قائلاٍ بهدوءٍ زائف: أعلم بأنه من المحال أن نكون سوياً ولكنك الفتاة الوحيدة التي عشقتها بصدق
لمعت عيناها بدمع لم تعلم سببه قائلة بصوتٍ متقطع: لماذا تتحدث هكذا؟
تخشبت ملامح وجهه وهو يقول بحزن: سأعاونك للعودة لكوكبك.
فتحت عيناها على مصراعيها بصدمة فجذبها أمام نظراته اللامعة بشرر أحمر تراه لأول مرة ولكنها تيقنت أنها علامات حزن لوكاس، تطلعت له وهي تشير كالبلهاء ليبتسم مجدداً قائلاٍ بعشق: سأفعلها لأجلك، لن أتحمل رؤية الخوف والحنين للعودة على وجهك…
قالت بارتباك فهى لا تعلم ما تريد!: ولكن…
قاطعها بصوته الحاد بعدما أستند على جبهتها برأسه: عليك بذلك روكسانا فأنتِ لم تعلمين بخطورة كائنات هذا الكوكب، ثم إبتسم بسخرية: ربما أن سنحت الفرصة لرؤيتى حينما أتبدل لحيوانٍ مخيف حينها ستترجيني للرحيل.
رفعت عيناها له قائلة بتوتر وهي تمسد على بطنها بخوف: ولكن ماذا عن هذا الشيء؟
أخفض بصره على موضع يدها قائلاٍ بحيرة من أمره: لا أعلم كنت أود رؤيته بشدة ولكن.
صمت بحزن فكيف سيخبرها أنه لن يتحمل مكثوها لذلك الوقت حتى لا يتعلق بها أكثر من ذلك فقال بثبات مخادع: بإمكانك حسم قرار الأحتفاظ به أم لا…
ثم رفع يديه لها قائلاٍ بنبرة خالية من الحياة: هيا
ظلت لدقائق تنظر له تارة وليديه تارة أخرى فلم تجد ذاتها سوى وهي تقدم له يديها لينقلها سريعاً للكهف…
بمكانٍ معتم للغاية مفقد للحياة فربما لأنه مقر هلاك الموت المزفوف. أخر ورقة مربحة لملك الجحيم الأحمر للقضاء على لوكاس بشكل قطعي لا محالة له خاصة بعد أن علم بأنضمام جيش الحوريات له…
وقف بالظلام الدامس بعيناه المجحمة مردد بغضب: رفيق الظلام والنيران فلتعلن ولاءك لملكك.
شعر بحركة خفيفة بالكهف المعتم ثم نوراً خافت منبعث من النيران المتأججة بداخل جسد هذا الكائن المريب ليظهر أمامه بجسده الضخم المكون من النيران السائلة بداخله كأنها دماء تنبض بالعروق، جسده يشبه التنين ورأسه تشع بالنيران. لا يمتلك عينان فقط وجهاً مشع بالنيران الحارقة، ذيله طويل للغاية، محاط بطبقة من النيران الحمراء…
رفع قدميه أرضاً ثم أخفض رأسه كدلائل طاعته للومان الذي يرمقه بنظرة فخر و ابتسامة حالمة للأستيلاء على عرش ملك السراج الأحمر، نعم فهو يعلم أن مفتاح العرش بقتل لوكاس…
بجناح الملك…
كان يقف والحزن يخيم على وجهه. حتى الغضب لم يرأف به فاتخذ مكانه بين قسمات وجهه.
ولجت الملكة بُوران للداخل تتأمله بخبث لرسم البهجة على وجهه فأقتربت منه قائلة بملامح ثابتة مصطنعة: أكنت تحبها؟
أفاق الملك على صوتها فأستدار لها بملامح تحمل للدهشة عنوان قائلاٍ بذهول: ماذا؟
أحتفظت بملامح وجهها المتعصبة فأبتسم الملك بسخرية: لا أصدق ذلك!
رفعت عيناها بغضب مصطنع: أريد إجابة على سؤالي.
كبت الملك غضبه بحكمة: لم أحب مثلك من قبل بُوران
أقتربت منه قائلة بجدية: اذا ما بك؟ ولما أراك حزيناً منذ وفاتها؟
خرج صوته المرتفع بعض الشيء: تخلى عن كونك زوجة وانظري لما حدث ملكة السراج الأحمر.
كأنه تعمد تذكرها بلقبها ليسترسل حديثه بغضب بدا لها: ملكة حوريات الجحيم قُتلت هنا بمملكتنا! هذه أهانة كبيرة بحق المملكة حتى وأن كان مقتلها على يد تابعيها.
أقتربت منه بُوران بعد وهلة من الفكر: أشعر بك ومازال الغضب يكاد يقتلني ولكن لا عليك فهؤلاء اللعينات نالت جزائهن المناسب لما فعلن. عليك الآن بإعداد ترتيبات إعلان راوند ملكة لحوريات الجحيم فهي الملكة المنتظرة وحينها ستتضمن جيش الحوريات بأكمله.
أشار لها بخفوت ثم تخفى ليظهر بالقاعة الأساسية ويخبر تابعيه بأعداد حفل تتويج راوند ملكة للحوريات…
بجناح، بيرت
ولج من الخارج ليجدها تجلس على الحجر الأسود الضخم بشرود، تحمل السكين بين يديها وعيناها تلمع بدمع يكاد يكون ظاهراً…
جلس جوارها وضعاً يديه على يدها بأبتسامته العذباء فأستدارت له قائلة بسخرية: أتظن أنني حزينة على ما حدث للملكة؟
تطلع لها بأستغراب لتتعالي ضحكاتها بجنون رغم عيناها الدامعة الا أنها مازالت تتقن على تمثيلها القوة والقسوة: لا بيرت لست حزينة على ما حدث، تستحق أكثر من ذلك أخبرتها كثيراً بأنهم حيات لعينة ولكنها لم تمنح لي فرصة الحديث كانت لهم عون وسند! تتعمد أن تنصفهم دائماً حتى شعرت بأنى أمري لا يعينها…
تمرد الدمع على خديها ليجففه بأصابعه بحنان لتقول هي بدموع: لم أشعر بأنى على قيد الحياة الا حينما ألتقيت بك حتى أني وجهتها بقوة غير عابئة بعقابها اللعين أجل أنا لا أشعر بالحزن لأجلها.
زاد الدمع ومازالت تتحدث ليجذبها لأحضانه سريعاً لتبكي بصوتٍ مسموع وتستسلم لدموعها قائلة ببكاء: ولكني كنت أحبها بيرت لأنها أمي بنهاية الأمر كل ما تمنيته أن تنسى ولو لدقائق أنها ملكة حوريات الجحيم كل ما أردته هو دقائق لي أن تمنحني وقتٍ حتى ولو كان ثانية واحدة ولكنها لم تفعلها!
لمعت عين بيرت بالحزن لأجلها فأحتضنها بقوة قائلاٍ بهمس: اهدئي حبيبتي فأنا لجوارك.
أستكانت بين ذراعيه تاركة دموعها تغوص معها بنومٍ يحمل الشقاء بين دفوفه أما هو فنقلها للفراش برفق وظل بجوارها يتأملها باهتمام ثم هبط للقاعة ليرى لماذا يريدهم الملك؟
بالكهف…
تفاجئ كيفن بهم فوقف سريعاً يتأملهم بأستغراب لتقترب منهم روكسانا قائلة بابتسامة جاهدة للخروج: ألم يحملكم الحنين للكوكب؟
رددت لينا بصدمة: الأرض!
أشارت لها بتأكيد فأقترب منها كيفن وهو يتطلع للوكاس بنظرات شك: هل سيعاونا على ذلك؟
أشارت له بتأكيد، فتطلع له كيفن بزهول قائلاٍ بأستغراب: ولما سيفعل ذلك؟
إبتسم لوكاس قائلاٍ ويديه تتلمس وجهها: للحفاظ على عشقي.
تعجب كيفن من إبتسامة روكسانا فعلم بأنها فهمت ما قاله ليتحدث بصدمة: ماذا يحدث روكسانا؟
لم يرد لوكاس أن يظل كثيراً فترك الكهف لهم لحرية الحديث
لتجيب بهدوء: ما يحدث أشبه من الخيال كيفن
ضيقت لينا عيناها بعدم فهم بينما صعق كيفن من تسرب شك ما يحدث بينهم ؛ فأقترب منها قائلا بحزم: أخبرينى ماذا يحدث الآن؟
أستدارت له بتوتر قائلة بحزن: أعلم أن ما سأخبرك به جنون ولكنى أحببت لوكاس حقاً
: ماذا؟
قالها كيفن بصدمة كبيرة لتشير له بتأكيد وضعت يدها على جنينها: أنا الآن أحمل بداخلي كائن قوي للغاية حتى أنه حماني كثيراً مما تعرضت له بداخل تلك المملكة…
توالت الصدمات تلو الأخرى ليخرج صوته أخيراً: لا أصدق، كيف حدث ذلك؟
جلست أرضاً تطوف بذكرياتها لتقص له ما حدث منذ دلوفها للمختبر وحتى لحظة جلوسها أمام عيناه…
لينا بصدمة: الأمر أشبه بأسطورة خيالية سخيفة!
كيفن بسخرية: وجودنا هنا أكبر أضحوكة لذا علينا العودة سريعاً كل ما عليه فعله هو ايصالنا للسفينة ثم يترك الأمر لي
أشارت له لينا بأمل العودة للكوكب فهى بمثابة حلمٍ مخيف تحاول جاهدة للأستيقاظ منه. فقالت بخوف بعدما ترددت كلمات روكسانا لها: ولكن ماذا لو كان الكائن خطراً عليها أو على الكوكب بأكمله؟ نحن لا نعلم ماذا تحمل برحمها فكيف سنخاطر هكذا!
تطلعت له روكسانا بخوف وهي تمسد على بطنها برعب ليقطعها كيفن بهدوء: سنقرر فيما بعد ولكن علينا الخروج من هنا أولا…
ولج لوكاس يتطلع لها بنظرات ثابتة ثم خرج صوته أخيراً: سأنقلكم للسفينة.
تطلع لها كيفن بأنتظار ترجمتها بعدما علم بقدرتها على فهم ما يقول، فقالت بصوتٍ حزين وعيناها على لوكاس: سيفعل ذلك.
ابتسمت لينا بسعادة ليحملها لوكاس سريعاً ثم يتخفى ليخترق حاجز المملكة غير عابئ بالقوانين لأجل بشرية! أجل بشرية جعلته يحطم القوانين بترحاب وصدرٍ رحب، فربما لا يعلم بأنها خلقت لأجله هو…
التعليقات