رواية حزن بين أحضان الفرح الفصل الخامس والسادس بقلم حازم الباشا (حصرية وجديده في مدونة الشروق للروايات)
رواية حزن بين أحضان الفرح الفصل الخامس والسادس بقلم حازم الباشا (حصرية وجديده في مدونة الشروق للروايات)
رواية ” حزن بين احضان الفرح ” – الحلقه الخامسه
خرجت سوسو من مكتب الرائد فاروق ، الذي سارع بالإتصال ب جوري ، ودار بينهما هذا الحوار …
الرائد فاروق :
الو مساء الخير
ازيك يا دكتوره
رد جوري بترحاب مصطنع :
مساء النور
الحمد لله منيحه
نشكر الله
وانت كيف حالك حضرت الضابط
رد فاروق :
الحمد لله
انا هابعت لك صوره دلوقتي على الواتس
وعاوزك تقوليلي
هل هي دي صوره سواق التاكسي
اللي قابلتيه ولا مش هي
تفقدت جوري الصوره ، ثم ردت بتوتر واضح :
نعم هو ده احمد
لكن بتلصوره مبين انه متأنق
ولابس اشي بدله غاليه
انا محتاره كتير يا حضرت الضابط
كيف سواق تاكسي يلبس هيك شكل
رد فاروق بسعاده واضحه :
يا جوري ده واحد من اخطر المجرمين في مصر
وشهرته روسيا
قليل جدا اللي يعرفوا
اسمه الحقيقي
واحنا بنحاول نقبض عليه من فتره طويله
لكن للاسف هو ذكي جدا
ومش عارفين نمسك عليه دليل
ردت جوري وهي تبكي :
اما ما قادره اصدق اللي عم بسمعه منك
اكيد في شي غلط بهالحكي
احمد مستحيل يكون مجرم
ده انسان طيب ومزواق وابن حلال
ايه هي جريمته اللي بسببها مطلوب للعداله
ممكن تفهمني ارجوك حضرت الضابط
رد فاروق بكل تحفز :
هو ايه الموضوع بالظبط
ممكن افهم
هل تربطك بالمجرم ده اي علاقه
ياريت تحكيلي بكل صراحه
لاني مقدرش اثق فيكي واعتمد عليكي
الا لما اتاكد انك تستحقي الثقه دي
وعموما البني ادم ده قاتل
ومهرب لكل انواع المحظورات
من مخدرات واسلحه واثار
وعاوز اقولك على موضوع كمان
احنا شاكين انه كان سبب في الحريقه
اللي حصلت من كام سنه
في نفس المطعم اللي حضرتك شغاله فيه !!!
زاد رعب وبكاء جوري وهي ترد بحسره :
ما فيك تقلق يا حضرت الضابط
ما في بيني وبين هالحيوان اي شيء
واذا هو فعلا قاتل كيف ما بتحكي
فأنا هاكون اول شخص يساعد العداله
انه ياخد جزاءه وينعدم
رد فاروق بكل هدوء وثقه :
يبقى اتفقنا يا دكتوره جوري
انا كل اللي هاطلبه منك
انك تقوي صداقتك بيه
وتعرفي عنه كل شيء ممكن
يخلينا نقدر نقبض عليه
وطبعا كل ده هيتم في سريه تاااامه !!!
ومن ناحيتي انا
مش بس هامنع السلطات انها تتعرض لك
بسبب موضوع الاقامه ده
لا ده انا هاعمل كل جهدي انك تاخدي
اقامه ساريه مدى الحياه
انتهت المكالمه واغلقت جوري الخط ، ثم انخرطت في موجه بكاء محمومه
فهي الان مطالبه بأن تقود روسيا الى حتفه !!!
فبعد ان كان احمد هو اقرب شخص الى قلبها ، فقد اصبح الان هو اكثر شخص تبغضه في هذا العالم
فهو الان نموذج متجسد للظلم والووحشيه والدموويه ، التي عانت بسببهم طوال طفولتها ومراهقتها !!!
——————-ء
وفي المساء من نفس الليله …
ومن داخل قلعة روسيا الحصينه
كانت صفاء قد ذهبت للاطمئنان على صحه روسيا ، وقد اصر والدها الحاج ” صابر علوان ” على اصطحابها بنفسه الى هناك
وما ان وصلوا الى بوابه القصر ، حتى استقبلهم زاهر ، الزراع اليمنى لروسيا ، قائلا بتهكم واضح :
يا اهلا يا اهلا
يا ترى ايه سبب الزياره السعيده دي
يا حاج صابر
ما تقولش اننا وحشناك
ردت صفاء بتوتر :
اهلا يا حاج زاهر
انا وبابا جايين نطمن على روسيا
لاني عرفت انه تعبان
وضهره واجعه
رد زاهر بابتسامه مصطنعه :
فيكم الخير يا جماعه
بس الحمد لله روسيا بخير
بس روسيا للاسف خرج
تدخل صابر في الحوار
طب هنفضل واقفين
ولا ناوي تتعطف وتدخلنا
ولا الحاجه انتصار
هي كمان مش موجوده !!
رد زاهر وهو يبتسم ابتسامه خبيثه :
اتفضل يا حاج
بيتك ومطرحك
ثواني ابلغ الحاجه بزيارتكم الكريمه دي
ودخل الجميع وقد ارتدت انتصار ثوبا انيقا ، ونزلت من الدور العلوي وهي تقول بكل ترحاب :
يا خطوه عزيزه
اهلا يا حاج صابر
ازيك يا صفاء
مش كنتوا تقولوا يا جماعه
انكم جايين
كنا عملنا حسابنا
وكان احمد قعد استناكوا
تقدم منها صابر وصافحها بكل حماس قائلا بابتسامه عريضه :
اهلا بيكي يا ست الكل
انا واللهي من ساعه ما البت صفاء
قالتلي ان روسيا تعبان
وانا حلفت اني لازم اجي بنفسي اطمن عليه
جلس الجميع ، وتسللت صفاء لتتحدث على انفراد مع زاهر ، بينما انتهز صابر الفرصه ، وقال مخاطبا انتصار بصوت هامس :
وحشتيني يا نصنوصتي
انا خلاص ما بقتش
عارف اودي الشوق ده فين
بحبك يا بت
ردت انتصار بنفس الصوت الهامس :
اتلم يا صابر
انت عارف كوبس لو احمد
شم خبر باللي انت بتهببه ده
مش هيحصل كويس
تنهد صابر ورد بكل حنيه :
طب واخرتها يا نصنوصتي
اعمل ايه عشان احل مشكله
ابنك اللي واقف لنا
زي اللقمه في الزور ده
انفعلت انتصار وردت بكل حسره :
انا ابني ده اهم عندي من روحي وحياتي
ومستحيل اعمل اي حاجه تزعله او تضايقه
وبعدين احنا خلاص كبرنا يا صابر
على الحب والجواز والحاجات دي
رد صابر بكل تأثر :
لا يا انتصار
انتي زيك زي اي ست في الدنيا
من حقك تحبي وتتحبي
وتسمعي كلام حلو
وتتعاكسي
وتتحضني
وتلبسي قمصان نوم وتتغندري
ردت انتصار بخجل يكسوه ضيق :
هانبدأ نعك في الكلام بقا
وهتلاقي كف ايدي
معلم على وشك يا صابر
رد صابر وهو يكتم ضحكته :
وماله يا نصنوصتي
ضرب الحبيب زي اكل الزبيب
وانا بموت في الزبيب
نظرت اليه انتصار باستنكار وتعجب ، ثم قالت بانفعال :
ولما انت هاتموت عالزبيب
ما تروح تتجوز بت حلوه وصغيره
وهي بقا تدلعك وتفرفشك
ويا سعدها وهناها اللي
تتجوز صابر علوان باشا
قاطعها صابر وهو يمسك يدها برفق وحنان :
كل البنات والنسوان اللي في الدنيا
ما يساووش عندي خصله من شعرك
انتي يا انتصار
وانتي عارفه كويس اني كنت بحبك
من ايام ما كنا عيال صغيره
وانتي كمان كنتي بتحبيني
بس اهلك غصبوكي تتجوزي
من “مرسي” الله يرحمه
وفي رد فعل مباغت ، سحبت انتصار يدها من يد صابر ، وقالت بحزم شديد :
مالوش لزوم نفتح في الماضي
يا صابر
مرسي الله يرحمه كان صاحب عمرك
وانا عشت معاه اجمل ايام عمري
واللي جاي من عمري هاعيشه
لابني وروح قلبي احمد
وانا راضيه بحياتي كده
رد صابر بكل غضب وهو يقف استعدادا للرحيل :
لا يا انتصار
انا هاكلم احمد في موضوعنا
وهاطلب منه ايدك
واللي يحصل يحصل
ثم تقدم خطوتين باتجاه زاهر وصفاء وقال بصرامه :
يلا يا صفاء
احنا خلاص عملنا الواجب
حصليني على العربيه
سلامو عليكو
رد زاهر بكل تهذب ، وهو يرافق صابر وابنته الى سيارتهم :
انستو ونورتوا يا جماعه
متشكرين يا صابر بيه
في امان الله
انلطت صابر وابنته بسيارتهم مغادرين قصر روسيا ، بينما عاد زاهر الى الحاجه انتصار ، قائلا :
اي اوامر يا حاجه انتصار
انا هاروح اكمل شغلي
ردت انتصار بهدوء :
استنى يا زاهر
البت المسلوعه دي كانت عاوزه منك ايه
خدتك على جنب وقاعدت ترغي ساعه
خيررررر !!!
رد زاهر بابتسامه خفيفه :
بصي يا حاجه
البت دي بتحب ابنك حب عباده
وابنك قالبها زي فردة الشراب
ومش بيديها اي وش
والنهارده كانت هتموت وتعرف روسيا فين
وانا ما ادتهاش اي عقاد نافع
قلتلها خرج يشم هوا
ويلف شويه بالتاكسي !!!
———————–ء
وفي نفس الاثناء ….
ومن داخل اروقة المطعم
كان العمل قد انتهى وبد عاد الجميع الى منازلهم ، ولم يتبقى سوى جوري وفاتن ، اللتان قد ارهقهما هذا اليةم الحافل بالاحداث ، فخلدا الى فراشهما في احد اركان المطعم
وقد اعتلى الحزن الشديد ملامحهما ، فبادرت فاتن بالكلام وقالت :
بصي يا جوري
احنا مش هنفضل عايشين كده
نبات كل ليله في ارضيه المطعم
احنا لازم ندور على سكن
ونعيش سوا
ولا انتي ايه رايك ؟
ردت جوري بكل اسى وحزن :
معك حق احنا يلزمنا مطرح ادامي
نعيش بيه بس هالشيء مكلف
وانا وانت ما معنا اي مصاري
حتى نجيب سكن وفرش واغراض
كيف بدنا نتصرف !!!
حتى ندبر هالمصاري !!!
ردت فاتن :
احنا بكره لازم نكلم مستر عبد الفتاح
ونطلب منه سلفه
وتتخصم من مرتبنا جزء كل شهر
ومش ضروري نجيب عفش في الاول
انا بعد استلم ورقة طلاقي من الزززفت منير
هاخد عفشي وهاجيب زيزو يعيش معانا
ردت جوري وقد لمعت الدموع في عينيها :
هالموضوع راح ياخد وقت طويل
وانا فبالي فكره تانيه
ممكن تحل الموضوع
راح اخبرك بيها في وقتها باذن الله
تحركت فاتن واحتضنت جوري بكل حنان وقالت :
مالك يا جوري
انتي مش على بعضك
من ساعة المكالمه اللي جتلك
من ساعتها وانتي حزينه ووشك مقلوب
مين اللي كلمك
وقالك ايه ضايقك اوي كده !!!
ردت جوري بحسره :
هذا موضوع خاص فيني
وسامحيني فاتن
ما حابه احكككككك
وفجاة …
قطع حوار جوري طرقات خفيفه على الباب ، فانتفضت فاتن ، وقالت بلهفه :
ده اكيد الواد احمد بتاعك
ردت جوري وهي تتوجه نحو باب المطعم :
اتصور انه فعلا احمد
ياريت ما تحكي امامه اي شيء
عن موضوع التحقيق ومرواحتنا لقسم الشرطه
ارجوك يا فاتن
وبالفعل …
فتحت جوري الباب لتجد احمد ، فقابلته بترحاب وقد رسمت على وجهها ابتسامه مصطنعه ، وقالت بارتباك :
اهلين احمد
كيف حالك
وكيف ظهرك الان
رد روسيا ، وقد لمح حالة الارتباك الواضحه على صوت وملامح جوري :
ازيك يا جوري
انا الحمد لله تمام
بس انتي اللي فيكي حاجه
هل انا جيت في وقت مش مناسب !!!
ردت جوري وهي تحافظ على ابتسامتها :
بالعكس المكان يتنور بيك باي وقت
وانا كتير فرحانه بشوفتك احمد
خصوصا بعد هالموقف البطولي
وانك انتزعت الفيديو تبع فاتن
برافو عليك
بس انت كيف بدلته بفيديو تاني
كيف سويت هالشيء ؟؟؟
رد روسيا باقتضاب :
اهم حاجه اننا حلينا المشكله
مفيش داعي تشغلي بالك بالتفاصيل
دي حاجات بتتعمل بالكمبيوتر
عن طريق برامج بتشتغل بالذكاء الاصطناعي
ردت جوري بنبره اعجاب مزيفه :
ما شاااااء الله عليك
واضح انك فهمان ودارس منيح
انت شو دراستك يا احمد
ووين ساكن
وليش ما حابب تحكي اي شيء عنك
وعن حياتك
بدأ الارتباك واضحا على ملامح روسيا وهو يقول بصوت متلعثم :
جوري ارجوكي
انا فعلا عاوز احكي لك كل شيء عني
لكن مش هينفع دلوقتي
ما تستعجليش واستحمليني شويه
انا بس حبيت اطمن عليكم
ولازم امشي
ردت جوري بانفعال :
واضح انك مليت مني ومن اسئلتي
عموما انا اسفه
ما راح اسألك عن اي شيء تاني
وكتر خيرك على االي سويته معنا
شعر روسيا بضيق جوري من جراء تكتمه الشديد عن تفاصيل حياته ، فقرر تلطيف الاجواء ، وقال بصوت حنون :
جوري انا مش عاوزك تزعلي مني
وفي نفس الوقت مش حابب اكدب عليكي
واقولك تفاصيل غلط عن شخصيتي الحقيقيه
انا مش سواق تاكسي
زي ما انتي فاهمه
انا حياتي معقده جدا
وفيها جانب مظلم
انا مش حابب انك تعرفيه دلوقتي
لكن الحاجه الوحيده اللي لازم تعرفيها
ان اجمل وقت في يومي
هو الوقت اللي بشوفك فيه
قتل ذلك ثم امسك اطراف اصابع جوري برفق ، ورفعهم للاعلى ، باتجاه شفتيه ، ثم وضع قبله حانيه داخل كف جوري
فشهقت جوري واهتز جسدها بشده ، ثم انسحبت مسرعه ودخلت الى المطبخ وصكت بابه بقوه ، تاركه روسيا يقف وحده في قاعه المطعم !!!
كانت جوري مرتبكه لاقص حد …
فهي لا تعلم هل ارتعاشه جسدها نبعت من تاثرها العاطفي تجاه احمد ، ام من رهبتها من روسيا الذي اكتشفت انه مجررم خطيرر !!!
فانفجرت في نوبه بكاء ، وقد اقتربت منها فاتن واحتضنتها برفق ، ثم قالت :
مالك يا جوري
انتوا اتخانقتوا ولا ايه
صلي عالنبي كده
واحكيلي ايه اللي عمله
مقصوف الرقبه ده
اللهي ينشك في قلبه
ردت جوري وهي تغالب دموعها :
والله انا اللي قلبي مشقوق نصفين
وما عارفه كيف اتصرف
الله يعني على هالورطه اللي
غرزت حالي فيها
وبعد بضع دقائق …
كانت جوري قد هدأت بعض الشيء ، وتهللت اساريرها عندما سمعت خطوات احمد تقترب من الباب ، وقالت باندهاش :
شو هادا
احمد ما رحل
ولساته هووون
وقبل ان تكمل جوري عباراتها ، كانت قد اندفعت مسرعه لتفتح باب المطبخ ، وتجد ان مفاجأه من العيار الثقيل في انتظارها !!!
فقد وجدت نفسها في مواجهه ثلاثه رجال ، ضخام البنيه ، كل منهم يحمل سلاحا ناريا ضخما
فبادرها احدهم وهو يصوب فوهه سلاحه نحو رأسها :
ولا كلمه يا اموره
لو صوتك طلع
هتلاقي الرصاصه في نافوخك
انتي وصاحبتك
حاول كلا من فاتن وجوري الصراخ ، الا ان خوفهما من العواقب الوخيمه قد منعهما
وبسرعه البرق …
قام المسلحون الثلاثه بتقيبد وتكميم الفتاتين ، ثم تخديرهما
وسقطت جوري وفاتن في حالة اغماء ، وقد فقدتا وعيهما تماما
————————–ء
ومرت بضع ساعات على تلك الواقعه ، حتى استفاقت جوري تدريجيا ، وتكتشف انها مازالت مقيده ومكممه الفم ، في غرفه صغيره مظلمه ، فحاولت ان تصرخ وتستغيث بأي شخص لنجدتها
ومرت دقائق حتى دخل احد المسلحين وقال بلهجه سوريه سليمه :
اذا ما بطلتي صياح
راح ارزعك كف
يخلع راسك عن جسمك
باقي كام ساعه ونوصل طرطوس
ارتعبت جوري بشده ، وتفقدت الغرفه ونوافذها ، لتكتشف ان تلك الغرفه ، تقع داخل سفينه عملاقه !!!
وقد ادركت ان تلك السفينه تشق البحر في طريقها الى الشواطيء السوريه !!!
(انتهت الحلقه الخامسه)
رواية ” حزن بين احضان الفرح ” – الحلقه السادسه
كانت جوري قد استفاقت من اثار التخدير ، لتجد نفسها مقيده في غرفه مظلمه ، بداخل سفينة بضائع متوجهه الى ميناء طرطوس السوري !!!
ومرت الساعات بطيئه ومؤلمه …
وهي تتذكر كم المعاناه والالم التي تعرضت له في موطنها سوريا ، وكيف استطاعت ان تفلت من تلك الجريمه التي تم تلفيقها لها ظلما ، وظلت تحدث نفسها وهي تبكي …
(شو ذنبي يا ربي)
(شو سويت حتى يصير فيا كل هيك)
(انا ماني معترضه على قضائك يا رب)
(لكن الموت عندي ارحم من اكون مجرد محظيه في قصر هالكلب اللي اسمه “نزار الصباغ” )
(انا تركت اهلي وبلدي حتى اخلص منه ومن شره)
(وشربت المر بمصر ، وكنت رضيانه بحالي)
(كيف وصلي هالكلب ، كيف عرف بمكاني)
(بس نوصل عالشام ، وهالمره راح ااوصه واخد عمره)
(ما بخليه يمس شعرايا مني)
وظلت جوري تبكي وتندب حظها ، بينما تواصل السفينه شق طريقها في البحر بإتجاه السواحل السوريه !!!
————————-ء
ونعود بالاحداث قليلا الى الوراء
الي مساء الليله السابقه
عندما خرجت صفاء وابوها من قلعه روسيا الحصينه ، وقد اخبرها “زاهر” عن خروج “روسيا” للتنزه ، بتلك السياره التاكسي القديمه !!!
وهنا ادركت صفاء ان “روسيا” قد خدعها ، عندما اخبرها بأنه قد تخلص من تلك الفتاه السوريه ، التي كانت بالمطعم وقامت بضرربها وتخديررها !!!
لم تكن صفاء تكترث لمعرفة تلك الفتاه السوريه بسر ما حدث بالمطعم في تلك الليله
فهذا الامر يخص روسيا فقط ، فهو من كان يشدد على سرية ذلك الامر !!!
الا ان غياب روسيا المتكرر في كل ليله ، واستمراره في التنكر والخروج بتلك السياره التاكسي المتهالكه ، قد اثار هواجسها
خصوصا انها رأت مدى جمال وجاذبيه تلك الفتاه السوريه ، فايقنت بأن امرا ما يحدث بين روسيا وتلك الفتاه !!!
وعلى الفور ، امرت بعض الرجال الاشداء ، من اتباع والدها ، الذين كانوا يدينون لها بالولاء ، بأن يذهبوا فورا الى ذلك المطعم ويراقبوه من دون ان يشعر احد !!!
وكانت الفاجأه …
فبعد لحظات اتصل بها احد الرجال من امام المطعم ليخبرها بوجود تلك السياره الاجره كما وصفتها لهم صفاء ، ودار بينهم ذلك الحوار
افتتح الرجل المسلح المكالمه ، وقال بكل صرامه :
توفيق معاكي يا صفاء هانم
وزي ما سعادتك توقعتي
لقينا التاكسي اللي وصفتيه
راكن قدامي اهوه قصاد المطعم
وانا معايا الرجاله وراكنين بعيد
زي ما حضرتك امرتي
ردت صفاء بحسره :
طيب يا “توفيق”
محدش يعمل اي حاجه
افضلوا مراقبين الوضع
لحد ما صاحب التاكسي يخرج
بعد كده تدخلوا بهدوء
هتلاقوا بت سوريه
تربطوها وتخدروها وتجيبوهالي
رد توفيق بنفس الصرامه :
اوامرك يا صفاء هانم
وبالفعل …
انتظر اتباع صفاء ، حتى خرج روسيا من المطعم ، ثم تسللوا بخفه فوجدوا جوري ومعها فاتن !!!
فقاموا بتخديرهم وتمكيمهم ، ثم عاود “توفيق” الاتصال بصفاء مجددا …
توفيق بارتباك :
صفاء هانم
حصلت مشكله صغيره
احنا لما دخلنا المطعم
بعد ما سواق التاكسي خرج
زي ما حضرتك امرتي
لقينا اتنين ستات مش واحده بس !!!
فاضطرينا نكتفهم ونخدرهم هما الاتنين
ومنتظرين اوامر معاليكي
هنعمل ايه فيهم دلوقتي ؟؟؟
صفاء بغضب :
اتنين ازاي
الله يخرب بيت غبائك
فتش لي في بطايقهم
انا عاوزه البت السوريه بس
تجيبها لي على المخزن بتاعنا
والبت التانيه فكها وسيبها
قالت صفاء تلك العباره الاخيرة ، ثم اغلقت الخط في وجه توفيق !!!
وبعد لحظات عاود توفيق الاتصال بصفاء وقد بدى على صوته فرحه عارمه :
عندي ليكي خبر بمليون جنيه يا صفاء هانم
البت السوريه طلعت اقامتها منتهيه
ايه رايك نرميها قصاد اي قسم شرطه
وهما يرحلوها
هنا لمعت عيون صفاء ، وقالت بكل خبث :
لا يا توفيق
انا عندي خطه احلى بكتير
انا هارحلها بنفسي
مع السلاح اللي متهرب الليله على سوريا
تطيروا حالا وتسلموها لرجالتنا في اسكندريه
والفعل …
في اقل من ثلاث ساعات كانت جوري قد تم وضعها على تلك السفينه المتجهه الي سوريا ، والتي كانت محمله بأسلحه مهربه تخص والدها صابر علوان
وكانت تعليمات صفاء مشدده جدا لكل رجالها على السفينه ، بأن يتم تسليم جوري الي السلطات السوريه بمجرد وصولها الى سوريا
——————-ء
نعود الى جوري مره اخرى …
فقد كان التعب والجوع والعطش قد استبد بها ، فصاحت في احد حراس الغرفه :
فكوني يا حيوانات
الله يلعنكم
ويلعن سيدكم يللي مشغلكم
والله لو بيكون اخر رجال بهالعالم
ما اراح اتزوجوا
ولا راح يمس شعرايه واحده من راسي
الموووت اهون عندي من الحياه
مع واحد مجرم مثله
انفتح باب الغرفه المظلمه ، ودخل احد الرجال حاملا بعض المياه والطعام ، وقال بكل غلظه :
اذا بسمع صياحك هادا مره تانيه
بكتم نفسك لحتى نوصل طرطوس
راح افك يدك لتاكلي بكل ادب
بس قسما بالله لو ما انهديتي
لاحرمك من الاكل والشراب
حتى اخر الرحله
انكمشت جوري في رعب وقالت :
الله يستر عليك ويهديك
اعتبرني مثل اختك
ورجعني تاني على مصر
انت مبين حد محترم
واكيد انت ما بتقبل ان اختك
ياخدها واحد قهر وغصب
رد الرجل وهو مندهش :
عن شو بتحكي انتي !!!
لا في راجل ولا في غصب
احنا بس نوصل على طرطوس
راح نسلمك لحرس الحدود
ارتعبت جوري بشكل اكبر وبدات في البكاء :
هيك راح انسجن ظلم
بجريمه دبرها لي هالحيوان ” نزار الصباغ ”
رد الرجل بانفعال :
انت بتعرفي الزعيم نزار الصباغ !!!
الان لازم تحكي لي الموضوع من اوله لاخره
بلكي بقدر اساعدك
تنهدت جوري بعمق ، واستجمعت طاقتها ، وبدات تقص على الرجل تفاصيل علاقتها مع نزار الصباغ الملقب ب ” الزعيم ، وقالت بحسره :
القصه بدأت لما كنت معزومه بعرس صديقه لي
وهالحيوان كان موجود بالعرس
وحاول يتقرب مني ونتعارف
لكني ما ارتحت له
وقلت له ينقلع من وجهي
بعدها عرفت انه زعيم عصابه
وانه متزوج اكتر من مره
وله محظيات يسدو عين الشمس
وان الكل يخاف منه ومن بطشه
وظل يطاردني انا عيلتي
ويهددنا اني اذا ما قبلت اتزوجه
راح يدمر حياتي !!!
سكتت جوري قليلا وهي تحاول منع دموعها من الانهمار ، فبادر الرجل باعطائها منديل من جيبه ، وقال بصوت هاديء :
وشو صار بعد
شو عملتي معه ؟
ردت جوري بنبره يكسوها الحزن :
ها لحقير لما ما لقى مني اي تجاوب
راح لفق لي قضيه قتل
ومن بعدها هربت من البلد
ورحت على مصر
واضطريت اشتغل طباخه بمطعم
برغم اني طبيبه اطفال
واتحملت كتير عذاب وقهر
حتى ما يعرف يوصل لي
هذه كل حكايتي مع الحيوان نزار
انتهى حوار جوري مع الرجل ، الا انها لم تكن تعلم بأن هذا الرجل الدنيء سوف يستغل مأساتها ، ليتاجر بها !!!
فما ان اقتربت السفينه من السواحل السوريه ، حتى قام الرجل بالاتصال بنزار الصباغ
وعرض عليه ان يسلمه جوري ، مقابل مبلغ كبير من المال !!!
وقبل نزار عرض الرجل ، واتفقا على ان يتم تسليمه جوري فور وصول السفيه الى ميناء طرطوس
——————–ء
وفي القاهره …
وفي نفس تلك الاثناء من داخل المطعم
فمع ساعات الصبح الاولى ، كان العاملون بالمطعم قد وصلو ، ليجدوا فاتن في حاله اغماء ، فقاموا بافقاتها ، ما ان استفاقت من تاثير المخدر ، حتى اخبرتهم بما حدث ، وقد اصبح من الواضح للجميع بأن هؤلاء الملثمون قد قاموا بخطف جوري !!!
حيث دار هذا الحوار بين فاتن وبين مستر عبدالفتاح مدير المطعم …
فاتن برعب :
ارجوك يا مستر عبدالفتاح
لازم بسرعه نبلغ البوليس
ان جوري اتخطفت
رد عبدالفتاح مدير المطعم بتوتر واضح :
اعقلي يا فاتن
انا ما اقدرش ابلغ البوليس
بان المطعم كان مشغل واحده سوريه
اقامتها منتهيه
انا كده ممكن اتحبس
والمطعم ممكن يتقفل
وحتى لو لقوا جوري
فاول حاجه هيعملوها انهم يرحلوها
على بلدها سوريا
وانت بنفسك شايفه الاوضاع عندهم
عامله ايه دلوقتي
صاحت فاتن بكل غضب :
يعني عشان مصلحة المطعم
البت خلاص تروح مننا
لا طبعا انا هابلغ البوليس
واللي يحصل يحصل
رد عبدالفتاح مستعطفا فاتن :
يعني ده جزائي اني اتحبس
عشان شغلت صاحبتك دي
على مسؤوليتي الشخصيه
وجزاء كل زمايلك اللي اتستروا عليها
انهم يتقطع عيشهم
بعد ما المطعم يتقفل !!!
لمحت فاتن نظرة العتاب في عيون كل زملائها ، وشعرت بعذاب الضمير ، فهي على وشك ان تدمر حياه كل من حولها ، واولهم حياتها الشخصيه ، فهي اكثر المتضررين ، من اغلاق المطعم ، فقالت بحسره :
انا ما يرضنيش اذيتك يا مستر عبدالفتاح
ولا عاوزه اخرب بيت اي حد شغال هنا
وبياكل عيش في المكان ده
بس بالله عليك
قولي اعمل ايه
مهو مش معقول يعني
نسيب البت الغلبانه دي تضيع ببلاش كده
رد عبدالفتاح بكل صرامه :
ولا انا هاقبل ان جوري يجرالها حاجه بسببي
او بسبب المطعم
دي زي بنتي
بس خلينا نفكر بالعقل
اصبري ٢٤ ساعه
لو جوري ما ظهرتش
انا بنفسي هابلغ البوليس
استسلمت فاتن لمطلب مستر عبدالفتاح ، وظلت طوال اليوم تدعو الله ان تعود جوري سالمه الى المطعم
وكان يداعبها امل كبير بأن يظهر احمد ، وينقذ جوري
كما استطاع ان ينقذها هي من كارثه الفيديو !!!
——————–ء
وبالفعل …
مع انتهاء ساعات العمل بالمطعم ، ظهر احمد ” روسيا” ، وقد استقبلته فاتن بسيل جارف من الدموع ، وهي تقول بصوت منتحب :
الحقني يا احمد
جوري اتخطفت امبارح بالليل
احمر وجه روسيا ، وقد اعتلاه غضب لم تراه فاتن من قبل ، وقال صائحا :
انتي بتقولي ايه
مين اللي خطفها
اهدي كده واحكيلي كل اللي حصل
وفي خلال دقائق …
كانت فاتن قد قصت كل ما حدث على مسامع روسيا ، الذي بدأ عقله يربط الاحداث بعضها البعض ، فسكت للحظات قبل ان يقول مهدئا فاتن :
اطمني يا فاتن
اوعدك ان هلاقي جوري
وان الكلاب اللي عملوا كده
هيدفعوا التمن غالي اوي
ثم انصرف مسرعا ، وقفز في ذلك التاكسي المتهالك ، واخذ هاتفه ، وقد اتصل بصفاء وقال بلهجه في منتهى الحزم :
بصي يا صفاء
حياتك وحياة ابوكي
وكل شغلكم في البلد هنا
في كفه
وحياة جوري في الكفه التانيه
ردت صفاء وقد اثارت نبره روسيا الغاضبه الرعب في قلبها :
يااااااااه
للدرجه دي بتحبها يا روسيا
وللدرجه دي انا رخيصه اوي كده عندك
يخساره كل اللي ….
قاطعها روسيا صائحا بصوت هادر :
مش وقت نحنحه وصعبنيات يا صفاء
وديتي جوري فين
انطقي
انا متأكد انك اجبن من انك تأذيها
فما تختبريش صبري عليكي
وقوليلي رجالتك ودوها فين
اخلصي
ارتعدت صفاء وقالت وهي تبكي :
ما تخافش على حبيبه القلب
هي في الحفظ والصون
شحنتها على المركب اللي
سافرت طرطوس امبارح
ورجعتها بلدها معززه مكرمه
وزمانها دلوقتي في حضن اهلها في سوريا
اشتعل غضب روسيا وقال بكل قسوه:
انتي اكيد اتجننتي
وقسما بشرفي يا صفاء
لاعيشك انتي وابوكي
في جحيم من اللحظه دي
وانا هاعرف ازاي ارجعها
وادفعك تمن اللي عملتيه ده
قال روسيا ذلك ، ثم اغلق الاتصال في وجه صفاء ، التي انفجرت في موجه من البكاء الحار
لم يكن تهديد روسيا هو سبب انهيار صفاء ، بل كان ضياع حلمها بالزواج منه ، هو السبب الحقيقي وراء احساسها بالمراره !!!
اما روسيا …
فقد انهمك في اعداد خطه انقاذ جوري ، واعادتها الى مصر
وبالرغم من استياءه الشديد من تصرف صفاء ، الا ان تصرفها ذلك قد جعله يكتشف الحقيقه الكبرى
بأن جوري قد اصبحت جزء من روحه …
وانه لا يمكن العيش بدون ذلك الجزء المضيء النقي !!!
تكملة الرواية من هناااااااا
التعليقات