التخطي إلى المحتوى

رواية داعمي الوحيد الفصل الأول 1 بقلم شيماء الصيرفي

رواية داعمي الوحيد الجزء الأول

رواية داعمي الوحيد البارت الأول

داعمي الوحيد

رواية داعمي الوحيد الحلقة الأولى

انتِ أفشل بنت في الدنيا، مش محصله بنت عمك اللي طلعت الأولى.
نزلت كلمات ماما على قلبي زي الخناجر بتطعن قلبي، اتكلمت بنبرة صوت مهزوزه وقلت…
_ هو أنا ساقطة يعني؟! منا واخده مركز.
_ عاشر واخده مركز عاشر، يعني مكان الفشله، قوليلي أوري وشي للناس ازاي دلوقتي!؟
بكرة كلنا نتجمع هتلاقي سهام تتنطط عليا عشان بنتها طلعت الأولى، وأنا مش هقدر اتكلم منا بنتي فاشله.
حاولت أمنع دموعي، لكن خانتني ونزلت، اتكلمت وأنا بمسحهم وقلت…
_ طنط سهام عمرها مهتعمل كده، حضرتك بس اللي…
قطعت كلامي وقالت…
_ اخرسي، فاشلة وكمان بتجاعمي.
نهت كلامها ودخلت المطبخ، قعدت على الكرسي وأنا حاسه إن قلبي اتفتت. كنت متوقعه انها هتفرح لما تعرف إني من أوائل دفعتي أو تاخذني في حضنها وتباركلي. لكن اللي حصل عكس دا تمامًا.
اللي حصل انها سألتني بنت سهام عملت إيه ولما عرفت إنها الأولى فضلت تزعقلي.
حسستني إني معملتش أي نجاح، وإني في قاع المحيط.
ديما حطاني في ضغط وسباق مع يارا بنت عمي، لازم أشوف يارا عملت إيه واعمل اللي أحسن منه.
بتبهدلني لو شافتني قاعده معاها أو مع أي حد من اخواتها، ديما تقولي هما أعدائنا رغم إن عمري مشوفت منهم أي حاجة وحشه.
حتي طنط سهام بتعاملني حلو جدًا رغم أسلوب ماما الوحش معاها. بتعاملني بحب مبشوفوش من ماما نفسها. أوقات كتيرة بتمني إنها تكون والدتي خاصًا لما بشوف تعاملها مع ولادها.
_ اذيك يا وعد، صحتك عامله إيه دلوقتي؟!
خرجت الجملة دي من أسامة ابن عمي.
معرفش ظهر قدامي أمتى، وقفت في جنب من السلم وبصيت لفوق خوفت ماما تكون نازله وتشوفني، رجعت بنظري ليه وقلت…
_ الحمدلله بخير.
_ جرحك كويس، يارا قالت إنك تعبتي إمبارح في المدرسة.
_ الحمدلله بقيت أحسن.
نهيت جملتي ونزلت بسرعة، سيبته واقف على السلم.
نزلت عند تيتا، كانوا متجمعين سلمت عليهم، ودخلت المطبخ أساعد تيتا وطنط سهام.
_ مامتك نزلت؟
قالتها طنط سهام، ردت تيتا وقالت…
_ منتي عارفه يا سهام، رانيا بتنزل بعد مبنخلص كل حاجة.
حسيت بإحراج من كلام تيتا ووقفت معاهم اساعدهم، كان الحوض فيه صحون عاوزة تتغسل وقفت اغسلهم، بس طنط سهام خرجتني وقالتلي ارتاح عشان جرحي ميتعبنيش.
خرجت قعدت مع ولاد عمي لكن في جانب معزول عنهم. سرحت وافتكرت قله اهتمام ماما بيا لما رجعت امبارح تعبانة، مهتمتش بتعبي وجرحي، وعلى النقيض اهتمام طنط سهام بيا.
_ مالك قاعده ساكته كده، لسه تعبانه؟
قالتها نورهان بنت عمي، اتكلمت وأنا بضحك وقلت…
_ بخير يا نور، بس يارا شكلها فضحتني.
ضحكت نور وقالت…
_ متظلميش يارا أسامة السبب.
قلبي دق بسرعة أول مسمعت اسمه، أخدت نفس وقلت…
_ ازاي؟!
_ كان واقف في البلكونه وشافكم وانتو راجعني ويارا سنداكي، فسأل يارا وعرف.
ضحكت وقلت…
_ قصدك كلكم عرفتوا.
_ انتِ اضايقتي من اللي حصل؟
قالتها يارا هزيت راسي بنفي وقلت…
_ لأ ابدأ، أنا بس اتحرجت شوية.
_ أهلًا وعد، عامله إيه دلوقتي لسه تعبانه يا حبيبتي؟
قالها عمو حسين، بصيتلهم فضحكنا كلنا.
_ في إيه يا بنات! أنا قلت حاجة تضحك؟!
اتكلمت يارا وقالت…
_ أبدًا يا بابا، أصل وعد كانت لسه بتقول كل محد يشوفها يسألها نفس السؤال وحضرتك دخلت.
قرب قعد جمبي وحط إيده على كتفي وقال…
_ المهم بقيتي كويسة.
_ الحمدلله.
قولت كلمتي وسرحت في حركه عمو، رغم إنها حركه تلقائية منه وبيعملها مع نورهان ويارا، لكنها أثرت فيا.
اتمنيت إن بابا يعملها معايا ولو مرة واحده أو يهتم لأمري.
أوقات كتيرة بتمنى أب وأم زي عمو حسين وطنط سهام. بخاف غصب عني أحسد ولادهم على الحب اللي عايشين فيه.
الكل اتجمع على سفرة بيت العيلة اللي بتجمعنا كل فترة. كان فينا اللي فرحان بالتجمع وفينا اللي مغصوب متضايق.
_ مبروك يا وعوده، فرحت أوي لما عرفت من يارا إنك رتبتي.
نهت طنط سهام جملتها بصيت لـ ماما اللي الشر كان بيطير من عيونها، رديت وقلت…
_ الله يبارك فيكي.
اتكلمت طنط سهام تاني وقالت…
_ بصراحة متوقعتش أبدًا إنك ترتبي خصوصًا بعد تعبك والعملية اللي عملتيها. دا لو يارا كانت مكانك كنت قلت بس تنجح. لكن انتِ شطوره، استمري على كده وإن شاء الله السنة الجاية تبقي أحلى دكتورة.
بصيت لـ ماما ورديت على طنط سهام وقلت…
_ إن شاءالله.
اتغدينا وقعدنا كلنا في جو عائلي، فينا اللي كان قاعد مبسوط بالتجمع دا وفينا اللي قاعد مجبر.
رغم إن الجلسة كانت ممتعه إلا إني التزمت الصمت، وكالعادة كنا أول المنسحبين من القعده.
_ شوفتي سهام وهي بتقول مكنتش متوقعه إنك ترتبي. عاوزاكي تبقي فاشلة وعاوزة بنتها تبقى الأحسن.
قالت ماما كلماتها بعصبيه، اتكلمت وقلت…
_ متظلميش يا ماما وتظني شر، هي تقصد إن تعبي كان صعب ومفيش حد في ظروفي يجيب الدرجات دي.
قصدها تعلي مني، حتى قالت إن يارا لو مكاني مكنتش هتجيب اللي جبته.
ردت ماما بضيق وقالت…
_ أيوة أيوة حللي كلامها على مزاجك، رد انت يا مصطفى على بنتك أنا جبت اخري.
رد باب وهو داخل أوضه المكتب وقال…
_ مش فاضي لكلامكم دا، عندي شغل.
رفعت ماما نبرة صوتها واتكلمت بعصبيه وقالت…
_ ومن أمتى وأنت فاضي لينا.
أخدت نفس وبصيتلي وقالت…
_ سهام دي حرباية، بتتلون وتضحك على أي حد. أسألني أنا، طول عمرها بتكرهنا وبتحب تغيظني.
لما كانت حامل مكنتش بتعرفني، خصوصًا من بعد متعبت بعد ولادتك وانكتب عليا إني مخلفش تاني.
مسكت إيد ماما وقاعدتها، اتكلمت بنبرة هادية وقلت…
_ عندك حق ممكن يبقى زي محضرتك بتقولي وممكن برضو انها محبتش تقولك عشان متجرحكيش وتفكري انها بتغيظك عشان هي حامل.
_ ايوة اقعدي براريلها معرفش عملالك ايه؟
_ إطلاقًا، أنا بس بحسن الظن، الميس في المدرسة قالتلنا نحسن الظن باخواتنا وذكرت لينا مثال وهو لو شوفنا حد في خمر بيتقطر من لحيته نحسن الظن ونقول ممكن يكون وقع عليه، ولو شوفنا حد واقف على جبل بيقول أنا ربكم الأعلى نحسن الظن ونقول دا بيقرأ الآية .
نهيت كلامي، سابتني وقامت.
بصيت لطيفها وقومت أنا كمان ودخلت أوضتي، قفلت باب الأوضه وسندت ضهري عليه، افتكرت أسامة لما وقفني ونظره عيونه اللي كان فيها لهفه.
أخدت نفس واتحركت اتجاه سريري سندت ضهري، وأنا بفتكر كلام نورهان لما قالت شافني من الشباك وأنا راجعه تعبانه. هنا أتأكد إنه فعلًا بيبقى واقف، والكام مرة اللي لمحته فيهم كان حقيقي. ابتسمت بحب لما افتكرت لكن الابتسامة دي اختفت بسرعة؛ أسامة دا ابن عمي واستحاله يحصل اي ارتباط بينا.
شيلت الأفكار دي من دماغي، واستغفرت ربي، فضلت أذكر نفسي بكلام معلمة الدين إننا منتبعش خطوات الشيطان.
قطع حبل أفكاري أذان العشاء، قومت اتوضيت وصليت وبدأت اذاكر.
كان لازم أذاكر وأذاكر كتير كمان عشان اتفوق على يارا وارضي ماما، حتى لو مذاكرتي هتيجي على صحتي وراحتي، بس لازم أعمل كده عشان مسمعش كلام يوجعني ويضايقني أكتر.
خلصت السنة بترتيب يرضي ماما ويفرحها، هنا ماما كانت بتنفش نفسها على طنط سهام.
رغم كده طنط سهام كانت بترد عليها بدعاء ليا بالتوفيق. في حين إن ماما كانت بتولع وتفضل تقول أكيد بتدعي عليكي في سرها، حقيقي مكنتش قادرة أفهم ماما بتفكر ازاي، بس كنت بدعيلها طول الوقت بالهدايه.
بدأت في السنة المصيريه في حياتي واللي هي تالتة ثانوي، هنا ماما اتحولت لشخص كل وظيفته إنه يضغط عليا ويكرهني في يارا وتمنعني إني أحضر أي درس هي فيه أو أخد درس في معاد هي فيه، مكنتش عوزاني اقابلها خالص ولا اتجمع معاها في مكان.
كنت بعمل اللي يريحها عشان أخفف الضغط النفسي من عليا، انعزلت بشكل تام وكانت حياتي بتتمثل في الدروس والمذاكره، بدأت اخس من كم الإرهاق والضغط اللي كنت فيه، كنت بدعي إن السنة دي تخلص بأي طريقة.
_ وعد.
قالها أسامة بصوت عالي، اتخضيت لما شوفته، قرب مني بخطوات سريعة وقال…
_ كنتي فين، باقيلك ساعتين متأخره عن معادك؟!
حاولت اتكلم بس معرفتش حسيت إن كل الكلمات اتسحبت مني، وبستوعب اللي بيحصل.
_ متردي ساكته ليه؟
قال جملته بصوت عالي، اتكلمت بهدوء وقلت…
_ كنت في دروسي يا باشمهندس دا أولًا، ثانيا بقا أنا ماسمحش لحضرتك إنك تتكلم معايا بالاسلوب دا.
نهيت كلامي رد عليا بتعجب وقال…
_ باشمهندس وحضرتك!
_ أه مش حضرتك ابن عمي الكبير، لازم احترمك ويبقى بينا احترام متبادل.
اتكلم بحرج وقال…
_ مقصدش ازعلك، أنا قلقت عليكي لما لاقيتك اتأخرتي على معادك، ومش قادر حتى اسأل والدتك.
_ متقلقش أنا بخلص دروس وبرجع على طول.
بصلي بنظره فيها حنين وقال…
_ مقلقش ازاي؟ انتِ زي نورهان ويارا، لازم أقلق وأخاف عليكي.
رديت بصرامه وقلت…
_ ياريت لو بتخاف عليا زي نورهان ويارا متقفش معايا الواقفه دي تاني، أظن لو نورهان ويارا ليهم ابن عم عمرك ماتحب أبدًا انه يقف معاهم كده.
نهيت كلامي وطلعت شقتنا، قلبي كان بينبض بعنف.
دخلت أوضتي وقفلت الباب، حطيت شنطتي على المكتب وقعدت على الكرسي.
سرحت في اللي حصل بيني وبين أسامة، حمدت ربنا إني رديت عليه الرد دا. أه ممكن يكون ردي قليل الزوق، بس أنا كده قفلت أي باب ممكن الشيطان يفتحه ليا أو ليه.
بصيت على السماء من الشباكي اللي كان مفتوح، رفعت إيدي وقلت…
_ يا رب أنا بشر وأنت وحدك عالم إني ضعيفة وسهل اتفتن، يا رب قويني واعصمني من الوقوع في المعصية، يا رب أقفل أي باب بيني وبين الشيطان واعصمني من إتباع خطواته يا رب.
حسيتني محتاجه إني أهدى وافصل، قومت صليت وفتحت فيديو لـ د هالة سمير عن الحب، فضلت اسمع فيديوهات كتيرة تشحني وتثبتني.
بحب ديما لما أحس إني هضعف، اجري أسمع محاضرة دينية تشحني وتثبتني.
أقدر اقول إني من اليوم دا معتش بشوف أسامة خالص، حتى في أي تجمع عائلي بكون موجوده فيه مبيكونش موجود. أحيانًا كنت بحس بحنين ليه، خاصًا إنه أول شخص حسيسني بأهتمام، بس كنت أرجع أفكر نفسي إن التفكير فيه حرام .
بدأت امتحاناتي، وبدأ الخوف والتوتر يدخل قلبي وكذلك ضغط ماما عليا، كنت بعالج خوفي بذكر الله والصلاة على النبي.
كنت بخرج من كل إمتحان ومنتظره سؤال أسامة عليا، أه العيلة كلها كانت بتطمن عليا حتى بابا اللي كان بينسى إن عنده بنت مخلفها. رغم كده كنت منتظره سؤاله برضو.
كنت بنتظره كل إمتحان لغاية أخر إمتحان، شوفته واقف قدام باب المدرسة ومعاه بوكيه فيه ورد وشيكولاته، مكنتش مصدقه عيوني، مسحتها كام مره عشان اتأكد إنه قدامي.
فضلت واقفه جوا المدرسة وبصاله وهو كان واقف برة، شافني رغم كده عمل نفسه أكنه مشافنيش.
خرجت يارا اللي جريت عليه وهو حضنها لما شافها، عطاها البوكية وهي باسته وحضنته تاني. شوفت المشهد دا وجريت على البيت، مردتش على صحباتي اللي نادوا عليا، نسيت اتفاقنا إننا هنخرج بعد الإمتحان.
دخلت البيت، لاقيت ماما في وشي، سألتني عملت ايه وطمنتها، دخلت أوضتي بسرعة، قفلت الباب عليا وفضلت أعيط.
منكرش إني زعلت من تجاهله ليا، رغم إن دا طلبي، بس أنا مكنتش بيعيط عشان كده، كنت بعيط؛ لإني لوهله سرحت واكتشفت إني مفيش حد حسسني أبدًا بالحب ولا الحنان.
اللي يشوف الصورة من برة يلاقي أب عنده شركة مقاولات مستواه المعيشي فوق المتوسط، زوجته ست راقيه عندهم بنت واحده أكيد بيعاملوها بمنتهى الحب والحنان ومدلعينها أخر دلع.
بس الصورة من جوه غير. بنت عايشة في بيت، الأب فيه ميعرفش حاجة عنها، حياته كلها شغل وبس، يمكن من كتر الشغل نسي إنه مخلف أصلًا. أم هدفها الأول والأخير إنها تبقى أحلى وأشطر ست وبنتها لازم تبقى أشطر بنت حتى لو بنتها مش قادرة تعمل دا أو مش حابه تعمل دا، تعاملها مع بنتها كله زعيق وعلاقتها كلها جفاف.
فضلت أعيط؛ لاني اتمنيت ذرة حب واحدة من اللي عند يارا سواء من أم أو أب أو أخ. عمري محسدت يارا على اللي هي فيه، بس ديما جوايا اتمنى إني ابقى زيها والاقي حنان واحتواء.
_ مبروك يا وعد، جيبتي مجموع يدخلك أي كلية.
قال بابا جملته خرجت انفاسي المحبوسه، أخدت منه الموبيل أتأكد بنفسي.
سيبت الموبيل وسجدت لله شكر على عطائه ليا.
قومت من سجدتي وبصيت لـ ماما انتظرت تباركلي أو تاخذني في حضنها، بس دا محصلش.
_ ادخل شوف بنت سهام عملت ايه؟
نهت ماما جملتها وبصيتلها بتعجب، لحظة هو كل اللي فارقلك بنت سهام.
_ ياااه دي جايبه أقل من وعد بكتير.
قال بابا جملته مسكت ماما الموبيل تتأكد، بعدين اخدني في حضنها وقالت…
_ كده أقول بكل فرحة مبروك يا حبيبتي.
مكنتش قادرة ابادلها الضمه، فضلت متجمده مكاني، مكنتش قادرة استوعب إنها محضنتنيش ولا باركتلي غير لما شافت نتيجة يارا، يعني تعبي وحصادي دا لا يعنيلها شيء غير لما تشوف نتيجة يارا.
دخلت أوضتي وسيبتها تخطط للكلية اللي هدخلها.
وقفت قدام المراية لاقيت شكلي حزين، حاولت ابتسم أو افرح مقدرتش. استغربت حالي، المفروض إن اللحظة دي منتظراها أكتر من سنة، ليه الفرحة معرفتش طريق قلبي؟!
ولا الفرحة وصلت بس اتكسرت على ايدهم قبل متدخل لـ قلبي!
_أهي الدكتورة وصلت أهي.
قالتها تيتا بفرحه، دخلت الشقة وبدأت تزغرط، أخدتني في حضنها جامد، ضمتها كانت دافيه وفيها حب، حسيت جوا ضمتها بإحساس حلو أوى عمري محسيته.
خرجت من ضمتها وهي بتقول..
_ مبروك يا حبيبتي.
ابتسمتلها بحب وقلت…
_ الله يبارك فيكي يا أحلى تيتا.
نهيت جملتي، لاقيتها فتحت شنطه جملها وخرجت منها علبه قطيفه.
_ دي هدية نجاحك.
أخدتها منها وفتحتها، كانت سلسلة عليها اسمي.
_ الله يا تيتا دي جميلة أوي، دي أحلى هدية جاتلي في
حياتي.
_ عجبتك يعني؟
_ جدًا يا تيتا فوق ما تتخيلي.
_ وصيت الجواهرجي يعمل واحده بأسمك وواحده بـ اسم يارا، واستنيت يوم النتيجة عشان تاخدوهم.
_ حبيبتي يا تيتا، خدي بقا لبسيهالي.
قضيت اليوم مع تيتا وعماتي اللي جم يباركوا، استنيت يارا تنزل بس منزلتش خالص.
استأذنت تيتا إني همشي وهروح أطمن على يارا.
وقفت قدام الباب وأخدت نفس.قبل ما أخبط، الباب اتفتح كان أسامة، هو اتخض وأنا كمان اتخضيت.
_ مبروك النجاح.
_ الله يبارك فيك.
قلت كلماتي وبصيت في الأرض.
_ اتفضلي ماما واخواتي جوا.
دخلت بحرج وهو نادى عليهم ومشي.
_ أهلًا يا وعد اتفضلي، مبروك يا حبيبتي .
قالت طنط سهام جملتها وباين عليها الحزن.
_ الله يبارك فيكي، مبارك لـ يارا.
_ الله يبارك فيكي يا حبيبتي.
_ ادخلي.
دخلت وراها بحرج وقلت…
_ ممكن اشوف يارا.
_ في اوضتيها حابسه نفسها من وقت ظهور النتيجة.
_ ينفعل ادخلها؟
_ أه يا حبيبتي تعالي.
مشيت ورا طنط سهام، خبط على يارا وفتحت الباب اتكلمت وقالت…
_ تعالي يا وعد.
دخلت وأول مشوفت يارا قلبي وجعني على حالها.
قربت منها واخدتها في حضني، مكنتش عارفه المفروض اعمل ايه أو اقول إيه.
_ شوفتي اللي حصلي يا وعد؟
_ اللي حصل كله خير، قولي الحمدلله.
_ خير ليكي انتِ بس وشر ليا، بقا أنا اللي كنت بطلع من اوائل المدرسة أجيب المجموع دا!
_ مفيش حاجة اسمها خير لـ حد وشر لـ حد تاني.
كل اللي ربنا بيقدر للعبد الخير وبس، بكرة تعرفي دا مع الايام يا يارا، لو كان ليكي خير في مجموع أكبر من كده أكيد ربنا هيديكي. ممكن كنتي تدخلي في مكان ومتنجحيش فيه أو تتخرجي وتبقي فاشله، تغلطي غلطه ويتشطب اسمك من النقابه، يبقى زيك زي اللي متعلموش.
_ انتِ بتقولي كده عشان جيبتي المجموع اللي انتِ عاوزاه.
_ أبدًا يا يارا، بقولك الكلام دا وأنا مؤمنه بيه مليون في المية؛ لإني عارفه كويس إن اختيارات ربنا ديما الأصلح والأحسن لينا، بيكرمنا بكرم من طريق عمرنا منتخيل إننا ممكن نمشي فيه، نجني منه كل الكرم دا.
أهم حاجة إنك ترضي باللي ربنا كاتبه ليكي واوعي تعترضي على قضاء الله.
_ أعمل إيه يا وعد مش قادرة أبطل عياط وقلبي متفتت من الحزن.
قالت جملتها وبدأت تعيط أكتر.
اخدتها في حضني محاوله إني أهديها شوية، سكنت فبدأت اتكلم واقول..
_ الحزن دا شيء طبيعي أي إنسان من حقه إنه يحزن ويزعل، عيطي وخرجي كل المشاعر السلبية اللي جواكي، بس متستسلميش لدا.
لو فتحتي مصحفك وقرأتي الايات اللي مذكور فيها كلمه الحزن هتلاقي قبلها (ولا). ولا تحزن، ولا هم يحزنون، كل الايات هتلاقي مذكور فيها كده لذلك
حاولي تمسكي زمام الأمور وتفوقي بسرعة، وتشوفي هتعملي إيه الخطوة الجاية. لازم تخططي وتدروي متستسلميش للتنسيق إنه يوديكي أي مكان، دوري من دلوقتي على الكليات واقرأي عنها عشان ميجيش اليوم اللي تندمي فيه وتقولي ضيعت فرصه.
_ شكرًا يا وعد على كل كلامك، هونتي عليا.
_ متقوليش كده يا يارا، إحنا مش اخوات برضو؟
_ أكيد طبعًا.
_ اخرجي من جو العزله دي وقومي خدي شاور وانزلي لـ تيتا عشان تاخدي هديتك، دي معموله مخصوص ليكي.
نهيت كلامي وانا بشاور على سلسلتي، اتكلمت يارا بفرحة وقالت…
_ أنا ليا واحده زي دي.
_ أكيد طبعًا.
_ هنكتب طب بشري أول رغبة.
_ لا طب أسنان.
ردت ماما بصرامه وقالت…
_ هنكتب طب بشري.
_ أنا عاوزة أسنان، حباها أكتر.
_ ايه أسنان دي، يعني تبقي جايه المجموع دا كله وتدخلي اسنان؟
_ أه .
_ لا مش موافقه، أنا بنتي لازم تدخل طب.
_ ماما أنا اللي هدرس المفروض أنا اللي اختار مش حضرتك.
_ انا اللي هختار، أنا مامتك وعارفه مصلحتك، أول رغبة هتبقى طب.
_ بس يا ماما…
_ اخرسي، كلامي اللي يتسمع ويتنفذ.
وبالفعل كلام ماما اللي اتسمع واتنفذ، ودخلت كلية الطب رغمًا عن انفي.
ودا كله ليه؟ عشان حرام أضيع المجموع دا كله، وشكل ماما قدام صاحبتها، ازاي بنتها متبقاش في طب بشري.
بدأت دراسه في الكلية، مكنتش حباها أبدًا بس بدأت اتأقلم مع حالي، فضلت أذكر نفسي إن دي كلها أقدار، ربنا مقدرها لينا وأكيد دا الخير ليا.
كنت بذاكر بكل جد والحمدلله كنت بحصد نتائج تعبي في نهاية كل عام.
_ جايلك عريس إنما إيه لوقطه.
_ عريس إيه يا ماما، أخلص دراستي الأول وبعدين أفكر في الجواز.
_ دراسه إيه بس! كده كده هتخلصي، دلوقتي نفكر في الجواز.
والده شريك بابا وهو دكتور وعنده صيدلية ووالدته ست شيك، عيلة استقراطية.
_ بس أنا مش عاوزة جوازة زي دي ولا عيلة زي دي.
ردت ماما بصرامه وقالت…
_ انتِ مفكره إني جايه أخد رأيك، أنا جايه أعرفك بس.
والقرار ليا ولـ بابا وهنعمل اللي شايفينه صح من وجه نظرنا حتى لو عكس اللي انتِ عوزاه.
نهت كلامها وخرجت، بصيت على الباب اللي اتقفل بحزن وبصيت لـ كتبي وبدأت أعيط.
عزمت جوايا على الرفض مهما كان التمن؛ لإني عارفه اختياراتها كويس، بتبص على الشكل الظاهري ومبتبصش للمضمون. مادام الشكل كويس وشيك قدام الناس يبقى دا المطلوب حتى لو المضمون صفر على الشمال.
فضلت افكر هعمل إيه عشان أوقف الجوازة دي؟
أكلم عمو حسين يقف جمبي؟ بس افتكرت الخلافات اللي حصلت بينا بعد وفاة تيتا وبقينا زي الأغراب، أكيد مش هيحب يتدخل ويحصل خلافات تانية خصوصًا إن ماما هتكبر الدنيا وهتصر على اللي في دماغها.
افتكرت تيتا وترحمت عليها، لو كانت عايشه كانت وقفت في ضهري وخلت بابا يسيبني على راحتي.
دماغي كانت هتنفجر من التفكير، مش عارفه هعمل إيه، بس اللي عارفاه كويس إني مش هستسلم وأواجه لغاية لما أوقف الجوازه دي مهما كان.
امتنعت عن الأكل كتهديد لماما لدرجة إني تعبت ودخلت المستشفي.
لما تعبت قولت في نفسي أكيد قلبها هيحن، بس دا محصلش؛ لأن وقتها ماما قالتلي أقسى جملة ممكن أم تقولها لـ بنتها وهي…
” انتِ مفكره بعمايلك دي إننا هنوقف الجوازة، إحنا هنجوزك حتى لو انتِ في النعش”
الكلمة فضلت تتردد في دماغي وأنا بحاول استوعب إن ماما ممكن تقول كده.
أه هي قاسية عليا بس مش لدرجادي، من كلامها حسيت انها بتكرهني ومبتحبنيش.
تجوزني لشخص من داخله تافه وسطحي وابن أمه، عشان شكلها قدام الناس.
ترمي بنتها لمجرد إن جالها عريس أهله أغنياء وعندهم فلوس، ترمي بنتها عشان تتفاخر قدام صاحبتها إن بنتها شاطرة ودكتورة وكمان اتزوجت بدري.
هو دا الإنجاز يا أمي؟
الإنجاز إنك تكسري بنتك مليون مرة عشان الناس وكلام الناس، عشان تظهري إنك أم مثالية وانتِ متعرفيش حاجة عن الأمومة؟
الإنجاز بنسبالك إنك ديما تضغطي على بنتك وعاوزاها تبقى أحسن واحده في كل اللي حواليها حتى لو قدراتها مش تألها لـ دا؟
الإنجاز بنسبالي إنك تجبري بنتك على كل حاجة هي مش عوزاها، لمجرد إن اختياراتك هتخلي شكلك مثالي قدام الناس اللي بتهمتمي لكلامهم وبس؟
لو دا انجازك يا أمي، أحب أقولك إنك وصلتي وبجداره، لكن وصلتي لتدمير وكسر بنتك.
خرجت من المستشفى ورجعت أهتم بنفسي وصحتي؛ لأنها الحاجة الوحيده اللي بقيالي.
خلصت امتحاناتي وزوجوني على طول.
حسيسوني إني كنت حمل تقيل عليهم ومصدقوا يخلصوا منه ويرموه لأول حد يخبط على بابهم.
كنت بحاول أهون على نفسي، كنت ديما أقول لعله الخير، يمكن ربنا قدر كل دا ويبقى هو عوضي وأماني.
يعوضني عن سنين الجفاء اللي عشتها بسنين مليانه حب وحنان.
أحسنت الظن بالله؛ لإني عارفه إن ربنا كريم وبيجازي أضعاف مضاعفه عن كل الحزن والأسى اللي الإنسان شافه.
تزوجت ومر أسبوعين كانوا كويسين وهاديبن جدًا، يمكن كانوا أهدى أسبوعين مروا عليا في حياتي.
حياة هادية زي ما اتمنيت، أحمد بيتعامل معايا بأسلوب كويس وراقي، معاملته فيها حنان وكلامه مليان لطف.
كنت مفكره إن حياتي هتفضل هادية زي الأسبوعين دولي، لكن حصل اللي مكنتش متوقعاه أبدًا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية داعمي الوحيد)

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *