التخطي إلى المحتوى

ارتاح قلبها وشعرت ان روحها ردت إليها بعدما فرغت من قص ثيابه وعباءاته الرجاليه الثمينه… حركت المقص بين كفوفها تزفر أنفاسها براحه

فالساعه التي قضتها مع البهائم زادتها مقتاً عليه ولم يُريحها الا الانتقام

– ايه اللي حصل هنا

استمع لضحكاتها الشماته فكيف ظن انها ستصمت على مافعله بها ف الصباح

ارتفعت عيناه نحوها يرمقها بغضب لو طالها سيسحقها تحت قدميه

– ايه اللي عملتي في خلجاتي

– زي ما انت شايف

عقدت ذراعيها أمامها تُخاطبه كالند… لتشتعل عيناه غضباً

– كان المفروض اسيبك في الزريبه وسط البهايم لأسبوع تتربى… بس ملحوقه

واندفع صوبها يقبض على عنقها يهتف بوعيد

– لو فاكره ان اللي بتعمليه ده هيخليني اسيبك مش هيحصل.. عارفه ليه لان حامد العزيزي محدش بيقف قصاده يناطحه ولا حد بيعرف يزهقه في عشته

بدء وجهها يزرق تدفعه عنها بقبضتيها… رطمها بالحائط بقسوه بعدما شعر بأنها ستفقد أنفاسها

– مش عايز اسمعلك صوت بعد كده ولا اشوف خلقتك لا الا ورحمة امي اوريكي وشي التاني وبلاش تشوفي…

واردف بعدما رأي نظرات الرعب بعينيها وهي تحاول التقاط أنفاسها

– خليني اعملك معامله الضيوف العزاز

سعلت بشده تُحاول إخراج صوتها

– مش هقعد في البيت ده… مش هقعد مع راجل مجنون زيك

ارتفع حاجبه سخطاً على سلاطة لسانها

– لسا برضوه ليكي صوت

واندفع لخارج الغرفه يصيح بعلو صوته

– صبحي

لينبض قلبها خوفاً وهي تسمع صوت ذلك الضخم

– امرك يابيه

عاد جامد إليها يجذبها من مرفقها بقسوه

– وديها البيت المسكون تبات فيه… اظاهر الزريبه معملتش معاها حاجه

– لا.. لا

ولم يسمع لها صوتاً بعدها فقد تلاشت الرؤيه أمامها

استيقظت بعد وقت تهتف بخوف

– عفاريت لاء… انا عايزه امشي من هنا

كانت كالطفله الصغيره تتقلب في الفراش راقه خوفها وضعفها فأقترب منها يجلس جوارها يهتف بتهكم

– مكنتش اعرف انك بتخافي من العفاريت

ارتفعت عيناها نحو مصدر الصوت الذي باتت تبغضه تُتمتم بقهر

– انا عايزه امشي من هنا… شوف واحده غيري تعاقب بيها مراتك

التمعت عيني حامد بمكر يرمق انكماشها حول حالها بمتعه تروقه كرجل خشن الطباع

– حظك الواعر وقعك قدامي وبصراحه كده عجباني..وبفكر متمشيش من هنا غير لما تحبيلي عيل

تجمدت عيناها وهي تسمع عبارته الاخيره… لتتسع ابتسامته وهو يراها بتلك الصدمه

– ده هيكون عيل شديد قوي …

واتبع حديثه بوقاحه

– ما اللي زيك مش هتخلف عيل خرع

تركها في صدمته ينسحب من الغرفه ترتسم فوق شفيته ابتسامه خبيثه فهو لم يُخبرها بهذا الا ليراها هكذا

التقطت أنفاسها الهادرة بصعوبه تنظر نحو الفراغ الذي تركه لا تُصدق ما سمعته أذنيها

****************************************

لم تظن انه سيضيع وقته يقرء ما سطرته بقلمها… ولكن كما وعدها اوفي

– ليه وقفتي كتابه ياقدر… اسلوبك في الشعر جميل وفيه احساس حقيقي

التمعت عيناها بسعاده وهي تسمع اطراءه

– بجد يعني عجبك..مس هتقولي ديه تفاهه ومضيعه وقت

تجمدت نظراته نحوها عندما شعر انها تُقارنه بزوجها الأولى… أدركت فداحة حديثها لتخفض رأسها نحو كفوفها المضمومه ببعضهما

– من غير ما أقصد بقارن بينكم… بس صدقني عضب عني

سيطر على مشاعره وهو يرى الآلم الذي ارتسم فوق صفحات وجهها

– مينفعش تفكري فيه وانتي معايا ياقدر… مش هقبل ده ومش هكون متفهم ديما

– انا اسفه

نبرة صوتها الناعمه هزت رجولته اقترب منها حتى لم تعد تفصل بينهم الا انفاسهم

– خطواتنا بتقرب ياقدر.. ومع الوقت بكتشف اني كنت عايز ست زيك في حياتي

******************************************

اتسعت ابتسامته وهو يراها تتقدم منه بذلك الطاجن الذي صنعته اليه بيديها

– مش معقول مع أي كلمتين حلوين هتكفئيني كده

مالت بجزعها نحوه وابتسامتها لا تُفارق شفتيها منذ امتداحه بأشعارها البسيطة

– دوق وقولي رأيك

التمعت عينه يشتم الرائحة المنبعثه يلعق شفتيه

– قدر انتي كده هضيعيني… انا بعدت عن الحاجات ديه من بدري

ونظر لبطنه المسطحه

– الكرش ده مرحش من فراغ

لأول مره كانت تتجلجل ضحكاتها أمامه بتلك الطريقه لينظر إليها مشدوهاً… تخضبت وجنتاها حرجاً وهي ترى نظراته نحوها

– مره واحده بوظ النظام بتاعك ومتكسفنيش ارجوك… ده ام علي اللي بتحبها

هتفت عبارتها الاخيره ببراءة تزم شفتيها كالاطفال فجعلته يتناول المعلقه مسلوب الإراده يضرب بكل انظمته الغذائيه عرض الحائط

لعق المعلقه بتلذذ يغمض عيناه من متعة مذاقها

– طعمها يجنن… تسلم ايدك

– عجبتك يعني ولا بتجاملني

– لا انا زوج مش بيجامل أبداً

وللمره الثانيه كانت ضحكاتها تعلو فلم يتحمل سماع المزيد

ترك المعلقه يجذبها خلفه بعدما نهض من فوق مقعده

– لا كده كتير عليا ياقدر

– شهاب ام علي… انتي وخدني على فين

والاجابه كانت واضحه عندما تسارعت خطواته وهو يجذبها خلفه يصعد الدرج…وقرار واحد كان يتخذه انه سيسعد قلبه

********************************************

وقف غير مصدوقاً ان الذي كان يقف أمامه منذ دقائق حامد يوصيه على عهد يُخبره بأن ارثها وضعه لها في وديعه خاصه بها وانها ليست بمفردها لو ظن للحظه فهو لن يتهاون بحقها وبيته دوماً مفتوحاً لها

طرق كفوفه ببعضهما مُستعجباً وسعيداً بتغير حامد

*****************************************

لم تهتم لرفضه عن عملها فلم يجعلها تقف يوماً على قدميها الا هو… استغلت سفرته التي أتت مفاجأه وخرجت دون أن تهاب شيئاً

خرجت من المدرسه بعدما انقضى اليوم الدراسي ورغم انضمامها المتأخر لزملائها الا ان حاجتهم لمادتها جعلتها تبدء على الفور اول حصصها

وقفت لطيفه على بعد تنظر نحو النساء اللاتي دفعت المال اليهم حتى يشفوا غليلها منها ولا تظهر بالصوره

– أنتي ياابله يابتاعت العلام …ياخطافة الرجاله

طالعتها الأعين من حولها… لتلفت نحو الصوت بعدما شعرت بقبضة أحدهم تدفعها

– أنتي مين… وعايزه ايه… ابعدي ايدك عني

ضحكت المرأة تنظر للنساء اللاتي يُرافقونها ينتظرون اشارتها

– انا مين هعرفك انا مين دلوقتي

صراخ وعويل وهتاف اخذ يتعالا لينتهي بها المطاف بقسم الشرطه

ولطيفه تقف بعيداً شامته تدير ظهرها راحله…تتوعد لها بالمزيد

*****************************************

عاد من سفرته على ذلك الخبر الذي أضاع مزاجه… دلف لقسم الشرطه يركض خلفه صبحي يلحقه خوفاً

– اهلا حامد بيه… اتفضل

صافح حامد المأمور بأبتسامه حاول رسمها فوق شفتيه

– كده يايونس بيه المدام تضرب وتتاخد على القسم وكمان تترمي في الحجز

– انت بتقول ايه ياحامد بيه..ازاي ده يحصل مش معقول

وفي لحظات كان ينقلب قسم الشرطه… فتلك فداحة كانت لا تغتفر في قانونهم

وقفت أمامه بحالة ترثي لتتسع عيناه وهو ينهض من فوق مقعده تغلى الدماء بعروقه يضع فوق جسدها المشلح خاصته ويضمها اليه

– عايز الكلاب اللي عملوا فيها كده يتربوا

لم تكن تشعر بشئ حولها فلو شعرت لانهارت صارخه… سارت معه ببطئ يسحبها خلفه برفق ولأول مره يشفق عليها… فماذا فعلت ليدخلها بحربه مع لطيفه وشقيقها

اراد قهر لطيفه وثورتها على شقيقها فهو اكثر العارفين بها

وصلوا للمنزل اخيراً لتستعب مكانها تنظر حولها ولم تشعر الا وهي تهجم عليه بكل قوتها والخدم يقفون يُطالعون ما يحدث بأعين مُتسعه

– أنتي لسا فيكي حيل… وانا اللي صعبتي عليا

هتف بها حامد وهو يُحاول ان يتحكم بقبضتيها لتهتف بصياح

– انت السبب…. انت السبب…. طلقني… طلقني

وعندما وجد نظرات الخدم عليه صاح غاضباً

– واقفين بتعملوا ايه…

لتتجه كل منهن لعملها غير مصدقين ما يروه

انهارت فوق ركبتيها تلطم فوقهما بقهر

– فضحتني منك لله ياشيخ… منك لله

انحدرت دموعها فوق خديها فلو كان لديها اهل وعزوة ماكان حدث لها كل هذا

– لو كان ليا اهل مكنتش عملت فيا كده… منك لله

تجمدت عيناه وهو يسمع دعاءها عليه يؤلمه قلبه رغم ان لا قلب له كما يخبروه دوماً

كاد ان ينحني بجسده نحوها يُنهضها ولكن كالعاده حامد العزيزي لا ينحني ولا يربت فوق كتف احد

*******************************************

جلس جوارها يشرح لها بعض المسائل الرياضيه.. كانت في عالم آخر لا تري أمامها الا صورة تلك الفتاة الحسناء.. دفعها برفق بعدما لاحظ شرودها

– عهد انتي سرحتي تاني

ابتلعت غصتها كلما استمعت لصوته فقريباً سيجعل اهتمامه لامرأة أخرى ليست هي

رنين اهاتفه أوقف الكلام فوق شفتيها لتتعلق عيناها به فوجدته يبتعد عنها

وضع هاتفه في جيب بنطاله مُقترباً منها يتنحنح حرجاً

– عهد انا مضطر اخر

– الساعه عشره هتخرج وتسبني

– معلش ياعهد… انتي ادخلي نامي او اقعدي كملي مذاكره…

حتي عطفه بدء يضيع منها …وقفت تُحادث نفسها وهي تراه يلتقط مفاتيح سيارته ويغادر

حدسها الانثوي يُخبرها انه ذاهب للقاءها… بكت كأيامها الاخيره فالسعاده معها ماهي إلا مجرد وقت

***************************************

دلف غرفتها بعدما أخبرته السيدة رسمية بأنها استدعت لها الطبيبه تفحصها..

مازال حديث رسمية يدور داخل عقله

” بهدلوها اوي يابني.. صعبت عليا… البنت وشها اتبهدل وجسمها كله معلم من الضرب “

اقترب من فراشها يسمع آنينها الخافت.. الشفقة ارتسمت فوق ملامحه وهو ينتبه بالفعل لمعالم وجهها

مال نحوها يتحسس جروحها لتنتفض مفزوعة من رقدتها وفور ان تعلقت عيناها به بكت بكاءً مريراً تضم وجهها بكفيها

– خليني امشي من هنا…اعتبرني اختك ترضى ليها ده

تجمدت عيناه نحوها يهتف بجمود

– بس انتي مش اختي.. انتي مراتي يارحمه

– ديه جوازه باطله… انت اتجوزتني بالغصب

وثب منتصباً يزفر أنفاسه حانقاً منها.. فبكل ماهي فيه مازال لسانها سليط

– اه لسانك ده اللي وقعك في كل اللي انتي فيه.. لو كنتي سمعتي الكلام ومشيتي من الاول مكنش كل ده حصل

– انا اسفه

وببراءه لم يكن يتخيل ان يراها بها هتفت بآسفها ليرمقها حامد للحظات

– انا ممكن اسيبك تمشي وابعتلك ورقتك…

وقبل ان يُكمل باقي حديثه نفضت الغطاء من فوق جسدها تلتفت حولها تبحث عن نظارتها حتى تُغادر ذلك المنزل

– انا لسا مكملتش كلامي…

واردف دون أن تحيد عيناه عنها يُطالع ملامح وجهها التي ازدادت شحوباً

– الفضيحه هتفضل طول عمرها محوطاكي ومستقبلك المهني ممكن ينتهي من السمعه اللي هتاخديها هنا

– يعنى ايه هفضل طول عمري هنا… مذلوله ليك بتنتقم من مراتك بيا

– لو فضلتي تعانديني مش هتكسبي حاجه وهتطلعي خسرانه… بكلمه مني ممكن ادمرك وبكلمه ممكن اطلعك فوق

– بفلوسك طبعا مش صح

هتفت عبارتها مشمئزة من غروره الذي يُحيطه

– افهمي زي ما عايزه تفهمي..

لم تتحمل كل ما يسببه لها من مشاعر الغضب لتنقض عليه كاللبوه تدفعه فوق الفراش تعلوه

– حامد العزيزي.. حامد العزيزي خلاص عرفنا انت مين…لو فاكر اني بتهدد متعرفنيش انا مش مكسورة الجناح انا بعرف اخد حقي كويس

ضحكته الرجوليه صدحت عالياً وفي لحظه كانت هي اسفله يقبض فوق كفوفها بقبضة واحده

– مش بقولك بتوقعي نفسك ديما في المصايب

واردف بمكر يضج بعينيه

– مش هيكسرك غير ذكرى حلوه مني ليكي تفتكريها طول العمر

صرخت هائجه وهي ترى نظراته القاسيه تلمع في الظلام ويداه تعبث بجسدها

– لا… لااا

لم يتركها الا عندما اتم مااراد.. ومااراده كان ان يجعلها ترتعب منه

انكمشت فوق الفراش تضم جسدها بذراعيها

– شوفتي عشان انا راجل صح مكملتش للآخر… صوتك مسمعهوش تاني لا الا المره الجايه مش هسيبك مهما صرختي

واقترب منها يجذب خصلات شعرها الحريريه

– شرسه بس لذيذه

بصقت بوجهه فأغمض عيناه يهدء من تلك النيران التي تشتعل داخله…

ارتجف جسدها تخشي ما سيفعله بها ولكن مغادرته للغرفه جعلته تلتقط أنفاسها بصعوبه ودموعها تنساب فوق وجنتيها بغزاره

********************************************

اتسعت ابتسامه السيد صابر ونظراته عالقه بعاصم الذي تقدم منه مرحباً به

دار الحديث نحو بضعة عبارات معتاده ليهتف صابر بعتاب

– ليه عتاب عندك ياعاصم…

ونظر نحو الحج محمود الذي اخذ يرتشف من كأس الشاي

– انا عارف ان ده شغل يابني ومفيهوش مجاملات… بس براحه على ايمان بلاش تعاملها بشده

احتدت نظرات الحج محمود وهو يستمع لشكوت صديقه

– كده ياعاصم ياولدي بقى ديه وصيتي ليك… ايمان مش موظفه عندنا ديه بنتنا

– انا معنديش دلع في الشغل ياحج..لكن حاضر امرك يتنفذ

ارتسم الفخر فوق شفتي الحج محمود فيُطالع صابر ماحدث بأمل… فمدام كلمة محمود تنفذ سيحصل على المال ويسد بعض ديونه

نهض صابر وقد وجد انها الفرصه ليتحدث فيها محمود مع عاصم ويطلب منه المال

– رايح فين ياصابر اقعد لسا مشربتش الشاي

– معلش يامحمود مره تانيه يااخويا

انصرف صابر بعدما رافقه عاصم لبضعة خطوات وعاد ينظر نحو والده بتوجس

– والمرادي ايه طلبه ياحج

تنحنح الحج محمود وعاد للجلوس فوق مقعده يدب الأرض بعصاه

******************************************

انتهى من امضت العقود لتتسع ابتسامة شيرين تنظر إلى توقيعه..تُقنع نفسها انها شيئاً فشئ وستستعيده اليها ولكن كما اخبرتها شروق صديقتها ان تصبر لتصل الي ماارادت فزوحته الأخرى لا تُقارن بها وخاصه ان رجل ك شهاب لن يظل مع امرأة لا تُنجب

خرج من غرفة مكتبه يتقدمه الشريك الجديد ومحاميه وادهم الذي فور ان تعلقت عيناه ب قدر اقترب منها مرحباً بحفاوة

تجمدت عيني شيرين وهي تسمع ترحيب أدهم بها ونظرات شهاب عالقه عليها

– مدخلتيش المكتب ليه اول ما وصلتي… المدام اول ما تيجي بعد كده تدخل علطول مكتبي

اماءت أميرة برأسها

– والله يافندم انا قولتلها كده… بس هي أصرت انها تستناك هنا ومتقطعش الاجتماع

التفت نحوه قدر سريعاً بعدما كانت عيناها نحو شيرين التي انصرفت تدب الأرض بقدميها وكأن رؤيتها لها هنا افقدتها آمالها

– انا فعلا اللي اصريت مش عايزه اعطلك عن شغلك

– متتكررش تاني يااميره

أحاط خصرها يتقدم بها لغرفه مكتبه

– عشر دقايق بس واخلص اللي قدامي ونمشي علطول

ابتسمت وهي تجلس مسترخيه فوق احد المقاعد وكيف لا تسترخي وهي تملك رجلاً مثله

طالعها بأبتسامة حانية يتقدم من مكتبه يجلس فوق مقعده يُكمل مطالعة بعض الأوراق

عشره دقائق اتبعتها عشرة دقائق أخرى واخرى صاحبتها أخرى الي ان نظرت لساعة يدها لتجد قد مر ساعه على جلوسها هكذا

ونست ان شهاب أمام العمل ينسى كل شئ

لم ترد مقاطعته ونهضت من فوق المقعد تتجه نحو مكتبه وقد لفتت عينيها صورة صغيره

ألتقطتها من فوق سطح المكتب تتأمله لترتفع عيني شهاب نحوها

– كان جميل اووي

اغمض عيناه بقوه يؤلمه قلبه…يتذكر شيرين وكيف كانت لا تراه الا عاراً لهم تخفيه عن الأعين تكره وجوده

– الله يرحمه

تمتمت بها قدر ليبتلع غصته يسألها ما خطر بخاطره

– لو خلفتي طفل زي سيف ياقدر هتحبيه

قطبت حاجبيه تنظر لملامح الصغير الجميله

– احبه بس… ده انا اديله عمري

– هتتقبلي يبقى عندك طفل من ذو الاحتياجات الخاصة

استنكرت كلمته فما الذي كان ينقص هذا الصغير حتى لا يُحب

– اتقبل… ازاي متقبلش قطعه من قلبي… سيف مكنش نقصه حاجه سيف كان طفل زي باقي الأطفال

التمعت عيناه ب آلم والزمن يعود للوراء وشيرين تثور عليه انها لا تُريد ذلك الطفل وتُريد اجهاضه

– شيرين مكنتش متقبلاه… من اول ماعرفت ان هيكون عندنا طفل محتاج رعايه خاصه… سيف كان عمري ياقدر

ولأول مره ترى ضعفه.. حتى أنه لم يشعر بنفسه وهو يجذبها اليه يضمها لصدره

– رفضت النعمه فضاعت بسببها

دمعت عيناها تشعر به ولكن غالبت دموعها حتى لا تزيد وجعه ولكن هزمتها دموعها فبكت مقهوره على حالها… لقد تمنت ان تحمل طفلاً ل ليالي طويله تدعو ان يرزقها الله وهناك من لا يرى النعمه التي بين يديه

تمالك ضعفه يبتعد عنها ليتفاجئ بدموعها التي تغرق وجهها

– شهاب انا مستعده نروح لدكتور واعمل اي عمليه لو انت عايز تخلف مني

هتفت بها بآلم يحرقها… فأصابه ذلك الآلم… يلعن زوجها الأولى عما اوصلها اليه هو يعلم تماما ان قدر لا تُعاني من شئ وانجابها لم يكن الا مسأله وقت حينا يشاء الله

– مش عايز اسمع منك الكلام ده تاني ياقدر… ولادي هيجوا منك ومن غير عمليات

واردف وعيناه عالقه بعينيها يمسح دموعها بأنامله

– ولو اضطرينا اننا نخوض موضوع العمليه ده مش هيكون غير ف اخر المراحل…

واتبع حديثه يغمز بعينه بعبث يليق به

– اما دلوقتي فأنا عايزك انتي ياقدر… مش عايز حد يشاركني فيكي

اتسعت ابتسامتها وابحرت في عينيه عشقاً تُلقي جسدها بين ذراعيه

****************************************

وقفت جانبه ترى نظرات الرجل المكسوره نحو أرضه لولا الحاجه ما كان باع اخر شئ يملكه… انتهوا من فحص الأرض وتم الاتفاق النهائي على السعر والرجل يقبله بحسرة

اتجه نحو سيارته تتبعه هي

– حرام عليك مش شايف انها مصدر رزقه الوحيد

هتفت بها ليتوقف عاصم عن السير يلتف نحوها

– انا مضربتهوش على ايده هو اللي جيه يترجاني

دمعت عين ايمان تتذكر نظرات الرجل لارضه فالحاجه للمال تُجبره كما اجبرتها الظروف على العمل مع رجل قاسي مثله لا يعرف الرحمه

– انت الرحمه منزوعه من قلبك… الراجل الغلبان عمال يقولك لولا الحاجه لولا الحاجه وانت ولا هنا وياريتك حد عادي ميملكش حاجه ده انت اغلب اراضي البلد بتاعتكم

كلماتها اصابته ولكن كالعاده عاصم لا يظهر الا قسوته

– وانتي بتحقدي علينا بقى ياست البشمهندسه ياام قلب كبير

امتعضت من حديثه

– الحمدلله انا عيني مليانه… بس الرحمه مش منزوعه من قلبي

– أنتي اتعديتي حدودك… نسيتي نفسك ولا ايه

احتدت نظراتها فكلماته تنغرز بقلبها كالنصل

– منستش نفسي ولا حاجه ياعاصم بيه… انا عارفه كويس انا مين وانت مين

ارتفعت زاويتي شفتيه سخرية يُلقي نظراته عليها ببطئ شديد

– طب كويس عشان بدأتي تنسى نفسك وانتي بتكلميني

صعد لسيارته ينتظر صعودها ولكن لن تكون ايمان الا وعاندته… زفر أنفاسه بضيق يترجل من السياره يجذبها من مرفقها بعدما سارت لبضعة خطوات

– مش قولت اركبي

دفعت ذراعه عنها حنقاً مبتعده

– طريقي عارفاه كويس ياعاصم بيه

أكملت سيرها فأغمض عيناه يُهدء من شعله الغضب التي توقدها داخله يتبعه بخطواته يجذبها ثانية

– صوتك مسمعهوش… واركبي يلا

– ابعد عني انت مش طبيعي

قاد سيارته بسرعه جنونيه لتعود اليها ذكريات الحادث لم تشعر بنفسها الا وهي تمسك ذراعه تلتقط أنفاسها بصعوبه تذرف دموعها وهي تترجاه

– أرجوك هدي السرعه

ليستجيب لها ينظر نحوها يرى الآلم مطبوع فوق ملامحها

أوقف سيارته لتضم جسدها المرتجف بذراعيها هاتفه دون وعي

– النار… النار

لم يتحمل عاصم رؤيتها هكذا رغم انه كان يتلذذ دوماً بأنكسارها وضعفها ولكن اليوم كانت مشاعر أخرى تقوده… ضمها اليه يتنفس رائحتها هامساً

– اهدي ياايمان… متخافيش

لم تكن يوماً من هواة الروايات الرومانسية فحياتها لم تعطيها تلك الرفاهية ولا الاحلام.. اخبروها دوماً انها ابنة راقصه منبوذة الأصل

بطلة الروايه كانت ضعيفه مثلها راضيه بذلك القدر الذي اختاره لها الناس ولكن عندما تفتح قلبها على حب ابن عمها الذي كان كغيره لا يراها الا تلك الفتاه المنطوية ذو الجسد السمين والملابس البشعه ولكنها كانت تحيا في زمن اندثر به الأخلاق فلم تعد الا المظاهر تُشبع النفس والعين وما كان عليها الا لتتغير

اغلقت هاتفها تزفر أنفاسها بعدما قضت ساعات بين صفحات تلك الروايه التي بعثتها لها حنين حتى يرفهوا عن أنفسهم قليلاً

نهضت من فواق فراشها تقف أمام المرآة وفي لحظه كانت تُحرر شعرها من تلك الضفائر التي تعطيها منظر طفولياً

أنساب شعرها بغزارته وخصلاته المموجة حولها… لتقع عيناها نحو احمر الشفاه تطلي شفتيها به.. ولم يزدها صنيعها الا فتنة.. فتنة جعلتها تنظر لهيئتها بأندهاش تتسأل ” هل أصبحت امرأة كامله ام مازالت تلك المراهقة”

– عهد

تجمدت عيناه وهو يفتح باب غرفتها دون أن يطرقها فهو يعلم تماما انها بهذا الوقت تُذاكر دروسها

اتسعت عينيها وهي تراه يقف أمامها يرمقها بنظرات فاحصه.. يقترب منها

– ايه اللي عملاه في نفسك ده

واجتذب رأسها واخرج منديلا ليزيل عن شفتيها احمر الشفاه

متنهداً بضيق وهو يراها تتملص من قبضته تدفعه بعيداً عنها

– عجباكي المسخره ديه.. وانا اللي فاكرك قاعده بتذاكري

– ابعد عني.. ملكش دعوه

– ماليش دعوه.. لا انتي حالتك بقت عجيبه الفتره ديه.. شكلي دلعتك

اصابتها عبارته في الصميم لتضحك رغماً عنها تتمتم بقهر

– بتدلعني ولا بتعطف عليا بسبب شعورك بالذنب اتجاه خديجه

– عهد

صرخ بها وهو يتذكر شقيقته يدفعها بعيداً عنه

– لمي شعرك واعدلي هدومك وعشر دقايق والاقيكي بره في الصاله

ونظر نحو ساعته يزفر أنفاسه

– استاذ الفيزيا نص ساعه وجاي ولا المسخره عجباكي

وكان هذا اخر مادار بينهم ذلك اليوم… لتقضي باقي اليوم يتجاهلها وكأنه يُعاقبها على شعورها بأنوثتها

*****************************************

وقفت السيده فاطمه أمامه تبتسم وهي تراه يبحث عنها بعينيه… سعادته كانت تُسعدها فهي عاشت معه سنين طويله لم ترى منه إلا خيراً

– في المطبخ يابني… والله انا ديما بقولها ارتاحي واحنا موجودين وديه شغلتنا لكنها مصممه تعملك الأكل بأيديها

ابتسم شهاب والسعاده باتت تملئ قلبه وهو يستمع لكلماتها يُناولها حقيبة عمله حتى تضعها بغرفة مكتبه

اتجه نحو المطبخ لتخرج فتنه على الفور تخفض عيناها تمر من جانبه

اقترب منها لتهتف ب فتنه بعدما تذوقت طعم الطعام

– فتنه ممكن تناوليني الملح

بحث عن علب التوابل لتقع عيناه اخيراً عليهم فيلتقط الملح يمد يده به هامساً

– امممم ريحة الاكل تجنن وتفتح النفس

اجفلها صوته تلتقط انفاسها تلتف نحوه

– خضتني

وابتسمت وهي تراه أمامها وقد وفي بوعده وأتى على موعد الغداء كما اتفقوا قبل ذهابه لعمله صباحاً

– اطلع غير هدومك عقبال ما احضره… خلاص مش فاضل كتير

داعب وجنتيها مبتسماً علي تلك السعاده التي يراها فوق ملامحها

– قدامك ساعه بس وهرجع الشركه تاني

زمت شفتيها بعبوساً لطيفاً أصبح يهوه منها وينعش قلبه

– وانا اللي فرحت انك رجعت بدري وهتقضي اليوم كله معايا

كانت يداه مازالت تتحرك فوق وجنتيها يُداعبهما برقه باتت تسلب دقات قلبها

– أنتي عارفه ياقدر الشغل ووقتي مش ملكي

– ربنا يعينك ياحبيبي ويوسع رزقك يارب

وعندما أدركت تلك الكلمه التي تفوهت بها كان صداها اخترق فؤاده وضاع الكلام وهو يُقربها منه يتناول شفتيها بقبلة دافئه أودع فيها سعادته

جمله واحده اذابت قلبه… جعلته يُقرر انه سيأتي كل يوم يتناول طعامه معها مهما كانت اشغاله…

شهاب العزيزي أصبح يحب المنزل هكذا كانت تُحدث السيده فاطمه حالها وهي تُسرع في تحضير الطعام مع قدر تنظر إليها من حيناً لآخر تتمنى لهم السعاده التي أصبحت ظاهره على وجههم

هبط الدرج يُشمر أكمام قميصه يتلذذ بالرائحه التي خطفت أنفاسه منذ عودته

– لا كده وزني هيزيد.. حرام عليكي ياقدر

التفت نحوه مبتسمه تسكب له طعامه

– خلاص مش هأكلك النهارده الكريم كرميل

جلس فوق مقعده يتناول منها طبقه المملوء

– لا كده كتير انتي عملتي حلف مع فاطمه عليا وبقت تقولك الاكل اللي بحبه وانتي تنفذي وانا اضيع

سكبت لنفسها الطعام بكمية قليله لتتعلق عيناه بها متذمراً

– يعنى عايزانى اتخن وانتي تحافظي على وزنك

– انت بتتحرك كتير لكن انا اغلب الوقت قاعده

ارتفع حاجبه يفحصها بعينيه لتُطالعه ببراءه

– الصراحه عايزاك تتخن ويطلعلك كرش ومافيش ست تبصلك

وقفت فاطمه مصدومه وهي ترى سيد البيت الوقور يحمل زوجته يصعد بها الدرج متوعداً لها

اتسعت ابتسامتها تُشيح وجهها خجلاً عائدة للمطبخ تدعو لهم بالسعاده

*****************************************

كانت عيناه عالقة بها وهي تقف أمامه تُجفف شعرها… ارتبكت من نظراته تشعر بالخجل

– كان اجتماع مهم

عقد شهاب ذراعيه أسفل رأسه زافراً أنفاسه

– يعنى…بس في غيري يقدر يسد

– هو انت ليه داخل في كل حاجه

تسألت وهي تقترب منه فقطب حاحبيه

– كل حاجه ازاي

– بيزنس وسياسه

صدحت ضحكاته مُعتدلاً من رقدته يلتقط ذراعها يجذبها نحوه

– غاوي تعب ياستي…

والتمعت عيناه وهو يلتهم ملامحها الشهيه

– قاعدت معاكي اه زي ما كنتي عايزه…قوليلي بقى ازاي هتخليني مندمش اني ضيعت الاجتماع

ابتعدت عنه تهتف بحماس بعدما فكرت بما تفكر به دوماً

– هعملك….

– لا كفايه ياقدر..كده انا مش هقعد في البيت

عبست ملامحها تنظر اليه ببراءه

– طب انت عايز ايه اعملهولك واعمله علطول

والاجابه كانت واضحه… وضاعت بين ذراعيه خائفه من تلك السعاده التي وهبتها لها الحياه بعد حزن كانت تسأل دوماً حالها هل تستحقه والعوض يأتي لا مُحالة

*********************************************

الاجتماع الأول لها ضمن أعضاء الحزب ورئيسه لم يأتي ليتولي الأمر نائبه… كانت شاردة طيلة الوقت لا تُصدق انه ترك اجتماعاً

نفضت رأسها من تلك الأفكار التي راودتها… فلو فكرت هكذا ستجن.. اقنعت نفسها بأن شهاب لا يتأثر ب امرأة فعمله يأتي بالمقام الأول

انتهى الاجتماع اخيراً ولم تنتبه لأي كلمه قد قيلت فيه فعقلها كان منشغلاً

نهضت على الفور تخرج من مقر الحزب لا تستمع لصوت من يهتف اسمها

*******************************************

الأعين كانت تترصده ولكنه كان لا يهتم.. ارتشف من كأس الشاي الذي يفضله في تلك القهوة التي أصبح معتاد الجلوس عليها

انتبه لتلك الثرثرة التي اخذت تتعالا من حوله لتتجمد عيناه وهو يسمع اسمه واسم ابنته على ألسنتهم

هب واقفاً صارخاً بهم

– قطع لسانكم انا بنتي اشرف من الشرف

تعالت السخريه فوق شفتي البعض والبعض الآخر شعر بالمقت مما يحدث

– روح ربي بنتك ياراجل

فضحك الاخر يلكظ زميله

– راجل ايه ده مطلع بنته تشتغل وهو قاعد زي الحريم في البيت

لم يتحمل صابر سماع المزيد ليندفع نحوهم يُحاول صفع من اغتاب في رجولته

– شوفوا ياناس عايز يعمل علينا راجل وبنته دايره على حل شعرها مع عاصم بيه ومقضياها أحضان…ماهي مش هتلاقي حد يبصلها فلازم تفتح الباب على البحري

– بس عيب ياواد منك ليه… ده شرف ولايا

هتف احد الرجال الاتقياء يشعر بالتقزز مما يسمع… يمد يده لصابر الواقع أرضاً

نهض بخزي ينفض عباءته يسير في الطريق لا يقوي على جر ساقيه

وصل لمنزل الحج محمود يهتف بأحد الرجال

– فينه… فينه اللي خلي سمعت بنتي في الأرض

طالعه الرجل الواقف حالته المزرية يُسرع للداخل مُنادياً على الحج محمود الجالس في مكانه المخصص يرتشف قهوته مع احد الرجال وبينهم مصالح عدة

ولم يكد الحج محمود ينهض من مكانه حتى يري صابر ويفهم مايُخبره به رجله

– كده يامحمود كده يااخويا… ابنك يعمل في بنتي كده

اتسعت عيني الحج محمود ولم يصل لذهنه شيئاً واحداً

*****************************************

دلفت للفيلا تحت أنظار الخادمه

– شهاب بيه موجود

– ايوه ياهانم

اقتربت منها فاطمه تُشير لفتنه بأن تذهب لعملها

– فين شهاب يافاطمه

لوت فاطمه شفتيها استنكاراً لتعاليها رغم أنها لم تعد صاحبة المنزل

– شهاب بيه في اوضته مع المدام

شحبت ملامح شيرين مما جعلها تشفق عليها للحظات ولكن في النهايه هي تستحق… نفضت فاطمه شعور الشفقة الذي احتل قلبها للحظات نحوها

سيطرت على مشاعرها تُخرج صوتها بثبات ولكن داخلها كانت تشعر بالانهيار تخشي ما يُخبرها به قلبها

– اطلعي قوليله اني مستنياه في اوضة المكتب

– ياخبر ياشيرين هانم ازاي اطلع للبيه اوضته وانتي عارفه عوايده مبيحبش حد يزعجه

لم تتحمل شيرين سماع المزيد صارخة

– قولت اطلعي قوليله اني موجوده

تنهدت فاطمه بسأم تصعد الدرج بعدما اتجهت شيرين نحو غرفه المكتب تطرق الأرض بحذائها

خمسه عشر دقيقه ظلت تنتظره تشعر وكأنها تجلس على الجمر كلما صور لها قلبها انها بين احضانه تنعم بدفئ جسده الذي اشتاقته

آه مؤلمة خرجت من بين شفتيها تتذكر كل لحظه جمعتهم… هي زوجته وستظل زوجته مهما حدث

– هترجعلي ياشهاب مش هسيبك ليها

تمتمت بها قبل دلوفه لغرفه مكتبه ينظر اليها حانقاً

– خير ياشيرين..

تجمدت عيناها وهي ترى هيئته والحقيقه التي تجاهلتها وانكرتها واضحه

صرخ بها قلبها يؤكد لها ما تخيله

– شيرين انا مش فاضي ليكي… قولي كنتي جايه عايزه ايه

التمعت عيناها تقترب منه بآلم تسأله دون شعور

– كنت في حضنها

احتدت عيناه يمسح فوق شعره الرطب وقد يأس من افهامها بأنها طليقته وليست زوجته

– عايزه ترتاحي ياشيرين… اه كنت في حضنها وحبيتها وعايش سعيد وقريب هجيب ابني منها ابن مش هتكرهه عشان مش من مقام بنت الوزير تخلف طفل زيه

صرخه مكتومه خرجت منها قهراً ترفع كفوفها تدفعه فوق صدره

– انت مش عايز غير توجعني… كفايه ياشهاب كفايه وجع ابوس ايدك

– فاطمه تعالي وصلي مدام شيرين

وانصرف تاركاً لها المكان لتقف ترثي حالها

*****************************************

– هتتجوز ايمان ياعاصم… وكلمه تاني لا انت ابني ولا اعرفك

صاح عاصم بعلو صوته ينظر إلى صابر الذي وقف يشاهد الأمر

– انت هتصدق كلام الناس ياحج… احضان وابوس ايه… كل اللي حصل انها كانت خايفه فهديتها

اتسعت عيني الحج محمود وهو يستمع اليه يستنكر كلمته بوجه جامد

– بتهديها… ومن امتى الراجل مننا بيهدي ست مش من محارمه

واقترب منه يضرب عصاه ارضاً

– البلد كلها الليله ديه هتعرف انك كنت خاطب ايمان وكنا هنكتب كتب كتابكم قريب… وانت ياصابر روح بلغ بنتك

كان قلب صابر يتراقص فرحاً ورغم ماحدث لا ان مصلحته انسته ان التي تحدث عنها الناس ابنته

شرد حالماً بالمال الذي سيجنيه من تلك الزيجه ويسد ديونه ويعود اسمه للسوق مجدداً

اقترب منه عاصم بعدما انصرف والده يتنهد مقتاً

– فرحان طبعا بالنسب ياحمايا…

ابتلع صابر ريقه فأردف بوعيد

– بس خليك متأكد ان بنتك الغاليه هتدفع التمن

******************************************

صرخت وثارت وبكت ولكن في النهايه حكم عليها ان تكون زوجته… نظراته الشامته المحتقره لم تُخفي عليها وكأن لها دخلاً بكل ماحدث…

أصبحت زوجته ولا تعرف كيف كل ما تذكرته انه مضت اسمها فوق العقد ووالدها ينسحب بعيداً مع عاصم

عاد والدها اليها وقد انفردوا بإحدى الغرف

– انا راجع القاهره تاني يابنتي… معدش ليا عيش هنا تاني

ابتعدت عنه والصدمه ترتسم فوق وجهها ايزوجها ويرحل فمنذ ساعات كانت تُقبل قدميه حتي يرحلوا من هنا أو سترحل وحدها وهو يُخبرها ان لا وجود لهم الا هنا فمن يتربصون له لأخذ اموالهم كثر ولن يتركوهم

– هتمشي… والديانه والناس اللي ناوين ليك على الشر مش كل دول اللي بسببهم خلتني اتجوز عاصم وارضي بالذل

وصرخت كالمجنونه

– انت صدقت ان ممكن يكون بيني وبين عاصم حاجه… كل ده ظلم.. ظلم

– ايمان اسمعيني يابنتي… عاصم خلاص بقى جوزك وديه الجوازه اللي كنت بحلم ليكي بيها… صحيح الطريقه جات غلط لكن المهم في النهايه حصل اللي اتمنيته

وأخرج الشيك الذي بحوزته

– جوزك سد كل الديون اقدر ارجع رافع راسي

تسارعت أنفاسها وهي لا تُصدق ان والدها باعها وهي التي تحملت كل المهانه والذل من أجله

– بعتني ليه

هتفت عبارتها والخزي يملئ قلبها

– بعتك ليه ايه ياعبيطه… ديه جوازه مكناش نحلم بيها

الكلمه اخترقت اذني عاصم الذي دلف للتو ينظرنحوهم ساخراً

– فعلا جوازه مكنتوش تحلموا بيها… عاصم العزيزي يتجوز بنتك ويدفع كمان فلوس

واندفع احد رجال عاصم للداخل يجر أحدهم خلفه صائحاً

– اتكلم ياخلف قول كل حاجه لعاصم بيه

شحبت ملامح صابر يبتلع لعابه بأرتجاف ينظر لذلك الواقف يترصد حركاته…لقد اكتشف عاصم كل شئ وافتضح امره

– هو اللي قالي يابيه اعمل التمثليه ديه كلها وافضحكم وسط الناس

وارتجف الرجل يجثوا أمام قدمي عاصم الذي تعلقت عيناه بصابر

– انا جيت اقوله اني شوفت البشمهندسه فعربيتك وانه ميصحش كده عشان سمعتها

وابلتع الرجل ريقه خوفاً

– اتفق معايا يديني الف جنيه.. وديه بنته قولت وماله اذا كان ابوها مش خايف على سمعتها

*****************************************

سواد غلف عيناها وصدمة كسرت ماتبقى لها… رحل والدها بعدما ودعها بنظرات حزينه يُخبرها مراراً وتكراراً ان مافعله لمصلحتها.. بمال عاصم ستعود لحياتها القديمه المرفهة وستخوض تلك العمليه التي ستعيدها جميله كما كانت

دلف عاصم الغرفه يُشيعها بنظراته المحتقره

– ايه ياعروسه لسا مجهتزتيش لعريسك.. مش الليله دخلتنا ولا ايه

ارتجف جسدها تدور بعينيها هنا وهناك حتى لا يرى حسرتها

– ارجوك سيبني… انت عرفت الحقيقه خلاص وعارف اني مظلومه

صدحت ضحكاته في ارجاء الغرفه…ايدفع المال ويتركها.. اينتصر والدها عليه في النهايه ولا ينال حقه

– عاصم العزيزي مبيسبش حقه ولا ممتلكاته…

واردف بقسوة بعدما اقترب منها فالتصقت بالجدار رهبة من نظراته

– ابوكي عمل الفضيحه وباعك وقبض تمنك… وجيه وقت حقي

واتبع حديثه بسخرية لاذعه

– مش البشمهندسه برضوه بتعرف حقوق غيرها

عادت دموعها تغزو وجهها بغزاره دون تقف

– ارجوك

واهتاجت مشاعره وهو يراها كيف تحمي نفسها بذراعيها منه… لتعود ذكرى قديمه… خديجه تترجاه بأن يصبر عليها وهو يضمها اليه يعدها بصبره.. فحبه لها اكبر من رغبته

اجتذب ذراعها بقسوه بعدما التقط القميص الذي وضع فوق الفراش يلقيه بوجهها

– ادخلي غيري هدومك… صبري بدء يخلص… ابوكي باعك تفتكري انا هرحمك

دفعها نحو المرحاض يهتف بوعيد يُصارع تلك الذكريات التي أبت ان تتركه تلك الليله

– عشر دقايق وتبقى قدامي…فاهمه

نصف ساعه مرت وهي تجلس بالمرحاض تبكي حظها تقبض فوق قماش القميص تنظر نحو باب المرحاض ترتجف من الخوف… لقد أصبحت زوجة ذلك القاسي الذي احبته

يالها من سخريه أحبت من لم ترى منه إلا القسوة

أشعل سيجارته الثانية قبل أن يطفئ الاولي وعقله شارداً مع الماضي…

الظلام عاد يتغلل داخل قلبه بعدما شعر انه بدء يتحرر منه حتى أحلامه أصبحت لا تغزوها الا تلك القابعه داخل المرحاض منذ اكثر من نصف ساعه

اطفئ سيجارته عندما تجلل داخله شعور الرفض مندفعاً نحو المرحاض يطرقه بقوة

– هعد لحد عشرين لو خلصت وملقتكيش قدامي هكسر الباب سامعه

ارتجفت اوصالها تهتف به برجاء

– طب هاتلى حاجه تانيه البسها… مقدرش البس ده… ارجوك

– واحد… اتنين…

وبدء عده ليستولي عليها الخوف تزيل عنها ملابسها بأيدي مرتعشه ترتدي ذلك القميص الذي يكشف عن باقي تشوهها

انتهى العد قبل أن تتمالك أنفاسها وكاد ان يرطم الباب بجسده الا انها أسرعت تفتح الباب تطرق رأسها بخزي ودموعها لا تتوقف

طالعها طويلاً ينظر لكل جزء من جسدها وشعور واحد كان يدور بخلده

” اكان الحادث بشعاً لهذا الحد … اقضت الايام باكيه من الآلم”

– مش قادره أقف كده…ارجوك خليني البس اي حاجه

– ارفعي عينك ياايمان

هزت رأسها رافضه تغمض عينيها فتنساب دموعها على خديها

– ايمان قولت ارفعي عينك

– مش هقدر… مش هقدر استحمل نظرتك لجسمي

ونهارت في بكاء مرير تخفي وجهها بكفيها ترثي حالها… ستقتلها نظراته لا محاله وهو الوحيد الذي لا تتحمل منه هذا

ارتعش جسدها تشعر بيديه فوق جسدها يتحسس موضع الحرق الذي ينحدر على طول شقها الأيمن

– بيوجعك

نفت برأسها تتراجع للخلف دون رفع عيناها نحوه

– بلاش تبص عليه… ارجوك كفايه

– ايمان انا مش قرفان منك زي ما انتي فاكره

ارتفعت عيناها اليه فمن هذا الذي يتحدث… ف مرات عدة طعنها بكلامه جعلها تقضي لياليها باكيه تعض فوق قبضتها تكتم صوت آنينها

– انا عارف اني جرحتك في الموضوع ده كتير… لكن مكنش قصدي اعايرك…

امتعضت ملامحها اكل هذا التنمر الذي عانته تحت يديه وفي النهايه يُخبرها انه لم يكن يقصد… أدارت جسدها بعيدا عن عينيه تبحث عن شئ يسترها

– طبعي أوجع ياايمان… ونصيبك تعيشي في ظلامي ولازم تتحملي

صرخت ملتاعة بعدما باغتها بحملها يسير بها نحو الفراش

– لا مش هتلمسني… انا وانت مننفعش لبعض

والمشهد يتكرر واخرى تُعايره بتعليمه وانحدار ثقافته هتف بقسوه وهو يدفعها فوق الفراش يأسرها بذراعيه

– ومننفعش لبعض ليه

– لأنك بتكرهني ياعاصم

وضاع باقي الحديث… فأي كره هو يكرهه لها وقد اخلف وعده لقلبه وتزوج من جديد امرأه تفوقه علماً

قاومته بضراوة حتى خارت قواها واستسلمت لمصيرها معه…قسوته تلاشت بعدما وجد اللين منها لتشعر بذراعيه تضمها بحنو يهمس بأذنها يُطمئنها وهل حقاً هذا عاصم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *