التخطي إلى المحتوى

رواية نفق الجحيم الفصل الثالث عشر 13 بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم البارت الثالث عشر

رواية نفق الجحيم الجزء الثالث عشر

نفق الجحيم

رواية نفق الجحيم الحلقة الثالثة عشر

توفيق سمع إن همام والسيد طفشوا يعمل ايه ولا يسوى إيه، وشايف من العدل إن همام هو اللي يتجوز البت مش حد غيره لأن هو السبب وهو الظالم البادي.
وشويه وعاود على بيته والهم راكبه من ساسه لراسه وراح قعد جار مخلوف علي مصطبته وبقلة حيله قاله:
دبرني ياوزير، وديه بعد ماحكاله عن هروب التنين الأندال وطفشانهم من البلد، ومخلوف فضل ساكت معارفشي يقوله ايه ولا يشور عليه بأيه فموضوع لا فيه شور ولا قول ولا ليه غير حل واحد وهو اللي اتقال ومتنفذش.
عم السكوت دقايق بعدهم رفع توفيق راسه من الأرض وبص بعينه للمربوط في الشجره بعيد واتنهد بمراره وهمس لمخلوف:
ياهل تري يامخلوف داي آخر واكبر طمايم كرار ولا حداه حاجات اكبر؟ مع اني مظونش إنه فيه أكبر من اللي عيمله ديه ولا هيكون..ولا اقولك.. مش هظون حاجه؛ عشان ولدي كل مره عيخلف ظني ويعمل اللي عمره مايخطر فخيالي.. طيب بذمتك أني لو كتلته على إكده مش اصلح ليه وليا.. والله وبالله لو كان حداي كرامات وععرف الجاي داسسلي إيه كنت عيملت كيف مالخضر عيمل في الغلام الصغير وخلصت الدنيا من شروره.. آاااخ يابوي على عمي البصر والبصيره واللي عاملينه فيا يامخلوف اااخ.
مخلوف رد عليه بنبره هاديه وهو عيحاول يخمد النار اللي عتاكل فيه وكل:
إستغفر ربك ياتوفيق ديه كله قدر ومكتوب ومسطر عالجبين، ولازمن المكتوب يتقرا ويتشاف ياخوي.. هدي حالك بس إنت واللي سيرها هيرسيها.
رد عليه توفيق بوجع: ولا بينها مرسى ولا واعيلها بر يامخلوف.. مواعيش غير بحر غويط من الهم وأني واقف فنصه وولدي كرار عيشدني لتحت عايز يغرقني.. واني عامل كيف اللي ليه ايام فنص البحر وقوته خارت وخلاص مبقاش فيه حيل يشابي ويعافر اكتر من إكده.
مخلوف: هونها بس انت وهي هتهون لحالها والعُقد ليها حلال.. المهم.. مش كفايه على كرار إكده واروح افكه الواد تلاقي رجليه بادوا من الوقفه عليهم من عاشيه والبرد نخر جتته.. مش يوبقوا أُس الفساد حرين وعيرمحوا في الدنيا والمهبل اللي إنضحك عليه متربط وعيتعذب.
توفيق: همله يتعذب لما يعرف إن الله حق عشان هو مش زيهم ولا ينفع يتشبه بيهم، ولا كان ينفع يماشيهم من اصله.. ديه واد المقاول يامخلوف واد المقاااااول.
مخلوف قام وإتحرك من قدامه ناحية كرار وهو عيقوله: خلاص عاد يامقاول اللي حوصول حوصول والواد مهيتحملش اكتر من إكده.. خلص كلامه وكان بعد عن توفيق فطريق كرار ومداهوش أي فرصه إنه يعترض، ووصل لكرار وإبتدا يفك فيه، وكان أبو دراع جار منه عيلف تحت الشجر القريب، وبمجرد ماشاف ابوه عيفك فكرار جري عليه.. وأول مامخلوف خلص فك الحبل اللي كان بفضله كرار صالب طوله عالشجره.. هوى كرار من طوله ع الأرض،بس إتلقاه أبو دراع على اديه قبل مايوصلها.. وشاله ومشى بيه وهو حاسس إن قلبه متشتت مابين محبته ليه، وغيظه منه اللي مخليه عايز يرزعه عالأرض يقسمه نصين.. ووصل بيه أبو دراع حدا بيتهم وكان هيدخله جواه.. لكنه رجع تاني وعاود بيه لبيته هو، لأنه خابر إن توفيق مهيخليش حد يلافيه لقمه ولا بوق ميه حتي، والكل هيخاف منيه وينفذ عشان يأمن بطشه حتي حوريه مرته.
ودخله بالفعل لبيته ونومه ففرشته وغطاه، وهمله وطلع، وكل ديه قدام توفيق اللي كان شايفه وعيتمني لو ولده كرار طلع فنص أخلاق ابو دراع بس، كان هيفتخر بيه ويرفع بيه راسه طول الوكت، مع ان التاني فيه هبابة طيش.. بس طيش مع قلب صالح مش طيش مع قلب جاحد مليان خبث.
قام توفيق ودخل للبيت وراح على امه وقعد جارها وحكالها هي كمان اللي حوصول، وطلب منيها تقوله حل من الخبره اللي السنين علمتهالها، وأمه قالتله عالحل من وجهة نظرها..
عديله: اول هام عارفاك عقلك هيوديك لفين ياتوفيق.. وعقولك من دلوك موِته اهون عليه من إنك تعمل فيه إكده، وتجوزه وحده مش هو اللي خد شرفها ولا هو اللي بدا بالغلط معاها، َكمان اللي سبقه ليها تنين ولاد حرام وواد الحرام كياد ومهيخلوهش يرفع راسه في البلد، وكل ماهيشوفوه هيشاوروا عليه ويضحكوا عشان اللي آنيها فبيته وشايله إسمه هما دايسين عتبتها قبله.
يوبقي مفيش غير إنك تعوض الراجل ديه باللي يسكته هو وبته ويكفيه، عشان يهمل بلده ويهج منها.. مع إنه لو حُر مش هيعملها وهيعمل حاجه تانيه خالص كلنا عارفينها، وهي اللي عتتعمل فالبنات اللي عيجرا فيها كيف اللي جرا لبته.. بس برضك عشان تخلص ضميرك.. اديه القيرشنات عشان توبقى دفعت ديتها وهو بعد إكده حر فيها.
قام توفيق من جار أمه وهو حاسس إن اللي قالته هو الحل الامثل وراح على الصندوق الحديد بتاعه فتح قفله وطلع منه فلوس كتيره حطهم فجيبه وطلع.
أما حوريه فبمجرد ماتوفيق همل البيت جريت علي بره تشوف ولدها ودموعها سابقاها، وبس خطت بره الباب ورايحه ناحية الشجرة اللي كان مربوط فيها كرار وقفها ابو دراع اللي كان عيدور في الطرومبه وهو عيقول:
ولدك نايم جوه ففرشتي روحيله حدش قاعد.
حوريه سمعت إكده وإتهلل وشها بالفرحه عشان إتفك أسر ولدها وعرفت إنه أكيد إتفك علي يد أبو دراع، ولأول مره فحياتها ترفع اديها للسما وتدعيله بحسها العالي:
روح يابو دراع ياولدي ربنا مايرميك فديقه ويفكلك كل كرب قادر ياكريم.. خلصت كلامها وكانت وصلت للبيت ودخلته وراحت علي ولدها بلهفه وفضلت تحب فيه وتطبطب عليه ودموعها غرقت وشه وهو كمان دموعه سالت معاها وهو عيقولها بعتب: إكده يمه تهمليني وترمحي.. هان عليكي كرار تسيبيه لحاله فيد جوزك وانتي خابره إنه ممكن ينهي عمره فدقيقه وحده ومن غير مايرفله جفن!
حوريه بندم: سامحني ياولدي غصب عني، وحتي لو كنت قعدت مكنتش هقدرع امنع اذاه عنك ولا كنت اقدر اقف في وشه وإنت خابر أبوك لما عيغضب عيوبقي عامل كيف الطوفان.. وخصوصي النوبه داي ياكرار إنت غلطت غلطه كبيره قوي ياولدى.
كرار بندم: والله غصب عني ومكنتش بعقلي، ولو كنت داريان مكنتش عميلتها واصل.. أمانه عليكي يمايه اتوسطيلي حدا ابوي يسامحني النوبادي واني معدتش هكررها تاني واصل ولا هغلط نص غلطه حتى.
حوريه: واصلا معادش فيه وسع معاك للغلط ابوك خلاص ياكرار جاب اخره منك واني متوكده ان عقابه ليك النوبادي هيكون فوق طاقتك، واوعاك تفكر ان هبابة الضرب اللي خدتهم دول ولا الليله اللي تربطتها شفت غليل ابوك منك،، له ياكرار داني شفت فعنيه وعيد ميكفيهش فيه شهور يعلمك فيهم الادب.
كرار بخوف: يمه انتي جايه تواسيني وتطمنيني ولا جايه تخوفيني.
حوريه: جايه افطنك عاللي مستنيك ومستنيني معاك ياواد بطني،، ما اهو اني كمان لازمن هينوبني من الحب جانب وهيشيل ويحط فوق راسي وكله بسببك ومن تحت راسك.
كرار بوجع: خلاص يمه طيب أحب علي يدك اني محاملش حتي الكلام، همليني لحالي دلوك ويعمل اللي يعمله فيا عاد هو حر.
إتنهدت حوريه وقامت من جاره وهي عتقوله: طيب ياكرار ههملك لحالك.. بس هعاود كمان هبابه بالوكل عشان تاكل إنت من إمبارح الصبح على لحم بطنك..خلصت كلامها ومشت طوالي بعد ماشافت كرار غمض عنيه وهو عياخد نفس جامد وينفخه، وراحت علي البيت تعمله لقمه ياكلها.
أما حدا همام والسيد..
سيد وهو عيتلفت حواليه فمحطة القط : هنروحوا فين دلوك ونقعدوا كد ايه في البرد ديه وفبلد غريبه منعرفوش فيها حد ولا حد يعرفنا؛ عشان يدينا بطانيه حتي نحطوها علي جتتنا في الرصرصه داي، اني مش عارف أني ليه مطاوعك فكل حاجه تعملها ياخي وفي الاخر عتاخد في الرجلين واتمرمط معاك.
همام: ومين عيضروبك علي يدك عشان تعمل الحاجه ياسيد، هو مش كل حاجه عميلتها كانت بمزاجك، ولا لازمن همام في الاخر هو اللي يشيل الليله كلها ويطلع هو الشيطان وانتوا الملايكه؟
وعلى العموم روح ياسيد موطرح ماتروح وفارقني من النهارده لا ليك دعوه بي ولا لي دعوة بيك وجزره وقطمها جحش عاد.. روح عاود البلد اني مقولتلكش تعالا معايا إنت اللي مسكت فديلي وشبطت وقولت خدني معاك.
سيد بخوف: ايوه ياخوي اعاود البلد عشان البسها اني وميلاقوش قبالهم غيري بعد ماانت طفشت والتاني فلوس ابوه عملاله سد عالي محدش يقدر يخطيه و يتعدى عليه.
همام بعصبيه:
يعني لا إكده عاجب ولا إكده عاجب، لا راضي تهملني ولا عايز تقعد معاي.. اعميل ايه اني طيب فزن امك ديه؟
سيد بإستسلام: خلاص يابوي ممتكلمينش تاني.
همام: إيوه إكده اتكفي واقعد ساكت ولما تاجي تتحدت إفتكر قبلها إني عمري ماغصبت حد على حاجه واصل، وكل واحد عقله فراسه وعارف خلاصه، وإني مش هخلي حد يحملني نتايج غلطه واصل.
وبالفعل سكت السيد وسلم امره فيد همام وكيف ماهيعمل همام السيد مقرر يعمل، وموطرح مايحط همام رجله السيد هيمشى فوق خطاويه.
أما حدا توفيق..
توفيق وصل للبلد بالطرومبيل، وراح علي الموقع، وقعد واقف لغاية ماشاف واحد من اهل البلد اللي كانوا واقفين امبارح وعبصمد ماسك في الغفير عطا كان معدي راكب حمارته وبإستنجاد نادم عليه وقاله:
يابلدينا.. وقف خد يابلدينا تعالى إهنه.
قرب منيه الراجل بالحماره ووقف قباله وقاله:
إيوه يابيه عاوز أيه مني؟
توفيق: كنت عايزك تدلني على بيت الراجل اللي كان واقف إهنه صبحية إمبارح وعيقول إن نعجته إتسرقت وكان عيدور وعايز يعرف مين اللي سرقها.
الراجل سكت ثواني وكرمش وشه وهو عيفتكر وبعدين ملامحه اتبسطت وهو عيقول:
إيوااا… ديه عبصمد ابو شام.. بس ليه أنت عتسأل عليه.. عرفت اللي سرق نعجته مين! حد من رجالتك؟
توفيق: يابوي حد من رجالتي مين بس داني كنت عايز اطمن عليه شكله كان يقطع القلب إمبارح.
الراجل:
له إطمن هو زين.. هو صوح مطلعش من بيتهم امبارح طول النهار من زعله علي نعجته، بس تلاقيه طلع لغيطه النهاردة. وإستعوض ربنا فيها.
توفيق: طيب بقولك ايه يابلدينا اني عايز اروحله بيته ينفع تدلني عليه؟
الراجل: وايه اللي يقل نفعه بس يابيه.. بيت عبصمد اخر بيت في صف البيوت اللي قدامك داي ولون بابه اخضر.
شكره توفيق وراح على بيت عبصمد اللي دله عليه الراجل، ووقف قدام منيه وحس برهبه شديده وهو عيستعد إنه يدخل يشتري عرض واحد بالفلوس.
خبط توفيق علي غلق الباب خبطتين، وبعد لورا خطوتين واستني هبابه وشويه وفتحت الباب صبيه حلوه تطلع فعمر بدور بس طبعاً فرق السما عن الأرض بين التنين في الشكل والطول.
بسيمه: إنت مين ياخال وعايز ايه؟
توفيق:عايز عبصمد يابتي ياترى هو ديه بيته ولا اني تايهه ولا ايه؟
بسيمه: له وصلت ياخال.. استني هبابه اناديمهولك من جوه.
ودخلت بسيمه وردت الباب وراحت نادمت ابوها اللي من اول ماطل من الباب توفيق غمض بألم وهو شايف حالته متدهوره عن إمبارح، وحتي عنيه مش قادر يفتحهم في الضو وكان باين عليهم إنهم نزفوا دمع لغاية ماقربوا يتعموا.
عبد الصمد وهو عيحط يده قدام عنيه يحجب نور الشمس عنهم عشان يشوف زين:
مين اللي عايزني.. إنت مين؟
توفيق بنبره حنونه: ايه ياراجل ياطيب متفكرتنيش،، اني المقاول بتاع النفق.
عبد الصمد: ايوه ايوه اتفكرتك.. طيب عايز حاجه يعني ولا ايه؟
توفيق اتلفت حواليه وبص لفوق علي سطوح البيوت، واتوكد إنه محدش جاره ولا شايفه وهمس لعبصمد.. أني جاي بخصوص بتك واللي جرالها وعايز اتكلم معاك لحالنا.
وهو قال إكده وعبد الصمد هجم عليه هجوم المغلول وكل الحيل فجأة عاودله ومسكه من خلجاته وقاله:
توبقي عرفت مين اللي عيملها صوح.. طلع واحد من رجالتك مش إكده.. اني كنت خابر من لاول ميعملهاش غير نجس غريب.
توفيق وهو عيحاول يهدي عبد الصمد:
طيب هدي عشان محدش يسمع حاجه وتوبقي فضيحه عاد.
عبد الصمد:
له متخافش الفضيحه حوصلت وسيرتي بقت على كل لسان من اول يوم..يعني مبقاش فيه حاجه اخاف عليها.. ودلوك تقولي في التو عاللي عميلها وتسلمهوني عشان اشفي غليلي من اللي مرمغ شرفي فلارض.
توفيق: هقولك كل حاجه بس ندخلوا جوه.. يابوي عيب عليك حتي عشان خاطر الغربه اللي اني فيها فبلدكم، ووقفتي قدام بيتك..ندخلوا جوا وهنتفاهموا والله وكل صاحب حق هياخده.
فك عبد الصمد اديه هبابه بهبابه عن توفيق وبصله شويه قبل مايزعق:
طريق ياللي جوه معاي ضيف.. طررريق
وبعدها فتح الباب وشاور لتوفيق عشان يدخل.
دخل توفيق ودار بعيونه في البيت اللي كان راعيه البساطه ودور علي موطرح يقعد فيه لغاية مالقي مصطبه صغيره جار الكانون وقعد عليها وشاور لعبد الصمد عشان يقعد جاره وهو عيقوله:
تعالا جاري إهنه ياعبصمد متقعدش واقف علي حيلك ومتأهب عشان تفط عليا فاي وكت اني مليش ذنب يابوي أني مرسال خير وجاي الاقي معاك حل لنصيبتك.
قرب منه عبد الصمد وقعد جاره وبحزم قاله:
مين اللي عيملها قولي.
توفيق سكت هبابه وطاطى راسه للأرض وبعد ثواني رفعها وهو عيقوله:
اللي عيملها واحد واطي محداهوش دين ولا اخلاق ولا نخوه.. اللي عيملها واحد بلاشرف.
عبد الصمد: ديه كله اني عارفه ومش عايزك توصفلي فأخلاقه اني عايزك تقولي على إسمه وتعرفني طريقه وبسس.
توفيق بأسف:
ياريت كان ينفع ولا كنت اعرفله طريق.. والله وبالله كنت جاي النهارده وناوي اجيبه فيدي عشان يكتب عاللي هتك عرضها ويخليك ترفع راسك وضهرك المحنى.. لكن الكلب بعد مااتفقت معاه عشيه علي كل حاجه صحيت الصبح لقيته طفش.
عبد الصمد بغضب: طفش غار على فين يعني.. قولي على طريقه واني اجيبه لو راح فأخر الدنيا.
توفيق: والله لو اعرف راح فين لأقولك طوالي هداري عليه ليه يعني.. وبعدين ياسيدي وعد عليا اليوم اللي هيعاود فيه البلد لهاجيبهولك متربط وارميه تحت رجليك واخليك تاخد حقك منه.. بس دلوك اني جاي اديك دول واقولك همل البلد وشوفلك بلد تاني روحها واشتريلك فيها بيت وعمره واسكن فيه بأهل بيتك.. روح لبلد محدش فيها عارفك ولا عارف اللي جرا لبتك.
عبد الصمد بإعتراض: عايزني اهروب من بلدي بعارى؟! اهمل بلد ابوي وجدودي واهمل أرضي وبيتي واروح اعيش ناقوله فبلد تانيه!
طيب وهو اني إكده ابقا داويت حاجه!؟ ماهو الناقوله عيوبقي معروف إنه هربان من بلده لبد تانيه يامن تار يامن عار.. واني ابو البنات اللي معيتاخدش منها تار يوبقي مفيش غير العار اللي نقلني من موطرحي وخلعني من ساسي.
عقولك ايه يابيه خد قرشيناتك عاودهم لجيبك واني هاجيبلك كتاب الله تحلف عليه إن اللي عيمل العمله طفش ومقاعدش ولا تعرف طريقه.
توفيق: له ياعبصمد متجيبش كتب.. اني هحلفلك باللي أكبر من كتاب الله.. هحلفلك بالله نفسه..عشان الحلف بغير الله ميجوزش.. وعزة جلال الله إن اللي خد شرف بتك طفش ومحد عارفله طريق.. طفش بعد ماعرفته وحكمت عليه ياجي يكتب عليها.
عبد الصمد شاف الصدق فعيون توفيق وحديته ورد عليه بقلة حيله وقلة حيل وهو عيضروب بأديه علي جوانب رجليه:
طيب ومادام طفش جايني ليه دلوك.. جايني تعملي ايه.. جاي تديني قرشينات؟ واصلا عتديني ليه إنت فلوس.. قولي اللي عيملها ديه يوبقالك ايه عشان تدفع القرشينات داي كلها.. أكيد هو ولدك اللي قولتلي إنه كان غايب عن الشغل إمبارح صوح؟
توفيق سكت ومردش وعبد الصمد عرف إنه حط يده عاللي عيملها وبحزم قاله:
يوبقي هو ولدك اللي صبغ عمتي وجاي تفديه بفلوسك.. روح ياشيخ ربنا يفضح ولاياك ويوقفك فموطرحي وابقي اشوف الفلوس هتعملك ايه.
وتوفيق سمع الدعوة واتزلزل كيانه ووقف قدام عبد الصمد وقاله بتوسل:
حرام عليك ليه الدعوة داي.. والله ماولدي اللي خد شرف بتك ولا هو اللي هتك عرضها..توفيق كان عيحلف علي إن همام هو اللي بدا وخد شرفها، لكنه كان حاسس إنه عيتحايل عاليمين، ومن جواه عتتصدع روحه لأنه اول نوبه يعملها، وخوفه من ربه خلي قلبه يرجف رجف..
عبد الصمد بصله بشك وسأله:
ولما هو مش ولدك خفت من الدعوة ليه؟
وإهنه ردت عليه شام اللي فتحت الأوضه مره وحده وطلعت وهي متسنده علي بسيمه وقالتله بكل الغل اللي جواها:
خايف من الدعوة عشان هو عيحلف على واحد بس هرب وهما كانوا تلاته يابوي.. كانوا تلاته مش واحد.. تلاته كل واحد فيهم بنفس مِختلف وريحه مِختلفه.. تلاته يابوي كان واحد يسلمني لواحد الليل بطوله.. تلاته وصلوني للموت ألف مره وكانوا يرجعوني من علي بابه اخد نفسي يادوب دقيقتين وياخدوني للموت ويخلوني اقاسي طلوع الرروح وسكرات الموت من تاني.. هو عيحلف علي واحد بس فيهم وخايف من الدعوه عشان اكيد فيهم حد قريب عليه ولا مكانش شخلل جيبه وجاي يرمح.
وإهنه سكت توفيق ونكس عنيه للأرض بعيد عن شام اللي كانت عترجف كيف زعف النخيل، وعبد الصمد غمض عنيه للي عيسمعه لأول مره من بته، واتخيل اللي قاسته وقلبه إتعصر، وحس بوجع بته وإتمني في اللحظه داي لو كانوا التلاته قدامه كان قط. عهم بسنانه قطي.ع..وبص لتوفيق وقاله بإتهام:
هاه ايه رأيك في الحديت ديه.. عتداري علي مين تبعك بفلوسك يابيه.
توفيق: مش عداري اني عتحدت بالاصول.. اللي خطفها وخد شرفها اول واحد يوبقي هو اللي هتك عرضها وهو الملزوم بيها.. اللي يكسر قفل باب هو اللي يتلام من اصحاب البيت مش اللي خش لما لقي الباب مفتوح.
عبد الصمد بعصبيه: يابوي إنت عتقول إيه.. ديه كلام ايه ديه؟
توفيق: ديه كلام العقل ياعبصمد.. دلوك ذنب بتك اتفرق علي تلاته.. ومينفعش التلاته يتجوزوها لا شرع ولا دين يحلها،، يوبقي نحكموا العقل واللي بدا هو اللي يتحمل.
عبد الصمد وهو عيوضروب كف بكف:
شرع ايه ودين ايه اللي جاي تتحدت عنيه إنت.. انتوا تعرفوا شرع ولا دين ولا حداكم مله من اصله.. اللي يربي أنجاس عيهتكوا فاعراض الناس لا عيبوبقا حداه مله ولا دين يابوي..
توفيق: ربنا يسامح ومعذور فكل اللي تقوله والله وأي حاجه تقولها عاللي إنت فيه ديه قليله.. خد يابوي الفلوس وإسمع كلامي وهمل البلد وانساها وانسي ناسها وعيش انت وبناتك بعيد عن العيون اللي عارفاكم..خلص كلامه واتحرك ناحية الباب لكن وقفوه ادين عبد الصمد اللي مسكوا فيه وهو عيقوله:
يعني ايه كلامك ديه يعني مفيش فايده.. يعني هتهملني وتمشي وترتاح إنت واللي عملوا عملتهم واني اقعد فنص النار واتنقل من بلد لبلد من غير ذنب ولا سيه؟
توفيق وهو عيشيل ادين عبد الصمد من عليه بالراحه:
والله اللي فيدي واللي اقدر عليه قولتهولك وقدمتهولك.. انما اكتر من إكده مفيش فيدي غير إن أول مايظهر همام اجيبهولك ويكتب علي بتك.
قال كلامه وطلع وهمل عبد الصمد يهاتي مع روحه ويردد بحسره:
وهو مين اللي هيستني لما يعاود.. ومين اللي حداه وكت للصبر والشرف كيف الميت لو إتدس عن العيون ريحته تفضحه ومعينفعش معاه غير الدفن تحت التراب.
خلص كلامه وراح على الفلوس اللي سابهم توفيق ومسكهم ورماهم كلهم جوا الكانون اللي كانت ناره خامده بس جمره لساه حامي، وبشاير جريت عليهم ، بس كان الجمر لهف الفلوس اللي تحت كلها ولحقت هي اللي من فوق وكان مبلغ كبير.
اما شام فبصت لأبوها وبلعت ريقها بحسره لما عقلها إستوعب حديته، ودخلت الأوضه ونامت وكمرت روحها بالغطا وهملت دموعها تبل مخدتها وهي عتتخيل حياة أهلها من بعدها، وكيف إن العار هيلاحقهم طول عمرهم.. والاهم من ديه كيف هيكون إحساس الموت.. هيكون كيف الإحساس اللي شافته، ولا هيكون اسهل وربنا هيسهله عليها وهو خابر إنها مظلومه.
دخلت عليها بسيمه اللي فهمت هي كمان اللي رمى عليه حديت ابوها ونامت جارها وحضنتها وشهقاتهم هما التنين بقت ترد علي بعضها، وجاتهم بشاير كمان نامت جار شام من الناحيه التانيه وحضنتها وبكت معاهم بس معارفاش عيبكوا علي أيه وكل الحديت اللي عيدور ديه بالنسبالها الغاز مليهاش حل فعقلها الصغير.
عدى عليهم وكت وهما حاضين بعض، وقامت بسيمه من جارهم وراحت تحضر لاختها الوكل اللي عتحبه عشان تاكل، ولما طلعت شافت ابوها شارد ومهموم وعرفت إنه عيقلب الشر فدماغها،، حضرت الوكل وعاودت علي الاوضه مره تانيه، وقوموا شام هي وبشاير بالعافيه عشان تاكلها لقمه، وبمجرد مااتعدلت شام من علي السرير ضربت بسيمه على صدرها وهي شايفه موطرحها:
ياحزني إنتي نزفتي تاني ياشام؟
ردت عليها شام بعدم إهتمام:
له يابسيمه ديه دم حيض مش نزيف.. اصل ديه ميعادها كيف مااكون ناقصاها ولا باقي فيا دم يتصفي.. ولا خليه يتصفى ياعمي هعوز الدم فأيه واني على كف الموت.
خلصت حديتها وقعدت تاكل، ولأول مره من ساعة اللي حوصول تاكل وتملى بطنها، كيف ماتكون عتاخد آخر حقها من الدنيا.
عاود توفيق للبيت بعد ما حس إنه مفيهش حيل يكمل اليوم في الموقع ولا يقف في الشغل بعد اللي شافه من حال عبد الصمد وبته والكسره اللي هو فيها، واللي مهما غالط روحه وبرأ ولده من الذنب الا إنه الذنب طايل ولده وطاله هو كمان دلوك، وبسبب كرار ولده إبتدا يجني الذنوب على كبر بدال ماعيقول يلا مسك الختام.
عدت الساعات والليل رمى عباية الستر السوده علي الناس، وعبد الصمد عينه ماغفلتش وأول ماقسم الليل قام يتسحب وقام دخل الأوضه يتسحب ومد يده علي شام يصحيها من غير ماامها اللي نايمه جارها تحس، وإتفاجأ بيها عترد عليه من اول مالمسها وعتقوله بهمس:
صاحيه يابوي..إمهلني دقيقه ألبس اللي يستر بدني وجايه وراك.. قالت كلامها وإتعدلت وبصتله وهو نكس عيونه للأرض بعد مابص لدهب بخوف، وهمستله شام تطمنه:
متخافش مهخليهاش تحس بحاجه.. إطلع إستناني بره واني جايه وراك طوالي.
وإتحرك عبد الصمد لبره بخطوات مهزوزه وقلب وعقل عيتصارعوا وقعد عالمصطبه ويادوب عدوا هبابه ولقي شام طالعه عليه وهي متلفله بالسواد ولافه الشال القاطيفه حوالين دماغها واللون الاسود هياكل منها حته لما واجهت ضو الكلوب، وجمالها بعز ماهو باهت من اللي هي فيه الا إن عبد الصمد اتهيأله إن الموت هيستحي ياخد الجمال ديه كله ويهمل الناس العفشه تعيش.
قام عبد الصمد وقف علي حيله وهمسلها بصوت عيرجف:
سامحيني ياشام يابتي غصب عني.
شام بإبتسامة وجع:
مسامحاك يابوي من كل قلبي وعارفه إنه غصب.. بس أمانه عليك من بعد مني هتوبقي غسلت عارك وتعيش مرفوع الراس وأوعاك تاخد وحده من خياتي بذنبي ولا تحاسبها عاللي لا ليا ولا ليها ذنب فيه.. اوعاك تكرههم يابوي.. وكملت بدموع.. وأوعاك تنساني.
قاوم عبد الصمد دموعه وحاول يسيطر علي رعشة شفايفه عشان ينطوق لكنه مقدرش يطلع حرف واحد يرد عليها بيه، وكأنه إتلجم، وكل اللي عيمله إنه مسك الكلوب و إتحرك قدامها خطوه والتانيه على بره وهي لحقته وفي الخطوه التالته توازنه إختل وكان هيوقع رمحت عليه شام وسندته بخوف وبكل حيلها البايد وهمستله بمحبه:
اسم الله عليك من الطيحه ياحبيب الروح.
وإهنه شهق عبد الصمد وهو عيقولها:
متصعبيهاش اكتر ماهي صعبه يانن عين إبوكي
شام: معصعبهاش ومهياش صعبه داي كيف شربة الميه.. بس هم إنت بينا قبل ماحد منهم يفيق وتوبقي مناحه.
وطلعت شام مع ابوها تواجه المحتوم، وبرغم القوة اللي كانت عتتصنعها الا إن من جواها روحها كانت عتصرخ من الخوف وعتطلب النجده.. ولغاية ماوصلت شام قبال النفق وعند الألات وغصب عنها رجفة الخوف اللي كانت محبوسه جوا قلبها اتحررت وطغت علي كامل جسدها وسنانها بقوا يخبطوا فبعض وتخبيطهم كان مسموع.. وعبد الصمد اللي كان متقدم عنها بخطوه عاودلها ومسكها وسندها أو اتسند عليها والتنين كملوا الطريق ميعرفوش كيف، وصوت الديابه مع برد الشتا وسكللة الليل والموت اللي مستني فآخر الطريق خلوا شام تحس مع كل خطوه إن رجليها عيغرزوا فطين عميق بالعافيه عتقلع رجلها منه وتخطي الخطوه اللي بعدها

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نفق الجحيم)

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *