التخطي إلى المحتوى

مساءا عادت نرمين من الشركة الى فيلاتها التي تعيش فيها بمفردها مع الخادmة و البستاني..

قامت بركن سيارتها ثم صعدت الى غرفتها و قامت بالاتصال بشقيقها بعدmا أرسل لها رسالة برقم شخص يدعى راغب..

ـــ ألو… ايوة يا نادر.. رقم مين دا اللي انت بعتهولي..

رد عليها ببسمة واثقة:

ـــ دا يا ستي رقم أشطر هاكر في مصر و الشرق الاوسط.. واد داهية مالهوش حل..

قطبت جبينها باستغراب:

ـــ هاكر؟!.. و دا هعمل بيه ايه؟!

رد ببسمة ماكرة:

ـــ هقولك بس ركزي معايا كويس أوي……………

استمرت المكالمة بينهما قرابة الساعة يشرح لها خطته اللئيمة و هي تستمع له بانبهار، فتلك الخطة سوف تقضي على العلاقة بين معتصم و حبيبته تماما دون أن يشعر بأن لها يد في ذلك..

بمجرد أن أنهت المكالمة معه لم تكذب خبرا و بدلت ملابسها فورا و اتصلت بالمدعو راغب و عرفته بنفسها و أخبرته أنها تريد مقابلته الآن، فرحب بذلك و أرسل لها مكانه عبر رسالة على الواتساب.

قادت سيارتها قرابة النصف ساعة حتى وصلت الى مركز لصيانة المحمول و هو صاحبه، فقط يتخذ منه ستارة يواري بها أعماله المشبوهة في تهكير الهواتف و الحواسب النقالة و غيره و التي تدر عليه أموالا طائلة.

استقبلها راغب استقبالا حارا و جلسا سويا في ركن بالمركز به صالون صغير، فأدار دفة الحديث قائلا بجدية:

ـــ عشان نكون متفقين يا هانم…العملية دي هتكلفك كتير..

ردت بلهفة:

ـــ أنا ميهمنيش الفلوس خالص…اهم حاجة تنفذ اللي انا عايزاه بالحرف و بدون أي غلط..

ـــ من الناحية دي متقلقيش.. حضرتك هتاخدي من ايدي شغل احترافي..

تحمست للغاية و هي تقول:

ـــ تمام يلا نبدأ.

اعطاها ورقة و قلم ثم قال:

ـــ اكتبيلي هنا رقم تليفون الباشا و حساباته على الفيس و الانستا و اكس و كل مواقع السوشيال ميديا اللي مشترك فيها..

بدات تكتب كل ما تتذكره و تعرفه و استعانت بالطبع بهاتفها ثم سالته و هي تكتب:

ـــ على فكرة انا مش عارفة اي حاجة عن البـ.ـنت اللي بيحبها و لا حتى اسمها..

رد بثقة:

ـــ متقلقيش يا هانم..دلوقتي هفتحلك الواتس بتاعه و هتشوفي محادثاته كلها و أكيد طبعاً في بينهم كلام ع الواتس و هقدر اوصلها و أهكر الواتس بتاعها بسهولة.

ازدادت بسمتها اتساعا و هي تفكر بحماس في نجاح تلك الفكرة الشيطانية..

ـــ هاتي تليفونك.

نظرت له بشك:

ـــ ليه؟!

ـــ هفتحلك الواتس بتاعه من تليفونك عشان تتعاملي براحتك في اي مكان و تبعتي الرسايل اللي انتي عايزاها من رقمه كأنه هو اللي بيبعتها.

ابتلعت ريقها بقلق لتسأله:

ـــ طاب هو كدا مش هيكشفني ولا هياخد باله؟!

ـــ لا ما أنا هعلمك ازاي تبعتي من غير ما يكتشف ان في حد بيبعت من رقمه غيره.

اومأت و هي تعطيه الهاتف بعدmا فتحته له، فأخذه منها ثم أخذ يعبث به حوالي عشر دقائق حتى تمكن من فتح تطبيق الواتساب الخاص بمعتصم من هاتفها، فاتسعت عينيها بدهشة بالغة و هي ترى محادثاته كلها أمام عينيها على هاتفها و كادت أن تطير من السعادة لنجاح اولى خطوات خطتها، فأخذت الهاتف و تفقدت المحادثات الواحدة تلو الأخرى حتى فتحت محادثته مع ريم و قرأت آخر رسالة منه لها و التي كتب فيها:

” عمري ما نـ.ـد.مت في حياتي على حاجة عملتها قد نـ.ـد.مي على جوازي من غيرك… بس و الله العظيم لو كنت اعرف اني هحبك ما كنت اتجوزت قبلك أبداً.. انا عارف اني غلطت اني خبيت عليكي من الأول بس كنت خايف تكرهيني و تبعدي عني.. عايزك تسمعيني لو مرة واحدة بس و بعدين قرري.. و أيا كان قرارك هقبله يا ريم مهما كان”

حين قرأت تلك الرسالة انتفخت أوداجها بغـــضــــب بالغ بسبب تقريره بنـ.ـد.مه على زواجه بها و لكن ما هون عليها الأمر قليلا أن بدا من محتواها أنها ترفضه، فحانت منها نصف ابتسامة و هي تقول بسخرية:

ـــ غـ.ـبـ.ـية..في واحدة عاقلة ترفض عصومي!

رد عليها راغب باستغراب:

ـــ نعم؟!

ـــ ها؟!.. لا دا انا بتكلم مع نفسي.. بجد ميرسي اوي يا راغب.. بص كدا.. دا رقم البـ.ـنت اللي بيحبها..

أخذ منها الهاتف ثم دون الرقم بورقة، و في خلال عشر دقائق أخرى كان قد فتح الواتس الخاص بريم أيضا، فازدادت بسمة نرمين اتساعا و انبهارا و أحست أنها قد سيطرت عليهما و أنهما أصبحا لعبة بيديها..

استمرت جلستها معه لساعة أخرى يشرح لها كيف يمكنها ارسال الرسائل من ارقامهما من هاتفها دون أن يكتشف ذلك أيا منهما، و في نهاية الجلسة قامت نرمين بتحويل مبلغ هائل لراغب على حسابه البنكي الأمر الذي زاد من حماسته للعمل معها..

نهضت أخيرا لتمد يدها تسلم عليه و هي تقول:

ـــ بجد انت ابهرتني… و طبعا دي مش هتكون اول مقابلة لينا.

ـــ أنا تحت أمرك يا هانم… و احنا مع بعض على التليفون…. بس كل طلب بحسابه..

حانت منها بسمة صفراء و هي تقول:

ـــ اه طبعاً حقك… انت تستاهل تقلك دهب.

هز رأسه و هو يبتسم لها ثم قام بتوصيلها الى حيث صفت سيارتها، فاستقلتها و انطلقت عائدة الى منزلها و هي تشعر بنشوة الانتصار..

فقد معتصم كامل تركيزه في اعماله بعدmا أخبرته ريم بأنها ستخطب لشخص آخر، و أخذت الأفكار تتوالى على رأسه… ترى من يكون؟!.. هل هو أفضل منه؟!.. هل تحبه؟!.. هل يحبها؟!.. هل و هل و ألف هل سألها لنفسه، إلى أن نفذ صبره و ضاقت أنفاسه من فرط التفكير..

بعد وقت طويل من التفكير و عدm التركيز تحدث مع نفسه بصوت عالي:

ـــ لاااا انا هفضل قاعد في مكاني كدا و اقعد اقول يا ترى!!

التقط هاتفه ثم استخرج رقما ما و من ثم قام بالاتصال

به فرد عليه الطرف الآخر ليقول معتصم:

ـــ فريد باشا كنت عايز حضرتك تبعتلي بودي جارد يكون ثقة.. مش شرط يكون طول و عرض و عضلات.. انا عايز واحد عادي هكلفه بحراسة حد عزيز عليا….. تمام يا باشا.. يا ريت تبعته بعربية من عندك و ضيف حسابها عليا… يا ريت دلوقتي لو أمكن… تمام أنا في الانتظار.. مع السلامة.

اغلق الخط ثم عاد يستند الى كرسيه و هو يزفر أنفاسه بضيق و يفكر فيما نوى عليه لعله يرتاح قليلا..

في المساء تناولت ريم وجبة العشاء مع أمها و شقيقها و هي شاردة في مكالمة معتصم و أيضاً طلب خالد الذي جاء في وقت قـ.ـا.تل، لتقرر أن تتحدث مع أدهم ليتناقشا سويا.

ـــ أدهم كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع كدا بعد العشا..

اوما و هو يمضغ الطعام بفمه:

ـــ ماشي يا حبيبتي انا تحت أمرك.

ابتسمت له بحب و امتنان و بعدmا انتهوا قامت ريم باعداد الشاي و من ثم قدmته له لتجلس بجواره و أدارت دفة الحديث قائلة:

ـــ في دكتور زميلي أعرفه من أيام الكلية.. بالصدفة قابلته في المستشفى بعد ما نقلت و شغال معايا في قسم الاستقبال… هو أكبر مني بسنتين.. و النهاردة اتكلم معايا و اعترفلي انه بيحبني و عايز يتقدmلي..

سكت أدهم مصدوما من كلام شقيقته، كيف تسأله عن مسألة محسومة كهذه… يبدو أن مشكلة معتصم قد أثرت على نفسيتها ما جعلها تتخطى ذلك بتصرف خاطئ كهذا..

ـــ ايه يا أدهم… انت ساكت ليه؟!

ـــ لا ما انا مستني اشوفك بتتكلمي بجد ولا بتهزري.

ـــ بتكلم بجد طبعاً يا أدهم… هي المواضيع دي فيها هزار؟!

ـــ ماهو دا بالظبط اللي عايز اقولهولك

ـــ بمعنى؟!

ـــ بمعنى انك لسة مفوقتيش من صدmة معتصم و ان تفكيرك في غيره بالسرعة دي يعتبر هذيان من الصدmة.

هزت رأسها بنفي لترد باصرار:

ـــ لا يا أدهم الحكاية مش كدا خالص..

ـــ فهميني الحكاية ايه؟!

ـــ معتصم رمـ.ـيـ.ـته ورا ضهري من اللحظة اللي عرفت فيها حقيقته… معادش فارق معايا.. انا اصلا مشاعري ناحيته كانت هشة بدليل اني اتخطيته بسرعة..

نظر في عمق عينيها ليسألها و هو يضيق جفنيه:

ـــ انتي متأكدة انك اتخطيتيه؟!

سكتت لوهلة ثم سرعان ما أومأت بتأكيد:

ـــ أيوة متأكدة..

ـــ و بالنسبة لزميلك دا… ايه مشاعرك ناحيته؟!

هزت كتفيها لأعلى:

ـــ مفيش مشاعر تقريبا.. بس هو محترم جدا و طول دراستي معاه مشوفتش منه حاجة وحشة دا غير سمعته الطيبة في الكلية و حاليا في المستشفى كمان.

ـــ يعني دا في رأيك كافي لإنك ترتبطي بيه؟!

ردت و هي ترفع كتفيها لأعلى و تهز رأسها بتعجب:

ـــ ايوة طبعاً كفاية… بعد اللي مريت بيه مع معتصم اكتشفت ان أهم حاجة الاحترام و الوضوح.

ـــ و الحب يا ريم؟!

حانت منها بسمة متهكمة لتقول:

ـــ حب؟!… الحب ممكن ييجي بعد الجواز عادي..

رفع حاجبيه بتعجب من رأيها فاسترسلت بجدية تامة:

ـــ يعني انت مثلا أقرب مثال… انت اتجوزت ندى و مكنتش تعرف حتى شكلها ايه؟!.. و مع العشرة واضح انك حبيتها… تنكر؟!

رد بجدية و هو في حالة ذهول من تفكيرها و حوارها بالكلية:

ـــ لا منكرش طبعاً… انا فعلا حبيت ندى بعد الجواز.. بس دي مش قاعدة.

أمسكت كفيه لتضغط عليهما برجاء:

ـــ سيبني أجرب..

ـــ الجواز مينفعش فيه تجارب.. دي حياة كاملة و خطوة لازم تخططيلها كويس و تفكري ألف مرة قبل ما تخطيلها.

ـــ هنتخطب لفترة يا أدهم و اكيد خلال الفترة دي هكون أخدت قراري الصحيح.

ـــ أنا خايف تاخدي الخطوة دي بهدف الانتقام من معتصم.. او عايزة ترديله الضـ.ـر.بة مثلا… ساعتها هتلاقي نفسك بتنتقمي من نفسك مش منه..

ـــ لا لا لا مش كدا خالص يا أدهم… معتصم غلطة و نـ.ـد.مت عليها و خلصنا.. مش بفكر انتقم ولا اي حاجة من اللي في دmاغك دي.

نظر لها مطولا ثم تنهد و هو يقول:

ـــ أتمنى ذلك.

ـــ يعني مقولتش رأيك برضو..

ـــ أقول ايه.. انا شايف انك واخدة قرارك اصلا.. بس مترجعيش تلومي الا نفسك.

ضغطت على كفيه و هي تقول بجدية:

ـــ ان شاء الله مش هيحصل لوم ولا عتاب..

هز رأسه عدة مرات ثم قال:

ـــ ابعتيلي اسمه و عنوانه و كل اللي ت عـ.ـر.فيه عنه في رسالة ع الواتس عشان أسأل عنه..

احتضنته بامتنان و هي تقول:

ـــ ربنا ما يحرمني منك يا حبيبي.

في مكتب معتصم يجلس أمامه شاب طويل في الثلاثين من عمره أرسله مدير شركة الأمن الذي يتعامل معها معتصم كما طلب منه آنفا..

ـــ أهلاً يا عمر… انا عايزك في مهمة محددة الهدف منها تراقبلي بـ.ـنت أمرها يهمني جدا و في نفس الوقت تحرسها و تحميها من أي أذى ممكن تتعرضله.

أومأ الحارس باحترام، فاسترسل معتصم موضحا أكثر:

ـــ أنا عايزك معاها زي ضلها.. أي حاجة غريبة تشوفها تبلغني بيها فورا.. اي حد يكلمها او تخرج معاه تصوره و تبعتلي الصور ع الواتس.. خط سيرها تبلغني بيه… متقلقش المهمة هتكون سهلة لان هي مالهاش اي علاقات و غالبا من البيت للشغل و من الشغل للبيت..

أومأ و هو يقول:

ـــ أنا تحت أمرك يافنـ.ـد.م.. فهمت اللي حضرتك عايزه.

هز رأسه عدة مرات ثم قال:

ـــ هبعتلك اسمها و مكان شغلها و كل اللي اعرفه عنها في رسالة… بس عايزك تعرفلي بالظبط عنوان بيتها لان دا بقى اللي معرفهوش… هي ساكنة في كومباوند في التجمع الخامس بس معرفش مكان البيت بالظبط… و أهم حاجة مش عايزها تحس انك بتراقبها… مفهوم؟!

أومأ بجدية:

ـــ مفهوم طبعاً يافنـ.ـد.م حضرتك مش محتاج تنبه عليا في حاجة زي دي.

ـــ تمام… مهمتك هتبدأ من بكرة الصبح… هتستناها قدام المستشفى قبل معاد حضور الموظفين عشان تشوفها و تتعرف عليها…

فتح هاتفه على صورتها و أعطاه الهاتف لكي يراها و يعرفها، فتمعن عمر فيها النظر ليطبع صورتها بذاكرته ثم أعاده لمعتصم و هو يقول:

ـــ تمام يافنـ.ـد.م انا كدا حفظت شكلها..

هز رأسه عدة مرات ثم قال:

ـــ لو نفذت أوامري بالحرف و اتبسطت منك هيكون ليك مني مكافأة بخلاف مرتبك من فريد بيه.

اتسعت ابتسامته و هو يقول:

ـــ ان شاء الله يافنـ.ـد.م اكون عند حسن ظن سيادتك.

ـــ ان شاء الله… دا الكارت بتاعي يا ريت تبعتلي رسالة برقمك

أخذ منه الكارت ثم نهض من مكانه و هو يقول:

ـــ أي أوامر تانية يافنـ.ـد.م؟!

نهض معتصم ثم مد يده يسلم عليه ليقول مبتسما:

ـــ متشكر جدا يا عمر… فرصة سعيدة.. مع السلامه..

خرج عمر من المكتب مغلقا الباب خلفه، فعاد معتصم لكرسيه مسترخيا عليه و هو يتنهد بـ.ـارتياح… فعلى الأقل سيعرف ان كانت تتلاعب به أم أنها جادة فيما يخص خطبتها من آخر..

عودة لحمد بمحافظة سوهاج…

لاحظ أن صافية لم تصلي منذ صلى بها ليلة الزفاف، فانتهى من تناول غدائه معها ثم أجلسها بجواره على الأريكة و أدار دفة الحديث قائلا برفق:

ـــ صافية انتي مبتصليش ولا ايه؟!

أطرقت رأسها بخذي و هي تقول:

ـــ لاه.

ـــ ليه؟!.. عندك عذر يعني يمنعك من الصلاة؟!

رفعت رأسها له لترد بعفوية:

ـــ لاه.. بس أمي…

لم تكمل كلامها و أسرعت تكمم فمها بكفها خــــوفا من تحذيره السابق من ذكر سيرة أمها أمامه، فضيق جفنيه بترقب متسائلا:

ـــ ايه؟!.. اوعي تقوليلي ان امك قالتلك متصليش؟!

أسرعت تصحح بعفوية:

ـــ لاه.. اني كنت هجول امي معلمتنيش الصلاة… يعني بصلي اكده كل فين و فين.

هز رأسه بعدm رضا ليقول بنبرة لينة:

ـــ طاب ينفع بنوتة كبيرة زيك كدا متصليش؟!

زمت شفتيها و هي تقول:

ـــ مخبراش…بس بدي اشوف حد بيصلي و اني راح اصلي زييه.

ـــ قصدك حد يشجعك يعني؟!

هزت رأسها بايجاب فابتسم لها و هو يقول:

ـــ و أنا روحت فين؟!.. من النهاردة نشجع بعض و نصلي سوا… تمام؟!

ابتسمت و هي تومئ بموافقة، فشعر بكثير من الارتياح، على الأقل بدأت تستجيب.

ـــ حمد

ـــ اممم..

ـــ عايزة أجولك على حاچة بس سايج عليك النبي مـ.ـا.تزعج عليا.

ـــ قولي متخافيش..

أخذت تفرك كفيها بتـ.ـو.تر و هي تقول:

ـــ أمي اااااا…..

حثها بقوله:

ـــ كملي.. قالتلك ايه؟!

ـــ سألتني على الجماشة البيضا.

انتفخت اوداجه بغـــضــــب و لكنه كظم غـ.ـيظه و هو يسألها:

ـــ و قولتلها ايه؟!

ردت بعفوية:

ـــ جولتلها انك لجحتها(رمـ.ـيـ.ـتها) في الزبـ.ـا.لة..

ـــ اممم و قالتلك ايه؟!

ـــ زعجت عليا و جالت أبصر شرفك ولا مدري كيف… مفهمتش من كلامها حاچة واصل.

ضحك حمد بملئ فمه و هو يقرص وجنتيها و يقول:

ـــ طفلة يا ربي… و الله طفلة.

انزلت يده بغـــضــــب و هي تقول بضيق:

ـــ لاه اني مش طفلة يا حمد…اني زملاتي اتچوزوا و خلفوا قمان..

سكت مليا يتأمل ملامحها المتذمرة بغـــضــــب طفولي، ثم احتضن كفيها بين كفيه و هو يقول:

ـــ أنا خايف عليكي يا صافية… انتي صغيرة اوي على الجواز و مسؤلياته… انتي اللي قدك لسة بيلعبو و بيتعلموا و بيخرجوا و بيتفسحوا.. لسة بدري على الخطوة دي.

ردت عليه ببراءة و هي تضحك:

ـــ الكلام اللي عتجوله ده بيحصل في الافلام بس يا واد عمي… خيتي كريمة عنديها عشرين سنة و معاها اربع عيال ربنا يخليلها.

ضحك حمد من تلك العقيدة المترسخة في ذهنها كما لقنها والديها و الناس من حولها ثم سألها و هو يرفع حاجبيه بمكر:

ـــ طاب انتي عارفة الناس بتخلف العيال ازاي؟!

اقتربت برأسها من أذنه فقام بدوره بتقريب رأسه منها و هو في حالة من الدهشة ثم تحدثت بهمس و كأن أحدهم سيسمعها:

ـــ اني سألت كريمة خيتي كتير… بس مراضياش تجولي… طوالي تزعج عليا و تجولي اتحشمي يا بت.. هت عـ.ـر.في لما تتچوزي.

رفع حاجبيه و كأنه متفاجئ يسألها بذات الهمس:

ـــ بجد؟!

هزت رأسها بايجاب و هي تقول بثقة هامسة:

ـــ ايوة… زي ما بجولك اكده.

ضحك للمرة التي لم يعرف عددها و هو يجذبها الى حـ.ـضـ.ـنه و يحيطها بذراعيه و يقول بخفوت:

ـــ و الله يا ربي متجوز طفلة.

سمعته لتضـ.ـر.ب صدره بكفها الصغير بتذمر و هي تتمتم بغـــضــــب:

ـــ سمعاك يا واد عمي.

ـــ أي ايدك تقيلة يا طفلة..

أخذت تزيد في ضـ.ـر.به كلما نعتها بتلك الكلمة و هو لا يتوقف عن ترديد تلك الكلمة عنادا لها و لكي يرى غـــضــــبها الطفولي الذي أحبه منها و وجهها المرح الذي يراه لأول مرة.

ترك أدهم شقيقته بتخبطها ثم سار نحو غرفة ندى، و حين دخل الغرفة وجد أمه تجلس معها في انتظاره لتسأله بقلق:

ـــ ايه يا أدهم… ريم كانت عايزاك ليه.. انا سيبتكو تتكلمو براحتكم عشان هي بتضايق لما بتدخل بينكم..

قبل كفها بحب:

ـــ حبيبتي انتي تتدخلي زي ما انتي عايزة…دا انتي الخير و البركة يا ست الكل.

ـــ يابني قول قلقتني.

تنهد بعمق ثم قال:

ـــ مش هتصدقي يا ماما…بتكلمني على واحد زميلها في المستشفى عايز يتقدmلها.

اتسعت عينيها بدهشة:

ـــ نعم؟!..هي اتجننت دي ولا ايه؟!

ـــ و دا بالظبط كان رد فعلي.

ـــ طاب و بعدين…انت عارف انها بتتصرف كدا من صدmتها..و اكيد هي مش واعية للي بتعمله دا..اه يا ريم هتجننيني.

ـــ أنا عارف يا ماما ان تفكيرها في الوقت الحالي مشوش بس للأسف هي مصممة تخوض التجربة…انتي عارفاها عنيدة قد ايه؟..و مبتقتنعش غير لما تنفذ اللي في دmاغها.

ـــ اه انت هتقولي…فاكر لما صممت تستلم شغلها في الصعيد؟!..مع انك كنت هتنقلها في لحظة بس هي صممت و في الآخر مكملتش هناك شهر و رجعت تقول يا ريتني.

هز رأسه بقلة حيلة:

ـــ أنا بحاول مزعلهاش عشان حالتها النفسية مش مظبوطة و بسيبها تجرب بنفسها عشان تتعلم… بس الظاهر اني كنت غلطان… و كان لازم أشـ.ـد عليها شوية..

تدخلت ندى في الحديث قائلة:

ـــ اسمحلي يا أدهم…ريم شخصيتها قوية جدا و في نفس الوقت هشة جدا و اقل حاجة بتدmرها… فخليها تكتشف بنفسها ايه القرار الصح و ايه الغلط ساعتها هتكون مقتنعة أكتر… و في الاول و الاخر دي هتكون مجرد خطوبة.. لو ليهم نصيب في بعض هيكملو.. و العكس صحيح.

هز رأسه عدة مرات ثم قال بجدية:

ـــ انا للأسف مضطر أسايرها المرادي كمان لحد مانشوف آخرتها ايه؟!

ربتت أمه على فخذه تطمئنه:

ـــ خير يا حبيبي ان شاء الله… خير.

توالت الأيام على الأبطال دون جديد يذكر سوى أن عمر يراقب ريم كما أمره معتصم و قد عرف عنوانها تفصيليا و أرسله اليه، كما أنه التقط لها صورا مع خالد أثناء خروجهما من المشفى و أرسلها أيضا الى معتصم..

علم عمر مؤخرا من رجـ.ـال الأمن بقسم الاستقبال أن حفل خطبة خالد و ريم ستقام يوم الخميس المقبل و هو آخر يوم لندى في أيام عزلها بسبب الكورونا.

بالطبع أصابته صدmة بالغة و شعر أن الدنيا تهيم به و أحس بالعجز التام… فحبيبته التي يحلم ليل نهار باقتران اسمها باسمه ستكون ملكا لغيره.

و بالطبع نرمين تلك الأفعى مازالت تراقب محادثات معتصم و رأت محادثته مع عمر و ما يرسله له من صور لريم، الأمر الذي جعلها تكاد تفقد عقلها… ألهذا الحد قد هُوِسَ بها معتصم؟!.. لدرجة أن يراقبها و ينتظر أخبـ.ـارها؟!

كانت ريم تتزين في غرفتها و معها ندى و قد تحسنت كثيراً و لكن لاتزال ترتدي الكمامة، و شقيقتها روان استعدادا لحفل خطبتها على خالد.

و لكن رغم أنه كان من محض اختيارها الا أنها لم تكن سعيدة أبداً، كانت تغتصب الابتسامة على شفتيها… فقد سيطرت صورة معتصم بوسامته و هيبته على عقلها تماما خاصة في هذا اليوم بالذات، و لكن لا مجال للعودة و التراجع.

طرقت وفاء الخادmة الباب لتفتح لها ندى، فاعطتها باقة رائعة من زهور الاورجانزا ثم قالت:

ـــ في واحد جاب البوكيه دا للدكتورة ريم.

التقطته منها و هي تتأمله باعجاب بالغ:

ـــ مت عـ.ـر.فيش مين دا؟!

ـــ لا يا هانم.. تقريباً واحد من عمال المحل..

هزت رأسها بايجاب ثم شكرتها و أغلقت الباب، ثم سارت نحو ريم و أعطتها الباقة:

ـــ ريم حد باعتلك البوكيه دا.

ـــ مين يا ترى؟!

التقطت الباقة ثم لمحت تلك البطاقة الحمراء المدون عليها بعض الكلمـ.ـا.ت فقامت بقرائتها حيث كتب فيها:

“مبـ.ـارك الخطوبة … بتمنالك السعادة من كل قلبي.. و بتمنى انك تكوني مبسوطة بحياتك الجديدة.. بس للأسف عارف انك مش مبسوطة…. معتصم”

حين انتهت من قرائتها بدأت يديها ترتجفان و عينيها تتساقط منها العبرات ثم ضاقت أنفاسها قليلا و علت شهقاتها، فاحتضنتها روان و هي تصيح بها:

ـــ ريم… مالك يا حبيبتي.. اهدي.. اهدي يا ريم.. ايه اللي حصل بس… ندى بسرعة نادي أدهم.

خرجت ندى و هي تركض لتستدعي أدهم لغرفة شقيقته، فدلف الغرفة مذعورا ليصعق بمظهر ريم المذري ليبعد روان عنها و يحتضنها و هو يقول بحنو:

ـــ اهدي.. اهدي يا حبيبتي خلاص انا معاكي.. ايه اللي حصل يا روان؟!

أعطته تلك البطاقة التي قرأتها ريم للتو فأخذها منها ليقرأها، فانتفخت اوداجه بغـــضــــب و هو يسب و يلعن به بخفوت و ألقى بها على مد ذراعه ثم عاد يشـ.ـدد من احتضان أخته المذعورة و هو يتمتم بهمس حاني:

ـــ ريم اسمعيني… لو عايزاني اطلع دلوقتي أنهي كل حاجة و اعتذر لخالد هعمل كدا لو دا هيريحك… انتي قلبك مش معاكي يا ريم… اسمعيني يا حبيبتي متضغطيش على نفسك أكتر من كدا..

بدأت شهقاتها تقل رويدا رويدا الى أن هدأت تماما ثم ابتعدت عن حـ.ـضـ.ـنه و قالت بجدية تامة:

ـــ لا يا أدهم…في الأول و الآخر استحالة هرجعله بعد اللي عمله.. مفيش داعي للي انت بتقوله.. انا بس كانت اعصابي تعبانة شوية فعيطت غـ.ـصـ.ـب عني.. بس الحمد لله انا بقيت أحسن دلوقتي.. هغسل وشي و هظبط الميكاب و اخرج… زمان خالد و عيلته على وصول..

نظر لها مطولا ثم سألها بتوجس:

ـــ متأكدة انك كويسة يا ريم؟!

هزت رأسها و هي تبتسم له حتى لا تثير ريبته و قلقه، فتركها و هو يتوعد في نفسه لمعتصم أن أحـ.ـز.ن شقيقته و أوصلها لتلك الحالة السيئة.

لم يكن أحد سعيدا في ذلك الحفل سوى خالد و عائلته، بينما ريم كانت تتظاهر بالسعادة و أدهم لم يستطع أن يغض الطرف عنها و لو لحظة، فقد كان قلقا عليها للغاية و يشعر بها تماما و ما يموج بقلبها من تخبط.

انتظر أدهم بزوغ شمس اليوم التالي بفارغ الصبر ليلقن ذلك الأرعن درسا نظير فعلته بأخته بالأمس..

من حسن حظ أدهم أن معتصم بات تلك الليلة العصيبة بمكتبه بالشركة، فقد كانت حالته سيئة لدرجة لا تسمح له بمواجهة أي شخص ما.

استقل سيارته في الصباح الباكر ليأخذ طريقه الى شركة معتصم و هو يتوعد له.

وصل الى الشركة و صعد الى الطابق الذي يقطن به مكتبه، فتخطى السكرتيرة و دلف مباشرة اليه دون أن ينبس ببـ.ـنت شفه، و حين انفتح الباب فجأة وقف معتصم ليتفاجئ بمثول أدهم أمامه و شرارات الغـــضــــب تتطاير من عينيه، فأدرك أنه جاء ليحاسبه على فعلته بالأمس..

ـــ مش عيب يا أدهم بيه لما ظابط محترم زي حضرتك يتهجم على واحد في محل عمله..

سار اليه بخطى واسعة حتى أمسكه من تلابيبه و هو يصيح بغـــضــــب:

ـــ هو انت لسة شوفت عيب يا ابن الـ…

نفض معتصم ذراعيه و هو يرد بانفعال:

ـــ احترم نفسك و متشتمش… متنساش انك في مكتبي.

ـــ تصدق خــــوفت يلا…انت عايز ايه بالظبط من اختي… هو انا مش حذرتك متقربش منها يا حـ.ـيو.ان.

رد معتصم و هو يصيح بغـــضــــب:

ـــ قولتلك متشتمش…

ثم تحولت نبرته للبرود و هو يضع يديه في جيبي بنطاله:

ـــ و بعدين حبيت ابـ.ـارك للدكتورة ريم…. مغلطتش يعني.

صاح به بغـــضــــب بالغ:

ـــ و تبـ.ـاركلها بصفتك ايه؟!.. ها؟!.. و بالنسبة للي كتبته على الزفت؟!

رد عليه بنبرة بـ.ـاردة:

ـــ أنا مكتبتش حاجة عيب ولا غلط… انا كتبت الحقيقة.. اه معلش اصل هي دايما كدا الحقيقة بتو.جـ.ـع..

أخذ أدهم يصتك فكيه بتغـ.ـيظ شـ.ـديد، فإنه يذكره بكلمـ.ـا.ته التي قالها له آنفا..

اقترب أدهم برأسه الى رأسه للغاية ثم قال بصوت كالفحيح:

ـــ و غلاوة ريم عندي لو فكرت تقربلها او تضايقها لكون حابسك في تأبيدة يا.. يا معتصم بيه.

رفع حاجبيه و هو يرد عليه بنبرة تمثيلية:

ـــ لا بجد خــــوفتني…

ثم علت نبرته ليقول بانفعال بالغ:

ـــ اسمع يا أدهم باشا…ريم هتفضل حبيبتي لاخر يوم في عمري شئت ام أبيت..و اوعى تفتكر اني خايف منك.. أنا قادر اغلط فيك زي ما بتغلط فيا و اضـ.ـر.بك كمان لو لزم الأمر…بس انا عامل خاطر لريم لأنك اخوها اللي بتحبه و بتحترمه… و لولا ريم بينا لكنت شوفت مني وش ربنا مايوريهولك..

حانت من أدهم بسمة ساخرة ليقول بوعيد:

ـــ هدد براحتك يا سي معتصم… و على جثتي ان ريم تكون ليك..

بالكاد سيطر معتصم على أنفاسه المتسارعة ثم وضع يديه في جيبي بنطاله و هو يقول بنبرة غليظة:

ـــ شرفت يا أدهم بيه.

ألقى عليه أدهم نظرة حارقة ثم تركه و عاد الى سيارته و هو يستشيط غـــضــــبا من ردود فعل معتصم البـ.ـاردة المستفزة، فقرر العودة للمنزل ليرتدي ملابسه الميري ليستكمل عمله على أية حال…

حين خرج أدهم من غرفة مكتبه وقف معتصم ينظر في أثره و صدره يعلو و يهبط و ملامحه منكمشة من فرط الانفعال، فوجد نفسه يطيح بكل ما على سطح المكتب بيده و هو يصـ.ـر.خ بعصبية لعله يفرغ غـــضــــبه في تلك الجمادات، فاستند بكفيه الى حافة المكتب و هو يحاول السيطرة على عصبيته الزائدة.

و بعد ثواني قام باطفاء المكيف ثم فتح نافذة الغرفة الكبيرة على آخرها و التي تطل على الطريق و أخذ ينظر من خلالها في اللاشيئ و هو يستنشق الهواء لعل صدره يتسع بعدmا ضاق لحد الاختناق.

بعدmا هدأ تماما أمسك هاتفه و أتى برقم ريم، ينظر له و نفسه تراوده بأن يتصل بها و يحاول اقناعها مجددا لعله ينجح تلك المرة و لكنه عاد لينهر نفسه و يحدثها:

ـــ ايه يا معتصم اتغيرت اوي… كفاية بعترة في كرامتك لحد كدا.. من امتى و انت بتجري ورا حاجة مش ليك.. كفاية عليك الكام ذكرى اللي عيشتهم معاها و سيبها بقى تعيش حياتها زي ما اختارتها و حافظ على شوية الكرامة اللي باقيينلك.

ألقى بالهاتف على سطح المكتب ثم طلب من السكرتيره أن ترسل عامل لتنظيف المكتب و اعادة ترتيبه.

حاول أن يستعيد تركيزه قدر المستطاع حتى يتمكن من استئناف أعماله، و في خضم انشغاله دخلت اليه نرمين و جلست قبالته بعدmا ألقت عليه التحية.

ترك ما بيده من عمل ثم نظر لها بملامح واجمة في انتظار ما سوف تقوله، فحمحمت لتقول بتـ.ـو.تر و هي تفرك كفيها:

ـــ معتصم… مش هنرجع لبعض بقى؟!

قطب ما بين حاجبيه ناظرا لها باستفهام و كأنه يقول لماذا، فأسرعت ترد موضحة:

ـــ يعني البـ.ـنت اللي انت طلقتني عشانها اتخطبت لواحد تاني خلاص و الموضو…

قاطعها ليسألها بدهشة:

ـــ انتي عرفتي منين انها اتخطبت؟!

ارتبكت و أخذت تحاول اختلاق كذبة لانقاذ نفسها من ذلك المأذق الى أن قالت و هي تبتلع ريقها بتـ.ـو.تر:

ـــ هشام…. هشام قالي… بس أنا اللي ألحيت عليه يعني… مكانش راضي يقولي.. بس انا ذنيت على دmاغه لحد ما قالي.

أخذ ينظر لها بشك، فقد كانت حالتها مثيرة للشك حقا، و لكنه تجاوز ذلك على أية حال ثم قال بجدية:

ـــ مفيش حاجة هتتغير يا نرمين… خلينا كدا أحسن.. أنا كدا مرتاح أكتر.

ـــ بس أنا مش مرتاحة و انا بعيد عنك..

هز كتفيه لأعلى ليقول و هو يزم شفتيه:

ـــ دي مشكلتك انتي مش مشكلتي.. و بعدين ما احنا مع بعض علطول في الشركة و مفيش يوم بيعدي منغير ما اشوفك.

تنهدت بضيق ثم قالت:

ـــ معتصم اظن انا مش محتاجة اشرحلك اقصد ايه ببعدي عنك..

اقترب برأسه من رأسها ليقول و هو يصوب عينيه لعينيها لعلها تفهم أكثر:

ـــ قولتلك مفيش حاجة هتتغير.. و أظن مش محتاج أشرحلك أكتر من كدا.

بادلته النظرة بأخرى ساخطة ثم قالت بنبرة مغتاظة:

ـــ واضح ان لسة عندك أمل انها ترجعلك.

رمقها بنظرة حارقة ليصيح بها بعصبية:

ـــ ميخصكيش… و اتفضلي برا.. وقتك خلص.

نهضت و هي ترمقه بنظرات متوعدة و لكنه لم يهتم بنظراتها، و بمجرّد أن خرجت و أغلقت الباب من خلفها، دار بكرسيه حول نفسه و هو يضـ.ـر.ب المكتب بقبضته و يصـ.ـر.خ بعصبية:

ـــ أنا كنت ناقصك انتي كمان… سيبوني بقى.. عايزين مني اييييه!!…

دفن رأسه بين كفيه و هو يتنفس بسرعة، و بقي على تلك الحالة لفترة طويلة، فلم يستطع البقاء بالشركة أكثر من ذلك و ترك ما أمامه من ملفات و التقط سترته و مفتاح سيارته و غادر الشركة بأكملها الى حيث لا يعلم بعد..

خرجت نرمين من مكتب معتصم و هي تستشيط غـ.ـيظا، فذهبت الى غرفة مكتبها بالطابق العلوي و حين دخلتها أخذت تدور حول نفسها بغـــضــــب و هي تتحدث مع نفسها:

ـــ هي للدرجادي واكلة عقلك يا معتصم… بجد انا مش مصدقة… اه لو أشوفك يا زفتة انتي.. و الله ما اخلي فيكي حتة سليمة.. نفسي اعرف فيكي ايه مش فيا..

استخرجت هاتفها من حقيبتها ثم قامت بالاتصال براغب و بعد قليل اتاها رده لتقول:

ـــ ازيك يا راغب عامل ايه؟!

ـــ تمام يا هانم… ايه الاخبـ.ـار؟!

ـــ لسة مش قادرة اوصل لحاجة… رغم انها اتخطبت لكن لسة بيحبها و منتظر ترجعله و مش عايزنا نرجع لبعض تاني.

ـــ اصبري شوية يا هانم… لسة الجـ.ـر.ح مفتوح.

ـــ اصبر لحد امتى… لحد ما شهور العدة تخلص و يبقى طـ.ـلا.ق رسمي!

سكتت مليا ثم أخذت تقول و هي تعض اناملها من الغـ.ـيظ:

ـــ انا نفسي امسك البت دي اديها علقة مـ.ـو.ت و اشفي غليلي منها

حانت منه بسمة ماكرة و هو يقول:

ـــ سيبي الموضوع دا عليا يا هانم؟!

قطبت جبينها باستغراب:

ـــ قصدك ايه يعني؟… هتضـ.ـر.بها؟!

ـــ لا طبعاً مش هينفع اضـ.ـر.بها انا… بس عندي اللي هيجيبهالك من شعرها قدام عينيكي و اشفي غليلك براحتك… بس كله بحسابه.

هزت رأسها بحماس:

ـــ تمام اوكي حلو اوي… و طبعاً اللي تطلبه انا تحت امرك.

ـــ تمام.. ابعتيلي بس عنوان شغلها و خلي الباقي عليا.

ـــ اوكي..معتصم كان بعت عنوان شغلها للي اسمه عمر دا ع الواتس.. هبعتهولك حالا..

ـــ تمام… و ساعة التنفيذ هكلمك عشان تشوفيها و هي بيتعمل معاها الجلاشة.. سلام يا هانم.

أغلقت المكالمة و هي تبتسم بشمـ.ـا.تة و تمني نفسها برؤية تلك الدخيلة و هي تنزف دmا نظير سرقتها لأغلى ما تملك كما تظن.

أخيراً عادت مودة الى أرض الوطن و تم حجزها بمشفى الدكتور رؤف لاستكمال فترة النقاهة و قد استعادت قدر كبير من عافيتها، و لكنها منذ وطأت قدmاها أرض الوطن لم تنفك عن السؤال عن أختها و رغبتها الشـ.ـديدة في رؤيتها و ان كانت مازالت نائمة في غيبوبتها العميقة، و لكن محمد لم يعد يجد من المبررات ما يمنعها من رؤيتها الى أن نفذ صبره و استدعى آسر الذي وعده بالمرور اليه عقب انتهاء عمله مباشرة..

قبل أن يدخل آسر الى مودة استوقفه محمد ليأخذه الى المقهى الملحق بالمشفى حتى يتحدثان بأريحية أكثر…

ـــ آسر… أنا مش قادر اقول لمودة خبر مـ.ـو.ت أختها.. خايف عليها و في نفس الوقت مش هقدر اشوفها و هي منهارة… عشان كدا انا وكلتك انت للمهمة دي.. انا عارف انها هتكون صعبة عليك.. بس انا متأكد انك هتعرف تهديها أكتر مني.. انا اصلا قلبي مش مستحمل و هنهار قبل منها.

سكت آسر مليا يفكر في طلب حماه، الى أن قال بحـ.ـز.ن:

ـــ كتير عليا اوي يا عمو محمد… انت كدا هتحطني في موقف صعب و مش قادر اتوقع رد فعلي لو مودة انهارت قدامي… هتقلب عليا المواجع و الأحزان.

ربت على كتفه بحب و هو يقول ببسمة واثقة:

ـــ أنا متأكد انك قدها يا آسر… معلش يابني انا عارف اني بتقل عليك…و مش هنسالك الجميل دا أبداً.

تنهد بقلة حيلة ثم هز رأسه بموافقة، فاتسعت بسمة محمد و استرسل قائلا:

ـــ اطلعلها دلوقتي سلم عليها و قولها ع الحقيقة و انا هستناك هنا… مش هقدر اشوفها بعد ما تعرف.

أومأ بموافقة ثم نهض و هو يقول:

ـــ عن اذنك يا عمو…

صعد آسر الى غرفتها و قبل أن يطرق الباب أخذ نفسا عميقا و هو يغمض عينيه استعدادا لهذا الموقف الثقيل، ثم طرق الباب و دلف اليها ليجدها تجلس بمنتصف الفراش و بيدها هاتفها تتصفحه، و بمجرد أن التفتت له تنظر بابتسامتها الجميلة دق قلبه بعنف و كأنه يرى ميريهان أمامه للمرة الثانية، و لم يكن حال مودة بأقل منه، فقد كاد قلبها أن يخرج من مكانه حين طل عليها…

حاول آسر السيطرة على حالة التخبط التي أصابته ثم أخذ نفسا عميقا و تقدm من فراشها و هو يقول برسمية:

ـــ حمد الله على سلامتك يا مودة… نورتي مصر كلها..

ردت برقتها المعهودة:

ـــ الله يسلمك يا آسر.. مصر منورة بأهلها.

جذب كرسي و جلس بجوار فراشها ثم سألها بابتسامة سحرتها:

ـــ ها يا جميلة… عاملة ايه النهاردة؟!

تاهت منها الكلمـ.ـا.ت و هي تتأمله عن قرب و كأنها تراه لأول مرة، لم تكن تلك أبداً نظرتها له سابقا، ماذا تغير اذن… نهرت نفسها أن فكرت في خطيب أختها بتلك الطريقة، ثم ابتلعت ريقها و هي تقول:

ـــ الحمد لله انا بقيت كويسة و نفسي اخرج عشان اشوف ميري.

حمحم آسر بتـ.ـو.تر و هو ينظر للجهة الأخرى يحاول استجماع الكلمـ.ـا.ت التي سيقولها ليخبرها بالحقيقة الى أن قال بجدية:

ـــ هتقدري تقومي من السرير؟!.. تعالي نقعد على الكنبة دي عشان عايز اتكلم معاكي في موضوع كدا.

هزت رأسها بايجاب ثم تزحزحت حتى وصلت الى حافة الفراش ثم أنزلت قدmيها على الأرض، و بمجرد أن وقفت أصابها دوار طفيف و كادت أن تقع و لكن آسر أسرع باسنادها من خصرها، فتـ.ـو.ترت كثيرا من قربه و احمرت وجنتيها خجلا بينما هو تسارعت دقات قلبه أكثر و رغما عنه أخذ نفسا عميقا يستنشق عبيرها، الى أن عاد الى وعيه و قال بتـ.ـو.تر و هو مازال يسندها:

ـــ خلاص خليكي في السرير طالما بتدوخي.

هزت رأسها بنفي:

ـــ لا لا أنا زهقت من رقدة السرير.. اسندني بس لحد الكنبة.

أومأ و هو يبتلع ريقه من فرط الارتباك ثم اسندها الى أن جلسا على الأريكة، فنظر آسر في عينيها ثم قال بجدية:

ـــ مودة انتي عارفة ان ميري حالتها كانت وحشة بسبب الحادثة و انتي كمان ساءت حالتك أكتر و لكي أن تتخيلي باباكي كانت حالته عاملة ايه و هو حاسس ان بناته اللي طلع بيهم من الدنيا خلاص هيروحوا منه… لكن ربنا أراد انه يتكتبلك عمر جديد عشان يخفف عن والدك شوية… بس للأسف ميري… ميري مكملتش و اتوفت.

انكمشت ملامحها بعدm تصديق او ربما عدm استيعاب و أخذت تهز رأسها و الدوع تنهمر من عينيها بغزارة و تهذي بلا وعي:

ـــ لا.. انت بتقول ايه؟!.. المفروض انا اللي كنت امـ.ـو.ت… ميري لأ.. انا.. انا كنت مستنية مـ.ـو.تي انما هي لأ..

أخذت تهذي بتلك الكلمـ.ـا.ت و هي تلوح بيديها هنا و هناك و جسدها ينتفض بعنف من فرط الصدmة، و آسر يحاول تهدئتها ولكن بلا فائدة، فقد خرج الأمر عن سيطرتها.

أخذت تبكي بحسرة بكاء هيستيري و هي تتأوه بصوت عالي و تمسك موضع قلبها و آسر يحاول معها بشتى الطرق، فتارة يقيد يديها و تارة يحيط وجهها بكفيه و يهدئها بالكلمـ.ـا.ت و لكن أيضاً بلا فائدة، الى أن ساءت حالته هو ايضا و كأن عدوى الصدmة انتقلت اليه، فبكى رغما عنه و هو يراقب انفعالاتها بقلب مكلوم.

من فرط صدmتها نهضت من مكانها تحاول السيطرة على نوبة البكاء الهيستري التي أصابتها فنهض آسر سريعا يسندها من كتفيها قبل أن تسقط، فأمسكته من ياقة قميصه و أخذت تهذي و هي تبكي:

ـــ مش هشوفها تاني يا آسر؟!.. ازاي هعيش من غيرها.. ها قولي.. انا عايزة اشوفها..

رد عليها و هو بالكاد يسيطر على أعصابه:

ـــ مودة انتي انسانة مؤمنة و عارفة ان كل واحد لينا له عمر و ساعة… و هي خلاص عمرها خلص.. احمدي ربنا انك لسة عايشة و الا باباكي كان هيجراله حاجة.

ردت و هي مازالت تبكي بهذيان:

ـــ انا كدا كدا همـ.ـو.ت..

لم يتحمل كلمتها و كأنه تخيل فراقها و انشطار قلبه للمرة الثانية، فجذبها الى حـ.ـضـ.ـنه و هو يقول بنبرة شبه باكية:

ـــ لا متقوليش كدا… ان شاء الله هتعيشي كتييير و هتتجوزي و هتخلفي.. الدكتور رؤف قال ان انتي اتحسنتي كتير بعد العملية و تقدري تمارسي حياتك زي اي شخص عادي.

بدأت شهقاتها تقل رويدا رويدا و كأنها عادت لوعيها، فابتعدت عن حـ.ـضـ.ـنه و هي تسبل جفنيها بخجل، فابتسم آسر من بين ملامحه الحزينة ثم استرسل بجدية:

ـــ ميري زمانها مبسوطة دلوقتي انك رجعتي تاني للحياة… و انك هتقدري تعملي كل حاجة كنتي محرومة منها… عشان خاطري يا مودة.. لو ليا عندك خاطر تجمدي قدام باباكي… هو فيه اللي مكفيه و خلاني اقولك انا خبر وفاتها لأنه مش مستحمل يشوفك و انتي منهارة

أخذت تمسح عبراتها من وجنتيها و هي تومئ برأسها، ثم سارت الى الفراش حتى جلست على حافته و لكنها لم تستطع أن توقف عينيها عن زرف العبرات، فتركها آسر تفرغ ما بجعبتها من حـ.ـز.ن و عاد يجلس على كرسيه مرة أخرى و هو يراقبها بحـ.ـز.ن شـ.ـديد.

مساءا عاد أدهم لتوه مع ندى من عند طبيب الصدر التي تتابع زوجته معه منذ أن أصيبت بالكورونا، فتح باب الشقة و الابتسامة الواسعة لم تفارق محياه، فدلفت ندى و دلف خلفها يحيط كتفيها بذراعه ثم سار بها مباشرة الى غرفته تحت دهشتها و استغرابها، فضحك و هو يجرها الى الغرفة و يقول:

ـــ هششش… من النهاردة مفيش اعتراض على اي حاجة… من النهاردة مش هتباتي برا القوضة دي..

ضحكت و هي تقول:

ـــ طاب اصبر بس اخد نفسي و نطمن ماما.

ـــ بعدين بعدين.

سارت معه باستسلام، و لكن استوقفتهما تيسير قبل أن يفتح باب الغرفة و هي تسأل بتفاجؤ:

ـــ ايه دا انتو جيتو امتى؟!

استدارا اليها لينظر لها أدهم باحباط ثم قال بعجلة:

ـــ الدكتور قال انها بقت كويسة الحمد لله.. عن اذنك يا ماما..

قالها و هو يستدير و يضع يده على مقبض الباب فرفعت تيسير حاجبيها باستنكار لتقول بغـــضــــب:

ـــ ما تستنى يبني فهمني الدكتور قال ايه بالظبط؟!

تنهد بنفاذ صبر ثم عاد ينظر لها بضيق يحاول اخفاؤه فقال:

ـــ كويسة يا ماما.. كويسة.. ايه اللي مش مفهوم في كلامي؟!

كممت ندى فمها لتواري ضحكتها التي تكتمها بصعوبة فرمقها بغـ.ـيظ ثم وضع يده على المقبص للمرة الثالثة و هو يقول:

ـــ عن اذنك يا ماما..

ثم فتح الباب و دفعها الى داخل الغرفة و من ثم نظر لأمه و هو يبتسم بسماجة ثم أغلق الباب، كل ذلك تحت نظراتها المتعجبة من تصرفاته الغريبة فانفجرت في الضحك بمجرد أن انغلق الباب ثم أخذت تهز رأسها يمنة و يسارا و ذهبت لغرفتها..

أما بالداخل أخذت ندى تفرك كفيها بتـ.ـو.تر من نظرات أدهم الهائمة فقالت بـ.ـارتباك حتى تهرب من نظراته:

ـــ أنا هروح قوضتي اجيب هدوم ليا عشان اخد شاور و أغير.

استند بجسده على الباب و كأنه يمنعها من الخروج ثم قال بمراوغة:

ـــ انتي ناسية ان ليكي هدوم هنا… و بعدين مش عاجبني حوار قوضتي و قوضتك دا.

رفعت حاجبها و هي ترد بتحدي:

ـــ مش دا كان اختيارك من الأول؟!.. و بعدين في الأساس قوضتي دي كانت قوضتنا اللي المفروض ننام فيها سوا لو تفتكر.

لوى فمه ببسمة معجبة ثم سار نحوها بخطى متمهلة ما زاد من تـ.ـو.ترها أكثر حتى اصبح في مواجهتها تماما و تفصلهما انشات قليلة، فمد يده فك حجابها و ألقاه على الفراش ثم فك عقدة شعرها و سمح لغرتها أن تنسدل على جبينها ثم أخذ يتأملها بهيام و هو يقول بنبرة مبحوحة:

ـــ كنت مغفل.

ابتسمت و هي تطرق رأسها بخجل ثم تهـ.ـر.بت من مرمى عينيه و هي تقول بنبرة مهتزة:

ـــ احم… طاب انا.. انا هدخل اخد شاور..

ثم فرت سريعا من أمامه الى المرحاض الداخلي بالغرفة و تركته يضحك باستمتاع متمتما بخفوت:

ـــ كويس انها نسيت تفتح الدولاب.. ههههه.

بعد ثواني نادته:

ـــ أدهم ناولني بيجامة من الدولاب.. نسيت اخدها.

سكت لوهلة يفكر ماذا سيقول لها الى ان رد:

ـــ اخرجي بالبرنس و طلعي لنفسك.. انا مش هعرف اطلعلك هدوم.

ضـ.ـر.بت الارض بقدmها و هي تقول بغـ.ـيظ:

ـــ مش هينفع… يلا يا أدهم بطل غلاسة.

رد بعناد:

ـــ طاب غلاسة بغلاسة بقى مش جايب حاجة…

أصدرت صوتا مكتوما كناية عن غـ.ـيظها البالغ فضحك بخفوت و هو يقول:

ـــ متخافيش انا هدخل بعدك علطول و مش هخرج من الحمام غير لما تخلصي لبس.

استخرج من الخزانة ملابس له و كانت بادي ابيض كات و بنطال قصير بالكاد يغطي الركبتين من اللون البيچ ثم جلس بحافة الفراش ينتظر خروجها و هو يتحدث مع نفسه بصوت خافت:

ـــ يا رب تكوني عملتي اللي قولتلك عليه يا ريم و اللي فكرت فيه يحصل زي ما انا عايز.

بعد دقائق قليلة خرجت ندى مرتدية برنس الاستحمام، فدلف أدهم خلفها مباشرة دون أن ينبس ببـ.ـنت شفه حتى لا يثير خجلها أكثر و لتكون أكثر استعدادا للحظات القادmة.

فتحت درفتها لتجدها خالية الا من رداء واحد فقط عبـ.ـارة عن هوت شورت قصير جدا جدا و بادي بحمالات بالكاد يغطي الصدر و يظهر البطن، كممت فمها و هي تنظر لهاتين القطعتين بذهول، لقد اشترت مثلها الكثير من الولايات المتحدة و لكن لترتديها أسفل ملابسها او حين تكون بمفردها في غرفتها المغلقة عليها، متى أتت بهما الى تلك الخزانة… حقا لا تتذكر.

ـــ يا ربي هلبس دول قدامه ازاي.. لا دا انا كدا هيغمى عليا من الكسوف.. اووف.

خطرت لها فكرة، فقامت بـ.ـارتداء القطعتين سريعا قبل ان يخرج أدهم ثم فتحت ضرفته و…….

بعد دقائق قليلة خرج من المرحاض ليتفاجئ بها تجلس في شقها من الفراش و ترتدي تي شيرت خاص به و تغطي ساقيها بالغطاء و تنظر له ببسمة مصطنعة تواري بها فعلتها.

تسمر بمكانه ينظر لها بذهول الى أن نطق أخيراً:

ـــ انتي لابسة التيشيرت بتاعي؟!

هزت رأسها و زمت شفتيها:

ـــ ملقتش هدوم ليا في الدولاب.

اتسعت عينيه و هو يحدث نفسه:

ـــ يخربيت غبائك يا ريم انتي نسيتي تسيبلها هدوم!

و لكنه قال بتـ.ـو.تر:

ـــ ملقتيش اي هدوم خالص؟!

ردت بخجل:

ـــ لقيت اندر وير بس و لبست عليهم التيشيرت بتاعك.

أخذ يصتك فكيه بغـ.ـيظ و هو يسب ريم في سره، فذلك لم يكن اتفاقه معها.

ـــ ممكن تخرج بقى تجيبلي بيچامة من قوضتي.

لم يكترث لطلبها و انما ذهب ليجلس بشقه بالفراش بأريحية ثم قال ببرود:

ـــ اللي عايز حاجة يجيبها لنفسه.

ـــ أوفف.. يا أدهم هخرج ازاي بهدومك… افرض ماما ولا ريم شافوني ماشية في الشقة كدا هيقولوا عليا ايه؟!

ـــ خلاص اقلعي هدومي… انا اصلا عايز التيشيرت بتاعي.

نظرت له بتغـ.ـيظ شـ.ـديد أثار استمتاعه و لكنه بادلها بنظرة بـ.ـاردة ليثير استفزازها، فازاحت عنها الغطاء بعصبية فكشف عن ساقيها المثيرتين و لكنها لم تهتم من فرط غـ.ـيظها، فأخذ أدهم يراقبها بابتسامة ماكرة و هو يقول:

ـــ هتخرجي برا كدا؟!

ردت بانفعال طفيف:

ـــ أيوة.

فتحت باب الغرفة ثم أغلقته سريعا و هي تستند اليه من الداخل و هي توشك على البكاء، فضحك أدهم بقهقهة على مظهرها و سألها من بين ضحكاته:

ـــ مروحتيش ليه؟!

ضـ.ـر.بت الأرض بقدmيها و هي تقول:

ـــ ريم قاعدة برا.

قفز من الفراش بحركة رشيقة ثم سار نحوها حتى احتجزها بجسده بينه و بين الباب و استند بكوعه الى الباب من خلفها و اقترب بوجهه من وجهها حتى اختلطت أنفاسهما ثم قال بصوت مبحوح:

ـــ مش مهم خليكي بالتيشيرت… اصلا هياكل منك حتة.. و بعدين مش اول مرة اشوفك بالهوت شورت.

رمشت بأهدابها عدة مرات من فرط الخجل و التـ.ـو.تر من ناحية و من قربه المهلك من ناحية أخرى.

ابتعد قليلا عنها رأفة بخجلها ثم أطبق على كفها و سار بها الى الأريكة أجلسها عليها ثم سحب الكرسي الصغير الخاص بطاولة الزينة و جلس عليه قبالتها تماما بحيث أصبحت ساقيها المضمومة بين ساقيه ثم أمسك كفيها يحتضنهما بين كفيه و بدأ حديثه بنظرة مطولة هائما بملامحها التي عشقها و ذاب بها ثم قال بنبرة هائمة:

ـــ كنت عايز أسألك في حاجة و أتمنى تفيديني.

أومأت دون أن تنطق فقد أفقدها وضعها المخجل أمامه قدرتها على النطق، فاسترسل حديثه بنبرة مبحوحة:

ـــ لما يكون في حد شاغل تفكيري اوي و بيوحشني دايما حتى و هو معايا.. تفتكري دا يبقى ايه؟!

نظرت له بشبه ابتسامة و كأنها تنتظر أن يقول المزيد، فاسترسل حديثه:

ـــ طاب لما احس ان قلبي هيخرج من مكانه و هو قدامي و مبكونش قادر أشيل عيني من عليه طول ما انا شايفه… تفتكري دا يبقى ايه؟

ازدات بسمتها وضوحا و هي مازالت تتأمله فاسترسل حديثه:

ـــ طاب لما احس اني عايز أقرب منه اوي و أحـ.ـضـ.ـنه و ادخله جوايا…

قال تلك العبـ.ـارة و هو يقف و يوقفها معه ثم جذبها الى صدره و طوق خصرها بذراعيه فقامت بلف ذراعيها حول عنقه، فأحس بانهيار كامل دفاعاته أمامها فتجرأ و رفع التيشيرت حتى نزعه من عليها و لم تقاومه، بل تركت نفسها له يفعل بها ما يشاء، فأخذ يتأملها باعجاب بالغ و هو يقول بهيام مستندا بجبهته الى جبهتها:

ـــ انا شايف قدامي جمال امريكاني محصلش..

ابتسمت و هي تقول بخجل:

ـــ ماهو دا يعتبر الزي الرسمي للبنات هناك.

أغمض عينيه باستمتاع بحالة العشق التي غمرته و أخذ يتمتم بصوت مبحوح:

ـــ مت عـ.ـر.فيش انا مستني اللحظة دي بقالي قد ايه؟!

ابتسمت و هي تشـ.ـدد من عناقه كناية عن مبادلتها له لنفس المشاعر، فاتسعت ابتسامته الهائمة و هو يسألها:

ـــ عرفتي دا يبقى ايه؟!

أومأت برأسها و هي تدفن وجهها في تجويف عنقه، فاسترسل قائلا:

ـــ عايز اسمعك.

ردت بنبرة خافتة:

ـــ بحبك…

انفرجت أساريره بابتسامة واسعة و كاد أن يرد عليها معبرا عن مشاعره تجاهها الا أن رنين الهاتف قطع تلك اللحظات النادرة، ليتأفف أدهم بضجر و هو يبتعد قليلا:

ـــ أوووف… نسيت اقفل التليفون… لحظة واحدة خليكي زي مانتي هقفله و ارجعلك.

هزت رأسها بصمت فتركها على مضض و ذهب الى الكومود حيث وضع الهاتف فتفقده ليجد ان اللواء سامي هو من يهاتفه فلم يستطع تجاهل الأمر، فطالما أنه يتصل بنفسه اذن الأمر لا يحتمل التأجيل..

نظر لها بأسف:

ـــ معلش يا ندى مضطر أرد.

هزت رأسها و هي تقول:

ـــ عادي رد يمكن حاجة مهمة.

فتح الخط ليأتيه صوت اللواء المذعور يقول:

ـــ أدهم لو ندى جنبك ابعد عنها.. مش عايزها تسمع او تحس باللي هقوله.

استأذن من ندى بالخروج متعللا بأن الشبكة سيئة بالغرفة ثم خرج الى الشرفة:

ـــ اتفضل يافنـ.ـد.م انا بعدت عنها.

ـــ مصـ يـ بـةيا أدهم… المافيا قــ,تــلت أنور ابو ندى و اتنين من الحرس اتصابوا و واحد مـ.ـا.ت.

ـــ ايه؟!

تجري على شاطئ البحر و هي تضحك و ضحكاتها تدوي خلفها و هو يركض ضاحكا خلفها لعله يلحقها، و كلما اقترب منها تزيد من سرعتها و هي تصرخ بضحكة عالية الى أن أمسك بها، و من فرط سرعتها وقعت و وقع فوقها، لتواجه عينيه المبتسمة عينيها لا يفصلهما سوى انشا واحدا ليقول بنبرة هائمة سلبت عقلها”بحبك يا ريم”

و فجأة صرخت ببكاء و كأنها كانت بغيبوبة و استيقظت منها و أخذت تركله و تبعده عنها تحت دهشته البالغة، فاضطر الى أن ينهض و يبتعد عنها، فنهضت و ركضت بعيدا عنه حتى اختفت تماما و هو يناديها مرة و اثنان و ثلاثة” ريم…ريم…ريم” الى أن فتح عينيه فجأة ليجد نفسه نائما على الأريكة الجلدية بمكتبه بالشركة.

أخذ يدور بعينيه في أنحاء الغرفة و يستغفر ربه و يمسح وجهه و شعره من أثر النوم و يستعيد أحداث ذلك الحلم القصير و هو يفكر بها… متى ستخرج من رأسه يا ترى… لقد شغلته الى الحد التي أصبحت فيه تراوده بأحلامه و تؤرق نومه من كثرة التفكير بها… كيف سيتركها و شأنها اذن؟!.. كيف سينساها و يكمل طريقه بدونها اذن؟!

عودة الى أدهم..

خرج من الشرفة بعدmا تلقى ذلك الخبر الصادm من اللواء سامي، ليدلف الى الغرفة متهدل الكتفين و ملامحه واجمة ينظر اليها بـ.ـارتباك، لا يدري كيف سيخبرها بمقــ,تــل أبيها الذي لم يبقى لها سواه في هذه الدنيا.

كانت حينئذ جالسة على الأريكة تنتظره، فنظرت له باستفهام:

ـــ مالك يا أدهم شكلك متغير كدا ليه؟!.. في حاجة حصلت في الشغل؟!

تقدm منها حتى أوقفها أمامه ثم قبض على خصرها بتملك حتى لا تسقط منه حين تسمع الخبر:

ـــ بصي يا ندى.. عايزك تتأكدي ان انا هفضل معاكي لحد اخر نفس فيا و مش هسيبك ابدا مهما حصل.. انا ليكي كل حاجة في الدنيا.. انا جوزك و ابوكي و اخوكي و صاحبك و عمري ما هتخلى عنك أبداً.. انتي فاهمة؟!

هزت رأسها بصمت و قد انتابها القلق الشـ.ـديد بعد تلك المقدmة المؤثرة، ثم سألته بقلق:

ـــ في ايه يا أدهم؟!

ترك خصرها ثم أمسك وجهها بين راحتي يديه و ابتلع ريقه و هو يقول:

ـــ المافيا اغتالت والدك في بيتكم اللي في أمريكا… البقاء لله.

اتسعت عينيها ثم ما لبثت أن امتلأت بالدmـ.ـو.ع التي عرفت مجراها على وجنتيها فانهمرت بغزارة، و هي تهز رأسها بعدm تصديق:

ـــ بابا؟!.. لأ.. بابا.. هو فين؟! … لا اله الا الله.. انا لله وانا اليه راجعون… لا لا.. انا عايزة اشوفه.. هو فين؟!.. وديني لبابا يا أدهم..

تركته و أخذت تفتح درف الخزانة واحدة تلو الأخرى تبحث عن ملابس لها ترتديها لتذهب اليه، و لكنها تبحث بعشوائية و كأنها لا تعي ما تفعله تفتح الدرفة و تغلقها ثم تفتحها مرة أخرى و هي تبكي بانهيار الى أن خارت قواها و سقطت على حافة الفراش و أدهم يراقبها بقلب منفطر.

جذبها الى صدره و هو يحتضنها بشـ.ـدة و يواسيها بالكلمـ.ـا.ت بينما هي انخرطت في بكاء مرير ازداد أكثر من ذي قبل و هي تقول:

ـــ كان نفسي اشوفه يا أدهم… كان عندي امل ارجعله و نعيش سوا.. كان خايف عليا.. يا ريتني فضلت معاه و كنا متنا احنا الاتنين و مكانش سابني لوحدي.. ااااااه..

فرت دmعة من عينه حين لفظت تلك الآهة التي تردد صداها بصدره فشعر بمدى ألــمها و انكسار قلبها، فشـ.ـدد من احتضانها أكثر و هو يسألها بلوم:

ـــ لوحدك ليه يا ندى؟!.. طاب انا روحت فين؟!.. أنا معاكي يا حبيبتي و مش هسيبك؟!..أمي هي أمك و أختي هي أختك.. احنا عيلتك و انتي مش لوحدك يا حبيبتي..

أبعدها قليلا عن صدره و حاوط وجهها براحتي يديه ثم أخذ يمسح عبراتها بابهاميه و هو يقول:

ـــ انتي مش لوحدك يا روحي… انتي أحلى هدية باباكي قدmهالي.. و وعد هحافظ عليكي و افديكي بروحي كمان.. اصبري.. اصبري يا ندى و رددي إنا لله وإنا إليه راجعون.

أخذت تشهق و هي تردد خلفه الى أن هدأت قليلا ثم تركته و دلفت الى المرحاض تغسل وجهها بينما هو بدل ملابسه لينطلق الى مبنى العمليات الخاصة لمقابلة اللواء سامي ليتفقد موعد و اجراءات استلام الجثمان لدفنه بالأراضي المصرية…

بينما بقيت ندى بحـ.ـضـ.ـن تيسير تبكي و بجوارهما ريم تواسيها في انتظار مكالمة من أدهم يخبرهم بها بموعد وصول جثمان والدها الحبيب.

مرت عدة أيام عسيرة على ندى و كانت حالتها النفسية سيئة للغاية حتى أنها كانت تنام بغرفتها بعيدا عن أدهم من فرط الكآبة و حتى لا يراها بتلك الحالة.

بينما هو بقي بغرفته ينعي نفسه مرة لفقدان حماه و مرات لعدm تمكنه من الحصول على لذة حياته مع زوجته التي عشقها حتى النخاع.

في شركة معتصم….

أمر السكرتيرة بابلاغ الموظفين بعقد اجتماع بعد نصف ساعة في قاعة الاجتماعات….

و في الوقت المحدد التف الموظفون حول طاولة الاجتماعات الكبيرة و كان من بينهم نرمين و هشام، ليدلف اليهم معتصم فحياهم باحترام ثم جلس على رأس الطاولة و أدار دفة الحديث قائلا برسمية:

ـــ طبعاً سمعتوا في الاونة الأخيرة عن شركة الرشيدي للمعمار و اللي ماسكة مشروعات ضخمة في العاصمة الجديدة…هما عاملين حفلة افتتاح ضخمة لمول تجاري متكامل بيعرض كل اللي يخطر على بالكم من اول المواد الغذائية لحد الأجهزة الطبية و تجهيزات العيادات و الشركات و مكاتب المحاماة… مشروع ضخم جداً.. و من حسن حظنا ان أحد شركاء المشروع يبقى صديق قديم من أيام الجامعة و بعتلي ٥٠٠ دعوة لحفلة الافتتاح.. طبعاً الدعوات دي هتتوزع على كل موظفين الشركة و مسموح لكل شخص ياخد دعوتين او تلاتة على حسب العدد.. ممكن يهادي بيها اصحابه او حد من عيلته.. و طبعاً دي خطة دعائية ذكية جداً عشان صيت المشروع يوصل لأكبر عدد من الشركات و كل من يهمه الأمر… الأستاذة هدى هتوزع عليكم الدعوات.. و عايزكم تشرفوا شركتنا في الحفلة.. بالتـ.ـو.فيق..

نهض معتصم من كرسيه مغادرا الغرفة، بينما بطاقات الدعوة تقوم السكرتيرة بتوزيعها، و في تلك الأثناء شردت نرمين التي كان رأسها مشغولا بمعتصم و علاقته بحبيبته السابقة و محاولاتها المتكررة لرده لها، بينما دائما يقابلها بالرفض.

كان هذا هو شغلها الشاغل و همها الأكبر… أن يخرج حبيبته من رأسه و ينعدm أمله في عودتها اليه..

فخطرت ببالها فكرة شيطانية ربما تستطيع بها التفريق بينهما و قطع كل الطرق التي من الممكن أن تجمعهما من جديد لعله يعود لرشـ.ـده كما تظن.

التقطت خمس بطاقات ثم دستها في حقيبتها و هي تبتسم بمكر و شكرت الظروف التي هيأت لها تلك الخطة.

في اليوم التالي بالمشفى اقبل خالد على ريم بابتسامة واسعة و بيده بطاقتين و حين وقف أمامها تحدث بسعادة:

ـــ ريم.. جاتلنا فرصة خروجة محصلتش.

مد يده لها بالبطاقتين فأخذتهما و فتحت احداها تقرأها بينما هو استرسل حديثه بحماس:

ـــ الدكتور سالم مدير المستشفى بعت الدعوتين دول لينا و معانا ٣ دكاترة تانيين لحضور حفلة افتتاح مول ضخم في العاصمة الجديدة.

نظرت له باستغراب:

ـــ و احنا مبعوت لينا دعوات بصفتنا ايه مش فاهمة؟!

زم شفتيه ليجيبها بلامبالاة:

ـــ عادي يعني يا ريم… اصحاب المشروع عاملين دعوات لكل الكوادر المهنية كنوع من انواع الدعاية لأن المشروع فيه أقسام مختصة بتجهيز العيادات و المستشفيات.. فطبيعي انهم يدعونا كدكاترة.

ـــ أيوة يعني اشمعنا احنا بالذات.. انا و انت؟!

رفع كتفيه لأعلى قائلا:

ـــ مش عارف.. المدير هو اللي اختارنا.. يمكن عشان احنا كابل.. بس اكيد مش هقوله اختارتنا ليه يعني… المهم اننا هنخرج و هنغير جو و هنشوف اجواء مختلفة بعيدا بقى عن المرضى و المستشفي…

نظر في عينيها بعمق و هو يقول بهيام:

ـــ من ساعة ما اتخطبنا و انا نفسي اخرج معاكي بس انتي مش سايبالي أي فرصة.

أخذت تفرك كفيها بتـ.ـو.تر و هي تتحاشى النظر بعينيه و تقول:

ـــ اااا انت عارف ان أدهم مبيحبش كدا و انا بحترم رغبته..

ثم ابتسمت لتسترسل حديثها بحماس:

ـــ بس خلاص ان شاء الله نروح الافتتاح دا طالما انت متحمسله كدا..

ضحك و هو يقول:

ـــ يعني اعتبر انك كدا بتصالحيني… او بتعوضيني عن رفضك للخروج؟!

لكمته في كتفه و هي تقول بتذمر طفولي:

ـــ خالد بقى.. لا طبعا.. عادي يعني عايزاك تكون مبسوط.

تأملها بنظرة هائمة:

ـــ بجد؟!.. عايزاني اكون مبسوط؟!

أومأت بخجل فاسترسل حديثه بمزيد من الهيام:

ـــ طول ما انتي معايا هكون دايما مبسوط.

ابتسمت بمجاملة، فحقا مهما أسمعها من غزل لا يحرك بها ساكنا و لكنها مضطرة لمجاراته ربما يهتز له قلبها يوما.

عاد أدهم من عمله بعد يوم طويل في التحقيقات في جريمة قــ,تــل حماه و دوافع و اسباب تلك العصابة التي أدت بهم الى قــ,تــله و عما كانوا يبحثون في منزله الذي كان منقلبا رأسا على عقب و يبدو أنهم لم يجدوا ضالتهم فاضطروا الى قــ,تــله ليتخلصوا من خطر تهديده لهم بما لديه من مستندات و أسرار.

رغم غـــضــــبه منها لأنها اعتزلته بغرفتها كل تلك الفترة منذ مقــ,تــل والدها إلا أنه مشفق عليها للغاية، فقد كان الخطب جلل و الامتحان صعب و أي شخص مكانها ربما لما تحمل فقدان عزيزه بطريقة قاسية كتلك مع بعد المسافات بينهما.

تحامل على نفسه ليذهب الى غرفتها لكي يطمئن عليها، فمنذ ذلك الحادث و هي تتحاشاه و كأنه هو من قــ,تــل أباها و لم تسأل عنه و لو مرة…

طرق باب غرفتها فلم ترد، زفر بعنف من فرط غـــضــــبه و لكنه حاول السيطرة على نفسه ثم فتح الباب و دلف مباشرة مغلقا خلفه، فوجدها نائمة بوسط الفراش متكومة على نفسها و كأنها في ملكوت آخر..

ذهب الى فراشها و استلقى بجوارها ثم أخذ يزيح غرتها من على جبينها ليرى عينيها و هو يناديها برفق الى أن فتحت عينيها و ليتها لم تفتحهما، فقد صعق من شـ.ـدة احمرارهما و تلك الهالات السوداء التي ظهرت أسفلهما..

ـــ ليه عاملة في نفسك كدا يا ندى؟!.. بقى انتي ندى المؤمنة اللي محافظة على صلاتها و أذكارها و وردها القرآني؟!.. مكنتش اصدق انك تتحولي كدا مهما كان صعوبة الابتلاء..

تنهدت بعمق ثم نهضت من نومتها فأسندها حتى جلست بالفراش ثم قالت بنبرة حزينة و عينين زائغتين:

ـــ الحمد لله أنا راضية بقضاء الله و قدره… و رغم حـ.ـز.ني الكبير اوي على بابا بس مقصرتش أبداً في صلاتي و لا أذكاري.. بالعكس بقيت أصلي أكتر و أدعي ربنا أكتر انه يرحم بابا و يغفرله و يصبرني على ابتلائي.

مسد على شعرها ثم اقترب منها حتى التصق بها و أسند رأسها الى صدره و هو يقول بنبرة حانية:

ـــ أومال مالك بس يا حبيبتي…شكلك اتغير و نفسيتك وحشة و الدنيا معاكي مش تمام خالص يا ندى.

بدأت شهقاتها بالبكاء في الظهور و هي تجيبه:

ـــ غـ.ـصـ.ـب عني يا أدهم… أنا بشر و اللي حصل كان فوق احتمالي.. حاسة اني فقدت الشغف في كل حاجة.. ماليش نفس اعمل أي حاجة.. انا بحمد ربنا اني لسة قادرة أصلي.. حاسة اني مشلولة.. اتكـ.ـسرت بعده.. كان نفسي بس اكون معاه.. مكنتش عايزاه يمـ.ـو.ت و انا بعيدة عنه… أنا نـ.ـد.مت اني وافقته و رجعت مصر و سيبته هناك لوحده… حاسة اني همـ.ـو.ت من احساسي بالذنب.. همـ.ـو.ت يا أدهم… همـ.ـو.ت….

ظلت تردد تلك الكلمة و هي تبكي بحرقة بينما هو أخذ يشـ.ـدد من احتضانها و يمسد على شعرها لعلها تهدأ قليلا..

ـــ عشان خاطري اهدي… كفاية عـ.ـيا.ط… عنيكي مش حمل العـ.ـيا.ط دا كله… يا ريته بيرجع حبيب يا ندى.. مكناش بطلنا بكى.

ابتعدت قليلا عنه ثم أخذت تجفف عينيها و هي تقول باعتذار:

ـــ أنا عارفة اني زودتها معاك اوي و عارفة ان هجري ليك دا اثم عليا.. بس اتمنى انك تعذرني و تسامحني عشان أنا مش قد الوزر دا

تنهد و هو يبتسم شبه ابتسامة ليقول بنبرة حانية:

ـــ ولا يهمك يا حبيبتي… يعني من جملة الأيام اللي كنا فيها بعيد.

رغما عنها ابتسمت بسخرية من تلميحه الذي فهمته جيدا لتشـ.ـدد من قبضتها على كفيه و تقول بنبرة حزينة:

ـــ لسة مآنش الأوان.

نظر لها متأملا ملامحها التي افتقدها كثيراً ثم قال بنبرة هائمة:

ـــ كله يهون يا روحي.. أهم حاجة انك تكوني بخير و معايا دايما.

أطرقت رأسها بخجل من اطرائته فقبل رأسها ثم قال:

ـــ تصبحي على خير يا حبيبتي.

رفعت رأسها لتجيبه:

ـــ و انت من أهل الخير

رفع حاجبيه كناية عن عدm رضاه عن ردها، فابتسمت لتستكمل ردها:

ـــ يا حبيبي..

اتسعت ابتسامته الهائمة ثم تركها على مضض و عاد لغرفته… لم ينكر أنه انتظر أن تعود معه و لكنها خيبت آماله و تركته يذهب وحيدا و حتى لم تطلب منه البقاء معها بغرفتها، و لكنه أقنع نفسه بالصبر، فمصابها لم يكن بالهين.

قابلته ريم في طريقه الى غرفته لتقول له:

ـــ أدهم.. كنت عايزة أستأذنك في حاجة كدا..

ـــ قولي بسرعة لأني مرهق جدا و عايز أنام.

ـــ حاضر حاضر.. احم.. انا و خالد جاتلنا دعوة لحفلة افتتاح مول تجاري في العاصمة الجديدة و نفسنا نحضر الحفلة دي… ممكن؟!

قطب جبينه باستغراب:

ـــ و انتوا ايه علاقتكم بالمول دا؟!

ـــ مؤسسين المول دعوا كل الكوادر المهنية لأن عندهم أقسام لكل ما يخص كل المهن و منهم مهنة الطب.. و الدعوات وصلت مدير المستشفى و المدير اختارنا انا و خالد و تلاتة تانيين من الزملا.

سكت أدهم قليلا يفكر، فنظرت له ريم باستعطاف و هي تتوسل اليه:

ـــ عشان خاطري يا أدهم متكسفنيش معاه.. و بعدين دا مكان عام و هيكون مليان ناس اشكال و الوان.. يعني خليك كووول بقى.

حانت منه نصف ابتسامة ثم قال بجدية:

ـــ ماشي يا لمضة روحي.. بس طبعاً مش هوصيكي تـ..

قاطعته و هي تومئ برأسها:

ـــ تمام تمام متقلقش… حافظة الوصايا العشر و مش هنساهم..

قرصها من وجنتها:

ـــ مش بقولك لمضة… و غلباوية كمان..

ضحكت بملئ فمها:

ـــ تربيتك يا حضرت الظابط.

حمحم و كأنه تذكر شيئا للتو:

ـــ ريم.. عايزك تقعدي مع ندى و تحاولي تخرجيها من جو الكآبة اللي هي فيه.

ـــ على فكرة كل يوم بدخلها اقعد معاها و بـ.ـنتكلم بس هي معذورة مش قادرة تتخطى اللي حصل بسهولة و بسرعة كدا.. بصراحة يا أدهم الله يكون في عونها.. اللي حصل دا مكانش سهل أبداً.. ربنا يصبرها.

تنهد بحـ.ـز.ن و هو يردد:

ـــ يا رب… طيب انا هروح انام بقى.. تصبحي على خير.

ـــ و انت من أهل الخير يا حبيبي.

مرت ثلاثة أيام أخر و ها هو يوم حفل الافتتاح التي انتظرته نرمين طويلا لكي تكتمل خطتها بعدmا أرسلت خمس بطاقات لمدير المشفى التي تعمل بها ريم عن طريق أحد الوسطاء و الذي أوصاه باعطاء اثنتين منهم الى خالد و خطيبته بالذات و قد حصل ما أرادت و كان عرضا مغريا لخالد.

أرادت لريم أن ترى معتصم حبيبها بصحبتها بصفتها زوجته الأولى التي أخفاها عنها حتى تقطع بينهما سبل العودة الى الأبد… فهل يتحقق ما أرادت؟!

مر خالد على ريم بمنزلها ليأخذها بسيارة أجرة و يذهبا سويا الى الحفل و بالطبع رآها عمر الذي لم تنتهي مهمته معها بعد و استقل سيارته و سار خفية خلفهما، و حين تبين وجهتهما قام بالاتصال بمعتصم ليخبره و لكنه لم يسمع رنين هاتفه من أصوات الموسيقى الصاخبة و الازدحام… حاول كثيرا التواصل معه و اخبـ.ـاره بأن ريم في طريقها لذلك الحفل و لكن دون جدوى.

بينما نرمين أخذت تسير بين المدعوين بفستانها الأزرق الملكي المجـ.ـسم ذو الحمالات العريضة و الطويل و بفتحة كبيرة تصل حتى ركبتها و أسدلت شعرها الأشقر المموج على ظهرها و كتفيها فكانت فاتنة… كتلة فتنة متحركة..

أخذت تبحث بعينيها في كل ركن بالحفل عن ريم و لكنها لم تجدها، فأخذت تحدث نفسها بضجر:

ـــ و بعدين بقااا.. هي مش هتيجي ولا ايه… اوف.. و اصلا لو جات هشوفها ازاي في وسط الناس دي كلها.

أقبل عليها معتصم بملامح لا تنذر بالخير أبداً الى ان وقف قبالتها و قال بغـــضــــب مكتوم:

ـــ ايه اللي انتي لابساه دا يا مدام نرمين؟!.. هو مفيش فايدة فيكي أبداً.. مفيش مرة تخيبي ظني و تلبسي لبس محترم زي الستات المحترمة..

ردت عليه بتذمر:

ـــ قصدك ايه بقى يا معتصم؟!.. عايز تقول اني ست مش محترمة؟!

رد بانفعال طفيف حتى لا يثير انتباه الناس من حوله:

ـــ انتي شريكتي و أي تصرف منك او أي مظهر بتظهري بيه بيسيئلي قبل ما بيسيئلك يا هانم… و انتي عارفة كويس اني مبحبش اخرج معاكي و انتي لابسة اللبس المفتوح دا… انا مهما كان صعيدي و دmي حر.

نظرت له بشبه ابتسامة و هي تعدل من ربطة عنقه و تقول بدلال:

ـــ انت بتغير عليا يا عصومي.

أنزل يديها و هو يصتك فكيه بغـ.ـيظ:

ـــ بغير على شكلي و سمعتي و شركتي يا نرمين هانم.

قال تلك العبـ.ـارة ثم تركها تغلي من الغـ.ـيظ و ذهب ليسلم على أحد أصدقائه.

وصلت ريم مع خالد و دلفا سويا الى الحفل، فقد كان خالد يرتدي بدلة رسمية كاچوال من اللون الأسود و ريم ارتدت فستان اسود من الستان ضيق من الصدر و الخصر ثم يتسع من الخصر للأسفل و ارتدت حجاب قصير فضي اللون مع قليل من الزينة و مستحضرات التجميل فكانت حقا جميلة رقيقة هادئة تسر من ينظر اليها.

تجولت معه في المكان الواسع من هنا الى هناك و أخذت تراقب الحضور بمختلف طبقاتهم و بالطبع النساء منهم خاصة و قد كانت مستمتعة بالأجواء.

شعرت نرمين بأن عيناها سيصيبها الحول من كثرة بحثها عن ريم، فاعتقدت أنها لن تأتي و استسلمت للأمر الواقع و أقرت بفشل خطتها.

بينما في تلك الأثناء كانت ريم مع خالد في الطابق العلوي حيث يتجمع مجموعة من الأطباء و الطبيبات يتعرفن الى بعضهم البعض، فصدح في الأجواء صوت موسيقى هادئة جعلت كل زوجين يرقصان الرقصة البطيئة المعروفة” slow “، فأثار المشهد فضولها و همست بأذن خالد:

ـــ خالد انا هنزل اتفرج عليهم من تحت و لما تخلص كلامك انزلي.

ـــ هلاقيكي ازاي؟!.. انتي مش شايفة الزحمة؟

ـــ اتصل بيا و انا هخلي التليفون في ايدي.

ـــ تمام.. متبعديش و لو روحتي اي مكان كلميني.

ـــ حاضر… باي.

في الأسفل، ذهبت نرمين الى معتصم الذي كان مشغولا بالتحدث مع أحد عملائه، فاستغلت الموقف و استندت على كتفه لتقول بدلال:

ـــ بعد اذنك يافنـ.ـد.م هاخد منك عصومي خمس دقايق.. هنرقص سلو مع بعض..

لم يستطع الرفض بعدmا أحرجته أمام العميل، خاصة و أن تلك الشكليات مهمة في محيط عمله، فاستأذن باحترام من الرجل و ذهب معها على مضض الى ساحة الرقص و قبض على خصرها و هو في قمة غـــضــــبه منها و لكنه حاول السيطرة على ملامحه الغاضبة و بدأ يتمايل معها على أنغام الموسيقى الهادئة و هو يبتسم بتمثيل أمام الناس.

بينما هناك ريم تقف في ركن ما تراقب ساحة الرقص بانبهار و تتمايل برأسها مع الموسيقى بانـ.ـد.ماج الى أن ظهر أمامها معتصم الوسيم و هو يحتضن تلك الفاتنة التي يصل طولها لطوله تقريباً و يبتسم لها بسعادة، فتسمرت قدmاها و تجمد جسدها من الصدmة، أيعقل وسامته الفتاكة تلك التي خـ.ـطـ.ـفت أنظار النساء و هيبته التي سلبت عقولهن بين يدي أنثى أخرى غيرها؟!… و أي أنثى هذه؟.. انها تفوقها جمالا و قواما.. انه شيئا يدعوها للحسرة.

لو كانت الغيرة تقــ,تــل لأردتها صريعة الآن.. و لكنها تشعر بأن قلبها يشبه الجبل الذي رغم رساخته انهار حتى استوى بالأرض..

بدأت أنفاسها تتسارع و هي تنظر اليهما بحملقة، لا تستطيع زحزحة عينيها عنه… لا تدري أمن الاشتياق أمن تلك النيران المستعرة بصدرها كالجحيم..

لم يكن بمخيلتها أن هذا سيكون حالها حين تراه مع زوجته الفاتنة التي أخفاها عنها.. ليتها لم تراه.. ليتها لم تأتي من الأساس.

بالطبع كان معتصم زائغ العينين يتحاشى النظر إلى عيني نرمين حتى لا يرى رجائها المستمر بهما، كان ينظر في كل مكان عداها هربا من نظراتها الهائمة، الى أن التقت عيناه بتلك العينين المتلألئتين بالدmـ.ـو.ع، و هي تنظر اليه بعتاب، فتجمد جسده و توقف عن التمايل، فرمقته نرمين باستغراب:

ـــ ايه يا عصومي وقفت ليه؟!

في تلك اللحظة أدركت ريم أنه رآها ففرت من أمامه قبل أن يرى عبراتها التي تمردت و سقطت من عينيها و ركضت و هي تتخبط بالناس الى خارج الحفل..

ـــ نرمين لحظة بس.. في واحد مهم بيشاورلي هروح اكلمه و هرجعلك.

تركته و هي تتأفف بضيق و ذهبت الى المرحاض لتعدل من زينة وجهها بينما هو ركض باتجاه باب الخروج ليجد ريم تسير أمامه بخطى سريعة و كأنها على وشك الركض..

ـــ ريم… ريم.. ريم استني..

لم تلتفت له و كأنها لم تسمعه، فأسرع الخطى حتى لحق بها و أمسك معصمها ليوقفها.

استدارت له لتنزع معصمها من يده و تنظر له باشمئزاز بينما هو لا يصدق أنها أمامه الآن، تلك الغزالة المتمردة التي أفقدته عقله.. كم هي رقيقة و أنيقة.. رغم ملامحها المشمئزة الا أنها سحرته باطلالتها بتلك اللحظة.. رغم تفاجؤه بها و هو في وضع غير محبذ و رغم دmـ.ـو.عها المتحجرة في عينيها.. و رغم نظرة الكره و رغم كل شيئ إلا أنه لم يسعده شيئ في تلك الليلة بقدر سعادته برؤيتها الآن.

ـــ نعم؟!.. حضرتك جاي ورايا عشان تفضل تبصلي كدا.

أخيراً استعاد ادراكه بعدmا افقدته رؤيتها توازنه و سألها بجدية:

ـــ ايه اللي جابك هنا؟!

نظرت له بغـ.ـيظ و هي تقول بحدة:

ـــ و الله اللي جابك هو اللي جابني.

ـــ يعني اتبعتلك دعوة؟!

ردت بسخرية:

ـــ من سوء حظي.. و لو كنت اعرف انك موجود استحالة كنت جيت.

رد ببسمة أربكتها:

ـــ بس من حسن حظي انك موجوده

أطرقت رأسها و هي تتمالك نفسها و تبتلع ريقها، فوقوفه أمامها بهيبته و أناقته المفرطة و نبرته الحنونة أضعفت دفاعاتها تماما، فاقترب منها مقدار خطوتين ثم استرسل بنبرة كادت أن تفقدها وعيها:

ـــ مت عـ.ـر.فيش انتي وحشاني قد ايه… و مبسوط قد ايه اني شوفتك.

ابتعلت ريقها ثم سألته بتـ.ـو.تر لتغير مجرى الحديث:

ـــ اممم… واضح.. مراتك دي اللي كنت بترقص معاها؟!

هز رأسه بايجاب ثم أسرع يصحح لها:

ـــ كانت مراتي.. انا طلقتها..

ـــ تؤتؤتؤ.. ليه؟!.. يا خسارة… حد عاقل يسيب الجمال دا كله؟!

اقترب برأسه من رأسها ليقول بهمس مثير:

ـــ معلش أصل أنا مـ.ـجـ.ـنو.ن…في واحدة تانية سحرتني خلتني مش شايف حد غيرها..

ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر ثم قالت بنبرة ذات مغذى متهربة من تلميحاته:

ـــ بس بجد اللي يشوفها ميصدقش انها اكبر منك بعشر سنين…ليك حق تتجوزها و تعيشلك معاها يومين..بجد عذرتك لما شوفتها..لايقين على بعض اوي

أغمض عينيه للحظة محاولا السيطرة على انفلات أعصابه من تلميحها السخيف، ثم رد بانفعال طفيف:

ـــ ريم انتي فاهمة غلط.. انا متجوزتهاش عشان أعيشلي معاها يومين و اسيبها زي ما اخوكي مفهمك.. قولتلك قبل كدا مش انا اللي اعمل كدا…

سكت يزفر أنفاسه بعنف، فردت عليه بحدة و كـبـــــريـاء:

ـــ أنا ميهمنيش كل اللي انت بتقوله دا… انت اصلا بالنسبالي ولا حاجة و مش عايزة اعرف حاجة عنك.

رد بحدة أجفلت منها:

ـــ لا لازم ت عـ.ـر.في.. تعالي معايا

قبض على رسغها ثم جرها خلفه الى حيث صف سيارته و هي تقاومه و تحاول نزع رسغها من قبضته و لكن بلا جدوى فقد كانت قبضته فولاذية، الى أن وصل الى سيارته و فتح بابها، فقامت بغلق الباب و استندت اليه و هي تصرخ بعصبية:

ـــ ايه اللي انت بتعمله دا؟!.. انت فاكرني ايه؟!

احتجزها بذراعه بين باب السيارة المنغلق و بين جسده فكاد أن يلتصق بها حتى لا تهرب منه، ثم قال بنبرة لينة مترجية:

ـــ عايزك تسمعيني و تفهميني… اديني فرصة واحدة بس.. هتركبي معايا دلوقتي و نروح مكان هادي نتكلم فيه براحتنا… ممكن؟!

ردت بحدة:

ـــ لا طبعاً مش ممكن…

أشهرت خاتم خطبتها ببنصرها الأيمن أمام عينيه لتسترسل كلامها:

ـــ أنا مش حرة نفسي على فكرة.. متنساش اني مخطوبة لواحد تاني..

أزاحت ذراعه الذي احتجزها به و قد استسلم لها و أنزلها و غادرت من أمامه فاصطدm كتفها بكتفه و لكنه بقي متصنما بمكانه من فرط انكساره، فاستند بجسده الى السيارة و كأنه يلحق نفسه من السقوط و نظر لأثرها الفارغ بحسرة و هو يضع يديه في جيبي بنطاله.

لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *