رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل السابع والثلاثون
حينما تعجز عن التقاط أنفاسك، حينما تعجز عن شعورك بالأمان من المقربين إِليك، حينما تشعر بضيق العالم من حولك، عندما يهرب منگ دفء جسدك، حينها فقط أعلم أن روحك قد ماتت بداخلك ولم تعد تستطيع إن تشعر بشى ولم تعد ترغب في شىء غير أن يمر يومك فقط بسلام
ده انا هخرب بيته.
كانت هذه كلمات «ياسين» الأخيره وهو يتبادل النظرات مع «عمار» ينصتون الى ما قاله «الغريب» منذُ قليل عبر الهاتف «للعربي» اندفع «ياسين» للتحرك لكي ينقض على «الغريب»ولكن هناك من وقف أمامه يمنعه عن فعلته المتهوره أنهُ «عمار» وقف أمام «ياسين» تعتليه نظره تحدي على ملامح وجهُ الصغير ملامح بريئه توضح مدى صغر سنه نظر «ياسين» الى ملامحهُ بتمعن فهذه هي المره الأولى التي ينظر الى ملامحه من قرب وجد تلك الوحمه الصغيره بداخل خصلات شعره كاد يفقد صوابه بل كاد يجزم انه ُ رأي هذه الوحمه من قبل فهذه الوحمه مميزه ولكن قد خانته ذاكرته فلم يستطع معرفه أين رأها شرد قليلاً في ملامحه حتى افاقه صوت «عمار» يطالعه باستغراب:.
سيبهولي انا، انا هعرف اتصرف معاه
انكمش حاجب« ياسين» بعدم فهم بعدما فاق من شروده:
هو مين ده اللي اسيبهولك؟
الغريب، سيبلي الغريب بلاش تتهور اكيد في سبب للي عمله.
انهى «عمار» جملته وهو يراقب «ياسين» بعينيه يراه يضع يده على جبينه و خانتهُ قدماه فخر أرضاً ممسك بجبينه واطبق عينيه وكأن باب الذكرى المدفونه بداخل رأسه انفتح من جديد فكان مجبر على سؤاله: أنتَ كويس يا «ياسين».
قابل سؤاله بالصمت فكانت تراوده في هذه اللحظه ذكرى أخرى من جديد يرى بداخل عقله وميض أبيض يأخذه معه ليرى ما بداخله: كانت ليله ممطره وهناك فتاه عشرينيه تحتضن طفل رضيع أنهكه صراخه المستمر من شده الجوع ترتجف من البرد تدق باب كوخ بسيط بكل قوتها والدماء تسيل من بين اقدامها تنادي بأسمه بصوت ضعيف أنهكهه التعب قائله:
أفتح ياياسين، أفتح أنا عارفه إنك جوه.
لم تجد تلك الفتاه المسكينه رد على سؤالها، جلست على الارضيه بأستسلام تحتضن ذلك الرضيع بقوه تستكمل حديثها:
أنا بمو ت ياياسين، بمو ت ومش عايزه ابني يمو ت معايا، ابننا مالوش ذنب في أنه يطلع للدنيا يلاقيني أنا أمه وأنتَ أبوه.
مرت دقائق ولكنها مرت عليها كالدهر، لم تستطع أن تضم وليدها أكثر بداخل صدرها فخانتها ذراعها لم تستطع أن تحمله اكثر من ذلك اصبحت عيونها كالجبال من ثقلها وضعت الصغير بحذر بجوارها وقطرات المطر تبلل كلاً منهما فقدت وعيها بجانب صغيرها أخذت تتعالى صرخات طفلها أكثر فأكثر دون جدوى، بعد ثواني قليله بدأ «ياسين» بفتح باب الكوخ الصغير ينظر الى الطفل الرضيع بأستغراب بدت على ملامحه نظره عدم معرفتهم وبالرغم من ذلك حمل الفتاه بين ذراعيه وأدخلها بداخل الكوخ هي وطفلها وأغلق الباب من خلفه.
مع غلق الباب، أغلق باب ذكرياته من جديد حاول مراراً وتكراراً أن يتذكر ما الذي حدث بعد ذلك ولكن دون جدوى
جلس «عمار» القرفصاء يسأله عن حاله: اي اللي جرالك ياياسين، فيك ايه؟
رفع «ياسين» وجهُ لتلتقي عيناهم مره أخرى، نظر «عمار» لعيناه ليجدها حمراء كالد ماء نظر إليه بصدمه والذهول تمكن من ملامح وجهُ سائلاً أياه باستغراب: أنتَ ألفا!
رد عليه بما هو بعيد تماماً عن سؤاله صارخاً بوجهُ: سيبني دلوقتي
أنهى «ياسين» جملته بصراخاً عالي، وقبل أن يرمش ل«عمار» جفن لم يجده أمامه فقد أثره في ثوانٍ معدوده تجمع الجميع على صرخته وكانت« الخاله» هي أول السائلين: في ايه ياعمار، حصل ايه وفين ياسين؟
معرفش.
كان هذا هو جوابه كان جواباً ملىء بلا مبالاه بسيط ومختصر مما زاد غض ب «الخاله» من ردة فعله مما جعلها قائله:
وعشان أنتَ ماتعرفش روح وراه واعرف؟
أشار بأصبعه على صدره:
أنا ياخاله
كان ردها حازم:
وماتجيش غير بياسين
ايوه بس مش معنى انا، انا اصلاً.
بترت هي كلمته من جديد: واعتراض تاني منك مش هتبقى منا
صك هو على أسنانه بعدما أخذ نفس بعمق: اللي تشوفيه ياخاله، بس الغريب.
سيبلي أنا الغريب أنا عارفه كل شىء.
أشارت« الخاله» بعينيها لعمار لكي يتتبع «ياسين» فما كان عليه سوا الطاعه وتنفيذ ما أمُر بهِ، طالعت «الغريب» بعدما رحل «عمار» قائله:
تعالى معايا ياغريب، عز وداغر مستنينا جوه
نطق« بربروس» وهو يطالع«الطبيب علي»
ما الذي يحدث لياسين ياعلي، فقد عرف القلق طريقه لقلبي من جهته.
تنهد «علي» يستعيد بعض من ثباته المفقود وهو يقول بنبره ثابته:
ماتقلقش يابربروس كل حاجه هتبقى كويسه، كل حاجه هترجع زي الاول واحسن
رأي «بربروس» القلق بعينيه ولكن أخذ يؤكد على كلامه:
أواثق انت مما تقول ياعلي فنبرة صوتك غير مطمئنه بالمره
هز كتفيه دليل على عدم تأكده:.
والله ما انا عارف ياشيخ عجوه اهوه كلام بحاول اصبر بي نفسي ياترى فعلاً كل شىء هيبقى كويس ولا لاء مش عارف ياويلي من اللي هيحصل بعد المعركه.
هما الأن في الغرفه الكبيره وكان في انتظارها الجميع فتحت باب الغرفه ودخل من بعدها «الغريب» نظرت «الخاله» من حولها لكل فرد منهم وهم يقفون يد واحده فقالت:
داغر حكالي من شويه انه راح بيت هدير لقى حماه مد بوح وهدير مش موجوده في البيت وحسام سايبله رساله مكتوبه بالد م عشان هدير ترجع لازم نسلم شمس والسلسله في نفس الوقت وانا اخدت قراري
طالعها الجميع بأنتظار قرارها الصارم:.
انا شايفه ان احنا هنسلم شمس والسلسله عشان خاطر هدير
طالع الجميع بعضهم الى بعض تتلاقى نظراتهم وكان الصمت سيد الموقف ولكن نظراتهم كانت بها من الكلام مايكفي لسنين قادمه اسئله تدور بداخل عقولهم ليس لها اجابه بترت «زهره » الصمت بحديثها:
أنتِ بتقولي ايه ياخاله وتهون عليكي بتي عايزه تسلمي بتى للعربي بأيديكي، ماتنطق ياعلي أنتَ هتسيبهم ياخدوا بتي
رد دون تردد ولو للحظه:.
أنا واثق في الخاله يازهره، الخاله مابتاخدش قرار إلا وهي عارفه هي بتعمل ايه؟
ابتلعت ريقها وارتفعت نبرة صوتها:
يعني أيه، يعني اسيب بتي تمو ت
علم «يزن» ان الجدال سيزيد التعقيد رفع كفه مقاطعاً يطلب الحديث فصمت الجميع استماعاً لقوله فأشارت الخاله برأسها له قائله:
قول يايزن عايز تقول ايه انا بتعجبني دماغك
لفت «يزن» انظار الجميع له فمط شفتيه ثم اردف:.
احنا لازم نسلم شمس عشان نقدر نقت ل العربي، ونمنعه أنه يجيب العبقري الزمن بتاعنا عشان مانرجعش نعيد الحكايه من جديد طيب هو العربي هيسيبنا نقرب منه بسهوله اكيد لاء بموت ه كل شىء أتحول بعده هيمو ت
دب الرعب بقلب ميرا من جمله يزن فنطقت سريعاً:
تقصد ايه، يعني انا همو ت
امسك رعد بكف ميرا ونظر لها نظره حنونه:.
أكيد لاء، الخاله مش هتسمح بكده هي وعدتني انك هتلبسي السلسله وهتديهالك وطول ما انتي لبساها مش هتمو تي ابداً
نزعت كلماته جزء من القلق الذي امتلكها للتو فردت الخاله قائله:
شيلي الخوف من قلبك يابتي احنا كلنا هنا أيد واحده كمل يايزن كمل كلامك
اكمل يزن حديثه:
العربي عنده جيش من المستذئبين، اكيد هيحمي نفسه بيهم.
وهيبعد هو عن المعركه بس الوحيده اللي هتخلينا نعرف مكانه هي شمس عشان لازم هو اللي يقت لها بأيديه واحنا هنسلم شمس جهاز يبقى معاها نعرف منه طريق العربي وبكده ياسين وعمار هيبقى عينهم عليها ومافتكرش يازهره ان لا ياسين ولا عمار هيسمحوا ابداً ان شمس يمسها شىء
ردت شمس موافقه على كلامه ممسكه بكف والدتها لتطمئنها قليلاً:
لا تخافي يا امي فأنا بأمان معهم، أنا على يقين من ذلك
استرسل يزن حديثه:
أما بقى عن حسام.
قاطعه «داغر، » فور سماع اسم اكثر شخص يمقته بالحياه:
سيبلي انا حسام ده ليا انا
رد عز قائلاً:
وانا الجزار ده مسؤوليتي
أشار يزن بيده:
كده كويس أما عن المستذئبين التانيين فدي مهمتي أنا ورعد وبربروس وميرا وعلى وطبعاً الخاله انا عارف ان عددهم كبير، كبير اوي عشان كده محتاجين كل شخص معانا
اردفت ساره قائله:
واحنا روحنا فين، انت نسيتني انا ومارال ولا ايه؟
دعمت «مارال» حديث «ساره»:
سايه عندها حق، ولا أنتَ مش بتؤمن ان الميأه مش زي اليجل
رد بربروس مسرعاً بلهفه:
انا اعترض
نجح في جذب انتباه الجميع له بكلمته فتوتر هو من نظرات البعض لهُ فنطق كلماته بتقطع:
أنا أعني، أنهم لا يستطيعون القدوم معنا فنحن لا نعلم ما الذي سوف نواجهُ هناك وأنتم نساء ليس لكم باليد حيله
رفعت مارال رأسها فتقابلت عينها بعين بربروس:.
تقصد يعني ان احنا ضعفا ومالناش لازمه
لم اعني ذلك
كانت هذه كلمته فردت هي عليه باستهجان وكأنها تحاول رد جزء بسيط من كرامتها عندما اخبرته بحبها ولم ينطق بحرفً واحد:
لاء أنت تقصد، ولو ماتقصدش فعلاً يبقي ياييت ماتتكلمش
احرجته امام الجميع وعلم هو ما بداخلها فصمت ونظر لها نظره دليل على لومه لها فأشاحت بوجها محاوله الا تنظر اليه من جديد
خلاص خلصتوا كلام
كانت هذه جمله الخاله بعد ان انتهى عراكهم فاسترسلت حديثها:.
احنا فعلاً محتاجين كل شخص معانا هنا في الأوضه عشان كده مارال وساره هيبقوا معانا وماتقلقوش عليهم هما هيبقوا بعيد الايام اللي فاتت الغريب ويزن كانوا شغالين على مادة السم اللي كانت في جسم «علي» قدرنا نجمع منها كميه كبيره وهتبقى في مسدسات بحقن هنعلمهم ازاي يقدروا يصوبوا على المستذئبين من بعيد.
القريه اللي احنا هنواجه العربي فيها دي قريتي وقريه زهره وعلى وياسين القريه دي عشنا فيها سنين وحفظنها شبر، شبر ماتقلقوش كل شىء معمول حسابه هنرجع تاني أخيراً بيت الصاوي اللي الضبع أخده وسماه على اسمه وق تل عيله ياسين وعلى فيه وهنتخلص من العربي واللي زيه وهنقدر نرجع قريتنا من جديد
ايوه بس اللي انا مش فاهمه.
هذه كانت جمله «عز» بعدما بتر كلام «الخاله» فنظر الجميع لهُ بارتباك لم يبد أي اهتمام بمقاطعته لكلام« الخاله» فأكمل حديثه:
اللي أنا مش فاهمه ليه انتوا هترجعوا ضعفا من جديد بعد ما العربي يمو ت
لاحظ «علي» نظرات« الخاله» المحمله باللوم ل «عز» فأردف قائلاً:.
بمو ت العربي اللعنه هتتجدد من جديد لأن هو اللي فكها ولو اللعنه اتجددت يعني هنضعف ممكن مش هيبان على شكلنا قد ما هنفقد قوتنا وكمان موهبتنا، اي حد عنده موهبه هاتروح وهنبقى ضعفا ومحدش فينا هيقدر يحول حد واللي هيتحول هيمو ت من الاخر كل حاجه هترجع زي ما كانت والبشر هتعيش في أمان
ابتسم عز ابتسامه تظهر لهُ الأمتنان فأردفت الخاله:
كله يجهز هنتوكل على الله بعد صلاه الفجر
نطق الغريب بكلامه المتقطع كالعاده:.
و. وانا. وانا. مش. مش ليا لازمه معاكم انا عملت. كل. كل شىء طلبتيه مني ياخاله. انا. انا عايز. اروح لأولادي
ابتسمت الخاله لهُ فطالعته قائله:
أنتَ فاكر أن العربي صدق إنك معاه وهتبيعنا عشانه
رفع الغريب نظارته على أنفه وبدأ بالتوتر:
اوماال. ليه. ليه خلتيني ات. اتصل بي. واقوله اني. اني عايز. اكون معاه.
علشان مايقت لش مرتك واولادك ياغريب لو مكنتش كلمته كان هينتقم من مرتك وبتك وهيسيب ابنك بس عشان العبقري يتولد لكن بمكالمتك لي هو حط احتمال واحد في الميه انك ممكن تبقى معاه فبقى على حياه عيالك ولو مابقيتش معاه مش فارقه هو كده كده هيقت لك لو مكسبناش المعركه
ابتلع ريقه بتوتر فقد زادت كلماتها ارتباكه:
شوف اللي وراك ياغريب وكلهم هنا معاك جهزوا الاسلح ه والح قن والمسد سات.
غادر «الغريب» وهو يطلب من «يزن ورعد» مرافقته للأسفل
استعد «داغر» للمغادره ف ربتت «الخاله» على كتفه تطمئنه قليلاً:.
مرتك بخير وهترجعلك هي وابنك بس مش جواها هترجعلك وهي شيلاه ما بين أيديها وخدها كلمه مني من الخاله اللي عايشه بقالها سنين طويله أنتَ دلوك بقيت أب، لو اكتبلك عمر جديد بعد المعركه خد مرتك وارتاح وعيش في أمان واربي ابنك تربيه طبيعيه بعيد عن كل ده ياداغر
أشار برأسه بالموافقه وغادر يتبعه عز فهو يعلم مدى جر حه الأن.
هو الأن يبحث عنه بكل مكان بداخل المزرعه ولكنه لم يجد له أثر ذهب للخارج، ركز قليلاً وأغمض عيناه وأخذ نفس عميق ليلتقط رائحته، وهذه هي المحاوله الأولى لهُ لألتقاط رائحه «ياسين» فوجدها نفس رائحه جسده أنكمش حاجبه باستغراب ظن أنه التقط رائحه نفسه هو فرفع طرف كمه الى أنفه ليستنشق رائحته هو وجدها نفس الرائحه فرائحه كل منهما مطابقه للأخر حتى وجده يقول:
بتشم نفسك ليه؟
انفزع «عمار» من نبرة صوته واخذ نفسه بعمق ونظر للجانب الأخر وجد «ياسين» يجلس بجانب الشجره الكبيره وأمامهم ترعه صغيره اقترب منه خطوه ووقف بجواره حتى يلتقط رائحته مره أخرى وكيف يكون لهما هما الأثنان نفس الرائحه أجاب عليه بغير ما بداخله:
أصل بحبني أوي
وأنت مالقيتش حته تحب فيها نفسك غير جنبي
جلس «عمار» بجانبه وهو ينظر أمامه فطالعه «ياسين» بتكبر:.
انا من رأيي ماتقعدش جنبي!
حك بأصبعه جبينه مع ابتسامه صفراء:
ومن امتى العبيد كان ليها رأي
اخذ «ياسين» يطالعه بعدما صك على أسنانه من الغض ب
فابتسم «عمار» ابتسامه انتصار ظهرت بجانب شفايفه قائلاً:
بتبصلي كده ليه هتصورني
تؤ. هصور قتيل
انهى «ياسين» ببرود تام فطالعه «عمار» بتحدي:
انت اخرك كلام، وكلام فاضي كمان.
ابتسم «ياسين» ابتسامه سخريه مما قاله وهو يشير برأسه يجاوبه بسؤال بعيد عما قاله:
تعرف ماهو اعظم سد في التاريخ؟
كمش «عمار» حاجبه باستغراب مما قاله ولكن فضوله حثه على السؤال:
ايه هو
أن تسد فمك اللعين
اشار «عمار» بأصبعه مع ابتسامه سخريه:
وانت صدقت نفسك اني جاي اتكلم معاك بمزاجي
عارف انك مجبور، بس مع عدم احترامي ليك أمشي
تنهد عمار بغيظ أخبره وهو يبتعد عنه خطوات قليله:.
انا همشي، بس قبل ما امشي عايز اقولك أنك أنتَ أخر حد ممكن اتكلم معاه، احنا اخرنا مع بعض معركه بكره وبعد كده كل حاجه هتبقى خلصت وهترجع مالكش لازمه من جديد هترجع ضعيف وشمس هاخدها منك، وهنتجوز وهنبقى سوا يا «ياسين» باختيارها مش غصب عنها عارف ليه؟ عشان هي بتحبني أنا. وعمرها ما حبيتك في يوم مهما حاولت تأثر فيها، مش هتعرف ولو ل 100 سنه قدام الحب اللي زرعته جواها بعمرك اللي عيشته واللى هتعيشه في يوم حبي ليها كفيل انها ماتنسانيش عمرها كله.
كانت كلماته تنزل على قلبه مثل الصاعقه كل كلمه قالها «عمار» صحيحه وهو يعلم بأنها صحيحه أدار «ياسين» ظهره لهُ، يتكأ على الشجره بيده تظهر على ملامحه الضعف وقله الحيله فاسترسل «عمار» حديثه قائلاً:
لو عشت بعد المعركه فأنتَ هتمو ت من الحزن وانا هعيش في سعاده جنبها وده وعد مني ليك.
أغلق «ياسين» عينيه من الحزن ليجد دمعه على جبينه فقد اعتصر قلبه بكلماته استدار يطالعه ليتبين خطوته التاليه وأجاب بما بداخله:
خللي بالك منها، دي بنتي اللي ربتها، وحبيبتي اللي حبيتها، ومراتي اللي اتمنتها، أنا واثق انك حبيتها وهي من حبك ليها اصبحت حبيبها
وقف «عمار» مكانه بعدما كان يستعد للرحيل ادار لهُ وجهُ بعدما سمع كلماته فاسترسل «ياسين» حديثه:.
مافكرتش للحظه واحده أني أنا كان ممكن امسحلها ذاكرتها واخليها تنساك وتنسى انها تعرفك في يوم وأنتَ عارف كويس أوي اني اقدر أعمل ده، بس معملتهوش عارف ليه؟ عشان عارف انها مش هتبقى سعيده معايا قد ما هتبقى سعيده معاك اللي بيحب حد بيفضله عن نفسه حتى لو مش هيبقى معاه عشان كده قولتلك خللى بالك منها ووعد مني بكره انا هحميك قبل ما احمي نفسي عشان أنتَ الأقرب لقلبها مني.
تنهد «عمار» بعمق لصدق كلمات «ياسين» فقد أدرك حب ياسين لشمس فحبه أعمق وأصدق بكثير. في لحظه لم يجده أمامه وقد رحل، صك «عمار» على أسنانه محاولاً التقاط انفاسه.
كان يجلس خلف المقود. يقود سيارته بسرعه جنونيه أمسكت هي بيدها مقبض الباب تحاول النزول من السياره فأغلق هو صمام الأمان وضغط على فرامل البنزين بقوه فوقف بالسياره ينظر لها بغض ب مما جعل نبره صوته بها شبه من العصبيه قائلاً:
أنتِ أتجننتي ياغرام عايزه تنزلي من العربيه وانا سايق
حاولت فتح الباب وهي تقول:
افتح الباب ده ياشريف.
مش فاتح ياغرام، مش هفتح غير لما تتأكدي أني ماليش ذنب في اللي حصلك اديني فرصه حتى اثبتلك اني بريء
نظرت له تطالعه بعصبيه بالغه:
وأنت عايز تأكدلي ليه حاجه انا متأكده منها؟
علشان انا مظلوم وأنتِ مابتوقعيش ظلمك عليا انتِ بتظلمي أخويا معاكي أخويا اللي ماحبش حد قد ما حبك اخويا اللي غير دنيته وكيانه عشانك خليكي معايا للأخر ولو ماطلعتش مظلوم واني فعلاً اغتص بتك أنا هسلم نفسي وهتحاكم على اللي عملته ياغرام.
انكمش حاجبها وهي ترى صدق كلامه في عينيه بدأت تسترخى من جديد فضغط هو على البنزين بقدمه وأكمل طريقه من جديد.
هل هذا كثير عليها، كثير على فتاه تحملت العديد والعديد منذ رؤيته ودخول بيته المرعب، وكأن العالم اجمع على عدم راحتها لم يستطع عقلها استيعاب أن ما يحدث لها الأن هو أمراً واقع.
هي الأن تجلس بغرفه مبطنه بالحديد، كان هناك أضاءه خافته تأتي من الخارج عن طريق بضع فتحات صغيره من بين قضبان الحديد المتواجده على النافذه تشعر بأنقباضات داخل احشائها، للوهله الأولى شعرت بأنها مجرد تقلصات عاديه تحدث لها ولكنها لا تعلم بأنها ألام ما قبل الولاده فكل شىء جديد وغريب عليها يحدث لها الأن وهي وحيده، سمعت صوت يأتي من الخارج صوت هي تمقته كثيراً، نعم فهو صوت «حسام»ابن عمها يتمتم بكلمات لا تستطع تمييزها من بُعد المسافه بينهما ولكنها استطاعت أن تميز اسم «داغر» من بين كلماته وضعت يدها أعلى بطنها حاولت استجماع نفسها، قامت تسير بحرص في اتجاه النافذه لتسمع مايقوله «حسام» وما الذي ينوي فعله شكرت قدمها على تحمل السير وهي في حالتها هذه، لتسمعه يقول:.
احنا هانروح القريه امتى خلاص مافيش وقت
حاولت رؤيه الشخص الذي يقف أمامه ولكن دون جدوى فظهره هو الواضح امامها
رد عليه «العربي» قائلاً:
هنبدأ نتحرك حالاً لازم نكون موجودين قبلهم
فأكمل حسام حديثه بتردد:
هو، هو احنا هناخد هدير معانا، اقصد انها تعبانه وحامل وكمان ممكن يجرالها حاجه هناك انا بقول نسيبها هنا يعني احسن
وصل الى مسامعه سؤاله الذي وجد به شيئاً من الضعف او الحب لا يعلم لذا سأله بخبث:.
بعد كل اللي عملته فيك ده يا«حسام» لسه بتحبها
ابتلع ريقه محاولاً الهروب بنظراته:
ايه اللي جاب سيره الحب والضعف انا بس بقول
بتر «العربي» كلماته بعدما قبض بيده على رقبته قبضه محكمه وكأنه أفعى قررت أن تضغط على فريستها بأحكام:.
أنا أختارتك ما بينهم عشان أنتَ الوحيد اللي حسيت أن مافيش حاجه ممكن تضعفك شوفت الش ر جواك بحثت عن أي ذره خير مالقيتش لاقيت الح قد والغ ل مالي قلبك عشان كده اختارتك تبقى معايا ودراعي اليمين سبت الأقوى مع إنك الضعيف وخليتك تبقى معايا، بس لو حسيت ولو للحظه أن ممكن البت اللي جوه دي تضعفك وتقلل من كر هك
وحق دك وشً رك مش هتردد لحظه في أني أق طعها حتت بسناني قدامك ياحسام أنتَ فاهم.
أصبح وجهُ أحمر كالدماء بل وأشد حمره بسبب عدم وصول الأكسچين إليه فكانت قبضه «العربي» محكمه كقبضه الأفعى لفريستها كاد يفقد الوعي فرفع «العربي» قبضته عنه خر في الأرض يمسك برقبته يحاول ملىء رئتيه بالأكسچين، جلس «العربي» القرفصاء أمامه قائلاً:
جهز البت اللي جوه دي اللي بالمناسبه هي مرات داغر وام ابنه وسابتك وراحتله.
رحل من أمامه و«حسام» يراه يبتعد عنه نظر أمامه وجدها تنظر من النافذه أبعدت ناظرها بسرعه وحاولت العوده الى مكانها وقبل أن تجلس وجدته أمامها في لمح البصر:
يلا عشان هنتحرك
حسام هانروح فين
كان يفك وثاقها دون رد منه:
رد عليا ياحسام هانروح فين، حسام انا تعبانه انا باين عليا بولد ارجوك طلعني من هنا
ضغط على أسنانه وأمسك بمرفقها بعنف:.
أنتِ السبب، أنتِ اللي وصلتينا لكده ياهدير، منك لله كنت زماني في شغلي لسه ظابط زي ما أنا كان كل حلمي أنك تبقي مراتي في يوم، ارجع من الشغل الأقيكي مستنياني بأكله حلوه بضحكه مرسومه على وشك،
انهمرت الدموع من عيناه وتحولت نبرة صوته الى نبره بها من الحنان مايكفيها:
اسألك عن أطفالنا تقوليلي أنا اكلتهم ونيمتهم على السرير عشان نسهر أنا وأنتَ براحتنا، أنا ماأكلتش عشان ناكل سوا، وتبقى الفرحه مش سيعاني.
رفع سبابته يمسح دموعه برفق:
ونروح يوم الجمعه لعمي ومرات عمي اللي ربوني نتغدا سوا، ونلعب انا وعمي شطرنج زي زمان وتيجي وتشجعيني تخيلي ان كل احلامي كانت بس بدور حوليكي جيتي أنتِ هديتي كل أمالي مكنتش عايز حاجه من الدنيا غير نظرة رضا منك، بس انتي فضلتي داغر عني
اعتلى الغضب ملامحه عند ذكر أسمه واستكمل حديثه:.
فضلتي الأعمى ده عني، عشان ايه عملك ايه، انا هوريكي، انا هخليكي تشوفيه بعينك وهو بيتقطع قدامك تعالي معايا
جذبها خلفه من مرفقها بعنف فصر خت هي من الألم:
أنا بولد الوجع في بطني رهيب، انا همو ت ياحسام
اخذ يطالعها بقل ق والخو ف يملؤه ابتلع ريقه ينظر لها بحيره:
أنتِ متأكده أنك هتولدي
اشارت برأسها بالأيجاب فاسترسل حديثه:
انتِ محتاجه حد معاكي عشان يولدك.
ابتلعت ريقها واشارت له برأسها بالأيجاب والدموع تنهمر على جبينها:
وانا هجيبلك اللي يولدك
تركها وغادر الغرفه في الحال تركها تتألم في صمت تواجه كل شىء وحيده تماما.
مرالكثير من الساعات وغابت الشمس وراء السحاب وبرز احمرار الغروب
كانت هناك نسمه منعشه تلامس وجهك، تستطيع صوت سماع تطاير أوراق الشجر من حولك ورؤيه النجوم مرصعه بالسماء جاء هو ليجلس بجوارهما من جديد يحاول دفن ألمه بداخله تنهد عند رؤيتهما سوياً يرسم البسمه على وجهُ الحزين، مد «ياسين» كف يده بمشروبه المفضل بعدما اصبح يلازمه دائماً قائلاً وهو ينظر الى وجهه العابس:.
مالك مكشملنا وش رجلك ليه ياشيخ عجوه
رفع «بربروس» رأسه فتقابلت عينه بعين «ياسين» نظر له نظره تبث عما بداخله من توتر وقلق ونظر أمامه من جديد:
هز «ياسين» كتفيه بلا مبالاه ومد كف يده الى ذلك الجالس بجواره:
تاخد انت يا على
مد الطبيب «علي» كف يده بابتسامه زادت من وسامته:
هات
أشار«ياسين» بعينه على الطرف الثالث بينهم وهو يرتشف من مشروبه:.
ماعرفناش برضوا ماله ده
اجابه الطبيب«على» وهو يشمئز من ذلك المشروب الذي أعطاه له منذ قليل:
اي القرف ده، اي البتاع ده
ابتلع «ياسين» ريقه وهو يمد كف يده و يتحدث بحنق:
هات انا غلطان، تصدق خساره فيك الشيري كولا ده، أنتَ مش اخويا يا «علي»
ابعد «الطبيب» يديه وهو يحاول بلعه:
لا، لا خلاص هشربه، أهوه أي حاجه نشربها في الحر ده.
نظر «على» الى «بربروس» الصامت مره أخرى وتوجه بحديثه اليه:
بص انا عارف ان سكاتك ده وراه مارال فا أنتَ قولنا كده أيه اللي حصل مابينكم
وضع «بربروس» وجهُ بين كفيه وقد تملك الحزن من ملامحه قائلاً:
لقد اعترفت مارال لي بحبها هذا الصباح
اعتلت البسمه وجه الطبيب مردداً:
قالتلك ايه، اقصد يعني اعترفتلك ازاي.
مال «بربروس» بعينيه ل «الطبيب على» مع ابتسامه لطف:
«كنت أظنگ صاحبي وفجأه دخلت الراء والتاء بين الصاد والحاء»
أرتشف «ياسين» من زجاجته وانكمش حاجبه عند سماع جملته وهو يشاور بسبابته يحاول استجماع ما قاله للتو:
صرتاحبي ازاي يعني مش فاهم
ضرب الطبيب« على »«ياسين» بمرفقه بلين:.
يابني افهم هي تقصد ان هي كانت فاكره انهم صحاب بس بعد كده صار حبها من الاخر صرت حبي
أشار بأصبعه على باطن يده بأصرار:
أيوه ماشي بس فين الألف انا عايز الألف أكلت الألف ياشيخ عجوه ده حتى عيبه في حقك
صك «بربروس» على اسنانه ينظر ل «ياسين» بغيظ:
فليلعنك الله وما همك أنت من حرف الألف، يكفي انها حاولت ان تتحدث بلغتي.
وقف «ياسين» أمام «بربروس» الجالس أمامه وكلامه يظهر به السخريه:
لالالا، مسمحلكش معلش كله إلا لغتنا الأم مانغلطش فيها ولا ننسى حرف من حروفها أبداً، هو يعني حرف الألف ده مالهوش صاحب يدور عليه
رد «الطبيب» عليه بلا مبالاه:
سيبك منه يابربروس كمل وبعدين عملت ايه؟
جلس« ياسين» مره أخرى ولكن هذه المره جلس بجوار «بربروس» اشار بعينيه له:.
ماتنجز ياشيخ عجوه؟
لم استطع قول شىء، لم يكن ببالي شىء استطيع قوله في هذه اللحظه وهذا مايقهرني
ارتشف القليل من مشروبه المفضل قائلاً بجديه:
كنت قولتلها يا أحلى البشر والشين قاف
ضحك «الطبيب» بصوتً مرتفع لم يستطع تمالك نفسه قائلاً وضحكاته تظهر في كلامه:
او كنت قولتلها كنت اظنك مقرب حتى تبدلت الميم عين.
علت ضحكاتهم هما الأثنان سوياً مد «ياسين» كفه ل «للطبيب» فضرب كفه بكف اخر وهما يبتسمان معاً قائلاً:
لا حلوه، دي اجمد، اهوه انت دلوقتي طلعت اخويا بحق وحقيقي يابيضا
قاطعهم «بربروس» وقد اشتعلت ثورته من «ياسين» ومن «الطبيب علي» أيضاً فنظر ل«ياسين» قائلاً:
اتعلم أنك أنسان سىء للغايه
فرد «الطبيب» مدافعاً عنه:.
ماتقولش كده يابربروس
فدعم« ياسين» ماقاله «بربروس»:
لا أنا انسان سىء فعلاً هو ماكذبش.
تبادلا النظرات وعم الصمت الأجواء انمحت البسمه من ملامحهم ببطىء عند رؤيتهم لمدى جدية« بربروس» ألقى «ياسين» الزجاجه من يده بعيداً بعدما أدرك من ملامح «بربروس» التي ارتسمت عليها الحزن أهميه الموقف وضع ذراعه على كتف «بربروس» بحب بعدما اعتلت الجديه وجهُ قائلاً:
لاتكن قفاشاً ومحراچاً ياسيدنا
نظر له بربروس نظره بعدم رضا فابتسم هو قائلاً:.
للدرجه دي هي مهمه بالنسبالك؟
ابتلع «بربروس» ريقه وتنهد لتخرج كلماته مع تنهيدته:
نعم. اعتقد ذلك
وضع «الطبيب علي» ذراعه على كتف« بربروس» بحب:
طيب ومستني أيه، دور عليها وقولها اللي جواك وافتكر أنك عارف كويس انه يجوز جداً انك تتزوج مسيحيه
ضربه «ياسين» بكتفه بلين:
يلا اتحرك مستني أيه، ماتسيبهاش تضيع من أيدك.
ابتسم «بربروس» لهما هما الأثنان فأكمل حديثه:
أتعلمان، ما الحسنه الوحيده الذي فعلها العربي بمسيرته المسيئه؟
رد ياسين قائلاً وهو يضع يدهُ بجيبه الخلفي:
اكيد انه عرفك عليا دي حاجه معروفه يعني
ابتسم بربروس وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً:
ايها اللعين، مع قبح وجهك هذا ولكن كلماتك صحيحه
ابتسم الطبيب لهما هما الأثنان، انت اخونا التالت يابربروس
رد قائلاً:
انا احبكما
ابتسم ياسين ابتسامه سخريه:.
لا ياعم ماليش في الألوان
انكمش حاجب بربروس باستغراب:
ماذا؟
رد الطبيب مسرعاً:
لا ابدا مافيش، سيبك منه وروح شوف مارال
رحل بربروس ليستدير كلاً من ياسين وعلى ليجدوا الخاله أمامهم فأردف «ياسين» بقوله:
أي ياكوكي مش تقولي أي حاجه كده بدل ما تجيبلنا ساكته تقلب بجلطه في الركب
جلست «الخاله» وهي تنظر لهُ:
مش ناوي ترجع تقولي ياما من جديد
جلس «ياسين» بجوارها يضرب كتفه بكتفها بلين:.
مش لايقه خاالص كلمه ياما على شكلك الجديد وبعدين ده أنتِ اصغر مني
جلس «علي» بجوارها من الجانب الأخر فاسترسلت هي حديثها:
وحشتني قعدتنا مع بعض ياولادى، بقالنا زمن ماقعدناش القعده دي
رد «على» وعيناه تطالع« ياسين» بثبات:
ساعات كتير كنت بتمنى نتلم تاني من جديد
للدرجه دي أنا شخص مؤثر في حياتكم
ضربته الخاله بخفه على رأسه:.
بطل نرجسيه ياياسين، بس أنتَ بتتكلم صح أنتَ فعلاً كنت مأثر في حياتنا كتير
فسألها هو سؤاله التالي:
انا ليه كنت بقولك بأمي وانتِ مش أمي الحقيقيه
عمرك ماندهتني بأمي دايماً بتقولي ياما وبعدين انتوا عيالي
حتى لو البطن ماشلتكوش القلب حضنكم وقفل عليكم ياولدي
واليوم اللي هترجع تندهلي في بأسم ياما من جديد هيبقى بالنسبالي عيد.
ابتسم «علي» بعدما تنهد ينظر اليها بامتنان فأخذته هي في حضنها لتضمه أليها تفرد ذراعها الأخر لتضم ياسين ولكنه استغرب مما حدث للتو قائلاً وهو يهز رأسه بالنفي:
لا ماليش في العلاقات المحرمه انا
ضحك الثلاثه معاً فوجد تلك الصغيره تقترب منهما ابتسم لها بلطف يجلس القرفصاء أمامها ليصل الى مستواها:
اهي الزبله جت اهيه
ظهر الحزن على ملامحها فأنمحت البسمه من على وجهُ ببطىء:
مالك وشك مكرمش ليه؟
هي هدير فعلاً حسام خطفها
نظر خلفه الى الخاله التي كانت تطالعه هي الأخرى فأشارت له بعينيها أن يجاوب على سؤالها فأجاب عليها بما هو بعيد تماماً عن سؤالها:
ايه رأيك لو اسألك سؤال لو جاوبتيه صح هقولك هدير فين بالظبط
أشارت الطفله برأسها بالأيجاب متحمسه لسؤاله فأردف هو قائلاً:
لو معانا سبع كراسي ومعانا عشر اطفال هنعمل اي عشان نخلي عدد الكراسي قد عدد الأطفال.
استغرب كلاً من« على والخاله» سؤاله فاجابت غدير بعدم تأكيد مما تقوله:
هنجيب 3 كراسي تانيين
غلط، هنق تل تلاته احنا لسه هنجيب كراسي
انهى جملته وقف واستقام ينظر لها بثقه:
انتِ كده جاوبتي غلط وعشان كده مش هجاوبك على سؤالك بس بكره لما تلاقي هدير رجعتلك وبقت معاكي هي هتجاوبك بنفسها وهتقولك هي كانت فين؟
اجابت الطفله بفرحه تملىء وجهها:
يعني بجد هدير هترجع
اشار براسه بثقه:.
اكيد هرجعهالك وعايزك ماتنسيش هتجيبي كراسي لو بقيتي في مشكله
اشارت الطفله برأسها بالنفي:
لو هتجيبلي هدير هبقى قويه وهق تل التلاته
ابتسم ابتسامه رضا:
حبيبه قلب ياسين والله.
ترجل من سيارته يفتح باب السياره لها يجذبها من مرفقها بلين قائلاً:
انزلي ياغرام
وكان جاوبها كالتالي:
مش نازله
جذبها بقوه من ذراعها واغلق باب السياره أبعدت هي يده عنها بقوه:
سيبني خلاص هاجي معاك
ترك شريف مرفقها ينظر خلفه ليتأكد من مجيئها دق باب صديقه« مازن» المقرب لهُ فتح صديقه باب منزله فلكمه على وجهُ بشده وقع أرضاً مغشياً عليه قيد يديه وقدمه بالحبال وكانت تقف معه غرام مذهوله مما يحدث:.
بتعمل ايه ياشريف
ادار رأسه يطالعها وهو مازال يستكمل تقييد صديقه:
بربطه زي ما أنتِ شايفه
شريف انا مش فاهمه حاجه
دلوقتي هيفوق وهنفهم احنا الاتنين سوا
ذهب شريف الى المطبخ بعدما قيد مازن بالحبال جيداً وأتي بزجاجه كبيره من الماء القاها بوجهُ فاستعاد صديقه وعيه وهو يشهق مما حدث نظر لهما بعدما افاق سائلاً:
في ايه ياشريف أنتَ بتعمل كده ليه؟
اجاب والبرود ملازم لملامحه:.
أنتَ اللي هتقولنا دلوقتي وحالاً أنت عملت كده ليه؟
ابتلع ريقه بعدما سحب نفساً جاهد في التقاطه:
أنت عرفت؟
شاور براسه بالأيجاب فرد هو مؤكداً:
انا عملت كده ياشريف عشانك كنت وقتها ضايع ومضايق كنت بدور على العيال اللي اغتص بوا غرام معاك دي بأي طريقه مكنتش بتنام ولا بتاكل ولا بتشرب لحد ما لقيتهم ولما طلبت مني اني القاهم أنا ما اتأخرتش وجيبتلك عيل منهم هنا فاكر ياشريف.
أشار «شريف» بأصبعه بحركه دائريه:
وبعدين كمل ايه اللي حصل لما جيبته هنا:
اتكلمت معاه قبل ما انت تيجي و العيال دي طلعت غلابه ياشريف اضحك عليهم من جابر المنفلوطي زي ما اضحك عليك بالظبط دي عيال صغيره ومستقبلهم كان هيضيع ووقتها لو كانت غرام عرفت إنك اغتص بتها فعلاً مكانتش هترضى تتجوز أخوك وأنتَ كنت هتحس إنك السبب وكانت هتبقى مشكله كبيره
انكمش حاجب غرام سائله:.
يعني أيه، يعني شريف هو اللي اغتص بني فعلاً
ايوه هو اللي اغت صبك بس هو مكانش في وعيه جابر المنفلوطي أمر والعيال دي يحطوله مخ در عشان يحصل اللي حصل ولما مسكت عيل منهم لاقيتهم غلابه عايزين يعيشوا مش أكتر يعني أكتر واحد كان هيضر فيها هو شريف
لكمه شريف على وجنته بقوه:
انجز، أخدت كام؟
تألم بعدما صك على أسنانه:.
250 الف أخدت ربع المبلغ اللي المنفلوطي ادهولهم ولما انا اتصلت بيك وجيبتك والواد كان هنا اخترعنا عليك حته انك مغتص بتهاش وبكده الكل يكون فرحان
طيب والدكتوره!
كانت« غرام» تسأله والرجفه تظهر على شفتاها فرد هو على سؤالها:.
لااا دي سهله احنا عارفين بتشتغلي في أنهُ مستشفى وأكيد هتكشفي فيها. اديناها اللي في النصيب عشان تقول اللي احنا عايزينه وبكده الكل بقى مبسوط انتِ رديتي تتجوزي عز وشريف الذنب اتشال من عليه والعيال دي مادخلتش السجن وشريف ماتحبسش وانا اخدت اللي فيه النصيب ما هو كده كده شريف مكانش في وعيه وانا عملت كده عشانه
امسك شريف بهِ بغيظ بعدما قبض يده يستعد لضربه من جديد فأوقفته غرام عن فعلته:.
كفايه كده ياشريف، انا خلاص عرفت الحقيقه
فتحت الباب تستعد الرحيل فجذبها هو من مرفقها قائلاً:
غرام استني، انا مكنتش في وعيي اليوم ده، انا كنت ضحيه مؤامره دنيئه عملها جابر عشان يوقع أخويا، ياريتني كنت
م ت ولا إني اشوفك واشوف اخويا بتتعذ بوا بسببي في يوم
نظرت له غرام والدموع تملىء عينيها جاوبته بكل تلقائيه:.
ياريتك كنت م ت وقتها، انا مش عارفه اعمل ايه، واتصرف ازاي مش قادره اشوفك قدامي وانت دمرتني، وارجع اقول غصب عنك نفسي أخد حقي منك ومش عارفه
رحلت تبعد عن ناظره يراها تبتعد عنه اوقفت تاكسي حتى وصلت الى منزلها نزلت أمام منزلها لتجد من يضعها بالسياره عنوه ويأخذها من أمام المنزل ظلت تصر خ كثيراً فضر بها على رأسها ضر به افقدتها الوعي تماماً.
ذهب هو يحاول البحث عنها بكل مكان حتى وجدها تحضر علبه الحقن وتحاول فتح الصندوق الخاص بها ولكنها لا تستطيع فكان الصندوق محكم الغلق فوجدته أمامها وفتح لها الصندوق بكل سهوله تبادل بربروس ومارال النظرات قليلاً فارتبكت هي قائله:
شكياً
انكمش حاجبه باستغراب سائلاً:
من أجل ماذا؟
ادارت ظهرها لهُ تنحني لتلتقط ما بداخل الصندوق بيديها:
عشان فتحتلي الصندوق
ابتسم هو بعدما أشار برأسه وهو يقول:
علي الرحب والسعه.
حاولت تركه وترحل لاستكمال ماتفعله ولكنه وقف أمامها من جديد يحاول التكلم معها:
أريد التحدث معكِ لدقائق قليله
قاطعته هي:
بيدقوس، صدقني مافيش حاجه تتقال
تركته لتستكمل ما كانت تفعله ويراها تبتعد أمام ناظره فارتفع صوته قائلاً:
ماذا لو أخبرتك بأنني اشتاق إليكِ كل ليله، وأنكِ لا تفارقين عقلي، وأني لا أشعر بالحياه إلا بوجودك.
استطاعت كلماته أن تلمس قلبها وتوقفت قدماها عن الحركه ظلت ثابته مكانها أغلقت عينيها تستشعر مذاق كلماته التي اخترقت قلبها دون استئذان شردت لثواني بعدما عرفت البسمه طريق شفتاها، ثم افاقت من شرودها حاولت عدم الأنخراط فيه انمحت البسمه من على وجهها ببطىء ثم استدارت له ُ لتصبح أمامه من جديد قائله:
ماينفعش يابيدقوس، ماينفعش أنتَ مسلم وانا مسيحيه و
بتر كلامها قائلاً:
فديني يسمح بالزوا.
قاطعته هي قائله:.
لكن ديني أنا اللي مقتنعه بي مايسمحش، ولا الكنيسه هتوافق في يوم وانا مش هيتد عن دين المسيحيه مهما حصل، حتى لو كنت
توترت بكلماتها الأتيه فتنهدت قائله:
حتى لو كنت بعزك
اقترب منها خطوه واحتضنت عينيه عيناها، يرتوي من ملامحها الصغيره ارتسمت البسمه على شفاه فزادت من وسامته فوجد قلبه يقول حروف يترجمها لسانه الى كلمات:
يؤمن العقل بعقيدته ويعشق القلب من عقيده غيره، فقد أحبك القلب يالبه القلب.
وضع يده على خصلات شعره بحنق:
رباه، لقد أحبك القلب بصدق
خفق قلبها بشده عند سماعها جملته تلألأت الدموع بعينيها فرحت عند سماع جملته وحزنت أكثر عندما أدركت مدى حبه لها وهي لا تستطيع ان تجاريه في مشاعره مسحت دموعها من على خديها قائله:
أنا لازم أمشي
كان قرارها حاسماً مما جعله يقول:
لا اعلم ما الذي سيحدث بالغد، ولكن أريد أن أوصيكِ بشىء فربما تكون هذه المره الأخيره التي نتقابل بها يامارال.
فليشهد الله أني احببتك، فأذا نمت وغابت النون فالدعاء وصيه بيننا يا أخت عمار
أبتلعت ريقها وتنهدت دون النظر اليه مكمله سيرها ليقول هو بداخله:
تباً، للبشر.
كانت تقف بعيداً نسمات الهواء تداعب خصلات شعرها أغمضت عيناها لتملىء رئتاها بنسمات الهواء البارده المنعشه
فتحت عيناها من جديد لتجدهُ أمامها تغلل التوتر الى قلبها مما جعل «ياسين» سائلاً:
خوفتي
ابتلعت ريقها تحاول تهدئه نفسها فقربه منها يزيد من توترها و نبضات قلبها ابتسمت ابتسامه تحاول فيها اخفاء توترها قائله:
ومم أخاف!
كان جوابه سريعاً وهو يقترب منها خطوه ليصبح أمامها:.
من قربي منك أو ممكن من اللي هيحصل بكره، ومن اللي هيحصل بعد اللي هيحصل بكره
ولكني متأكده من فوزك، طالما وضعت يدك بيد عمار سوف نفوز بالتأكيد
تحدث «ياسين» موافق على كلماتها:
أنتِ عندك حق انتوا هتفوزوا بس أنا في الحالتين هخسر
انكمش حاجبها باستغراب فلم تستطع فهمه بجملته الأخيره
وهو لم يستطع كبت ما بداخله أكثر من ذلك لمعت الدموع بعيناه، كل كلمه بداخله تحدث بها نابعه وصادقه من قلبه:.
مالك مستغربه ليه؟
أيوه ياشمس في الحالتين أنا اللي هخسر، في الحالتين أنا اللي همو ت، لو مامتش في المعركه، فهمو ت لو فوزنا، مش هقدر اتحمل لو شوفتك بعد ما نفوز يبقى هو أول واحد تجري عليه وتترمي في حضنه في الحالتين همو ت ياشمس
وضع صوابعه بين خصلات شعره ينظر بالأتجاه الاخر يحاول اخفاء دموعه حتى لا تراه وتلمس نقطه ضعفه
عارفه المشكله في ايه:.
أغلق عيناه ووجد دموعه تنهمر منه أمام عيناها بغير رضاه استسلم لقلبه أخيراً وطاوعه عقله قائلاً:
المشكله إني مش قادر افضل احبك
ولا قادر حتى اكر هك، حاولت، حاولت اكر هك كتير بس معرفتش. ماقدرتش.
أنا مش عايز حاجه منك، أنا بس كل اللي عايزه إني ماحسش بحاجه تجاهك، قلبي واجعني، مش عايز افكر فيكِ، ولا عايز أهتم بيكِ ولا عايز احبك، انا مش عارف اعمل ده ازاي، مش عارف أكر هك ازاي، اوعي تفتكري أني ماحاولتش، حاولت، وحياه ربي حاولت. حاولت اشيلك من قلبي ماعرفتش، ياريتني ما كنت شوفتك ولا دخلتي بيتي في يوم.
كانت تطالعه بأهتمام زائد فكل كلمه نطق بها الأن كانت صادقه، من صدق كلماته النابعه من صميم قلبه لامست كلماته قلبها وجدت الدموع تلمع بعينها حاولت اخفاء ملامح وجهها ولكنها لم تستطع فلامست دموعها خديها، كانت هناك لحظات صمت بينهما فنظرات عينهما أعظم من الكلمات الأن كسرت هي صمتهما بقولها هذا:
انساني ياياسين
قالت كلماتها وهي تسمع صوت تحطيم قلبها، فدعم هو قوله بقولها ممسك بمرفقها بعن ف:.
انا عايز انساكي بس ازاي، لازم تساعديني عشان انساكي ساعديني، انا كسرت نفسي قدامك الف مره، ولسه بكسر نفسي تاني وانا واقف قدامك بترجاكي
الروح تعبت من الرفض ياشمس
لحد ما كر هت نفسي، وكر هتك، وكر هت الدنيا كلها كر هتك عشان وصلتيني للي انا فيه دلوقت انا حتى مش عارف عشقتك ليه؟
فاستكمل حديثه قائلاً:
وإن سألني أحدهم لماذا أحببتك لهذه الدرجه وأنا ورب العزتي لا أعلم سوا أنني وجدت روحي فيكِ.
ادار ظهره لها يستعد للرحيل فنطق لسانها حروف اسمه دون ان تشعر:
ياسين
تحدث دون ان ينظر لها فكان الامر اشبه بشعور طفل ابكم، اغلق الباب على يده ولم يستطيع الصر اخ فرد قائلاً:
أي كلمه هتقوليها بعد اللي قولته هعتبرها شفقه وأنا ماقبلش أن حد يشفق عليا بحبه في يوم من بعد المعركه أوعدك ووعد الحر دين مش هتشوفيني تاني ياشمس.
وعد «ياسين» لم يكن بأي وعد فعندما يوعد يوفي وكان هذا الوعد، الوعد الثقيل على قلبه.
التعليقات