التخطي إلى المحتوى

رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل السابع والخمسون

”وما حاجتي ب العينين والقلب يُنار ب صدق حبه
مشهد مهيب لأول مره منذ فتره يتجمع الناس في الساحه أمام منزل ال صاوي والسبب هو لقدوم الشرطه الى منزل كبيرهم
كان أخر ما وصل الى مسامع شمس نبرته الصادقه يخبرها بعينين بان بهما الصدق: ماقتل توش.

طالعته وقد هوى ثباتها أرضاً وحل محله أرتباكها، وقد شحب وجهها واعتلت الصدمه ملامحها حين رأته مكبل بالأصفاد دون مقاومه منه مستسلم استسلام تام يطالعها بعيون بان بهما صدق حديثه، وقبل أن تنطق جذبه الشرطي خلفه من مرفقه تراهُ يرحل امام ناظريها حاولت الركض خلف السياره حاولت اللحاق بهِ ولكنها لم تلحق حيث يد زهره التي جذبتها من معصمها قائله: رايحه فين يا شمس أنتِ كمان عايزه تلفي وراه في الاقسام.

سبيني ياماما عشان خاطري سبيني
قالت جملتها بعيون راجيه تحاول تحرير يدها ولكن منعتها يد زهره التي قالت:
ده على جثتي لو سيبتك تروحي وراه انا قولتلك الف مره ياسين مش هيتغير وعمر الخير ما هييجي من وراه أبداً ماصدقتنيش ولا سمعتي كلامي اهوه اديه ق تل فريد ومش بعيد يكون شرب من د مه.

قالت جملتها تحت أنظار اهل القريه جميعاً تلتقط اذانهم ماتنطق بهِ فحديثها دلاله على فعلته تعالت الهمسات من حولهم فطالع الطبيب الجميع من اهل القريه يتهامسون ولم ينتظر بل صوب سهام كلماته وهو يقول:
قبل ما تنطقي وتفتحي بوقك يازهره احسبي كل كلمه بتقوليها الاول والزمي حدودك
ثم أشار بعينيه ل شمس مسترسلاً:
ادخلي جوه ياشمس ماينفعش تيجي معانا القسم.

انا هاروح انا وبربروس وهنطمنك بالتليفون ماتقلقيش اكيد في حاجه غلط
ايوه بس انا لازم
قطع حديثها يزن عند وصوله بسيارته امامهما يجلس خلف المقود وبدأ بقول: يلا ياعلي، اطلع يابربروس مافيش وقت
حاولت شمس الصعود ولكن حذرها الطبيب بنظراته قبل حديثه: قولتلك مش هينفع تيجي معانا
صعدا كلاهما الى السياره تراهم يرحلون تحت ناظريها توجهت تلقائياً ناحيه غرفته الغرفه التي اعتاد الجلوس بها بمفرده هرول الجميع من خلفها.

ولكنها قامت بصفع الباب بوجه الجميع وما اغلقت الباب عليها حتى اشتمت رائحته بها، هوت على الارضيه وانخرطت في نوبه بكاء عميقه سمعت دقات على باب الغرفه صرخت وكانت نبرتها الباكيه هي الأقوى: مش عايزه اشوف حد سيبوني لوحدي
افتحي يا شمس أنا ساره
زادت شهقاتها وهي تقول:
ارجوكي سبيني ياساره دلوقتي عايزه ابقى لوحدي
علا صوت زهره بالخارج والجميع يحاوطها تلبي رغبتها بقول:.

سبيها ياساره خليها تفكر مع نفسها شويه وتعرف ان دم فريد اللي راح ده في رقبتها مش في رقبه غيرها
ردت مارال بحده:
مين قالك ياطنط زهيه ان ياسين هو اللي
قت له احنا لسه مانعيفش حاجه
نطقت تؤكد على ما قالته وهي تصرح بصدق:
أنا متأكده ان هو اللي قت له وشرب من د م ه كمان
تسارعت أنفاس شمس تقترب من الباب تريد سماع المزيد وتابعت زهره بحديثها تسرد لهم بصدق ما حدث:.

رجعت امبارح البيت بالليل بعد ما سيبت شمس في الكوخ لاقيته دخل اوضته بسرعه وكان قميصه عليه بقع د م الباب كان مفتوح وشوفته وهو بيقلع قميصه الأبيض واول ما شافني قفل الباب في وشي ولو أنتِ سمعاني
يا شمس دوري في اوضته اللي انتِ فيها دلوقتي هتلاقي قميصه اللي لسه مليان بالدم جوه الأوضه مكنتش اعرف ده دم مين بس دلوقتي عرفت انه دم فريد.

دارت بعينيها بالغرفه تبحث عن قميصه الأبيض، فتشت بكل مكان، اقتربت من الخزانه تبحث بين قمصانه بعشوائيه تلقي كل ما يقابلها من ملابس على الأرضيه حتى وجدت قميصه الأبيض من بينهم ملطخ بالدماء، اتقدت عيناها بغض ب ودت لو صبته بأكمله عليه، خانتها قدماها ومازالت ممسكه بقميصه تصب كامل غضبها بأزاحه الطاوله المقابله بقوه سمع الجميع الصوت بالخارج
وشرعت مارال بقول:
شمس أنتِ كويسه ايه صوت التكسيي اللي عندك ده؟

من جديد لا رد وقامت زهره بالرد بدلاً عنها:
طالما ساكته وبتكسري اي حاجه قدامك يابنت بطني يبقى كلامي طلع صح ولاقيتي قميصه
كتمت شمس صوت البكاء بالأجبار، على الرغم أن اخر شىء تريد سماعه هو نبرة زهره الشامته ولم تصمت بل اكملت بقول:
ياما حذرتك منه وقولتلك مش هيتغير ماصدقتنيش وفي الاخر طلعت انا صح وانتِ الغلط، كلكم غلطتوني وكلكم وقفتوا ضدي وقلتولي انه اتغير مع ان اللي في داء مابيبطلوش.

ترغب في الرد وبشده، تتمنى ان تدافع باستماته ولكن كل شىءً ضده ولم تستطع تكذيبها حتى بينها وبين نفسها وقد امسكت بقميصه الملطخ بدماء غيره اقتربت زهره من الباب المغلق سائله:
ساكته ليه ما تتكلمي ياشمس طلعت انا الصح ولا لاء يابنت المهدي
حديث العبرات اقوى من أي حديث في هذه اللحظه دموعها تتحدث بدلاً عنها، وزادت زهره بالضغط عليها حين قالت:.

أنتِ لازم تطلقي منه في اسرع وقت وانا هعرف اخليه يطلقك ازاي حجته انك تبقي مراته عشان يحميكي من فريد اللي مكنتش شايفه اي ضرر منه واهو فريد مات مالهوش حجه تاني خلاص اقتربت من الباب اكثر تقبض بكفها على المقبض تحاول فتحه عنوه:
افتحي الباب ياشمس بقولك
من جديد لا رد، لم تفتح الباب وقطع حديثها دخول الخاله أتيه برفقه حسان وقد عادت من سفرها المفاجىء ولم تخبر احد بمكانها سائله:.

في ايه ياولاد، حصل ايه وايه اللمه اللي بره دي
ابتلعت مارال غصه مريره بحلقها وهي تصرح:
اهدي، ياخاله وايتاحي وخدي نفسك أنتِ جايه من سفي
رفضت الخاله وبشده وأثرت على قول:
والراحه هتيجي منين والخلق ملمومه حوالين بيت الصاوي وانا زي الاطرش في الزفه معرفش شىء
قاطعتها زهره بقول:
تعالي ياخاله معايا انا هعرفك كل حاجه
-.

جالسه بمفردها بغرفتها تأبى النزول على الرغم بمعرفتها بالقبض على ياسين ولكنها احكمت اغلاق غرفتها جالسه بمنتصف فراشها تقضم أظافرها بتوتر رن هاتفها للمره التي سئمت من عدها رأت اسم المتصل لتجده بدر فقامت بأغلاقه كالعاده حتى سمعت صوتاً هامساً خارج نافذتها تحركت بحذر بعدما قبضت حاجبيها وما ان اقتربت حتى وجدته بدر يتسلق الجدران من أجلها قامت بفتح النافذه سريعاً تدور بعينيها في المكان حتى لا يراهُ أحد أخبرته غدير بارتباك:.

بدر، أنتَ أتجننت ايه اللي جابك هنا يامجنون
دارت بعينيها بالخارج فأكملت:
وكمان في وسط النهار مش خايف لا حد يشوفك
لم ينتظر حتى تعطيه فرصه للدخول دخل بالفعل عبر النافذه يرد على سؤالها بقول:
ابقى كداب لو قولتلك مش خايف، بس خوفي عليكي كان أكبر
طالعته باستغراب فهز رأسه يؤكد على حديثه بنبره حانيه بان بها صدقه:
أه والله العظيم خوفي عليكي كان أكبر
اقترب منها خطوه ولمعت عيناها بالعبرات فاكمل هو:.

بقالك اكتر من أسبوع مابترديش على تليفوناتي، كل يوم بعدي من تحت شباك اوضتك في الفجريه زي كل مره بس مابشوفكيش، نور أوضتك دايماً مطفي ومابتظهريش، حتى مع اللمه والهيصه اللي حصلت تحت، القريه كلها اتجمعت تحت بيتكم قولت اكيد هشوفك في وسط اهلك بس برضوا مالقتكيش، مكانش قدامي حل اني اشوفك واطمن عليكي غير اني اطلع على العواميد وابقى زي الحراميه بس عشان اطمن عليكي.

لم تعرف ماذا تقول أعطته ظهرها وهي تنظر الى الأرضيه تتحرك خطوه للأمام، اتى خلفها سائلاً:
للدرجه دي مش عايزه تشوفيني، شوفتي بقت تقيله على قلبك
هزت رأسها نافيه تتسارع انفاسها تخبره بارتباك:
المشكله أني عايزه اشوفك
اقترب منها يقف أمامها سائلاً بلهفه:
وايه اللي منعك ياغدير، احكيلي
نطقت بقهر من بين دموعها:
المشكله اني مش عارفه احكي ايه
حثها هو بلين:
قولي اللي في بالك وشاغل تفكيرك.

ظلت غدير صامته لثواني قبل ان تقول بألم داخلي كاد ان يفتك بها:.

احساسى بالذنب مموتني، حاسه اني ارتكبت ذنب كبير، وكل يوم بلوم نفسي عليه لدرجه اني كل يوم بحلم اني بقول لياسين وياسين عارف باللي عملته، بتخيل انه عارف اني حاكيتلك عشان اريح ضميري، انا مش عارفه انام يابدر مش قادره انام، خايفه لا سره يطلع بره في يوم، حتى لما عرفت ان البوليس قبض عليه كنت عايزه انزل عايزه اعرف في ايه بس ماقدرتش انزله، ماقدرتش ابص في وشه واقف جنبه ما انا كمان قتلته، قتلته لما حاكيتلك سره.

شعورها مر كمراره العلقم وشعر هو بذلك
وأدرك بأنها تسببت بكارثه ما فقط لأخباره لا يستطيع لومها بل عذرها حين قال:
عندك حق تخافي، مع أني وعدتك قبل كده أني مش هقول لحد وأنتِ ماصدقتنيش بس هسيب الأيام تثبتلك أني قد ثقتك ياغدير، بس عايزك تعرفي حاجه واحده بس أنا لو كنت عايز اغدر بيكي كنت غدرت من وقت ما حاكتيلي بس يعلم ربنا اللي في قلبي أن نيتي من ناحيتك خير.

نبرته في جملته هذه تحديداً هزتها وردت هي عليه ودموعها تتسابق:
اللي خلاني احكيلك من الأول اني وثقت فيك وحسيت معاك براحه ماحستهاش مع حد في يوم
بس احساس الذنب اني حاكيتلك حاجه عن غيري مش من حقي احكيها هو اللي مخليني
أوقف حديثه حين وضع سبابته على فمها وتلاحمت اعينهم بلطف ناطقاً:.

اعتبري أنك ماحكتيش، وانا ماسمعتش، انا مش عايز اعرف حاجه عن ياسين ولا عن الخاله ولا عن اي حد انا عايز اعرف كل حاجه عن غدير، البنت اللي اول مره شوفتها خبطت فيا بعجلتها ومن يومها وانا مش عارف انساها ولا عارف انسى رقتها وبرائتها
استطاع بجملته الأخيره سلب ضحكه منها:
اخيراً ابتسمتي، كفايه عليا ابتسامتك دي هتخليني مبسوط سنه قدام
كانت نبرته لينه وهو يطلب منها بابتسامه:.

ممكن ماتعيطيش تاني بقى وانسي الموضوع ده خالص
لم ترفض هذه المره هزت رأسها بابتسامه قائله:
أنتَ ازاي كويس اوي كده، مكنتش اعرف ان حظي حلو كده عشان عرفتك في يوم
تهكمت تفاصيله ببطىء وانمحت البسمه من على وجهه بقول:
أنا مش كويس زي ما أنتِ فاكره كلنا عندنا عيوب
اخبرته غدير سريعاً:
أنتَ صح، كلنا عندنا عيوب احنا مش ملايكه بس عيوب عن عيوب تفرق.

جلس على المقعد خلفه ووضع رأسه بين كفيه، حركته هذه اربكتها، جلست القرفصاء تحاوط كف يده ورأت عبوس وجهه سائله:
مالك يابدر، اتغيرت مره واحده كده ليه؟
حاول في بادىء الامر أن ينكر ما بداخله ولكن بعد محاولاتها قرر أن يخبرها بما يحمله قائلاً:
لو حد غلط غلطه كبيره قبل ما يشوف حد ويعرفه، وجه بعد كده لما عرف الانسان ده اتغير واعترفله بذنب عمله قبل ما يعرفه تفتكري اللي اعترفله ده هيسامحه
وأتاه الرد بلين:.

والله على حسب اللي قدامه متسامح ولا لاء وياترى الغلطه اللي عملها دي كبيره ولا صغيره يعني هيقدر يسامحه فعلاً ولا لاء
جاوبها متمنياً:
انا بتمنى أنها تسامحه
بدر أنا مش فاهمه حاجه
حدثها بدر يطلب برجاء:
غدير انا عايزك تسمعيني للأخر وبعد كده اعملي اللي أنتِ عايزاه
تسلل القلق اليها، هزت رأسها بالموافقه وهي تحتضن عينيه تنصت اليه باهتمام:
غدير انا هحكيلك على كل حاجه.

وقبل ان ينطق وضعت سبابتها على فمه حين سمعت صوت الباب يفتح:
هوووش ما تتكلمش خالص
أشار برأسه بالموافقه، فسمعت صوت حسان بالخارج:
غدير، أنتِ لسه قافله على نفسك بالمفتاح من ساعتها، افتحي الباب
ابتلعت غصه مريره بحلقها تأمره بالرحيل ولكنه اصر بقول:
مش همشي ياغدير انا سامع صوت حد جوه
توترت الأجواء همست لبدر وهي تشير بأصبعها على النافذه:
امشي دلوقتي حسان لو شافك هتبقى مصيبه.

اشار برأسه بالموافقه يتوجه الى النافذه وقبل ان يغادر سمع صوت حسان بالخارج يأمرها بعلو صوته:
افتحي ياغدير بقولك لو مافتحتيش هكسر الباب
خرج بدر عبر النافذه سريعاً، وتوجهت هي الى هاتفها تشغل احدى مقاطع الفيديو بعدما فتحت الباب قائله بغضب:
عايز ايه ياحسان
دلف الى غرفتها دون استئذان يفتش بعينيه بكل مكان قائلاً:
انا كنت سامع صوت، مين كان معاكي هنا
انكرت وبشده:
محدش، وبعدين ده تلاقيه صوت التليفون.

ومافتحتيش على طول ليه؟
سألها واخبرته هي مجبره:
عشان كنت بغير هدومي ولا أنتَ نسيت ان احنا كبرنا ومابقيناش اخوات وماينفعش اقعد قدامك بهدوم عاديه
لم يمانع نفسه من الأبتسام وهو يقترب منها:
أنا اسف، انا بس استغربت لما مالقتكيش تحت
وخصوصاً وانا مش فاهم ايه اللي حصل لياسين
وهما راحوا فين دلوقت
اجرى حديث طويل بينهما عما حدث لياسين لم يتوقف الا حينما قال:
انا مش عارف ياسين هيلاقيها منين ولا منين.

كانت الصدمه كبيره، الصدمه من قوله لم يتوقع أحداً ما تفوه بهِ الضابط احمد حين سأله الطبيب عن مكان ياسين صرخ الطبيب
بوجهُ قائلاً:
أنتَ بتقول ايه، هو ايه اللي مش موجود هنا، احنا كنا وراكم خطوه بخطوه وشوفنا العربيه وهي داخله القسم هنا
ابتلع الضابط أحمد غصه مريره بحلقه يدور بعينيه بالمكان محذراً بعينيه قبل لسانه:.

وطي صوتك يادكتور على اللي عندي قولتهولك انا لو مكنتش بقدر الخاله حكيمه وعامل حسابي انكم كبار القريه انا كنت اخدت معاك اجراء تاني
تقدم الطبيب خطوه الى الأمام وزاد اقترابه منه
يرمقه بنظرات مشتعله ولو كان أعينه رصاص لسقط صريعه، ولكن هناك من وقف يعترض طريقه قائلاً بهدوء:
تريث، تريث يا اخي فالضابط أحمد ضابط كفوء و ما هو الا عبداً.

نطق بربروس كلمته الاخيره ببطىء ساخراً مما جعل الضابط احمد يطالعه بغضب فاصطنع ابتسامه مزيفه وهو يقول:
للمأمور، عبداً للمأمور فهذه هي طبيعه عمله
علق الضابط بضجر وهو يحرك رأسه بغير رضا:
الزم حدودك في تلميحاتك ياشيخنا
وتراجع امام نظرات بربروس المحذره وهتف بضجر:
انا قصدي يعني ان مش في ايدي حاجه اعملها
قطع يزن صمته باستهجان برز فيه اللوم:.

أنتَ غلطان ياعلي، أحنا ماشوفناش العربيه وهي داخله القسم احنا كنا بعيد عنهم بمسافه
رد الطبيب بانفعال:
أنتَ بتقول ايه يايزن، ايه التخاريف دي
تبادل يزن والضابط احمد النظرات القلقه مما جعل يزن يبرر:
أنا اللي كنت سايق العربيه مش أنتَ وانا جيت هنا على طول وما أخدتش بالي هو اكيد اترحل على مصر
فقه الضابط احمد بقول:
ده اللي بحاول افهمهولكم من وقت ما دخلتوا عندي بس محدش راضي يديني فرصه.

علم بربروس بأن الجدال سيزيد التعقيد فدعم حديث يزن بقول:
لقد اخطأنا الفهم ويجب علينا السفر الأن الى القاهره
أنتوا هتجننوني
قالها الطبيب بانفعال ضد عادته الهادئه فأحكم بربروس قبضته يجذبه للخارج وعند خروجه دار يزن بعينيه بالمكان وكأنه رأى شيئاً ما ارغمه على قول ذلك
-.

الوضع كالتالي تجلس والده فريد بخصلات مبعثره امام جثه ولدها الوحيد، تراهُ بداخل كفنه مظهر ابنها فلذه كبدها بداخل الكفن كفيل بأن يقتلع القلب من بين الضلوع، مازالت جثه فريد بداخل الفيلا، الجميع بانتظاره بالخارج حتى يتم مراسم الدفن اقترب زوجها من جثته قائلاً بنبره بان بها وجعه بقول:
الشمس قربت تغيب ولازم ندفنه كل المسؤولين مستنيين الجثه تخرج.

ماذا قال، مسؤولين، أهذا حقاً ما كل ما يهمه، انتظار المسؤولين، سألته بغضب بان في عينيها التي شنت حربً عليه:
مسؤولين، هو ده كل اللي يهمك وابنك اللي مات، ابننا اللي مطلعناش غير بي من الدنيا، مايهمكش
ضربت بكفيها على وجنتيها من بين دموعها قائله:
هتسيب دمه يادمنهوري يروح بلاش، دم ابني الوحيد وأنتَ عارف مين السبب في قتله ابني اللي المفروض يدفني انا اللي بدفنه والسبب في موتوا عايش وأنتَ واقف تتفرج.

امسكت بكفه وهي تخبره بحزن ودموع كست قلبها قبل عيونها:
أنتَ مش هتسيب دمه يروح هدر يادمنهوري صح قول صح، قول انك هتجيب حقه عشان يرتاح في تربته
اشار برأسه بالأيجاب يشير للرجال من خلفه يأمرهم بحمل نعشه ولكنها ظلت قابضه بكلتا يديها على نعشه ترجوه بالقلب والعين وكل حواسها:
لا فريد، لاء، ماتاخدهوش مني يادمنهوري.

سكن كل شىء من حولها، كان الصراخ رفيقها، تصرخ بهيستريا لم تقدر على فراق روحها فهو بمثابه الروح بالنسبه لها وها هو يغادر جسدها
فريد.

هرولت ناحيته تعركل طريق كل من يحاول اخذه منها، هرول الأطباء بسرعه في محاوله لأحتوائها فأعطاها طبيب منهم حقنه مهدئه حتى يتمكن من اتمام مراسم دفنه غابت عن الوعي تماماً والنتيجه هو هنا، الكل يقف أمام قبره من ضباط وعساكر ورتب ذو قيمه وكل من له شأن بالداخليه استقبل والده العزاء بقلب مفطور من الجميع يحاول بقدر الأمكان رباطه جأشه وهو يطالع قبر ابنه وقف كالصنم وكأنه بصدمه جمدته يقف بذهول وهو يدخل ابنه الى قبره ولم يسيطر على عقله الا شىء واحد وهو عدم التصديق، هدىء الوضع قليلاً وبقى هو امام قبره تحدث داخلياً بما لم يسمعه غيره:.

سامحني يافريد، سامحني يابني بس وحياه رقدتك في قبرك لا خليه يتمنى الموت ومايطلوش

ياوكستاه
قالها بربروس بصوتً بان بهِ أنفعاله انتفض يزن على أثره بانزعاج سائلاً:
في أيه يابربروس بس، ليه الوكسه دلوقتي
ونطق يرد على سؤاله وهو يعتدل بجلسته بداخل السياره:.

لقد ألمني ظهري يارچل من الصباح حتى انتصافه الليل نجلس بداخل هذه العربه نترقب قسم الشرطه لقد حفظت كل من دخل وخرج عن ظهر قلب اريد معرفه ما يدور بذهنك أيها المزندع
كلاً منهما كان حائراً بتصرف يزن واردف هو بما يوقف حيرتهم قائلاً:
احنا هنفضل هنا نستني الظابط احمد لحد ما يخرج ونمشي وراه لحد ما نتأكد ان مافيش حد بيراقبه ومنه هنعرف هو ليه انكر مكان ياسين واحنا عارفين انه لسه جوه ماطلعش.

كان غضب الطبيب ظاهراً على وجهه الذي اصبح شديد الاحمرار وعيناه التي تحولت الى اللون الاسود من فرط الانفعال بقول:
ولما أنتَ عارف انه جوه طلعتنا ليه من القسم وماطربقناش القسم على دماغ كل اللي فيه
هتف يزن بما جمده مكانه:
عشان هما عارفين حقيقتنا، بيستفزونا عايزينك تبان على اصلك عايزين يشوفوا في زي ياسين تاني ولا لاء في العيله
وكأن رده كالخناجر تطعن الطبيب بقوه لاتوصف فصاح بربروس بذهول:
وحسرتاه.

ماذا تقول يارچل وكيف علموا حقيقتنا من الاساس
هز يزن رأسه نافياً:
معرفش يابربروس كل اللي اعرفه ان في كل شبر في القسم في كاميرا حركه عين الظابط احمد كانت بتقول امشوا بسرعه، هو كان بينبهنا بطريقته، الرجاله اللي مترشقه حوالين القسم
اشار برأسه للأمام:
شايف الرجاله اللي هناك دي
هز رأسه بالأيجاب فأكمل حديثه:.

رغم انهم ملبسينهم لبس عساكر عشان يبانوا عساكر طبيعين بس دول قوات امن خاصه جسمهم وطريقه حركتهم مابيربشوش حتى، كل ده خلاني اتأكد ان الموضوع كبير ولازم نهدى عشان نعرف نفكر
كان التوتر هو السائد وتضاعف بقول الطبيب :
هما لو عرفوا حقيقتنا مش هيستنوا عشان يهدوا القريه باللي فيها
لسه مش متأكدين وعملوا الحركه دي وان ياسين مش جوه عشان عايزين حد فينا ينفعل ويلموا اكبر عدد مننا فهمت ياعلي.

صمت لثواني يطلب منه الهدوء:
انا عارف انك عايز تطمن على ياسين ومش لوحدك كلنا عايزين نطمن عليه ونعرف اللي بيحصل بالظبط بس انفعالك هيزيد الطينه بله مش هينشفها
اشار بربروس عليه من مجلسه على المقعد الخلفي بقول:
كم أنتَ ذكي أيها الصغير.

ما زالت في غرفته في ظلمه الليل، هذه الليالي التي لا يشعر بك فيها احد تبكي وحدك وتفكر في الخلاص من كل شىء حتى روحك، تذكرت.

شمس ما حدث للمره الألف طوال اليوم، تذكرت تلك الأمسيه حين كانت مع ياسين يسيرون بين الحقول والبقع الخضراء يأكلون الذره المشوي ويتسايرون بين الغيطان وكانت اخر كلماته التي وعدها بها هو محاوله نسيان من اطلق عليها النار والعيش بسلام كأي فتاه بعمرها، وما مضى سوى القليل من سيرهم معاً حتى وجدوا اضواء تضوي من بعيد تخطف الأبصار طالعت السماء وقد وجدت الكثير من الطائرات الورقيه وكأنها بسباق من منهم ستحلق عالياً أكثر بألوان زاهيه، واصوات ضحكات الأطفال تصل الى مسامعهم والفرحه باديه على وجوههم تطلعت الى المكان واول ما شعرت بهِ هنا هو الدفء رمقته شمس بعيون فرحه ابتسمت بحب وما ان رأى بريق عينيها حتى تحول الى شخص أخر كست عينيه نظرات حانيه طالعته تقص لهُ ذكرى حدثت لها بالماضي بقول:.

تعرف ان الطياره الورق دي كانت حلم من احلامي في يوم
ابتسم بحنان على اقوالها البسيطه وأردف بما ثبتها:
عارف
قبضت حاجبيها باستغراب من كلمته وقبل ان تنطق لم تجده وقد تبخر من أمامها، اختفائه المفاجىء اربكها طالعت المكان تدور بعينيها بحثاً عنه، استدارت تناديه بأسمه دون رد وقبل محاولتها الثانيه في مناداته قد عاد يقف خلفها انتفضت من اقترابه بقول:
خضتني كنت فين
حاولت ان تستدير ولكنهُ منعها هامساً بقول:.

خليكي زي ما أنتِ ماتبصليش
تناول كفها بحنان يتشبث بهِ وكأنه هو من يأخذ الأمان منها وليست هي، كانت ساكنه كالمكان تماماً تطالع كفه الذي حاوط كفها يضع بكفها خيط طويل وهو يطالع السماء بقول:
بصي فوق
طالعت السماء بعينين زاد بريقهما عند رؤيه الطائره الورقيه وقام هو بلف الحبل حول كفها:
اوعي الحبل يفلت منك، شدي الحبل جامد.

كل ما مسكتك ليها تبقى اقوى هتعرفي تتحكمي فيها اكتر لو ايدك ضعفت هتقع منك وهتبقى جنبك على الأرض
ابتهجت كثيراً لهذا، ابتهجت بسعاده بانت بكل أنش بها، هزت رأسها بالموافقه واصبحت الرياح شديده بعض الشىء مد كف يدهُ يساعدها على توازن الطائره حتى تبقى بالسماء تخبره من بين ضحكاتها المتتاليه بسعاده:
خللي بالك هتقع، الحق هتشبك في طياره تانيه.

جذباها معاً بقوه ناحيه اليسار قليلاً، حتى سمعت بكاء طفله بجوارها ربما في التاسعه من عمرها طالعتها شمس بحنان سائله:
مالك ياحبيبتي بتعيطي ليه؟
اشارت بسبابتها على الواقف بجوارها من بين شهقاتها ودموعها المتتاليه:
عمو ده سرق طيارتي
طالعته شمس بعدم تصديق فتحدث ياسين مبدياً انزعاجه:
محدش قالك قبل كده عيب نتهم الناس بالباطل ماسمهاش سرقتها يابابا، اسمها استلفتها
قاطعته الطفله معترضه باستهزاء:.

لاء، سرقتها وانا مش باباك
رفع ياسين حاجبه باستنكار: ايه البت دي
انا عايزه طيارتي ياحرامي
قالتها لهُ الصغيره فابتسم ياسين ساخراً وهو يعلق: لا بقولك ايه اسمعي هتقلي ادبك هقل أدبي، هتقولي عليا حرامي هحط محفظتي في جيبك والبسك تهمه على مقاسك تروحي شرطه الأحداث تتربي هناك
بس بقى ياياسين.

كان هذا حديث شمس التي قاطعتهما وكأنه دخل بسباق عنيف بالتحدي بالكلمات مع طفله لا تتجاوز التاسعه من عمرها، جلست شمس القرفصاء بمستوى الطفله تمد لها يدها بخيط الطائره وهي تقول:
احنا اسفين اوي على اللي حصل، حقك عليا ماتزعليش
مدت لها كف يدها بالطائره وهي تقول:
عمو مكانش يقصد يزعلك.

ثم قامت بتقبليها على وجنتيها طالعت الطفله ياسين باشمئزاز ثم أشارت ل شمس بالاقتراب تهمس لها بأذنيها، ابتسمت شمس على ما أخبرتهُ لها الطفله فنطق ياسين بانزعاج:
تصدقي أنك ماتربتيش
شهقت الطفله من سماعه لما همست بهِ للجالسه امامها، ورحلت تهلل ووجه الفتاه يبدو عليه السعاده ما ان ركضت ومعها طائرتها وكأنها تقول انا الفائزه بالأخير وهتفت وهي تهرول بمرح:
شكراً
وقفت شمس واستقامت تطالعه بقول:.

مازعلتش اكيد صح، دي طفله، يعني ما تاخدش على كلامها
لا مازعلتش، مابعملش عقلي بعقل عيال صغيره وهجيبلك طياره أحلى منها
ضحكت وتابعت السير معه حتى وصلا الى الشجره الكبيره وجد عليها أرجوحه ومن الواضح بأنه تم صنعها من أطار سياره مربوطه بحبل سميك جلست عليها تقبض بيدها على الحبال تخبرهُ بنبره ضاحكه:.

أنا حاسه أني بعيش طفولتي اللي ماعشتهاش من جديد، طيرت طياره وكمان بركب مرجيحه وكأن النهارده كل حاجه كنت محرومه منها زمان بتتحقق
وقف خلفها يدفعها بكفه دفعه بسيطه فلتت ضحكه منه حين رأها هكذا وسألته هي:
بتضحك على ايه؟
بان الصدق في حديثه النابع من فؤاده ينجح دائماً في اسرها ويجعلها مسلوبه الاراده:.

اللي يشوفك ويشوف برائتك يقول ما عشتش ولا يوم حزين، بتخطفي العين، هدوئك، وقلبك اللي مهما شاف من قسوه الأيام بريء، بيفضل بريء، الناس من بعيد تقول عليكي بتغرقي في شبر مايه بس في الحقيقه انا عمري ما شوفت اقوى منك في يوم اتحملتي كتير من يوم ما عيونك شافوا النور، وبالرغم من ده كله لسه ملاك زي ما أنتِ ما تلوثتيش من جبروت الأيام اقل حاجه تفرحك زي الاطفال.

قام بدفعها برفق يسترسل حديثه يشير على الأرجوحه بعينيه:
شويه وقت على مرجيحه يخلوكي طايره في السما زيهم، وكلمه حلوه تطمنك تخليكي حاسه بأمان سنين تانيه قدام انا عشت كتير وشفت اكتر بس ماشفتش أنقى من جمال قلبك في يوم ياشمس
حديثه هذا جعلها تبتسم، أوقفت الأرجوحه تنظر أمامها بارتباك طريقه نطقه لأسمها وكأنها تسمع أسمها للمره الأولى تستشعر حلاوته لأنه فقط منه
حديثه أربكها لم ترد بل هربت بعينيها منه.

تزيح خصلاتها المتطايره على وجهها بارتباك زائد، لاحظ ارتباكها رفع كف يدهُ يزيح خصلاتها المتناثره يجمع شعرها في قبضه يدهُ وهو يقول:
الهوا شديد النهارده تحبي الملك شعرك
استدارت تنظر لهُ، فرأت ضحكته الواسعه، وهذا جعلها تبتسم سائله:
بتعرف تعمل ضفيره
هز رأسه قائلاً:
بصراحه لاء خايب أوي فيها، بس بعرف اعمل اللي احسن من الضفيره
هنا استدارت بوجهها رفعت عينها تنظر لهُ بتخبط خاصهً وشعرها بين قبضته الحنونه سائله:.

اومال هتعملي ايه
انا مش شايف معاكي توكه عشان كده هلملك شعرك كله من غير اي حاجه ما تتربط فيه، ايه رأيك تحبي أبدأ.

هزت رأسها بالموافقه تنظر أمامها فهي مازالت على الأرجوحه تنتظره حتى ينتهي باللعب بخصلاتها، تشعر بأصابعه تتغلل بين خصلاتها برفق، حتى قسم شعرها الى نصفين أخذ خصله رفيعه من كل طرف ثم قام بعقدهم سوياً ولف ما تبقى على يده مره في الثانيه ومن كثره طوله استغرق بعض الوقت بلفه حتى رفعه يعقده بباقي الخصلات وبعد انتهاءه وقف امامها بعدما ازاح ما فعله على كتفها الأيمن يريها صنع يديه بقول:.

ها، ايه رأيك مش أحلى من الف ضفيره
ابتسمت بسمه واسعه عند رؤيتها:
الله حلوه اوي اتعلمتها فين دي
رد على سؤالها بتذكر:
ممممم حوالي في التمانينات كده فاكره الولاد والبنات الهيبس دوول في التمانينات لما كانوا بيكبروا شعرهم وشعرهم يبقى طويل وهايش كده.
جحظت عيناها بعدم تصديق تقول بنبره تخللت بها ضحكاتها:
لاء ماتقولش اوعى تكون كنت مربي شعرك زيهم.

طالع اصبعها لثواني ثم اقترب من فرع شجره قاطعاً اوراقها وأخذ يلف غصنها على أصبعه على شكل دائره واكمل:
ماتفكرنيش بقى عشان بؤحرج، انا تعايشت مع كل الأجيال اللي ممكن تتخيليها في يوم، طولت شعري في التمانينات وصاحبت عيال
الديسكوهات وشعري الطويل لما كان بيضايقني كنت بربطه الربطه دي عشان كنت بتحرج احط توكه فيه.

التسعينات بقى اتصاحبت على شله من عباده الشيطان الجرايد والصحف اتكلمت فيها كتير الحكايه دي، شويه عيال أغنيه فاضيين ودماغهم مسوحاهم ومايعرفوش وقتها ان انا كنت الشيطان اللي مسوحهم بس في نفس الوقت بصاحب المؤدب خريج الجامعه والمتدين والمتزمت كنت عايز اصاحب كل الاشكال والالوان واعرف نوعيه البشر
وعرفت؟
سألته ونظرت لهُ فجذب كفها ووضع بأصبعها ما تم صنعه بيديه بأوراق الشجر يرد على سؤالها:.

عرفتهم لدرجه ان من نظره واحده اعرف احدد مقاس صباعهم كمان
فاجأها ما فعله واخبرها بابتسامه:
مش عيب تبقي مرات ياسين الصاوي وايدك فاضيه
طالعت الخاتم بابتسامه وتذكرت يوم عرسهما وكيف تم، عبس وجهها قليلاً فأشار بما نبهها:.

انا مش عارف ازاي نسيت اجييلك خاتم بالرغم جوازنا مش حقيقي بس ده حقك عليا، دي اقل حاجه ممكن اقدمهالك بس اوعدك اول ما انزل على مصر مش هعمل شىء غير اني اشتريلك خاتم يليق بيكي مع ان مهما لفيت مش هلاقي حاجه تليق بيكي في يوم
كانت عيناه صادقتين للغايه، خطفها بريقهما لحظه توقف فيها الزمن على كليهما ثبتت عيناها عليه وكأنه البحر الذي غرقت فيهِ برضا تام ودون ان تشعر وجدت نفسها تبتسم رغماً عنها تتفوه بقول:.

أنتَ عندي أجمل من مليون خاتم
اتسعت ابتسامته وما مر سوا لحظه حتى تداركت الموقف اهذا حقاً ماتفوهت بهِ، تذكرت عندما قال لها بقهوه الفيشاوي:
اوعي تحبيني ياشمس
تندم وبشده تود لو صفعت نفسها على ما تفوهت بهِ استدارت تتجه ناحيه الأرجوحه وقد اربكتها نظراته تحاول تغيير مجرى الحديث:
بس، بس انا بجد مش مصدقه، تاخد الطياره من طفله عشان تدهاني.

من جديد لاحظ ربكتها، وقرر الا يضايقها، اقترب من الأرجوحه يسند وجهه بكفه وما يفصل بينهم سوا الاطار قائلاً:
ما أنتِ كمان طول عمرك كان نفسك فيها من وأنتِ طفله.

لم تسأله بالكلمات بل كان فضولها لمعرفه كيف علم هذا واضح من نظراتها لهُ ولم ينتظر بل ارضا فضولها بقول: لما كنت بعاملك بقسوه قدام الضبع وخليله كنت مابعرفش أنام عشان كنت ببقى عارف انك مش هتنامي، واول ما اتأكد ان الضبع نام كنت بجيب طياره ورق واطيرها من بعيد وحاول على قد ما اقدر انها تظهرلك من شباك القبو بعد ما اسيبهولك مفتوح بالليل كنت بطيرها بالليل عشان وقتها مكنتيش بتقدري تفتحي عينك في الضلمه عمري ما هنسى ضحكتك اللي بتظهر ودموعك اللي بتختفي اول ما الطياره تطير قدامك، لمعه عيونك لما كانت بتشوف الطياره وكأنك كنتي بتحسديها على حريتها اللي كانت مسلوبه منك وانا السبب فيها، كل ما افتكر قد ايه أنتِ تعبتي بسببي زمان، بكره نفسي أكتر.

بهت وجهه و أستدار يعطيها ظهره حتى لا ترى لمعه عيناه، وكأنه كلما يكتم الكلمات بداخله يتراكم حبرها بداخل عينيه
لم تكن تصدق ما تسمعه كيف له هذا، كيف يكمن بداخله كل هذا الحنان حتى مع سيطرة الضبع عليه وقفت امامه ثم لانت نظراتها ورأى فيها خوفاً حقيقياً عليه وهي تذكره بحدث مر:
لما وقعت من على السلم لما كنت بحاول اهرب وايدي اتعورت لما صحيت لاقيت ايدي متربطه وملفوفه بشاش وقطن مين اللى دواهالي مش خليله صح.

صارحها بعينين فضحهما صدقه: كنت أنا، ونبهت على خليله ماتقولكيش
أخذت تكرر سؤال اخر عليه: لما الضبع قالك ماتفتحلهاش القبو ولاقيته مفتوح
اخبرها مسرعاً بنبره حانيه: عصيته عشانك
كانت تسمعه بعينين باكيتين تنتظر أن يصرح بالمزيد ولم يطل انتظارها حين التقطت اذنها نبرته المقهوره حين قال:.

بس كل ده مابقاش يهم دلوقت كل ده فات اوانه ياشمس عشان ياسين القديم جزء من ياسين بتاع بكره، الطفله الصغيره عندها حق ياشمس لما قالتلك انا مستهلكيش، الطفله ماقعدتش معانا خمس دقايق وعرفت اني ماستهلكيش
ازالت دموعها مسرعه تضع اصبعها على شفاه تخبره بما يشعر بهِ فؤادها ضاربه بكل حساباتها وتحذيره لها من عدم الوقوع بحبه بقول:
انا حبيتك ياياسين.

صمت تام خيم عليهما وكأن الأرض توقفت عن الدوران تصريحها العفوي هذا قادر على جعله اسير لها أرادت وبشده معرفه التعبير الظاهر على وجهه التحمت نظراتهما وحين شعرت ان تعبيره مبهم اكملت:
انا حبيت ياسين القديم وياسين بتاع دلوقتي وياسين بتاع بكره، حبيتك بجد.

النظرات الدافئه في مقلتي زوجها والتي يشملها بها تؤكد حبه لها، كل أنش بجسده يريد اخبارها كم طال انتظاره لسماعه تلك الكلمات منها وانتظرت هي رده على احر من الجمر عدا الرد الذي قاله حين صدمها وتحدث بابتسامه يداري بها ضعفه:
مابقاش ينفع ياشمس أنا ابو عمار.

كان التوقيت منتصف الليل حين أوشكت الشمس على الشروق وبان المنظر الدافىء وغياب القمر من السماء لتعلن الشمس عن بدايه اشراقها ليوم جديد، وتعلن شمس الانسانه بانفطار قلبها من كذلك
فاقت شمس من شرودها على صوت دقات الباب بقول:
شمس افتحي الباب احنا عارفين أنك مانمتيش
محدش فينا قادر ينام النهارده ممكن تفتحي بقى
مسحت عباراتها مسرعه تفتح الباب سامحه لهم بالدخول هذه المره.

سياره الضابط أحمد في الأمام يتبعها سياره يزن توقف الضابط أحمد بسيارته أمام كشك خاص بالسجائر حول الطبيب عينيه باللون الأسود قبل نزوله من السياره حتى يمشط المنطقه
لعل احداً ما يراقبه وما تأكد أن الوضع على مايرام
هبط من السياره وخلفه يزن يشير بعينيه لبربروس حتى يقف بعيداً عنهم ليؤمن المكان، امسك الطبيب بكفيه الضابط من تلابيبه وهو يقول بعنف:.

اسمعني بقى أنا طول عمري مؤدب والعيبه مابتطلعش من بوقي، بس لو حكمت ابقى قليل الأدب وشمحطجي كمان لو ما قولتلناش الحقيقه دلوقتي اخويا فين
اشار يزن برأسه لكي يخبرهم بالحقيقه وهو يقول بنبره ساخره:
مايغركش أدبه ده أخوه ياسين
حاول الضابط فك قبضه الطبيب ولكنها محكمه
اشار بيدهُ للتحدث فأمر يزن الطبيب بقول:
سيبه ياعلي عشان نعرف هيقول ايه
شهق الضابط احمد يلتقط انفاسه وهو يخبرهم بصعوبه:.

وانا لو مكنتش عايز اقولكم كنت نبهتك بأشاراتي الصبح يايزن، انا مش عدوكم انا مش مستفاد حاجه من كل ده الخاله حكيمه الكل عارفها وخيرها سابق على كل اهل القريه وانا مستعد اعمل اي حاجه ترضيها من غير ما تقولوا لو مكنتوش جيتوا كنت هستنى لحد ما الاوضاع تتحسن وتبقى تمام واجيلكم لحد عندكم بس وجودكم هنا معايا ممكن حد يشوفنا وهيبقى خطر عليا وعليكم
انا مش هتحرك من هنا الا لما اعرف فين أخويا.

جاء رد الطبيب قاطع فأخبره الضابط يدور بعينيه بالمكان والقلق يتسلل لقلبه:.

اخوك في مكان ماحدش يقدر يوصله جوه القسم زنزانه تحت الأرض بيتحط فيها اللي متوصي عليهم من فوق فيها كل أنواع التعذيب وياسين متوصي عليه اوي من الناس اللي فوق، ما هو برضوا ماقتلش حد هين ده ابن وزير الداخليه بس في معلومات اتسربت وعرفت من الحرس الخاص اللي واقف على ياسين بأن ياسين ماقتلش فريد وان فريد انتحر علشان كده الدمنهوري مارضاش يعرض جثته على الطبيب الشرعي وعايز اقولك حاجه كمان ياسين حتى مش هيتحاكم ولا هيتعرض على نيابه ياسين لو طلع بره البلد وسافر على مصر مش هتشوفوا تاني، الحراس الخاصه دي مابيعملوش حاجه غير انهم كل ساعه بيحقنوا بحقن تهد جبال انا مستغرب ازاي عايش لحد دلوقتي وكل عشر دقايق بيكهربوا بفولت عالي يهد اسود من اول لحظه بس الغريبه اكتر انه مابيموتش.

بيقاوم
كان هذا سؤال الطبيب ودموعه تسابقه على ما يحدث لشقيقه فأتى رده:
نهائي، اول ما دخلنا مكتبي الحراس اتلموا حواليه وهما رافعين اسلحتهم قرب واحد منهم ومعاه حقنه لسه هيحطها في رقبته مسك أيده وكان هيخلعها بصلهم باستهزاء ورجع يسألني وقالي فريد مات فعلاً، اكدتله انه مات واندفن وقتها اتنهد تنهيده طويله وساب ايد الحارس وسابه يديله الحقنه ومن وقتها انا نفسي ماشفتهوش بس بيوصلني اللي بيحصله من تحت.

انا لازم امشي دلوقت وقفتنا مع بعض غلط بس الدمنهوري مش هيسكت ناوي يهد القريه باللي فيها، وخللي بالكم من شمس مش بعيد ينتقم منها هي كمان ويلومها على انتحار ابنه، لازم تهربوا ياسين في اسرع وقت واللي ماتعرفهوش كمان ان فريد كان مريض نفسي وبيتعالج
طالع الضابط المكان بعيون حذره ورحل مسرعاً، شرد الطبيب لثواني فيما قاله وما افاقه سوا اتصال الخاله وما اتاها الرد حتى اخبرها:.

احنا خلاص ياخاله جايين على البيت هاجي واحكيلك كل اللي عرفته
-.

دائماً ما تصدمنا الحياه لديها من الحيل الكثير تتلاعب بنا وتحركنا كما تحرك العصا عرائس الماريونت أحمق من ظن نفسه يفهمها وبين الليل والغد يتغير كل شىء كما تغير الكثير بحياة ياسين الأمس كان ينعم بغرفته الدافئه واليوم هو هنا يقف عاري الجسد كما ولدته أمه، حتى هذه اللحظه لا يصدق ياسين انه هنا مكتوف الأيدي مكبل بأصفاد حديديه بداخل زنزانته في ليالي الشتاء البارده ودلو من المياه المثلجه قد القي على جسده مما جعله ينتفض يبذل مجهود مضاعف حتى يتمالك نفسه من كثره الحقن وما أن فتح عينيه حتى وجد الباب الحديدي يفتح وقد خمن من القادم بداخله وما رأه حتى نجح بتخمينه انه هو الدمنهوري نزع ستره بدلته من عليهِ واعطاها للحارس جواره يشمر عن ساعديه طالعه.

ياسين باستخفاف وهو يقترب منه بقول:
مش عايزك تقلق انا مش همد ايدي عليك بس تفتكر ايه الحاجه الوحيده اللي منعاني عن ضربك ياياسين لحد دلوقتي
هنا حيث ظهر على ياسين تقاسيم مسترخيه يخبره بما أشعل ثورته:
يمكن عشان أنا عريان، وأنتَ خجول شويه بس بحذف الجيم.

طالعه الدمنهوري الذي اشتعلت ثورته من هذا المتبجح الذي سبه بالفاظ نابيه أمام حراسه وكل من يهابونه صك على أسنانه يشير الى الحارس بعينيه حتى اقترب الحارس منه يصعقه بالصاعق الكهربائي من جديد احترق جلده مع وجود الماء على جسده أخذ يتألم بصمت يكتم ألمه داخله حتى لا يرى نظره شامته من الواقفين فأكمل
الدمنهوري حديثه بتقاسيم مسترخيه يجلس على المقعد جواره وهو يقول:
ها، وقفنا لحد فين
تصنع التذكر وهو يقول:.

أه، افتكرت تفتكر أنا مش همد ايدي عليك ليه
فأجاب عليهِ مع ابتسامه مكسوره جاهد لأخراجها
من بين شفتيه:
العجز باين
تسارعت انفاسه وهو يخبر حراسه باستدعاء كلاب الحراسه الشرسه ابتسم ياسين على فعلته ورأى الدمنهوري مدى عدم اكتراثه اقتربت الكلاب تنبح أمامه ترك الحارس الحبال المكبله بها وما ان ركضت نحوه حتى طالعهم ياسين بعينين.

ثابته جمدتهم وقفوا كالصنم أمامه فهو الألفا له قدره على التحكم بالذئاب وجميع فصائلهم أشار للكلاب بعينيه حتى استداروا بانتظار اشاره منه للقضاء عليهم، استغرب الحراس من الأمر هما في البدايه يعلمون بأن الأمر مريب بدى القلق على وجه الدمنهوري فنطق ياسين بما أثار غيظه:
ماتقلقش يادمنهوري دي كلاب اليفه مش زيك.

بان القلق على وجهه يعلم بأنه يتعامل مع شىء اخر غير البشر ولكنه لم يعلم مدى قوته شرد قليلاً وقاطع شروده صوت ياسين الذي قال:
تحب انا بقى اقولك انا مش راضي امد ايدي عليك ليه لحد دلوقتي
أشار برأسه مع بسمه صفراء قائلاً:
عشان انا مؤدب، مابضربش اللي اكبر مني
هنا امر الدمنهوري رجاله بصوتٍ صارم:
خدوا الكلاب بسرعه من هنا
امر ونفذ حراسه طلبه، استدعى الحقن على الفور.

ولكن مفعول هذه الحقن قصير سرعان ما يكتسب قوته من جديد حاول ياسين فك قيده ولكنهم كانوا الأسرع بغرز الحقن بجسده منا ضاعف من ضعف جسده اكثر وامر الدمنهوري حراسه بنضاعفه الحقن بأخذ جرعه كامله كل نصف ساعه.

أن شعور الأختناق مميت، كانت غدير غارقه بنومها تشعر بوجود شخص ما بغرفتها يقترب رويداً رويداً هنا وباالرغم من بروده الطقس استيقظت غدير لاهثه والعرق يغطي وجهها شهقت عند رؤيه ياسين فهو لم يعتاد على دخول غرفتها هكذا ابتلعت ريقها وقبل أن تنطق سألها هو بنبره حاده:
عملتي أيه ياغدير، انطقي، قولتيله
اقتربت منه بجسد دبت به القشعريره من نبرته ولاكن لانت تقاسيمها حين أقتربت منه تخبره بابتسامه:.

حصل حاكيت لبدر على كل حاجه زي ما اتفقنا بالظبط
ابتسم بسمه ماكره يثنى عليها ما فعلته:
برافو عليكي
ابتسمت بغرور تغمز لهُ بطرف عينيها مازحه:
عيب عليك ده أنا تلميذه ياسين الصاوي.

هكذا تحلم بنفس الحلم كل ليله تقريباً، استيقظت من نومها تلهث تتمنى لو كان حلمها حقيقي شربت من كوب من الماء عند رؤيتها للصباح وقد اشرق شمس يوم جديد اتجهت الى خزانتها ترتدي ملابسها نزلت تهبط على الدرج بخطوات واسعه، سمعت صوت من داخل غرفه الخاله وهي تقول:
يبقى لازم نهربه ياسين مش هيفضل تحت ايديهم ياولدي
اقتربت من باب الغرفه بحذر حتى سمعت يزن
وقد تردد في بادىء الامر بقول:.

انا عايز اقول حاجه بس مش عارف ده صح ولا لاء بس انا متأكد ان ياسين هو اللي عايز كده، ياسين عايزهم يموتوه
انقبض قلبها عند سماعها كلماته لم تستطيع تصديق ما قاله خرجت بالخارج ونتيجه لغضبها مما سمعت قادتها قدماها الى طريق بدر مره أخرى

يجلس بدكانه ويفتتح يومه كالعاده وما ان شرب كوب الشاي الخاص بهِ حتى بدأ عمله بتصليح اول.

دراجه تقابله، هاتفه يرن رأى المتصل بعينيه حتى كتم صوت رنين الهاتف والقاه بجواره ينتزع الاطارات من الدراجه يقوم بأصلاحها، مرت ثواني حتى دخل عليه المتصل وهو يقول:
ياسلام يعني التليفون جنبك اومال مابتردش عليا ليه يابدر
مسح يدهُ بالمنشفه الخاصه بهِ بعدما ابتلع ريقه بتوتر قائلاً:
الظاهر كده اني ماسمعتهوش من كتر الشغل ياابو المعاطي
واتاه الرد بجفاء:.

كتر الشغل، شغل ايه ده يابو شغل اللي يخليك ماتردش عليا بالأيام
ركل بقدمه الدراجه من أمامه بعنف انتفض بدر على اثرها قائلاً:
أنتَ عايز ايه يا ابو المعاطي
اشعل دخان سيجارته وما امتلئت رئتيه بدخانها حتى قال:
ايه اخبار البت اللي اسمها غدير وصلت معاها لحد فين
واجاب بالكذب:.

معرفش، معرفتش عنهم حاجه، كل شويه تماطل وبقالها اسبوع ما بتردش عليا ولا حتى بتعبرني بقولك ايه يا ابو المعاطي انا حاولت مع البت دي اجيبها شمال اجيبها يمين ما بتتكلمش، طلعني من دماغك بقى وبعدين هو مش فريد مات ما خلاص عايز اخبارهم ليه
ادرك ان بدر لن يستجيب يتضح الكذب من نبرته حيث سحبه من مرفقه وقد اشتعل غضبه:.

دلوقتي اللي عايز يعرف اخبارهم اكبر من فريد بكتير دلوقتي ابوه هو اللي موصيني اني اعرف كل شىء عنهم وايه هي نقاط ضعف الواد ياسين مش فاهم يعني ايه بس هو بيقولك لازم تعرف من البت دي نقطه ضعفه اللي يقدر يموتوا بيها
حرر مرفقه بعنف يتخطاه قائلاً:
قولتلك مابكلمهاش، معرفش عنها حاجه، حاولت معاها وماقد
قطع حديثه دخول غدير تلتقط انفاسها بقول:
اسفه يابدر على اللي حصل امبارح المهم انك روحت ورجعت بيتك سليم.

انكشفت كذبته، طالعه ابو المعاطي ببسمه شامته وكأنه يخبره من نظراته اليه بأن القادم لن يكن باليسير

ما زال على حالته لا يعلم الليل من النهار كلما يستعيد جزء من قوته تتوالى الحراس بجلده واعطاءه مايجعل الرعشه تملك كامل جسده يصب العرق منه بمنتصف ليالي ديسمبر وما أن تركه الحارس حتى خرت قدمه يلتقي جسده بالأرضيه المليئه بالماء المثلج شرد بليلته معها حين قال:
مابقاش ينفع ياشمس انا ابو عمار.

تسارعت أنفاسها وهي تسأله بقهر:
وتفتكر انا مش عارفه، انا عارفه انك ابو عمار اللي ضحى بحياته عشاني، وعمار لو كان عايش مكنتش هبقى معاه ولا معاك
وأمام وجهه الذي بهت من حديثها ترجاه فؤادها بعبارات كانت تمزقها حزناً:
ايوه، مستغرب ليه، تفتكر هفضل بينكم ازاي وانا شايفه اب وابن علاقتهم بتدمر بسببي فكان لازم ابعد علشان انتوا تقربوا من بعض بس اللي حصل ان هو اللي مات
سأله بقلب ادماه ما يحدث:
ولو كنت انا اللي مت.

سؤال صعب، كيف له ان تجيبه عليه ولكنها قررت أن ترد عليه بقول:.

لو كنت أنتَ اللي مكانه مكنتش هقدر ابقى معاه قلبي مكانش هيطاوعني ابقى لحد غيرك، من يوم ما فتحت عيني عالدنيا وانتَ اللي قدامي مكنتش فاهمه تصرفاتك رغم افعالك القليله الكويسه معايا معرفتش اكرهك انت بس كرهت افعالك، كنت في حيره دماغي كانت هتشت مني، الف سؤال وسؤال بيدوروا في راسي بيعاملني كده ليه كان نفسي اهرب وابعد عنك خالص فضلت اني ماتكلمش علشان انساك ومعرفتش كنت لما بشوفك كنت بخاف احنلك قلبي اللعين حبك رغم قسوتك والقلب مالناش عليه حاكم ياياسين، جه عمار اللي طلعني من كل ده افتكرت اني نسيته بيك.

قالت كلمتها التاليه ببطىء نابع من فؤادها:.

كان عندي 16 سنه افهم طفله كنت عايزه اعيش وابعد عن سجنك وابعد عن التفكير فيك حبيت نفسي للحظه وحبيت حياتي الجديده معاه واحد قدملي كل شىء كنت مفتقداه افتكرت اني حبيته كنت مخلصه لي وكنت ببعد عنك على قد ما اقدر لحد ما عرفت ان كل ده غصب عنك، وانك مكنتش في وعيك وابتديت غصب عني افكر فيك من جديد وخصوصاً انك مكنتش بتوريني غير الحلو وبس كنت بتحاول تصلح كل شرخ جوايا منك، صحيت اللي كنت بحاول ادفنه وانا بكذبه، عمار حس بحاجه انا مكنتش شيفاهه.

شهقت من بين دموعها تمسح وجنتيها:.

والله العظيم مكنتش شيفاهه وكنت بحاول اكدبها وهي حقيقه حبي ليك اللي مهما حاولت ماقدرتش اشيله من قلبي في يوم واتأكدت من شكوكي لما كنت أنتَ وعمار واقفين قدامي ولاقيت رجلي سيقاني ليك، غصب عني مش بأرادتي محستش بالأمان غير وانا معاك، عارفه اني غلط وعارفه ان عمار مالهوش ذنب بس اعمل ايه في قلبي اللي حبك كان هاين عليا اطلع قلبي بأيدي واحطه تحت رجلي بس ازاي وانت جواه ياياسين قولي ازاي، عشان خاطري قولي ازاي.

أتى انفجارها الأن على نوبه بكاء انفجرت فيها
جلس بجوارها ومسح بحنو على خصلاتها وهو يحتضنها كصغيره يلاطفها ويراضيها حتى تسكن وبالفعل سكنت ورأسها مستنده على صدره
فاق من شروده على ركله ببطنه تأوه من اثرها بقول:
أه، حد يضرب حد في الحته دي برضوا
-.

الايام كرياح عاتيه مرورها سريع ولكن الفرق بأننا احياناً لا نشعر بها، هو الأن يقف امام الدمنهوري بداخل فيلته، الكدمات على وجهُ واضحه واثار التعذيب بكامل جسده مكبل بالحبال اشعل الدمنهوري سيجاره وهو يقول:
عندك كام سنه يابدر
ابتلع ريقه يخبره بقله حيله:
23 سنه ياباشا
صمت الدمنهوري وكأنه يفكر لثواني:
ممممممم يعني بقالك مع الست اللي ربتك بدل أمك اللي سابتك وهربت تقريباً 15 سنه صح كده ولا انا غلطان.

تهديده واضح ولكنه قد اتخذ اجراءاته بعدما اكد على خالته الهروب الى اهلها بالفيوم، ولكن خيب ظنه حين رأها تخرج من باب الغرفه المجاوره يضع الحارس المسدس على رأسها وهو يقول بزهق:
مش عارف الناس اليومين دول مابقيتش متعاونه ليه؟ انا ممكن اقتلك بس انا محتاجك لكن مش محتاجها هي فلو قولتلي نقضي على ياسين ازاي هسيبك تروح في امان.

نزلت دموعه منه، اغمض عيونه يتذكر وعده لغدير مسح الدمنهوري وجهه بضيق وهو يغادر الغرفه قائلاً:
اقتلوها
سرعان ما اوقفته كلماته بقول:
استني، الغريب، الغريب هو الوحيد اللي يقدر يصنع سم عشان يقتل ياسين
نطق الدمنهوري اسمه ببطىء، اسم الشخص الذي سيخلصه من ياسين وكذلك كل من يعترض طريقه من نفس فصيلته واخيراً علم كيف يأخذ بثأر ابنه.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *