التخطي إلى المحتوى

 رواية الشيطان يقع في العشق الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون الأخير والخاتمه بقلم سولييه نصار(حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)



رواية الشيطان يقع في العشق الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون الأخير والخاتمه بقلم سولييه نصار(حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)

الفصل الخامس والعشرون(فخ)

بهت جاسر وهو ينظر إليها وللحظات تشتت…وعد حامل …حامل بطفله!!!قلبه خفق بطريقة مغايرة تماما …خفق بطريقة لم يختبرها من قبل وكأنه كان ميت وعاد للحياة مجددا بهذا الخبر …قطعة منه تنمو داخل رحم المرأة التي عشقها أكثر من اي شئ … المرأة التي قتلته واحيته مرة أخري عندما أعطته الامل أنه ستنتظره …ورغم رفضه تماما أن يتعامل معها إلا أنها أصرت بعناد علي التواصل معه وكأنها تخبره أنها لن تياس ابدا منه …ابتسامة شقت شفتيه لأول مرة بينما قلبه يعود للحياة ويخفق بسعادة …اراد الصراخ بفرحة سيبقي اب …هو الآن مسؤول عن روح …ويجب أن يفعل المستحيل لكي يخرج لابنه سريعا …لن يتركه ابدا …ربما بعد أن يقضي عقوبته سوف تكون له فرصة اخري مع وعد …

ابتعد عن ملاك وهو ينظر إليها بإمتنان وقال هامسا:

-هي وعد معاكي في البيت؟!..

ابتسمت وهي تهز راسها وقالت؛

-متقلقش عليها انا اخدتها عندي عشان ابوها رجع وكان عايز يأذيها …

-ازاي؟!

قالها وقلبه ينبض من الخوف لتربت علي كفه وتقول:

-متقلقش خلاص الموضوع انتهي ..انت سايب وراك راجل …أنا ههتم بوعد لحد ما تخرج بالسلامة بإذن الله بس انت خلي بالك من نفسك يا جاسر …

هز رأسه وقال:

-متقلقيش عليا ..بإذن الله هتيجي سليمة …المهم خلوا بالكم من نفسكم …

تجمعت الدموع من عينيها وقد خفق قلبها برعب خوفا أن تخسره …تخسر اخر فرد في عائلتها…فبعد والدها جاسر هو من تبقي لها وأن خسرته سوف تضيع ولكنها رفضت أن تشارك مخاوفها مع جاسر …رفضت أن تحمله فوق طاقته بل أغلقت علي مخاوفها وهي تجبر نفسها علي التفاؤل …فجاسر سوف ينجح في مهمته ويعود لها … ويعود لوعد وطفلهما القادم في الطريق …

ابتسمت في وجهه وهي تضغط علي كفه بقوة محاربة دموعها التي ظهرت بينما تعطيه دفعة للامام وتقول بصوت كله امل:

-هترجعلنا بإذن الله ..

هز رأسه وهو يقبلها علي رأسها بخفة…

زفر عدي بضيق وقال:

-ممكن نأجل المشاهد العائلية دي لبعدين ورانا مجرمين عايزين نقبض عليهم يا صياد .

نظرت إليه ملاك بملل وهز جاسر رأسه وقال بهدوء:

-انا جاهز …

تنهدت ملاك وقالت:

-حضرة الضابط عدي ممكن اتكلم مع حضرتك شوية ؟!

خفق قلبه وهز رأسه ببطء ليخرج وتخرج هي خلفه …

وقفت أمامه وهي تحيد بنظراتها عنه …كانت تحاول ترتيب كلماتها التي سوف تقولها وفجأة نظرت إليه وقالت:

-اقدر اخد وعد منك انك هتحمي جاسر ؟!

نظر إليه بصمت لتقول وقد طل الالم من عينيها :

-جاسر هو اللي اتبقي من عيلتي ومش عايزة اخسره فلو سمحت ده رجاء مني انك متخليش حاجة تصيبه …متخلهوش يتعرض للخطر …مراته حامل ومستنياه وانا كمان مستنياه ..و ..

قاطعها وقال؛

-اوعدك اني هعمل المستحيل عشان ميحصلهوش حاجة …

أضاء وجهها بإبتسامة رائعة وقالت:

-شكرا ليك يا حضرة الضابط …

اغاظته رسميتها في التعامل معه وقال:

-مش ناوية تسامحيني…

-مستحيل

قالتها بقوة..

-اعمل ايه عشان تسامحيني؟!

قالها بقلة حيلة وعينيه تحاصر عينيها بإصرار …منتظرا اي لمحة لضعف …لحب تخبره أنه ما زال هناك امل … أمل له لأن يعيش مجددا !! …ولكن صدم بالصقيع الذي برز بعينيها وابتسامة باردة  أطفأت نيران الامل داخله وقالت ببرود وتصميم:

-متعملش حاجة يا عدي …لاني مستحيل اسامحك …أنا هعيش الباقي من حياتي اكرهك… اكرهك وبس …وكل لما أضعف هفتكر خيانتك ليا …هفتكر اني كنت لعبة في ايديك عشان تقبض علي ابويا …هفتكر خداعك وافتكر أن حبك كان كدبة كبيرة …

اقتربت أكثر وقد طل الالم من عينيها واكملت:

-عمري ما هنسي انك قربت مني عشان تقبض علي بابا ولا هنسي انك استغليت حبي ليك …كان فيه مليون طريقة تأدي مهمتك من غير ما تكسر قلبي!

ثم تركته وذهبت..

……..

-خلاص كده كل اللي بيننا انتهي ..أنا مش عايزاه تاني …

صرخت حياة بقهر وهي تلقي هداياه علي الأرض …الاساور التي اشتراها لها كانت ملقية علي الأرض بإهمال …صورهم سويا. ..حتي فستان الزفاف الذي اشترته كان تدوس عليه بقدميها …كان بكاؤها لا يتوقف …المها لا يتوقف …لقد تحطمت علي يده …تحطمت للمرة الثانية …تلك الغبية أعطته فرصة اخري لتحطميها وهو بمهارة قلب الطاولة عليها …جعلها هي المذنبة وهو البرئ… كأنها عمياء لا تري أن وعد ما زالت تحتل قلبه  ..وعد دائما كانت الاختيار الاول بينما هي كانت دوما البديلة …بديلة حتي يجد الفتاة المناسبة له …وبديلة لوعد …كانت تشعر بالقهر …قلبها ينزف بقوة …كانت محطمة للغاية …تشعر بالجنون لقد تم استبدالها مجددا …يوسف فضل وعد مرة أخري …نظراته لها افقدتها صوابها تماما …

اقتربت منها والدتها وهي تهزها بعنف وتقول:

-كفاية يا حياة …بطلي جنان!

-انا مجنونة ؟!!

صرخت حياة ثم أكملت وهي تبكي:

-كلكم.فاكريني اني ببالغ لكن محدش حاسس بيا …أنا مت في اليوم اللي قرر يسيبني فيه ويروح لوعد …عارفة حسيت بإيه اني واحدة رخيصة ملهاش قيمة كان واخدني سد خانة لحد ما يلاقي اللي يحبها ويوم ما لاقاها جه ببرود ورمي الدبلة في وشي وقالي أنه مبيحبنيش …فاكراني نسيت …أنا عمري ما هنسي أنه كسرني بالشكل ده وانا بدل ما اتحط في الموقف ده تاني انا اللي سيبته …مستحيل احط نفسي في موقف أنه يرميني مرة تانية أنا مش رخيصة يا ماما …

تنهدت والدتها وهي تقترب منها وتمسك كفها وتقول:

-يا بنتي هو غلط وعرف غلطته وحاول يصلحها…يوسف كان هيموت عشانك وهو بيحبك أنتِ …لو كان بيحب وعد كان رجعلها فورا …لكن ده بقاله اسبوع بيحاول يرجعك وأنتِ رافضة … يا حياة متضيعيش كل حاجة من ايدك عشان خاطر اوهام …يوسف فعلا بيحبك …صحيح هو خشيم شوية لكن يوسف يعتبر أنا اللي ربيته وأعرفه كويس يا بنتي كان هيتجنن عشان يكلمك..فكري تاني متضيعيش كل حاجة من ايديكِ يا بنتي …

هزت حياة رأسها وقالت:

-كل اللي بيننا انتهي يا ماما …

ثم تركتها وذهبت …

تنهدت والدتها بتعب وقالت:

-ربنا يهديكي يا حياة!!

…..

علي الجانب الآخر …

كانت والدة يوسف تكاد أن تفقد عقلها بسبب ابنها..

-يا بني يا حبيبي افهم بس …

ابتعد يوسف وهو يشير بكفيه بعصبية كبيرة ويقول:

-لا يا امي مش عايز افهم حاجة …بنت اختك تعبتني وعملت من الحبة قبة ونكدت عليا …لحد امتي هتعاقب علي غلطة عملتها من زمان وكفرت عنها كتير …بحاول اتكلم معاها وافهمها اني بحبها هي مش وعد لكن هي رافضة تفهم ونكدت عليا …أنا إنسان يا امي …انسان وليا طاقة وخلاص تعبت مش معقول كل مرة تعايرني بغلطة أنا عملتها …لحد امتي هحاول اتفهمها يا امي عارف ان اللي عملته اكبر غلط بس انا تعبت من الاعتذار يا امي أنا بحبها وعايز اعيش في هدوء معاها مش كل شوية احاول أقنعها بحبي …

أمسكت والدته وجهه وقالت:

-هي لسه مقتنعتش بحبك    …..مفروض تحاول لو بتحبها والا بكرة هتلاقي غيرك اخدها منك يا يوسف …هل هتقبل حد غيرك ياخدها…هتقبل تحب حد غيرك  ؟!!

كلمات والدته أشعلت النيران في قلبه ودون شعور نهض ليذهب إليها …

….

رن الجرس علي خالته لتفتح له …دخل مباشرة لغرفة حياة ليجدها تجلس علي الفراش وهي تبكي 

-كتب كتابنا بكرة .

قالها بنبرة قوية لتنظر إليه بصدمة وتقول:

-نعم!!!

-سمعتيني … كتب كتابنا بكرة جهزي نفسك يا عروسة ..

ثم استدار وتركها مذهولة

…….

في الفجر 

دقات قلبه صمت أذنيه كان ينتظرهم في المكان الذي اتفقا عليه…لحسن الحظ خبر القبض عليه لم.ينتشر بل كان هناك تكتم كبير عليه وتلك كانت فرصته ليخدعهم …انتظر جاسر وهو ينظر في ساعته محاط ببضعة رجال هم في الأصل رجال شرطة متخفيين كان قلبه ينبض بخوف…كان يخاف أن تفشل تلك العملية …كان يتمني بقوة أن تنجح كي تتخفف عقوبته ويخرج …خبر حمل وعد ادخل السرور لقلبه …صحيح ما زال غاضبا وغفرانه لن يكون بسهولة….ليكن واضحا لا يظن أنه سوف يغفر لها الان …رغم أنه يعشقها بقوة إلا أنها جرحته بعمق …هو يريد المزيد من الوقت لكي يغفر ولكن الأكيد لن يدعها تبتعد عنه …وليس من أجل الطفل فحسب ولكن في تلك الأيام التي ابتعد عنها شعر بنقص رهيب داخل قلبه …شعر بقلبه مقفر كالصحراء ولكن الآن شعر بالربيع يعود …هوي قلبه بقدميه عندما شعر بسيارات عديدة تقترب منه …كان عددهم كبير ودعا الله أن يتم الامر علي خير…خرج الرجل الذي يتعامل معه وهو اليد اليمني لمستر جاك يدعي مروان  ومع رجال عديدة من سياراتهم في وقت واحد …اقترب الرجل وقال:

-في ميعادك بالضبط يا صياد …دايما انت احسن مننا في مسألة المواعيد …

ابتسم جاسر وقال بثقته المعتادة:

-دي عادة مقدرش اغيرها …

تطلع الرجل إليه بأسف وقال :

-زعلان اووي أن ده اخر تعامل ليك معانا …

-وانا كمان يا مستر مروان  بس خلينا ندخل في المهم …البضاعة فين ؟!

هز الرجل رأسه ثم صفق بيديه ليقترب بضعة رجال بحقائب كبير ثم يفتحوها أمامه لتظهر كمية من الهيروين ضخمة …اضخم كمية رآها جاسر من قبل … ابتلع ريقه وهو يعطي إشارة المتفقة مع الشرطة … لحظات ودوي إطلاق النار في المكان …

نظر إليه مروان  بصدمة لخيانته وقال:

-خنتنا يا صياد !!!

اخرج رجال مستر جاك أسلحتهم وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة …حاول جاسر أن يبتعد عنهم ويحمي نفسه إلا أن مروان ضربه بالرصاص من الخلف مصيبا ظهره …صرخ جاسر بألم ثم ركض لاهثا ولكن شعر بالضعف يغزوه  ووقع علي الأرض ليتقدم مروان ويرفع سلاحه مصوبا علي رأسه وقال:

-لو هموت يبقي هتموت معانا يا صياد …

ثم كاد أن يضغط علي الزناد إلا أن رصاصة اندفعت لتصيب منتصف جبهته ويسقط ميتا …نظر جاسر الي من أطلق الرصاص ليجده عدي !

اقترب عدي بسرعة من جاسر وقال وهو يساعده :

-قربنا نسيطر عليهم  ….

تنهد جاسر بألم وقال :

-مش عارفة اشكرك ازاي .

ابتسم عدي وقال:

-جوزني بنت عمك ..

ضحكا سويا …لم يتخيل جاسر أنه سوف يضحك من قلبه في تلك الأحوال …وسط الرصاص بينما رجال الشرطة تحاول أن تسيطر علي الخارجين عن القانون …والمفاجئ أكثر أن يضحك مع عدي !!من كان يصدق أن الصياد سوف يصادق رجال الشرطة!!!

فجأة صرخ عدي بقوة وهي يشعر برصاصة تخترق كتفه من أحدي رجال مستر جاك ليقع بجوار الصياد وهو يتألم بقوة ويصرخ …

اقترب رجال الشرطة من عدي ليقوموا بحمايته ثم لحظات واستطاعوا امسك جميع الخارجين عن القانون وتمت بنجاح المهمة ولكن أسفرت عن إصابة الصياد وعدي …

…….

في اليوم التالي…

-انا عايزة اروحله يا ملاك  …

قالتها وعد وهي تبكي بقوة بينما القلق يتزايد في قلبها …كانت منهارة كثيرا عندما سمعت أن جاسر قد أُصيب .. شعرت قلبها يخرج من صدرها….قلقت ملاك وهي تري حالتها تلك وحاولت أن تهدئها قائلة:

-وعد اهدي ..هاخدك عنده.بس اهدي ابوس ايديك …مالك بيه كلمني وقالي أنه كويس وحالته مستقرة وهو حاليا في المستشفي …

انسكبت دموع وعد وقلبها ينتفض داخل صدرها لتنظر إليها ملاك بشفقة وداخلها تتمني أن يخرج جاسر سريعا لعائلته … فالحب الذي تراه في عيني وعد نادر للغاية …

-اجهزي وبابا هنروح المستشفي .

قالتها ملاك وهي تربت علي كفها ثم أكملت :

-بس ممنوع تبكي هناك أو تجهدي نفسك ….

…….

في المشفي …

-انت اكيد مجنون يا عدي بترمي نفسك للموت عشان مجرم ؟!!

قالها مالك بفزع عندما خرج عدي من غرفة الطوارئ … كتفه  مضمد بسبب الرصاصة التي أصابته…ابتسم عدي في وجهه وقال:

-المجرم ده هو اللي ساعدنا انت ناسي ولا ايه …وبعدين أنا وعدت ملاك اني هحمي جاسر …متنساش أنه هو اللي باقي ليها من عيلتها ومكنتش هسمح أنه يصيبه اذي …

نظر إليه والده وقال بجنون:

-ملاك …ملاك…ملاك …قرفتني بيها وكأنها البنت الوحيدة في العالم يا عدي ..كنت هتبوظ خطتنا عشانها …خرجتها برا خططك …عايز تسيب شغلك برضه عشانها وكنت هتموت عشانها!!!

البنت دي هتكون نهايتك يا عدي خلي بالك …

لم يرد عليه عدي لانه تجمد كثيرا وهو يراها قادمة بعنفوانها المعتاد …شعرها الاصفر يتأرجح خلفها …عينيها لا تفصحان عن أي مشاعر …فقط تمسك كف وعد زوجة جاسر وتمشي بهدوء معها …اقتربت منهما وابتسامة لطيفة علي شفتيها وهي توجه الحديث لمالك غير مهتمة ابدا بعدي ..

-ايه أخباره ؟!

تنهد مالك ونظر لعدي وقال:

-كويس وبعد ربنا الفضل يرجع لعدي اللي كان هيروح فيها وهو بينقذه …

نظرت وعد إلي عدي وقالت:

-شكرا يا بيه …

لكن ملاك لم تتكلم بل اشاحت بوجهها …لقد لاحظت إصابته ما أن دخلت رغم ان قلبها ارتج بقوة ولكنها رفضت أن تظهر تأثرها …رفضت أن تظهر ضعفها له …هي تحاول الان أن تخرج عدي من حياتها وستفعل المستحيل لكي يخرج …

ابتسم عدي وقال: 

-هو نايم دلوقتي ممكن …

قاطعته وعد بلهفة وقالت بتوسل :

-لو سمحت خليني اشوفه وهو نايم لانه اكيد هيرفض يشوفني لو صحي …لو سمحت يا بيه …

هز عدي رأسه وقال بهدوء:

-تمام اتفضلي …

……

ولجت وعد بقلب خافق الي الغرفة لتجده نائم علي جانبه بهدوء …تصاعدت الدموع لعينيها وانسابت وهي تقترب منه بينما قلبها يصرخ داخل صدرها …لو كان حدث له شئ لكانت ماتت اكيد …لقد عرفت أنه الحياة  وقد اغرمت به أكثر من السابق …ابتسمت بحب وهي تمسك يده وتقبلها وقالت:

-قبل كده كنت مستغرب ازاي الصياد حب فريسته ….بس انا اتأكدت من زمان أن كل حاجة في الحياة معقولة لان حتي الفريسة حبت الصياد بتاعها …أنا بحبك اوووي يا جاسر …بحبك اكتر من اي حاجة في حياتي …ومهما كانت السنين اللي هتاخدها هنا أنا هستناك يا جاسر …هستناك للابد …

وضعت كفه  علي قلبها وقالت:

-قلبي مش هيكون لحد غيرك …هتفضل دايما انت مالكه…

تنهدت وعد ونهضت وهي تقبله علي رأسه ثم وضعت رأسها علي كفه واغمضت عينيها قائلة:

-انا بحبك يا صياد …

فتح جاسر عينيه ونظر اليها وابتسامة جميلة شقت شفتيه…

…..

في الخارج ….

كان مالك قد ذهب ووقف عدي أمام ملاك وقال:

-مش هتقوليلي حمدالله علي سلامتك؟!!..

زفرت بضيق وكادت أن تذهب من أمامه إلا أنه امسك ذراعها وقال هامسا في أذنها:

-مش هستسلم يا ملاك …هعمل المستحيل عشان ترجعيلي !!

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار

الفصل  السادس والعشرون (سأنتظرك دائما)

-انتِ بتعملِ ايه هنا ؟!اطلعي برة !

فتحت وعد عينيها بفزع وهي تسمع صوت جاسر البارد …رفعت وجهها عن كفه لتقابل عينيها عينيه البنية الجذابة …ابتلعت ريقها والخوف يتصاعد بقلبها …

-جاسر …

قالتها والدموع تتصاعد بعينيها والغصة في قلبها تؤلمها بقوة …فنوعا ما هي ما تسببت ان يصل الرجل الذي تعشقه اكثر من اي شئ لتلك الحالة …انسكبت دموعها وهي تشعر بالألم علي حالهما سويا ..

نظر جاسر الي دموعها …لن ينكر هو ضعيف بشكل مغيظ  امامها  …اعترافها منذ قليل انها تحبه  اعاد السعادة لقلبه …تمسكها الشديد به اسعده لن ينكر ولكنه ما زال يريد أن يعاقبها علي فعلتها الحمقاء تلك …الغبية حاكت خطة من خلفه بدل من ان تصارحه …سوف يكون عقابه كشدة اذن لها …هو لن يلين بتلك السهولة رغم ان داخله يريد هذا بشدة …يريد أن ينسي اخطاؤها ويضمها إليه بقوة حتي ينسي العالم …ينسي الألم الذي يعصف بقلبه ولكنه تمسك بباقي كرامته وقال وهو يحاول الا. ينظر الي عينيها حتي لا يضعف وقال:

-سمعتيني يا مدام صح…أنا مش عايز اشوفك اطلعي برة …

امسكت كفه ليجفل وهو يسبها ويسب نفسه داخله …لما عليه ان يكون بهذا الضعف امامها …ماذا تملك وعد لتجعله من مجرد لمسه يشعر بالضعف يعصف به من كل الجهات …كيف لتلك الفتاة  ان تمتلك  كل تلك السيطرة عليه …كيف امتلكت قلبه بتلك الطريقة المخيفة؟!  …

حاول ان يبعد يده الا انها شدت عليه وقالت:

-لا انت المرة دي هتسمعني للنهاية يا جاسر …واذا كان انت عنيد أنا اعند منك ووريني انت ازاي هتخرج من هنا !! …

رفع حاجبيه وهو ينظر إليها لتمسح دموعها وهي تمنحه ابتسامة ساحرة ساعدت في ازدياد تألق عينيها …تستخدم اسلحتها بمهارة ..فكر جاسر بسخط …فعينيها احد تلك الأسلحة المحرمة دوليا وها هي تستخدمه في اصابة قلبه الضعيف دون رحمة او شفقة ..

رفع جاسر رأسه وهو يدعي انها لم تؤثر عليه وقال بتعالي:

-يالا خلصي قولي اللي انتِ عايزاه بس اختصري عشان بعدين تمشي ومش عايز اشوف وشك تاني …

افلتت منها ابتسامة رائقة وحاصرت وجهه وقالت:

-عارفة ان الكلام ده من ورا قلبك …انت هتموت وتحضنني دلوقتي .

-عرفتِ من فين ؟!

قالها بصدمة وسرعان ما تدارك نفسه وقال مصححا بتلبك:

-ل..لا ..قصدي يعني اني مش عايز احضنك ولا حاجة ..

ضحكت وعد علي تصرفاته الطفولية وقالت:

-كداب ..

صمت بإحباط لتمسك هي كفه وتقول:

-جاسر أنا بحبك …

رغم ان قلبه ارتج بقوة الا انه حافظ بجهد علي ملامح وجهه ثابته تماما …ابتلعت وعد ريقها وقالت:

-انا بعترف بغلطي بس وقتها اتصرفت بتسرع …انت متعرفش أنا كان ايه حالي فجأة لما لقيت الحياة بتضحكلي وحبيت لأول مرة اكتشف ان اللي حبيته تاجر مخدرات …انت صدمتني يا جاسر…فجأة حسيت ان عالمي كله اتهد ….حسيت اني مخنوقة ولما عرفت اني حامل خوفت اكتر .. خوفت ان ابني يطلع في وسط البيئة دي …وخوفت يحصله حاجة لان ابوه دمر ناس كتير …

انفجرت بالبكاء انه وقالت:

-عارفة اني مفكرتش وغلطت بس قدر شعوري …أنا هستناك للأبد يا جاسر وهستني أنك تسامح خد وقتك لكن متبعدنيش عنك…لاني مش قادرة اعيش من غيرك ..حاولت وفشلت أنا مليش غيرك بعد ربنا ..

ابتلع جاسر ريقه بصعوبة وهو ينظر إليها وهي تبكي…وقال:

-خلي بالك من ابننا  يا وعد والوقت كفيل يصلح الضرر اللي حصل في علاقتنا …

ابتسمت بأمل وقال وهي تنهض :

-وانا هعمل المستحيل عشان اصلح الضرر ده …

ثم اقتربت منه لتقبله ليبتعد هو بفزع مصطنع ويقول:

-بتعملِ ايه يا ست انتِ …متقربيش كده لاحسن انده للممرضة واقول أنك بتتحرشي بيا …

ضحكت وعد ولم تهتم بكلامه بل قبلته بخفه علي شفتيه وكادت ان تبتعد الا انه شدها إليه ثم قبلها بقوة وعمق …

بعد لحظات ابعدته وعد وقالت:

-انت المتحرش اهو…

ثم ضحكت وهي تخرج بسرعة ليبتسم جاسر بحب وهو يفكر أن ربما كل شئ سيكون علي ما يرام…والان هو مستعد تماما ان يُعاقب ثم يخرج لزوجته وابنه …

…….

حاولت ملاك ان تبعد يدها عنه الا انه رفض ان يفلتها عينيه الزرقاوتين كانتا اسيرتين عينيها الرمادية …لقد خفت ضجيج المشفي من حوله وضجيج آخر صم اذنيه …ضجيج قلبه تعالي وهو قريب منها لتلك الحد …لقد عرف العشق علي يدها هي ملاكه وها هو ملك الجليد يذوب بسبب نظرة من عينيها …كيف يخبرها انه سوف يتخلي عن كل شئ لاجلها …عمله …مركزه كما تخلي عن انتقامه من قبل لانه احبها …بل هو متيم بها لدرجة انه مستعد ان يتخلي عن حياته لاجلها وبالفعل كاد ان يموت لكي ينفذ وعده لها رغم غيرته الشديدة من جاسر ولكنه خاطر بإنقاذه فقط من اجلها 

-ممكن تسيب ايدي؟!

نبرتها الباردة اخرجته من احلامه الوردية …رفعت حاجبيها عندما لم يستجيب لها وقالت بحدة:

-حضرة الضابط أكيد حضرتك مش عايزني الم أمة لا اله الا الله عليك  هنا في المستشفي واتهمك بالتحرش …دي هتبقي نقطة سودا في حياتك كضابط …

اضاء وجهه بإبتسامة تسلية وهو يشدها إليه اكثر حتي اختلطت انفاسهما سويا وقال لاهثا وهو يخترق روحها :

-كده الجريمة هتلبسني …أنا قريب منك اكتر من الحد المسموح …لو صرختِ واتهمتيني بالتحرش هتسجن وتأخدي حقك …

احمر وجهها بشده وهي تقول بتوسل:

-عدي .. عدي بتعمل ايه ؟!!الناس بتبص علينا ابعد شوية .

ولكنه لم يتزحزح عنه بل ظلت ابتسامة رائعة تزين شفتيه …وهو يتطلع الي خجلها …وجهها التي سقط عنه قناع الجليد ليخبره انها ما زالت مغرمة به فنظرات عينيها الباردة الحادة اصبحت تفيض حبا الآن …

ابتسامته ازدادت كما ازدادت ثقته وقال:

-انتِ لسه بتحبيني ..

ثقته التي اطلت من عينيه زلزلتها كثيرا …لانه كان يخبرها الحقيقة وهو واثق …بصعوبة تصنعت ضحكة ساخرة وقالت:

-ودي احلام البسطاء صح …استوعب يا عدي أنا بطلت احبك خلاص …دلوقتي اهتمامي منصب علي جاسر ومراته وبإذن الله قريب هلاقي الانسان اللي هيحبني لنفسي مش هيقرب مني عشان انتقام ولا حاجة …

اشارتها لفعلته البغيضة اعطته اصرار اكثر كي يعيدها وقال وهو يخترق شعرها بيده:

-محدش هيحبك قدي …

افلتت ابتسامة ساخرة مريرة منها وقالت:

-صحيح والدليل أنك استغلتني عشان تقبض علي بابا وجاسر …

دفعته بغضب وقالت:

-عمري ما هنسي أنك استغلتني ..ومستحيل اسامحك ….

ثم ذهبت بعيدا عنه الا انه لم يستسلم وركض خلفها ثم امسك ذراعها دافعا اياها الي احد غرف المشفي الفارغة ثم أغلق الباب عليهما…

-يا مجنون بتعمل ايه طلعني من هنا لو حد شافنا هيفهم غلط …

قالتها بعصبية الا انه اقترب وقال وهو يحاصرها :

-ياريت يفهموا غلط وقتها هتجوزك عشان الفضيحة 

-عدي ابوس ايديك متعملش كده ..

قالتها بضعف ليقربها هو منه ويقرب  شفتيه  لوجنتها هامسا :

-معملش ايه بالضبط؟!

ابتلعت ريقها وهو تحاول دفعه عنها …ولكنه رفض ان يتزحزح …شعرت ملاك بالضعف المقيت يغزوها …ضعف لم تسبق أن تشعر به بينما شفتيه تمر علي وجنتها التي اصبحت ساخنة من الخجل …ثقلت انفاسها واغمضت عينيها بينما تشعر بالدموع اللاذعة  تحرق عينيها بقسوة ثم قالت بصوت مخنوق :

-ليه عملت كده؟!ليه استغلتني بالشكل البشع ده يا عدي …أنا ايه ذنبي ..أنا عمري ما اذيت حد ولا اذيتك  …

تنهد بعمق وهو يضمها إليه اكثر …رفض تماما ان يتركها وقال بسخرية من نفسه:

-عشت طول السنتين اللي فاتوا  وانا بكره ابوكي …نار الانتقام صعبة يا ملاك لأما تحرق اللي قدامك او تحرقك …مكنتش شايف الا انتقامي بس …وكنت مستعد أعمل أي حاجة عشان …

ابتلع ريقه وأكمل :

-ابوكي اذانا كتير ….عارف ان ده صعب عليكِ بس أنا اتحرمت من اهم ست في حياتي واللي هي امي بسببه  عشان كده قررت أعمل المستحيل عشان اقبض عليه …

-وكنت أنا وسيلة انتقامك ؟!

قالتها ملاك وهي تبكي ليتنهد هو ويقول:

-مكنتش عارف ان اللعبة هتنقلب عليا بالقسوة دي وان أنا هحبك بالجنون ده …حبيتك لدرجة ان فعليا خرجتك من خطة انتقامي وقررت اشوف وسيلة تاني اقبض بيها عليه …أنا حتي كنت هسيب كل حاجة واهرب معاكِ …كنت مستعد اتخلي عن كل حاجة بس عشان تكوني ليا بس للأسف كل حاجة انكشفت وانتِ سيبتيني قبل ما اصلح الوضع ..

تنهدت وابعدته عنها قليلا وهي تقول:

-وانا بقولك اهو ريح دماغك يا حضرة الضابط لاني مستحيل ارجعلك …اللي بيننا دلوقتي هو جاسر …حابة اطمن علي ابن عمي …غير كده انت لا تعني لي أي شئ …

تنهد بضيق لتقول هي :

-انا دلوقتي يهمني جاسر …حابة اطمن عليه …هو ساعدكم تقبضوا علي العصابة وانا حابة اعرف مصيره هيكون ايه ؟!

ابتسم وهو يطالعها وقال وهو يسرق قبلة من وجنتها قائلا:

-موقفه كويس اووي في القضية …

احمرت بشدة ليضحك وهو يقبلها علي الوجنة الاخري:

-هو دلوقتي شاهد ملك …

-عدي ..

قالتها بضعف وخجل  وهي تحاول ان تبعده الا انه وضع قبلة اخري طويلة علي وجنتها مكملا حديثه:

-ساعدنا في القبض علي أكبر مورد مخدرات …

دفعته بقوة وكادت أن تذهب الا انه امسكها وضمها من الخلف قائلا بينما ينشر قبلات عديدة علي وجنتها وعنقها بطريقة جعلتها تشهق بصدمة:

-عقابة تحديدا من تلاتة لخمس سنين وده عقاب حلو لتاجر مخدرات خصوصا ان اعترف رسمي علي جرايمه …

جملته الأخيرة لم تسمعها من الاساس لانها كانت غارقة معه في عالم آخر …

جعلها عدي تستدير لتغمض هي عينيها بتوتر ابتسم وهو يتلمس وجنتها وقال:

-الايام اللي فاتت كنت عايش في جحيم يا ملاك لأنك بعدتِ عني…كنت هتجنن وعايز أي طريقة تخليكي ترجعي ليا ….

ابتلع ريقه بتوتر  وقال:

-انا مش عايز ابعد عنك تاني …تتجوزيني يا ملاك؟!.

فتحت عينيها بصدمة …ليبتسم هو في وجهها ويحاول ان يقترب منها مرة اخري الا انها دفعته وخرجت وهي تشعر بقلبها شوف يخرج من صدرها …ابتسم عدي وفكر انه لن يستسلم ابدا …خرج خلفها …

عدلت ملاك من وضع شعرها وهي تلهث بقوة بينما عرض عدي يدوي في عقلها …زواج …أي زواج …هي لن تتزوج من هذا الرجل مهما فعل …

-ملاك…

انتفضت ملاك علي صوت وعد الهادئ لترسم ابتسامة علي ملامحها المتوترة وقالت:

-كنتِ فين ؟!دورت عليكِ كتير …

ثم نظرت خلفها لتجد عدي يقترب منهما وقالت بتوتر :

-كويس ان لقيت حضرتك …سألت عنك الضباط اللي واقفين علي اوضة جاسر قالوا انهم ميعرفوش أنك فين …كنت حابة اعرف موقف جاسر حاليا ايه ..

ابتسم عدي لها وقال :

-انسة ملاك لسه سألني السؤال ده …

احمر وجه ملاك وتوترت ليكمل عدي وهو ينظر الي ملاك بنبرة ذات مغزي:

-وانا جاوبت علي سؤالها بالتفصيل الممل…اسأليها..

ثم غمز لملاك بخفة ورحل …

-ها جاسر هياخد كام سنة ؟!

سألتها وعد بلهفة لتتوتر ملامح ملاك وتقول:

-مش فاكرة والله ..

-نعم … ازاي …

فركت كفيها بتوتر وقالت:

-هو قعد يقول كلام كتير حاولت افهم شوية بس مقدرتش …

امسكت ملاك وعد من كتفيها وقالت:

-المهم دلوقتي ان موقفه حلو اووي وعقابه مش هيكون كتير ان شاء الله فأرتاحي انتِ ..اتفقنا !

هزت وعد رأسها وهي تبتسم ..

…….

-يا بنتي ربنا يهديكِ البسي وبطلي عناد…

قالتها والدة حياة لابنتها الجالسة علي الفراش وتشاهد احد الأفلام علي حاسوبها دون اكتراث …

-قولت مش هتجوزه ..

قالتها حياة ببرود وهي تنظر للشاشة…كان منظرها الهادئ خادع للغاية فداخلها اصوات لا تهدأ…وضجيج قلبها يسيطر علي المكان…لا تعرف ماذا ستكون رد فعل يوسف علي فعلتها تلك ولكنها لا تهتم …اخبرت نفسها كاذبة ..وللأسف هي تهتم ….

-يوسف مش هيسكت علي عمايلك …

قالتها والدتها بتوتر لتنظر حياة إليها وتقول بنبرة باردة:

-اعلي ما في خيله يركبه مش مهتمة بيه …الجواز مش عافية وانا مش عايزاه …

تنهدت والدتها وهي تنظر إليها وتعرف ان هذا اليوم لن يمر علي خير …انتفضا سويا عندما دق احدهم  الباب …

-يوسف جه 

قالتها والدتها بتوتر وهي تشير للخارج ابتسمت حياة في وجهها وقالت مدعية اللامبالاة :

-يشرف..

هزت رأسها بسبب عناد ابنتها ثم خرجت لتفتح الباب … ازدادت وتيرة انفاس حياة وهي تنتظر بقلب وجل رد فعل يوسف …حاولت أن تسيطر علي اعصابها عندما دخل ..عقد يوسف حاجبيه وهو ينظر إليها ثم بعصبية شدها من ذراعيها وقال:

-ليه ملبستيش لحد دلوقتي؟!!

شدت ذراعها بقوة وقالت:

-لاني مش عايزة اتجوزك …أنا حرة ..

-يعني مش هتيجي معايا نكتب الكتاب ؟!

قالها وهو يكاد ينفجر من الغيظ لتصرخ هي بوجهه وتقول:

-لا مش هاجي …ومش عايزة اتجوزك ..أنا حرة يا يوسف …أنا وضحت أن اللي بيننا انتهي خلاص …

امسك ذراعها وقال:

-متخلنيش اتجنن واخدك بالعافية نكتب الكتاب يا حياة  واتجوزك غصب عنك …..

-يا ولاد اهدوا بس ..

قالتها والدة حياة بقلق وهي تراهم يتشاجران كالقطط البرية ..

دفعته بقوة وهي تصرخ:

-وريني يا ابن خالتي هتتجوزني غصب عني ازاي …ما عاش ولا كان اللي يقدر يجبرني علي حاجة ….

زفر يوسف بضيق وقال:

-انتِ اللي اجبرتبني اعمل كده …

ثم بسرعة حملها فوق كتفه ليخرج بها …اخذت تصرخ حياة وهي تضربه علي ظهره وتقول:

-نزلني يا ابن المجنونة انت !!!…

-لا ..لان ده الحل الوحيد مع دماغك الناشفة دي …

قالها وهو يضحك …لطمت والدة حياة وهي تقول:

-يا يوسف تعالي هنا البنت لابسة البيجامة هتطلعها ازاي كده بس …يادي الفضايح يا ولاد !!

-يوسف يا مجنون أنا لابسة البيجامة ..

ضحك يوسف وقال:

-وشكلك فيها يجنن …

اخذت تضربه علي ظهره بقوة وتقول:

-نزلني يا متخلف انت …أنا مش عايزاك …

رفض يوسف بإصرار وتحمل ضرباتها القوية علي ظهره وقال:

-لا مش هسيبك الا لما اثبتلك اني فعلا بحبك ولو مكنتش بحبك مكنتش شيلت دبدوبة تخينة  زيك علي كتفي اللي هيتقطم …

-انا  دبدوبة تخينة؟! 

صرخت بقهر وهي تضربه بينما يخرجان من باب الشقة …ضحك يوسف عليها بينما توقف وهو يجد والدته امامه تنظر إليه دون تصديق وتقول:

-يخربيتك يا واد ايه اللي انت عامله ده يا مجنون…جوز خالتك لو شافك هيمسح بكرامتك الأرض …نزل البنت …

زفر يوسف وهو يتجاهل والدته ويدخل بحياة لشقته ثم في الصالة وجعلها تجلس  علي الاريكة وقال :

-شوفي يا بنت الحلال لاني فعلا تعبت كلمتين ابرك من عشرة أنا مفيش في قلبي غيرك …أنا بحبك اووي ولازم تعرفي اني محبتش حد قدك لا وعد ولا غيرها غلطت معاكي وانا آسف ومعترف بس أنا عايزك في حياتي ومستعد أعمل أي حاجة عشان اثبتلك هتديني فرصة ومتضيعيش فرحتنا عشان اوهام أنا معاكِ مش هتديني فرصة هفضل اقرف فيكي لحد ما تقرري تديني فرصة قولتي ايه؟! ..

كلامه هذا عزز الثقة داخلها وشعرت انها اجمل امرأة علي وجه الأرض  فقالت بسعادة حاولت اخفائها:

-هديك فرصة بس بشرط 

-اشرطي يا ست البنات

ابتلعت ريقها وقالت:

-نأجل الفرح

-نعم يختي!!!!

……..

مرت الايام حتي اتي اليوم المنتظر …يوم محاكمة الصياد !

… 

اليوم هي محاكمته …فكرت وعد وقلبها يقصف بصدرها بينما تجلس علي الفراش بفيلا ملاك …لقد رفضت بإصرار ان تحضر المحاكمة …كانت مرتعبة من النتائج …قلبها ما كان ليتحمل ان تراه في تلك الحالة …انسابت دموعها وبدأت شهقاتها في الازدياد وهي تدعو ان تكون العقوبة مخففة …صحيح ان عدي وعده ملاك ان عقوبته لن تكون كبيرة لانه شاهد ملك ..وساعدهم كثيرا ولكن لا تعرف لما تشعر بكل تلك الرعب يعصف بها …تخاف ان يكون عقابه كبير فجريمته غير هينة…وضعت كفها علي بطنها حيث طفلها يقبع بالداخل ثم انفجرت بالبكاء  ..رباه هي تحبه اكثر من الحياة ذاتها…لم تتخيل ابدا ان تحب احد بتلك الطريقة المجنونة ولكنها فعلا احبته…احبته لدرجة الموت هي منذ الآن تشتاق إليه بطريقة يائسة فماذا ستفعل عندما يُسجن فترة طويلة …

اغمضت عينيها وهي تتسطح علي الفراش ودموعها تنسكب بينما شهقاتها تعلو وهي تتذكر حوارها مع ملاك …كيف انها حاولت بشدة ان تأخذها …اخبرتها ان جاسر بحاجة إليها  ولكنها رفضت بإصرار …كانت أقل شجاعة من أن تذهب هناك وتنتظر علي نيران الحكم عليه …هذا كان اكثر من احتمالها …رفضت ان تعرض نفسها لهذا الضغط …لانها تعرف انها ان سمعت حكم لا يعجبها بالتأكيد سوف تموت او تجن…لذلك كجبانة اختبئت هنا بالفيلا وتركت ملاك تذهب وتبقي معه …تنهدت وهي تتذكر كيف ان ملاك وبختها …

…….

-انتِ لسه ملبستيش ؟!

قالتها ملاك وهي تنظر إليها بصدمة لترتبك وعد بشدة فتكمل ملاك:

-وعد !مالك؟!روحي البسي يالا محاكمة جاسر هتبدأ ..

نظرت إليها وعد وعينيها مبتلة بالدموع وقالت:

-انا خايفة ..

تنهدت ملاك بقوة وهي تقترب منها …نعم هي تعرف جيدا شعور وعد فهي أيضا تخاف …إن كان جاسر زوج وعد فهو بالنسبة لملاك كل عائلتها وكم ودت ان تختبأ ولكن للأسف جاسر بحاجتها ووعد أيضا وهي يجب أن تكون متحملة المسؤولية فهي قد وعدت  جاسر ولن تخلف بوعدها ابدا مهما حدث ..نظرت الي وعد ورسمت ابتسامة لطيفة مشجعة علي وجهها وقالت بهدوء ؛

-عارفة يا وعد شعورك ..وعارفة الخوف اللي جوا قلبك …بس اعرفي اني خايفة زيك لان جاسر هو كل عيلتي …بعد ربنا أنا حاليا مليش غيره هو وانتِ…احنا عيلة يا وعد ولازم نمسك ايدين بعض ونبقي قد المسئوولية عشان خاطر جاسر ….جاسر يستحق يشوفنا في ضهره عشان يقدر يكمل وانا عارفة أنك نقطة ضعفه …وهو بيحبك جدا ووجودك هيديله دافع كبير جدا انه يكمل فأبوس ايديكِ بلاش انتِ تنهاري ولا أنا هنهار لازم نبان اقوي عشان خاطره بس ولا ايه …

انسكبت دموعي وعد وهي تهز رأسها وتقول:

-مقدرش يا ملاك …مقدرش اروح صدقيني …معنديش القوة اني اشوفه كده لاني للأسف أنا اللي دخلته السجن بإيدي ..

رفعت ملاك حاجبيها بغضب وقالت:

-كفاية خوف بقا …بقولك جاسر محتاجك مينفعش تخافِ يا وعد ما أنا زيك اهو بس هروح واقف جمبه …بالله عليكي متسبيش جاسر في الظروف دي …

بكت وعد وهي تطرق برأسها بينما كاد قلبها يتمزق من الألم …

هزت ملاك رأسها وقالت:

-انتِ بجد اجبن واحدة شوفتها في حياتي …وجاسر مفروض ميسامحكيش عشان اتخليتِ عنه في ظرف زي كده …جاسر محتاج ست جدعة …ست تقف معاه مش واحدة تهرب وتقفل علي نفسها الباب وتفضل تعيط ..

ثم ذهبت ملاك بغضب تاركة وعد تبكي …

خرجت وعد من شرودها  ومسحت دموعها ثم نهضت فجأة وهي تقر ان ملاك معها حق …جاسر يستحق هذا …يستحق ان تقف بجواره لا ان تختبئ كالجبناء …نهضت وأخرجت ملابسها بسرعة وارتدتها …

بعد عشر دقائق بالضبط كانت في سيارة الاجرة متجهة الي المحكمة …

……

وصلت وعد الي المحكمة لتجد ملاك تقف مع عدي وهي تمسح دموعها … اقتربت من ملاك برعب وقالت:

-جاسر …

دهشت ملاك من وجودها ولكنها قالت بصوت مختنق :

-حكموا عليه بأربع سنين مع غرامة ميت ألف!!

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار

الفصل السابع والعشرون(ردِ قلبي )

-اربع سنين !

اختنق صوت وعد بالدموع وانسكبت دموعها بغزارة …اندفعت إليها ملاك ثم احتضنتها بقوة وهي تبكي قائلة:

-لا …لازم نكون اقوي من كده عشان جاسر …مينفعش يشوفنا بالضعف ده اتفقنا ؟!…

ابتعدت وعد وهي تمسح دموعها وهزت رأسها ثم فجأة خفق قلبها بقوة وهي تري رجال الشرطة يخرجانه وهو مكبل بالأصفاد ….ركضت وعد إليه دون اهتمام ثم عانقته بقوة 

-يا مدام!

قالها احد رجال الشرطة بسخط ليشير إليه عدي أن يتركها 

صمت رجل الشرطة بينما ضمت وعد جاسر إليها أكثر ثم همست في أذنه:

-هنعدي ده سوا …وعد اني هفضل جمبك علطول يا جاسر وعمري ما هتخلي عنك…هستناك مهما حصل …افتكر دايما أنا وابننا مستنينك ….

ابتعدت وعد وعينيها محمرة من تكدس الدموع بها  …الدموع في عينيها ولا تسمح لها بالهطول …يجب أن تكون قوية من اجله علي الاقل …حبيبها يستحق أن تضغط علي نفسها قليلا …فقط عندما تعود سوف تبكي …تبكي كل شىء…

قبلها جاسر علي رأسها وقال :

-واثق من كده …واثق أن مهما حصل مشاكل هنعدي ده سوا …واثق انك هتبقي معايا للابد يا وعد …

ضحكت بسعادة وهي تراه لأول مرة مؤمن بقوة حبهما ..لقد غفر لها …وتقبلها في حياته مرة أخري …وهو سوف تستغل تلك الفرصة …لن تتخلي عنه أبدا…ستفعل المستحيل كي تخفف عنه غربة السجن …هي ستظل معه للنهاية وتأخذ بيده الي النور….

أبعده الشرطي عنها ثم أخذه الي سيارة نقل السجناء …

ترنحت وعد وكادت أن تسقط إلا أن ملاك بسرعة امسكتها ثم همست في أذنها :

-شدي حيلك عشانه يا وعد وعشان ابنك كمان …

نظرت إليها وعد وقد انفجرت دموعها محررة شهقاتها أيضا :

-اربع  سنين كتيرة اووي يا ملاك …ازاي هبعد عنه الفترة دي …

شدت ملاك علي كتفها بقوة لتبث فيها القوة والله وحده يعلم أن ملاك بحاجة إلي تلك القوة مثلها …لقد حاربت كي لا تنهار أمامه …حاربت الا تركض إليه وتتوسل رجال الشرطة أن يتركوه ولكن من أجله ومن أجل وعد تحملت بينما قلبها من الداخل يعتصر من الالم …هي أيضا تريد البكاء …بكاء وفاة والدها الذي مهما حدث ..ومهما ارتكب من جرائم سيظل والدها الذي تعشقه أكثر من أي شئ اخر والذي انكسرت بوضوح بعد وفاته ولكنها نهضت مجددا لأجل جاسر …لتعطيه القوة التي يحتاجها …فهي لن تتخلي عن اخر فرد في عائلتها…للحظات دموع ملاك تغلبت عليها وانسابت دموعها علي وجهها وهي تضم وعد إليها وتقول:

-لازم نكون اقوي …ربنا يعلم اني منهارة اكتر منك … جاسر هو اللي اتبقالي يا وعد بس مش لازم نبين قدامه أننا منهارين …مش عايزين نزود عليه كفاية همومه ….

ضمتها وعد بدورها وهي تبكي ولا تستطيع التوقف …قلبها يؤلمها للغاية والأفكار في عقلها تدوي بعنف شديد ..ستبتعد عنه لمدة أربع سنوات …اربع سنوات مدة طويلة وهي لن تستطيع التحمل …حاولت وعد أن تفكر بإيجابية ولكن عقلها كان منهار كإنهيار جسدها …قلبها يحترق كاحتراق روحها  ..اخذت تدعو الله أن يلهمها الصبر حتي يخرج جاسر ويبقي معها للأبد…..

…..

في المساء …

في الفيلا …

كانت ملاك تضع كفها علي رأسها وهي تشعر وكأن العالم كله أدار ظهره إليها …كانت في ورطة بحق ….من اين تحضر مائة ألف وتدفعها للمحكمة …فبعد أن توفي والدها حجزت الدولة علي نصف أملاكه والنصف الآخر خسره في البورصة …هي حرفيا لا تملك إلا  الفيلا والشركة الصغيرة التي ترأسها….احست أن عقلها ينهار من كثر التفكير …أرجعت رأسها علي الأريكة وهي تفكر بحل لتلك المصيبة …المحامي سوف يأتي  غدا ليستلم منها المال فماذا تفعل ؟!حتي لو عملت لشهور لن تستطيع تحصيل هذا المبلغ شركتها ما زالت تقاوم حتي تنهض …انتفض جسدها بفزع عندما رن هاتفها …وجدته المحامي …ردت عليه بقلب خافق وكادت أن تطلب منه حل ولكن المحامي قال بصوت مشرق :

-اهلا يا آنسة ملاك ..فلوس الغرامة بقت معايا وهروح ادفعها بكرة بإذن الله ..

عقدت حاجبيها وقالت بذهول؛

-ازاي؟!مين ادهالك؟!

-حضرة الضابط عدي!!!

…….

في اليوم التالي 

-طيب ايه المشكلة دلوقتي يا حياة عدم احساسك بحب يوسف ولا ثقتك بنفسك؟!

قالتها لميس صديقة حياة منذ الثانوية وهي ايضا اخصائية نفسية قررت حياة الذهاب إليها كي لا تترك نفسها فريسة للأفكار غير المرغوبة بها …فأخيرا هي تقبلت أن لديها مشكلة كبيرة يجب أن تعالجها…وتلك كانت فكرتها التي عرضتها علي يوسف في الأيام السابقة وهو وافقها بشدة مخبرا إياها أنه فكر في هذا الأمر ولكنه خاف من ان يغضبها منه …لا تعلم حياة إن كانت ما تفعله صحيح ام خاطئ ولكن وجودها يريحها .. تسطحها علي هذا الكرسي المريح بينما مغمضة عينيها …لا تعرف ولكنها تشعر بسكون غريب ..أنها المرة الأولي التي تشعر بذلك السكون الغريب فبعد أن وضعت شرط تأجيل الزفاف وعارضها يوسف بقوة ولكن بعد عدة محاولات منها لإقناعه…اقتنع تماما عندها فكرت في الخطوة الثانية …خطوة أن تعالج ما بها من خلل ..

بدأت حياة بالتحدث …بدأت بتحرير ما كان مسجونا في روحها :

-انا معرفتش احب الا يوسف …يوسف هو كان أول شاب اتعامل معاه …اول واحد قلبي يدق له …كان الاول في كل حاجة وكنت فاكرة انه مستحيل يبص لواحدة زيي ….بس الصدمة كانت لما جه اتقدملي …وقتها طيرت من الفرحة فعلا … …

صمتت وابتسمت بينما تشعر بالدموع تتجمع تحت جفنيها المغلقين وقالت بصوت مبحوح قليلا :

-بس بعدها بفترة فسخ الخطوبة …قالي أنه مبيحبنيش وأنه بيحب واحدة تاني وقتها أنا انهارت …كنت حاسة اني في كابوس بشع …لكن للاسف عرفت أنه حقيقة خاصة بعد ما حضرت خطوبتهم بنفسي …خطوبته علي وعد …

تنهدت لميس وقالت بهدوء:

-ايه مشاعرك تجاه وعد يا حياة …يا تري بتكرهيها …شايفاها أنها خطفت منك يوسف …

فتحت حياة عينيها وانسكبت دموعها وهي تقول:

-انا مبحبهاش بس الموضوع موصلش للكره الشديد …احيانا كنت بحط اللوم عليها بس برجع وبفكر أن يوسف فسخ خطوبته قبل ما يتقدملها وحسب علمي مكانش بينهم قصة حب وهي مبتحبهوش اصلا ..

-عرفتِ من فين يا حياة أنها مبتحبهوش ؟!

تنهدت حياة وقالت:

-من عيونها …نظراتها ليه باردة وعادية كأنه أمر مفروض عليه …شبه نظراته ليا زمان لما خطبني بس هو معاها كانت عينيه بتلمع بسعادة أنا مشوفتهاش قبل كده …فرحته بيها كانت قاهراني وقتها شوفت أنها احلي مني واني مش حلوة عشان كده سابني عشانها…فضلت ابص في المرايا علطول وأشوف فين الغلط …

صمتت قليلا وهي تختنق …تلك الأيام التي تلت خطبة يوسف كانت اسوا ايام حياتها …لقد حاولت الا تتذكر هذا الأمر ولكن الذكريات بدأت في الاندفاع الي عقلها بشكل ألمها…تذكرت كيف أنها عاشت الجحيم وهي تراه هائم بها …كأنها المرأة الوحيدة علي الأرض …وكم حقدت علي وعد حينها …حاولت أن تمنع نفسها من أن تحقد عليها ولكنها فشلت…شعرت دوما ان وعد افضل منها ..

تنهدت لميس وقالت:

-شوفي يا حياة انتِ عندك مشكلة في الثقة مش مع وعد أو يوسف …أنتِ ببساطة شايفة نفسك أقل من أن يوسف يحبك …لانه في البداية فسخ خطوبتكم …بس فكري من ناحية تانية يوسف بعدين اثبت حبه بكذا طريقة ولو كان بيحب وعد كان رجعلها صح ؟!

هزت حياة رأسها وهي توافقها الرأي …فيوسف حاول بكل الطرق أن يجعلها تشعر بحبه … لقد وافق علي تأجيل الزفاف لأجلها وتحمل نوبات غضبها ..

ابتسمت لميس وقالت:

-ودي بداية علاجك يا حياة تعززي ثقتك في نفسك وده مش  هيكون مرتبط بحب يوسف بس …أنتِ لازم تعرفِ انك تستحقِ الاحسن وانك مش بديل لحد …

ابتسمت حياة لها لتكمل لميس:

-هنكمل جلساتنا سوا لحد ما اشوف  ثقتك بنفسك بعيني .

…………..

بعد اسبوع 

في غرفة الزيارة …

كانت تنتظره وعد بقلب خافق ..عينيها تبحثان عنه بلهفة عندما دخل السجناء للغرفة للقاء احبتهم …كانت الغرفة مكتظة الي آخرها بعائلة السجناء …عقدت حاجبيها وهي تتحرك برأسها بحثا عنه واخيرا قلبها خفق تلك الخفقة بظهور حب حياتها …ابتسامة حنونة التصقت علي شفتيها وهي تراه قادم يرتدي الزي الازرق والذي بدأ للمفاجأة جميل عليه ….شعره مبعثر وعينيه ناعستان …وما أن رأها حتي ابتسمت عينيه قبل شفتيه …نهضت وعد ليقترب منها جاسر ثم يعانقها بقوة …أغمضت وعد عينيها وهي تشم رائحته وقد شعرت اخيرا أن ذراعيه وطنا لها ….لم تعد تشعر بالغربة بعد الان فبوجوده أصبحت تشعر بالأمل  ينبض بداخلها … أعطاها هو الامل عندما غفر لها وادخلها جنته مجددا …

جلسا سويا وهم يمسكان كف بعض …كانت وعد تنظر إليه بحب بينما قلبها يخفق وهي تراه بعد اسبوع …لقد اشتاقت لملامحه كثيرا …اشتاقت لعينيه التي تمنحانها حب دون حدود …ليت تستطيع أن تنظر إلي ملامحه تلك حتي تموت …

قبل جاسر كفها وقال:

-وحشتيني …عارفة لولا الظروف كنت طلبت منك تزوريني كل يوم …

ابتسمت وعد له وقالت:

-وانا نفسي ازورك كل يوم يا جاسر نفسي اشوفك …نفسي تشاركني اللحظات اللي …

اختنق صوتها وحاربت الدموع التي بدأت تهدد جدران عينيها ولكن جاسر شد علي يدها وقال بقوة:

-وعدتيني أننا هنعدي ده سوا فبالله عليكِ متبكيش يا وعد …أنا عايزك قوية لاني ابني محتاجك …عايزك تبقي قوية عشانه لحد ما اخرج بالسلامة …مش عايزك تضعفي يا وعد ابوس ايديكِ ..

مسحت دموعها التي تسربت خلسه وهزت رأسها وهي تمنحه ابتسامة مطمئنة …ابتسم لها وقال:

-تعرفِ اني مرتاح لما اخدت عقابي يا وعد …حاسس ان الجبل اللي كان علي صدري انزاح وحاسس اني خفيف …ومستعد اخد عقابي كله كامل يا وعد عشان لما أخرج هخرج انسان تاني …انسان يخليكي تفتخري بيه …هكون اب مثالي لابننا أو بنتنا وهبدأ صفحة جديدة في حياتي معاكِ لاني دلوقتي أنتِ وملاك اللي فاضلين ليا …

ابتسمت في وجهه ليكمل هو :

-اخبار البيبي ايه بيتحرك يا وعد…وهو ولد ولا بنت ؟!

ضحكت وعد برقة وقالت:

-انا لسه حامل في شهرين الا كام يوم  يا جاسر يعني لسه بدري علي حوار أنه يتحرك أو نعرف جنسه حتي ..

-اسف اتحمست .

قالها باحراج محبب لتقبل هي كفه وتقول:

-ايه اخبارك جوا …بجد كويس يا جاسر مش زعلان ولا…

شد علي يديها وقال:

-لا مش زعلان …ده عقاب علي جرايمي الكتير وانا بحمد ربنا أنه عقاب بسيط لاني ساعدت الشرطة …هكون مرتاح اكتر لما اتعاقب علي كل الحاجات البشعة اللي عملتها …صحيح قلبي بيقرصني لما افتكر انك برا من غيري وحامل واني مش هشوف ابني وهو بيتولد ..بس يمكن ده عقابي لاني حرمت أهالي كتيرة من عيالها لاني كنت بتاجر في السم ده …فعقابي اني اتحرم من ابني  شوية…

عضت وعد شفتيها وحاولت الا تبكي وقالت مغيرة مجري الحديث:

-تعرف اني فكرت في اسامي لولادنا..

ابتسم جاسر وتحمس قائلا:

-بجد …يالا قوليلي قررتي تسميهم ايه ؟!

-لو ولد هسميه سيف …بحب الاسم ده اووي ..

واكملت وهي تنظر لعينيه :

-ولو بنت هسميها حسناء …

تجمد جاسر وارتج قلبه وقد ترطبت عينيه بالدموع وهي تنطق اسم والدته …ابتسمت وعد من بين دموعها واكملت:

-ملقيتش اسم احسن من كده بس بتمني بنتي تطلع جمال جدتها ..

-شكرا يا وعد 

قالها جاسر من أعماق قلبه بينما دموعه تنساب ثم أكمل:

-شكرا لانك في حياتي .

……….

في قسم الشرطة …

كانت تفرك كفيها بينما مالك يطالعها دون رضا …لا تفهم ما الذي يريده …لقد طلب اليوم منها أن تأتي الي قسم الشرطة …خافت أن يكون الأمر علاقة بجاسر ولكن من عينيه عرفت من المقصود …أنه عدي …أغمضت عينيها ونيران الاشتياق تشتعل بقلبها …لقد اشتاقت إليه كثيرا …بعد أن عرفت أنه دفع الفدية منعت نفسها قسرا من أن تذهب إليه بل تمسكت بعقلها وأخبرت  نفسها أنها سوف تسدد له المال …ولكن لما يريد مالك أن يحدثها عن عدي …ما السبب ..خفق قلبها بترقب بينما الرجل يتأملها مليا بطريقة اشعرتها بالتوتر …حاولت التكلم إلا أن الكلمات تهاوت من  شفتيها لذلك التزمت الصمت تماما …منتظرة مالك يتكلم …

-عدي ساب الشغل بسببك !

قالها مالك بجمود لتعقد ملاك حاجبيها بدهشة ثم أكمل وهو يشعر بغضب تجاه تلك الفتاة التي أثرت بالسلب علي عقل ابنه:

-ابني ساب شغله ومركزه وانتقامه وراح يعيش لوحده بعيد عني وده كله بسببك…من اول ما حبك وهو اتجنن …تصرفاته بقت متهورة …انتِ ليكِ تأثير بشع عليه هو فاكر أنه بالطريقة دي هتسامحيه …فاكر أنه لما يتخلي عن كل حاجة في حياته أنتِ هتحني وترجعيله …

تصاعدت الدموع بعيني ملاك وهي تشعر بألم كبير في قلبها …لم تتخيل أنه سيفعل هذا من أجلها …بل لم تتخيل انه حقا يحبها لتلك الدرجة …أخرجها من شرودها  صوت مالك البارد وهو يقول :

-بتمني منك يا ملاك تقوليله انك عمرك ما هتسامحيه لأن….

تنهد وهو يقسي قلبه ثم قال:

-لان أنا مستحيل اتقبل أن البنت اللي ابوها قتل مراتي تتجوز ابني !!

كلماتها تلك جمدتها ونسفت اي أمل بقلبها ودون أن ترد عليه نهضت وتركت مكتبه وهي تبكي …لن ينكر مالك أنه شعر بغصة في قلبه …فملاك لا ذنب لها فيما حدث ولكنه أيضا لا يستطيع نسيان أن والدها قتل زوجته وحب حياته …

……..

بعد نصف ساعة …

في المرسم الخاص بعدي كان يقف أمام اللوحة وهو ينظر إليها بحب …كان فخور بنفسه وهو يري كيف رسم ملاك بدقة لا مثيل لها …مرر أصابعه علي اللوحة المرسومة وهو يفكر أنه اشتاق اليها بطريقة مؤلمة للغاية …اسبوع وقد انقطع عن رؤيتها …قلبه يتداعي في غيابها …

انتفاضة بسيطة مرت في جسده عندما طرق أحدهم الباب …ذهب ليفتح ثم تجمد وهو يجدها أمامه وخفق قلبه بطريقة مؤلمه كم أراد سحبها بقوة ليحتضنها طويلا حتي يشبع منها ولكنه سيطر علي نفسه لا يريد اخافتها هو قرر أن يتقرب منها بحذر ..هي تستحق الوقت كي تغفر له زلته…

-ممكن ادخل ؟!

صوتها الناعم انساب لأذنيه ليهز هو رأسه  ويبتعد قليلا كي تدخل …

دخلت ملاك للمرسم ثم تجمدت وهي تري أن المرسم ملئ بلوحاتها هي فقط …لقد رسمها عدي مرات عديدة …ابتلعت ريقها وثقلت أنفاسها عندما اقترب عدي منها ..كانت تشعر بأنفاسه في عنقها وهذا تسبب في بعثرة دقات قلبها … اغمض عدي عينيه وهو يفكر أنه وعد نفسه لن يضغط عليها ولكنه لا يمكنه مقاومتها …هذا شئ خارج عن إرادته …

ابتلعت ملاك ريقها وابتعدت وهي تستدير إليه بينما ترسم ابتسامة خفيفة علي شفتيها وقالت:

– عرفت من المحامي انك دفعت الغرامة …شكرا علي الفلوس اللي دفعتها واوعدك اني هردهالك في اقرب وقت …

ثم تجاوزته لكي تهرب ولكنه ضمها من الخلف وهو يسند رأسه علي كتفها ويقول:

-طيب ردي قلبي ليا زي الفلوس يا ملاك علي الاقل هرتاح اكتر …

تصاعدت الدموع لعينيها وقالت بصوت مختنق:

-عدي ابوس ايديك ابعد ..سيبني احنا مينفعش لبعض ..

جعلها تستدير إليه  وامسكها من كتفها وقال:

-عارف …ميت حاجة تمنعنا نكون سوا بس قلبي مش راضي يفهم …هو بيحبك كده وخلاص من غير تفكير …من غير منطق …فحبيني من غير تفكير يا ملاك وسيبي الوقت يصلح اللي بيننا بس اديني فرصة ابقي معاكي …

-باباك…

قاطعها وقال:

-ملكيش دعوة ببابا…هو هيفهم لما يشوف الحب اللي بيننا …ملاك فرصة واحدة بس واوعدك عمري ما هزعلك ..

صمت ليستغل الفرصة هو ويخرج خاتم به ماسة  صغيرة :

-كنت عامل حساب اللحظة دي في اي وقت عشان كده شايله معايا وبقولك يا ملاك النجار تقبلي تتجوزيني وتكوني معايا للابد ؟!

طفرت دموعها …ها هي فرصة اخري للسعادة هي لن تتخلي عنها ابدا فقالت وهي تضحك:

-موافقة اتجوزك.

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار

الفصل الأخير (كل الطرق تؤدي اليك)

لقد كان الحب نعيما بالنسبة له ..

فكر عدي وهو ينظر لملامح ملاك الجميلة وقلبه يخفق من السعادة …كان لا يصدق انها أخيرا وافقت عليه …أخيرا غفرت زلته..وأخيرا ستصبح ملكه…لم يظن ابدا انه سيحب احد بتلك القوة …لم يظن ابدا ان غفرانها له سيجعله سعيدا كما لم يكن من قبل … امسك كتفيها وهو يقول بنبرة سعيدة :

-موافقة …موافقة بجد …

دمعتان خانتا ارادة ملاك وهبطتا بينما تهز رأسها وتقول بحب:

-موافقة ابقي معاك طول حياتي يا عدي ….موافقة نبقي سوا دايما ومش مهم الباقي…

هي لا تهتم بأي شئ ولا تعرف غير انها تعشقه بقوة لدرجة انها لن تستطيع التخلي عنه …

بسعادة البسها عدي الخاتم ثم رفع كفها لشفتيها وقبله بعمق بينما قلبه يهتز من السعادة …شعر انه اسعد رجل بالعالم ….اضاء وجه ملاك بإبتسامة رائعة وهي تتطلع الي الخاتم وغلالة رقيقة من الدموع غطت عينيها  بينما تنظر الي الخاتم …قال عدي بنبرة عاطفية:

-الخاتم ده  بتاع امي الله يرحمها بابا ادهولها وقت طلبه  انه يتجوزها  ..تعرفي ان الخاتم ده ليه قصة احسن من أي رواية تحبِ تسمعيها ؟!

هزت راسها بإبتسامة رقيقة ليقول هو :

– بابا وماما كانوا جيران …حبهم اتولد وهما بيكبروا جنب بعض …امي دايما كانت تحكيلي ان بابا دايما يبعتلها رسايل  حب دايما …

رفعت ملاك حاحبيها بتعجب ليضحك عدي ويقول :

-عندك حق الموضوع فعلا مريب …يعني بابا ورسايل حب دونت ميكس…أنا برضه استغربت لان بابا دايما شخص عملي مش ليه في الرومانسية والكلام ده …بس يظهر ماما كانت مميزة جداً عشان كده اتبع جنونه وفعلا هو ده اللي خلاها تحبه بس هي دايما كانت بتصده وبتقطع رسايله وبترميها رغم انها بتحبه من صغرها …بس هو مكانش بيفقد الامل كان بيبعتلها تاني لحد ما رسالة منهم وقعت في ايد جدي ابو ماما وساعتها الدنيا قامت علي بابا …هو يعتذر ويسكت لا… يروح يستغل الفرصة ويتقدملها هو ده اللي حصل …واتجوزها بعد قصة حب رومانسية بتصرفات رومانسية مكنتش متوقعها من بابا …وهو ادالها الخاتم ده وهي في مرة ادتهوني …حبت اكون رومانسي وادي البنت اللي بحبها الخاتم اللي ليه قصة رومانسية ده …

ابتسمت ملاك وهي تقبل الخاتم وقالت:

-ده هيكون جزء من روحي مش هخلعه ابدا …

داعب عدي شعر ملاك وقال:

-مش مصدق أنك أخيرا سامحتيني يا ملاك …أنا كنت فعلا بموت من غيرك …رجوعك ليا زي ما يكون رجعني للحياة من تاني …شكرا يا ملاك علي كل حاجة ..شكرا أنك ادتيني فرصة عشان نكون سوا مرة تانية …

امسكت كفه وقالت :

-عرفت اني محدش هيسعدني غيرك فقولت استغل الفرصة …تصرفك جرحني منكرش بس اللي عملته عشاني كتير …وعرفت اني بضيع فرص نكون فيها مع بعض …أنا عايزة ابقي سعيدة يا عدي …أنا اتعذبت كتير في حياتي …عايزة اللي يسندني مش يكسرني …عشان كده اوعدني أنك عمرك ما هتكسرني يا عدي …اوعدني أنك دايما هتكون في ضهري وتدعمني …عمرك ما تكذب عليا ولا تكسر قلبي …انت هتكون بالنسبالي كل حاجة ….

حاصر عدي وجهها وقال:

-مستحيل اذيكي تاني …عملتها وكنت هخسرك للأبد فمش هكرر غلطي تاني …انتِ هتكوني كل حياتي ..هعمل المستحيل عشان اثبتلك اني مبحبش غيرك وانك هتفضلي حبي الأخير للأبد ..ها امتي نتجوز بقا بعد وصلة الكلام الشاعري اللي قولتهولك …

-بعد أربع سنين لما يخرج جاسر 

قالتها ملاك ببساطة ليبتعد عنها عدي ويصرخ  بإستهجان:

-نعم يا ختي!!!!

في الفيلا …

اتسعت عيني وعد بسعادة وهي تجد ملاك ترفع كفها  وتريها خاتم الخطبة …

نهضت وقد نست جميع احزانها وضمت ملاك بحب صادق وقالت:

-مبروك يا قلبي …فرحتلك والله ..

ابتعدت ملاك عنها ووجهها يضئ من السعادة فأكملت وعد بمكر:

-اخيرا قررتِ تدي حضرة الضابط عدي  المسكين فرصة …

رمشت ملاك وقالت بذهول:

-وانتِ عرفتي من فين يا وعد ان اللي بتكلم علي عدي …أنا لسه م…

قاطعتها وعد وهي تغمز:

-عينيه فاضحاه يا ملاك …العينين تفضح العاشق …نظراته بتوضح انه بيدوب فيكي …

احمر وجه ملاك لتشد وعد علي كفها وتقول:

-امتي بقا الفرح …امتي هتفرحونا ..؟!

اختفت الابتسامة من وجه ملاك وقالت :

-اتفقنا نتجوز بعد ما يطلع جاسر …

وخزت الدموع عيني وعد لتكمل ملاك:

-مقدرش اتجوز واخويا مش موجود وعدي اتفهم الأمر ومستعد يستناني 

ابتسمت وعد وقالت:

-مش مضطرة تعملِ كده يا ملاك …أربع سنين فترة طويلة وممكن …

هزت ملاك راسها بإصرار وقالت:

-لا يا وعد هستني جاسر أنا قررت …جاسر هو المتبقي من عيلتي مش هتجوز وهو مش موجود فرحتي هتكون ناقصة….

غلالة رقيقة من الدموع اغشت عيني ملاك وهي تفكر انها اشتاقت لجاسر للغاية …وجوده داخل السجن يؤلمها ولا تعرف ماذا تفعل …تشعر انها ضعيفة للغاية دون عائلتها ولكن فكرت انها لا يمكنها ان تبقى ضعيفة للأبد …فهي لا تمتلك الكثير من المال وخلفها مسؤوليات كثيرة …يجب أن تفيق وتنهض بشركتها …لن تتوقف حتي تنهض وتنجح وقد كان 

………

بعد سبع شهور ….

كانت تقف ملاك بتوتر في حفلة الزفاف الذي تولت هي تصميم الديكور الخاص بها …كانت حفلة زفاف ابن  واحد من اهم رجال الأعمال في مصر وكانت صدمة بالنسبة لها أن يتواصل مع شركتها الصغيرة لكي تصمم هي ديكور حفل الزفاف …فشخص مثل رائد الوكيل لماذا يلجأ الي شركة صغيرة كشركتها ؟!…صحيح انها في الشهور الماضية صممت عدد من حفلات الزفاف واعياد الميلاد وايضا الشقق السكنية وبفضل الله ثم اجتهادها بالعمل كان عملها لا غبار عليه …ولكن لم تتوقع ابدا ان صيت شركتها الصغيرة وصل للسيد رائد !!ولكن ما لا تعرفه ملاك ان عدي هو من طلب من رائد هذا بصفته ابن صديقه المقرب مالك …لقد رأها الشهور السابقة تقتل نفسها في العمل لكي تنجح وكانت تنجح وكان هو يفتخر بها للغاية …وارادها ان تنجح اكثر لذلك لجأ الي رائد وللمفاجأة…ملاك صممت حفل الزفاف بطريقة مبهرة للغاية …كان فخور جدا وهو يسمع كلمات المديح من المدعووين …ابتسم عدي ونظر إليها …انها تسلب عقله كل يوم اكثر من اليوم السابق …والشئ الذي اسعده اكثر ان والده بدأ يتقبل ملاك قليلا …وبمرور الوقت سوف يحبها وحينها لن يلوم عليه فمن ذا الذي لا يحب ملاك …احيانا يحسد نفسه انها اصبحت له ولا يصدق ان احلامه تحققت بتلك البساطة …خفق قلبه  عندما تلاقت اعينهما …ابتسمت له ملاك بتوتر ليقترب منها هو ويلمس ذراعها وهو يقول:

-مالك يا حبيبتي …اليوم يوم نجاحك افرحي بيه …انتِ عارفة أنك قدرتِ تبهري رائد الوكيل … وده هيفتحلك مجال اوسع عشان تكبرِ شركتك …

نظرت اليه ملاك وقد تقلصت معدتها من التوتر وقالت:

-قلقانة علي وعد يا عدي …دي في شهرها الأخير …ممكن تولد في أي لحظة وانا …

-ششش 

قالها عدي وهو يضع اصابعه علي شفتيه …ابتعدت ملاك بخجل ليبتسم ويقول:

-مش مرات عم كامل معاها..يبقي ليه خايفة …استمتعي بحفلتك ووعد بإذن الله هتكون بخير…

هزت ملاك رأسها بتوتر وحاولت ان تسترخي قليلا …هو لديه حق …زوجة عم كامل معها …ابتسمت ملاك وهي تتذكر هذا الرجل الاصيل وزوجته …تتذكر كيف رفضوا ان يتخلوا عنها في تلك الظروف وعملوا لديها رغم قلة الراتب ولكنها وعدت نفسها انها ما ان تنجح سوف تكافئهم علي اخلاصهم …

انتفضت وخرجت من شرودها عندما رن هاتفها…فزعت ملاك عندما رأت ان المتصل هي زوجة كامل …ردت بسرعة لترتعب اكثر وهي تسمع المرأة تخبرها ان وعد تلد!

اغلقت ملاك هاتفها وقالت برعب لعدي:

-مش قولتلك خايفة بشكل غريب  ..اهي وعد بتولد

ثم ركضت امامه دون اي اهتمام بمظهرها امام الناس  وفكرها منشغل وعد …ركض عدي خلفها وركبا سيارته ثم انطلقا بسرعة …

وصلوا الي الفيلا أخيرا لتجد زوجة كامل تقف في الخارج بتوتر …ترجلت ملاك من السيارة وهي تركض إليها فقالت المرأة دون ان تسأل ملاك حتي:

-هي في الصالون يا هانم بتصرخ جامد …

دخل عدي مع ملاك الفيلا ليجدا وعد تبكي وتصرخ وهي جالسة علي الاريكة …ساعداها الاثنين حتي تقف وذهبوا بها الي السيارة ..

-وعد حبيبتي متخافيش …كل حاجة هتكون بخير …حسناء هتنورنا النهاردة بإذن الله  …

قالتها  ملاك في سبيل التخفيف عنها …

……

في الطريق الي المشفي …

كانت ملاك تبكي وهي تمسك كف وعد التي تصرخ من الألم …كان الألم لا يقاوم  …شعرت وعد  أنها ستموت فعلا …

-اهدي يا وعد اهدي يا حبيبتي ….شوفي اتنفسي بعمق زيي ..يالا قولي ورايا هوف …هوف…هوف..

لم يستطيع عدي منع ضحكاته التي تسربت من شفتيه وقال:

-يا حبيبتي وعد بتولد مش شمعة عشان تقولي هوف !

-اسكت انت مش فاهم حاجة ..

قالتها ملاك بإستياء …

هز عدي رأسه وهو يسرع اكثر …

…..

في المشفي وبالأخص في حجرة الولادة …كانت وعد تصرخ بألم شديد وهي تبكي …كانت تتمني ان يكون جاسر بجوارها …يضمها إليه بقوة وينسيها آلامها ..

-جاسر..جاسر ..

اخذت تهذي بإسمه بتعب ودموعها تنسكب من عينيها …فجأة شعرت ان روحها تخرج من جسدها ثم صدح في المكان صوت بكاء طفل صغير …

ابتسمت وعد بتعب وهي تري من بين دموعها طفلتها الصغيرة الجميلة وفكرت ان نعمة كهذة تستحق التعب !

…..

بعد يومين …

ذهبت ملاك لزيارة مفاجأة لجاسر ..

ما ان رأته حتي عانقته عناق اخوي وجلست امامه…ابتسم جاسر لها وكاد ان يسأل عن وعد التي امتنعت عن الحضور إليه منذ شهر بسبب تعبها الا ان ملاك لم تعطيه الفرصة بل اخرجت هاتفها ..

– قابل حسناء جاسر النجار يا جاسر .

قالتها ملاك وعينيها لامعة بدموع حبيسة وهي تريه صورة لفتاة رضيعة علي هاتفها المحمول  …

خفق قلب جاسر بقوة وترطبت عينيه بالدموع وهو يراها …يري روح  والدته في ابنته   …أول امرأة عشقها في ابنته …حارب جاسر دموعه بقوة ولكن روحه كانت تحترق …وقلبه منفطر وهو يري فقط صورة ابنته الرضيعة …دون حملها او عناقها !!!…لقد حُرم من ابسط حقوق الزوج والاب…حُرم من ان يبقي بجوار وعد في اصعب لحظاتها ..حرام من ان يضم ابنته في اسعد لحظاته …تغلبت دموع جاسر عليه وتحررت من سجن عينيه وبشكل مفاجئ اجهش  بالبكاء بصوت عالي كطفل صغير بطريقة جذبت انتباه جميع من في غرفة الزيارة …نهضت ملاك وهي تبكي واقتربت منه ثم ضمته بقوة …تنهد وهو يضمها بدوره  وقد عرف أخيرا شعور الاهالي الذين دمر اولادهم!!

…….

في المساء ..

-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير

بتلك الكلمات اصبحت حياة زوجة ليوسف شرعا ورسميا …كانت جالسة علي طاولة كتب الكتاب ووجهها يشتعل خجلا …بينما عينيها تتألقان بسعادة لم يراها من قبل …لقد رأي أخيرا في عينيها الثقة بحبهما …الثقة بنفسها ووعد بالسعادة الابدية…نهض يوسف واقترب من حياة ثم طبع قبلة قوية علي جبهتها .. بقربها شعر انه بالجنة …لقد امتلكت قلبه كما لم يمتلكه احب من قبل …حاربته وغزت قلبه بالكامل حتي اصبحت دقاته ملكا لها …هي فقط …نظر إليها بابتسامة من القلب وقال:

-نورتي حياتي يا حياة ..

ابتسمت حياة بسعادة وقد عجزت عن الكلام فقط ضجيج قلبها كان يصرخ بحبه …

-حياة ..

قالتها والدتها وغلالة ثقيلة من الدموع تغشي عينيها ..لتلين ملامح حياة ثم تقترب من والدتها وتحتضنها بقوة وهي تقول ضاحكة حتي لا تبكي والدتها:

-جرا ايه يا ست الكل …ده أنا هكون معاكي في نفس العمارة وكل شوية هقرفك 

ضحكت والدتها وقالت:

-هيكون احلي قرف والله …

ابتعدت والدتها ليعانقها والدها ثم مرت بضعة دقائق من المباركة السعيدة للعروسين قبل ان يسحب يوسف عروسه ويصعدان للسيارة المخصصة لهما ليذهبان الي القاعة التي بها الزفاف …

طوال الطريق لم يفلت يوسف كفها وكأنها سوف تهرب منه ..وكان كل لحظة يقبل كفها بسعادة بينما هي تذوب من الخجل ….

أخيرا وصلوا الي القاعة وسبقوهم اهلي العريس والعروس للقاعة بينما تهادت حياة بدلال مباح وهي تعانق ذراع يوسف  ..كانت تمسك فستانها الكريمي البسيط بيدها الاخري بينما تدعو الا يسقط التاج المثبت علي شعرها الذي استطال كثيرا في الشهور السابقة …نظرت الي يوسف فوجدته ينظر إليها بحب لم تراه من قبل في عينيه …حب حقيقي …حب تستحقه بعد محاربة طويلة من قبلها …لقد انتصرت هي …انتصرت بحبها و في تلك اللحظة شعرت   انها امتلكت جميع السعادة التي بالحياة …صوت الموسيقي دوي في اذنيها ما ان دخلت القاعة …لم يعطيها يوسف فرصة لكي تجلس بل سحبها الي منتصف القاعة عندما صدح في المكان اغنية غربية رومانسية ثم وضع كفه علي خصرها ثم بدأ يراقصها في حب …كان صامت تماما ولكن عينيه التي تلمعان اخبرتها الكثير والكثير…اعطتها وعود لا حصر لها …

-مبسوطة …

قالها يوسف وهو ينظر إليها بوله لتهز هي رأسها وترد :

-حاسة اني اسعد انسانة في الدنيا …

ابتسم لها وقال:

-يعني صدقتِ اخيرا اني بموت فيكِ ..

ضحكت برقة وهي تهز رأسها…نعم هو فعل الكثير واثبت عشقه غير المحدود لها …بالاضافة الي صديقتها لميس التي ساعدتها في تعزيز ثقتها في نفسها فباتت حياة تري نفسها كأجمل امرأة علي وجه الأرض ولا يضاهيها احد جمال …كانت فكرة جيدة للغاية أن تذهب الي لميس …بفضل الله ثم لميس ويوسف وبالطبع عائلتها  تغير بها الكثير …

تنهدت بسعادة وهي تضع رأسها علي كتف يوسف  وتقول:

-انا بحبك اووي يا يوسف ..

ابتسم وهو يضمها إليه قائلا:

-وانا كمان بحبك اووي …

…..

بعد انتهاء الزفاف ..

فتح يوسف باب شقته بقدميه ثم دخل وهو يحمل حياة بين ذراعيه ..اغلق الباب بقدميه أيضا ودخل لغرفة النوم  …جلس علي الفراش بسعادة وهو يحملها …. ابتسم يوسف وهو ينظر إليها بعمق…كانت عينيه تحاصر عينيها وقد شعرت حياة بالتوتر يغزو جسدها …حاولت أن تشيح بعينيها بسبب الخجل الفظيع الذي تشعر به الا انها فشلت في هذا ..

شعرت وكأنها مسحورة تماما …بكل ما تملك من ارادة تكلمت وهي تقول :

-ممكن تسيبني اغي…

ولكن بقية كلماتها ماتت علي طرف لسانها عندما رأته يقترب منها ويقبلها بعاطفة قوية جاعلا اياها تستلقي علي الفراش حتي يمتلكها روحا وجسدا!

………

بعد ثلاث سنوات وخمس أشهر 

كانت يهتز فعليا وهو يقف امام بوابة الفيلا …لقد تغير الكثير بعد أربع سنوات …اصبحت الفيلا اكثر بهجة ابتسم جاسر بينما وخزت دموع الحنين عينيه وقلبه يرتج داخله … أخيرا سيقابلها …سيقابل وعد حب حياته …حسناء ابنته التي هي جزء من قلبه …وملاك التي تكون شقيقته والتي فعلت الكثير من اجله…

-جاسر بيه .

اخرجه من شروده حارس الفيلا وهو ينظر اليه دون تصديق وسعادة…ابتسم جاسر له ليفتح الباب الحديدي له ويحمل له حقيبته …

-ازيك يا عم كامل؟! ..

قالها جاسر بابتسامة صادقة ليرد الرجل :

-هروح اقولهم أنك خرجت هيفرحوا اووي …

ثم كاد ان يذهب الا ان جاسر اوقفه وقال:

-لا يا عم كامل أنا هدخل وأوريهم نفسي …حابب اعملها ليهم مفاجأة …

هز الرجل رأسه ليذهب جاسر في اتجاه المنزل …كان يحاول تنقية افكارة والتخلص من التوتر الذي يعصف به …سوف يري عائلته بعد غياب اربع سنوات …صحيح ان وعد وملاك كانتا تزورانه بإستمرار ولكن حسناء لا …وهو الذي طلب من وعد الا تأتي بإبنتهما الي السجن …اذن انها المرة الأولي التي سيري به ابنته علي الحقيقة …المرة الاولي التي سوف يضمها إليه ويشم رائحتها…المرة الاولي التي سيلمس قطعة منه …مسح الدموع الخائنة التي انسابت من عينيه وهو يرسم ابتسامة لطيفة علي وجهه …فجأة انتفض مكانه بقوة وهو يراها …ملاك صغير يركض بحديقة الفيلا …شعرها اسود كجناح الغراب…اقترب منها وفجأة خفق قلبه بقوة وهو ينظر الي ملامحها الجميلة التي تشبه بشكل كبير ملامح والدته…تساقطت دموعه دون توقف وهو يراقب ابنته تلعب وتركض خلف الفراشة …كانت صغيرة للغاية ولكنها نشيطة ..صدي ضحكاتها فعل الكثير بقلبه الضعيف …فجأة توقفت وهي تنظر الي ذلك الرجل الغريب …اختفت ضحكاتها اللطيفة من شفتيها  ولكن فجأة لمعت عينيها التي تشبهان عيني وعد وهي تقول بنبرتها الطفولية :

-بابا ..

لقد تعرفت عليه أخيرا …بالطبع وعد تضع صور جاسر دوما في غرفتها كي تتعرف علي والدها …ركضت حسناء إليه ليرفعها جاسر ويضمها بقوة وهو يبكي دون توقف …رائحتها كانت كالمسك لمست روحه ..

-حبيبتي ..حبيبتي ..

ردد الكلمات وهو يضحك ويبكي في آن واحد …كان قلبه يهدر داخل صدره ولا يصدق نعمة الله عليه…لقد اعطاه الله فرصة اخري رغم كل ذنوبه …اعطاه فرصة أن يعيش حياة سليمة بدل من الحياة المظلمة التي يعيشها …بعيدا عن الدماء والظلم والاجرام…بعيدا عن خطر القبض عليه او موته حتي …اعطاه فرصة ليكون زوج صالح لوعد …والد صالح لحسناء وهو قرر ان يستغل تلك الفرصة جيدا …لن يدع  الشيطان يتملك.منه مرة اخري …لقد وُلد من جديد وسيبدأ حياته من جديد حياة نظيفة تماما …من أجل عائلته الجديدة وملاك ..

انزل صغيرته وهو يركع بجواره ثم بدأ في تقبيلها علي وجنتيها بإستمرار…اخذت حسناء تضحك وقالت بصوت طفولي:

-انت بتزغزغني ..

صوت ضحكاتها اطربه كثيرا …ضحكاتها البريئة كانت تقتل بقايا السواد بداخله…كانت تشعره بسكون غريب تماما …

-جاسر …

صوت مختنق اتاه من الخلف نهض وهو يستدير ليجد وعد تقف بذهول امامه …دموعها تنساب دون توقف وهي تراه …تري حبيبها ..فجأة اندفعت هي الي احضانه وضمته إليها وهي تبكي …وقد شعرت أخيرا انها بالوطن …فذراعيه كانت مسكنها ومأمنها ….جاسر هو قدرها وكأن كل الطرق تؤدي إليه …هو فقط .

يتبع

#الشيطان_يقع_في_العشق

#سولييه_نصار.

الخاتمة(المكسورون هم الأكثر تطورا)

الحب الحقيقي هو الحياة…هو الذي يمنحنا الامل لنعيش …تحترق بنيرانه  صحيح ولكن في النهاية تتذوق جنته …وهو احترق ..احترق بشدة حتي ظن  أنه سيموت بتعاسة ولكن الله كان رحيما به …اغمض عينيه ودموعه لم تتوقف عن الانسياب وهو يضمها إليه بقوة المتها ولكنها لم تعترض ابدا …هي أيضا كانت مشتاقة إليه بشكل غير طبيعي …لقد شعرت أن الحياة عادت إليها بعودة جاسر …حبيبها وزوجها….ابتعد جاسر وهو يقبل جبينها برقة ثم يضع جبهته علي جبهتها …وخزت الدموع عيني وعد وانسابت وهي ترفع كفيها وتحاصر وجهه …كان قلبها يهدر داخل صدرها بعنف وقالت:

-وحشتني…وحشتني اووي …

صوتها كان مختنقا من الدموع …ابتسم من بين دموعه وقال،:

-خلاص انا رجعت وهبقي معاكم للابد يا وعد …عمري ما هسيبكم ابدا …

قبل جبينها مرة أخري ثم وجنتيها ثم كاد أن يتجه لشفتيها ..

-جاسر البنت !

قالتها وعد بخجل وهي تتحرر منه …ابتسم جاسر وهو ينظر لفتاته الصغيرة بشغف …ركع بجوارها مرة أخري وأخذ يربت علي شعرها وهو يتأمل ملامحها بإنبهار…قلبه خفق مرة أخري وبطريقة اسرع واقوي من قبل … أنها تشبه والدته بشكل كبير…

فكر وقبضة باردة تضغط علي قلبه ..

ابتسمت له حسناء ابتسامة خطفت قلبه وهي تمسح دموعه من وجهه وتعانقه بعفوية سلبت قلبه …كانت وعد تتابع المشهد وقلبها يتمزق من الحزن …كانت تشفق علي جاسر كثيرا ..حزينة عليه لأنه ابتعد عن ابنته كل هذا الوقت ..ولكنها متاكده أنه سوف يعوضها عن كل هذا الغياب …حمل جاسر ابنته وهو يقبلها ثم حاوط كتف زوجته وقال :

-اول مرة احس بالسعادة دي يا وعد …

اتسعت ابتسامتها ووضعت رأسها علي كتفه وقال:

-وانا برضه اول مرة احس بالسعادة بالشكل ده يا جاسر …أنا فرحانة اووي انك رجعت …ايامي كانت ناقصة من غيرك …كنت صامدة بس عشان حسناء …لكن من جوايا كنت بموت وانا بعد الايام عشان ترجعلي وتكون معايا انا وبنتك …والحمدلله رجعت واعرف اني مش هسيبك تبعد عني ابدا يا جاسر ..أنا اهو بحذرك…هفضل ماسكة فيك دايما ..

ضحك جاسر ضحكة رائقة للغاية وهو يضمها …

-جاسر!!!

توقف عن الضحك فجأة وهو يري ملاك وعدي أمامه ..نظر إلي ملاك ليجد عينيها مغرورقتان بالدموع وعلي شفتيها كانت ابتسامة مرتعشة …ابتسم جاسر لها ثم اعطي حسناء لوالدتها لتركض في نفس اللحظة الي جاسر وتضمه بقوة وهي تبكي …

-ابتدينا 

قالها عدي بإستياء وهو يحاول السيطرة علي الغيرة التي بدأت في التصاعد داخله …

اقترب من ملاك وأبعدها عن جاسر وهو يقول بلطف:

-ملاك حبيبتي الراجل تعبان سيبيه يرتاح اجلي العواطف العائلية دي لبعدين …

ابتسم جاسر بتسلية عندما أدرك أن عدي يغير منه وقرر أن يضايقه قليلا وقال:

-لا ملاك تعمل اللي هي عايزاه يا عدي وبعدين ابن عمها وخرج لازم تسلم عليه كويس…

ثم كاد أن يعانقها مجددا إلا أن عدي جذب  ملاك إليه وقال :

-ما تحضن مراتك يا اخي وتسيب خطيبتي في حالها …

ضحك جاسر بمرح وهو يضم وعد إليه وقال:

-فرحوني امتي الفرح .؟!.

ابتسمت ملاك وقالت:

-شهر كده …

لم يتمالك عدي نفسه وامسكها من قميصها كأنها سارقة وقال:

-نعم يا اختي شهر ايه ..الفرح بكرة إن شاء الله …

-بكرة ايه يا عدي أنا لسه مجهزتش نفسي 

قالتها ملاك بإستياء ليرد هو :

-خلاص يا ستي …نخلي الفرح بعد اسبوع ومش هتنازل يا ملاك ابدا …أنا استنيت اربع سنين عشان خاطرك ومش هستني تاني ..

ابتسمت له وقالت بطاعة :

-حاضر يا سيدي نعمله الاسبوع اللي جاي بس كده هيكون عندنا شغل كتير لازم نخلصه..

-مش مهم المهم اننا نتجوز ..أنا خللت جمبك

ضحك الجميع عليه فقال جاسر :

-وكتب الكتاب يكون بعد يومين ايه رأيكم ..

رد عدي ببساطة وهو يضم ملاك  :

-احنا موافقين طبعا ..

………….

في المساء …

علي الأريكة الموجودة في حديقة الفيلا كانت تجلس وعد وهي تضع رأسها علي صدر جاسر بينما تضمه بقوة ولا تفلته …لا تصدق أن حبيبها عاد إليها بعد كل تلك السنوات …تشعر حقا انها اكثر النساء حظا في العالم …كانت تنظر إلي ابنتها التي تلعب حولهما وهي تأمل أن تدوم تلك اللحظة للأبد  ..كانت جاسر يقبل شعرها مبتسما …كان الصمت يسيطر علي المكان الا من ضحكات ابنته اللطيفة وقد تمني أن تستمر تلك اللحظة للأبد …

-ناوي تعمل ايه يا جاسر …قررت هتشتغل ايه ؟!

قطع لحظات الصمت صوت وعد الدافئ وتسرب الي روحه ليرد :

-معرفش حقيقي معرفش…الشركة للاسف خسرت كتير وعايزة معجزة عشان تقف….مفيش سيولة بفكر أبيعها بعد ما استشير ملاك وافتح مشروع صغير ..

-وانت  عايز تعمل كده يا جاسر ..عايز تبيعها …

سألته وهي تنظر إليه تخترق حصونه وتعرف خباياه ليهز هو رأسه وقال:

-بصراحة لا …صحيح الشركة كانت غطا لاعمالي غير القانونية بس انا تعبت فيها وكبرتها وعايز أكبرها تاني بس مفيش سيولة يا وعد متنسيش أن ….

قاطعته ملاك وهي تدخل :

-وانا روحت فين يا ابن عمي …

اعتدلت وعد لتجلس ملاك بجوار جاسر وتقول:

-انا الفترة اللي فاتت شركتي كبرت بشكل مش معقول واقدر اساعدك كويس …

كاد جاسر أن يرفض الا أن ملاك قالت بسرعة:

-تقدر تعتبرهم سلف …ماشي 

هز جاسر رأسه وقال :

-ربنا يخليكي ليا يا ملاك ويسعدك مع عدي يارب ابتسمت ملاك له بسعادة وقالت:

-انت اخويا يا جاسر واهم شخص عندي…

ابتسم لها جاسر …أنها المرة الأولي التي يشعر أنه محبوب لتلك الدرجة وكأن الحياة اخيرا ابتسمت له …زوجة محبة وطفلة رائعة وشقيقة عطوفة …ماذا يريد أكثر من هذا …قطع شروده اقتراب عم كامل منهم وهو يقول :

-جاسر بيه فيه واحد برة بيقول أن اسمه رجب الرافعي وعايز يشوفك ..

-بابا !!

قالتها وعد بصدمة وهي تنظر لملاك وجاسر …ما الذي ذكره بها بعد كل تلك السنوات …فمنذ أن حاول اجهاضها وهي ابتعدت عنه تماما…كانت تخاف أن يؤذيها هي وطفلتها …تصاعد الرعب داخلها وهي تفكر أن والدها قد اتي ليثير المشاكل …أمسكت كف جاسر ليربت هو علي كفها ويقول:

-اهدي أنا معاكِ …

ثم نظر لعم كامل وقال:

-دخله يا عم كامل….

…….

ولج رجب الفيلا وهو يرتعش …كان مرهق للغاية الكبر نال منه كثيرا …ما أن رأته وعد في تلك الحالة حتي انقبض قلبها بشكل مؤلم …مهما حدث هو  والدها …

نهض جاسر وقال بنبرة مهذبة:

-اتفضل يا رجب …

هز رجب رأسه وقال:

-لا انا همشي علطول يا بني …انا جاي بس اطلب السماح من وعد بنتي …عارف أنه مش من حقي بعد كل اللي عملته فيها بس كده هرتاح اكتر لو سامحتني  

وخزت الدموع عيني وعد  ليكمل هو :

-انا عارف أنه صعب عليكِ تسامحيني بس انا والله عرفت غلطي …وهديكِ  الوقت اللي أنتِ محتاجاه عشان تسامحيني …

ارتعش كفه وهو يخرج ورقة بها رقم معين وقال:

-انا مسافر يا وعد …مسافر برا مصر عند صديق ليا عربي  اتعرفت عليه …انسان صالح هو غير مني كتير في السنين اللي فاتت لما جه مصر وطلب اروح اقعد شوية لانه وحيد…ده رقمه ..لو حابه تكلميني في اي وقت …ولو ناوية تسامحيني فرحيني قبل ما اموت يا بنتي …

اخذت وعد الورقة وهي تبكي بينما تساقطت الدموع من عيني والدها ثم استدار وكاد أن يذهب الا أنه لاحظ تلك الملاك التي تلعب حوله دون دراية بأي ما يحدث هنا وقد عرفها …هي حفيدته ..

نظر لوعد وقال بتوتر :

-ممكن اسلم عليها ؟!

هزت وعد رأسها وهي تمسح دموعها ليذهب رجب من فوره ويضم حفيدته إليه …ابتعدت عنه ،  وعينيها الزرقاء اتسعتا بدهشة ليقول :

-انا جدو يا حبيبتي ..

نظرت إلي والدتها لتهز والدتها رأسها فتبتسم حسناء ابتسامة لطيفة وتقول بصوتها الموسيقي بالفطرة :.

-جدو 

هز رأسه ودموعه تتساقط ثم ضمها وهو لا يصدق أن تلك الفتاة نفسها التي أراد هو أن  يقتلها وهي في رحم والدتها !!!

………

تنهدت والدتها وهي تجهز ثياب لطفلتها الصغيرة وهي تتذكر قدوم  والدها المفاجئ…كيف أن الندم يقطر من حروف كلماته ودموعه التي تنساب من عينيه …لتكن صريحة هي لا تستطيع أن تغفر في الوقت الحالي. ..لقد عذبها والدها كثيرا ولكنها تعرف انها لن تبقي غاضبة منه للابد وأنها سوف تتواصل معه قريبا …

ولجت وعد للحمام وسرعان ما صرخت بقوة وهي ترمي الثياب …

-فيه ايه يا وعد بتصرخي ليه؟!!

قالها جاسر بفزع لتشير وعد وهي ترتعش الي ابنتها …نظر جاسر إليها ثم ضحك بقوة وهو يري ابنته تمسك ثعبان اسود طوله متوسط يتلوي  …اقترب منها ثم أخذ الثعبان والقاه علي الأرض ثم حملها وقبلها قائلا:

-اهو أنا دلوقتي اتأكدت انك بنت الصياد يا حسناء …

ثم نظر إلي وعد وقال:

-ده تعبان الباح دودي يعني غير سام وغلبان ومبيعضش بس أنتِ كالعادة جبانة …لكن ..

قبل حسناء وقال بفخر :

-حسناء تربيتي …

اقتربت منه وعد وهي تضرب كفه وتقول:

-اياك تخلي بنتي تتعامل مع الحاجات دي كفاية عليا مجنون واحد في البيت …

ثم أخذت حسناء منه وذهبت غاضبة تتبعها ضحكاته المرحة ….

…..

بعد يومين …في حديقة الفيلا ..

-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ..

قالها المأذون وبهذا تم كتب كتاب ملاك وعدي …كان عدي يطير من السعادة اخيرا أصبحت له …لقد انتظر كثيرا تلك الفرصة …انتظر كثيرا أن تبقي ملكه وها هي اخيرا أصبحت اميرته وهو أصبح أميرها!..اقترب منها ثم قبل جبينها وضمها إليه بقوة …ثم توالت المباركات لهم …اقترب جاسر من عدي وعانقه وقال هامسا :

-لو زعلتها هقطع راسك …ده تهديد صريح ..

ابتسم عدي وقال:

-ملاك هي روحي مقدرش ازعلها ..متقلقش يا جاسر …

ابتعد جاسر وربت علي كتفه وقال :

-ربنا يسعدكم يارب …

فجأة تجمدت ابتسامة عدي وهو يري والده يقترب منه …

ابتسم مالك وقال:

-عرفت ان قلب ابني اغلي من اي انتقام …

ابتسم له عدي وعانقه بقوة ..نظر إلي ملاك واقترب قليلا .

-اهلا بيكي في العيلة يا ملاك ..

قالها مالك لملاك وهو ينظر إليها بحنان ابوي ..ثم اقترب منها وقبلها علي جبينها وقال :

-لو زعلك عدي اعتبريني ابوكي وتعالي اشتكيه وانا هجبلك حقك …

ابتسمت ملاك له ثم عانقته وهي تربت علي ظهره …ابتسم عدي وهو يفكر أن اخيرا كل شىء في حياته بدأ أن ينصلح …والده تقبل ملاك تماما وأحبها …لقد عرف دوما ان ملاك سوف تحتل قلب والده كما احتلت قلبه ..

………

في اليوم التالي …

قفزت حسناء بشقاوة علي الفراش بين وعد وجاسر ..ليستيقظ جاسر ويضحك وهو يجذبها إليه ويضمها …ضحكاتها ملأت المكان  بشكل محبب  …قبلت حسناء والدها علي وجنته وقالت بعتاب طفولي:

-ليه مبتنامش جمبي زي ما بتنام جمب بابا علي فكرة أنا بحبك  اكتر منك …

اتسعت عيني جاسر بدهشة ثم انفجر بالضحك وقال بهمس :

-وانا بحبك اكتر منها …اه …

صرخ بخفوت عندما ضربته وعد بالوسادة وصرخت:

-بقا كده …من دلوقتي الاب والابنة بيتفقوا عليا …

ضحك جاسر ونهض وهو يرد لها ضربتها بالوسادة وما هي لحظات الا وتحولت غرفة النوم لساحة حرب الوسادات 

………

هي امرأة تعشق التفاصيل ..تهتم بها …وهو رجل يعشقها هي لدرجة جعل أحلامها أوامر يجب تنفيذها …لقد رأي لمعة عينيها عندما نظرت إلي فستان الزفاف علي الانترنت الذي للاسف لم يكن متوفرا في المتجر  .

.كان الفستان يشبه فساتين الاميرات …راقي للغاية يلائمها تماما …لذلك فعل المستحيل ليجلبه .. لذلك تكلم مع افضل مصمم ازياء وأعطاه صورة الفستان ليصممه …كان متحمس أكثر منها ليري  الفستان عليها في يوم زفافهما..كان متحمس لرؤية لمعة السعادة بعينيها …

كانت ملاك جالسة علي المقعد المريح المقابل لمكتبها الكبير …كانت تنظر لكل ما حققته بسعادة …لا تصدق انها وصلت لتلك المنزلة بعد اربع سنوات فقط ..الأمر بدأ بتصميم زفاف ابن رائد الوكيل ثم انهالت عليه العروض الكثيرة وقد أنجزتها كلها بمهارة تامة حتي كبرت شركتها بشكل مبهر وأصبحت شركة  ملاك النجار واحدة من أهم شركات تصميم  الديكور في مصر …كان سعيدة للغاية بنجاحها وفخورة أيضا …اخذت تتذكر  أنها احيانا كانت لا تنام حتي تنجز العمل …ايام لا تأكل الا القليل ..لقد تعبت كثيرا حتي تصل لتلك المرحلة …حتي تفتخر بنفسها …

طرقات خافتة علي الباب اخرجتها من شرودها …اعتدلت ملاك علي مقعدها وقالت بصوت رسمي:

-اتفضل ..

ولجت سكرتيرتها وهي تقول بإبتسامة:

-استاذ عدي هنا وحابب يقابلك ..

اتسعت عيني ملاك وقالت بدهشة:

-ميار ..أنتِ عارفة أن عدي يدخل من غير إذن ..ازاي سايباه لحد دلوقتي برة ؟! …

ثم خرجت وكعبها العالي ينقر علي الأرض ..فجأة تجمدت مكانها ووضعت كفها علي شفتيها بذهول ثم بدأت غلالة رقيقة من الدموع تتجمع في عينيها …فأمامها  كان الفستان  الذي أحبته بشدة وبحثت عنه ولم تجده  معلق …كان فستان ابيض طويل للغاية يحيطه بالكامل  قماش رقيق من التل من الجانبين ما عدا المنتصف…ملحق بقماش شفاف يغطي الذراعين وينسدل بطول الفستان ….

طفرت دموعها وهي تضحك بذهول فجأة انتفضت  عندما جاء عدي من الخلف ووضع عليها تاج فضي رقيق وقال:

-الفستان والتاج جاهز للأميرة …

بذهول نظرت إليه ملاك وقد عجزت عن الكلام تماما …لا تصدق أنه فعل هذا من أجلها …ولكن لما تتعجب …عدي دوما يهتم بأمرها …في الأعوام القليلة التي مرت كان يهتم بها …لم يختفي شغفه بها …كان يفعل المستحيل لإسعادها  لم يمل يوما منها …هبطت دموعها وهي تنظر إليه بسعادة ثم انتفضت بخفة عندما صفق الجميع ..ضحكت ملاك ونظرت إليه بحب وقالت:

-احبك ايه اكتر من كده ..

-عندك العمر كله تحبيبني اكتر يا ملاك لاني مش هسيبك ابدا …هتفضلي معايا دايما …

…..

في المساء …

اوصلها عدي للفيلا …كانت يضحكان سويا …ضحكات من القلب …

-تحب تدخل ؟!

قالتها برقة ليهز رأسه ويقول :

-لا ..متنسيش أن الفرح بعد يومين وفيه حاجات واقفة عايزة اخلصها.

عقدت حاجبيها وقالت:

-زي ايه مثلا

-شهر العسل مثلا …

ضحكت بسعادة وقالت:

-انا فرحانة اووي اني هكون معاك يا عدي …مش مصدقة أننا اخيرا هنكون مع بعض …

امسك كفها ثم قبلها علي كفها وقال:

-وانا مبسوط اووي يا ملاكي …مبسوط ومظنش حد فرحان قدي ….أنا بحبك بطريقة أن لما بشوفك بس بحس أن ربنا راضي عني ..بحس أن الحياة بتضحك فعلا …تأمل ملامحك يا ملاك بيسببلي بهجة خاصة ..

ضحكت هي بخجل ليقترب هو منها بتمهل ثم يتناول شفتيها في قبلة رقيقة دامت لثواني وابتعد عنها ..ابتسم عندما رأي توردها وقال مبهورا:

-كل حاجة فيكِ مميزة يا ملاك…مميزة بطريقة مرعبة  .

……….

-يوسف …يوسف قوم!!

صرخت حياة وهي تضرب يوسف علي كتفه بقوة …انتفض يوسف من مكانه وقال:

-فيه ايه يا حياة؟!

اخذت تتنفس بعنف وتصرخ:

-انا بولد…بولد ايه اتعميت ؟؟!

نهض يوسف وهو ينظر إليها برعب …ثم أصبح يدور حول نفسه ويقول:

-اعمل ايه …اعمل ايه .؟!

-يوسف !! 

صرخت به بقوة إلا أنه لم يرد عليها وأخذ يدور حول نفسه وهو يشعر بالرعب …لقد توقف عقله عن العمل تماما وتصاعد الرعب داخله …ماذا يفعل ؟!!ماذا يفعل الرجل في تلك الحالة؟!!شعر أنه غبي للغاية من فرط التوتر 

-يوسف!!!

صرخت حياة مرة أخري وهي تبكي بألم …هلع يوسف وذهب بجوارها ثم امسك كفها وقال:

-اعمل ايه يا حياة ..أنا مش عارف اعمل حاجة …

لولا ألمها الصارخ لكانت ضحكت حياة علي رد فعله وملامح وجهه  ولكنه تماسكت وهي تقول بصوت بهت من كثرة الصراخ :

-خدني في عربيتك ووديني المستشفي للاسف اهالينا سافروا البلد عشان يحضروا فرح قريبتنا  فأنت لازم تتصرف …

هز يوسف رأسه ثم ساعدها علي النهوض …

-الشنطة …

أشارت حياة بتعب الي الحقيبة  الموضوعة علي طاولة الزينة والتي حضرتها للولادة …

امسك يوسف الحقيبة ووضعها علي الأرض …ثم أخرج فستان واسع لحياة وساعدها بلطف لكي ترتديه وسط المها الشديد …

….

انت السبب …انت السبب منك لله ..

صرخت حياة وهي تضع كفها علي بطنها المنتفخ وتصرخ بينما يوسف يقود  السيارة بسرعة وتوتر …

نظرت إليه وهي تبكي :

-انا عمرك ما هسامحك…

-مش هتسامحيني ايه؟! هو انا شربتك حاجة صفرا ما كله كان بمزاجك!!

اخذت تبكي حياة بألم وقالت:

-ممكن لله يا بعيد أن شالله تتسخط قرد …

لم يتمالك يوسف نفسه وضحك وقال بمزاح للتخفيف عنها:

-عارفة لو مسكتيش هنزلك من العربية …

ضربته علي كفه مرة أخري وصرخت:

-وكمان بتهددني!!

نظر إليها بتوتر وقال:،،،،،

-كنت بهزر معاكي يا حبيبتي …

…..

وصلا للمستشفي وهو يحملها بصعوبة ويقول:

-استحملي يا حبيبتي هانت اهي …

…..

في حجرة الولادة …

كانت حياة تصرخ بقوة ودموعها تنساب …كانت تشعر بألم فظيع …كان يوسف يمسك كفها لانه اصر علي الدخول .. وقد ترطبت عينيه بدموع الخوف وهو يضمها إليه…لم يتخيل ابدا أنها ستتألم بتلك الطريقة …

اقترب منها ووضع جبينه علي جبينها وقال مغمضا عينيه :

-اصبري …اصبري يا حبيبتي …

فتح عينيه وخفق قلبه وهو يسمع صوت بكاء لطفل انساب لأذنه كموسيقي ساحرة ….

…. ..

بعد نص ساعة تقريبا …

كانت حياة تحمل طفلها الصغير وهي تبتسم بينما عينيها مبللتان بالدموع …كان صغير للغاية ..ملامحه جميلة بشكل خطف قلبها …لقد شعرت في تلك اللحظة بشعور سعادة غريب لم تختبره من قبل …قبلت حياة رأسه وقالت:

-نورت حياتي يا روحي …

ابتسم يوسف وهو يتطلع الي عائلته الصغيرة وفكر أليس هو اسعد الرجال الان؟! …فالمرأة التي يحبها أكثر من أي شئ أنجبت له الان قطعة من قلبه …

اقترب يوسف وضم حياة  وهي تحمل طفلها وقال:

-بحبك يا سبب سعادتي  ♡

………

بعد أربعة أيام …

-الليله ليلة هنا وسرور وكوبيات في صواني بتدور…

صدحت الأغنية الحماسية في حديقة الفيلا الخاصة بمالك العمري  ..كان زفاف ملاك ضخم للغاية بديكورات رائعة أشرفت هي علي تصميمها بنفسها وقد بدت ترتيبات الزفاف مبهرة للغاية تصاميم ملكية تليق بأميرة مثلها …شعرت ملاك وهي ترقص بفستانها الاسطوري الرائع مع عدي أنها في الجنة وأن جميع أحزانها اختفت…لقد شعرت بالسعادة كما لم تشعر من قبل …كانت ترقص بحماس مع عدي …لا يدريان شئ إلا أن تلك اللحظة هي اجمل لحظاتهما سويا …كانا لا يريان أحد إلا تلك الوعود بالسعادة في عينيهما …اقترب عدي وقبلها علي وجنتها وقال:

-اوعدك أن اجمل ايام حياتك هتبدأ دلوقتي يا ملاك…ده وعد مني …من جوزك ♡

ابتسمت بسعادة وهي تضمه بقوة بينما دموع السعادة تتصاعد في عينيها …

من قال إننا نبكي من الحزن فقط …فأحيانا الحياة تفاجأنا بسعادة لا تحتملها قلوبنا فنبكي ….وملاك بكت اليوم ولكن من السعادة …بكت لأنها كانت سعيدة أكثر من أي وقت آخر …

……

في الحياة دوما هناك فرص اخري …فرص اخري للحب …فرص اخري للسعادة…فرص اخري الغفران  …كل شخص سوف يحصل علي نصيبه من السعادة فقط ليصبر …وليصل جاسر الي تلك المرحلة مر بالكثير…المصادفة الغريبة في حياة جاسر انه مات بسبب امرأة وعاد الي الحياة بسبب اخري …فهو مات عندما خسر والدته …اخرج قلبه من صدره ومزقه ثم سار بعيدا في طريق مظلم للغاية….  طريق اللاعودة ولكن فتاة قوية اقحمها هو في حياته بالقوة..تمتلك عينين كعيني القطط البرية …تلك الشرسة قاتلته بقوة ادهشته …اصلحت قلبه وجعلته يسير علي الطريق الصحيح بالقوة …اخذت بيده من الظلام واخرجته الي عالم منير لم يراه منذ زمن …حيث أعطته حب لا مثيل له …أعطته طفلة من صلبه هو عشقها للغاية …بعد الله سيظل يدين لوعد بسبب عطاءها غير المحدود …ربما تكون الحياة فرقت بينهما ولكنها بمثابرة حاربت حتي تستعيده …انتظرته وربت ابنته جيدا …لن ينسي هذا ابدا  والان وقته ليحارب من أجلها …يكون الزوج الذي تريده …الاب الذي تتمناه لحسناء…لن يخذلها ابدا ولن يعود الظلام بل سيبقي في النور حيث وضعته وعد …سيبقي عند حسن ظنها وثقتها …ابتسم لابنته التي يحملها والتي بشقاوتها سلبت قلبه وعقله …أخذ يقبلها بلطف وهي تضحك برقة الاطفال …ضحكاتها أنارت حياته …ثم نظر إلي ملاك التي ترقص مع زوجها وفي قلبه سعادة خالصة لها …كم هو سعيد من اجل ملاك …سعيد لأنها اخيرا وجدت سعادتها …لأن تلك المرأة القوية تستحق كل سعادة العالم …كم حاربت ملاك من أجله …لن ينسي الطريقة التي وقفت معه بها …ملاك لها دور مهم في تحسين شخصيته المحطمة …لقد سمع جملة من فيلم اجنبي مشهور تقول”المكسورون هم الأكثر تطوراً”الحقيقة لم يفهم تلك الجملة حينها ولكن الآن فهمهما لأنها تنطبق عليه هو …فهو أيضا قد انكسر كثيرا وانحرف في الظلام وبقا هناك حتي تشبعت روحه به …ولكنه ما أن رأي الطريق الصحيح حاول بقوة أن يطور من نفسه …حاول أن يتوب عما فعله ويكون أفضل …هو الآن يعرف أنه ذلك الشخص الذي كان محطما بقوة في الظلام حتي انتشلته وعد …هو ذلك الشيطان الذي تطهر من ذنوبه الكثيرة …تنهد وهو يقبل طفلته التي بدأت تغفو  ورفع عينيه ثم تجمد وهو يراها …يري والدته من بعيد …فستانها الأبيض الجميل يتطاير حولها وعلي وجهها كانت ابتسامة سعيدة راضية …تصاعدت الدموع بعيني جاسر عندما رأي والدته تضع أصابعها علي شفتيها ثم تقبلها  وتشير إليه …فعل هو نفس الحركة وانسابت دموعه وقال بصوت مختنق :

-بحبك يا امي …وحشتيني …

ابتسمت وهي تضع كفها علي قلبها ثم بدأت تختفي واخر شئ رآه نظرة الرضا في عينيها …الرضا لما وصل إليه ….

-سرحان في ايه .؟!.

قالتها وعد وهي تجلس بجواره وتغلق الهاتف …

مسح جاسر دموعه بسرعة وقال:

-افتكرت امي بس …

ابتسمت له وقبلته علي وجنته وقالت:

-ايه  رأيك نزورها بكرة ؟!

هز رأسه بالإيجاب ثم قال:

-ايه  اخبار باباكي؟! ..

ابتسمت وعد وهي تتذكر والدها الذي اندهش كثيرا عندما قررت مسامحته …هي سامحته سريعا …لأنها أدركت أن الكره يأذيها…وعندما رأت  دموع السعادة بعينيه عرفت أن لديها حق …

-كويس بابا 

امسك جاسر كفها وقال:

-انتِ طيبة اووي يا وعد …أنا بحبك لأن قلبك دهبي ..صافي ونقي…أنا محظوظ بيكي  ♡

ابتسمت بسعادة …يقول إن العشق يضئ الوجوه وقد  عرفت أن تلك المقولة صحيحة فوجهها أضاء بنور العشق …

وضعت كفها علي وجنته وقالت:

-وانت كل عيلتي ♡

امسك كفها وقبله ثم وضعت رأسها علي كتفه وهي تري ملاك ترقص مع خطيبها …وقد تصاعد داخلها الامل ان تعيش السعادة الأبدية معه هو …هو فقط ♡

تمت 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *